بسم الله الرحمن الرحيم
] إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ[ .
عن النبي صلى الله عليهوآله، أنه قال: قال موسى: إلهي اُريد قربك. قال: قربي لمن استيقظ ليلة القدر. قال: إلهي اُريد رحمتك. قال: رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر. قال: إلهي اُريد الجوازعلى الصراط. قال: ذلك لمن تصدق بصدقة في ليلة القدر. قال: إلهي اُريد من أشجارالجنة وثمارها. قال: ذلك لمن سبّح تسبيحة في ليلة القدر. قال: إلهي اُريد النجاة منالنار. قال: ذلك لمن استغفر في ليلة القدر. قال: إلهي اُريد رضاك. قال: رضاي لمنصلى ركعتين في ليلة القدر.
عندما انهمر فيض الوحي على قلب الرسول صلى الله عليه وآله في ليلة القدر في شهر رمضان، وتنـزلت ملائكة الرحمة و الروح بالقرآن، رسالة السلام، وبشير الرحمة، عندئذ خلد الله هذه المناسبة المباركة التي عظمت في السماوت و الارض، وجعلها ليلة مباركة خيراً من ألف شهر .
ليلة العلم والعزم
خير الأحاديث الحديث الذي يتمخّض عن علم أو عزم؛ فمـن الأحاديث ما يمنحك العلم، ويزيد في معارفك، ومنها ما يعطيك عزيمـة جديدة، وارادة قويّة. وقد يستفيد الإنسان من حديث ما علماً دون أن يريد ذلك، في حين انّه لا يستطيع أن يستفيد من هذا الحديث عزماً دون أن يريد ذلك وينفتح قلبـه عليه، ولذلك يقول تعالى: ]وَتَعِيَهَآ اُذُنٌ وَاعِيَةٌ[ (الحاقة/12). فاذا لم تكن اُذن الإنسان واعية، فليس من السهل عليه أن يستوعب الحقائق الكبرى ويتذكّر ويتبصّر.
وحديث ليلة القدر حديث يعطينا قدراً كبيراً من العزم، بل إنّ هذه الليلة قد تشكّل - عند استيعابها ووعيها- منعطفاً أساسياً في حياة الإنسان يحدث انقلاباً جذريّاً في حياته.
شهر رمضان؛ ولادة جديدة
وهناك من الناس من يدخلون في شهر رمضان وهم مليئون بالذنوب، ولكنّهم يخرجون منه وكأنهم ولدوا من جديد، فتصبح قلوبهم وأنفسهم طاهرة نقية. ولكن هناك آخرين لا يغتنمون حتى ليالي الجمع، فما بالك بليلة القدر؟!
إن مثل هذه الأوقات – وفي طليعتها ليلة القدر – قد خصّصت أساساً لأن ينشغل الإنسان في العبادة والتهجّد والدعاء وذكر الله، وتصحيح مسار النفس، وتحديد الذنوب، والتفكير في المستقبل والتخطيط له. فالله سبحانه وتعالى لم يخلقنا ليدخلنا نار جهنم، بل لكي يستضيفنا في الجنة، ويغدق علينا من فضله، ويوفّقنا الى رضوانه الذي هو غاية ما يجب أن يطمح إليه الإنسان المؤمن في حياته.
ليلة القدر صفوة الصفوة
وكما تدل على ذلك الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة فإنّ شهر رمضان إنّما اكتسب عظمته من ليلة واحدة فيه هي ليلة القدر. فلقد اختار الله تعالى من الشهور شهراً، واصطفى من الليالي ليلة تقع في هذا الشهر هي صفوة الصفوة. فهذه الليلة هي المحور الأساسيّ لهذا الشهـر الكريم، ومن خسرها فإنّه الشقيّ حقاً كما ان رسول الله صلى الله عليه وآله خطب ذات يوم فقـال:" .... فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم".(
إنّ الليالي والأيام وبالتالي أيّ زمن من الأزمنة إنّما يكتسب ميـزته من الحدث الذي يقع فيه، وقد وقع في ليلة القدر أهمّ ما حدث في تأريـخ البشرية على الاطلاق، إلا وهو نزول القرآن الكريم كما قال سبحانه: ) إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ( (القدر/1)
والسبب الذي جعل نزول القرآن الكريم يعطي هذه الليلة العظمة الكبرى هو انّ القرآن كلام الله. ونـزول القرآن يعني أنّ أهل السماء اتّصلوا بأهل الأرض، ويعني التفاتة رحيمة شاملة من قبل الله جلّ وعلا الى الأرض، كما ويعني أنّ المسافة بين الخالق والمخلوق قد تقلّصت، فنـزلت السعادة الأبديّة على الإنسان الذي هو أكرم ما خلق الله.
وعلى هذا؛ فإنّ ليلة القدر هي ليلة عظيمة، بل إنّها تعتبر بالنسبة الى الإنسان المؤمن بداية السنة ونهايتها، كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: " ليلة القدر هي أول السنة وهي آخرها". وأن الله عز وجل يقدّر فيها للإنسان خيره وشرّه، ونفعه وضرّه، وسعادته وشقاءه، حتّى ليلة القدر من العام القادم.
موهبة إلهية عظيمة
والقرآن الكريم يشير بوضوح الى هذه الحقيقة قائلاً: )لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ( (القدر/3) بمعنى أنّ هذه الليلة تعادل ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر، فأن يصل الإنسان الى هذا العمر فهذا شيء مهمّ جدّاً، وقد روي أنه (صلى الله عليه وآله) لمّا غزا تبوك ورجع سالماً، استبشر الناس، وقالوا: ما فعل مثل هذا أحد. فقال النبي صلى الله عليه وآله: "كان في بني اسرائيل رجل، يقال له ابن نانين، وكان له ألف ابن، فغزاهم عدوّ، فحاربوه ألف شهر، كلّ ابن شهراً، حتى قتلوا جميعاً، وأبوهم يصلي ولا يلتفت يميناً ولا شمالاً، ثم قاتل بنفسه حتى قتل" فتمنى المسلمون منـزلته، فأنزل الله: ]لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ[ يعني لذلك الرجل.
وبهذا حصلت الأمة الإسلامية على موهبة عظيمة تميّزت بها عن سائر الأمم.
ومع ذلك؛ فإنّ الإنسان الخاسر بكلّ ألوان الخسارة، والشقيّ بكلّ أبعاد الشقاء، هو ذلك الذي تمرّ عليه هذه الليلة الشريفة دون أن يستغلّها وينتفع بها. فالتوفيق الإلهيّ في هذه الليلة لا يمكن أن يكون من نصيب الإنسان الغافل الساهي عن فضيلة شهر رمضان. فالذي يبدأ اعتباراً من اليوم الأول من شهر رمضان المبارك بالطاعة والعبادة والتبتّل وقراءة القرآن، فإنّ الله جلّت قدرته سيمنحه درجة من التوفيق، وهكذا الحال بالنسبة الى اليوم الثاني، والثالث... حيث يتدرّج في معارج التوفيق حتّى يصل الى مستوى الاستفادة والانتفاع من ليلة القدر.
وفي المقابل؛ فإنّ الإنسان المسلم الذي لا يحاول استغلال ليالي شهر رمضان، سيفوت بطبيعة الحال ليلة القدر نفسها من دون الاستفادة منها الى درجة أنّه قد لا يعرف متى تصادف هذه الليلة، وحتى إذا عرف ليلة القدر وأراد التعبّد فيها، فإنّه لا يوفّق الى ذلك.
وعلى هذا الأساس؛ فإنّ علينا منذ الآن أن نعدّ أنفسنا لهذه الليلة لكي يكون حظّنا فيها وافراً بإذن الله تعالى، وأن نطلب منه أن يوفّقنا لليلة القدر التي تؤكّد عليها الأدعية منذ بداية شهر رمضان.
وما أدراك ما ليلة القدر!
وقد عرفنا من خلال الروايات؛ إنّ ليلة القدر تقع في الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان، والقرآن الكريم يحدّثنا عن هذه الليلة العظيمة متسائلاً ومشيراً إلى خطرها وعظمتهـا: )إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(؛ أي أنّ علمك يا رسول الله بليلة القدر ضئيل بسيط إلاّ أن يكشف لك الخالق عن حقيقتها. وكلمة )مَآ أَدْرَاكَ( في القرآن تمنحنا مفهوماً عظيماً عن المعنى الذي يريد أن يطرحه الله سبحانه وتعالى. فالبعض يمرّ على بعض المعاني مروراً سريعاً خاطفاً، وينظر إليها نظرة سطحية، في حين أننا لابدّ في مثل هذه الحالات أن نتوجّه إلى العمق، وأن نتصوّر المعنى تصوّراً دقيقاً.
فالقرآن الكريم عندما يقول: )وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ( أو )وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ( (القارعة/3) أو ]وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ( (الطارق/2)، فانه يستهدف أن يفهمنا أنّ جبل الإيمان والرسالة الذي نريد ان نتسلّقه حتّى نصل الى قمته هو جبل عالٍ، صعب العبور، وعر المسالك، مليء بالعقبات، فعلينـا أن نستعدّ منذ الآن له. فالعلم الذي نريد الحصول عليه - وهو علم ليلة القدر- ليس علماً سهلاً أو بسيطاً، فنحن ما الذي فهمناه من هذه الليلة؟ إنّنا نتبادل الكلمات فحسب، أما المعاني؛ فهي بعيدة عن متناولنا. فليلة القدر ليست كلمة تقال، ولا لقلقة لسان، بل هي ليلة عظيمة خير من ألف شهر لا نستطيع أن نتصوّر أبعاد معناها بسهولة..
الليلة الوحيدة في التأريخ
وقبل أن أوضح - قدر مستطاعي- مفهوم (القدر) وما جاء في القرآن الكريم حول هذا المفهوم، أحبّ أن أطرح هنا فكرة لعلّها جديدة بالنسبة لنا... وهي كما هو المفهوم من الرواية التالية أنّ ليلة القدر هي ليلة واحدة عبر التأريخ؛ أي أنّ في تأريخ الكون الذي يبلغ عمره - حسب تقديرات العلم الحديث - خمسة عشر ألف مليون سنة ليلةً واحدة اسمها "ليلة القدر"، وما يتكرّر في كلّ عام هو ذكرى هذه الليلة كما هو الحال في أيّة ذكرى أخرى بالإضافة إلى ان الله سبحانه يمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء في كل ليلة من ليالي القدر المتكررة كل عام.
وفي هذه الليلة قدّر الله سبحانه وتعالى كلّ ما كان ويكون الى يوم القيامة. عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه، أنه قال: قال: لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عليّ؛ أتَدري ما معنى ليلة القدر؟ فقلت: لا يا رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: "إنَّ الله تبارك وتعالى قدّر فيها ما هو كائن الى يوم القيامة.
إنّ ليلة القدر هي ليلة التقدير، والليلة التي جرى فيها القلم على اللوح بكلّ شيء؛ بالمنايا والبلايا، بما يحدث وبما حدث، وبما كان وما يكون... وفي كلّ سنة تأتي ليلة تحاكي ليلة القدر الأصليّة وتوازيها وتذكّر بها. وحتى ليلة نـزول القرآن والوحي على قلب رسول الله صلى الله عليه وآله.
ليلة نزول القرآن
وهنا يطرح السؤال التالي نفسه: إذا كان القرآن قد نزل في ثلاثة وعشرين عاماً فكيف يقول تعالى: )إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ( ؟.
وللجواب على هذا السؤال نقول: إنّنا نعرف – تأريخياً- أن القرآن الكريم قد نزل منجماً على ثلاثة وعشرين عاماً، فهناك – مثلاً- معارك كثيرة وقعت في غير شهر رمضان ومع ذلك فقد نزلت آيات قرآنية بشأنها.
والفقهاء يجيبون على ذلك قائلين: إنّ القرآن نزل مرّتين؛ مرّة على قلب الرسول صلى الله عليه وآله جملة واحدة وذلك في ليلة القدر، ومن ثم كان جبرئيل عليه السلام ينـزل على النبي صلى الله عليه وآله في كلّ مناسبة ليبلغه أمر ربّ العالمين بقراءة هذه الآية أو تلك.
وهكذا؛ فإنّ القرآن كان موجوداً، ولكن النبيّ صلى الله عليه وآله كان مأموراً بأن لا يقرأه على الناس إلاّ عندما تقتضي الظروف.
وتأسيساً على ما سبق؛ فإنّ ليلة القدر هي ليلة واحدة تأريخياً، وليلـة نزول القرآن بجملته على قلب النبي صلى الله عليه وآله، وبعد ذلك بدأ القرآن ينـزل بصورة تدريجية.
معنى (القَدْر)
و (القدر) يعني – حسب ما أرى – التقدير، وهناك من يقول إنّ القدر يعني العظمة على اعتبار أنّ هذه الليلة عظيمة. وقيل أيضاً إنّ ليلة القدر هي ليلة الضيقة لأنّ الأرض ضاقت بالملائكة عندما نزلت فـي هذه الليلة.
ولكن الأنسب أن نقول إنّ ليلة القدر هي ليلة التقدير، ففي هذه الليلة يفرق كل أمر حكيم كما أشار إلى ذلك جلّ شأنه في سورة الدخان.
وكما يبدو لي؛ فإنّ هناك ثلاثة تقديرات للإنسان؛ أي أنّ الله سبحانه وتعالى يقدّر للإنسان أموره في ثلاث مراحل؛ فالتقدير الأول كان في اللوح في بدء الخلق وهذا تقدير كلّي؛ وهناك تقدير آخر في ليلة القدر وهو أنّ أمور السنة تقدّر فيها، ففي خلال كلّ سنة يقدّر ما سيحدث للإنسان "ليلة القدرهي الليلة التي فيها يفرق كلُّ أمر حكيم، وفيها يكتب وفد الحاج وما يكون من السنة الى السنة".
وفي ليلة القدر يشعر الإنسان بحالة روحانية، إذ الشياطين مغلولة فيها، وفرص السموّ والكمال متوفّرة للإنسان. وعلى هذا فليس من الصحيح أن يغفل الإنسان المؤمن عن هذه الليلة، أو أن يسوّف فيها بأن يقول إنّي سأحييها في العام القادم. فما أدراه أنّه سيعيش في السنة القادمة، وما أدراه أنّه سيكون من الأحياء أم الأموات، وهل يستطيع أحد أن يضمن أنّه سيعيش حتى السنة القادمة؟
وعليه؛ الواجب على الإنسان أن يجتهد في مثل هذه الليلة، فلعلّ اسمه أن يكون في ديوان الأشقياء – لا سمح الله - والفرصة الوحيدة لأن يجعل اسمه في ديوان السعداء هي ليلة القدر.
تغيير النفس أعلى القيم
إن عقد الإنسان العزم على أن يغيّر نفسه، ويعرج بها في مدارج الكمال، هو أعلى قيمة يمتلكها في شهر رمضان، وأفضل زاد فيه. ففي هذا الشهر يرتقي الإنسان مدارج الكمال، ويحصل على درجاته في الآخرة، ووقوده فيه العزم والهمّة على أن يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يوفّقه الى إحداث تغيير حقيقيّ في نفسه، وتحول جذري فيها، وأن يدعو الخالق الى أن ينيله السعادة والفلاح.
ومن المهمّ في هذا الشهر أن لا يلهي الإنسان نفسه بالأمور الثانويّة وخصوصاً في ليلة القدر المباركة، بل عليه أن يهتمّ بنفسه اهتماماً جدّياً، ويقرّر أن يجعل من هذا الشهر منعطفاً حقيقياً ومصيريّاً في حياته، خصوصاً وأنّ اعمارنا لا تلبث أن تنتهي وتنفذ، فما أسرع السنين في العمر!!
فلنحاول أن نغيّر أنفسنا، وأن نضيف في كلّ سنة تمرّ علينا إلى إيماننا وقيمنا الروحية، بدلاً من أن نتدهور ونتراجع. فلنقرّر من هذه اللحظة أن نغتنم ليلة القدر، وأن نجعلها نقطة الانطلاق في صعود درجات الإيمان، وتسنّم مدارج الكمال. فإذا ما توفّرت النية الحقيقية الصادقة في التغيير، فإن الله تبارك وتعالى سيوفّقنا – ولا شكّ – إلى هذا التغيير، بل إنّه سيزيدنا هدىً، وتوفيقاً بإذنه تعالى.
منقول بتصرف من كتاب: ليلة القدر معراج الصالحين
للمؤلف: سماحة آية الله السيد محمد تقي المدرسي
أحبتي أستسمحكم عذرا لتجاوزي للخصوصيات المذهبية أحيانا أو حذف بعض العبارات الدالة و ذلك بغية مني توسيع الإفادة لتشمل إخواننا من السنة -المارين على المنتدى-.......
على فكرة أنا مستبصرة حديثا؛ دعواتكم بالهداية و الثبات بحق محمد


لمن أراد الكتاب إليكم الرابط
http://www.almodarresi.com/books/675/index.htm
-يتبع-
تعليق