إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

بالصبر انتزع العراقيون يومهم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بالصبر انتزع العراقيون يومهم

    على الرغم من كل الجهود التخريبية الجبارة التي بذلتها مجموعات العنف والارهاب، مدعومة بالاعلام الطائفي والعنصري واموال البترودولار التي تغدقها عليهم اسر حاكمة واجهزة مخابرات وانظمة بوليسية حاكمة في المنطقة، على الرغم من كل ذلك، فقد وفت الحكومتان العراقية والاميركية بوعدهما، فتم اليوم تحقيق واحدة من اهم بنود الاتفاقية الاستراتيجية والامنية الموقعة بين بغداد وواشنطن نهاية العام 2008، فلقد انسحبت القوات الاميركية المقاتلة كاملة من العراق، وتحولت مهمة المتبقية منها، والتي تقدر بخمسين الفا، الى مهام المساعدة والتدريب فقط،، وبذلك يكون العراقيون قد تقدموا خطوة جديدة الى الامام باتجاه اتمام الاستقلال الناجز والسيادة التامة وبناء النظام الديمقراطي الذي يعتمد مبدا التداول السلمي للسلطة عبر صندوق الاقتراع، الحكم فيه للناخب العراقي الذي اثبت اكثر من مرة انه، وبوعيه وحضوره المستمر، قادر على ان يهلك مسؤولين ويستخلف آخرين كلما حانت ساعة الصفر ليقف امام صندوق الاقتراع ليدلي بصوته.

    انه يوم العراقيين بامتياز، والذين انتزعوه من الظروف القاسية بصبرهم ومثابرتهم واصرارهم الوطني منقطع النظير، فلو كانوا قد ساروا خلف الشعارات الفارغة وجروا وراء العنف والاقتتال الطائفي الذي كاد ان يغرق البلاد بفوضى عارمة، ولو كانوا قد صدقوا الاعلام الطائفي والعنصري المضلل، بتشديد اللام الاولى وكسرها، لما شهدنا مثل هذا اليوم ابدا، لان الشعارات الفارغة والاعلام المخادع والعنف والاقتتال، كلها ذرائع لاستمرار تواجد القوات الاجنبية في البلاد.

    لقد استمر الارهابيون، الذين تحالف معهم ايتام النظام الشمولي البائد، يمارسون القتل والتدمير حتى اللحظة الاخيرة التي سبقت حلول هذا اليوم الاغر (31 آب 2010) وكل ذلك من اجل عرقلة انسحاب القوات الاجنبية المقاتلة من العراق، ليبقى مبرر القتل والتدمير قائما ليواصلوا به خداع السذج والمغفلين بشعارات الجهاد والمقاومة ضد الاحتلال، فلقد حاولوا، مثلا، خلال الاسابيع الاخيرة المنصرمة، تحقيق بعض الفراغ الامني في الشارع العراقي من خلال حملاتهم الدنيئة التي استهدفوا بها قوات الامن العراقية الباسلة، الا ان كل محاولاتهم هذه باءت بالفشل.

    واليوم تقف القوات العراقية وجها لوجه امام مسؤولياتها الوطنية التاريخية لتثبت قدرتها الحقيقية على الامساك بالملف الامني بقوة واقتدار، لتسقط كل الرهانات التي ظلت تشيع عند الراي العام، العراقي خاصة، من ان انسحاب القوات الاجنبية المقاتلة من العراق في هذا الظرف الحساس سيرمي العراق من جديد في اتون حرب اهلية، طائفية وعنصرية، لان العراقيين غير مستعدين لمثل هذه اللحظة، على حد زعمهم، الا اننا جميعا على يقين من ان قواتنا المسلحة الباسلة قادرة على تحمل واجباتها الوطنية، مهما كلف الثمن، اذ لم يبق من المشوار الا القليل باذن الله تعالى.

    يجب ان يحث هذا اليوم التاريخي قادة الكتل السياسية ويحفز زعماء الاحزاب التي فازت في الانتخابات النيابية الاخيرة، على الاسراع في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بعد ان يتنازلوا عن مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة ويقدموا المصالح العليا للبلاد وللمواطن الذي حملهم بصوته الى سدة السلطة والمسؤولية، فلقد وفى العراقيون بالتزاماتهم عندما شاركوا في الانتخابات الاخيرة، وبقي على من منحهم الشعب ثقته ان يفوا بالتزاماتهم، فليس من المعقول ابدا ان يظل مجلس النواب معطلا بلا افق او نور في نهاية النفق، كما انه ليس من المعقول ان تستمر مؤسسات الدولة العراقية (الرئاسات الثلاث تحديدا) مشلولة على الرغم من مرور قرابة ستة اشهر على تاريخ اجراء الانتخابات العامة الاخيرة، فلقد مل الشارع العراقي من تصريحات المسؤولين التي تتناقض بشكل فج ومضحك يبعث في اغلب الاحيان على القرف او الغثيان.

    ان الزمن ليس لصالح احد في العراق ابدا، فهو ليس لصالح الزعماء وقادة الكتل السياسية، كما انه ليس لصالح الشعب العراقي الذي يمر باسوأ ازمة في الخدمات اليومية الاساسية كالكهرباء والماء الصالح للشرب وسلة الحصة التموينية والوقود وغير ذلك الكثير.

    ان استمرار الوضع السياسي على حاله من الركود والمراوحة في مكانه، سيفتح الباب على مصراعيه للتدخلات الاجنبية، والتي قد تؤثر في نهاية المطاف فتبدا ترسم خارطة النظام السياسي الجديد وبطريقة لا تخدم المصالح العليا للبلاد، ولقد راينا كيف ان الادارة الاميركية حاولت، ومن خلال الوثيقة التي حملها الى بغداد مطلع الشهر الحالي (آب) مساعد وزيرة الخارجية الاميركية السيد جيفري فيلتمان، ان تقود انقلابا على الدستور العراقي من خلال تغيير معالم مؤسسات الدولة بما يضمن لها ضرب عدة عصافير في حجر واحد، كما يقول المثل المعروف.

    ومن اجل ايضاح بعض الحقائق، تعالوا نقرا بنود هذه الوثيقة الاميركية، والتي نامل ان تصر كل القوى السياسية على رفضها لما فيها من ثغرات دستورية خطيرة تفضي الى اقامة نظام سياسي مضطرب ومتضارب الاتجاهات ومتناقض المسؤوليات والمهام، ضعيف البنى التحتية، هش المؤسسات.

    تعالوا، اولا، نمر على نص الوثيقة، التي تتالف من سبعة بنود، ليتسنى التعليق عليها بشكل سليم.

    تدعو الوثيقة الى:

    اولا: تشكيل (المجلس التنسيقي للسياسات الوطنية الاستراتيجية) تكون مهمته تنسيق السياسات العراقية في الشؤون الداخلية والخارجية والعسكرية المتعلقة بالامن الوطني بما يشمل الامن المالي والاقتصادي وامن الطاقة، فضلا عن مراجعة ميزانية القوات الامنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليها.

    ثانيا: تاسيس منصب رئاسي رابع يضاف للمناصب الرئاسية الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب) يدعى (الامين العام للمجلس السياسي للامن الوطني) ويرشح الامين العام هذا من قبل رئيس الجمهورية ويصادق مجلس النواب على ترشيحه بالاغلبية المطلقة.

    ثالثا: يتكون (المجلس التنسيقي للسياسات الوطنية الاستراتيجية) من؛ الامين العام للمجلس السياسي للامن الوطني، رئيس الجمهورية، رئيس مجلس النواب، رئيس الوزراء، رئيس مجلس القضاء، رئيس اقليم كردستان، وقد يشارك في المجلس ايضا وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والنفط ومدير المخابرات.

    رابعا: تتضمن سلطات (المجلس التنسيقي للسياسات الوطنية الاستراتيجية) مراجعة القرارات المتعلقة بسياسة التوظيف في القوات الامنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليها، ومراجعة الاتفاقيات الامنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليها، ومراجعة المشتريات الدفاعية الرئيسية اضافة الى مراجعة الجهود الرئيسية لنشر الجنود والعمليات القتالية، ومراجعة قضايا المحتجزين، والمجلس له حق التوصية بتعيين ضباط برتبة عميد فما فوق، والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية على التعيينات.

    خامسا؛ تقترح الوثيقة ان يشرع البرلمان قانونا لـ (المجلس التنسيقي للسياسات الوطنية الاستراتيجية) على ان تعكس صلاحياته المسؤولية المشتركة لكل من الرئيس ومجلس الوزراء ومجلس النواب في مجال الامن الوطني والشؤون الخارجية.

    سادسا؛ اقترحت الادارة الاميركية ان يراس الدكتور اياد علاوي الامانة العامة لـ (المجلس التنسيقي للسياسات الوطنية الاستراتيجية) بينما تكون رئاسة الحكومة للسيد نوري المالكي ورئاسة الجمهورية للسيد جلال الطالباني وتكون رئاسة البرلمان للقائمة العراقية.

    سابعا، واخيرا؛ اقترحت الوثيقة الاميركية ان تجري مفاوضات تشكيل الحكومة بين قائمتي العراقية ودولة القانون على ان تسند بعض الوزارات لقائمتي الكردستاني والوطني.

    ومن الواضح جدا فان الادارة الاميركية تسعى من خلال هذه الوثيقة:

    1- : تفتيت مؤسسات الدولة العراقية وافراغها من محتوياتها الدستورية، وكل ما يمنحها قوة تشريعية وتنفيذية، فاذا كان المجلس المقترح له كل هذه الصلاحيات (التشريعية) فما هو دور مجلس النواب اذن؟.

    2- : اعادة النظر بما انجزته مؤسسات الدولة العراقية خلال الفترة الدستورية المنصرمة، ما يربك المنجز وقد يعيد البلاد الى المربع الاول.

    3- : التدخل المباشر في تسمية المواقع، وكانها تريد ان يظل من سيتبوأ موقعه الجديد رهن اشارات الادارة الاميركية، والتي ستكون في هذه الحالة ولي نعمته شاء ام ابى.

    4- : كما ان الوثيقة تتناقض بشكل سافر مع ما تعلنه الادارة الاميركية من كونها تقف على مسافة واحدة من كل الاطراف السياسية، كما انها تتناقض مع الرؤية التي تعلنها عادة في الاعلام الادارة الاميركية وكل القوى السياسية العراقية المشاركة اليوم في العملية السياسية، من انهم يتمسكون بمبدا تشكيل حكومة الشراكة الوطنية، فمن الواضح فان بنود الوثيقة تفضي الى تهميش اكثر من كتلة نيابية.

    5- : ان اية مراجعة لاية سياسات عامة هي من مهام مجلس النواب حصرا، فيما تذهب الوثيقة الى انتزاع هذا الحق الدستوري من المجلس لتسلمه الى مجلس جديد يتم تشكيله بقرار اميركي.

    6- : ان الوثيقة بهذه الطريقة من التفكير تساهم في تكريس الحالة الهلامية لنتائج الانتخابات، فباية صفة دستورية تمنح الوثيقة السيد علاوي مثل هذا المنصب السيادي المهم؟ اذا كان الجواب بصفة كونه زعيم اكبر كتلة برلمانية، فلماذا لا تقترح الوثيقة تسميته رئيسا للوزراء؟.

    7- : كما ان الوثيقة تكرس المحاصصة باسوأ حالاتها، بعد ان تشعب المؤسسات بشكل متداخل، فكيف يمكن ان يكون رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اعضاء في مجلس يراسه شخص ثالث؟ هل يقبل الاميركيون بمثل هذه الطريقة من النظام السياسي لبلدهم ليقترحوها لغيرهم؟ وهل يمكن للسيد اوباما ان يعمل في البيت الابيض اذا كان عضوا في مجلس يراسه غيره من اعضاء احد مجلسي الكونغرس (النواب او الشيوخ)؟.

    8- : تبني مبدا تقاسم السلطة، الامر الذي يضعف النظام السياسي برمته، وبالتالي يعرض التجربة الديمقراطية للخطر.

    9- : تحصر الوثيقة المشكلة في توزيع المناصب، ولانها لم تجد العدد الكافي من المواقع السيادية لتوزيعها بالتساوي على الجميع، لذلك تقترح تاسيس منصب جديد بمقاسات خاصة يلبي طموح اجندات سياسية خاصة، فيما يعلم جميع العراقيين بان المشكلة ليست في المناصب وانما في مكان آخر، اساسه انعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين، وعدم الالتزام بنتائج الانتخابات، ولذلك، فمهما اقترحت الادارة الاميركية من مناصب جديدة، فان ذلك لا يحل المشكلة ابدا، وانما قد يساهم في حل مشاكل بعض الكتل والقادة والزعماء والاجندات السياسية الخاصة.

    10- : كما ان الوثيقة تؤسس وبطريقة غير دستورية، لتعديل دستوري، فقط من اجل اعطاء المنصب السيادي الجديد موقعه الشرعي بين مؤسسات الدولة، وهذا خطا كبير يؤسس لتغييرات دستورية مزاجية، سيلجا اليها السياسيون كلما ارادوا ان يستحدثوا موقعا جديدا لترضية هذا الطرف او ذاك؟.

    مما تقدم يتضح مدى خطورة استمرار الركود السياسي مدة زمنية اضافية، والحل في الاتفاق فقط.

    31 آب 2010



    نــــزار حيدر لصحيفة (رووداو) الاسبوعية الصادرة باللغة الكردية في محافظة اربيل:



    اقليات العراق اصيلة باصالة نهريه



    مثل، بتشديد الثاء وفتحها، نـــــــــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، من يسعى لتصفية الاقليات في العراق بالقتل والتهجير، كمن يسعى لالغاء تاريخ العراق وحضارته التي تمتد آلاف السنين، او كمن يريد ان يلغي نهريه الخالدين دجلة والفرات.



    واضاف نـــزار حيدر، الذي كان يجيب على اسئلة المحرر في صحيفة (رووداو) الاسبوعية الصادرة باللغة الكردية في عاصمة اقليم كردستان العراق، محافظة اربيل، الزميل هيمن بابان رحيم:



    ان الاقليات في العراق اصيلة باصالة نهريه، وهي جزء لا يتجزا او ينفك عن نسيج العراق الاجتماعي، وان مسؤولية حمايتها من الارهابيين تقع على عاتق الجميع، خاصة الحكومة العراقية التي يجب ان تحميهم لانهم من اكثر الشرائح الاجتماعية التي تتعرض اليوم لمحاولات التصفية والالغاء في العراق.



    ادناه نص الحوار:



    السؤال الاول:

    كيف ترون اوضاع الاقليات في العراق؟ هل هنالك خطر للقضاء على هوياتهم على يد من يسعى لذلك من جماعات العنف والارهاب، والجماعات الظلامية التي تسعى لاجبارهم على ترك العراق؟.

    الجواب:

    هنالك مجموعة حقائق يجب ان لا نغفل عنها ونحن نجيب على السؤال، وهي:

    الف: ان الاقليات في العراق اصيلة في هذا البلد اصالة نهريه الخالدين دجلة والفرات، فهي ليست اقليات مهاجرة مثلا او وافدة، او جاءت الى البلد مع الغزوات الخارجية والحملات العسكرية، على سبيل الفرض، كما هو الحال مع العديد من الاقليات في بلدان اخرى.

    انها جزء لا يتجزأ او ينفك عن نسيج العراق الاجتماعي، وهي مرتبطة بالعراق ارتباطا حضاريا وتاريخيا وفوق كل ذلك دينيا.

    باء: ان هذه الاقليات هي التي اما بنت حضارة العراق العريقة او انها ساهمت مساهمة فعالة فيها.

    حتى الحضارة الاسلامية في بلاد الرافدين ساهمت هذه الاقليات في بنائها وتنميتها وتطويرها، فضلا عن ان حضارة العراق القديمة التي تمتد الى اكثر من ستة آلاف عام، بناها هؤلاء على اعتبارهم سكان العراق الاصليين.

    جيم: كما ان هذه الاقليات تعايشت بشكل سلمي رائع مع بقية شرائح المجتمع العراقي عبر قرون متمادية، ولذلك تراها لم تتمركز في مدينة او منطقة دون اخرى، ففي كربلاء، المدينة الشيعية المقدسة، مثلا، عاش ابناء هذه الاقليات وقدموا الخدمات الجليلة لابنائها بلا تمييز، وانا شخصيا اتذكر اسم احد المع الاطباء الجراحين الماهرين الذين عاشوا في هذه المدينة المقدسة لسنين طويلة، والذي كان اسمه الجراح عمانوئيل البطاح، الذي يذكره اهل المدينة بالخير بالرغم من انه ترك العراق وهاجر الى الخارج منذ اكثر من اربعين عاما، ربما، كما انني اتذكر ان استاذ مادة اللغة الانجليزية في المرحلة المتوسطة كان من ابناء الاقليات، واسمه الاستاذ نزار ادور، يتذكره من تعلم ودرس على يديه، ولقد احبه الطلبة لدماثة اخلاقه وحسن معاشرته مع الناس.

    الى جانب حالة التعايش النادرة التي قضاها ابناء هذه الاقليات جنبا الى جنب مع ابناء العراق الاخرين، من دون ان يشعر احدهم بالغربة او التمييز، بل ان الكثير من العراقيين الذين لهم اصدقاء من ابناء الاقليات لم يكونوا يعرفون هويتهم الدينية او القومية الا عن طريق الصدفة، فيما يستغرب كثيرون عندما يكتشفون بان احد اشهر الشعراء الذين كتبوا في الحسين السبط الشهيد عليه السلام هو من ابناء الاقليات، الا وهو الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد.

    دال: فضلا عن ذلك، فان للاقليات دور كبير وواضح في المساهمة في بناء الدولة العراقية الحديثة، فلقد ساهم ابناء هذه الاقليات على مختلف المستويات، الثقافية والفكرية والعلمية والتعليمية والادبية والطبية والهندسية والاعلامية والوزارية والقيادية وغير ذلك الكثير الكثير.

    تاسيسا على ذلك، فان من يفكر بهذه الطريقة المريضة التي يسعى من خلالها التاثير على هوية الاقليات او افراغ العراق منهم، فهو واهم جملة وتفصيلا، وان مثله كمثل من يريد ان يلغي تاريخ العراق وهويته وحضارته، فهل يمكن لاحد ذلك؟ بالتاكيد كلا؟ لان الاقليات، كما اسلفت، جزء لا يتجزأ ليس من تاريخ العراق وحضارته فحسب، وانما من حاضر العراق كذلك، واذا صادف مرة ان تعرضت الاقليات للاضطهاد والمضايقات، فهذا لا يعني انه نهاية المطاف لهم، ابدا، وسيعود العراق معافى وقويا ومنيعا بتنوعه وتعدد هوية ابنائه.

    مجنون من يسعى لتصفية الاقليات في العراق بالقتل والتهجير، وان مثله كمثل من يسعى لالغاء تاريخ العراق وحضارته التي تمتد آلاف السنين، او كمن يريد ان يلغي نهريه الخالدين دجلة والفرات.

    اما بشان السؤال، فبلا شك فان الاقليات في العراق تتعرض اليوم لتهديد مباشر وكبير، يستهدف هويتها الثقافية، بل ووجودها الحقيقي في بلدها، ولقد تعرضت للكثير من الهجمات الارهابية التي اجبرت الكثير منهم على مغادرة البلاد، كما ان الكثير من مراكز العبادة عندها تعرضت لاعمال ارهابية خسيسة في محاولة من الارهابيين فصل روادها عن دينها.

    كما صفت، بتشديد الفاء وفتحها، جماعات العنف والارهاب الكثير من شخصياتها الدينية والثقافية والعديد من الكفاءات العلمية التي خسر بها العراق طاقات خلاقة كان يمكن له ان يستفيد منها في اعادة البناء، خاصة في مجالات الطب والهندسة والبناء والعلوم وغير ذلك.

    لقد اطلعت من خلال تقارير المنظمات الحقوقية، خاصة الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الانسان في الولايات المتحدة، والتي تتمتع تقاريرها بمصداقية عالية لما يبذله رئيس الجمعية الاستاذ حميد مراد من جهد كبير لملاحقة حالات الاضطهاد التي تتعرض له الاقليات في العراق تحديدا، على حالات غير انسانية عديدة تعرض لها ابناء الاقليات في بلاد الرافدين، ما يحملنا جميعا مسؤولية الدفاع عنها للحفاظ على التنوع والتعدد الذي يقوم عليه المجتمع العراقي، خاصة ونحن نسعى لبناء الديمقراطية التي لا تعني ان تحكم الاغلبية السياسية فقط في البلاد، وانما تعني، بالدرجة الاولى، حماية الاقليات، سواء كانت سياسية او اجتماعية.

    السؤال الثاني:

    من المقرر ان يعقد مؤتمرا عن الاقليات في العراق الشهر القادم في محافظة اربيل، باشراف منظمة الشعوب المضطهدة.

    برايكم، هل ان لمثل هذا المؤتمر تاثير في الدفاع عن الاقليات في العراق؟ وهل سيغير من اوضاعهم وعلى مختلف الاصعدة؟ وما هي المسؤولية التي تتحملها مثل هذه المنظمات الحقوقية للدفاع عن الاقليات وحقوقها؟.

    الجواب:

    لا شك ان اي جهد يبذل بهذا الصدد مطلوب وسيساهم في الدفاع عن الاقليات في العراق من خلال تبيان الحقائق اولا، ليطلع الراي العام، خاصة العراقي، على حجم المعاناة الانسانية التي تتعرض له في بلدها، وثانيا، لوضع المعنيين امام مسؤولياتهم وجها لوجه، من اجل ان لا يبقى لاحد حجة او عذر يتهرب به من تحمل مسؤولياته الانسانية والتاريخية والوطنية ازاء هؤلاء المضطهدين في بلدهم الام.

    ان تكرار مثل هذه المؤتمرات والندوات، وفي مختلف الاوقات والاماكن، سيساهم في لفت انظار الراي العام الى الحقائق وبالارقام والصور والوثائق، وبذلك سنكون قد اقتربنا قليلا من الدفاع عن حقوق هؤلاء، ولقد قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام {ما ضاع حق وراءه مطالب} ولا يقولن احد بان الاضطهاد اتسع بدرجة كبيرة لا ينفع معه المؤتمر او الندوة او البيان او ما اشبه، ابدا، فمسؤولية تحمل اعباء رسالة المضطهدين لا تسقط عن كاهلنا مهما كبر حجم هذا الاضطهاد او صغر، فالعبرة ليس في حجم الظلم والاضطهاد الذي تتعرض له هذه الشريحة من المجتمع العراقي او تلك، وانما في اصل الظلم والاضطهاد الذي يعتبر امر قبيح يلزم علينا جميعا ان نتحمل مسؤولية الدفاع عمن يتعرض له.

    يجب علينا جميعا ان لا نستسلم لاجندات واهداف الارهابيين الذين يريدون تخريب البلد من خلال محاولاتهم تصفية الاقليات او الحط من مكانتهم وموقعهم في المجتمع العراقي.

    السؤال الثالث:

    كم هو عدد الاقليات في العراق؟ وما هي نسبهم؟ واساسا، هل هنالك اية احصائيات بهذا الصدد؟ ولماذا؟.

    الجواب:

    بشكل عام، ليست هناك احصائيات سكانية حديثة ودقيقة في العراق منذ امد بعيد، ولذلك فان الباحثين بالشان العراقي لا زالوا يعتمدون على الاحصائيات السكانية القديمة التي اجراها العثمانيون مثلا او البريطانيون ابان احتلالهم للعراق في فترات متفاوتة، ويعود السبب في ذلك الى سياسات النظام الشمولي البائد التي اعتمدت التمييز الطائفي والعنصري البغيض ضد ابناء العراق، ولذلك كان يتحاشا اجراء مثل هذه الاحصائيات ليتكتم على طبيعة المجتمع العراقي ومكوناته.

    ومنذ سقوط الصنم في بغداد عام 2003 ولحد الان، حاولت الحكومات العراقية المتعاقبة ان تنظم مثل هذه الاحصائيات السكانية، الا ان اسبابا عديدة حالت دون اجرائها، مثل الارهاب وعمليات التهجير القسري التي تعرض لها، ولا يزال، العراقين من اماكن سكناهم، ما يعقد العملية بشكل كبير.

    وهنالك اليوم مسعى حثيث من قبل السلطات العراقية لتنظيم هذا التعداد، لانه سيساهم بشكل كبير في عمليات التخطيط والتنمية، البشرية والعمرانية، اذ لا يعقل ان يبقى العراق بلا تعداد سكاني علمي ودقيق، وهو الذي يسعى للنهوض من تحت ركام الديكتاتورية ومخلفاتها الكثيرة.

    مع كل هذا، فان بعض الاحصائيات غير الرسمية تشير الى ان عدد الاقليات في العراق وبمجموعها يزيد على المليون، بالرغم مما تعرضت له، كما اسلفت، من عمليات قتل وتدمير اضطرت الكثير منهم الى ترك العراق، حالهم في ذلك حال ملايين العراقيين الذين اضطرتهم الظروف السياسية والامنية ابان النظام البائد الى ترك بلدهم ومسقط راسهم العراق الحبيب، كما اضطرت ظروف مشابهة كثيرين منهم الى ترك بلدهم بعد سقوط الصنم.

    السؤال الرابع:

    كيف تقيم سياسة الحكومة تجاه الاقليات؟

    الجواب:

    لا شك ان هناك قفزة نوعية حصلت في دور الاقليات في العراق منذ سقوط الصنم، على الرغم من الاضطهاد الذي تتعرض له، فعلى الصعيد السياسي، مثلا، فان للاقليات اليوم دور واضح في العملية السياسية، لا يتجاوزه او يصادره احد، كما ان احزاب وهيئات الاقليات باتت واضحة الهوية وغير متداخلة مع الاطراف السياسية الاخرى التي كانت فيما مضى تسعى لسرقة الدور والتمثيل بشكل او باخر.

    على الصعيد الثقافي كذلك هناك تميز واضح للاقليات.

    بشان سياسة الحكومة تجاه الاقليات، فعلى الرغم من اعتقادي الجازم بمساعيها الحثيثة لحماية الاقليات والدفاع عنها، الا انني اعتقد بان عليها ان تقوم بما يلي تجاه الاقليات:

    اولا: الانتباه اكثر فاكثر الى المخاطر الجدية المحدقة بالاقليات، والتي تحاول افراغ العراق من ابنائها، ان بالقتل او بالتهجير.

    ثانيا: الاهتمام اكثر بمطاليبها المشروعة الرامية الى الحفاظ على هويتها الدينية والثقافية والتاريخية، والعمل على تحقيق رغباتها بهذا الصدد كما هو الحال بالنسبة الى الصابئة مثلا الذين يطالبون بارض في محافظة البصرة لبناء مركز لعبادتهم، وغير ذلك.

    لقد كفل الدستور العراقي حقوق العراقيين بالكامل، ومنهم الاقليات، التي كفل حقوقها الدينية والمدنية والثقافية والتاريخية، ولذلك فان على الدولة العراقية ان تسعى من اجل تحويل النصوص الدستورية الى مشاريع عمل وبرامج على الارض، لتشعر الاقليات بان تغييرا حقيقيا قيد الانجاز، وانها جزء لا يتجزا من العراق ومجتمعه المتنوع والمتعدد في كل شئ.

    ثالثا: مساعدة الاقليات للاندماج اكثر فاكثر بالمجتمع العراقي، خاصة الشريحة المقيمة في بلاد المهجر والتي تقادمت عليها العقود الطويلة من الزمن وهي لم تر نور بلادها الام.

    ختاما:

    شكرا جزيلا لاسبوعية (رووداو) واخص بالذكر الزميل هيمن بابان رحيم لاتاحته لي هذه الفرصة الثمينة لاطل بها على القراء الكرام.

    ورمضان كريم على الجميع، وكل عام وكل العراقيين بالف خير.



    ملاحظة: اسم الصحيفة (رووداو) يعني باللغة العربية (الحدث).



    29 آب 2010

    مع الشكر والتقدير سلفا
    تحياتي
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
ردود 2
11 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X