السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة ........................ من كتاب وسقط القناع للشيخ أحمد بن حمد الخليلي ......... الرؤيه........ الرد على الطحان.............
وقد حاول الطحان أن يدحض حجة الحق بشبه الباطل التي حاول أن ينسجها ليموه بها على الناس ويحول بينهم وبين إدراك الحقيقة، ومن ذلك تلك الشبه التي حاول أن يلصقها بما قلناه في كتابنا "الحق الدامغ" في تفسير قول الحق تبارك وتعالى: { وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة } (1) فإنه حاول بكل جهده أن يقول بأن الذي قلناه كلام باطل وتلاعب بكتاب الله، وأنا فسرنا آيات الله تعالى بغير مراده سبحانه وتعالى، وأن النظر في هذه الآية وهي قوله تعالى: { إلى ربها ناظرة} ليس إلا بمعنى الرؤية، ولكنه لم يستطع بأي حال من الأحوال أن يأتي بنص الذي قلناه، ويحاول أن يحلله تحليلاً بحيث يبين بطلان أي شيء منه، وإنما حام حوله بهذه الشبه التي حاول بجهده أن يدحض بها حجة الحق، وأنا أعرض على المستمعين(2) ما قلته في "الحق الدمغ" ليتبين بهذا البُعد الشاسع بين كلامه وكلامنا، وأتحدى بما أورده هنا -من النص الذي قلته في "الحق الدمغ "- الحشوية بأن ينقضوا هذا الكلام جملة جملة (3) إن كانوا صادقين بأنهم على حق وأن الذي قلناه باطل.
قلت:-
1 - قوله تعالى: { وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة } وهو أقوى ما استندوا إليه في هذا الباب(4)، واعترضوا بأن النظر أعم من الرؤية، فإنه يكون بمعنى محاولتها ولو لم تتحقق، لجواز أن يقول قائل: نظرت إلى كذا فلم أره مع عدم جواز أن يقول: رأيته فلم أره ففي القاموس ما نصه: (نظره كنصره وسمعه وإليه نظر ومنظراً ونظراناً ومنظرةً وتنظاراً تأمله بعينه) وفي شرحه للإمام الزبيدي نقلاً عن البصائر: (والنظر أيضاً تقليب البصيرة لإدراك الشيء ورؤيته، وقد يراد به التأمل والفحص، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص.ثم قال الشارح: ويقال نظرت إلى كذا إذا مددت طرفك إليه رأيته أولم تره)(5).
والطحان لم يأت بأي شيء يرد هذا الذي قلته هنا، ثم إنني استطردت فقلت:
(وقد شاع النظر بمعنى الانتظار كقوله تعالى: { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة }(6) وقوله: { ما ينظرون إلا صيحة واحدة} (7) وقوله: { يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} (8) وعليه يتعين حمل النظر في الآية لوجوه:-
أ - إبعاد تأويل القرآن عن تعارض بعضه مع بعض، فإن حمل النظر في الآية على الرؤية يتعارض مع أدلة نفيها القطعية، وستأتي إن شاء الله.
ب- الانسجام المعهود في آي القرآن وارتباط بعضها مع بعض، وهو لا يكون إلا بتفسير النظر بالانتظار، فإن الآيات قسمت الناس يومئذ إلى طائفتين، إحداهما: وجوهها ناضرة -أي مبتهجة مشرقة بما ترجوه من ثواب الله- إلى ربها ناظرة أي منتظرة لرحمته ودخول جنته، والأخرى: مباينة لها في أحوالها، فوجوهها باسرة -أي كالحة مكفهرة لما تتوقعه من العذاب- تظن أن يفعل بها فاقرة أي تتوقع أن ينزل بها ما يقطع فقار ظهورها، فنضارة هذه الوجوه مقابل ببسور تلك، وانتظار هذه لرحمة الله ودخول جنته مقابل بتوقع تلك للعذاب، ولو فسر النظر هنا بمعنى الرؤية لتقطع هذا الوصل بين الآيات، وتفكك رباطها، وذهب انسجامها، إذ لا تقابل بين الرؤية وما وصفت به تلك من ظنها أمراً يقطع فقارها، ومثل هذه النكت البلاغية لا تفوت البلغاء في كلامهم؛ منثوره ومنظومه، فما بالكم بكلام الله تعالى الذي هو أدق في التعبير، وأبلغ في التصوير، وأكثر انسجاماً وأشد ترابطاً من كل كلام، كيف لا وهو كلام الله جل؟)(9).
نجد أن الطحان لم يتعقب هذا الكلام بما يدحضه ويبين أن فيه شيئاً من العوار.
ثم قلت:-
ج- أن هذا التأويل هو الذي يتفق مع ما في خاتمة "عبس" وهو قوله سبحانه: { وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة} (10) إذ لا فارق بين ما وصفت به وجوه المؤمنين هنا من الاستبشار، ووصفت به في آية القيامة من النظر بمعنى الانتظار، فإن المنتظر للرحمة مستبشر بها والمستبشر منتظر لما استبشر به.
د- أن تقديم المعمول على عامله يؤذن بقصره عليه، فتقديم "إلى ربها"على "ناظرة" يؤذن أنها لا تنظر إلا إليه وهو لا يتفق إلا مع تفسير النظر بالانتظار، فلو كان المراد به الرؤية لاقتضى أنهم لا يرون شيئاً غيره تعالى مع ما هو معروف عقلاً ونقلاً من رؤية بعضهم لبعض، ورؤيتهم لما أعد الله لهم من النعيم.
وأنكر المثبتون للرؤية تفسير النظر بالانتظار من ثلاثة أوجه:-
أولها: أن في الانتظار تنغيصاً يتنافى مع إكرام الله لعباده الأوفياء يوم القيامة(11).وهذا هو الوتر الذي حاول أن يرقص عليه الطحان، فقد كرر ذلك كثيراً في كلامه، وحاول جهده أن يغطي بهذه الشبهة وجه الحق المشرق.
ثم قلت:-
ثانيها: أن انتظار رحمة الله من قبل عباده المؤمنين أمر حاصل في الدنيا، فكيف يوعدون به في الآخرة.
ثالثها: أن تعدية النظر بإلى تمنع من حمله على الانتظار، خصوصاً إذا أسند إلى الوجوه.
وكل ذلك مردود: أما الأول فلأن الآيات تصور لنا الموقف يوم القيامة قبل أن ينتقل الأبرار إلى دار الثواب، والفجار إلى دار العقاب، بدليل السياق في الآيات السابقة، وقوله سبحانه وتعالى في الأشقياء: "تظن أن يفعل بها فاقرة" يؤكده، فإن ذلك قبل دخول النار قطعاً، إذ لا معنى لظنهم ذلك بعد الدخول وقد لقوا ما لقوه وحلت بهم الفاقرة التي كانوا يتوقعونها، ولا ريب أن الناس في الموقف متباينة أحوالهم، فالأبرار ناضرة وجوههم بانتظارهم رحمة الله التي وعدوها، والفجار على خلاف ذلك، ولا يجوز إنكار هذا الموقف الذي يقفه الأبرار والفجار قبل انتقالهم إلى مقر الجزاء الدائم لأنه ثابت بالكتاب والسنة.
وأما الثاني فلبعد ما بين الانتظارين، فشتان بين حال من كان في الشهوات والنزغات غير عارف بخاتمته، ولا متيقن بمصيره، ومن طوى المراحل وتجاوز العقبات حتى تلقته الملائكة في زمرة السعداء {ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون}(12).
وأما الثالث فلثبوت مجيء النظر بمعنى الانتظار حال تعديته بإلى بالنقول الثابتة والشواهد البينة ولا عبرة بمن أنكر ذلك:-
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد= وينكر الفم طعم المـاء مـن سقـم
doPoetry()
فمن النقول المصححة له قول صاحب اللسان: (يقول القائل للمؤمل يرجوه: إنما ننظر إلى الله ثم إليك أي إنما أتوقع فضل الله ثم فضلك).
ومن شواهده ما رواه الإمام الحجة الربيع رحمه الله تعالى عن سفيان بن عيينة عن الأعمش عن أبي راشد أن مولاة لعتبة بن عمير قالت: (إنما أنظر إلى الله وإليك) فقال لها: (لا تقولي كذلك، وإنما قولي إنما أنظر إلى الله ثم إليك).
ولا وجه للتفرقة بين كونه مسنداً إلى الوجوه أو إلى غيرها فإنه تحكم لا دليل عليه، على أنه جاء بهذا المعنى مع إسناده إلى الوجوه في كلام العرب،
فإن قيل: إن الانتظار محله القلوب لا الوجوه، فلذلك تعين حمل النظر في الآية على الرؤية لا على الانتظار، لأن الوجوه محل للأبصار التي هي آلة الرؤية، فجوابه: أن الرؤية أيضاً لا تكون بالوجوه وإنما تكون بالعيون فإسنادها إلى الوجوه غير وارد إذ لم يعهد قول أحد رأيته بوجهي، ويتعذر جواز ذلك قطعاً على رأي الذي ينكر المجاز مطلقاً أو في القرآن خاصة كما هو شأن كثير من مثبتي الرؤية(13) أما نحن فنحمل الوجوه على أصحابها لأن ذلك معهود عند العرب كقولهم: قصدت وجهك بمعنى قصدتك، فالانتظار وإن أسند إلى الوجوه لفظاً فهو لأصحابها معنى، ولذلك جاز إسناد الظن إليها في قوله: { تظن أن يفعل بها فاقرة } (14)،كما جاز إسناد الخشوع والعمل والنصب إليها في قوله تعالى: { وجوه يومئذ خاشعة* عاملة ناصبة} (15) ويؤكده قوله من بعد: { تصلى ناراً حامية* تسقى من عين آنية* ليس لهم طعام إلا من ضريع }(16) فإن الصلى غير خاص بالوجوه، والسقي والطعام لأصحاب الوجوه قطعاً، ومثله إسناد النعمة والسعي والرضى إلى الوجوه في قوله تعالى: { وجوه يومئذ ناعمة* لسعيها راضية} (17).
وبجانب كل ما ذكرته فإن تفسير النظر في الآية بالانتظار مروي عن السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، فقد أخرجه الإمام الربيع بن حبيب في مسنده الصحيح عن الإمام علي كرم الله وجهه من طريق أبي معمر السعدي كما أخرجه أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق الضحاك بن قيس، وطريق سعيد بن جبير، وعزاه إلى مجاهد ومكحول وإبراهيم والزهري وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب، ورواه ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما من الصحابة، وعن عكرمة من التابعين، ورواه عن عكرمة عبد بن حميد كما رواه عن مجاهد وأبي صالح بإسناد صححه الحافظ ابن حجر وأخرجه الإمام ابن جرير عن مجاهد بخمسة أسانيد وفي كلامه إنكار صريح للرؤية، فقد جاء في رواية منصور عنه أنه قال: (لا يراه من خلقه شيء) وفي أخرى من طريقه أيضاً قال: (كان الناس يقولون في حديث "فيرون ربهم" فقلت لمجاهد: إن أناساً يقولون إنه يُرى. فقال: يَرى ولا يَراه شيء).
وفي تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي -وهو أحد علماء الشيعة الإمامية المعاصرين- ما نصه: (وفي العيون من باب ما جاء عن الرضى عليه السلام من أخبار التوحيد بإسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال: قال علي بن موسى الرضى عليه السلام في قوله تعالى "وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة(: يعني مشرقة تنتظر ثواب ربها قال: أقول: ورواه في التوحيد والاحتجاج والمجمع عن علي عليه السلام).
ومن أقطع الأدلة وأبين الشواهد على مجيء النظر معدى بإلى، وهو ليس بمعنى الرؤية قوله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة}(18) فإنه لو حمل النظر في الآية على الرؤية لأدى إلى أن الله سبحانه وتعالى لا يرى هؤلاء يوم القيامة، وهذا عين المحال، واعتقاده رأس الضلال، فإنه كفر بالله تعالى، ولا وجه لحمل النظر هنا إلا على الرحمة والإحسان، ومن هنا نتبين أن نظر القوي إلى الضعيف هو عطفه ورحمته وأن نظر الضعيف إلى القوي هو انتظار ذلك منه.
هذا وقد اتضح لك مما سبق أن الآية الكريمة تصور لنا حال الناس في الموقف قبل نقل السعداء إلى دار النعيم والأشقياء إلى نار الجحيم، ولئن كان النظر فيها بمعنى الرؤية وكان الراؤون له تعالى تنظر وجوههم بهذه الرؤية، لزم أن تشمل في هذه الحالة منافقي هذه الأمة لأنهم يشتركون مع مؤمنيها في الرؤية حسب ما يقتضيه حديث أبي سعيد وأبي هريرة عند الشيخين الذي يستند إليه مثبتو الرؤية كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
وقد أشكل على المثبتين للرؤية إسناد النظر في آية القيامة إلى الوجوه، فترددوا بين القول بأن الرؤية بالبصر أو بالوجوه أو بالجسم كله أو بحاسة سادسة، وما هذا الاضطراب إلا دليل بيّن على أنهم غير مستندين إلى أصل فيما قالوه، ولو أنهم فهموا الآية الكريمة فهماً صحيحاً، وحملوها على ما يقتضيه السياق واللغة لسلموا من هذا الاضطراب، وبعدوا عن هذا التيه.
وقد أدرك المحققون المنصفون من معتقدي الرؤية ضعف الاستدلال على ثبوت الرؤية بهذه الحجة فصرحوا بذلك، فالسيد محمد رشيد رضا يقول في المنار: (وأما رؤية الرب تعالى فربما قيل بادئ الرأي إن آيات نفيها أصرح من آيات الإثبات، كقوله تعالى: "لن تراني" (19) وقوله تعالى: "لا تدركه الأبصار"(20) فهما أصرح دلالة على النفي من دلالة قوله تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة"على الإثبات، فإن استعمال النظر بمعنى الانتظار كثير في القرآن وكلام العرب، كقوله تعالى: "ما ينظرون إلا صيحة واحدة"(21) "هل ينظرون إلا تأويله"(22) "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة"(23) وثبت أنه استعمل بهذا المعنى متعدياً بإلى ولذلك جعل بعضهم وجه الدلالة فيه على المعنى الآخر -وهو توجيه الباصرة إلى ما تراد رؤيته- أنه أسند إلى الوجوه، وليس فيها ما يصحح إسناد النظر إليها إلا العيون الباصرة، وهو من الدقة كما ترى).
وقد سبق بيان ما أشار إليه أخيراً من استدلال حاملي النظر على الرؤية بإسناده إلى الوجوه والرد عليه.
وقال الإمام المحقق ابن عاشور في تفسير الآية: (فدلالة الآية على أن المؤمنين يرون بأبصارهم رؤية متعلقة بذات الله على الإجمال دلالة ظنية لاحتمالها تأويلات تأولها المعتزلة بأن المقصود رؤية جلاله وبهجة قدسه التي لا تخول رؤيتها لغير أهل السعادة)(24).
هذا الذي قلته نقلاً وتحقيقاً في "الحق الدامغ" في هذه الآية الكريمة، فهل ترون عليه شيئاً من العوار؟!.
وأنا أتحدى الحشوية بأن يأتوا بما ينقض هذا الكلام جملة جملة، وأتحداهم بأن يكشفوا بطلان ما فسرت به آية "وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة" حتى نتبين الحقيقة ونستجليها رأي العين، ونحن لسنا شاكين والحمد لله في ذلك، ولكنني أظن أن الطحان لا يفقه شيئاً من هذا الكلام، فإنه من الجهالة بمكان حتى أنه لا يستطيع أن يفرق بين الرفع والجر، فكثيراً ما يأتي في كلامه بالحرف الجار ويأتي بالاسم المجرور من بعده مرفوعاً، فليته قبل أن يخوض غمار هذا الأمر درس شيئاً من مختصرات الإعراب حتى يستطيع أن يقوّم لسانه.
والذي يتأمل تعقيب الطحان على ما قلته في تفسير الآية الكريمة يجد بكل وضوح أنه حاول أن يكابر الحقيقة، بل حاول أن يغطي ضياء شمسها بضباب من أوهامه، فإنه حاول جهده أن يخدع الناس بأن هذه الآية هي في الجنة يوم القيامة بعد استقرار أهل السعادة فيها، وأن الانتظار عندئذ أمر متعذر، ونحن نثبت خلاف ذلك من خلال النظر إلى سياق الآية الكريمة، فإن الله سبحانه وتعالى بعد ما قال: "وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة" أتبع ذلك قوله: "ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة" فبالله عليكم، هل يمكن بأي حال من الأحوال أن يقال بأن هذا الظن من الوجوه الأخرى -الظن بأن يفعل بها فاقرة- بعد استقرارهم في النار واصطلائهم العذاب، والعياذ بالله؟! ليس الأمر كذلك، فإن هذه الآية في الموقف طبعاً.
وقول جميل بن معمر:-
إذا نظرت إليك من ملك= والبحر دونك زدتني نعما
وقول آخر:-
إني إليك لما وعدت لناظر=نظر الفقير إلى الغني الموسر
وقول غيره:-
كل الخلائق ينظرون سجاله=نظر الحجيج إلى طلوع هلال
doPoetry()
ومنه قول حسان:
وجوه يوم بدر ناظرات= إلى الرحمن يأتي بالفلاح
وقول البعيث:-
وجوه بهاليل الحجاز على الهوى= إلى ملك كهف الخلائق ناظرة
doPoetry()
وقد حاول الطحان أن يدحض حجة الحق بشبه الباطل التي حاول أن ينسجها ليموه بها على الناس ويحول بينهم وبين إدراك الحقيقة، ومن ذلك تلك الشبه التي حاول أن يلصقها بما قلناه في كتابنا "الحق الدامغ" في تفسير قول الحق تبارك وتعالى: { وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة } (1) فإنه حاول بكل جهده أن يقول بأن الذي قلناه كلام باطل وتلاعب بكتاب الله، وأنا فسرنا آيات الله تعالى بغير مراده سبحانه وتعالى، وأن النظر في هذه الآية وهي قوله تعالى: { إلى ربها ناظرة} ليس إلا بمعنى الرؤية، ولكنه لم يستطع بأي حال من الأحوال أن يأتي بنص الذي قلناه، ويحاول أن يحلله تحليلاً بحيث يبين بطلان أي شيء منه، وإنما حام حوله بهذه الشبه التي حاول بجهده أن يدحض بها حجة الحق، وأنا أعرض على المستمعين(2) ما قلته في "الحق الدمغ" ليتبين بهذا البُعد الشاسع بين كلامه وكلامنا، وأتحدى بما أورده هنا -من النص الذي قلته في "الحق الدمغ "- الحشوية بأن ينقضوا هذا الكلام جملة جملة (3) إن كانوا صادقين بأنهم على حق وأن الذي قلناه باطل.
قلت:-
1 - قوله تعالى: { وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة } وهو أقوى ما استندوا إليه في هذا الباب(4)، واعترضوا بأن النظر أعم من الرؤية، فإنه يكون بمعنى محاولتها ولو لم تتحقق، لجواز أن يقول قائل: نظرت إلى كذا فلم أره مع عدم جواز أن يقول: رأيته فلم أره ففي القاموس ما نصه: (نظره كنصره وسمعه وإليه نظر ومنظراً ونظراناً ومنظرةً وتنظاراً تأمله بعينه) وفي شرحه للإمام الزبيدي نقلاً عن البصائر: (والنظر أيضاً تقليب البصيرة لإدراك الشيء ورؤيته، وقد يراد به التأمل والفحص، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص.ثم قال الشارح: ويقال نظرت إلى كذا إذا مددت طرفك إليه رأيته أولم تره)(5).
والطحان لم يأت بأي شيء يرد هذا الذي قلته هنا، ثم إنني استطردت فقلت:
(وقد شاع النظر بمعنى الانتظار كقوله تعالى: { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة }(6) وقوله: { ما ينظرون إلا صيحة واحدة} (7) وقوله: { يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} (8) وعليه يتعين حمل النظر في الآية لوجوه:-
أ - إبعاد تأويل القرآن عن تعارض بعضه مع بعض، فإن حمل النظر في الآية على الرؤية يتعارض مع أدلة نفيها القطعية، وستأتي إن شاء الله.
ب- الانسجام المعهود في آي القرآن وارتباط بعضها مع بعض، وهو لا يكون إلا بتفسير النظر بالانتظار، فإن الآيات قسمت الناس يومئذ إلى طائفتين، إحداهما: وجوهها ناضرة -أي مبتهجة مشرقة بما ترجوه من ثواب الله- إلى ربها ناظرة أي منتظرة لرحمته ودخول جنته، والأخرى: مباينة لها في أحوالها، فوجوهها باسرة -أي كالحة مكفهرة لما تتوقعه من العذاب- تظن أن يفعل بها فاقرة أي تتوقع أن ينزل بها ما يقطع فقار ظهورها، فنضارة هذه الوجوه مقابل ببسور تلك، وانتظار هذه لرحمة الله ودخول جنته مقابل بتوقع تلك للعذاب، ولو فسر النظر هنا بمعنى الرؤية لتقطع هذا الوصل بين الآيات، وتفكك رباطها، وذهب انسجامها، إذ لا تقابل بين الرؤية وما وصفت به تلك من ظنها أمراً يقطع فقارها، ومثل هذه النكت البلاغية لا تفوت البلغاء في كلامهم؛ منثوره ومنظومه، فما بالكم بكلام الله تعالى الذي هو أدق في التعبير، وأبلغ في التصوير، وأكثر انسجاماً وأشد ترابطاً من كل كلام، كيف لا وهو كلام الله جل؟)(9).
نجد أن الطحان لم يتعقب هذا الكلام بما يدحضه ويبين أن فيه شيئاً من العوار.
ثم قلت:-
ج- أن هذا التأويل هو الذي يتفق مع ما في خاتمة "عبس" وهو قوله سبحانه: { وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة} (10) إذ لا فارق بين ما وصفت به وجوه المؤمنين هنا من الاستبشار، ووصفت به في آية القيامة من النظر بمعنى الانتظار، فإن المنتظر للرحمة مستبشر بها والمستبشر منتظر لما استبشر به.
د- أن تقديم المعمول على عامله يؤذن بقصره عليه، فتقديم "إلى ربها"على "ناظرة" يؤذن أنها لا تنظر إلا إليه وهو لا يتفق إلا مع تفسير النظر بالانتظار، فلو كان المراد به الرؤية لاقتضى أنهم لا يرون شيئاً غيره تعالى مع ما هو معروف عقلاً ونقلاً من رؤية بعضهم لبعض، ورؤيتهم لما أعد الله لهم من النعيم.
وأنكر المثبتون للرؤية تفسير النظر بالانتظار من ثلاثة أوجه:-
أولها: أن في الانتظار تنغيصاً يتنافى مع إكرام الله لعباده الأوفياء يوم القيامة(11).وهذا هو الوتر الذي حاول أن يرقص عليه الطحان، فقد كرر ذلك كثيراً في كلامه، وحاول جهده أن يغطي بهذه الشبهة وجه الحق المشرق.
ثم قلت:-
ثانيها: أن انتظار رحمة الله من قبل عباده المؤمنين أمر حاصل في الدنيا، فكيف يوعدون به في الآخرة.
ثالثها: أن تعدية النظر بإلى تمنع من حمله على الانتظار، خصوصاً إذا أسند إلى الوجوه.
وكل ذلك مردود: أما الأول فلأن الآيات تصور لنا الموقف يوم القيامة قبل أن ينتقل الأبرار إلى دار الثواب، والفجار إلى دار العقاب، بدليل السياق في الآيات السابقة، وقوله سبحانه وتعالى في الأشقياء: "تظن أن يفعل بها فاقرة" يؤكده، فإن ذلك قبل دخول النار قطعاً، إذ لا معنى لظنهم ذلك بعد الدخول وقد لقوا ما لقوه وحلت بهم الفاقرة التي كانوا يتوقعونها، ولا ريب أن الناس في الموقف متباينة أحوالهم، فالأبرار ناضرة وجوههم بانتظارهم رحمة الله التي وعدوها، والفجار على خلاف ذلك، ولا يجوز إنكار هذا الموقف الذي يقفه الأبرار والفجار قبل انتقالهم إلى مقر الجزاء الدائم لأنه ثابت بالكتاب والسنة.
وأما الثاني فلبعد ما بين الانتظارين، فشتان بين حال من كان في الشهوات والنزغات غير عارف بخاتمته، ولا متيقن بمصيره، ومن طوى المراحل وتجاوز العقبات حتى تلقته الملائكة في زمرة السعداء {ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون}(12).
وأما الثالث فلثبوت مجيء النظر بمعنى الانتظار حال تعديته بإلى بالنقول الثابتة والشواهد البينة ولا عبرة بمن أنكر ذلك:-
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد= وينكر الفم طعم المـاء مـن سقـم
فمن النقول المصححة له قول صاحب اللسان: (يقول القائل للمؤمل يرجوه: إنما ننظر إلى الله ثم إليك أي إنما أتوقع فضل الله ثم فضلك).
ومن شواهده ما رواه الإمام الحجة الربيع رحمه الله تعالى عن سفيان بن عيينة عن الأعمش عن أبي راشد أن مولاة لعتبة بن عمير قالت: (إنما أنظر إلى الله وإليك) فقال لها: (لا تقولي كذلك، وإنما قولي إنما أنظر إلى الله ثم إليك).
ولا وجه للتفرقة بين كونه مسنداً إلى الوجوه أو إلى غيرها فإنه تحكم لا دليل عليه، على أنه جاء بهذا المعنى مع إسناده إلى الوجوه في كلام العرب،
فإن قيل: إن الانتظار محله القلوب لا الوجوه، فلذلك تعين حمل النظر في الآية على الرؤية لا على الانتظار، لأن الوجوه محل للأبصار التي هي آلة الرؤية، فجوابه: أن الرؤية أيضاً لا تكون بالوجوه وإنما تكون بالعيون فإسنادها إلى الوجوه غير وارد إذ لم يعهد قول أحد رأيته بوجهي، ويتعذر جواز ذلك قطعاً على رأي الذي ينكر المجاز مطلقاً أو في القرآن خاصة كما هو شأن كثير من مثبتي الرؤية(13) أما نحن فنحمل الوجوه على أصحابها لأن ذلك معهود عند العرب كقولهم: قصدت وجهك بمعنى قصدتك، فالانتظار وإن أسند إلى الوجوه لفظاً فهو لأصحابها معنى، ولذلك جاز إسناد الظن إليها في قوله: { تظن أن يفعل بها فاقرة } (14)،كما جاز إسناد الخشوع والعمل والنصب إليها في قوله تعالى: { وجوه يومئذ خاشعة* عاملة ناصبة} (15) ويؤكده قوله من بعد: { تصلى ناراً حامية* تسقى من عين آنية* ليس لهم طعام إلا من ضريع }(16) فإن الصلى غير خاص بالوجوه، والسقي والطعام لأصحاب الوجوه قطعاً، ومثله إسناد النعمة والسعي والرضى إلى الوجوه في قوله تعالى: { وجوه يومئذ ناعمة* لسعيها راضية} (17).
وبجانب كل ما ذكرته فإن تفسير النظر في الآية بالانتظار مروي عن السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، فقد أخرجه الإمام الربيع بن حبيب في مسنده الصحيح عن الإمام علي كرم الله وجهه من طريق أبي معمر السعدي كما أخرجه أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق الضحاك بن قيس، وطريق سعيد بن جبير، وعزاه إلى مجاهد ومكحول وإبراهيم والزهري وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب، ورواه ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما من الصحابة، وعن عكرمة من التابعين، ورواه عن عكرمة عبد بن حميد كما رواه عن مجاهد وأبي صالح بإسناد صححه الحافظ ابن حجر وأخرجه الإمام ابن جرير عن مجاهد بخمسة أسانيد وفي كلامه إنكار صريح للرؤية، فقد جاء في رواية منصور عنه أنه قال: (لا يراه من خلقه شيء) وفي أخرى من طريقه أيضاً قال: (كان الناس يقولون في حديث "فيرون ربهم" فقلت لمجاهد: إن أناساً يقولون إنه يُرى. فقال: يَرى ولا يَراه شيء).
وفي تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي -وهو أحد علماء الشيعة الإمامية المعاصرين- ما نصه: (وفي العيون من باب ما جاء عن الرضى عليه السلام من أخبار التوحيد بإسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال: قال علي بن موسى الرضى عليه السلام في قوله تعالى "وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة(: يعني مشرقة تنتظر ثواب ربها قال: أقول: ورواه في التوحيد والاحتجاج والمجمع عن علي عليه السلام).
ومن أقطع الأدلة وأبين الشواهد على مجيء النظر معدى بإلى، وهو ليس بمعنى الرؤية قوله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة}(18) فإنه لو حمل النظر في الآية على الرؤية لأدى إلى أن الله سبحانه وتعالى لا يرى هؤلاء يوم القيامة، وهذا عين المحال، واعتقاده رأس الضلال، فإنه كفر بالله تعالى، ولا وجه لحمل النظر هنا إلا على الرحمة والإحسان، ومن هنا نتبين أن نظر القوي إلى الضعيف هو عطفه ورحمته وأن نظر الضعيف إلى القوي هو انتظار ذلك منه.
هذا وقد اتضح لك مما سبق أن الآية الكريمة تصور لنا حال الناس في الموقف قبل نقل السعداء إلى دار النعيم والأشقياء إلى نار الجحيم، ولئن كان النظر فيها بمعنى الرؤية وكان الراؤون له تعالى تنظر وجوههم بهذه الرؤية، لزم أن تشمل في هذه الحالة منافقي هذه الأمة لأنهم يشتركون مع مؤمنيها في الرؤية حسب ما يقتضيه حديث أبي سعيد وأبي هريرة عند الشيخين الذي يستند إليه مثبتو الرؤية كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
وقد أشكل على المثبتين للرؤية إسناد النظر في آية القيامة إلى الوجوه، فترددوا بين القول بأن الرؤية بالبصر أو بالوجوه أو بالجسم كله أو بحاسة سادسة، وما هذا الاضطراب إلا دليل بيّن على أنهم غير مستندين إلى أصل فيما قالوه، ولو أنهم فهموا الآية الكريمة فهماً صحيحاً، وحملوها على ما يقتضيه السياق واللغة لسلموا من هذا الاضطراب، وبعدوا عن هذا التيه.
وقد أدرك المحققون المنصفون من معتقدي الرؤية ضعف الاستدلال على ثبوت الرؤية بهذه الحجة فصرحوا بذلك، فالسيد محمد رشيد رضا يقول في المنار: (وأما رؤية الرب تعالى فربما قيل بادئ الرأي إن آيات نفيها أصرح من آيات الإثبات، كقوله تعالى: "لن تراني" (19) وقوله تعالى: "لا تدركه الأبصار"(20) فهما أصرح دلالة على النفي من دلالة قوله تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة"على الإثبات، فإن استعمال النظر بمعنى الانتظار كثير في القرآن وكلام العرب، كقوله تعالى: "ما ينظرون إلا صيحة واحدة"(21) "هل ينظرون إلا تأويله"(22) "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة"(23) وثبت أنه استعمل بهذا المعنى متعدياً بإلى ولذلك جعل بعضهم وجه الدلالة فيه على المعنى الآخر -وهو توجيه الباصرة إلى ما تراد رؤيته- أنه أسند إلى الوجوه، وليس فيها ما يصحح إسناد النظر إليها إلا العيون الباصرة، وهو من الدقة كما ترى).
وقد سبق بيان ما أشار إليه أخيراً من استدلال حاملي النظر على الرؤية بإسناده إلى الوجوه والرد عليه.
وقال الإمام المحقق ابن عاشور في تفسير الآية: (فدلالة الآية على أن المؤمنين يرون بأبصارهم رؤية متعلقة بذات الله على الإجمال دلالة ظنية لاحتمالها تأويلات تأولها المعتزلة بأن المقصود رؤية جلاله وبهجة قدسه التي لا تخول رؤيتها لغير أهل السعادة)(24).
هذا الذي قلته نقلاً وتحقيقاً في "الحق الدامغ" في هذه الآية الكريمة، فهل ترون عليه شيئاً من العوار؟!.
وأنا أتحدى الحشوية بأن يأتوا بما ينقض هذا الكلام جملة جملة، وأتحداهم بأن يكشفوا بطلان ما فسرت به آية "وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة" حتى نتبين الحقيقة ونستجليها رأي العين، ونحن لسنا شاكين والحمد لله في ذلك، ولكنني أظن أن الطحان لا يفقه شيئاً من هذا الكلام، فإنه من الجهالة بمكان حتى أنه لا يستطيع أن يفرق بين الرفع والجر، فكثيراً ما يأتي في كلامه بالحرف الجار ويأتي بالاسم المجرور من بعده مرفوعاً، فليته قبل أن يخوض غمار هذا الأمر درس شيئاً من مختصرات الإعراب حتى يستطيع أن يقوّم لسانه.
والذي يتأمل تعقيب الطحان على ما قلته في تفسير الآية الكريمة يجد بكل وضوح أنه حاول أن يكابر الحقيقة، بل حاول أن يغطي ضياء شمسها بضباب من أوهامه، فإنه حاول جهده أن يخدع الناس بأن هذه الآية هي في الجنة يوم القيامة بعد استقرار أهل السعادة فيها، وأن الانتظار عندئذ أمر متعذر، ونحن نثبت خلاف ذلك من خلال النظر إلى سياق الآية الكريمة، فإن الله سبحانه وتعالى بعد ما قال: "وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة" أتبع ذلك قوله: "ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة" فبالله عليكم، هل يمكن بأي حال من الأحوال أن يقال بأن هذا الظن من الوجوه الأخرى -الظن بأن يفعل بها فاقرة- بعد استقرارهم في النار واصطلائهم العذاب، والعياذ بالله؟! ليس الأمر كذلك، فإن هذه الآية في الموقف طبعاً.
وقول جميل بن معمر:-
إذا نظرت إليك من ملك= والبحر دونك زدتني نعما
وقول آخر:-
إني إليك لما وعدت لناظر=نظر الفقير إلى الغني الموسر
وقول غيره:-
كل الخلائق ينظرون سجاله=نظر الحجيج إلى طلوع هلال
ومنه قول حسان:
وجوه يوم بدر ناظرات= إلى الرحمن يأتي بالفلاح
وقول البعيث:-
وجوه بهاليل الحجاز على الهوى= إلى ملك كهف الخلائق ناظرة