بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ماخلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار )).
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ (21) ﴾ .
الإنسان مخلوقٌ على وجه الأرض من أجل أن يعبد الله عزَّ وجل :
معاشر الاحبه
أكبر سؤالٍ يُطْرَحُ علينا هو : لماذا نحن في الدنيا ؟
لماذا خُلقنا ؟
أن ملايين طائلة من الناس يتحركون كل يوم ، يعملون عملاً شاقاً ، يكسبون الأموال ، يسكنون البيوت ، يتزوَّجون ، يسافرون ، يتاجرون ، يفرحون ، يمرحون ، ولا يعلم أحدهم لماذا خلقه الله ؟
إذا ذهبت إلى بلد ، ونزلت في أحد فنادقه ، واستيقظت صبيحة اليوم الأول ، وتناولت طعام الفطور ، وارتديت ثيابك قد تسأل : إلى أين سأذهب ؟
نحن نسألك لماذا جئت إلى هنا ؟
إن جئْتَ هذا البلد تاجراً فاذهب نحو المعامل والمؤسسات ، وإن جئته سائحاً فاذهب نحو المقاصف والمتنزَّهات ، وإن جئته طالب علمٍ فاذهب نحو المعاهد والجامعات ، متى تَصِحُّ حركتك ؟
إذا عرفت سرَّ وجودك ، هذا سؤال دقيق جداً يجب على كلٍ منا أن يسأله بشكلٍ جاد
، ليسألْ نفسه : لماذا أنا في الأرض ؟
الذي خلقني في الأرض لماذا خلقني ؟
إن كنت تعرف فهذه نعمةٌ عظمى ، وإن كنت لا تعرف فربنا أخبرك :
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ﴾ .
( سورة الذاريات )
شيءٌ يغيب عن معظم الناس ، أنت مخلوقٌ على وجه الأرض من أجل أن تعبد الله عزَّ وجل ، نُرسل أحياناً طالباً إلى بلد أجنبي ، هناك آلاف الأبنية ، آلاف الأماكن ، دور لهو ، دور سينما ، ملاعب ، مسارح ، متاحف ، مقاصف جميلة ، مكتبات ، صناعة ، تجارة ، هذا الطالب الذي ذهب إلى هذا البلد له هدفٌ واحد ، أن يأتي بدكتوراه ،
هدفٌ واحد ، إذا كان هذا الهدف ماثلاً في ذهنه ، واضحاً في فكره ، يُحَقِّق هذا الهدف ، أما إذا ذهب إلى بلدٍ أجنبي ودُهِش ، فأمضى يوماً في مسرح ، ويوماً في سينما ، ويوماً في ملهى ، ويوماً في متحف ، ويوماً يقرأ قصة ، ويوماً في مُتَنَزَّه ، مضى العام الدراسي ولم ينتسب للجامعة ، فقد أخفق إخفاقاً كبيراً جداً ، لأنه ما عرف سر وجوده هناك ، لو عرف سر وجوده لما فعل هذا .
خُلِق الإنسان للجنة ولكن هذه الجنة لا بدَّ لها من ثمن :
، كلامٌ دقيق ، أكبر سؤال يجب أن تسأله لنفسك : لماذا أنا هنا على وجه الأرض ؟
متى تعرف الحقيقة ناصعةً ؟ حينما يأتي ملك الموت :
﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً (100) ﴾ .
(سورة المؤمنون)
أعظم شيء في هذه الدنيا أن تعمل صالحاً ، لأن عملك الصالح طريقُك إلى الجنة ، العمل الصالح ثمن الجنة ، أنت في الأصل مخلوقٌ للجنة ، أنت في الأصل مخلوقٌ لجنةٍ إلى أبد الآبدين فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر ، حينما خُلقت خُلِقتَ للجنة .
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ (119) ﴾ .
(سورة هود )
خلقك ليرحمك
، خلقك ليُسْعدك ،
ولكن هذه السعادة الأبدية المتنامية لا بدَّ لها من ثمن ، والدليل : اجلس مع إنسان حَصَّل دكتوراه فَخْرِية ، زار بلداً وأقيم له احتفال ومنح هذه الدكتوراه الفخرية ، بالمقابل اجلس مع إنسان حصل دكتوراه حقيقية ، درس ثلاثاً وثلاثين سنة ، وألَّف أطروحة ، ونجح نجاحاً باهراً ، تجد فرقاً كبيراً بين مَن بذل هذا الجهد ونال هذه المرتبة ، وبين من أخذها بلا سبب وبلا جُهد .
عندما حمل الإنسان الأمانة سُخِّرَت له الأكوان :
من أجل أن تسعد في الآخرة سعادةً متنامية إلى أبد الآبدين ، من أجل أن تحتل أعلى مرتبةٍ نالها مخلوق ، من أجل أن تصل إلى أعلى مرتبة ، لأن :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72) ﴾ .
( سورة الأحزاب)
لمَّا حملها الإنسان سُخِّرَت له الأكوان ، مُنح عقلاً هو أعظم آلةٍ في الكون ،
مُنٍحَ فطرةً سليمة تدلُّه على خطئه ،
منح كوناً مسخَّراً له تسخير تعريفٍ وتسخير تكريم ،
مُنح شهوةً تحرِّكه إلى الله عزَّ وجل يرقى بها مرَّتين ، يرقى بها صابراً ويرقى بها شاكراً ، منح حرية اختيار ليُثَمَّنَ عملُه ،
ليأتي ربه طائعاً لا مُكْرهاً ، الإنسان مُخَيَّر فيه شهوات هي سلمٌ يرقى به ، فيه عقل أداة معرفة الله وهو القوة الإدراكية الأولى .
هناك أجهزة حاسـوب بحجم الكف ، بإمكانه أن يُرسل أي رسالة عَبْرَ الفاكس وأن يتصل بالإنترنت ، وفيه كل البرامج الضخمة ، بحجم الكف
، ماذا فعل هذا العقل البشري ؟!!
وصل إلى القمر ،
وإلى المريخ ،
وإلى المشتري ، غاص إلى أعماق البحار
، نقل الصورة ملونةً عَبْرَ القارَّات الخمس ، أنجز إنجازاً مُذهلاً ، لو بذل الإنسان من هذا الجهد واحداً بالمليون لوصل إلى الله فسعد بقربه ، حقق العقل البشري الآن إنجازات ضخمة لكِنَّه مع الأسف الشديد لم يُستخدم لما خُلِقَ له ،
استُخدم للدنيا فأنتج الأعاجيب ، ولو أنه استُخدم للآخرة لكان سبب سعادة الأمم والشعوب .
مفهوم العبادة :
، يجب أن نعلم علم اليقين أن علَّة وجودنا على وجه الأرض أن نعبد الله ، وللناس مفاهيم ساذجةٌ في العبادة ، أي نطيعه .
﴿ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ (21) ﴾ .
فعلاً أطيعوا ربكم ، لكن أطيعوا ربكم طاعةً طَوعية وليست قسرية ، حينما تطيع الله مقهوراً هذه ليست عبادة ، أنت حينما تطيع إنساناً قوياً هل تُعَدُّ عابداً له ؟ قد تكرهه ، لكن العبادة التي أرادها الله هي الطاعة الطَوْعية الممزوجة بالمحبة القلبية ، التي تُفضي بك إلى سعادة أبدية ، هذه هي العبادة. هذا المفهوم يدلُّنا على أن في الإسلام كُلِّيةً علمية ، وكليةً سلوكية ، وكليةً جمالية ، لا بد في الكلية العِلمية من أن تطلب العلم ، ما اتخذ الله ولياً جاهلاً لو اتخذه لعلَّمه ، أدنى مراتب الإيمان معرفة ، أدنى مراتب الإيمان علم :
﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) ﴾ .
( سورة محمد )
وقال :
﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (9) ﴾ .
( سورة الزمر )
وقال :
﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ (11) ﴾ .
(سورة المجادلة )
أول مرحلة في عبادة الله أن تعرفه :
اعتمد الله جلَّ جلاله قيمة العلم ، فالعلم قيمةٌ مُرَجِّحةٌ بين الخلق قال الصادق عليه السلام :
«وجدت علم الناس في أربع : أحدها : أن تعرف ربك ، والثاني : ان تعرف ما أراد منك ، والثالث: أن تعرف ما صنع بك ، والرابع : أن تعرف ما يخرجك من دينك»( كنزالفوائد : 99 .
قال كميل بن زياد: قال لي مولانا أمير المؤمنين : «يا كميل بن زياد، تعلم العلم ، واعمل به ، وانشره في أهله ، يكتب لك أجر تعلّمه وعمله إن شاء الله تعالى».
العلم
مشاركة ، الحقيقة التعليم تعاون ، تبادل خبرات :
﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (2) ﴾ .
( سورة المائدة : آية " 2" )
العبادة معرفة ،
أول مرحلة في عبادة الله أن تعرفه وإلا من تعبد ؟
من تخافُ ؟
من تحبُّ ؟
رحمة مَن ترجو ؟
عذابَ من تخشى ؟
أصل الدين أن تعرف الله ، إذا عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في تطبيق الأمر
، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في التفلُّت من أمره ،
وهذا ما يفعله معظم الناس
، يبحث عن فتوى مهما تكون ضعيفة يقبلها ويعتمد عليها ويقول : إن شاء الله بذمة من أفتى بذلك ،
علماً أنَّك لو استخلصت فتوى من فم رسول الله (ص)سيد الخلق وحبيب الحق ولم تكن محقاً لا تنجو من عذاب الله ، فهذا الذي يتعلَّق بفتوى من بني البشر هناك خللٌ في عقله ، لأن الله جلَّ جلاله هو الذي سيحاسب :
﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) ﴾ .
( سورة القيامة)
فالعبادة طلب علم .
نهاية الجزء 1 من (التأمل و التفكر الإرتقائي من أعظم العبادات (المهجوره)ج 1))
......
....
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ماخلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار )).
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ (21) ﴾ .
الإنسان مخلوقٌ على وجه الأرض من أجل أن يعبد الله عزَّ وجل :
معاشر الاحبه
أكبر سؤالٍ يُطْرَحُ علينا هو : لماذا نحن في الدنيا ؟
لماذا خُلقنا ؟
أن ملايين طائلة من الناس يتحركون كل يوم ، يعملون عملاً شاقاً ، يكسبون الأموال ، يسكنون البيوت ، يتزوَّجون ، يسافرون ، يتاجرون ، يفرحون ، يمرحون ، ولا يعلم أحدهم لماذا خلقه الله ؟
إذا ذهبت إلى بلد ، ونزلت في أحد فنادقه ، واستيقظت صبيحة اليوم الأول ، وتناولت طعام الفطور ، وارتديت ثيابك قد تسأل : إلى أين سأذهب ؟
نحن نسألك لماذا جئت إلى هنا ؟
إن جئْتَ هذا البلد تاجراً فاذهب نحو المعامل والمؤسسات ، وإن جئته سائحاً فاذهب نحو المقاصف والمتنزَّهات ، وإن جئته طالب علمٍ فاذهب نحو المعاهد والجامعات ، متى تَصِحُّ حركتك ؟
إذا عرفت سرَّ وجودك ، هذا سؤال دقيق جداً يجب على كلٍ منا أن يسأله بشكلٍ جاد
، ليسألْ نفسه : لماذا أنا في الأرض ؟
الذي خلقني في الأرض لماذا خلقني ؟
إن كنت تعرف فهذه نعمةٌ عظمى ، وإن كنت لا تعرف فربنا أخبرك :
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ﴾ .
( سورة الذاريات )
شيءٌ يغيب عن معظم الناس ، أنت مخلوقٌ على وجه الأرض من أجل أن تعبد الله عزَّ وجل ، نُرسل أحياناً طالباً إلى بلد أجنبي ، هناك آلاف الأبنية ، آلاف الأماكن ، دور لهو ، دور سينما ، ملاعب ، مسارح ، متاحف ، مقاصف جميلة ، مكتبات ، صناعة ، تجارة ، هذا الطالب الذي ذهب إلى هذا البلد له هدفٌ واحد ، أن يأتي بدكتوراه ،
هدفٌ واحد ، إذا كان هذا الهدف ماثلاً في ذهنه ، واضحاً في فكره ، يُحَقِّق هذا الهدف ، أما إذا ذهب إلى بلدٍ أجنبي ودُهِش ، فأمضى يوماً في مسرح ، ويوماً في سينما ، ويوماً في ملهى ، ويوماً في متحف ، ويوماً يقرأ قصة ، ويوماً في مُتَنَزَّه ، مضى العام الدراسي ولم ينتسب للجامعة ، فقد أخفق إخفاقاً كبيراً جداً ، لأنه ما عرف سر وجوده هناك ، لو عرف سر وجوده لما فعل هذا .
خُلِق الإنسان للجنة ولكن هذه الجنة لا بدَّ لها من ثمن :
، كلامٌ دقيق ، أكبر سؤال يجب أن تسأله لنفسك : لماذا أنا هنا على وجه الأرض ؟
متى تعرف الحقيقة ناصعةً ؟ حينما يأتي ملك الموت :
﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً (100) ﴾ .
(سورة المؤمنون)
أعظم شيء في هذه الدنيا أن تعمل صالحاً ، لأن عملك الصالح طريقُك إلى الجنة ، العمل الصالح ثمن الجنة ، أنت في الأصل مخلوقٌ للجنة ، أنت في الأصل مخلوقٌ لجنةٍ إلى أبد الآبدين فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر ، حينما خُلقت خُلِقتَ للجنة .
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ (119) ﴾ .
(سورة هود )
خلقك ليرحمك
، خلقك ليُسْعدك ،
ولكن هذه السعادة الأبدية المتنامية لا بدَّ لها من ثمن ، والدليل : اجلس مع إنسان حَصَّل دكتوراه فَخْرِية ، زار بلداً وأقيم له احتفال ومنح هذه الدكتوراه الفخرية ، بالمقابل اجلس مع إنسان حصل دكتوراه حقيقية ، درس ثلاثاً وثلاثين سنة ، وألَّف أطروحة ، ونجح نجاحاً باهراً ، تجد فرقاً كبيراً بين مَن بذل هذا الجهد ونال هذه المرتبة ، وبين من أخذها بلا سبب وبلا جُهد .
عندما حمل الإنسان الأمانة سُخِّرَت له الأكوان :
من أجل أن تسعد في الآخرة سعادةً متنامية إلى أبد الآبدين ، من أجل أن تحتل أعلى مرتبةٍ نالها مخلوق ، من أجل أن تصل إلى أعلى مرتبة ، لأن :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72) ﴾ .
( سورة الأحزاب)
لمَّا حملها الإنسان سُخِّرَت له الأكوان ، مُنح عقلاً هو أعظم آلةٍ في الكون ،
مُنٍحَ فطرةً سليمة تدلُّه على خطئه ،
منح كوناً مسخَّراً له تسخير تعريفٍ وتسخير تكريم ،
مُنح شهوةً تحرِّكه إلى الله عزَّ وجل يرقى بها مرَّتين ، يرقى بها صابراً ويرقى بها شاكراً ، منح حرية اختيار ليُثَمَّنَ عملُه ،
ليأتي ربه طائعاً لا مُكْرهاً ، الإنسان مُخَيَّر فيه شهوات هي سلمٌ يرقى به ، فيه عقل أداة معرفة الله وهو القوة الإدراكية الأولى .
هناك أجهزة حاسـوب بحجم الكف ، بإمكانه أن يُرسل أي رسالة عَبْرَ الفاكس وأن يتصل بالإنترنت ، وفيه كل البرامج الضخمة ، بحجم الكف
، ماذا فعل هذا العقل البشري ؟!!
وصل إلى القمر ،
وإلى المريخ ،
وإلى المشتري ، غاص إلى أعماق البحار
، نقل الصورة ملونةً عَبْرَ القارَّات الخمس ، أنجز إنجازاً مُذهلاً ، لو بذل الإنسان من هذا الجهد واحداً بالمليون لوصل إلى الله فسعد بقربه ، حقق العقل البشري الآن إنجازات ضخمة لكِنَّه مع الأسف الشديد لم يُستخدم لما خُلِقَ له ،
استُخدم للدنيا فأنتج الأعاجيب ، ولو أنه استُخدم للآخرة لكان سبب سعادة الأمم والشعوب .
مفهوم العبادة :
، يجب أن نعلم علم اليقين أن علَّة وجودنا على وجه الأرض أن نعبد الله ، وللناس مفاهيم ساذجةٌ في العبادة ، أي نطيعه .
﴿ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ (21) ﴾ .
فعلاً أطيعوا ربكم ، لكن أطيعوا ربكم طاعةً طَوعية وليست قسرية ، حينما تطيع الله مقهوراً هذه ليست عبادة ، أنت حينما تطيع إنساناً قوياً هل تُعَدُّ عابداً له ؟ قد تكرهه ، لكن العبادة التي أرادها الله هي الطاعة الطَوْعية الممزوجة بالمحبة القلبية ، التي تُفضي بك إلى سعادة أبدية ، هذه هي العبادة. هذا المفهوم يدلُّنا على أن في الإسلام كُلِّيةً علمية ، وكليةً سلوكية ، وكليةً جمالية ، لا بد في الكلية العِلمية من أن تطلب العلم ، ما اتخذ الله ولياً جاهلاً لو اتخذه لعلَّمه ، أدنى مراتب الإيمان معرفة ، أدنى مراتب الإيمان علم :
﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) ﴾ .
( سورة محمد )
وقال :
﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (9) ﴾ .
( سورة الزمر )
وقال :
﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ (11) ﴾ .
(سورة المجادلة )
أول مرحلة في عبادة الله أن تعرفه :
اعتمد الله جلَّ جلاله قيمة العلم ، فالعلم قيمةٌ مُرَجِّحةٌ بين الخلق قال الصادق عليه السلام :
«وجدت علم الناس في أربع : أحدها : أن تعرف ربك ، والثاني : ان تعرف ما أراد منك ، والثالث: أن تعرف ما صنع بك ، والرابع : أن تعرف ما يخرجك من دينك»( كنزالفوائد : 99 .
قال كميل بن زياد: قال لي مولانا أمير المؤمنين : «يا كميل بن زياد، تعلم العلم ، واعمل به ، وانشره في أهله ، يكتب لك أجر تعلّمه وعمله إن شاء الله تعالى».
العلم
مشاركة ، الحقيقة التعليم تعاون ، تبادل خبرات :
﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (2) ﴾ .
( سورة المائدة : آية " 2" )
العبادة معرفة ،
أول مرحلة في عبادة الله أن تعرفه وإلا من تعبد ؟
من تخافُ ؟
من تحبُّ ؟
رحمة مَن ترجو ؟
عذابَ من تخشى ؟
أصل الدين أن تعرف الله ، إذا عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في تطبيق الأمر
، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في التفلُّت من أمره ،
وهذا ما يفعله معظم الناس
، يبحث عن فتوى مهما تكون ضعيفة يقبلها ويعتمد عليها ويقول : إن شاء الله بذمة من أفتى بذلك ،
علماً أنَّك لو استخلصت فتوى من فم رسول الله (ص)سيد الخلق وحبيب الحق ولم تكن محقاً لا تنجو من عذاب الله ، فهذا الذي يتعلَّق بفتوى من بني البشر هناك خللٌ في عقله ، لأن الله جلَّ جلاله هو الذي سيحاسب :
﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) ﴾ .
( سورة القيامة)
فالعبادة طلب علم .
نهاية الجزء 1 من (التأمل و التفكر الإرتقائي من أعظم العبادات (المهجوره)ج 1))
......
....
تعليق