المشاركة الأصلية بواسطة فائق عبدالجليل
المشاركة الأصلية بواسطة فائق عبدالجليل
وأثبتنا أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله هو مؤسّس مذهب الشيعة ، وهو واضع أساسه، وهو الذي سمّى موالي الإمام عليّ عليه السلام وأتباعه بالشيعة، حتى صار هذا الاسم علماً لهم في حياته صلى الله عليه وآله، واستندنا في كلّ ذلك على الروايات المعتبرة المرويّة في كتبكم، المقبولة لديكم، والتي تعتمدون عليها كلّكم.
والآن أقول لكم بصراحة: إن مذاهبكم الأربعة هي مذاهب سياسية ليس لها أساس في الدين، وهذا ثابت لأهل التقوى واليقين.
فإن كنتم لا تعلمون أساس التزامكم بالمذاهب الأربعة وانحصار الإسلام الحنيف فيها كما تزعمون فراجعوا التاريخ وطالعوه بدقّة وتحقيق حتى تعرفوا إنّما وجدت المذاهب الأربعة بدواعٍ سياسية، وكان الهدف منها ابتعاد المسلمين عن أهل البيت عليهم السلام وغلق مدرستهم العلمية!
هذا ما كان يبتغيه السلطان الظالم الغاصب الذي تسمّوه: " الخليفة " لاَنّ الخلفاء كانوا يرون أهل البيت عليهم السلام منافسين لهم في الحكم والسلطة، فهم يحكمون الناس بالقوّة والقهر والسوط والسيف، ولكنّ الناس يميلون إلى أهل البيت عليهم السلام بالرغبة والمحبّة قربة إلى الله تعالى فيطيعونهم ويأخذون بأقوالهم ويتّبعونهم في مسائل الحلال والحرام، وكلّ أحكام الإسلام.
فأهل البيت عليهم السلام هم أصحاب السلطة الشرعية والحكومة الروحية المهيمنة على النفوس والقلوب عند الناس، فلأجل القضاء على هذه الحالة ـ التي جعلت الخلفاء في حذر وخوف دائم، وسلبت منهم النوم والراحة ـ بادروا إلى تأسيس المذاهب الأربعة، واعترفت السلطات الحكومية والجهات السياسية بها دون غيرها، وأعطتها الطابع الرسمي، وحاربت سواها بكلّ قوّة وقسوة.
وأصدرت قرارات رسمية تأمر الناس بالأخذ بقول أحد الأئمة الأربعة ، وأمرت القضاة أن يحكموا على رأي أحدهم ويتركوا أقوال الفقهاء الآخرين، هكذا انحصر الإسلام بالمذاهب الأربعة، وإلى هذا اليوم أنتم أيضاً تسيرون على تلك القرارات الظالمة التي ما أنزل الله بها من سلطان؟!
والعجيب أنّكم ترفضون كلّ مسلم مؤمن يعمل بالأحكام الدينية على غير رأي الأئمة الأربعة، حتى إذا كان يعمل برأي الإمام عليّ بن أبي طالب والعترة الهادية عليهم السلام كمذهب الشيعة الأمامية.
فإنّ الشيعة سائرون على منهج أهل البيت والخطّ الذي رسمه النبي صلى الله عليه وآله، فيأخذون دينهم من الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي تربّى في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو باب علمه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله المسلمين بمتابعته والأخذ منه، والأئمّة الأربعة بعد لم يُخلقوا، فقد جاؤا بعد رسول الله بعهد طويل، مائة عام أو أكثر، مع ذلك تزعمون أنّكم على حقّ والشيعة على باطل!!
أمَا قال النبي صلى الله عليه وآله: إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً(2)؟!
فانظروا وفكّروا.. من المتمسّك بالثقلين، نحن أم أنتم؟!
أما قال النبي صلى الله عليه وآله: إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق وهوى ـ وفي رواية: هلك(3) فمن المتخلّف عنهم، نحن أم أنتم.
هل الأئمة الأربعة من أهل البيت عليهم السلام؟! أم الإمام علي عليه السلام، والحسن والحسين عليهما السلام ريحانتا النبي صلى الله عليه وآله وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنة؟!
أما قال النبي صلى الله عليه وآله فيهما: فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم(4)؟!
ثم يقول ابن حجر في " تنبيه " له على الحديث: سمّى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم القرآن وعترته.. ثقلين، لاَنّ الثقل: كلّ نفيس خطير مصون وهذان كذلك، إذ كلّ منهما معدن للعلوم اللدنية والأسرار والحكم العليّة والأحكام الشرعيّة، ولذا حثّ صلى الله عليه [وآله] وسلم على الاقتداء والتمسّك بهم والتعلّم منهم.
وقيل سُمِّيا ثقلين: لثقل وجوب رعاية حقوقهما، ثمّ الذين وقع الحث عليهم منهم، إنّما هم العارفون بكتاب الله وسنّة رسوله، إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى ورود الحوض، ويؤيّده الخبر السابق: ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم.
وتَميّزوا بذلك عن بقيّة العلماء، لاَنّ الله أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وشرفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة، وقد مرّ بعضها.. إلى آخر ما قاله ابن حجر.
وما لي لا أتعجّب منه ومن أمثاله وما أكثرهم في علمائكم! فإنّه مع إذعانه وإقراره بأنّ أهل البيت عليهم السلام يجب أن يقدَّموا على مَن سواهم، ويجب أن تأخذ الأمة منهم أحكام دينها ومسائلها الشرعية، لكنّه قدّم أبا الحسن الاَشعري عليهم وأخذ منه أصول دينه، وقدّم الأئمة الأربعة، وأخذ أحكام الشريعة المقدّسة منهم لا من أهل البيت عليهم السلام!!
وهذا نابع من العناد والتعصّب واللجاج، أعاذنا الله تعالى منها.

تعليق