مستقبلاً جمعاً من المبلغين والعلماء من مدينة أصفهان الإيرانية
آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي يشدد على أهمية دور علماء الدين في تبليغ أحكام الإسلام ونشر قيمه ومبادئه
--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك التقى جمعٌ من المبلغين وأهل العلم من مدينة أصفهان، سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد صادق الحسني الشيرازي (دام ظله) في مكتبه بمدينة قم المقدسة.
ابتدأ اللقاء بتلاوة آيات من كتاب الله المجيد، تلتها مدائح قدمها مداح أهل البيت (عليهم السلام)، السيد رفوگران. ثم تشرف أحد طلبة العلم بارتداء الزي العلمائي بين يدي سماحة السيد المرجع.. بعد ذلك ألقى السيد المرجع كلمة شاملةً في المناسبة. فيما يلي نورد ملخصاً منها:
بعد أن رحب السيد المرجع بالسادة الضيوف، استهل حديثه بقراءة هذا المقطع من الآية المباركة ((أَقِيمُوا الدِّينَ)). ثم قدم شرحاً مبسطاً للمعنى اللغوي لكلمة (أقيموا) وقال:
أقيموا، بمعنى الثبات والالتزام، وهي غير الإقامة.. فمثلاً إقامة الصلاة تتفاوت في المعنى مع الالتزام بروح الصلاة والثبات عليها. وفي زيارة سيد الشهداء (عليه السلام) وردت عبارة «أشهد أنّك قد أقمت الصلاة» ما يعني أن الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) التزم بروح الصلاة، وثبت عليها؛ ولهذا يكون القول في مورد إقامة الدين، هو أن التوفر على الدين أو الاتصاف بصفته، هو غير موضوع إقامة الدين.
وتابع السيد المرجع يقول: الخطاب القرآني موجه إلى سائر الناس وكل المسلمين والمتدينين، كما أن ((أَقِيمُوا الدِّينَ)) عبارة عن هيئة ومادة معاً، فإذا فككت، أصبحت أمراً ومادة متعلقةً بأمر.
وفي شأن الدين، قال سماحته: ولكن ما الدين؟ القرآن الكريم يقول: ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ)) أي أن المستحبات، والمكروهات، وأخلاقيات وآداب الإسلام وتفسير القرآن و... كلها جزءٌ من الدين، وهي تشكل قوام دائرة الأمر ((أَقِيمُوا)) وينبغي أن نلاحظ بدقة أن القرآن الكريم لم يقل «أقيموا الواجبات» بل قال ((أَقِيمُوا الدِّينَ)) أي كل ما يقع ضمن نطاق الدين.
وفي معرض تأكيده على أن إقامة الدين واجبة على الجميع وبلا استثناء، قال السيد المرجع: من المؤكد أن أهل العلم يمتازون بخصوصية، ويجب عليهم أن يبلغوا مسائل الحلال والحرام، وأصول وفروع الدين، إلى الناس. وفي هذا الصدد يشار إلى رواية عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال لواحد من خيرة أعوانه وأصحابه، وهو «الحارث بن مغيرة»: «لتحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم».
وفي سياق شرحه لهذا الحديث الشريف، أكد السيد المرجع بأن كلمة (علماء) لا تنحصر في مراجع التقليد، بل كل من يملك علماً في هذا المجال، هو معنيٌ بالخطاب، وبالطبع فإنه كلما ازداد العلم، كلما تعاظمت المسؤوليات، ويجب أن نعلم بأن الناس إذا ما قارفوا الذنوب، فمثلاً إذا وجد شابٌ لا يصلي، ولا يؤدي واجباته الدينية، فإن ذنبه يقع على عواتقنا نحن العلماء، إلاّ إذا عجزنا فعلاً عن القيام بشيء حياله، وكنا معذورين أمام الله عز وجل.
ثم تطرق السيد المرجع إلى فضل العلم والعلماء، وكان من جملة ما قاله في هذا الشأن: إن الله تعالى قد جعل لأهل العلم منزلةً عظيمةً، ومن ذلك أن صلاة العالم وعباداته الأخرى، تفضل صلاة العابد العادي بألف ضعف، فكان طبيعياً أن جعل الله عز وجل مسؤولية العالم، وفق هذا المقام، مضاعفة.
إلى ذلك، أشار سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي إلى زاوية من التاريخ الإسلامي، فيما يتعلق بالأذى والمعاناة التي تحملها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سبيل تبليغ الدعوة الإسلامية، قائلاً: لما بعث الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بالرسالة، ارتقى جبل الصفا، ومن ثم جبل المروة، ودعا الناس إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده، إلاّ أن المشركين راحوا يرمون الرسول (صلى الله عليه وآله) بالحجارة، حتى أدموا جسده الشريف، فبادرته كل الملائكة، تريد أخذ التكليف من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لأجل إبادة المشركين، غير أنه (صلى الله عليه وآله) أبى، ودعا بهذا الدعاء «اللهم اهد قومي».
وعلى اثر استقامة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في القول والعمل، دخل أكثر أولئك المشركين أو أبنائهم، إلى الإسلام.
فالرسول (صلى الله عليه وآله) لم يدع على قومه بالويل والثبور، ذلك لأنه رحمة على العالمين، وهو يقول عن نفسه (صلى الله عليه وآله): «بعثت رحمةً».. والله سبحانه يدعونا في كتابه الحكيم إلى الإقتداء والتعلم من نبيه المصطفى (صلى الله عليه وآله).. يجب علينا أن نتعلم من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونعلم أن أكثر الناس ليسوا معاندين، نعم قد يكونون متعصبين، بيد أنهم ليسوا معاندين.
وأردف السيد المرجع يقول: إن العيّاشي كان كاتباً سنياً متعصباً، لكنه لم يكن معانداً، إذ حينما أطلعه الشباب الشيعة على الحقيقة، اعتنق مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، فلما ورث من أبيه 300 ألف من المسكوكات الذهبية، أي ما يعادل نحو طن من الذهب، بحساب اليوم، بذلها كلها في سبيل خدمة المذهب الحق، وربّى أشخاصاً مثل «الكشي»، الذي لو سحبنا كتابه «رجال الكشي» من يد تداول علماء الشيعة، لوقعوا في حرج كبير في مجال الافتاء.
وفي ختام حديثه، قال سماحة السيد المرجع: تعالوا في هذا الشهر المبارك «شهر رمضان» لنستفيد أكثر من ذي قبل، وأن نعمل، ضمن نطاق إصلاح الذات، لهداية وارشاد وتربية الغافلين، أو أولئك الذين لا يعلمون. وعلنيا أن نستخدم كل الوسائل المتاحة لدينا من مجالس أهل البيت النبوي (عليهم السلام)، وجلسات تعلم القرآن الكريم، أو حتى تشجيع الناس على الاشتراك في مثل هذه الأمور، وإلى غير ما هنالك من الأعمال الحسنة، لأجل تقوية دعائم الدين، لكي نؤطر عملنا بهذا الأمر الإلهي ((أَقِيمُوا الدِّينَ))..
أتمنى، ببركة أهل البيت (عليهم السلام)، ولا سيما الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه) أن يولينا الله عز وجل، وخاصة في هذا الشهر الفضيل، المزيد من لطفه وعنايته.
آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي يشدد على أهمية دور علماء الدين في تبليغ أحكام الإسلام ونشر قيمه ومبادئه
--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك التقى جمعٌ من المبلغين وأهل العلم من مدينة أصفهان، سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد صادق الحسني الشيرازي (دام ظله) في مكتبه بمدينة قم المقدسة.
ابتدأ اللقاء بتلاوة آيات من كتاب الله المجيد، تلتها مدائح قدمها مداح أهل البيت (عليهم السلام)، السيد رفوگران. ثم تشرف أحد طلبة العلم بارتداء الزي العلمائي بين يدي سماحة السيد المرجع.. بعد ذلك ألقى السيد المرجع كلمة شاملةً في المناسبة. فيما يلي نورد ملخصاً منها:
بعد أن رحب السيد المرجع بالسادة الضيوف، استهل حديثه بقراءة هذا المقطع من الآية المباركة ((أَقِيمُوا الدِّينَ)). ثم قدم شرحاً مبسطاً للمعنى اللغوي لكلمة (أقيموا) وقال:
أقيموا، بمعنى الثبات والالتزام، وهي غير الإقامة.. فمثلاً إقامة الصلاة تتفاوت في المعنى مع الالتزام بروح الصلاة والثبات عليها. وفي زيارة سيد الشهداء (عليه السلام) وردت عبارة «أشهد أنّك قد أقمت الصلاة» ما يعني أن الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) التزم بروح الصلاة، وثبت عليها؛ ولهذا يكون القول في مورد إقامة الدين، هو أن التوفر على الدين أو الاتصاف بصفته، هو غير موضوع إقامة الدين.
وتابع السيد المرجع يقول: الخطاب القرآني موجه إلى سائر الناس وكل المسلمين والمتدينين، كما أن ((أَقِيمُوا الدِّينَ)) عبارة عن هيئة ومادة معاً، فإذا فككت، أصبحت أمراً ومادة متعلقةً بأمر.
وفي شأن الدين، قال سماحته: ولكن ما الدين؟ القرآن الكريم يقول: ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ)) أي أن المستحبات، والمكروهات، وأخلاقيات وآداب الإسلام وتفسير القرآن و... كلها جزءٌ من الدين، وهي تشكل قوام دائرة الأمر ((أَقِيمُوا)) وينبغي أن نلاحظ بدقة أن القرآن الكريم لم يقل «أقيموا الواجبات» بل قال ((أَقِيمُوا الدِّينَ)) أي كل ما يقع ضمن نطاق الدين.
وفي معرض تأكيده على أن إقامة الدين واجبة على الجميع وبلا استثناء، قال السيد المرجع: من المؤكد أن أهل العلم يمتازون بخصوصية، ويجب عليهم أن يبلغوا مسائل الحلال والحرام، وأصول وفروع الدين، إلى الناس. وفي هذا الصدد يشار إلى رواية عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال لواحد من خيرة أعوانه وأصحابه، وهو «الحارث بن مغيرة»: «لتحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم».
وفي سياق شرحه لهذا الحديث الشريف، أكد السيد المرجع بأن كلمة (علماء) لا تنحصر في مراجع التقليد، بل كل من يملك علماً في هذا المجال، هو معنيٌ بالخطاب، وبالطبع فإنه كلما ازداد العلم، كلما تعاظمت المسؤوليات، ويجب أن نعلم بأن الناس إذا ما قارفوا الذنوب، فمثلاً إذا وجد شابٌ لا يصلي، ولا يؤدي واجباته الدينية، فإن ذنبه يقع على عواتقنا نحن العلماء، إلاّ إذا عجزنا فعلاً عن القيام بشيء حياله، وكنا معذورين أمام الله عز وجل.
ثم تطرق السيد المرجع إلى فضل العلم والعلماء، وكان من جملة ما قاله في هذا الشأن: إن الله تعالى قد جعل لأهل العلم منزلةً عظيمةً، ومن ذلك أن صلاة العالم وعباداته الأخرى، تفضل صلاة العابد العادي بألف ضعف، فكان طبيعياً أن جعل الله عز وجل مسؤولية العالم، وفق هذا المقام، مضاعفة.
إلى ذلك، أشار سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي إلى زاوية من التاريخ الإسلامي، فيما يتعلق بالأذى والمعاناة التي تحملها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سبيل تبليغ الدعوة الإسلامية، قائلاً: لما بعث الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بالرسالة، ارتقى جبل الصفا، ومن ثم جبل المروة، ودعا الناس إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده، إلاّ أن المشركين راحوا يرمون الرسول (صلى الله عليه وآله) بالحجارة، حتى أدموا جسده الشريف، فبادرته كل الملائكة، تريد أخذ التكليف من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لأجل إبادة المشركين، غير أنه (صلى الله عليه وآله) أبى، ودعا بهذا الدعاء «اللهم اهد قومي».
وعلى اثر استقامة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في القول والعمل، دخل أكثر أولئك المشركين أو أبنائهم، إلى الإسلام.
فالرسول (صلى الله عليه وآله) لم يدع على قومه بالويل والثبور، ذلك لأنه رحمة على العالمين، وهو يقول عن نفسه (صلى الله عليه وآله): «بعثت رحمةً».. والله سبحانه يدعونا في كتابه الحكيم إلى الإقتداء والتعلم من نبيه المصطفى (صلى الله عليه وآله).. يجب علينا أن نتعلم من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونعلم أن أكثر الناس ليسوا معاندين، نعم قد يكونون متعصبين، بيد أنهم ليسوا معاندين.
وأردف السيد المرجع يقول: إن العيّاشي كان كاتباً سنياً متعصباً، لكنه لم يكن معانداً، إذ حينما أطلعه الشباب الشيعة على الحقيقة، اعتنق مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، فلما ورث من أبيه 300 ألف من المسكوكات الذهبية، أي ما يعادل نحو طن من الذهب، بحساب اليوم، بذلها كلها في سبيل خدمة المذهب الحق، وربّى أشخاصاً مثل «الكشي»، الذي لو سحبنا كتابه «رجال الكشي» من يد تداول علماء الشيعة، لوقعوا في حرج كبير في مجال الافتاء.
وفي ختام حديثه، قال سماحة السيد المرجع: تعالوا في هذا الشهر المبارك «شهر رمضان» لنستفيد أكثر من ذي قبل، وأن نعمل، ضمن نطاق إصلاح الذات، لهداية وارشاد وتربية الغافلين، أو أولئك الذين لا يعلمون. وعلنيا أن نستخدم كل الوسائل المتاحة لدينا من مجالس أهل البيت النبوي (عليهم السلام)، وجلسات تعلم القرآن الكريم، أو حتى تشجيع الناس على الاشتراك في مثل هذه الأمور، وإلى غير ما هنالك من الأعمال الحسنة، لأجل تقوية دعائم الدين، لكي نؤطر عملنا بهذا الأمر الإلهي ((أَقِيمُوا الدِّينَ))..
أتمنى، ببركة أهل البيت (عليهم السلام)، ولا سيما الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه) أن يولينا الله عز وجل، وخاصة في هذا الشهر الفضيل، المزيد من لطفه وعنايته.