المرويات السنية والشيعية التي تطعن بمصداقيّة الإسلام ونبيّه
بدايتا نوضح بأن منهجنا في البحث هو ما يأمرنا الله تعالى به ، وهو عدم رفع أيِّ نصٍّ خارج دفَّتي كتاب الله تعالى إلى مستوى اليقين الذي نرى به كتاب الله تعالى ، وذلك عملاً بقوله تعالى (( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ )) [ الجاثية : 6 ]، وفي الوقت ذاته لا نقول كلُّ ما ورد في الروايات ليس صحيحاً ، فمعيارنا في الصحّة هو موافقة متنها لكتاب الله تعالى والعقل والمنطق .. وحتى لو حصلت موافقة الرواية لكتاب الله تعالى وللعقل والمنطق ، تبقى هذه الرواية ظنيّة الثبوت ، ولا ترتقي إلى مستوى العلم اليقيني
وبالمقابل قد نرى في رواية ضعيفة حسب معاييرهم ، قد نرى فيها الصحّة إن كانت موافقة لكتاب الله تعالى وللعقل والمنطق .. فالرواية هي في النهاية رواية ، ولا يمكنها أبداً أن ترتفع إلى مستوى اليقين ..
وسنعرض هنا مقالات الدكتور عدنان الرفاعي في توضيح للمرويات التي تطعن بمصداقيّة الإسلام ونبيّه ( ص ) ... ولمعرفة شيء من ذلك لننظر في الرواية التالية :
البخاري ( 4853 ) :
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَسِيلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْلِسُوا هَا هُنَا وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَبِي نَفْسَكِ لِي قَالَتْ وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ قَالَ فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَقَالَ قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي أُسَيْدٍ قَالَا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا
.. حسب هذه الرواية المزعومة ، النبيّ ( ص ) يدخل على امرأة ، ويقولُ لها هبي نفسكَ لي ، فتقول له : [[ وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ ]] ، متهمةً إياه بأنّه من السُّوقَة ، وعندما يهوي بيدِهِ عليها لِتَسْكُنَ تقول له : [[ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ]] .. والنبيُّ ( ص ) حسب هذه الرواية المزعومة ، يبسطُ يده لامرأةٍ تكره منه ذلك ..
.. ومن شرح هذه الرواية لا يمكننا أن نصلَ إلى نتيجةٍ في فهمها ، ولا حتى إلى نتيجة في معرفة هُويّة تلك المرأة المعنيّة بهذه القصّة ، ولا إلى نتيجة هل كانت لِتُخْطَب أم أنّها كانت مخطوبة للنبيّ ( ص ) .. ومهما أوّلوا في دلالات صياغة هذه الرواية ، لإيهام الناس الذين يعرفون قواعدَ اللغةِ العربيّةِ وقيمةَ النبيّ ( ص ) ، ومعنى قَوْلِه تعالى : (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) [ القلم : 4 ] .. مهما أوّلوا فإنَّ هذه الروايةَ وشرحَها لا تحملُ للنبيّ ( ص ) إلاّ الإساءة ..
.. ولننظر في النصوص التالية التي نقتطعها من كتاب فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، فيما يخصُّ هذه الرواية :
[[ وجزم هشام بن الكلبي بأنها أسماء بنت النعمان بن شراحيل بن الأسود بن الجون الكندية , وكذا جزم بتسميتها أسماء محمد بن إسحاق ومحمد بن حبيب وغيرهما , فلعل اسمها أسماء ولقبها أميمة . ووقع في المغازي رواية يونس بن بكير عن ابن إسحاق " أسماء بنت كعب الجونية " فلعل في نسبها من اسمه كعب نسبها إليه , وقيل هي أسماء بنت الأسود بن الحارث بن النعمان ]] ..
.. ولننظر في المقطع التالي :
[[ وفي رواية لابن سعد أن النعمان بن الجون الكندي أتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً فقال : ألا أزوجك أجمل أيم في العرب ؟ فتزوجها وبعث معها أبا أسيد الساعدي ]] ..
.. ولننظر في المقطع التالي :
[[ عن أبي أسيد قال " تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني الجون فأمرني أن آتيه بها فأتيته بها فأنزلتها بالشوط من وراء ذباب في أطم , ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فخرج يمشي ونحن معه ]] .. ولننظر في المقطع التالي :
[[ يحتمل أنها لم تعرفه صلى الله عليه وسلم فخاطبته بذلك , وسياق القصة من مجموع طرقها يأبى هذا الاحتمال ]] ..
.. ولننظر في المقطع التالي :
[[ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء بها فدخل عليها فإذا امرأة منكسة رأسها , فلما كلمها قالت : أعوذ بالله منك , قال : لقد أعذتك مني . فقالوا لها أتدرين من هذا ؟ هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليخطبك , قالت كنت أنا أشقى من ذلك ]] ..
.. ولننظر في المقطع التالي :
[[ قوله ( فأهوى بيده ) أي أمالها إليها . ووقع في رواية ابن سعد " فأهوى إليها ليقبلها , وكان إذا اختلى النساء أقعى وقبل " وفي رواية لابن سعد " فدخل عليها داخل من النساء وكانت من أجمل النساء فقالت : إنك من الملوك فإن كنت تريدين أن تحظي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا جاءك فاستعيذي منه " ووقع عنده عن هشام بن محمد عن عبد الرحمن بن الغسيل بإسناد حديث الباب " إن عائشة وحفصة دخلتا عليها أول ما قدمت فمشطتاها وخضبتاها , وقالت لها إحداهما : إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول أعوذ بالله منك ]] ..
.. ومهما كانت الصلة بين هذه المرأة المعنيّة بهذه الرواية وبين النبيّ ( ص ) ، فإنَّ كلَّ حرفٍ من هذه الرواية ومن شرحها يقول بأنّها موضوعةٌ لقصدٍ غيرِ نبيل .. فكيف بنا أن نفهمَ الجملةَ التالية من شرح هذا الحديث : [[ ووقع في رواية ابن سعد " فأهوى إليها ليقبلها , وكان إذا اختلى النساء أقعى وقبل ]] ؟!!! .. كيف يهوي إليها ليقبّلَها وهي تتعلّقُ به بإحدى احتمالين لا ثالث لهما :
1 - إمّا أنّها ليست زوجتَه حسب ما تُبيّن العبارة الواردة في شرح هذه الرواية : [[ فقالوا لها أتدرين من هذا ؟ هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليخطبك , قالت كنت أنا أشقى من ذلك ]] .. فهذه العبارة تُبيّنُ أنَّ هذه المرأة لم تُخطَب بعد للنبيِّ ( ص ) ، بل لم تعرفه .. وبالتالي كيف يفترون على النبيِّ ( ص ) بأنّه : [[ فأهوى إليها ليقبلها , وكان إذا اختلى النساء أقعى وقبل ]] ؟!!! كيف يُقبّلُ ( ص ) امرأةً لا تعرفه ولا ترتبط معه بأيِّ عقدٍ شرعي ؟!!! ..
2 - أو أنّها زوجتُه التي لم تُوافق على هذا الزواج ، بدليلِ قوْلِها في هذه الرواية المكذوبة من أساسها : [[ فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ]] ، وبدليلِ قوْلِها [[ وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ ]] .. وبالتالي كيف يفترون على النبيِّ ( ص ) بأنّه : [[ فأهوى إليها ليقبلها , وكان إذا اختلى النساء أقعى وقبل ]] ؟!!! .. كيف يتزوّج النبيُّ ( ص ) من امرأةٍ لا تريد الزواج منه ، وهو الذي يصفه الله تعالى في كتابه الكريم (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) [ القلم : 4 ] ؟!!! ..
.. ثمَّ كيفَ بنا أنْ نفهمَ العباراتِ التالية من تأويل هذا الحديث : [[ إن عائشة وحفصة دخلتا عليها أول ما قدمت فمشطتاها وخضبتاها , وقالت لها إحداهما : إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول أعوذ بالله منك ]] .. هل هذه المرأة ساذجة إلى حدِّ تصديقِ أنَّ النبيَّ ( ص ) يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول أعوذ بالله منك ، أم أنَّ الساذجَ هو من يصدِّقُ مثل هذه الافتراءات على النبيِّ ( ص ) وعلى زوجاته ؟!!! ..
.. ألا تُسيءُ هذه التبريرات المُلفّقة إلى عائشة وحفصة بوصفهما كاذبتين تُلفّقان الأكاذيب على النبيِّ ( ص ) ؟!!! .. وإلاَّ كيف بنا أنْ نفهمَ ذرَّهم للرماد في الأعين عبرَ تأويلِهم بأنَّ عائشة وحفصة قالت إحداهما لهذه المرأة : [[ إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول أعوذ بالله منك ]] .. وكيف يُؤتمنُ في أخذِ الأحاديث عنهنّ إنْ كانت هذه هي أقوالُهن وأفعالهن ؟!!! .. ولماذا يتمسّكون بصحّةِ روايةٍ لا هدفَ لها إلاّ الإساءة للنبيِّ وأزواجه ؟!!! .. وما هي الأحكامُ الشرعيّةُ القيّمةُ التي يُمكننا أن نستنبطَها من مثلِ هكذا رواية ؟!!! .. نترك الإجابة لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ..
وطبعا أنَّ روايات الشيعة ليست أفضل حالاً من روايات السنّة وسيتم تفنيدها لاحقا
والله تعالى وليّ التوفيق
المهندس عدنان الرفاعي
بدايتا نوضح بأن منهجنا في البحث هو ما يأمرنا الله تعالى به ، وهو عدم رفع أيِّ نصٍّ خارج دفَّتي كتاب الله تعالى إلى مستوى اليقين الذي نرى به كتاب الله تعالى ، وذلك عملاً بقوله تعالى (( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ )) [ الجاثية : 6 ]، وفي الوقت ذاته لا نقول كلُّ ما ورد في الروايات ليس صحيحاً ، فمعيارنا في الصحّة هو موافقة متنها لكتاب الله تعالى والعقل والمنطق .. وحتى لو حصلت موافقة الرواية لكتاب الله تعالى وللعقل والمنطق ، تبقى هذه الرواية ظنيّة الثبوت ، ولا ترتقي إلى مستوى العلم اليقيني
وبالمقابل قد نرى في رواية ضعيفة حسب معاييرهم ، قد نرى فيها الصحّة إن كانت موافقة لكتاب الله تعالى وللعقل والمنطق .. فالرواية هي في النهاية رواية ، ولا يمكنها أبداً أن ترتفع إلى مستوى اليقين ..
وسنعرض هنا مقالات الدكتور عدنان الرفاعي في توضيح للمرويات التي تطعن بمصداقيّة الإسلام ونبيّه ( ص ) ... ولمعرفة شيء من ذلك لننظر في الرواية التالية :
البخاري ( 4853 ) :
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَسِيلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْلِسُوا هَا هُنَا وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَبِي نَفْسَكِ لِي قَالَتْ وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ قَالَ فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَقَالَ قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي أُسَيْدٍ قَالَا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا
.. حسب هذه الرواية المزعومة ، النبيّ ( ص ) يدخل على امرأة ، ويقولُ لها هبي نفسكَ لي ، فتقول له : [[ وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ ]] ، متهمةً إياه بأنّه من السُّوقَة ، وعندما يهوي بيدِهِ عليها لِتَسْكُنَ تقول له : [[ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ]] .. والنبيُّ ( ص ) حسب هذه الرواية المزعومة ، يبسطُ يده لامرأةٍ تكره منه ذلك ..
.. ومن شرح هذه الرواية لا يمكننا أن نصلَ إلى نتيجةٍ في فهمها ، ولا حتى إلى نتيجة في معرفة هُويّة تلك المرأة المعنيّة بهذه القصّة ، ولا إلى نتيجة هل كانت لِتُخْطَب أم أنّها كانت مخطوبة للنبيّ ( ص ) .. ومهما أوّلوا في دلالات صياغة هذه الرواية ، لإيهام الناس الذين يعرفون قواعدَ اللغةِ العربيّةِ وقيمةَ النبيّ ( ص ) ، ومعنى قَوْلِه تعالى : (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) [ القلم : 4 ] .. مهما أوّلوا فإنَّ هذه الروايةَ وشرحَها لا تحملُ للنبيّ ( ص ) إلاّ الإساءة ..
.. ولننظر في النصوص التالية التي نقتطعها من كتاب فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، فيما يخصُّ هذه الرواية :
[[ وجزم هشام بن الكلبي بأنها أسماء بنت النعمان بن شراحيل بن الأسود بن الجون الكندية , وكذا جزم بتسميتها أسماء محمد بن إسحاق ومحمد بن حبيب وغيرهما , فلعل اسمها أسماء ولقبها أميمة . ووقع في المغازي رواية يونس بن بكير عن ابن إسحاق " أسماء بنت كعب الجونية " فلعل في نسبها من اسمه كعب نسبها إليه , وقيل هي أسماء بنت الأسود بن الحارث بن النعمان ]] ..
.. ولننظر في المقطع التالي :
[[ وفي رواية لابن سعد أن النعمان بن الجون الكندي أتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً فقال : ألا أزوجك أجمل أيم في العرب ؟ فتزوجها وبعث معها أبا أسيد الساعدي ]] ..
.. ولننظر في المقطع التالي :
[[ عن أبي أسيد قال " تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني الجون فأمرني أن آتيه بها فأتيته بها فأنزلتها بالشوط من وراء ذباب في أطم , ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فخرج يمشي ونحن معه ]] .. ولننظر في المقطع التالي :
[[ يحتمل أنها لم تعرفه صلى الله عليه وسلم فخاطبته بذلك , وسياق القصة من مجموع طرقها يأبى هذا الاحتمال ]] ..
.. ولننظر في المقطع التالي :
[[ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء بها فدخل عليها فإذا امرأة منكسة رأسها , فلما كلمها قالت : أعوذ بالله منك , قال : لقد أعذتك مني . فقالوا لها أتدرين من هذا ؟ هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليخطبك , قالت كنت أنا أشقى من ذلك ]] ..
.. ولننظر في المقطع التالي :
[[ قوله ( فأهوى بيده ) أي أمالها إليها . ووقع في رواية ابن سعد " فأهوى إليها ليقبلها , وكان إذا اختلى النساء أقعى وقبل " وفي رواية لابن سعد " فدخل عليها داخل من النساء وكانت من أجمل النساء فقالت : إنك من الملوك فإن كنت تريدين أن تحظي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا جاءك فاستعيذي منه " ووقع عنده عن هشام بن محمد عن عبد الرحمن بن الغسيل بإسناد حديث الباب " إن عائشة وحفصة دخلتا عليها أول ما قدمت فمشطتاها وخضبتاها , وقالت لها إحداهما : إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول أعوذ بالله منك ]] ..
.. ومهما كانت الصلة بين هذه المرأة المعنيّة بهذه الرواية وبين النبيّ ( ص ) ، فإنَّ كلَّ حرفٍ من هذه الرواية ومن شرحها يقول بأنّها موضوعةٌ لقصدٍ غيرِ نبيل .. فكيف بنا أن نفهمَ الجملةَ التالية من شرح هذا الحديث : [[ ووقع في رواية ابن سعد " فأهوى إليها ليقبلها , وكان إذا اختلى النساء أقعى وقبل ]] ؟!!! .. كيف يهوي إليها ليقبّلَها وهي تتعلّقُ به بإحدى احتمالين لا ثالث لهما :
1 - إمّا أنّها ليست زوجتَه حسب ما تُبيّن العبارة الواردة في شرح هذه الرواية : [[ فقالوا لها أتدرين من هذا ؟ هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليخطبك , قالت كنت أنا أشقى من ذلك ]] .. فهذه العبارة تُبيّنُ أنَّ هذه المرأة لم تُخطَب بعد للنبيِّ ( ص ) ، بل لم تعرفه .. وبالتالي كيف يفترون على النبيِّ ( ص ) بأنّه : [[ فأهوى إليها ليقبلها , وكان إذا اختلى النساء أقعى وقبل ]] ؟!!! كيف يُقبّلُ ( ص ) امرأةً لا تعرفه ولا ترتبط معه بأيِّ عقدٍ شرعي ؟!!! ..
2 - أو أنّها زوجتُه التي لم تُوافق على هذا الزواج ، بدليلِ قوْلِها في هذه الرواية المكذوبة من أساسها : [[ فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ]] ، وبدليلِ قوْلِها [[ وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ ]] .. وبالتالي كيف يفترون على النبيِّ ( ص ) بأنّه : [[ فأهوى إليها ليقبلها , وكان إذا اختلى النساء أقعى وقبل ]] ؟!!! .. كيف يتزوّج النبيُّ ( ص ) من امرأةٍ لا تريد الزواج منه ، وهو الذي يصفه الله تعالى في كتابه الكريم (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) [ القلم : 4 ] ؟!!! ..
.. ثمَّ كيفَ بنا أنْ نفهمَ العباراتِ التالية من تأويل هذا الحديث : [[ إن عائشة وحفصة دخلتا عليها أول ما قدمت فمشطتاها وخضبتاها , وقالت لها إحداهما : إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول أعوذ بالله منك ]] .. هل هذه المرأة ساذجة إلى حدِّ تصديقِ أنَّ النبيَّ ( ص ) يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول أعوذ بالله منك ، أم أنَّ الساذجَ هو من يصدِّقُ مثل هذه الافتراءات على النبيِّ ( ص ) وعلى زوجاته ؟!!! ..
.. ألا تُسيءُ هذه التبريرات المُلفّقة إلى عائشة وحفصة بوصفهما كاذبتين تُلفّقان الأكاذيب على النبيِّ ( ص ) ؟!!! .. وإلاَّ كيف بنا أنْ نفهمَ ذرَّهم للرماد في الأعين عبرَ تأويلِهم بأنَّ عائشة وحفصة قالت إحداهما لهذه المرأة : [[ إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول أعوذ بالله منك ]] .. وكيف يُؤتمنُ في أخذِ الأحاديث عنهنّ إنْ كانت هذه هي أقوالُهن وأفعالهن ؟!!! .. ولماذا يتمسّكون بصحّةِ روايةٍ لا هدفَ لها إلاّ الإساءة للنبيِّ وأزواجه ؟!!! .. وما هي الأحكامُ الشرعيّةُ القيّمةُ التي يُمكننا أن نستنبطَها من مثلِ هكذا رواية ؟!!! .. نترك الإجابة لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ..
وطبعا أنَّ روايات الشيعة ليست أفضل حالاً من روايات السنّة وسيتم تفنيدها لاحقا
والله تعالى وليّ التوفيق
المهندس عدنان الرفاعي
تعليق