المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. السلام عليكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية ورحمة الله تعالى وبركاته، نحييكم أطيب تحية وهذه عودة جديدة إلى برنامج مطارحات في العقيدة بعد أن أنقضت أيام وليالي شهر رمضان المبارك، نسأل الله تعالى لنا ولكم القبول وبحمد الله تبارك وتعالى قد عشنا وإياكم مدة طيبة ومباركة في هذا البرنامج الذي كان محط أنظار الكثير من العلماء بل من جهابذة العلماء والأفاضل وجمهور المشاهدين على مختلف المذاهب الإسلامية وعلى مختلف التوجهات، وبحمد الله تعالى كنا معكم بكل منهج علمي وبكل حيادية ودقة كما تابعتم، أما موضوع حلقة الليلة وإن كان هو في ضمن برنامج مطارحات في العقيدة فهو تحت عنوان (موقف مدرسة أهل البيت من أم المؤمنين عائشة) وفي الواقع هذا الموضوع جاء أولاً استجابة لما نجده في هذه الأيام من محاولة بعض المغرضين الذين لم يجدوا طريقاً لإيقاع الفتنة والفرقة والبغضاء والعداوة بين المسلمين إلا البحث عن شواذ المتكلمين بل الذي هم نكرات لا وجود لهم ولا أثر لهم ولا يوجد من يستمع إليهم فيلتقطونهم من هنا ومن هنا، يلتقطون بعض العبارات وبعض الكلمات ويطبلون لها ويعطونها هالة كبيرة وتعدونها تمثل مذهب أهل البيت عليهم السلام، ولكي نثبت لكم ذلك بعد أن أرحب باسمكم بضيفنا الدائم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.المُقدَّم: . لكي نثبت لكم ذلك سنذيع إليكم الآن فقرات مما تفضل به سماحة آية الله السيد كمال الحيدري في أول شهر رجب المبارك قبل ثلاثة أشهر تقريباً وكان يتحدث عن موضوع من هذا القبيل وليس ردة فعل الآن، بعد أن نستمع إليه نتابع وإياكم لنثبت لكم كيف تنظر مدرسة أهل البيت إلى أمهات المؤمنين ونساء الأنبياء عموماً بمن فيهن امرأة نوح وامرأة لوط اللتان قال فيهما القرآن (فخانتاهما) ومع ذلك نحن نبرأهما ونقول أن الخيانة كانت بالدين والعقيدة لا بهذا الظاهر، نستمع معكم الآن هذا المقطع الذي تفضل به سماحة السيد الحيدري قبل حوالي ثلاثة أشهر.
ما ذكره السيد كمال الحيدري في محاضرة سابقة: الملاحظة الأولى التي لابد أن أقف عندها وأشير إليها هو أننا نعتقد وليس هذا اعتقادي بل كل علماء مدرسة أهل البيت يعتقدون أن القرآن الكريم عندما قال (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) أن جميع أزواج النبي إنما هن أمهات المؤمنين، نعم هذا الحكم التشريعي وهذا الحكم الفقهي الذي صدر في الآيات المباركة ما هي حدود ذلك، هذا بحث آخر لعلنا نوفق للإشارة إليه، ومن هنا واقعاً أن ادعوا جميع الذين يخرجون على الفضائيات عندما يذكرون أزواج
النبي الأكرم صلى الله عليه وآله يذكرونها بعنوان أنهن أمهات المؤمنين، لا أننا نجد أن البعض عندما يصل إلى عائشة أم المؤمنين يقول ولكن عندما يأتي إلى أم سلمة لا يقول أم المؤمنين (تلك قسمة ضيزى) هذه زوج النبي وهذه أيضاً زوج النبي، إذن لا ينبغي التبعيض جميع أزواج النبي صلى الله عليه وآله، لا زوجات فهذه لغة رديئة كما قيل، فجميع أزواج النبي هن أمهات المؤمنين، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: أنه لا ينبغي لأحد ولا يصح من أحد أن يتكلم بأي أمرٍ يسيء أو يهين أزواج النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ولا أقل للقاعدة التي نحن تعلمناها الف عين لأجل عين تكرم، لما كن هؤلاء أزواج النبي إذن لا يمكن أن نشير إليهن أو نوجه إليهن شيئاً من الإهانة أو الإساءة فضلاً أن نطعن في عرض النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، يعني في عرض أزواج النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، هذه ليس منهج علماء مدرسة أهل البيت، علماء مدرسة أهل البيت كلهم يعتقدون أن أزواج النبي الأكرم بل أزواج جميع الأنبياء لا إشكال ولا شبهة أنه لا يصل إلى عرضهن شيء من السوء والفحشاء والمنكر.
هذه حقيقة لابد أن يلتفت إليها المشاهد الكريم ولا يستمع إلى بعض هذه الأصوات النشاز التي تخرج على الفضائيات وتنسب أنفسها إلى مدرسة أهل البيت وأهل البيت منهم براء، ومدرسة أهل البيت منهم براء، هؤلاء لا يمثلون مدرسة أهل البيت، مجموعة من الجهلة وضعوا على رؤوسهم أما قطعة بيضاء وأما قطعة سوداء، وإلا أنتم اذهبوا إلى حوزاتنا ومراكزنا العلمية وإلى كتبنا تجدون إصراراً من أكابر علمائنا على طهارة أعراض النبي صلى الله عليه وآله من أي فحشاء أو منكر، أنا أشير إلى كلمة من كلمات علم من أعلامنا المعاصرين وهو السيد العلامة الطباطبائي في كتابه المهم والأساسي (الميزان في تفسير القرآن، ج15، في ذيل الآية المباركة من سورة النور وهو قوله تعالى (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) وهي الآية 26 من سورة النور) منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، لبنان. بودي أن يلتفت المشاهد الكريم إلى رأي علماء مدرسة أهل البيت في عرض النبي وفي عرض أزواج النبي بل أزواج الأنبياء جميعاً.
قال: (على أنا نقول إن تسرب الفحشاء) والفحشاء أعم من الزنا يعني أي أمر يسيء، فاحشة سواء كان الزنا أو دون الزنا (إن تسرب الفحشاء إلى أهل النبي ينفر القلوب عنه) أي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله (فمن الواجب) يعني من الواجب في الحكمة الإلهية (فمن الواجب أن يطهر الله سبحانه ساحة أزواج الأنبياء) لا فقط أزواج النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، نحن حتى الأنبياء الذين ليسوا من أولي العزم فما بالك بغيرها، مع أن صريح القرآن يقول (فخانتاهما) كما في سورة التحريم، (فمن الواجب في الحكمة الإلهية أن يطهر الله سبحانه ساحة أزواج الأنبياء عن لوث الزنا والفحشاء) لا فقط الزنا بل كل ما يمس أعراض أزواج الأنبياء جميعاً وبالخصوص أعراض خاتم الأنبياء والمرسلين، وهن جميع أزواجه وأمهات المؤمنين، وإلا لم يفعل الله سبحانه وتعالى ذلك، يقول: (وإلا لغت الدعوة) الدعوة الإلهية تكون لاغية وتكون عبثاً (وتثبت بهذه الحجة العقلية) يعتبرها من الأدلة العقلية لطهارة أذيال أزواج الأنبياء جميعاً. (وتثبت بهذه الحجة العقلية عفتهن واقعاً لا ظاهراً فحسب) لا أنه لم تقم عندنا بينة على أنه لم يصدر منها زنا او فحشاء، بل حقيقة وواقعاً أزواج الأنبياء جميعاً مطهرات من أي فحشاء وأي شيء يلوث أعراض أزواج الأنبياء جميعاً وإلا لغت الدعوة (وتثبت بهذه الحجة العقلية عفتهن واقعاً لا ظاهراً فحسب والنبي صلى الله عليه وآله أعرف بهذه الحجة منا) هذه الحقيقة يذكرها السيد الطباطبائي يقول أن جملة من الروايات التي وردت من الفريقين يقولون أن رسول الله صلى الله عليه وآله شك في عرض زوجه، عندما وقعت قضية الافك، السيد الطباطبائي رحمة الله تعالى عليه يقول هذه الروايات كذا ولكنه هذا مما يجل عنه مقامه صلى الله عليه وآله، الرسول أجل من أن يشك في عرضه، وهذا قرأناه إذا يتذكر المشاهد الكريم أن ابن تيمية قال أول من شك وراب في أمرها هو رسول الله، السيد الطباطبائي يقول يجل رسول الله عن هذا المقام، كيف يمكن أن يشك في عرضه.
الملاحظة الثالثة ولكن هذا لا يعني أن كل أزواج النبي صلى الله عليه وآله أو أن بعض أزواج النبي لم تكن لهن مواقف ثبت خطأها، ولكن إثبات الخطأ لبعض مواقف أزواج الأنبياء شيء والإهانة والإساءة والتعرض لعرضهن شيء آخر، وهذا ما أريد أن أشير إليه في جملة واحدة.العلامة الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج1، القسم الثاني، ص854) بعد أن يشير إلى الحديث المعروف، حديث الحوأب، أيتكن تنبح عليها كلام الحوأب، وجملة القول أن الحديث صحيح الإسناد، ولا إشكال في متنه، فإن قلت: كيف يمكن أن عائشة فعلت ذلك، فإن غاية ما فيه أن عائشة لما علمت بالحوأب كان عليها أن ترجع، يقول الألباني: بعد أن رأت هذه العلامة الفارقة التي أشار لها رسول الله كان عليها أن ترجع، ولكن الحديث يدل على أنها لم ترجع، ويقول وهذا هل يليق بأم المؤمنين عائشة أم لا يليق؟ يقول: وجوابنا أنه ليس كل ما يقع من الكمل يكون لائقاً، قد يصدر منهم ما لا يليق بهم، يقول: لأننا لا نعتقد بعصمة أزواج النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ولذا يقول: والسني لا ينبغي له أن يغالي في من يحترمه، الآن نجد على بعض الفضائيات وكأنه لا يحق لنا أن نذكر الحقائق التاريخية، لا، نذكر ولكن من غير إهانة، من غير تسقيط، من غير انتقاص، من غير تعرض لعرض أزواج النبي. يقول: ولا نشك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله، هذا العلامة الألباني يقول، (سلسلة الأحاديث الصحيحة) يقول كان خطأ من أصلة، يقول: والشاهد ولذلك همت بالرجوع حين علمت بتحقق نبوءة النبي عند الحوأب ولكن الزبير أقنعها بترك الرجوع بقوله: عسى الله أن يصلح بك بين الناس، يعني اجتهدت فأخطأت، الآن ليس بحثنا أنها اجتهدت أو لم تجتهد، أنها مؤاخذة أو غير مؤاخذة، المهم أن العلامة الألباني يصرح أن خروجها كان خطأ، ولا نشك أنه مخطأً في ذلك أيضاً، يعني أن الزبير كان مخطأ، والغريب أننا نجد على بعض الفضائيات البائسة واقعاً أنه إذا قال بعض علمائنا وبعض أعلامنا أن الزبير أخطأ في الخروج على علي يقولون بأنه انتقص الصحابة، وهذا الألباني يقول بأنه أخطأ، يقول: والعقل يقطع بأنه لا مناص بالقول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلين، يعني في الجمل، اللتين وقع فيهما مئات القتلى، ولا شك أن عائشة هي المخطئة، لا شك في ذلك، لأسباب كثيرة وأدلة واضحة ومنها ندمها على خروجها، يقول هذا خير شاهد على خطئها وإلا لماذا تندم، ولذا ينقل رواية، يقول: وقد أظهرت عائشة الندم كما أخرجه ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب عن ابن أبي عتيق عن أبي بكر وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن، ما منعك أن تنهاني عن مسيري، قال: رأيت رجلاً غلب عليك، يعني الزبير، فقالت: أما والله لو نهيتني ما خرجت. إلى أن يقول العلامة الألباني، وقال أيضاً إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: قالت عائشة وكانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها، كانت تريد أن تدفن إلى جنب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالت: إني أحدثت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حدثاً، هذا إقرار من عائشة أنها أخطأت، ما هو الحديث؟ هو يقول: ادفنوني مع أزواجه فدفنت بالبقيع، قلت - العلامة الألباني-: تعني بالحديث مسيرها يوم الجمل، فأنها ندمت ندامة كلية وتابت من ذلك، هذا حديث آخر.
وخلاصة ما تقدم وهو أنه أساساً لابد أن نمشي على هذا الصراط المستقيم وأنا أدعو كل أخواني وأبنائي من الخطباء والعلماء وأهل المنبر والفضائيات أن لا يستمعوا لهؤلاء الجهلة من هذا الطرف أو من ذاك الطرف وهو الطعن بعرض النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أو الإساءة أو الاهانة، ولكن هذا لا يعني أن بعضهن لم تخطأ وأنها ندمت على ذلك.
المُقدَّم: مرحباً بكم من جديد مشاهدينا الكرام، قد استمعتم إلى هذا المقطع من حديث سماحة السيد الحيدري وكان قبل ثلاثة أشهر تقريباً أي في أول شهر رجب المنصرم وقد حصص فيه الحق وظهر الوبال، وكل من أراد أن يحاكم مدرسة أهل البيت عليهم السلام في موقف علمائها من أمهات المؤمنين خصوصاً ومن أزواج الأنبياء صلوات الله عليهم عموماً من خلال هذا الكلام العلمي الواضح وهذا لا تقية فيه وقلنا قبل أن تقع مثل هذه الأحداث التي يحاول المغرضون الإيقاع بين المسلمين من خلالها، أعود وإياكم مجدداً إلى ضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: وأهلاً ومرحباً بكم.
المُقدَّم: هل هناك إضافة وتعليق لما ذكر في مقدمة هذه الليلة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع بأنه كما ذكرت في مقدمة حلقة هذا البحث في هذه الليلة هو أن هناك تقريباً يوجد إجماع من علماء مدرسة أهل البيت، طبعاً عندما أقول علماء مدرسة أهل البيت أقصد من ذلك أعلام هذه المدرسة وأساطين هذه المدرسة الذين هم يمثلون الرأي الأساسي في هذه المدرسة وأنتم تعلمون لكل قاعدة شواذ، وهذه ليست في مدرسة أهل البيت بل موجودة في أي مدرسة، نحن واقعاً كما قالت القاعدة ما من عام إلا وقد خص، ما من أصل إلا وله شواذ من هنا وهناك، نحن عندما نقول علماء المدرسة مرادنا أكابر هذه المدرسة، من يشار ويمثلونها حقيقة، وإن كان نعتقد أنه لا يوجد هناك ممثل للمدرسة، وإنما هؤلاء أعلام في هذه المدرسة، من أهم خصائص مدرسة أهل البيت أنهم مجتهدون، لا فقط في الفروع بل في الأصول العقائدية أيضاً، ولكن من باب الإشارة أيضاً أشير إلى بعض كلمات أعلام هذه المدرسة.
منهم الشيخ الطوسي وهو شيخ الطائفة وممن يرجع إليه في مثل هذه المسائل في كتاب (التبيان في تفسير القرآن، ج10، ص52، في ذيل الآية 10من سورة التحريم) لشيخ الطائفة الطوسي، دار إحياء التراث العربي، في قوله تعالى (فخانتاهما) يقول: (قال ابن عباس كانت امرأة نوح وامرأة لوط منافقتين) إذن يرجع الأمر إلى البحث العقائدي لا إلى البحث المرتبط بمسائل الخيانة الزوجية ((فخانتاهما) قال ابن عباس: كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس أنه مجنون وكانت امرأة لوط تُدل على أضيافه) أضياف لوط (فكان ذلك خيانتهما لهما، وما زنت امرأة نبي قط) هذه كلمات علمائنا، لا فقط أعراض النبي الأكرم الذين هو سيد الأنبياء والمرسلين، وأشرف المخلوقات، وأشرف من خلق الله سبحانه وتعالى، فما بالك بسيد الأنبياء، سيد أنبياء أولي العزم من الرسل، كيف الله سبحانه وتعالى لا يطهر ولا يبرأ عرض أزواجه من مثل هذه الفحشاء (وما زنت امرأة نبي قط لما في ذلك من التنفير عن الرسول) وهذا هو الوجه شبه العقلي الذي أشرنا إليه في كلمات السيد الطباطبائي (وإلحاق الوصبة به) التفت إلى الكلام، أنا أنقل كلام شيخ الطائفة الشيخ الطوسي (فمن نسب أحداً من زوجات النبي) ذكرنا مراراً أن زوجات جمع زوجة والزوجة لغة رديئة كما يقال فالأصح الأزواج، (فمن نسب أحداً من زوجات النبي إلى الزنا فقد أخطأ خطأً عظيماً) هذه كلمات علمائنا التي لعلها لا تجد أمثالها في كلمات هؤلاء الذين يحاولوا أن يدافعوا (وليس ذلك قولاً لمحصل) لا يوجد قول يكون محصل ويكون من أهل لا أن يكون عالماً ومرجعاً وعلماً، أصلاً المحصل لا يقول هذا الكلام فما بالك بالعلماء وما بالك بالأعلام والأساطين (وليس ذلك قولاً لمحصل) هذا هو الكلام الأول.
الكلام الثاني: ما جاء في (تنزيه الأنبياء، ص44، في ذيل بحث تنزيه نوح) لعلم الهدى أبي القاسم المعروف بالشريف المرتضى، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بعد أن ينقل رأياً من بعض المفسرين أن المراد من الخيانة هي الخيانة المرتبطة بالفحشاء والمنكر والعياذ بالله قال السيد المرتضى الذي هو علم من أعلام الطائفة: (ولأن الأنبياء) كما قالوا في الأصول أن دخول (ال) على الجمع يفيد العموم، يعني جميع الأنبياء (ولأن الأنبياء عليهم السلام يجب أن ينزهوا عن هذه الحال) يعني أعراضهم تكون ملوثة بالفحشاء (لأنها تعيير وتشيين) من الشين (ونقص في القدر وقد جنبهم الله تعالى ما دون ذلك فما بالك بهذا الأمر) لأن هؤلاء يريدون أن يكونوا قدوا في الناس (ولقد كان لكم في رسول أسوة) كيف يعقل أن يكون القدوة والاسوة لا يستطيع أن يحافظ على أزواجه أو في عرضه لا سمح الله يوجد فحشاء ومنكر، كيف يمكن أن يكون قدوة واسوة في الأمة، أنتم لا تقبلونه لعلماء ولأي داعية ولأي مبلغ فما بالك بالعلماء فما بالك بالأولياء فما بالك الأوصياء، فما بالك بالأنبياء، فما بلك بأنبياء أولي العزم، فما بالك بسيد أنبياء أولي العزم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله الذي يراد له أن يبقى قدوة وأسوة إلى قيام الساعة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. قال: (وقد جنبهم الله تعالى ما دون ذلك تعظيماً لهم وتوقيراً ونفياً لكل ما ينفر عن القبول منهم وقد حمل ابن عباس ما ذكرناه من الدلالة على أن تأويل فلان أن الخيانة لم تكن منهما بالزنا بل كانت إحداهما تخبر الناس كذا والأخرى تدل الأضياف والوجهان الأولان) هذا أيضاً كلام علم آخر من أعلام مدرسة أهل البيت.
علم ثالث من أعلام مدرسة أهل البيت ما ورد في (بحار الأنوار، ج22، ص240، تحت عنوان تأريخ نبينا، باب أحوال عائشة وحفصة) للعلامة المجلسي، مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان، طبعاً أنا حاولت أن أنتخب من الكلمات بمختلف الأجنحة الفكرية والعقدية الموجودة في مدرسة أهل البيت، يعني بعضهم من الأصوليين وبعضهم من المفسرين وبعضهم من الإخباريين والمحدثين وهكذا. بعد أن ينقل قولاً من بعض مفسري أو ما ورد في بعض كتب تفسير الشيعة، انظروا ماذا يقول؟ يقول: (فيه شناعة شديدة وغرابة عجيبة نستبعد صدور مثله عن شيخنا علي بن إبراهيم) صاحب تفسير القمي بل نظن قريباً أنه من زيادات غيره، لأنه واقعاً هذا التفسير المعروف بتفسير القمي لم يثبت أن كل ما فيه منسوب إلى القمي (لأن التفسير الموجود ليس بتمامه منه قدس سره) ولذا هنا واقعاً أشير إلى نكتة للمشاهد الكريم، لا يتبادر أن كل ما في تفسير القمي يمكن الاعتماد عليه بل أن هناك موازين لابد للتمحيص. (بل فيه زيادات كثيرة من غيره فعلى أي هذه مقالة) يعني نسبة الفحشاء إلى أزواج الأنبياء أو إلى أزواج النبي (فعلى أي هذه مقالة يخالفها المسلمون بأجمعهم من الخاصة والعامة وكلهم يقرون بقداسة أذيال أزواج النبي صلى الله عليه وآله) ولذا الآن مع الأسف الشديد المصدر ليس بحوزتي يمكن للمشاهدين الكرام أن يرجعوا في تفسير العلامة الآلوسي في ذيل هذه الآية يقول وما شاع أو نسب إلى الشيعة كلام عارٍ عن الصحة. العلامة الالوسي بودي أن المشاهد الكريم يرجع إلى ذيل هذه الآية يقول بأنه ما نسب إليهم عار عن الصحة، يقول: (يقرون بقداسة أذيال أزواج النبي مما ذكر. نعم، بعضهم يعتقدون عصيان بعضهن لمخالفتها أمير المؤمنين علي عليهم السلام) وهذا المعنى الذي اشرنا إليه فيما سبق. هذا أيضاً في بحار الأنوار.
وكذلك العلامة الطبرسي في (مجمع البيان في تفسير القرآن، في ذيل هذه الآية المباركة من سورة التحريم) هذه عبارته، يقول: (قال ابن عباس كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس أنه مجنون ... فكان ذلك خيانتهما وما بغت امرأة نبي قط) هذا أصل متفق عليه بين جميع المسلمين... والواقع أنا استغرب أن البعض مع الأسف الشديد يريد أن يستفيد من هذه القضايا استفادات مذهبية واستفادات سياسية واقعاً يريد أن يعطي من عرض النبي ليدخل، يعني الفاتورة التي يدفعها بعض هؤلاء المتكلمين في بعض الفضائيات، واقعاً يريدون أن يجعلوا من عرض النبي فاتورة لتصفية الحسابات السياسية والعقدية. مما يؤسف له أن يجعل عرض النبي الأكرم صلى الله عليه وآله محل جدال وجدل، ومتى وقع الشك في عرض أزواج الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام حتى نحتاج إلى تصدير بيانات، البيانات والكلمات إنما تصدر في مورد الشك وفي مورد الحيرة وفي مورد الارتياب لا في الموارد التي مما لا ريب في أنه منفي عن أزواج الأنبياء.
وكذلك من الأعلام المعاصرين بالإمكان أن يرجعوا إليها يجد أن هناك ادعاء الإجماع أنه لا يوجد هناك مخالف في هذه المسألة، واكتفي بهذا القدر.
المُقدَّم: الموضوع واضح وفيما ذكرتموه كفاية تامة لمن يبحث فعلاً عن الحقيقة.
سماحة السيد كمال الحيدري: لمن يبحث عن الحقيقة واقعاً، حتى لا يحمل المسألة كلمات بعض المغفلين أو بعض الجاهلين الذين واقعاً يحاولون أن يصطادوا في مثل هذه الأجواء.
المُقدَّم: أما إذا كان هو يريد أن يبحث عن مادة يتحدث فيها فليتحدث في أي شيء. سماحة السيد هل أن النبي صلى الله عليه وآله شك وارتاب في براءة أم المؤمنين عائشة قبل نزول الوحي عليه.
سماحة السيد كمال الحيدري: كان بودي أن أشير إلى هذه المسألة، طبعاً أشرت إليها في المقدمة إجمالاً، ولكن أريد أن أؤكدها للمشاهد الكريم حتى يعرف كل المسلمين وخصوصاً أولئك الذين يتابعون هذه البرامج التي تحاول أن تبحث مسائل الخلاف بين المسلمين لنصل إلى حقيقة ما في الأمر.
تعليق