إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

لماذا أبو بكر يندب نفسه؟ ماذا فعل ؟؟!!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    يا سيدي المشكلة ليست في العقيلي حاول أن تفهمني أم أنك تريد تسويد الصفحات فقط ؟.
    المشكلة في الراوي علوان بن داوود ..

    تعليق


    • #17
      قال الدمشقية: وددت أني لم أحرق بيت فاطمة. (قول أبي بكر) فيه علوان بن داود البجلي (لسان الميزان 4/218 ترجمة رقم 1357 – 5708 وميزان الاعتدال 3/108ترجمة 5763). قال البخاري وأبو سعيد ابن يونس وابن حجر والذهبي: «منكر الحديث». وقال العقيلي: (الضعفاء للعقيلي3/420).


      جواب الشبهة:

      نقول: أخرج هذه الرواية الحافظ أبو عبيد في الأموال([1]) وابن قتيبة الدينوري في الإمامة والسياسة ([2]) واليعقوبي في تأريخه([3]) والطبري في تاريخه([4]) وابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد([5]) والمسعودي في مروج الذهب([6]) والطبراني في المعجم الكبير([7]) وابن عساكر في تأريخه([8]) وضياء الدين المقدسي الحنبلي في الأحاديث المختارة, حيث قال: >هذا حديث حسن عن أبي بكر<([9]). والمتقي الهندي في كنز العمال<([10]).

      في حين أننا نجد أن الكاتب أغفل ذكر هذه المصادر, وكان عليه أن يذكرها مع السند ويناقشها, لكي يكون التحقيق موضوعياً وعلمياً.

      وأنقل للقارئ الرواية بلفظ الطبري، قال: حدثنا يونس بن [عبد] الأعلى، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثنا الليث بن سعد، قال: حدثنا علوان عن صالح بن كيسان، عن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه: أنه دخل على أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه في مرضه الذي توفى فيه.... قال أبو بكر رضى الله تعالى عنه، أجل إني لا آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني تركتهن، وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن وثلاث وددت أني سألت عنهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

      فأما الثلاث اللاتي وددت أني تركتهن، فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن كانوا قد غلقوه على الحرب، ووددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمي وأني كنت قتلته سريحاً أو خلّيته نجيحاً، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين عمر وأبا عبيدة، فكان أحدهما أميراً وكنت وزيراً، وأما اللاتي تركتهن فوددت أني يوم أتيت بالأشعث ابن قيس أسيراً كنت ضربت عنقه، فإنه تخيل إليّ أنه لا يرى شراً إلا أعان عليه، ووددت أني حين سيرت خالد بن الوليد إلى أهل الردة كنت أقمت بذي القصة، فإن ظفر المسلمون ظفروا، وإن هزموا كنت بصدد لقاء أو مدداً([11])، وودت أني كنت إذ وجهت خالد بن الوليد إلى الشام كنت وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق، فكنت قد بسطت يدي كلتيهما في سبيل الله ومد يديه، ووددت أني كنت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هذا الأمر، فلا ينازعه أحد، ووددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب، ووددت أنى كنت سألته عن ميراث ابنة الأخ والعمة، فإن في نفسي منهما شيئاً([12]).





      --------------------------------------------------------------------------------

      ([1]) الأموال: ج1 ص 304.

      ([2]) الإمامة والسياسة: ج1 ص 24.

      ([3]) تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 24.

      ([4]) تاريخ الطبري: ج2 ص619 – 620.

      ([5]) العقد الفريد: ج4 ص 250.

      ([6]) مروج الذهب: ج2 ص 301- 302.

      ([7]) المعجم الكبير: ج1 ص 62.

      ([8]) تاريخ مدينة دمشق: ج30 ص 417- 422.

      ([9]) الأحاديث المختارة: ج10 ص 88- 90.

      ([10]) كنز العمال: ج5 ص 631.

      ([11]) هكذا في الأصل.

      ([12]) ابن جرير الطبري: تاريخ الأمم والملوك، ج2 ص619 – 620، مراجعة وتصحيح وضبط نخبة من العلماء الأجلاء، مؤسسة الأعلمي – بيروت.

      تعليق


      • #18
        البحث السندي

        أما نقاشه لسند الرواية، فغير تام؛ لأن الرواية صحيحة,كما سيتضح قريباً, وأما ما ادعاه من تضعيف (علوان بن داود البجلي)، والعلة هي أن الرجل (منكر الحديث) عن العقيلي والذهبي وابن حجر.

        فيرد عليه:

        أ- توثيق ابن حبان لعلوان (ابن داود البجلي)

        الكاتب أغفل توثيق ابن حبان له([1])، والأحرى به أن ينقل الموثقين بضميمة الجارحين إن سلمنا بكون ما ذكره جرحاً.

        ولعل الكاتب يشكل علينا، بأنّ ابن حبان من المتساهلين في التوثيق. وهذا الإشكال مدفوع بثلاثة أمور:

        الأمر الأول: بقول الذهبي في كتابه الموقظة.

        قال: >ينبوع معرفة الثقات،تاريخ البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان<([2]).

        فالذهبي يريد أن يقول: إن أردتم أن تميّزوا الرجل وتغربلوا الضعيف من الثقة، فأنا أرشدكم إلى هؤلاء، ومنهم ابن حبان؛ ولذا نجده عبّر عنه بالينبوع، وفي اللغة قالوا: إنّ الينبوع هو العين، أو الجدول الكثير الماء([3]).

        فالذهبي كنى عن كثرة إطلاعه بهذا العلم وغزارته فيه، فوصفه بهذا الوصف.



        الأمر الثاني: أضف إلى ذلك أن ابن حبان معروف بالتشدد لا العكس، لذلك قال عنه الذهبي: >ابن حبان ربما قصب الثقة حتى كأنه لا يدري ما يخرج من رأسه<([4]).

        فمن كان قصاباً كما يقول الذهبي، فمن باب أولى أن نصدق بتوثيقاته.



        الأمر الثالث: قال السيوطي في تدريب الراوي نقلاً عن الحازمي: >وما ذكر من تساهل ابن حبان ليس بصحيح، فإن غايته أن يسمي الحسن صحيحاً، فإن كانت نسبته إلى التساهل باعتبار وجدان الحسن في كتابه فهي مشاحةٌ في الاصطلاح، وإن كانت باعتبار خفة شروطه فإنه يخرج في الصحيح ما كان راويه ثقة غير مدلس... ولأجل هذا ربما اعترض عليه من جعلهم ثقات من لم يعرف حاله ولا اعتراض عليه، فإنه لا مشاحة في ذلك..<([5])

        إذن ما قيل ويشاع من أن ابن حبان من المتساهلين، فهذه الدعوة هي فيها نوع من التساهل، وعليه فلا نستطيع أن نتعبد بها، وكلام الذهبي واضح في هذه المسألة.



        ب: توثيق منكر الحديث

        ليس بالضرورة أن يكون (منكر الحديث) ضعيفاً، فقد يطلق هذا المصطلح على (الثقة) أيضاً([6]).

        قال الحاكم: >قلت [للدار القطني]: فسليمان بن بنت شرحبيل قال: ثقة، قلت: أليس عنده مناكير؟ قال: يحدث بها عن قوم ضعفاء فأما هو، فهو ثقة<([7]).

        قال الذهبي في ميزان الاعتدال في ترجمة أحمد بن عتاب المروزي:

        >ما كل من روى المناكير يضّعف<([8]).

        وقال ابن حجر في لسان الميزان ترجمة الحسين بن الفضل البجلي:

        >فلو كان كل من روى شيئاً منكراً استحق أن يذكر في الضعفاء لما سلم من المحدثين أحد< ([9]).



        البخاري يروي عن منكر الحديث

        أضف إلى ذلك أن البخاري وهو إمام الصناعة عند القوم, قد خرّج في صحيحه ممن له هذه الصفة، ومعلوم أنّ الذي في الصحيح هو ممن جاز القنطرة. مع تحفظنا على هذا القفز!!

        منهم:

        1- حسان بن حسان وهو حسان بن أبي عباد البصري نزيل مكة, قال أبو حاتم منكر الحديث: قال ابن حجر، قلت: روى عنه البخاري ([10]).

        2- أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي: قال أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث غير مرضى: روى عنه البخاري ([11]).

        3- عبد الرحمن بن شريح المغافري, قال ابن سعد: منكر الحديث([12]). ومع ذلك نجد أن البخاري يروي عنه([13]).

        4- داود بن الحصين المدني، قال الساجي: منكر الحديث متهم برأي الخوارج, ومع ذلك روى له البخاري في الصحيح([14]).

        حينئذ نسأل: كيف أن البخاري يصف علوان بن داود منكر الحديث ولا يمكن الاحتجاج به؛ ثم نجده هو يخرّج لمن له نفس هذه التهمة , فأما انه وقع تهافت في كلامه وهو سهوٌ منه, وإما أنه يرى أن منكر الحديث ليس بالضرورة أن يكون حديثه ساقطاً كما وضّحناه سابقاً, أو أنه يرى أنه يكتب حديثه ويحتج به؛ لأن ممن يكتب حديثه خرّج أيضاً له البخاري في الصحيح. والثاني هو الأقرب للصواب.



        ج: قاعدة ابن عدي في مقدمة كتابه الكامل في الضعفاء

        إن عبد لله بن عدي (ت / 365هـ)، وهو من كبار علماء الجرح والتعديل قرر قاعدة في كتابه (الكامل في الضعفاء) وألزم نفسه بها.

        قال: >أنا ذاكر في كتابي هذا كل من ذُكر بضرب من الضعف ومن اختلف فيهم فجرحه البعض وعدّله البعض الآخر، ومرجح قول أحدهما مبلغ علمي من غير محاباة،... ولا يبقى من الرواة الذين لم أذكرهم، إلا من هو ثقة أو صدوق<([15]).

        وبما إننا لم نجد ترجمة لـ (علوان بن داود البجلي) في كتابه، فهذا يشكل، قرينة على أنّ الرجل موثق عنده.

        إذن تهمة الضعف مردودة بما تقدم، وتوثيق ابن حبان والقرائن الأخرى شهادة كافية على وثاقته.

        ترجمة السند

        1ـ أما يونس بن عبد الأعلى فهو: ابن ميسرة بن حفص بن حيان الصدفي، أبو موسى المصري، من الطبقة العاشرة من كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له مسلم والنسائي وابن ماجه، قال الذهبي: أحد الأئمة ثقة فقيه محدث مقرئ من العقلاء النبلاء. وقال ابن حجر: ثقة([16]).

        2ـ وأما يحيى بن عبد الله فهو: ابن بكير القرشي المخزومي من الطبقة العاشرة من كبار الآخذين عن تبع الأتباع روى له البخاري ومسلم وابن ماجة، قال الذهبي: الحافظ صدوقاً واسع العلم مفتياً، وقال ابن حجر: ثقة في الليث. وقال أيضاً: وقال الخليلي كان ثقة، وتفرد عن مالك بأحاديث، وقال ابن قانع: مصري ثقة([17]).

        3ـ وأما الليث فهو: ابن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري، من الطبقة السابعة من كبار أتباع التابعين، روى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي و النسائي وابن ماجه، قال الذهبي: الإمام، ثبت من نظراء مالك، وقال ابن حجر: ثقة ثبت فقيه إمام([18]).

        4ـ وأما علوان بن داود البجلي: فتبين مما تقدم انه موثق.

        5ـ وأما صالح بن كيسان: روى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.

        وثقه الذهبي، قال: >ثقة جامع للفقه والحديث والمروءة، قال أحمد: هو أكبر من الزهري بخ بخ<([19]).

        وكذلك ابن حجر، قال: >ثقة ثبت فقيه<([20]).

        6ـ وأما عمر بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، أبو حفص من الطبقة الثالثة من الوسطى من التابعين، روى له أبو داود، وثّقه ابن حبان([21])، وقال عنه ابن حجر: >إنّه مقبول<([22]).

        7ـ وأما عبد الرحمن بن عوف: فهو الصحابي المشهور. وعليه فالرواية صحيحة ولا غبار عليها.



        تصحيح الضياء المقدسي لرواية أبي بكر

        أضف إلى ذلك أن الرواية صححها الضياء المقدسي في المختارة كما تقدم, حيث قال معلقاً عليها: > هذا حديث حسن عن أبي بكر<.([23])



        --------------------------------------------------------------------------------

        ([1]) ابن حبان: كتاب الثقات، ج8 ص526، مؤسسة الكتب الثقافية، ط1، 1393هـ.

        ([2]) الذهبي: كتاب الموقظة، ص79، تحقيق: عبد الفتاح أبو غده، مكتبة المطبوعات الإسلامية – بيروت، ط4، 1420هـ.

        ([3]) ابن منظور: لسان العرب، ج8 ص345، مادة (نبع)، وكذا: الفيروزآبادي، القاموس المحيط، ج3 ص87، مادة (نبع).

        ([4] ) الذهبي: ميزان الاعتدال، ج1 ص274، ترجمة أفلح ابن يزيد.

        ([5] ) السيوطي: تدريب الراوي، ج1 ص108، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة.

        ([6]) لعل هناك من يقول: إنّه يوجد فرق بين منكر الحديث ويروي المناكير. نقول: في موردنا آنف الذكر أن منكر الحديث هو عينه الذي يروي المناكير؛ لذا نجد أن ابن حبان ذكره في الثقات، أضف على ذلك أننا نجد في ترجمة صالح بن محمد بن زائدة، قال عنه البخاري: منكر الحديث تركه سليمان بن حرب، في حين إننا نجد أن ابن عدي يقول بعض أحاديثه مستقيمة وبعضها فيها إنكار، وهو من الضعفاء الذين يكتب حديثهم. إذن ابن عدي يفهم من خلال ما وجده من روايات صالح بن محمد بن زائدة، والذي هو في نظر البخاري (منكر الحديث)، إن أحاديثه مستقيمة ولكن في بعضها إنكار؛ لذا قال: هو من الضعفاء ولكن يكتب حديثه، وأيضاً هناك من لم يفرق بين المصطلحين. انظر: ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج4 ص351، ترجمة صالح بن محمد بن زائدة.

        ([7]) الدار القطني: سؤالات الحاكم، ص218.

        ([8]) الذهبي: ميزان الاعتدال، ج1 ص118، تحقيق علي محمد البجاوي، دار المعرفة ـ بيروت، ط1، 1382هـ..

        ([9]) ابن حجر العسقلاني: لسان الميزان، ج2 ص308، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت، ط2، 1390هـ.

        ([10]) ابن حجر العسقلاني: مقدمة فتح الباري، ص 394. الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

        ([11]) المصدر نفسه: ص383.

        ([12]) ابن سعد: طبقات ابن سعد، ج7 ص516، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

        ([13]) مقدمة فتح الباري: ص416.

        ([14]) مقدمة فتح الباري: ص399.

        ([15]) ابن عدي: الكامل في الضعفاء، ج1ص2 تحقيق: يحيى مختار غزاوي، الناشر: دار الفكر للطباعة، بيروت – لبنان، ط2 ـ 1409هـ.

        ([16]) الذهبي: الكاشف، ج2ص369،وابن حجر: تقريب التهذيب، ج1ص613.

        ([17]) ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب، ج11ص208.

        ([18]) الكاشف: ج2ص151، وتقريب التهذيب، ج1ص464.

        ([19]) الكاشف:ج1ص498.

        ([20]) تقريب التهذيب:ج1ص273.

        تعليق


        • #19
          البحث الدلالي


          أما دلالة الحديث التي فيها مؤاخذات على الخليفة أبي بكر، من كشف بيت فاطمة&، وحرق الفجاءة السلمي، وتردده في سؤال رسول الله في أمر الخلافة، وتردده في سؤاله @ عن ميراث ابنة الأخ، فهذا كاشف عن أن الخليفة نادم على جملة أمور، ودّ لو لم يفعلها، وأمور ودّ أنّه فعلها، لتغيّرت مجرى الأحداث في السقيفة وفي غيرها، وكذلك بعض الأمنيات تمناها الخليفة كاشفة عن عدم إدراكه للواقع، كحرقه للسلمي، وكذلك جهله بميراث ابنة الأخ والعمة.

          والذي يهمنا هو كشفه لبيت فاطمة& الذي أقر نفسه بهذا الفعل, وإقرار العقلاء على أنفسهم جائز, فثبت بذلك صدق هذا الفعل.



          ابن تيمية يعترف بكبس بيت فاطمة&

          قال ابن تيمية في منهاج السنة: >وغاية ما يقال إنه كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي يقسمه وأن يعطيه لمستحقه، ثم رأى أنه لو تركه لهم لجاز؛ فإنه يجوز أن يعطيهم من مال الفيء وأما إقدامه عليهم أنفسهم بأذى فهذا ما وقع فيه قط باتفاق أهل العلم والدين..< ([1]).

          نقول: ابن تيمية اعترف ضمناً بأن البيت قد كبس وهذا كاف في صدق ما روي في الجملة.

          أما كلامه الآخر فهو مجرد عصبية ليس إلا, فهل الزهراء عليها السلام تركت في بيتها أموالاً لم تعط للمستحق, وهل كان بيتها مستودعاً لهذه الأموال, وما هي ماهية تلك الأموال ؟ ومتى جُمعت؟ ومتى وضعت في بيت علي عليه السلام؟ فلم يحدثنا التأريخ أن علياً وأهل بيته جمعوا أمولاً لهم فضلاً عن أن تكون للمسلمين.

          أليس هو القائل: >يا دنيا إليك عني، أبي تعرضت، أم إلي تشوقت: لا حان حينك هيهات غري غيري. لا حاجة لي فيك قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها<([2]).

          ألم يرو أحمد في فضائل الصحابة: >ثم قدم عليه مال من أصبهان فقال هلموا إلى عطاء الرابع فخذوا، ثم كنس بيت المال وصلى فيه ركعتين وقال يا دنيا غري غيري<([3]).



          حسن بن فرحان المالكي يعترف بمداهمة بيت فاطمة&

          لذا جاء اعتراف الشيخ المنصف حسن بن فرحان المالكي (الأستاذ والباحث التربوي بإدارة تعليم الرياض في المملكة العربية السعودية) بمداهمة بيت الزهراء عليها السلام, قال:

          >ولكن حزب علي كان أقل عند بيعة عمر منه عند بيعة أبي بكر الصديق نظراً لتفرقهم الأول عن علي بسبب مداهمة بيت فاطمة في أول عهد أبي بكر، وإكراه بعض الصحابة الذين كانوا مع علي على بيعة أبي بكر، فكانت لهذه الخصومة والمداهمة, وهي ثابتة بأسانيد صحيحة وذكرى مؤلمة لا يحبون تكرارها.

          ثم ذكر في الهامش: كنت أظن المداهمة مكذوبة لا تصح حتى وجدت لها أسانيد قوية منها ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف<([4]).

          إذن حري بطالب الحقيقة مراجعة هذه الرواية والتأمل فيها ملياً، ليدرك ويعي تلك الحقبة التاريخية، وما جرى فيها من أحداث، وخاصة ما أقدم عليه أصحاب السقيفة الذين تركوا رسول الله@ بيد علي$ يجهزه ويغسّله، وذهبوا إلى سقيفة بني ساعدة ليتقاسموا الإمارة والخلافة.

          قال الدمشقية: على أن ابن أبي شيبة قد أورد رواية أخرى من طريق محمد بن بشر، نا عبيد الله بن عمر حدثنا زيد بن أسلم عن أبيه (أسلم): أنه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله (ص) كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله (ص)، فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة، فقال: يا بنت رسول الله (ص)، والله، ما من أحد أحب إلينا من أبيك وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك وايم الله، ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت، قال: فلما خرج عمر جاؤوها، فقالت: تعلمون أن عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقنّ عليكم البيت وايم الله، ليمضينّ لما حلف عليه، فانصرفوا راشدين فروا رأيكم ولا ترجعوا إليّ، فانصرفوا عنها، فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر» (المصنف 7/432 ترجمة37045).

          قلت: وهذه رواية منقطعة؛ لأن زيد بن أسلم كان يرسل، وأحاديثه عن عمر منقطعة كما صرّح به الحافظ ابن حجر (تقريب التهذيب رقم2117) كذلك الشيخ الألباني (إزالة الدهش37 ومعجم أسامي الرواة الذين ترجم لهم الألباني2/73).

          ولئن احتججتم بهذه الرواية أبطلتم اعتقادكم بحصول التحريق إلى التهديد بالتحريق. وأبطلتم اعتقادكم بأن علياً لم يبايع؛ لأن هذه الرواية تقول: فلم يرجعوا إلى فاطمة حتى بايعوا أبا بكر. (انتهى).

          نقول: شبهة الإرسال منتفية؛ لأن الراوي لها ليس زيد بن أسلم، بل الراوي (أبوه) أسلم وهو يروي عن عمر بن الخطاب، وهو مولى له، ولك أن تراجع الذهبي في تذكرة الحفاظ([5])، ليتضح لكم صدق قولنا.



          قاعدة يقررها ابن حجر

          ثم إنّ ابن حجر العسقلاني ذكر مورداً يشابه ما نحن فيه، وهو أن حكم الإرسال بالقطع- على فرض أن هذه الرواية مرسلة - يأخذ حكم الاتصال، وتصحح الرواية؛ وذلك لوجود قرينة وهي نفس نقله (أي أسلم) لمجريات هذه الأحداث، وهذا كاشف عن أن الذي حدّثه بها هو(عمر)، وعليه فالرواية تكون متصلة وصحيحة.

          وهذا الكلام نقله ابن حجر يعترض فيها على الدار القطني الذي حكم على رواية من صحيح البخاري بالإرسال، وهي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر (لاحظ أن السند أيضاً عن زيد بن أسلم عن أبيه).

          قال ابن حجر في فتح الباري:> قال الدار قطني: أخرج البخاري عن القعنبي وعبد الله بن يوسف وغيرهما عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسير وعمر معه (الحديث). في نزول سورة الفتح مرسلاً.

          قلت: بل ظاهر رواية البخاري الوصل؛ فإن أوله (أي السند) وإن كان صورته صورة المرسل، فإن بعده ما يصرح بأن الحديث لأسلم عن عمر؛ ففيه بعد قوله: فسأله عمر عن شيء فلم يجبه، فقال عمر: نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل فيّ قرآن، وساق الحديث على هذه الصورة حاكياً لمعظم القصة عن عمر، فكيف يكون مرسلاً؟ هذا من العجب والله أعلم< (انتهى كلام ابن حجر)([6]).

          إذن فالكلام هو الكلام؛ لأنّ روايتنا التي نقلها أسلم كان يتحدث فيها عن وقائع عاشها مع مولاه عمر بن الخطاب، وإنّ لم يكن المتحدث هو عمر، وعليه فالرواية تأخذ حكم الاتصال وليست مرسلة.



          ترجمة السند

          ورجال هذا السند فجميعهم من الحفاظ الثقات.

          1ـ محمد بن بشر: ابن الفرافصة بن المختار العبدي، أبو عبد الله الكوفي الطبقة التاسعة من صغار أتباع التابعين روى له (البخاري ومسلم و أبو داود و الترمذي والنسائي و ابن ماجه) قال الذهبي: الثبت، قال أبو داود: هو أحفظ من كان بالكوفة([7])، وقال ابن حجر: ثقة حافظ([8]).

          2ـ وأما عبيد الله بن عمر: ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوى،قال الذهبي الفقيه الثبت، وقال ابن حجر ثقة ثبت([9]).

          3ـ وأما زيد بن أسلم القرشي العدوي، أبو أسامة، و يقال أبو عبد الله، المدني الفقيه، مولى عمر بن الخطاب.

          قال الذهبي: الفقيه وقال ابن حجر: ثقة عالم([10]).

          4ـ وأما أسلم القرشي العدوى، أبو خالد و يقال أبو زيد، المدني، مولى عمر بن الخطاب (والد زيد بن أسلم، و خالد بن أسلم) من الطبقة الثانية وهو من كبار التابعين،روى له: البخاري و مسلم وأبو داود والترمذي و النسائي وابن ماجة، قال العجلي: ثقة من كبار التابعين وقال أبو زرعة: ثقة([11]) وقال ابن حجر العسقلاني: ثقة مخضرم([12]).

          إذن فالسند صحيح ومعتبر.

          وقولكم: (أبطلتم اعتقادكم بحصول التحريق إلى التهديد بالتحريق)

          نقول: إنّ الروايات اختلفت مضامينها تارة تنقل لنا صيغ الحرق، وتارة التهديد وغيرها، ولكنها تتفق على أن هذا الفعل قد تجرأ عليه القوم وكشفوا بيت فاطمة&، والرواية الأولى صحيحة السند وصريحة في ذلك، كما تقرر آنفاً.



          وإن قلتم: إنّكم وقعتم في التعارض، فنقول له:

          أولاً: يكفي تحقق أحد هذه الأُمور ـ أعني التهديد بالإحراق، أو الإتيان بالنار أو الحطب ـ في الطعن على فاعله، كيف لا يبالون بالتعدي على بيت يُعدّ من بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، ولماذا لا يهتمّون بتهديد من يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها، ومن آذاها فقد آذى الله.



          ثانياً: هل يترقب أن تحكى لنا القضية بتمامها من الذين أُشرب في قلوبهم حبّ الهيئة الحاكمة والظالمين للعترة الطاهرة#؟! مع ما هناك من تعتيم إعلامي وتحريف وخوف ورغبة، كلاّ! وقديماً قالوا: حبّ الشيء يعمي ويصمّ.

          نعم، قد جرى على ألسنة بعضهم وسقط عن أقلام آخرين ما يكفي لطالب الحق ويقبله المنصف، ولكن مع ذلك لا يقدرون على إيراد القضية بتمامها؛ بل هناك دواعٍ شتى على إخفاء تلك الفضائح، كما نرى ذلك في كتاب (الأموال) عندما نقل رواية ندم أبي بكر لكشف بيت فاطمة&، قال:> فوددت أنّي لم أكن فعلت كذا وكذا<([13]).



          ثالثاً: يمكن أن يقال: إنّ كل واحد من الرواة نقل ما رآه بعينه ـ لاسيما مع شدة الزحام ـ وما كان عليه المهاجمون من الفظاظة والغلظة، فإن ذلك يمنع عن مشاهدة القضية بتمامها، فحكاية شيء منها لا تنفي سائر ما ذكر فيها، ويشهد لذلك: ما ورد من الآثار التي ذكر فيها تحقق إحراق الباب بعد ذكر التهديد أو إرادة الإحراق، والمراد: إنهم قصدوا إحراق البيت ومن فيه.. أي أمير المؤمنين والسيدة فاطمة الزهراء وأولادهم#، ولكنّهم لم يقدروا على ذلك أو لم يتحقق واقتصر على الباب مع قصد الجميع.



          رابعاً: الذي ينظر بعين الإنصاف ويتحلّى بالموضوعية في روايات العامة التي تذكر تهديدهم السيدة فاطمة& بإحراق دارها، وروايات أُخرى عنهم تذكر الإتيان بالنار، وطائفة ثالثة تدل على جمعهم الحطب حول البيت، وطائفة رابعة على ضربها أو إسقاطها جنينها ثم يرى تواتر النصوص بدفنها ليلاً([14])، وإيصائها بذلك لئلا يصلّي عليها الشيخان، وأنّها لم تزل غضبى عليهما إلى أن ماتت، بل بقي قبرها مخفياً إلى يومنا هذا بوصية منها، يحصل له العلم القطعي بتحقق الإحراق وسائر الجنايات.



          وقولكم: أبطلتم اعتقادكم بأن علياً لم يبايع، لأن هذه الرواية تقول: فلم يرجعوا إلى فاطمة حتى بايعوا أبا بكر.

          نقول: روى البخاري في صحيحه أنّ علياً$ لم يبايع في تلك الفترة التي أحرق فيها بيت فاطمة& قال:> حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن فاطمة& بنت النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد في هذا المال وإني والله لا أغير شيئاً من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعملنَّ فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فلمّا توفيت دفنها زوجها علي ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها... ولم يكن يبايع تلك الأشهر<([15]).

          فهذه الرواية الصحيحة، والتي هي في أصح الكتب عندهم، تقرر أنّ علياً لم يبايع تلك الأشهر([16]).

          وبذلك يندفع ما قاله صاحب الشبهة من مبايعة علي$ لأبي بكر بعد هذه الحادثة؛ لأنّ رواية الصحيح مقدمة على غيرها؛ ولأنّه أصح كتاب عندهم بعد كتاب الله جل وعلا([17]). ولأنّ مبنى القوم هو تقديمه على غيره.



          --------------------------------------------------------------------------------

          ([1]) ابن تيمية الحراني: منهاج السنة,ج8ص291, الناشر:مؤسسة قرطبة.

          ([2]) شرح نهج البلاغة:ج4ص17.

          ([3]) أحمد بن حنبل: فضائل الصحابة,ج1ص531,الناشر:مؤسسة الرسالة-بيروت.

          ([4]) حسن بن فرحان المالكي:قراءة في كتب العقائد,ص52, مركز الدراسات التأريخية.

          ([5]) قال الذهبي: أسلم أبو زيد العدوي [روى] عن مولاه عمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق ومعاذ وأبي عبيدة وغيرهم من كبار علماء التابعين وهو حبشي اشتراه عمر سنة إحدى عشرة لمّا حج، وقيل هو من سبي عين التمر روى عنه ابنه زيد بن أسلم ونافع وسلم بن جندب توفي سنة ثمانين بالمدينة. تذكرة الحفاظ، الذهبي ج1 ص52، مكتبة الحرم المكي.وانظر تهذيب الكمال للمزي ج2ص530.

          ([6]) ابن حجر: مقدمة فتح الباري، ص371. وكذلك في فتح الباري: ج7 ص348، قال: >مرسلٌ ولكن بقيته تدل أنه عن عمر لقوله في أثنائه قال عمر فحركت... الخ< الناشر: دار إحياء التراث العربي- بيروت. ط1، 1408 هـ.

          ([7]) الكاشف: ج2ص59.

          ([8]) تقريب التهذيب: ج1ص469.

          ([9]) الكاشف: ج1ص586،وتقريب التهذيب، ج1ص373.

          ([10]) الكاشف: ج1ص414، وتقريب التهذيب ج1ص222.

          ([11]) المزي: تهذيب الكمال، ج2ص530.

          ([12]) تقريب التهذيب: ج1ص104.

          ([13]) أبو عبيد قاسم بن سلاّم: الأموال:193 ـ 194، مكتبة الكليات الأزهرية،مصر.

          ([14]) راجع الفصل الخامس من هذا الكتاب.

          ([15]) البخاري: صحيح البخاري ج5ص83 باب غزوة خيبر. دار الفكر 1401هـ.


          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          x

          رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

          صورة التسجيل تحديث الصورة

          اقرأ في منتديات يا حسين

          تقليص

          لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

          يعمل...
          X