فضائل ومناقب الامام علي بن ابي طالب عليه السلام التي توجب اتباعه
فضائل ومناقب الامام علي بن ابي طالب عليه السلام على الصحابة
مظاهر شخصية الإمام علي (عليه السلام) في الجانب العلمي
1 ـ مظاهر شخصية الإمام علي(عليه السلام) في الجانب العلمي:
من الثابت أن الإمام عليّاً(عليه السلام) كان أعلم الصحابة، وقد بلغ الكمال العلمي عند علي(عليه السلام) الى درجة حتى قال عنه الرسول(صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها [1] . ولم يقل الرسول(صلى الله عليه وآله)مثل هذا القول لأحد من الصحابة.
ويؤكد ذلك قوله (عليه السلام): علمني رسول الله(صلى الله عليه وآله) ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب [2] .
وتفوّقُ علي(عليه السلام) بعلمه الإلهي الذي اختص به; دعاه أن يقول: لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً [3] .
وتصريحه (عليه السلام) بأن العلم الذي يحمله كبير لا يقوى على حمله أحد من الصحابة: ها إنّ هاهنا لعلماً جمّاً لو أصبت له حملة ـ وأشار الى صدره ـ [4] .
فهذه الأقوال تدل بكل وضوح على أن عليّاً بلغ من العلم مرتبة لا يمكن لأحد من الخلق أن يبلغها سوى رسول الله(صلى الله عليه وآله) .
والى هذا أشار (عليه السلام) بقوله: بل اندمجتُ على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى [5] البعيدة [6] .
وعن أبي الطفيل قال: شهدت علياً يقول: وسلوني، والله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلاّ وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل [7] .
وعن سعيد بن المسيب أنه قال: لم يكن أحد من صحابة رسول الله يقول سلوني إلاّ علياً [8] .
وقد شهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وفي أكثر من مرّة بأفضلية علي وتفوقه العلمي على كلّ الصحابة.
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لفاطمة الزهراء(عليها السلام): أما ترضين أن اُزوّجك أقدم اُمّتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً [9] .
وقال(صلى الله عليه وآله): أعلم اُمّتي من بعدي علي بن أبي طالب [10] .
وقال(صلى الله عليه وآله): علي وعاء علمي ووصيي وبابي الذي اوتى منه [11] .
وقال(صلى الله عليه وآله): علي باب علمي ومبين لاُ مّتي ما أرسلت به من بعدي [12] .
وقال(صلى الله عليه وآله): أعلم اُ مّتي بالسنّة والقضاء بعدي علي بن أبي طالب [13] .
وقال(صلى الله عليه وآله): أنت تبيّن لاُمّتي ما اختلفوا فيه بعدي [14] .
وقال(صلى الله عليه وآله): ليُهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً [15] .
2 ـ مظاهر شخصية الإمام علي(عليه السلام) في الجانب الإيماني:
هذه الصفحة من حياة الإمام علي(عليه السلام) قد منح فيها زخماً معنوياً ورسم فيها صورة عالية للأجيال، وسجل فيها الأسبقية على الصحابة قاطبة.
فقوة الإيمان ميزة ينفرد بها علي(عليه السلام) وقد تجسدت في صور شتى، ففي العبادة هو المثال، فقد جاء في تفسير قوله تعالى: (تراهم ركّعاً سُجّداً) [16] على أنها نزلت في علي(عليه السلام) [17] .
وقال بهذا الصدد: صليت مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) قبل الناس سبع سنين وأنا أوّل من صلّى معه [18] .
وقال(عليه السلام): ما أعرف أحداً من هذه الاُمّة عَبَدَ الله بعد نبيّنا غيري... [19] .
وقال(عليه السلام): أسلمت قبل إسلام الناس وصليت قبل صلاتهم [20] .
فكان علي(عليه السلام) أعبد الناس وأكثرهم صلاة وصوماً، ومنه تعلّم الناس صلاة الليل وملازمة الأوراد، وقيام النافلة، وما ظنّك برجل يبلغ من محافظته على ورده أن يبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير، فيصلي عليه ورده والسهام تقع بين يديه وتمر على صماخيه يميناً وشمالاً، فلا يرتاع لذلك، ولا يقوم حتى يفرغ من وظيفته؟ وما ظنّك برجل كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده [21] ؟
وقيل لعلي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام) ـ وكان قد بلغ الغاية في العبادة ـ : أين عبادتك من عبادة جدك؟
قال(عليه السلام): عبادتي من عبادة جدّي كعبادة جدّي من عبادة رسول الله(صلى الله عليه وآله) [22] .
أمّا في مظاهر الإيمان الاُخرى فنجده(عليه السلام) القمّة في النزاهة والخلق الإلهي، وأنه المثل القرآني الذي ساقه لمعنى الصدق ، فقد قال تعالى: (والذين آمنوا بالله ورسله اُولئك هم الصديقون) [23] .
وهذه الآية حسب رواية أحمد بن حنبل أنها نزلت في علي بن أبي طالب(عليه السلام) [24] .
وهناك آيات كثيرة تشهد بأن علياً(عليه السلام) هو النموذج الحي لمعنى الإيمان فقد قال تعالى: (أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين) [25] .
هذه الآية وما بعدها نزلت في حقّ علي لما افتخر طلحة ابن شيبة والعباس، فقال طلحة: أنا أولى بالبيت، لأن المفتاح بيدي، وقال العباس: أنا أولى، أنا صاحب السقاية، والقائم عليها، فقال علي(عليه السلام): أنا أوّل الناس إيماناً وأكثرهم جهاداً، فأنزل الله تعالى هذه الآية لبيان أفضلية الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) عليهما [26] .
وقال تعالى: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون) [27] المؤمن علي(عليه السلام) والفاسق الوليد [28] .
بهذه الآية يقدم القرآن الكريم للناس نموذجه الإيماني المتمثل في علي(عليه السلام).
(واُلوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين) [29]
ذهب جملة من المفسرين على أن الآية منطبقة في علي(عليه السلام)لأنه كان مهاجراً ذا رحم [30] .
كما بيّن رسول الله(صلى الله عليه وآله) للناس وفي أكثر من موضع مدى تسليم علي للرسالة وتعاليمها، وسابقته في الإسلام، وأنه الإنسان القادر بقوة إيمانه على حل المشكلات عند التباسها.
روي عن أبي ذر، حيث قال: دخلنا على رسول الله(صلى الله عليه وآله)فقلنا: من أحبّ أصحابك إليك ، إن كان أمر كنا معه، وإن كانت نائبة كنا من دونه؟
قال: علي، أقدمكم سلماً وإسلاماً [31] .
نكتفي بهذا القدر من الأدلة الكاشفة عن قوة إيمان علي(عليه السلام)وأفضليته لنرى جانبه الجهادي.
3 ـ مظاهر شخصية الإمام علي(عليه السلام)في الجانب الجهادي:
أما الجهاد عند علي(عليه السلام) فالخوض في إثباته يجري مجرى إيضاح الواضحات وتقرير البديهيات ، فإنه لا خلاف بين جميع المسلمين وغيرهم أن علياً في جهاده كان أشجع الصحابة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأكثرهم إقداماً، وإن كانت الشجاعة وحب الجهاد عند الصحابة ظاهرة بارزة في حياتهم، إلاّ أنها عند علي(عليه السلام)تبدو قيمتها أكثر جلاءً في المهمات الصعبة وعند تراجع الآخرين وعدم قدرتهم على تجاوزها، فيتقدم علي(عليه السلام) بتفوقه الإلهي لفك الطوق عن المسلمين، وهذا ما تشهد به المعارك التي خاضها ضد المشركين وأهل الكتاب في بدر والأحزاب وخيبر وحنين وغيرها.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم خيبر: لأدفعن الراية الى رجل يحب الله ورسوله ويفتح الله عليه، قال عمر: فما أحببت الإمارة قط قبل يومئذ، فدفعها الى علي(عليه السلام)قال: قال: ولا تلتفت، فسار قريباً، قال: يا رسول الله علامَ نقاتل؟
قال(صلى الله عليه وآله): على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها وحسابهم على الله تعالى [32] .
وفي غزوة الخندق: ضرب الإمام علي أروع مثال لنصرة الحق وتميز به عن غيره من الصحابة، وقد عزّز الرسول(صلى الله عليه وآله) قيمة هذا الحدث العظيم عندما صرح بأن الإمام يمثل جانب الحق كلّه ، فقد روى الجمهور:
أنه لما برز عمرو بن عبد ودّ العامري في غزوة الخندق، وقد عجز عنه المسلمون، قال النبي(صلى الله عليه وآله): برز الإيمان كلّه الى الشرك كلّه [33] .
ونقل أحمد بن حنبل في مسنده، قال:: خطب الحسن(عليه السلام)فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون، كان رسول الله(صلى الله عليه وآله)يبعثه بالراية، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح له [34] .
وروى الخوارزمي قال: حدثنا عبيدالله بن عائشة عن أبيه قال: كان المشركون إذا أبصروا علياً في الحرب عهد بعضهم الى بعض [35] .
وعن جابر بن عبدالله قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)يقول يوم الحديبية ـ وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب ـ يقول: هذا أمير البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، ثم مدّ بها صوته وقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد الدار; فليأت الباب [36] .
وعن ابن عباس قال: كان المهاجرون يوم بدر: سبعة وسبعين رجلاً، وكان الأنصار: مائتين وستة وثلاثين رجلاً، وكان صاحب راية رسول الله(صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب، وصاحب راية الأنصار سعد ابن عبادة [37] .
وعن ابن عباس قال: إن راية المهاجرين كانت مع علي(عليه السلام)في المواقف كلها يوم بدر ويوم اُحد ويوم خيبر ويوم الأحزاب ويوم فتح مكة ولم تزل معه في المواقف كلها [38] .
ويحدثنا الإمام علي بن أبي طالب عن صحبته لرسول الله(صلى الله عليه وآله)عندما عزما على كسر الأصنام التي كانت فوق الكعبة وقد صعد(عليه السلام)على منكبي رسول الله(صلى الله عليه وآله) :
قال علي(عليه السلام): إنطلقت مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) حتى أتينا الكعبة، فصعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) على منكبي ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنهض فنهضت ـ فنهض به علي ـ فلما رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ضعفي قال لي: إجلس فجلست، فنزل النبي(صلى الله عليه وآله)وجلس لي، وقال لي: إصعد على منكبي، فصعدت على منكبيه فنهض بي. فقال علي(عليه السلام): إنه يخيل إليّ أني لو شئت لنلت اُفق السماء، فصعدت على الكعبة وعليها تمثال من صفر أو نحاس، فجعلت أعالجه لاُزيله يميناً وشمالاً وقداماً ومن بين يديه ومن خلفه حتى استمكنت منه، فقال نبي الله: اقذفه، فقذفت به فكسرته كما يكسر القوارير، ثم نزلت فانطلقت أنا ورسول الله(صلى الله عليه وآله)نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد [39] .
وتتلخّص صورة سلوك الإمام علي بكل جوانبها الإلهية عندما يشبّهه رسول الله(صلى الله عليه وآله)بالأنبياء(عليهم السلام) فقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): من أراد أن ينظر الى آدم في علمه والى نوح في عزمه والى إبراهيم في حلمه والى موسى في هيبته والى عيسى في زهده; فلينظر الى علي بن أبي طالب [40] .
4 ـ مظاهر شخصية الإمام علي(عليه السلام) في الجانب السلوكيوالأخلاقي:
ولا يقتصر تفوق علي بن أبي طالب(عليه السلام)وتميزه على الصحابة في الجوانب التي ذكرناها ، وإنّما أمسى عليّ بتجسيده لقيم الرسالة ومفاهيمها وأخلاقها النموذج والمثال الذي يثير العزيمة والهمم في نفوس الصحابة، مما كان موضع ثناء الحق سبحانه، وفيما يلي نقف على مفردات من سلوكه وأخلاقه التي تميّزه عن غيره:
1 ـ قال تعالى: (ومن الناس مَن يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) [41] .
إنّها نزلت في علي بن أبي طالب(عليه السلام) لمّا خلفه الرسول، عندما هاجر(صلى الله عليه وآله) لقضاء دينه وردّ ودايعه، فبات على فراشه، وأحاط المشركون بالدار، فأوحى الله الى جبرائيل، وميكائيل: إني قد آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كل منهما الحياة فأوحى الله إليهما: ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد، فبات على فراشه، يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة؟ إهبطا الى الأرض، فاحفظاه من عدوّه، فنزلا فكان جبرائيل عند رجليه، فقال جبرائيل: بخ بخ، من مثلك يابن أبي طالب، يُباهي الله بك الملائكة [42] .
2 ـ (ويُطعمون الطعام على حُبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً* إنّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً) [43] .
روى الجمهور: أن الحسن والحسين مَرِضا، فعادهما رسول الله(صلى الله عليه وآله)وعامة العرب، فنذر عليّ صوم ثلاثة أيام، وكذا اُمهما فاطمة(عليها السلام)وخادمتهم فضة، لئن برئا وليس عند آل محمد(صلى الله عليه وآله)قليل ولا كثير، فاستقرض أمير المؤمنين(عليه السلام) ثلاثة أصوع من شعير، وطحنت فاطمة منها صاعاً، فخبزته أقراصاً لكل واحد قرص، وصلّى عليّ المغرب ثم أتى المنزل، فوضع بين يديه للإفطار، فأتاهم مسكين وسألهم، فأعطاه كل منهم قوته، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئاً.
ثم صاموا اليوم الثاني، فخبزت فاطمة صاعاً آخر، فلما قدمته بين أيديهم للإفطار أتاهم يتيم، وسألهم القوت، فتصدق كل منهم بقوته.
فلما كان اليوم الثالث من صومهم وقدم الطعام للإفطار، أتاهم أسير وسألهم القوت، فأعطاه كل منهم قوته، ولم يذوقوا في الأيام الثلاثة سوى الماء.
فرآهم النبي(صلى الله عليه وآله) في اليوم الرابع وهم يرتعشون من الجوع، وفاطمة(عليها السلام) قد التصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عينُها فقال(صلى الله عليه وآله): واغوثاه يا الله! أهل محمد يموتون جوعاً؟ فهبط جبرئيل، فقال خذ ما هنّأك الله تعالى به في أهل بيتك فقال: وما آخذ يا جبرئيل؟ فأقرأه ( هل أتي ) [44] .
3 ـ وسئل الإمام علي(عليه السلام) ـ وهو على المنبر في الكوفة ـ عن قوله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً) [45] . فقال: اللهم غفراً هذه الآية نزلت فيَّ وفي عمّي حمزة وفي ابن عمّي عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب، فأما عبيدة فقضى نحبه شهيداً يوم بدر، وحمزة قضى نحبه شهيداً يوم اُحد، وأما أنا فانتظر أشقاها يخضب هذه من هذه وأشار بيده الى لحيته ورأسه، عهد عهدهُ اليَّ حبيبي أبو القاسم(صلى الله عليه وآله) [46] .
4 ـ قوله تعالى: (... فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) [47] . فهذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب [48] .
5 ـ قوله تعالى: (هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين) [49] .
عن أبي هريرة قال: مكتوب على العرش لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، محمد عبدي ورسولي أيّدته بعلي بن أبي طالب، وذلك قوله تعالى: (هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين)يعني علي بن أبي طالب(عليه السلام) [50] .
6 ـ وقوله تعالى: (هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم) [51] عن ابن عباس أنه علي(عليه السلام) [52] .
هذه الآية توضح صفة العدالة عند علي، وهي من الصفات التي تفوّق بها، فكانت العدالة عنده(عليه السلام) هي المعيار الذي يتحكم في علاقاته وسلوكه ومواقفه وبنفس المضمون: (وممن خلقنا اُمّة يهدون بالحق وبه يعدلون) [53] قال علي(عليه السلام): هم أنا وشيعتي [54] .
7 ـ قوله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرّاً وعلانية) [55] .
رسم علي(عليه السلام) صورة الإنفاق وطبيعته الواعية والنزيهة والتي تلبّي الغرض الإلهي في طريقة العمل، فكانت ممارساته(عليه السلام)وعطاءاته للصدقات تراعي مقام المستحق من جهة ، وتؤدي الى دعوة الناس للعمل بالإنفاق من جهة اُخرى، لذا كانت موضع مدح القرآن له من هذه الناحية ، فقوله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرّاً وعلانية)روى الجمهور أنها نزلت في علي(عليه السلام) كانت معه أربعة دراهم أنفق في الليل درهماً، وبالنهار درهماً، وفي السرّ درهماً، وفي العلانية درهما [56] .
8 ـ كما أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) أمره الله تعالى بالتواضع للمؤمنين: (واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين) [57] .
كان أمير المؤمنين(عليه السلام) كأخيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) مقتدياً بسيرته ، إذ كان متواضعاً للمؤمنين في كلّ حالاته في قدرته وضعفه الظاهريين، وفي عزلته وحكومته، وفي حربه وسلمه...
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: عن صالح بيّاع الأكسية، إنّ جدّته لقيت علياً(عليه السلام) بالكوفة ومعه تمرٌ يحمله، فسلّمت عليه، وقالت له: أعطني ـ يا أمير المؤمنين ـ هذا التمر أحمله عنك الى بيتك؟
فقال(عليه السلام): أبو العيال أحقّ بحمله.
قالت: ثم قال لي: ألا تأكلين منه؟ .
فقلت: لا اُريد.
قالت: فانطلق به الى منزله، ثم رجع مرتدياً بتلك الشملة، وفيها قشور التمر، فصلى بالناس فيها الجمعة [58] .
9 ـ عن عبدالله بن الحسين بن الحسن، قال: أعتق عليّ(عليه السلام) في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ألف مملوك مما مجلت [59] يداه وعرق جبينه، ولقد ولي الخلافة وأتته الأموال، فما كان حلواه إلاّ التمر، ولا ثيابه إلاّ الكرابيس [60] .
10 ـ عن زاذان: أنه كان(عليه السلام) يمشي في الأسواق وحده وذاك يرشد الضال، ويعين الضعيف ويمرّ بالبياع والبقال، فيفتح عليه القرآن ويقرأ: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون عُلوّاً في الأرض [61] ) [62] .
11 ـ وفي الصبر نجده(عليه السلام) قد احتجّ يوم الشورى بالصبر على ضياع حقّه.
عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليّاً(عليه السلام)يقول: بايع النّاس أبا بكر، وأنا والله أولى بالأمر منه، وأحقّ به منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف.
ثم بايع الناس عمر وأنا والله أولى بالأمر منه، وأحقّ منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف.
ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان؟!! إذاً لا أسمع ولا اُطيع، وإنّ عمر جعلني من خمسة نفر أنا سادسهم لا يعرف لي فضلاً عليهم في الصلاح ولا يعرفونه لي، كلّنا فيه شرع سواء، وأيم الله لو أشاء أن أتكلّم، ثم لا يستطيع عربيّهم ولا عجميّهم ولا معاهد منهم ولا المشرك، ردّ خصلة منها لفعلت.
ثمّ قال: اُنشدكم الله ـ أيها الخمسة ـ أفيكم أحد هو أخو رسول الله(صلى الله عليه وآله)، غيري؟.
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد له عمّ مثل عمّي حمزة بن عبدالمطلب، أسد الله وأسد رسوله، غيري ؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد له ابن عمّ مثل ابن عمّي رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد له أخ مثل أخي جعفر المزيّن بالجناحين يطير مع الملائكة في الجنّة؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)سيدة نساء هذه الاُ مّة؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد له سبطان مثل الحسن والحسين سبطا هذه الاُ مّة ابنا رسول الله(صلى الله عليه وآله)، غيري؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد قتل مشركي قريش قبلي؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحدٌ وحّد الله قبلي؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحدٌ أمر الله بمودّته ، غيري؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد غسّل رسول الله(صلى الله عليه وآله) قبلي
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد سكن المسجد يمرّ فيه جنباً، غيري؟.
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد ردّت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلّى العصر، غيري؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد قال له رسول الله(صلى الله عليه وآله) حين قرب إليه الطير فأعجبه: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجئت أنا لا أعلم ما كان من قوله ، فدخلت عليه قال: وإليّ يا ربّ، وإليّ ياربّ، غيري؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد كان أقتل للمشركين عند كلّ شديدة تنزل برسول الله(صلى الله عليه وآله)، منّي؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد كان أعظم غناءً عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) حين اضطجعت على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت له مهجتي، غيري؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد كان يأخذ الخمس، غيري وغير فاطمة(عليها السلام)؟
قالوا: لا.
قال: أفيكم أحد يأخذ الخمس سهماً في الخاصّ وسهماً في العامّ ، غيري؟
قالوا: لا.
قال: أفيكم أحد يطهّره كتاب الله، غيري؟ حتّى سدّ النبي(صلى الله عليه وآله)أبواب المهاجرين جميعاً وفتح بابي إليه، حتى قام إليه عمّاه حمزة والعباس، وقالا: يا رسول الله، سددت أبوابنا وفتحت باب علي؟!!
فقال النبي(صلى الله عليه وآله): ما أنا فتحت بابه، ولا سددتُ أبوابكم ، بل الله فتح بابه وسدّ أبوابكم.
قالوا: لا.
قال: أفيكم أحد تمّم الله نوره من السماء، حتى قال: (فآت ذا القُربى حقّه) [63] ؟
قالوا: اللهمّ لا.
قال: أفيكم أحد ناجى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ست عشرة مرّة غيري، حين نزلت: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدّموا بين يدى نجواكم صدقة) [64] ؟
قالوا: اللهمّ لا.
قال: أفيكم أحد ولّي غمض رسول الله(صلى الله عليه وآله) غيري؟
قالوا: لا.
قال: أفيكم أحد كان آخر عهده برسول الله(صلى الله عليه وآله) حتّى وضعه في حفرته، غيري؟
قالوا: لا [65] .
ومع وجود هذه الفضائل والمناقب فيه(عليه السلام) مع ذلك صبر لله وفي الله حتى لا يتشتّت أمر المسلمين، ولم يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، وهذا الصبر من أحسن الصبر، وله أجر غير ممنون.
12 ـ وفي الحلم كان (عليه السلام) أحلم الناس عن ذنب، وأصفحهم عن مسيء، ويحلم عند جهل الناس، وهو مثال للحلم، صدق رسول الله(صلى الله عليه وآله) حيث قال في خبر: لو كان الحلم رجلاً لكان علياً(عليه السلام) [66] .
ونجده(عليه السلام) يوم الجمل حيث ظفر بمروان بن الحكم ـ وكان أعدى الناس له وأشدهم بغضاً ـ فصفح عنه.
وكان عبدالله بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد ، وخطب يوم البصرة، فقال: أتاكم الوغد اللئيم علي بن أبي طالب!! وكان علي يقول: مازال الزبير رجلاً منا أهل البيت حتى شبّ عبدالله فظفر به يوم الجمل فأخذه أسيراً ، فصفح عنه وقال: إذهب فلا أرينّك لم يزده على ذلك... [67] .
فضائل ومناقب الامام علي بن ابي طالب عليه السلام على الصحابة
مظاهر شخصية الإمام علي (عليه السلام) في الجانب العلمي
1 ـ مظاهر شخصية الإمام علي(عليه السلام) في الجانب العلمي:
من الثابت أن الإمام عليّاً(عليه السلام) كان أعلم الصحابة، وقد بلغ الكمال العلمي عند علي(عليه السلام) الى درجة حتى قال عنه الرسول(صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها [1] . ولم يقل الرسول(صلى الله عليه وآله)مثل هذا القول لأحد من الصحابة.
ويؤكد ذلك قوله (عليه السلام): علمني رسول الله(صلى الله عليه وآله) ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب [2] .
وتفوّقُ علي(عليه السلام) بعلمه الإلهي الذي اختص به; دعاه أن يقول: لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً [3] .
وتصريحه (عليه السلام) بأن العلم الذي يحمله كبير لا يقوى على حمله أحد من الصحابة: ها إنّ هاهنا لعلماً جمّاً لو أصبت له حملة ـ وأشار الى صدره ـ [4] .
فهذه الأقوال تدل بكل وضوح على أن عليّاً بلغ من العلم مرتبة لا يمكن لأحد من الخلق أن يبلغها سوى رسول الله(صلى الله عليه وآله) .
والى هذا أشار (عليه السلام) بقوله: بل اندمجتُ على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى [5] البعيدة [6] .
وعن أبي الطفيل قال: شهدت علياً يقول: وسلوني، والله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلاّ وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل [7] .
وعن سعيد بن المسيب أنه قال: لم يكن أحد من صحابة رسول الله يقول سلوني إلاّ علياً [8] .
وقد شهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وفي أكثر من مرّة بأفضلية علي وتفوقه العلمي على كلّ الصحابة.
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لفاطمة الزهراء(عليها السلام): أما ترضين أن اُزوّجك أقدم اُمّتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً [9] .
وقال(صلى الله عليه وآله): أعلم اُمّتي من بعدي علي بن أبي طالب [10] .
وقال(صلى الله عليه وآله): علي وعاء علمي ووصيي وبابي الذي اوتى منه [11] .
وقال(صلى الله عليه وآله): علي باب علمي ومبين لاُ مّتي ما أرسلت به من بعدي [12] .
وقال(صلى الله عليه وآله): أعلم اُ مّتي بالسنّة والقضاء بعدي علي بن أبي طالب [13] .
وقال(صلى الله عليه وآله): أنت تبيّن لاُمّتي ما اختلفوا فيه بعدي [14] .
وقال(صلى الله عليه وآله): ليُهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً [15] .
2 ـ مظاهر شخصية الإمام علي(عليه السلام) في الجانب الإيماني:
هذه الصفحة من حياة الإمام علي(عليه السلام) قد منح فيها زخماً معنوياً ورسم فيها صورة عالية للأجيال، وسجل فيها الأسبقية على الصحابة قاطبة.
فقوة الإيمان ميزة ينفرد بها علي(عليه السلام) وقد تجسدت في صور شتى، ففي العبادة هو المثال، فقد جاء في تفسير قوله تعالى: (تراهم ركّعاً سُجّداً) [16] على أنها نزلت في علي(عليه السلام) [17] .
وقال بهذا الصدد: صليت مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) قبل الناس سبع سنين وأنا أوّل من صلّى معه [18] .
وقال(عليه السلام): ما أعرف أحداً من هذه الاُمّة عَبَدَ الله بعد نبيّنا غيري... [19] .
وقال(عليه السلام): أسلمت قبل إسلام الناس وصليت قبل صلاتهم [20] .
فكان علي(عليه السلام) أعبد الناس وأكثرهم صلاة وصوماً، ومنه تعلّم الناس صلاة الليل وملازمة الأوراد، وقيام النافلة، وما ظنّك برجل يبلغ من محافظته على ورده أن يبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير، فيصلي عليه ورده والسهام تقع بين يديه وتمر على صماخيه يميناً وشمالاً، فلا يرتاع لذلك، ولا يقوم حتى يفرغ من وظيفته؟ وما ظنّك برجل كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده [21] ؟
وقيل لعلي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام) ـ وكان قد بلغ الغاية في العبادة ـ : أين عبادتك من عبادة جدك؟
قال(عليه السلام): عبادتي من عبادة جدّي كعبادة جدّي من عبادة رسول الله(صلى الله عليه وآله) [22] .
أمّا في مظاهر الإيمان الاُخرى فنجده(عليه السلام) القمّة في النزاهة والخلق الإلهي، وأنه المثل القرآني الذي ساقه لمعنى الصدق ، فقد قال تعالى: (والذين آمنوا بالله ورسله اُولئك هم الصديقون) [23] .
وهذه الآية حسب رواية أحمد بن حنبل أنها نزلت في علي بن أبي طالب(عليه السلام) [24] .
وهناك آيات كثيرة تشهد بأن علياً(عليه السلام) هو النموذج الحي لمعنى الإيمان فقد قال تعالى: (أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين) [25] .
هذه الآية وما بعدها نزلت في حقّ علي لما افتخر طلحة ابن شيبة والعباس، فقال طلحة: أنا أولى بالبيت، لأن المفتاح بيدي، وقال العباس: أنا أولى، أنا صاحب السقاية، والقائم عليها، فقال علي(عليه السلام): أنا أوّل الناس إيماناً وأكثرهم جهاداً، فأنزل الله تعالى هذه الآية لبيان أفضلية الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) عليهما [26] .
وقال تعالى: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون) [27] المؤمن علي(عليه السلام) والفاسق الوليد [28] .
بهذه الآية يقدم القرآن الكريم للناس نموذجه الإيماني المتمثل في علي(عليه السلام).
(واُلوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين) [29]
ذهب جملة من المفسرين على أن الآية منطبقة في علي(عليه السلام)لأنه كان مهاجراً ذا رحم [30] .
كما بيّن رسول الله(صلى الله عليه وآله) للناس وفي أكثر من موضع مدى تسليم علي للرسالة وتعاليمها، وسابقته في الإسلام، وأنه الإنسان القادر بقوة إيمانه على حل المشكلات عند التباسها.
روي عن أبي ذر، حيث قال: دخلنا على رسول الله(صلى الله عليه وآله)فقلنا: من أحبّ أصحابك إليك ، إن كان أمر كنا معه، وإن كانت نائبة كنا من دونه؟
قال: علي، أقدمكم سلماً وإسلاماً [31] .
نكتفي بهذا القدر من الأدلة الكاشفة عن قوة إيمان علي(عليه السلام)وأفضليته لنرى جانبه الجهادي.
3 ـ مظاهر شخصية الإمام علي(عليه السلام)في الجانب الجهادي:
أما الجهاد عند علي(عليه السلام) فالخوض في إثباته يجري مجرى إيضاح الواضحات وتقرير البديهيات ، فإنه لا خلاف بين جميع المسلمين وغيرهم أن علياً في جهاده كان أشجع الصحابة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأكثرهم إقداماً، وإن كانت الشجاعة وحب الجهاد عند الصحابة ظاهرة بارزة في حياتهم، إلاّ أنها عند علي(عليه السلام)تبدو قيمتها أكثر جلاءً في المهمات الصعبة وعند تراجع الآخرين وعدم قدرتهم على تجاوزها، فيتقدم علي(عليه السلام) بتفوقه الإلهي لفك الطوق عن المسلمين، وهذا ما تشهد به المعارك التي خاضها ضد المشركين وأهل الكتاب في بدر والأحزاب وخيبر وحنين وغيرها.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم خيبر: لأدفعن الراية الى رجل يحب الله ورسوله ويفتح الله عليه، قال عمر: فما أحببت الإمارة قط قبل يومئذ، فدفعها الى علي(عليه السلام)قال: قال: ولا تلتفت، فسار قريباً، قال: يا رسول الله علامَ نقاتل؟
قال(صلى الله عليه وآله): على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها وحسابهم على الله تعالى [32] .
وفي غزوة الخندق: ضرب الإمام علي أروع مثال لنصرة الحق وتميز به عن غيره من الصحابة، وقد عزّز الرسول(صلى الله عليه وآله) قيمة هذا الحدث العظيم عندما صرح بأن الإمام يمثل جانب الحق كلّه ، فقد روى الجمهور:
أنه لما برز عمرو بن عبد ودّ العامري في غزوة الخندق، وقد عجز عنه المسلمون، قال النبي(صلى الله عليه وآله): برز الإيمان كلّه الى الشرك كلّه [33] .
ونقل أحمد بن حنبل في مسنده، قال:: خطب الحسن(عليه السلام)فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون، كان رسول الله(صلى الله عليه وآله)يبعثه بالراية، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح له [34] .
وروى الخوارزمي قال: حدثنا عبيدالله بن عائشة عن أبيه قال: كان المشركون إذا أبصروا علياً في الحرب عهد بعضهم الى بعض [35] .
وعن جابر بن عبدالله قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)يقول يوم الحديبية ـ وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب ـ يقول: هذا أمير البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، ثم مدّ بها صوته وقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد الدار; فليأت الباب [36] .
وعن ابن عباس قال: كان المهاجرون يوم بدر: سبعة وسبعين رجلاً، وكان الأنصار: مائتين وستة وثلاثين رجلاً، وكان صاحب راية رسول الله(صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب، وصاحب راية الأنصار سعد ابن عبادة [37] .
وعن ابن عباس قال: إن راية المهاجرين كانت مع علي(عليه السلام)في المواقف كلها يوم بدر ويوم اُحد ويوم خيبر ويوم الأحزاب ويوم فتح مكة ولم تزل معه في المواقف كلها [38] .
ويحدثنا الإمام علي بن أبي طالب عن صحبته لرسول الله(صلى الله عليه وآله)عندما عزما على كسر الأصنام التي كانت فوق الكعبة وقد صعد(عليه السلام)على منكبي رسول الله(صلى الله عليه وآله) :
قال علي(عليه السلام): إنطلقت مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) حتى أتينا الكعبة، فصعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) على منكبي ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنهض فنهضت ـ فنهض به علي ـ فلما رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ضعفي قال لي: إجلس فجلست، فنزل النبي(صلى الله عليه وآله)وجلس لي، وقال لي: إصعد على منكبي، فصعدت على منكبيه فنهض بي. فقال علي(عليه السلام): إنه يخيل إليّ أني لو شئت لنلت اُفق السماء، فصعدت على الكعبة وعليها تمثال من صفر أو نحاس، فجعلت أعالجه لاُزيله يميناً وشمالاً وقداماً ومن بين يديه ومن خلفه حتى استمكنت منه، فقال نبي الله: اقذفه، فقذفت به فكسرته كما يكسر القوارير، ثم نزلت فانطلقت أنا ورسول الله(صلى الله عليه وآله)نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد [39] .
وتتلخّص صورة سلوك الإمام علي بكل جوانبها الإلهية عندما يشبّهه رسول الله(صلى الله عليه وآله)بالأنبياء(عليهم السلام) فقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): من أراد أن ينظر الى آدم في علمه والى نوح في عزمه والى إبراهيم في حلمه والى موسى في هيبته والى عيسى في زهده; فلينظر الى علي بن أبي طالب [40] .
4 ـ مظاهر شخصية الإمام علي(عليه السلام) في الجانب السلوكيوالأخلاقي:
ولا يقتصر تفوق علي بن أبي طالب(عليه السلام)وتميزه على الصحابة في الجوانب التي ذكرناها ، وإنّما أمسى عليّ بتجسيده لقيم الرسالة ومفاهيمها وأخلاقها النموذج والمثال الذي يثير العزيمة والهمم في نفوس الصحابة، مما كان موضع ثناء الحق سبحانه، وفيما يلي نقف على مفردات من سلوكه وأخلاقه التي تميّزه عن غيره:
1 ـ قال تعالى: (ومن الناس مَن يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) [41] .
إنّها نزلت في علي بن أبي طالب(عليه السلام) لمّا خلفه الرسول، عندما هاجر(صلى الله عليه وآله) لقضاء دينه وردّ ودايعه، فبات على فراشه، وأحاط المشركون بالدار، فأوحى الله الى جبرائيل، وميكائيل: إني قد آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كل منهما الحياة فأوحى الله إليهما: ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد، فبات على فراشه، يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة؟ إهبطا الى الأرض، فاحفظاه من عدوّه، فنزلا فكان جبرائيل عند رجليه، فقال جبرائيل: بخ بخ، من مثلك يابن أبي طالب، يُباهي الله بك الملائكة [42] .
2 ـ (ويُطعمون الطعام على حُبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً* إنّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً) [43] .
روى الجمهور: أن الحسن والحسين مَرِضا، فعادهما رسول الله(صلى الله عليه وآله)وعامة العرب، فنذر عليّ صوم ثلاثة أيام، وكذا اُمهما فاطمة(عليها السلام)وخادمتهم فضة، لئن برئا وليس عند آل محمد(صلى الله عليه وآله)قليل ولا كثير، فاستقرض أمير المؤمنين(عليه السلام) ثلاثة أصوع من شعير، وطحنت فاطمة منها صاعاً، فخبزته أقراصاً لكل واحد قرص، وصلّى عليّ المغرب ثم أتى المنزل، فوضع بين يديه للإفطار، فأتاهم مسكين وسألهم، فأعطاه كل منهم قوته، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئاً.
ثم صاموا اليوم الثاني، فخبزت فاطمة صاعاً آخر، فلما قدمته بين أيديهم للإفطار أتاهم يتيم، وسألهم القوت، فتصدق كل منهم بقوته.
فلما كان اليوم الثالث من صومهم وقدم الطعام للإفطار، أتاهم أسير وسألهم القوت، فأعطاه كل منهم قوته، ولم يذوقوا في الأيام الثلاثة سوى الماء.
فرآهم النبي(صلى الله عليه وآله) في اليوم الرابع وهم يرتعشون من الجوع، وفاطمة(عليها السلام) قد التصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عينُها فقال(صلى الله عليه وآله): واغوثاه يا الله! أهل محمد يموتون جوعاً؟ فهبط جبرئيل، فقال خذ ما هنّأك الله تعالى به في أهل بيتك فقال: وما آخذ يا جبرئيل؟ فأقرأه ( هل أتي ) [44] .
3 ـ وسئل الإمام علي(عليه السلام) ـ وهو على المنبر في الكوفة ـ عن قوله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً) [45] . فقال: اللهم غفراً هذه الآية نزلت فيَّ وفي عمّي حمزة وفي ابن عمّي عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب، فأما عبيدة فقضى نحبه شهيداً يوم بدر، وحمزة قضى نحبه شهيداً يوم اُحد، وأما أنا فانتظر أشقاها يخضب هذه من هذه وأشار بيده الى لحيته ورأسه، عهد عهدهُ اليَّ حبيبي أبو القاسم(صلى الله عليه وآله) [46] .
4 ـ قوله تعالى: (... فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) [47] . فهذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب [48] .
5 ـ قوله تعالى: (هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين) [49] .
عن أبي هريرة قال: مكتوب على العرش لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، محمد عبدي ورسولي أيّدته بعلي بن أبي طالب، وذلك قوله تعالى: (هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين)يعني علي بن أبي طالب(عليه السلام) [50] .
6 ـ وقوله تعالى: (هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم) [51] عن ابن عباس أنه علي(عليه السلام) [52] .
هذه الآية توضح صفة العدالة عند علي، وهي من الصفات التي تفوّق بها، فكانت العدالة عنده(عليه السلام) هي المعيار الذي يتحكم في علاقاته وسلوكه ومواقفه وبنفس المضمون: (وممن خلقنا اُمّة يهدون بالحق وبه يعدلون) [53] قال علي(عليه السلام): هم أنا وشيعتي [54] .
7 ـ قوله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرّاً وعلانية) [55] .
رسم علي(عليه السلام) صورة الإنفاق وطبيعته الواعية والنزيهة والتي تلبّي الغرض الإلهي في طريقة العمل، فكانت ممارساته(عليه السلام)وعطاءاته للصدقات تراعي مقام المستحق من جهة ، وتؤدي الى دعوة الناس للعمل بالإنفاق من جهة اُخرى، لذا كانت موضع مدح القرآن له من هذه الناحية ، فقوله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرّاً وعلانية)روى الجمهور أنها نزلت في علي(عليه السلام) كانت معه أربعة دراهم أنفق في الليل درهماً، وبالنهار درهماً، وفي السرّ درهماً، وفي العلانية درهما [56] .
8 ـ كما أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) أمره الله تعالى بالتواضع للمؤمنين: (واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين) [57] .
كان أمير المؤمنين(عليه السلام) كأخيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) مقتدياً بسيرته ، إذ كان متواضعاً للمؤمنين في كلّ حالاته في قدرته وضعفه الظاهريين، وفي عزلته وحكومته، وفي حربه وسلمه...
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: عن صالح بيّاع الأكسية، إنّ جدّته لقيت علياً(عليه السلام) بالكوفة ومعه تمرٌ يحمله، فسلّمت عليه، وقالت له: أعطني ـ يا أمير المؤمنين ـ هذا التمر أحمله عنك الى بيتك؟
فقال(عليه السلام): أبو العيال أحقّ بحمله.
قالت: ثم قال لي: ألا تأكلين منه؟ .
فقلت: لا اُريد.
قالت: فانطلق به الى منزله، ثم رجع مرتدياً بتلك الشملة، وفيها قشور التمر، فصلى بالناس فيها الجمعة [58] .
9 ـ عن عبدالله بن الحسين بن الحسن، قال: أعتق عليّ(عليه السلام) في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ألف مملوك مما مجلت [59] يداه وعرق جبينه، ولقد ولي الخلافة وأتته الأموال، فما كان حلواه إلاّ التمر، ولا ثيابه إلاّ الكرابيس [60] .
10 ـ عن زاذان: أنه كان(عليه السلام) يمشي في الأسواق وحده وذاك يرشد الضال، ويعين الضعيف ويمرّ بالبياع والبقال، فيفتح عليه القرآن ويقرأ: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون عُلوّاً في الأرض [61] ) [62] .
11 ـ وفي الصبر نجده(عليه السلام) قد احتجّ يوم الشورى بالصبر على ضياع حقّه.
عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليّاً(عليه السلام)يقول: بايع النّاس أبا بكر، وأنا والله أولى بالأمر منه، وأحقّ به منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف.
ثم بايع الناس عمر وأنا والله أولى بالأمر منه، وأحقّ منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف.
ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان؟!! إذاً لا أسمع ولا اُطيع، وإنّ عمر جعلني من خمسة نفر أنا سادسهم لا يعرف لي فضلاً عليهم في الصلاح ولا يعرفونه لي، كلّنا فيه شرع سواء، وأيم الله لو أشاء أن أتكلّم، ثم لا يستطيع عربيّهم ولا عجميّهم ولا معاهد منهم ولا المشرك، ردّ خصلة منها لفعلت.
ثمّ قال: اُنشدكم الله ـ أيها الخمسة ـ أفيكم أحد هو أخو رسول الله(صلى الله عليه وآله)، غيري؟.
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد له عمّ مثل عمّي حمزة بن عبدالمطلب، أسد الله وأسد رسوله، غيري ؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد له ابن عمّ مثل ابن عمّي رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد له أخ مثل أخي جعفر المزيّن بالجناحين يطير مع الملائكة في الجنّة؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)سيدة نساء هذه الاُ مّة؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد له سبطان مثل الحسن والحسين سبطا هذه الاُ مّة ابنا رسول الله(صلى الله عليه وآله)، غيري؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد قتل مشركي قريش قبلي؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحدٌ وحّد الله قبلي؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحدٌ أمر الله بمودّته ، غيري؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد غسّل رسول الله(صلى الله عليه وآله) قبلي
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد سكن المسجد يمرّ فيه جنباً، غيري؟.
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد ردّت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلّى العصر، غيري؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد قال له رسول الله(صلى الله عليه وآله) حين قرب إليه الطير فأعجبه: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجئت أنا لا أعلم ما كان من قوله ، فدخلت عليه قال: وإليّ يا ربّ، وإليّ ياربّ، غيري؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد كان أقتل للمشركين عند كلّ شديدة تنزل برسول الله(صلى الله عليه وآله)، منّي؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد كان أعظم غناءً عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) حين اضطجعت على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت له مهجتي، غيري؟
قالوا: لا.
قال: أمنكم أحد كان يأخذ الخمس، غيري وغير فاطمة(عليها السلام)؟
قالوا: لا.
قال: أفيكم أحد يأخذ الخمس سهماً في الخاصّ وسهماً في العامّ ، غيري؟
قالوا: لا.
قال: أفيكم أحد يطهّره كتاب الله، غيري؟ حتّى سدّ النبي(صلى الله عليه وآله)أبواب المهاجرين جميعاً وفتح بابي إليه، حتى قام إليه عمّاه حمزة والعباس، وقالا: يا رسول الله، سددت أبوابنا وفتحت باب علي؟!!
فقال النبي(صلى الله عليه وآله): ما أنا فتحت بابه، ولا سددتُ أبوابكم ، بل الله فتح بابه وسدّ أبوابكم.
قالوا: لا.
قال: أفيكم أحد تمّم الله نوره من السماء، حتى قال: (فآت ذا القُربى حقّه) [63] ؟
قالوا: اللهمّ لا.
قال: أفيكم أحد ناجى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ست عشرة مرّة غيري، حين نزلت: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدّموا بين يدى نجواكم صدقة) [64] ؟
قالوا: اللهمّ لا.
قال: أفيكم أحد ولّي غمض رسول الله(صلى الله عليه وآله) غيري؟
قالوا: لا.
قال: أفيكم أحد كان آخر عهده برسول الله(صلى الله عليه وآله) حتّى وضعه في حفرته، غيري؟
قالوا: لا [65] .
ومع وجود هذه الفضائل والمناقب فيه(عليه السلام) مع ذلك صبر لله وفي الله حتى لا يتشتّت أمر المسلمين، ولم يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، وهذا الصبر من أحسن الصبر، وله أجر غير ممنون.
12 ـ وفي الحلم كان (عليه السلام) أحلم الناس عن ذنب، وأصفحهم عن مسيء، ويحلم عند جهل الناس، وهو مثال للحلم، صدق رسول الله(صلى الله عليه وآله) حيث قال في خبر: لو كان الحلم رجلاً لكان علياً(عليه السلام) [66] .
ونجده(عليه السلام) يوم الجمل حيث ظفر بمروان بن الحكم ـ وكان أعدى الناس له وأشدهم بغضاً ـ فصفح عنه.
وكان عبدالله بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد ، وخطب يوم البصرة، فقال: أتاكم الوغد اللئيم علي بن أبي طالب!! وكان علي يقول: مازال الزبير رجلاً منا أهل البيت حتى شبّ عبدالله فظفر به يوم الجمل فأخذه أسيراً ، فصفح عنه وقال: إذهب فلا أرينّك لم يزده على ذلك... [67] .
تعليق