
بيروت - ايكنا: اعتبر العلامة السيد «علي فضل الله» ان حرب الضغوط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مختلف جبهات، تدل على أصالة التجربة العلمية الإسلامية التي انطلقت فيها الثورة الإسلامية، وعلى خوف العدو من أن تمتد هذه التجربة على مستوى العالم العربي والإسلامي.
وجاء كلام السيد فضل الله خلال خطبة صلاة الجمعة التي القاها من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين.
وقال السيد فضل الله: مع إطلالة الذكرى العاشرة للانتفاضة الفلسطينية الثانية، تطل المسألة الفلسطينية على وضع جديد تختلط فيه الأوراق، وتتصاعد فيه الضغوط، ويعود فيه الاستيطان إلى الواجهة، بعد جولات التفاوض المباشرة التي جاءت كرمى لعيون العدو وإدارة الرئيس الأمريكي أوباما".
واشار سماحته الى انه "في الداخل الفلسطيني زحف استيطاني غير معهود، بدأ مع احتفال المستوطنين الصهاينة في نهاية فترة التجميد الموقت للبناء والاستيطان، وهي فترة التجميد الشكلي الذي استمرت معه الخطط، وتتابعت حركة الإعداد للجولة الجديدة من الاستيطان الواسعة النطاق، وهكذا أعلن العدو البدء ببناء 53 ألف وحدة استيطانية في مواقع متعددة داخل الضفة الغربية.
واضاف: أما القدس المحتلة، فقد انهالت إنذارات شرطة العدو للعرب لإخلاء مئات المنازل الجديدة التي باتت على لائحة الهدم، بعد قرارات المحكمة الصهيونية العليا التي تمثل الوجه الآخر البشع للاحتلال. وإلى جانب ذلك كله، تتوالى غارات العدو العدوانية على قطاع غزة، فتقتل وتجرح المزيد، من دون أن ينطلق صوت عالمي أو عربي مستنكر، أو أن تنطلق النداءات لرفع الحصار عن كاهل غزة، فيما يعتقل العدو ويحاصر ويرحل كل من تسول له نفسه الاقتراب من شواطئ غزة بمساعداته الطبية والغذائية الرمزية.
وتابع: ومع أن اللعبة الأميركية الصهيونية انكشفت أمام العالم كله، في استمرار الاستيطان، وإعلان رفض قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، وحديث وزير خارجية العدو عن رفض مبدأ الأرض مقابل السلام كأساس للتفاوض، واستبداله بمبدأ "تبادل الأرض المأهولة"، وكلامه الواضح عن التفاوض الشكلي لعقود، إلا أن العرب بجامعتهم وأنظمتهم، في صدد الاستماع إلى النصيحة الأميركية الجديدة، بدفع الفلسطينيين إلى ساحة التفاوض مجددا، لأنهم يخافون مخالفة الأميركيين،حتى في الوقت الذي لم تعد أميركا على ما كانت عليه من القوة، بعد الذي حدث في العراق وأفغانستان ولبنان.
ودعا السيد فضل الله السلطة الفلسطينية الى "أن تستمع إلى صوت شعبها، وأن تحاكي تطلعاته وأحلامه، وألا تسقط في متاهات الضغوط الدولية والعربية، وأن يكون خط المصالحة الفلسطينية الذي انطلق مؤخرا، هو الخط الأصيل الذي يجتمع من خلاله الفلسطينيون من "فتح وحماس" وبقية الفصائل والمواقع، لتأكيد الوحدة، وحماية القضية، والعمل على إعادتها إلى المسار الصحيح، بعيدا عن مواقع الوصاية الدولية والإقليمية".
واضاف:"ومن جهة أخرى، فإن حرب الضغوط والمناورات السياسية التي تشن على الجمهورية الإسلامية في إيران، دخلت في مرحلة جديدة يعمل العدو من خلالها على تسخير كل الإمكانات العلمية، لتطويق التجربة الإيرانية الرائدة في المجالات العلمية المتعددة التي برزت فيها إيران قطبا علميا يحسب له حسابه على المستوى الدولي، من خلال براءات الاختراع،أو على صعيد الإبداع في المجالات الصناعية العسكرية وغيرها"، لافتا الى ان "في الحرب الإلكترونية الجديدة التي فتحت فيها جبهات مختلفة على الجمهورية الإسلامية في إيران، دلالة أخرى على أصالة التجربة العلمية الإسلامية التي انطلقت فيها الثورة الإسلامية، وإشارة إلى خوف العدو من أن تمتد هذه التجربة على مستوى العالم العربي والإسلامي.
واضاف: ولذلك، فإن المسألة لا تتصل بالعنوان النووي الذي أريد له أن يكون المنطلق لعزل إيران وحصارها، وخصوصا أن التجربة النووية الإيرانية السلمية، تتم ـ بكل تفاصيلها ـ على مرأى ومسمع ومتابعة من وكالة الطاقة الذرية، ولكنهم يعملون على التخويف من إيران، وعلى تقديمها كطرف يسعى للسيطرة على المنطقة كلها، لإراحة كيان العدو، وخلق مناخات جديدة للفتنة في الواقع العربي والإسلامي، وفي منطقة الخليج على وجه الخصوص".
وتابع: "إننا نؤكد للدول الإسلامية، والدول العربية منها على وجه الخصوص، أن تلتفت إلى المؤامرة، وتتنبه لأهدافها وغاياتها، لتكون في الموقع نفسه الذي تقف فيه إيران إلى جانب قضايا الأمة، ولتبدأ معها مسيرة التعاون العلمي الذي يطل على آفاق التعاون الإسلامي والسياسي، بما يحمي الأمة في ثرواتها وأصالتها ومستقبل أجيالها.
وعن الوضع في لبنان، قال:"أما لبنان، الذي تقرع فيه أبواق الفتنة في كل اتجاه، ويتبادل الآخرون رسائلهم السياسية وملفاتهم الأساسية من خلال هذا السجال المفتوح على كل التطورات من خلال الساحة اللبنانية، فهو يحتاج أكثر ما يحتاج، إلى أصوات عاقلة تطفئ لهيب الاشتعال السياسي الذي يراد له أن يطل على حرائق مذهبية، أو فتن أمنية متنقلة هنا وهناك".
وقال:"اننا نعتقد أنه لا يزال أمام الجميع فرصة لمنع البلد من الانزلاق والسقوط في دائرة الفتنة، ولا سبيل لاغتنام هذه الفرصة إلا بالحوار المباشر بين الشخصيات والجهات الأساسية المسؤولة عن كل هذا الدخان السياسي الذي تتطاير شراراته في كل اتجاه، لأن الجميع يعرف أن حرب البيانات لا تصنع شيئا إلا الخراب، وغالبا ما تكون الفتيل الذي يشعل نيران الفتنة النائمة التي يتحمل الجميع المسؤولية في عدم إيقاظها".
وتوجه الى المسؤولين بالقول: "ايها المسؤولون، لقد تعب الناس، ألا يكفيهم ثقل المدارس والحاجة إلى الماء والكهرباء والرغيف، فتشوا عن كل الوسائل للوصول إلى حل، ادرسوا كل الأمور بعيدا عن البراءة أو السذاجة أو التلاعب بمصير البلد. قد يكون للخارج دور فيما يجري، لكنكم تستطيعون أن تمنعوا الخارج من التلاعب بحاضر الوطن ومستقبله. لقد جربتم أن تمنعوا مؤامرات الخارج سابقا عندما توحدتم، فجربوا ذلك الآن".
وحذر من "التلاعب بقوة هذا البلد وإسقاط المقاومة تحت أي عنوان من العناوين، وأي ظرف من الظروف، وإننا في الوقت الذي ندعو إلى كشف حقيقة كل الجرائم الكبرى التي حصلت في هذا البلد، ندعو إلى وعي لعبة الأمم، لأن هذا العالم الذي يبيع ويشتري، لا هم له سوى مصالحه، فحذار من إفقاد لبنان قوته من خلال إسقاط مقاومته ووحدة شعبه".
وختم:"أيها اللبنانيون، أي بلد هو البلد الذي ينقسم شعبه، والذي يخاف شعبه بعضه بعضا؟ وأي بلد هو البلد الذي يبقى مشرعا على رياح الآخرين؟ أيها المسؤولون، جربوا لمرة واحدة أن تكونوا أحرارا، وأن تخلصوا لأنفسكم، لشعبكم، لمستقبل أمتكم، أن تعملوا لإبعاد هذا البلد عن ساحات الفتن التي يسوقها البعض، وستعرفون من خلال معنى الحياة معنى العزة، وستجدون حولكم أناسا طيبين، هكذا هم أناس هذا البلد".
http://www.iqna.ir/ar/news_detail.php?ProdID=666745
تعليق