السلام عليكم
هل الإمامة ضرورة . . ؟ :
يعتبر الشيعة أن الإمامة ضرورة كضرورة الرسل . فكما أن مهمة الرسل هي هداية أقوامهم وإرشادهم إلى الصراط المستقيم كذلك مهمة الإمام بالنسبة لقومه . والإمام هو وصي الرسول . . وما من رسول إلا وله وصي يكون حجة من على قومه من بعده كهارون بالنسبة إلى موسى . . وعلي بالنسبة إلى محمد صلى الله عليه وآله .
ونظرا لكون الرسول محمد هو خاتم المرسلين فالحاجة لوجود إمام من بعده أشد وأكثر ضرورة من حاجة الرسالات السابقة .
وإذا كان الله يرسل الرسل لأقوامهم لأجل هدايتهم وإصلاح معتقداتهم فيمكث الرسول فيهم إلى ما شاء الله حتى إذا توفي وطال على قومه الأمد ، انحرف قومه وفسدت معتقداتهم مما يقتضي إرسال رسول جديد لهم . . فما هو الضمان الذي يحول دون انحراف أمة محمد من بعده وهم كبقية الأمم السابقة لا بد أن ينطبق حالها على حالهم ؟
لعل الجواب البديهي على هذا السؤال هو القرآن . لكن هذه الإجابة مردودة على أصحابها لسبب وجيه هو أن الرسل السابقين كانوا يتركون في أقوامهم كتبا ومع ذلك قد انحرفوا . ترك موسى التوراة وضل بنو إسرائيل . وترك عيسى الإنجيل وضل أنصاره في سبل شتى .
إذن لا بد من حجة قائمة تحمي الكتاب الذي جاء به الرسول وتحفظه للأمة من بعده وتكون علامات على طريق الهداية والصراط المستقيم الذي دعا إليه الرسول .
وقد يقول قائل : إذا كان هناك وصي للرسول يكون حجة من بعده وهدى للناس ، فلماذا ضلت الناس إذن وتطلب الأمر إرسال رسول آخر ؟ إننا يجب علينا أن نعلم أساسا أنه ليست مهمة الرسل هي هداية جميع الناس أو تحويلهم إلى ملائكة .
فإن الرسول مهمته الأساسية هي البلاغ والسامع مخير بين أن يهتدي وأن يختار الضلالة . وقد ذهب موسى لميقات ربه وترك هارون على قومه فعبدوا العجل ولم يستطع هارون أن يحول بين قوم موسى وبين عبادة العجل . فإذا كان الناس يضلون في عهد الرسل أفلا يضلون في عهد الأنبياء . ؟
وإذا كان الرسل لم يستطيعوا الحيلولة دون ضلال الناس فهل يستطيع الأئمة ؟
إن الله سبحانه يقول : ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) الكهف / 29 .
ويقول ( ولست عليهم بمصيطر ) الغاشية / 22 وهي نصوص موجهة للرسول بهدف تبصيره بحقيقة موقف الجماهير من الدعوات الإلهية ، فليس من سلطة الرسول إكراه الناس على الإيمان . ولأجل ذلك فإن الذين اهتدوا واتبعوا الرسل هم قلة . . وكذلك الأمر بالنسبة للوصي .
إلا الأمر بالنسبة للأقوام السابقة أنه بعد الرسل وبعد الأوصياء كان الله سبحانه يجدد دعوته بإرسال رسل يكملون مهمة الرسل السابقين لهم ، أو يأتون بدين جديد . لكن الأمر بالنسبة لقوم محمد صلى الله عليه وآله كان مختلفا . إذ إن الرسول صلى الله عليه وآله كان خاتم المرسلين ، مما يقتضي الأمر وجود أوصياء على مر الزمان من بعده وحتى قيام الساعة .
وهنا تبرز فكرة الإمامة وأهميتها . إن دور الإمام إنما هو مكمل لدور الرسول ومتمم له . فقد يكون وسيلة لدخول أقوام آخرين في دين الله لم يدخلوا في حياة الرسول صلى الله عليه وآله . وقد يكون وسيلة لحسم الردة والخلاف من بعد الرسول .
وهو سنة ثابتة تسير مع حركة الدعوات الإلهية وليست معصومة منه أمة محمد . وقد يكون وسيلة لتبصير الناس بحقيقة
دينهم إلا أن ذلك كله ليس هو المهمة الأساسية للإمام . إنما مهمة الإمام الأساسية هي إقامة الحجة على الناس من بعد وفاة الرسول .
ولعل هذا هو المراد من قوله تعالى : ( يوم ندعوا كل أناس بإمامهم . . ) الإسراء / 71 . فهذا النص إنما هو موجه إلى الأقوام التي سوف تأتي بعد الرسول ، حيث لا رسل ولا أنبياء وإنما يدعون إلى حقيقة الإسلام ويكونون حججا على الناس يوم البعث والحساب .
وهناك حديث يقول : " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " ( 1 ) . فكأن الإمام هو الفيصل بين الإسلام والجاهلية ، فمن تبعه فقد دخل في حظيرة الإسلام ومن خالفه دخل حظيرة الجاهلية .
وأهل السنة فسروا الإمام في النص القرآني المذكور بالكتاب وبالرسول كما فسروا الإمام في النص النبوي بالحاكم ، ولذا
كان ابن عمر وأنس والتابعون يسارعون إلى مبايعة الحاكم في زمانهم والالتزام بخطه مخافة أن يموتوا على الجاهلية .
حتى أن ابن عمر بايع الحجاج في زمانه مخافة أن يموت دون أن يكون مرتبطا بإمام زمانه وكان قبل ذلك قد بايع معاوية ويزيد ولم يبايع عليا ( 2 ) .
وتفسير الإمام بالكتاب هو قول مردود لعدة وجوه :
الأول : إن هذا التفسير مناقض للغة فلم يرد الكتاب بمعنى إمام في اللغة .
الثاني : إن هناك كثيرا من الأقوام لم يبعث إليهم رسل وليس لديهم كتب .
الثالث : إن تفسير الإمام بالرسول مناقض للغة ، فالرسول يمكن أن يكون إماما من باب الوصف والمجاز وليس من باب المعنى الحرفي .
الرابع : إن الذين فسروا الإمام بالكتاب اعتمدوا في تفسيرهم على قوله تعالى : ( فمن أوتي كتابه بيمينه . . ) وقوله : ( إمام مبين ) . وفاتهم أن الكتاب المقصود هنا هو سجل الأعمال الخاصة بالمرء في الدنيا . وليس الكتاب الذي جاء به الرسل .
الخامس : إن لفظ أناس يخص المؤمن وغير المؤمن . وغير المؤمن ليس له كتاب .
* ( هامش ) *
( 1 ) رواه الترمذي والنسائي . .
( 2 ) عاش ابن عمر حتى عصر الحجاج . انظر تاريخ الطبري وكتب التاريخ الأخرى . وانظر حديث : ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة . البخاري كتاب الفتن وهو يكشف موقف ابن عمر السلبي من موقعة الحرة عام 61 ه بعد مصرع الحسين عليه السلام وقد ذكر ابن عمر هذا الحديث محتجا به على ضرورة التمسك ببيعته ليزيد الذي خلعته المدينة بعد وقعة كربلاء .
انظر القصة بكاملها في كتب التاريخ . وفتح الباري ج 13 / 68 وما بعدها . وانظر لنا فقه الهزيمة فصل الرجال . ( * )
السادس : إن اللفظ الواحد قد يتكرر في القرآن بمعان مختلفة . السابع : إن معاني القرآن صريحة ومحددة ، ولو كان الله سبحانه يريد بالإمام الرسول لذكر ذلك صراحة .
الثامن : إنه لا يعقل أن يبعث كل إنسان يوم القيامة بكتابه . وهذا يناقض ما جاء في القرآن . والله سبحانه لم يبين لنا ذلك في حق الرسل فكيف يمكن أن يتحقق في أتباعهم وأقوامهم ؟ ثم إن كل رسول هو حجة على قومه بالكتاب الذي جاء إليهم . فما هي الحاجة إلى أن يبعثوا بكتابهم . . ؟
يتبع
هل الإمامة ضرورة . . ؟ :
يعتبر الشيعة أن الإمامة ضرورة كضرورة الرسل . فكما أن مهمة الرسل هي هداية أقوامهم وإرشادهم إلى الصراط المستقيم كذلك مهمة الإمام بالنسبة لقومه . والإمام هو وصي الرسول . . وما من رسول إلا وله وصي يكون حجة من على قومه من بعده كهارون بالنسبة إلى موسى . . وعلي بالنسبة إلى محمد صلى الله عليه وآله .
ونظرا لكون الرسول محمد هو خاتم المرسلين فالحاجة لوجود إمام من بعده أشد وأكثر ضرورة من حاجة الرسالات السابقة .
وإذا كان الله يرسل الرسل لأقوامهم لأجل هدايتهم وإصلاح معتقداتهم فيمكث الرسول فيهم إلى ما شاء الله حتى إذا توفي وطال على قومه الأمد ، انحرف قومه وفسدت معتقداتهم مما يقتضي إرسال رسول جديد لهم . . فما هو الضمان الذي يحول دون انحراف أمة محمد من بعده وهم كبقية الأمم السابقة لا بد أن ينطبق حالها على حالهم ؟
لعل الجواب البديهي على هذا السؤال هو القرآن . لكن هذه الإجابة مردودة على أصحابها لسبب وجيه هو أن الرسل السابقين كانوا يتركون في أقوامهم كتبا ومع ذلك قد انحرفوا . ترك موسى التوراة وضل بنو إسرائيل . وترك عيسى الإنجيل وضل أنصاره في سبل شتى .
إذن لا بد من حجة قائمة تحمي الكتاب الذي جاء به الرسول وتحفظه للأمة من بعده وتكون علامات على طريق الهداية والصراط المستقيم الذي دعا إليه الرسول .
وقد يقول قائل : إذا كان هناك وصي للرسول يكون حجة من بعده وهدى للناس ، فلماذا ضلت الناس إذن وتطلب الأمر إرسال رسول آخر ؟ إننا يجب علينا أن نعلم أساسا أنه ليست مهمة الرسل هي هداية جميع الناس أو تحويلهم إلى ملائكة .
فإن الرسول مهمته الأساسية هي البلاغ والسامع مخير بين أن يهتدي وأن يختار الضلالة . وقد ذهب موسى لميقات ربه وترك هارون على قومه فعبدوا العجل ولم يستطع هارون أن يحول بين قوم موسى وبين عبادة العجل . فإذا كان الناس يضلون في عهد الرسل أفلا يضلون في عهد الأنبياء . ؟
وإذا كان الرسل لم يستطيعوا الحيلولة دون ضلال الناس فهل يستطيع الأئمة ؟
إن الله سبحانه يقول : ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) الكهف / 29 .
ويقول ( ولست عليهم بمصيطر ) الغاشية / 22 وهي نصوص موجهة للرسول بهدف تبصيره بحقيقة موقف الجماهير من الدعوات الإلهية ، فليس من سلطة الرسول إكراه الناس على الإيمان . ولأجل ذلك فإن الذين اهتدوا واتبعوا الرسل هم قلة . . وكذلك الأمر بالنسبة للوصي .
إلا الأمر بالنسبة للأقوام السابقة أنه بعد الرسل وبعد الأوصياء كان الله سبحانه يجدد دعوته بإرسال رسل يكملون مهمة الرسل السابقين لهم ، أو يأتون بدين جديد . لكن الأمر بالنسبة لقوم محمد صلى الله عليه وآله كان مختلفا . إذ إن الرسول صلى الله عليه وآله كان خاتم المرسلين ، مما يقتضي الأمر وجود أوصياء على مر الزمان من بعده وحتى قيام الساعة .
وهنا تبرز فكرة الإمامة وأهميتها . إن دور الإمام إنما هو مكمل لدور الرسول ومتمم له . فقد يكون وسيلة لدخول أقوام آخرين في دين الله لم يدخلوا في حياة الرسول صلى الله عليه وآله . وقد يكون وسيلة لحسم الردة والخلاف من بعد الرسول .
وهو سنة ثابتة تسير مع حركة الدعوات الإلهية وليست معصومة منه أمة محمد . وقد يكون وسيلة لتبصير الناس بحقيقة
دينهم إلا أن ذلك كله ليس هو المهمة الأساسية للإمام . إنما مهمة الإمام الأساسية هي إقامة الحجة على الناس من بعد وفاة الرسول .
ولعل هذا هو المراد من قوله تعالى : ( يوم ندعوا كل أناس بإمامهم . . ) الإسراء / 71 . فهذا النص إنما هو موجه إلى الأقوام التي سوف تأتي بعد الرسول ، حيث لا رسل ولا أنبياء وإنما يدعون إلى حقيقة الإسلام ويكونون حججا على الناس يوم البعث والحساب .
وهناك حديث يقول : " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " ( 1 ) . فكأن الإمام هو الفيصل بين الإسلام والجاهلية ، فمن تبعه فقد دخل في حظيرة الإسلام ومن خالفه دخل حظيرة الجاهلية .
وأهل السنة فسروا الإمام في النص القرآني المذكور بالكتاب وبالرسول كما فسروا الإمام في النص النبوي بالحاكم ، ولذا
كان ابن عمر وأنس والتابعون يسارعون إلى مبايعة الحاكم في زمانهم والالتزام بخطه مخافة أن يموتوا على الجاهلية .
حتى أن ابن عمر بايع الحجاج في زمانه مخافة أن يموت دون أن يكون مرتبطا بإمام زمانه وكان قبل ذلك قد بايع معاوية ويزيد ولم يبايع عليا ( 2 ) .
وتفسير الإمام بالكتاب هو قول مردود لعدة وجوه :
الأول : إن هذا التفسير مناقض للغة فلم يرد الكتاب بمعنى إمام في اللغة .
الثاني : إن هناك كثيرا من الأقوام لم يبعث إليهم رسل وليس لديهم كتب .
الثالث : إن تفسير الإمام بالرسول مناقض للغة ، فالرسول يمكن أن يكون إماما من باب الوصف والمجاز وليس من باب المعنى الحرفي .
الرابع : إن الذين فسروا الإمام بالكتاب اعتمدوا في تفسيرهم على قوله تعالى : ( فمن أوتي كتابه بيمينه . . ) وقوله : ( إمام مبين ) . وفاتهم أن الكتاب المقصود هنا هو سجل الأعمال الخاصة بالمرء في الدنيا . وليس الكتاب الذي جاء به الرسل .
الخامس : إن لفظ أناس يخص المؤمن وغير المؤمن . وغير المؤمن ليس له كتاب .
* ( هامش ) *
( 1 ) رواه الترمذي والنسائي . .
( 2 ) عاش ابن عمر حتى عصر الحجاج . انظر تاريخ الطبري وكتب التاريخ الأخرى . وانظر حديث : ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة . البخاري كتاب الفتن وهو يكشف موقف ابن عمر السلبي من موقعة الحرة عام 61 ه بعد مصرع الحسين عليه السلام وقد ذكر ابن عمر هذا الحديث محتجا به على ضرورة التمسك ببيعته ليزيد الذي خلعته المدينة بعد وقعة كربلاء .
انظر القصة بكاملها في كتب التاريخ . وفتح الباري ج 13 / 68 وما بعدها . وانظر لنا فقه الهزيمة فصل الرجال . ( * )
السادس : إن اللفظ الواحد قد يتكرر في القرآن بمعان مختلفة . السابع : إن معاني القرآن صريحة ومحددة ، ولو كان الله سبحانه يريد بالإمام الرسول لذكر ذلك صراحة .
الثامن : إنه لا يعقل أن يبعث كل إنسان يوم القيامة بكتابه . وهذا يناقض ما جاء في القرآن . والله سبحانه لم يبين لنا ذلك في حق الرسل فكيف يمكن أن يتحقق في أتباعهم وأقوامهم ؟ ثم إن كل رسول هو حجة على قومه بالكتاب الذي جاء إليهم . فما هي الحاجة إلى أن يبعثوا بكتابهم . . ؟
يتبع
تعليق