-السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم سماحة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
دائماً أفكر في ما هي نهايتي؟ وهل أن الله سبحانه راضٍ عني أم لا؟ وهذا الشيء يؤرقني فهل هذا عدم ثقة بالله؟ مع أني قائم بواجباتي أمام ربي، وأحافظ على صلاتي، وكثيراً ما أبكي لخوفي على نفسي من الشيطان الرجيم، لأنني أحس أنه يوسوس لي، وأحاول أن أتفكر في عظمة الله حتى أذهب بالوسواس ولكن مخيلتي تتعبني إذا فكرت في أن الله قديم قدم الأزل، مع العلم أني معترف به وبوجوده، وأحس رحمته ونعمته، ولذلك أخاف أن أغضبه مع العلم أن هذا التأمل يشعرني بعظمة الخالق.
فما هي نصيحتكم لي مع العلم أني أتمنى أن أصبح من أولياء الله أفيدونا أفادكم الله ولا تحرمونا من عطائكم، ونسألكم الدعاء الكثير
وفقكم الله لما فيه الخير والصلاح.
الجواب:
بسمه تعالى
إليك نقاط الإجابة:
1) النهاية: تعتمد النهاية على أمور أجلها الوضوح وهو سير الإنسان إلى ربه، وهذا يتلخص في القيام بأوامر الباري عز اسمه، وهذه الظاهرة إذا أوجدها الإنسان نال شرف الدنيا والآخرة.
والقيام بالعبادات لابد أن تكون محفوفة بشيء خاص وهو التوجه الذي يُعبر عنه بحضور القلب لأن العبادة وبحضور القلب تكون هذه العبادة عبادة صحيحة مقبولة.
2) الرضا: أما الرضا فلابد أن يشمل على كون المرضي عنه قد أبرز وفسح المجال للأمور المودعة بقيامها بكل ما خلقت من أجله. فكل عضو من الأعضاء له عمل خاص به، فالعين -وهي من أعظم نعم الباري عزّ وجلّ- فإذا أصاب الإنسان هذا العضو فقد أصابه كل شيء لأن كل رذيلة لا يبعد أن يكون للعين فيها حصة، إذ أنها إما أن تكون لله فقط، أو أن تكون لغيره فقط لأنها إذا شاركها غير الله فقد كانت لغير الله، فعلى مَنْ أراد رضا الله أن يجعل هذا العضو الذي قد جعل العين هي العين وهي النفس أي أنها كانت بمثابة التوكيد المعنوي، فقد يقال جاء فلان عينه أي ذاته فالعين إن حفظتها حفظت عينك وإذا أردت أن تتدارك أخطائك فعليك بحفظ عينك لكي تجعل هذا الموظف بجميع توزيعاته المجانية أو التي تكون بمقابل ما سواء كان ذلك حقيراً أو خطيراً لله تعالى، وإلا فإن هذا التوزيع يتبع نفس الوظيفة. وإن هذا الموظف كان لإبليس وقد جنّد نفسه لغير خالقه فكانت صادراته لذلك الخبيث الذي حذر عن التعامل فكيف بالعمل معه.
3) القلق: إن الكثير من الناس قد أوصل نفسه إلى مراحل لا تخصه ولا تؤدي ولا تعطي خيراً أبداً. فإن هذا القلق إما أن يكون وريث أماني دنيوية، أو أن يكون قد تعلق بالآخرة. والأول واضح جلي. فإن الهموم والتشاكس في الحياة كثيراً ما كان السبب فيهما هو الصراع على حطام دنيا لا خير فيها. وهذه الأمور يعرفها الإنسان من خلال أخطائه، وأن هذه الأشياء ليست لعاقل ولا لمفكر أن يتعلق بها، لكن حينما يكون الأمر للآخرة فإنه أمر جميل جداً، ويظهر ذلك في أقوال عظماء الدنيا فإنه المتوكد من خلال حياتهم وكلماتهم أن (العقل ما عبد به الرحمن) قول أمير المؤمنين عليه السلام فإذا كان العقل كذلك فقد أصبح إنساناً. إذا لم يكن كذلك فأولاً العبادة كانت لغيره تعالى وعليه ثانياً أصبح هذا الإنسان بلا عقل، لأن العقل ما عبد به الرحمن. فحينما لا يعبد الرحمن قد عبد غيره وكان ذلك واضحاً على عدم وجود العقل، أو على عدم استعمال العقل، ولعل مثل هذا الإنسان إما أنه استعمل عقله في غير ما يجب استعماله فيه أو أنه لم يستعمله قط.
4) البكاء: إن هذا الموضوع يحدد هوية الشخص، فعلى الإنسان أن يرجع لفقرة من فقرات دعاء الصباح لسيدنا ومولانا أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول: ((وأجرِ اللهم لهيبتك من آماقي زفرات الدموع))، فالبكاء عنوان رهيب خطير عظيم جليل، حينما يشتمل أو يوضح ما في هذه الجملة من كلمات وحروف نورانية علوية.
فأولاً يتوجه الإنسان إلى خالقه بالدعاء إجلالاً وإعظاماً... وطلباً وتضرعاً إليه تعالى، ولهذا جاءت العبارة ((وأجر اللهم......)) فطلب من الله أنْ يوجد ذلك الدمع وتلك القطرات التي تعبر عن البكاء وأن الواقعيات تشهد على الطالبين بأن يؤدوا شكر الطلب أي أن صرف ما طلب يجب أن يكون للمطلوب منه، أو لما يحرز مؤكداً فيه رضاه. فإذا كان البكاء هكذا فإن هذه الفقرة فيها الأمر والشيء العظيم، حيث إنها أصبحت منظماً لهذا العنوان الخطير الذي يشتبه فيه حتى بعض العظماء. فإذا كان البكاء وسح الدموع بهذا العنوان فإنه من أمور الآخرة مما لاشك فيه ولا ريب يعتريه. وإلا فعليك بالقيام بتنظيم لهذا الأمر ليتحقق النصر في ساحة الوغى على العدو اللذوذ النفس، الهوى، الشيطان. وبه يكون البكاء ممدوحاً ونال اسماً عظيماً، ونلت اسماً عظيماً أيضاً فإن هذا بكاء أهل التقوى والإيمان. وقد كنت منهم وهو عنوان من عناوين الأولياء فمن شاء وأراد أن يكون منهم فدربهم العلم أولاً، ثم ما يوصل إليه ذلك العلم ثانياً، فإن العلم دليلٌ لأهل الإيمان، وهم الأولياء وعلى حسن السير الكاشف عن حسن السريرة. فالقيام بنزاهة أحدهم يضمن الطهارة والنزاهة للآخرة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم سماحة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
دائماً أفكر في ما هي نهايتي؟ وهل أن الله سبحانه راضٍ عني أم لا؟ وهذا الشيء يؤرقني فهل هذا عدم ثقة بالله؟ مع أني قائم بواجباتي أمام ربي، وأحافظ على صلاتي، وكثيراً ما أبكي لخوفي على نفسي من الشيطان الرجيم، لأنني أحس أنه يوسوس لي، وأحاول أن أتفكر في عظمة الله حتى أذهب بالوسواس ولكن مخيلتي تتعبني إذا فكرت في أن الله قديم قدم الأزل، مع العلم أني معترف به وبوجوده، وأحس رحمته ونعمته، ولذلك أخاف أن أغضبه مع العلم أن هذا التأمل يشعرني بعظمة الخالق.
فما هي نصيحتكم لي مع العلم أني أتمنى أن أصبح من أولياء الله أفيدونا أفادكم الله ولا تحرمونا من عطائكم، ونسألكم الدعاء الكثير
وفقكم الله لما فيه الخير والصلاح.
الجواب:
بسمه تعالى
إليك نقاط الإجابة:
1) النهاية: تعتمد النهاية على أمور أجلها الوضوح وهو سير الإنسان إلى ربه، وهذا يتلخص في القيام بأوامر الباري عز اسمه، وهذه الظاهرة إذا أوجدها الإنسان نال شرف الدنيا والآخرة.
والقيام بالعبادات لابد أن تكون محفوفة بشيء خاص وهو التوجه الذي يُعبر عنه بحضور القلب لأن العبادة وبحضور القلب تكون هذه العبادة عبادة صحيحة مقبولة.
2) الرضا: أما الرضا فلابد أن يشمل على كون المرضي عنه قد أبرز وفسح المجال للأمور المودعة بقيامها بكل ما خلقت من أجله. فكل عضو من الأعضاء له عمل خاص به، فالعين -وهي من أعظم نعم الباري عزّ وجلّ- فإذا أصاب الإنسان هذا العضو فقد أصابه كل شيء لأن كل رذيلة لا يبعد أن يكون للعين فيها حصة، إذ أنها إما أن تكون لله فقط، أو أن تكون لغيره فقط لأنها إذا شاركها غير الله فقد كانت لغير الله، فعلى مَنْ أراد رضا الله أن يجعل هذا العضو الذي قد جعل العين هي العين وهي النفس أي أنها كانت بمثابة التوكيد المعنوي، فقد يقال جاء فلان عينه أي ذاته فالعين إن حفظتها حفظت عينك وإذا أردت أن تتدارك أخطائك فعليك بحفظ عينك لكي تجعل هذا الموظف بجميع توزيعاته المجانية أو التي تكون بمقابل ما سواء كان ذلك حقيراً أو خطيراً لله تعالى، وإلا فإن هذا التوزيع يتبع نفس الوظيفة. وإن هذا الموظف كان لإبليس وقد جنّد نفسه لغير خالقه فكانت صادراته لذلك الخبيث الذي حذر عن التعامل فكيف بالعمل معه.
3) القلق: إن الكثير من الناس قد أوصل نفسه إلى مراحل لا تخصه ولا تؤدي ولا تعطي خيراً أبداً. فإن هذا القلق إما أن يكون وريث أماني دنيوية، أو أن يكون قد تعلق بالآخرة. والأول واضح جلي. فإن الهموم والتشاكس في الحياة كثيراً ما كان السبب فيهما هو الصراع على حطام دنيا لا خير فيها. وهذه الأمور يعرفها الإنسان من خلال أخطائه، وأن هذه الأشياء ليست لعاقل ولا لمفكر أن يتعلق بها، لكن حينما يكون الأمر للآخرة فإنه أمر جميل جداً، ويظهر ذلك في أقوال عظماء الدنيا فإنه المتوكد من خلال حياتهم وكلماتهم أن (العقل ما عبد به الرحمن) قول أمير المؤمنين عليه السلام فإذا كان العقل كذلك فقد أصبح إنساناً. إذا لم يكن كذلك فأولاً العبادة كانت لغيره تعالى وعليه ثانياً أصبح هذا الإنسان بلا عقل، لأن العقل ما عبد به الرحمن. فحينما لا يعبد الرحمن قد عبد غيره وكان ذلك واضحاً على عدم وجود العقل، أو على عدم استعمال العقل، ولعل مثل هذا الإنسان إما أنه استعمل عقله في غير ما يجب استعماله فيه أو أنه لم يستعمله قط.
4) البكاء: إن هذا الموضوع يحدد هوية الشخص، فعلى الإنسان أن يرجع لفقرة من فقرات دعاء الصباح لسيدنا ومولانا أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول: ((وأجرِ اللهم لهيبتك من آماقي زفرات الدموع))، فالبكاء عنوان رهيب خطير عظيم جليل، حينما يشتمل أو يوضح ما في هذه الجملة من كلمات وحروف نورانية علوية.
فأولاً يتوجه الإنسان إلى خالقه بالدعاء إجلالاً وإعظاماً... وطلباً وتضرعاً إليه تعالى، ولهذا جاءت العبارة ((وأجر اللهم......)) فطلب من الله أنْ يوجد ذلك الدمع وتلك القطرات التي تعبر عن البكاء وأن الواقعيات تشهد على الطالبين بأن يؤدوا شكر الطلب أي أن صرف ما طلب يجب أن يكون للمطلوب منه، أو لما يحرز مؤكداً فيه رضاه. فإذا كان البكاء هكذا فإن هذه الفقرة فيها الأمر والشيء العظيم، حيث إنها أصبحت منظماً لهذا العنوان الخطير الذي يشتبه فيه حتى بعض العظماء. فإذا كان البكاء وسح الدموع بهذا العنوان فإنه من أمور الآخرة مما لاشك فيه ولا ريب يعتريه. وإلا فعليك بالقيام بتنظيم لهذا الأمر ليتحقق النصر في ساحة الوغى على العدو اللذوذ النفس، الهوى، الشيطان. وبه يكون البكاء ممدوحاً ونال اسماً عظيماً، ونلت اسماً عظيماً أيضاً فإن هذا بكاء أهل التقوى والإيمان. وقد كنت منهم وهو عنوان من عناوين الأولياء فمن شاء وأراد أن يكون منهم فدربهم العلم أولاً، ثم ما يوصل إليه ذلك العلم ثانياً، فإن العلم دليلٌ لأهل الإيمان، وهم الأولياء وعلى حسن السير الكاشف عن حسن السريرة. فالقيام بنزاهة أحدهم يضمن الطهارة والنزاهة للآخرة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.