تويت
الحقيقة أن المرء حينما يكتب عن معاوية اليوم على وجه الخصوص فمثله مثل من يكتب عن الرئيس حسني مبارك في قلب مصر أو عن الرئيس الأسد في قلب سوريا أو عن الملك آل سعود في قلب المملكة السعودية ..
يكاد هذا الرجل أن يصيب أهل النفاق في عقولهم بنوع من التحجر , والحجر على الآراء والعقول , وحبس الكلمة وأسر حرية التعبير , والعودة إلى عصةر الظلمات والجهالة , عصور محاكم التفتيش في أوروبا في العصور الوسطى ..
ما السبب في القدسية التي نالها هذا الرجل زيادة على قدسية أهل البيت - للأسف - في قلوب كثير من المسلمين اليوم ممن ينتسب للتيار السلفي الوهابي ؟
إن تفسير ذلك ما رواه الخطيب البغدادي عن الربيع بن نافع قال : " معاوية بن أبي سفيان ستر لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا كشف الرجل الستر اجترئ على ما وراءه " تاريخ بغداد ج1ص 223 .
فحقيقة الأمر أنه يجب الدفاع عن معاوية مهما صدر منه لأنه الخط الأول الذي يجب ألا يسقط دفاعا عن مقدس ابتدعوه اسمه عدالة كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً في الظاهر , والحقيقة أن تعريف الصحابي هو: كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً ومات ورسول الله عنه راض
والسؤال الخالد السرمدي الذي سيظل يفرض نفسه ما دامت نظرية عدالة جميع من أسلم مع النبي ظاهراً قائمة , والسؤال هو :
إذا كان كل من رأى النبي ومات على الاسلام ولو غضب عليه رسول الله , ولو قتل ريحانته , ولو سعى في اطفاء نور الله فهو صحابي : إذن فمن هم المنافقون الذين نزل بشأنهم القرآن ؟
هذا بالإضافة إلى أن النظام الإعلامي الذي يحط من شأن أهل البيت وينفخ في صورة اعدائهم من بني أمية نظام قديم لا أقول قدم يوم الجمل وصفين وإنما هو قديم قدم بعثة النبي ذاتها ..
لقد حان الوقت الذي نعلم فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لمـا بعثـه اللـه رسـولاً : كـان أشـد النـاس في مخالفته بنو أمية وأعظمهم في ذلك أبو سفيان ابن حـرب وشيعتـه مـن بنـي أميـة قـال اللـه تعالـى فـي كتابـه العزيـز (والشجـرة الملعونة) (الإسراء: 60) قال المفسـرون أنـهِ أراد بهـا بنـي أميـة. ولذلك كان خصم رسول الله الأول هو أبو سفيان , وخصم الإمام علي الأول هو ابنه معاوية , وخصم الإمام الحسين الأول هو يزيد بن معاوية ..
وبدلاً من أن يدافع علماء المسلمين عن أهل البيت وعن دم الإمام الحسين ورسالته ورسالة جده , إذا بهم يؤثرون السلامة من بطش الحكام الأمويين وسيفهم ..
ولكن مع ذلك لم يعدم المسلمون علماء أحرار صدعوا بكلمة الحق عالية خفاقة غير هيابة ولا وجلة ..
فهذا هو الإمام علي بن الجعد شيخ البخاري يُكفر معاوية : وقد ورد في مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ / 408 : عن علي بن الجعد شيخ البخاري أنه قال : مات والله معاوية على غير الاسلام .
وقد علق المحقق على هذه الصاعقة بقوله : سقط من الأصل جواب الإمام أحمد ! وهذا شئ عجيب أقرب إلى الحُمق ! إذ كيف عرف أن ما سقط من الكلام الذي لم يقرأه أنه ليس إلا جواباً ورداً من الإمام أحمد على شيخ البخاري ؟ هل هذا رجم بالغيب أن تعصب أم قراءة للفنجان أم ماذا ؟!
ومثل هذا أو قريب منه ما فعله ابن قيم الجوزية تلميذ ابن تيمية شيخ الجامع الأموي إزاء قول اسحاق بن راهوية في عدم ثبوت فضيلة لمعاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم ..
قال ابن قيم الجوزية في ( المنار المنيف في الصحيح والضعيف / 116) :
248 - ومن ذلك ما وضعه بعض جهلة أهل السنة في فضائل معاوية ابن أبي سفيان قال إسحاق بن راهوية لا يصح في فضائل معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه و سلم شيء
قلت ( والكلام لابن القيم ) ومراده ومراد من قال ذلك من أهل الحديث أنه لم يصح حديث في مناقبه بخصوصه وإلا فما صح عندهم في مناقب الصحابة على العموم ومناقب قريش فمعاوية رضي الله عنه داخل فيه
http://islamport.com/w/qym/Web/3179/97.htm
وقال ابن القيم في ( نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول / 106 ) نفس الكلام : فصل ما وضع في فضائل معاوية بن أبي سفيان
153 - ومن ذلك ما وضعه بعض جهلة أهل السنة في فضائل معاوية بن أبي سفيان
قال اسحاق بن راهويه لا يصح في فضائل معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه و سلم شيء .
قلت ومراده ومراد من قال ذلك من أهل الحديث إنه لم يصح حديث في مناقبه بخصوصه وإلا فما صح عندي في مناقب الصحابة على العموم ومناقب قريش فمعاوية رضي الله عنه داخل فيه . اهـ .
http://islamport.com/w/qym/Web/3199/76.htm
والسؤال الذي يفرض نفسه : من الذي جعل معاوية في الصحابة وبأي حق ؟ وما هو معيار الصحابي حتى يدخل فيه معاوية هذا ؟!
١ - شهاب الدين بن حجر العسقلاني
قال : قد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الاسناد وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما.
فتح الباري ج ٧- ص ٨١
٢ - أحمد بن حنبل
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية فأطرق ثم قال اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيادا منهم لعلي.
فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له .
فتح الباري ج ٧- ص ٨١
وكلام ابن حنبل هذا قبل أن ينشئ المتوكل(حزب أهل الحديث) ويجعله إماماً لهم وينشر فيهم حب معاوية ! ولا يتسع المجال لعرض مكذوباتهم في معاوية وكشف كذابيها وحيلهم ، فذلك يحتاج الى مجلدين كاملين !
٣ - إسحاق بن راهويه ( شيخ البخاري)
قال إسحاق بن راهويه : لم يصح في فضائل معاوية شئ !!!! .
فتح الباري - ابن حجر - ج ٧- ص ٨١
٤ - البخاري
البخاري أفرد بابا خاصا في معاوية ، عنوانه "باب ذكر معاوية" وحيث إنه لم يعثر على منقبة لمعاوية رويت على لسان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حقا ، يروي حديثين عن ابن عباس جاء في أولاهما أنه مدح معاوية لصحبته لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وجاء في ثانيهما مدحا لمعاوية بكونه فقيها وعالما.(البخاري ٥ : ٣٥ كتاب الفضائل ، أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، باب ذكر معاوية)
قال أحمد بن حجر الهيثمي – في كتاب تطهير الجنان و اللسان ، الفصل الثاني - : قيل عبر البخاري بقوله (باب ذكر معاوية) و لم يقل فضائله ولا مناقبه لأنه لم يصح في فضائله شيء كما قاله ابن راهويه .
٥ –النسائي :
قال الوزير ابن خنزابة عن محمد بن موسى المأموني صاحب النسائي ، وقال فيه : سمعت قوما ينكرون على أبى عبد الرحمن كتاب الخصائص لعلى رضي الله عنه وتركه تصنيف فضائل الشيخين ، فذكرت له ذلك فقال : دخلت دمشق والمنحرف عن علي بها كثير فصنفت كتاب الخصائص رجوت ان يهديهم الله ، ثم انه صنف بعد ذلك فضائل الصحابة ، فقيل له وانا اسمع : ألا تخرج فضائل معاوية ؟ فقال أي شئ اخرج ، حديث : اللهم لا تشبع بطنه ؟! ، فسكت السائل.
تذكرة الحفاظ - الذهبي - ج ٢- ص ٦٩٩
سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤- ص ١٢٩
تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٣- ص ١٠٧
تهذيب التهذيب - ابن حجر - ج ١- ص ٣٣
وقال الحاكم : سمعت علي بن عمر الحافظ ( الدار قطني ) غير مرة يقول : أبو عبد الرحمان مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره . وقال مرة : سمعت علي بن عمر يقول : النسائي أفقه مشايخ مصر في عصره وأعرفهم بالصحيح والسقيم ، وأعلمهم بالرجال ، فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه فخرج إلى الرملة فسئل عن فضائل معاوية فأمسك عنه ، فضربوه في الجامع فقال: أما يكفي معاوية أن يذهب رأساً برأس حتى يروى له فضائل؟ فقاموا إليه فجعلوا يطعنون في خصيتيه حتى أخرج من المسجد الجامع ، فقال : أخرجوني إلى مكة . فأخرجوه وهو عليل ، وتوفي مقتولا شهيدا .
خصائص أمير المؤمنين (ع) - النسائي - ص ١١
تهذيب التهذيب - ابن حجر - ج ١- ص ٣٣
وأما مسلم وابن ماجة فلم يجدا حديثاً يعبأ به في فضائل معاوية فأضربا عن اسمه في الصحيح والسنن ! والترمذي لم يذكر له إلا حديث اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به). وهو حديث باطل . وحديث: اللهم اهد به وقد زيفه هو بنفسه ! فالصحاح والسنن خالية عما لفقه رواة السوء في فضل الرجل.
وقال ابن تيمية في منهاجه:2/207: طائفة وضعوا لمعاوية فضائل ورووا أحاديث عن النبي(ص)ذلك كلها كذب . وقال : قد روي في فضائل علي ومعاوية أحاديث كثيرة و صنف في ذلك مصنفات و أهل العلم بالحديث لا يصححون لا هذا و لا هذا . ( ولكن ابن تيمية - الأموي القُح - كتم ما ورد في الصحيحين من فضائل الإمام علي ولبس الحق بالباطل وسوى بين صهر رسول الله ووارث حاله وبين ( الطُلقاء ) من مُسلمة الفتح ..
وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة: اتفق الحفاظ على أنه لم يصح في فضل معاوية حديث . وقال ابن حجر في لسان الميزان:1/374: إسحاق بن محمد السوسي ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية رواها عبيد الله السقطي عنه ، فهو المتهم بها أو شيخه !
وقال الفيروزآبادي في خاتمة كتابه سفر السعادة ، والعجلوني في كشف الخفاء/420: باب فضائل معاوية ، ليس فيه حديث صحيح ! وقال العيني في عمدة القاري: فإن قلت: قد ورد في فضله يعني معاوية أحاديث كثيرة؟ قلت: نعم ، ولكن ليس فيها حديث صحيح يصح من طرق الإسناد ، نص عليه إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما ، فلذلك قال يعني البخاري: (باب ذكر معاوية) ولم يقل: فضيلة ولا منقبة ).
هل كان معاوية هذا كاتباً للوحي ؟
أن معاوية من مسلمة الفتح فهو ليس من السابقين ولا المهاجرين ولا الانصار بل أسلم في أواخر حياة النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله) أي بعد أكثر من عشرين سنة من نزول القرآن الكريم, وفي هذه الفترة الاخيرة أي السنتين الاخيرتين التي بعد فتح مكة لم ينزل الشيء الكثير من القرآن الكريم! حتى روى مسلم عن ابن عباس قوله: آخر سورة نزلت إذا جاء نصر الله والفتح, وفي رواية أن آخر سورة هي براءة, وفي رواية المائدة, فهذه السور الثلاث هي كل ما نزل في تلك الفترة بالاضافة الى بعض الآيات الكريمة مثل آية الربا وآية الدين وآية الكلالة وآية التبليغ وآية إكمال الدين فمثل هذا الوقت القصير مع التنزيل القليل لا يحتاج إلى مثل معاوية لأن يكون كاتباً للوحي .
هذا كله إن سلمنا جدلاً بأن معاوية قد كتب الوحي! ولكن أهل السنة أنفسهم لم يثبتوا ذلك بدليل صحيح واحد, بل صرح الكثير من علمائهم ومحققيهم كالذهبي وابن حجر والمدائني وغيرهم بأن معاوية كان يكتب الرسائل للنبي (صلى الله عليه وآله) فيما بينه وبين العرب! فقد قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء 3/123) وابن حجر في إصابته (6/121): قال المدائني: كان زيد بن ثابت يكتب الوحي وكان معاوية يكتب للنبي (صلى الله عليه وآله) فيما بينه وبين العرب. وقال الذهبي أيضاً عن عبد الله بن عمرو, قال: كان معاوية يكتب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن الواضح أن هنالك فرقاً بين كتابة الوحي والكتابة للنبي (صلى الله عليه وآله) وكذلك الحديث الذي يذكرونه ليثبتوا كتابة معاوية الوحي للنبي (صلى الله عليه وآله) ليس فيه تصريح ! فالحديث الذي في مسلم عن ابن عباس فيه: (وقال اذهب وادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل قال ثم قال لي اذهب فادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل فقال: ( لا أشبع الله بطنه ) فهذه الرواية ليس فيها (ليكتب له) وفي مسند أحمد والطيالسي فيها (ليكتب له) أو (وكان كاتبه) وكل ذلك لا يثبت كتابة معاوية للقرآن والوحي!! واإنما يثبت بها ( لا أشبع الله بطنه ) بأن يكون عبداً للدنيا يقاتل على الملك ويقتل ابن رسول الله لأجله
وإن تعجب فاعجب لما قاله ابن كثير الدمشقي ( ودمشق هي معقل بني أمية ) تعليقا على ذلك ومادحاً لمعاوية كثرة أكله ونهمته وبطنته : " وقد انتفع معاوية بهذه الدعوة ( يريد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إنما أنا بشر فأيما عبد سببته أوجلدته أو دعوت عليه وليس لذلك أهلا فاجعل ذلك كفارة وقربة تقربه بها عندك يوم القيامة ) يقول : وقد انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه وأخراه ، فإنه لما صار إلى الشام أميرا ، كان يأكل في اليوم سبع مرات ! يجاء بقصعة فيها لحم كثير وبصل فيأكل منها ، ويأكل في اليوم سبع أكلات بلحم ، ومن الحلوى والفاكهة شيئا كثيرا ، ويقول : والله ما أشبع وإنما أعيا ، وهذه نعمة ومعدة يرغب فيها كل الملوك !! البداية والنهاية ج8 ص 128
فسبحان من جعل مذام ومثالب وفضائح المعاوية ( والمعاوية في لغة العري هي الكلبة العاوية ) كلها محامد وفضائل . وأما أهل البيت وأما الإمام الحسين فقد " قتل نفسه بسيف جده " و " قد خرج على الحاكم الشرعي " و " قد استحق القتل بحكم الشريعة " !! ويا لله العجب من الإعلام الأموي الفاجر .. وصدق النبي صلى الله عليه وسلم لما قال ( إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) ..
ولكن الأمر كما قال الإمام الشافعي رحمه الله :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة * ولكن عين السخط تُبدي المساويا
وفي النهاية نسوق كلمة الفصل لأحد أفراد الحق الصادعين به رغم سيوف الحكام المصلتة على رقاب العلماء , وهو الإمام الحسن البصري فيما نقله ابن الجوزي قال : " وروى أبو جعفر الطبري ... عن الحسن قال : أربع خصال كن في معاوية ، لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة : ابتز هذه الأمة أمرها بغير مشورة منهم ، وفيهم بقايا من الصحابة وذوي الفضل ، واستخلف ابنه بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير ، وادعى زيادا ، وقد قال رسول الله (ص) : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، وقتل حجرا فيا ويلا له من حجر وأصحابه " المنتظم ج4 ص64 .
أفيقي يا أمة محمد فالطوفان قادم قادم .. ولن ينفع حب الدنيا إذا خرج الإمام المهدي لأنه سيحصدكم حصداً يا دعاة الضلالة وعباد الدنيا وسماسرة التمويل الخليجي والبترودولار . ارجعوا إلى دينكم أيها الأنذال واتركوا التعبد لابن باز وابن العثيمين وحرروا عقولكم لرب العالمين وربكم وأحبوا نبيكم وأهل بيته واعرفوا حقهم وأفيقوا من نومكم وانصروهم نصرة لله ورسوله , وانسوا قليلا اطالة اللحى وحف الشوارب وتقصير الثياب .. جعلتم الدين ما بين تقصير وإطالة !
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم * يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ؟!
تعليق