السلام عليكم
يقول البخاري : من صحب النبي أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه ( 1 )
ويعلق حجر قائلا : يعني أن اسم صحبة النبي صلى الله عليه وآله مستحق لمن صحبه أقل ما يطلق عليه اسم صحبة لغة وإن كان العرف يخص ذلك ببعض الملازمة .
ويطلق أيضا على من رآه رؤية ولو عن بعد . وهذا الذي ذكره البخاري هو الراجح إلا أنه هل يشترط في الرائي أن يكون بحيث يميز ما رآه أم يكتفي بمجرد حصول الرؤية ؟
محل نظرهم ومنهم من بالغ فكان لا يعد في الصحابة إلا من صحب الصحبة العرفية وكذلك روي عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يعد من أقام مع النبي صلى الله عليه وآله سنة فصاعدا أو غزا معه غزوة فصاعدا . والعمل على خلاف هذا القول لأنهم اتفقوا على عد جمع جم من الصحابة لم يجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وآله إلا في حجة الوداع .
ومن اشترط الصحبة العرفية أخرج من له رؤية أو من اجتمع به لكن فارقه عن قرب . ومنهم من اشترط في ذلك أن يكون حين اجتماعه به بالغا وهو مردود أيضا لأنه أخرج مثل الحسن بن علي عليه السلام ونحوه من أحداث الصحابة .
والذي جزم به البخاري هو قول أحمد والجمهور من المحدثين ويرد على التعريف من صحبه أو رآه مؤمنا به ثم ارتد بعد ذلك ولم يعد إلى الإسلام فإنه ليس صحابيا اتفاقا فينبغي أن يزاد فيه - أي في قول البخاري - " ومات على ذلك " .
فلو ارتد ثم عاد إلى الإسلام لكنه لم يره ثانيا بعد عوده فالصحيح أنه معدود في الصحابة لإطباق المحدثين على عد الأشعث بن قيس ونحوه ممن وقع له ذلك وإخراجهم أحاديثهم في المسانيد .
أما الجن فالراجح دخولهم لأن النبي بعث إليهم قطعا وهم مكلفون فيهم العصاة والطائعون فمن عرف اسمه منهم لا ينبغي التردد في ذكره في الصحابة .
وأما الملائكة فيتوقف عدهم فيهم على ثبوت بعثته إليهم فإن فيه خلافا بين الأصوليين حتى نقل بعضهم الإجماع
* ( هامش ) *
( 1 ) البخاري كتاب فضائل أصحاب النبي . ( * )
على ثبوته وعكس بعضهم ، وهذا كله فيمن رآه في قيد الحياة الدنيوية أما من رآه بعد موته وقبل دفنه فالراجح أنه ليس بصحابي ( 1 ) .
وقد نقل ابن حجر قول شيخ البخاري علي بن المديني : من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه ساعة من نهار فهو من أصحاب النبي ( 2 ) .
والقاضي الباقلاني : إن الصحبة لا يوصف بها إلا من كثرت صحبته واتصل لقاؤه ولا يجري هذا لوصف على من لقي النبي ساعة ومشى معه خطأ أو سمع منه حديثا ( 3 ) .
ويقول الغزالي : اعلم أن للناس في الصحابة والخلفاء إسرافا في أطراف . فمن مبالغ في الثناء حتى يدعي العصمة للأئمة ، ومنهم متهجم على الطعن يطلق اللسان في ذمة الصحابة . فلا تكونن من الفريقين واسلك طريق الاقتصاد في الاعتقاد . واعلم أن كتاب الله تعالى مشتمل على الثناء على المهاجرين والأنصار وتواترت الأخبار بتزكية النبي صلى الله عليه وسلم إياهم . فينبغي أن تستعمل هذا الاعتقاد في حقهم ولا تسئ الظن بهم ( 4 ) .
ويقول ابن حجر : وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لم يرو ، من غزا معه أو لم يغز ، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ومن لم يره لعارض كالعمى . ويدخل في قولنا مؤمنا به كل مكلف من الجن والإنس . واتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة ( 5 ) .
* ( هامش ) *
( 1 ) فتح الباري : ج 7 / 4 وما بعدها .
( 2 ) المرجع السابق .
( 3 ) الكفاية ، ص 51 .
( 4 ) الاقتصاد في الاعتقاد . ط . القاهرة .
( 5 ) الإصابة في تمييز الصحابة : ج 1 / 7 . ويذكر أن ابن حجر يعتبر الأطفال ممن مات النبي وهم دون سن التمييز صحابة . ويقول إن ذكر أولئك في الصحابة إنما هو على سبيل الالحاق لغلبة الظن على أنه رآهم . وقال ابن حزم : الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعا . ( * )
ويقول ابن الأثير : والصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلا في الجرح والتعديل فإنهم كلهم عدول لا يتطرق إليهم الجرح لأن الله عز وجل زكاهم وعدلهم وذلك مشهور لا نحتاج لذكره ( 1 ) .
ويقول ابن عبد البر : فهم خير القرون وخير أمة أخرجت للناس ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم وثناء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعدل ممن ارتضاه الله بصحبة نبيه ونصرته ولا تزكية أفضل من ذلك ولا تعديل أكمل منها . قال تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) الآية ( 2 ) .
ويقول الطحاوي : ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم . ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الحق يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ( 3 ) .
ويقول ابن تيمية : ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويقبلون ما جاء في الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ( 4 ) .
ويقول السفاريني : والذي أجمع عليه أهل السنة والجماعة أنه يجب على كل واحد تزكية جميع الصحابة بإثبات العدالة لهم والكف عن الطعن فيهم والثناء عليهم . والاعتقاد بنزاهتهم وأنهم أفضل جميع الأمة بعد نبيهم . هذا مذهب كافة الأمة ومن عليه المعول من الأئمة ( 5 ) .
* ( هامش ) *
( 1 ) أسد الغابة في معرفة الصحابة ، ج 1 ، ط . القاهرة .
( 2 ) الإستيعاب في معرفة الأصحاب بهامش الإصابة .
( 3 ) شرح الطحاوية في العقيدة السلفية .
( 4 ) العقيدة الواسطية شرح خليل هراس . ط . الجامعة الإسلامية ، المدينة المنورة .
( 5 ) الدرة المضيئة وشرحها / عقيدة سفاريني : ج 2 / 338 . ( * )
ويقول ابن الصلاح : للصحابة بأسرهم خصيصة وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم . بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة والإجماع ( 1 ) .
ويفسر أهل السنة المقصود بالعدالة بقولهم : تفصيله أن يكون مسلما بالغا عاقلا سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة ( 2 ) .
ويقول ابن حجر : والمراد بالعدل ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة والمراد بالتقوى اجتناب الأعمال السيئة من شركة أو فسق أو بدعة ( 3 ) .
وقال ابن عابدين : العدل من يجتنب الكبائر كلها حتى لو ارتكب كبيرة تسقط عدالته وفي الصغائر العبرة بغلبه أو الإصرار على الصغيرة فتصير كبيرة . وتعود إليه عدالته إذا تاب ( 4 ) .
وروى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير : كنا عند مالك بن أنس فذكروا رجلا ينتقص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ مالك هذه الآية ( محمد رسول الله والذين معه ) حتى بلغ ( يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ) فقال مالك : من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية ( 5 ) .
وقال القرطبي : لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله فمن نقص واحدا منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين وأبطل شرائع المسلمين ( 6 ) .
ويروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار لي من أصحابي أربعة - يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعليا - فجعلهم أصحابي ) ( 7 ) .
* ( هامش ) *
( 1 ) علوم الحديث ، ص 264 .
( 2 ) المرجع السابق .
( 3 ) شرح نخبة الفكر . وقال مثله النووي في التقريب ، والسيوطي في تدريب الراوي .
( 4 ) الدر المختار ، كتاب الشهادة .
( 5 ) الجامع لأحكام القرآن ، ج 16 / 296 . ط . القاهرة .
( 6 ) المرجع السابق .
( 7 ) رواه البزار عن جابر مرفوعا صحيحا . ( * )
وقال الآمدي في الأحكام : اتفق الجمهور من الأئمة على عدالة الصحابة ، وقال قوم : حكمهم في العدالة حكم من بعدهم في لزوم البحث عن عدالته عند الرواية .
ويقول القرطبي : فالصحابة كلهم عدول . أولياء الله تعالى وأصفياؤه وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله ، هذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة . وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم فيلزم البحث عن عدالتهم . ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر . فقال : إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء فلا بد من البحث . وذا مردود ولا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به وقد تعبدنا بالكف عما شجر بينهم وألا نذكرهم إلا بأحسن الذكر لحرمة الصحبة ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سبهم وأن الله غفر لهم وأخبر بالرضا عنهم . ومن أصحابنا من قال : إن سبيل ما جرت بين الصحابة من المنازعات كسبيل ما جرى بين إخوة يوسف مع يوسف . ثم إنهم لم يخرجوا بذلك عن حد الولاية والنبوة فكذلك الأمر فيما جرى بين الصحابة ، وقد سئل الحسن البصري عن قتالهم فقال : قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغبنا وعلموا وجهلنا واجتمعوا فاتبعنا . واختلفوا فوفقنا ( 1 ) .
والحمد لله
يتبع
يقول البخاري : من صحب النبي أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه ( 1 )
ويعلق حجر قائلا : يعني أن اسم صحبة النبي صلى الله عليه وآله مستحق لمن صحبه أقل ما يطلق عليه اسم صحبة لغة وإن كان العرف يخص ذلك ببعض الملازمة .
ويطلق أيضا على من رآه رؤية ولو عن بعد . وهذا الذي ذكره البخاري هو الراجح إلا أنه هل يشترط في الرائي أن يكون بحيث يميز ما رآه أم يكتفي بمجرد حصول الرؤية ؟
محل نظرهم ومنهم من بالغ فكان لا يعد في الصحابة إلا من صحب الصحبة العرفية وكذلك روي عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يعد من أقام مع النبي صلى الله عليه وآله سنة فصاعدا أو غزا معه غزوة فصاعدا . والعمل على خلاف هذا القول لأنهم اتفقوا على عد جمع جم من الصحابة لم يجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وآله إلا في حجة الوداع .
ومن اشترط الصحبة العرفية أخرج من له رؤية أو من اجتمع به لكن فارقه عن قرب . ومنهم من اشترط في ذلك أن يكون حين اجتماعه به بالغا وهو مردود أيضا لأنه أخرج مثل الحسن بن علي عليه السلام ونحوه من أحداث الصحابة .
والذي جزم به البخاري هو قول أحمد والجمهور من المحدثين ويرد على التعريف من صحبه أو رآه مؤمنا به ثم ارتد بعد ذلك ولم يعد إلى الإسلام فإنه ليس صحابيا اتفاقا فينبغي أن يزاد فيه - أي في قول البخاري - " ومات على ذلك " .
فلو ارتد ثم عاد إلى الإسلام لكنه لم يره ثانيا بعد عوده فالصحيح أنه معدود في الصحابة لإطباق المحدثين على عد الأشعث بن قيس ونحوه ممن وقع له ذلك وإخراجهم أحاديثهم في المسانيد .
أما الجن فالراجح دخولهم لأن النبي بعث إليهم قطعا وهم مكلفون فيهم العصاة والطائعون فمن عرف اسمه منهم لا ينبغي التردد في ذكره في الصحابة .
وأما الملائكة فيتوقف عدهم فيهم على ثبوت بعثته إليهم فإن فيه خلافا بين الأصوليين حتى نقل بعضهم الإجماع
* ( هامش ) *
( 1 ) البخاري كتاب فضائل أصحاب النبي . ( * )
على ثبوته وعكس بعضهم ، وهذا كله فيمن رآه في قيد الحياة الدنيوية أما من رآه بعد موته وقبل دفنه فالراجح أنه ليس بصحابي ( 1 ) .
وقد نقل ابن حجر قول شيخ البخاري علي بن المديني : من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه ساعة من نهار فهو من أصحاب النبي ( 2 ) .
والقاضي الباقلاني : إن الصحبة لا يوصف بها إلا من كثرت صحبته واتصل لقاؤه ولا يجري هذا لوصف على من لقي النبي ساعة ومشى معه خطأ أو سمع منه حديثا ( 3 ) .
ويقول الغزالي : اعلم أن للناس في الصحابة والخلفاء إسرافا في أطراف . فمن مبالغ في الثناء حتى يدعي العصمة للأئمة ، ومنهم متهجم على الطعن يطلق اللسان في ذمة الصحابة . فلا تكونن من الفريقين واسلك طريق الاقتصاد في الاعتقاد . واعلم أن كتاب الله تعالى مشتمل على الثناء على المهاجرين والأنصار وتواترت الأخبار بتزكية النبي صلى الله عليه وسلم إياهم . فينبغي أن تستعمل هذا الاعتقاد في حقهم ولا تسئ الظن بهم ( 4 ) .
ويقول ابن حجر : وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لم يرو ، من غزا معه أو لم يغز ، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ومن لم يره لعارض كالعمى . ويدخل في قولنا مؤمنا به كل مكلف من الجن والإنس . واتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة ( 5 ) .
* ( هامش ) *
( 1 ) فتح الباري : ج 7 / 4 وما بعدها .
( 2 ) المرجع السابق .
( 3 ) الكفاية ، ص 51 .
( 4 ) الاقتصاد في الاعتقاد . ط . القاهرة .
( 5 ) الإصابة في تمييز الصحابة : ج 1 / 7 . ويذكر أن ابن حجر يعتبر الأطفال ممن مات النبي وهم دون سن التمييز صحابة . ويقول إن ذكر أولئك في الصحابة إنما هو على سبيل الالحاق لغلبة الظن على أنه رآهم . وقال ابن حزم : الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعا . ( * )
ويقول ابن الأثير : والصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلا في الجرح والتعديل فإنهم كلهم عدول لا يتطرق إليهم الجرح لأن الله عز وجل زكاهم وعدلهم وذلك مشهور لا نحتاج لذكره ( 1 ) .
ويقول ابن عبد البر : فهم خير القرون وخير أمة أخرجت للناس ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم وثناء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعدل ممن ارتضاه الله بصحبة نبيه ونصرته ولا تزكية أفضل من ذلك ولا تعديل أكمل منها . قال تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) الآية ( 2 ) .
ويقول الطحاوي : ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم . ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الحق يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ( 3 ) .
ويقول ابن تيمية : ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويقبلون ما جاء في الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ( 4 ) .
ويقول السفاريني : والذي أجمع عليه أهل السنة والجماعة أنه يجب على كل واحد تزكية جميع الصحابة بإثبات العدالة لهم والكف عن الطعن فيهم والثناء عليهم . والاعتقاد بنزاهتهم وأنهم أفضل جميع الأمة بعد نبيهم . هذا مذهب كافة الأمة ومن عليه المعول من الأئمة ( 5 ) .
* ( هامش ) *
( 1 ) أسد الغابة في معرفة الصحابة ، ج 1 ، ط . القاهرة .
( 2 ) الإستيعاب في معرفة الأصحاب بهامش الإصابة .
( 3 ) شرح الطحاوية في العقيدة السلفية .
( 4 ) العقيدة الواسطية شرح خليل هراس . ط . الجامعة الإسلامية ، المدينة المنورة .
( 5 ) الدرة المضيئة وشرحها / عقيدة سفاريني : ج 2 / 338 . ( * )
ويقول ابن الصلاح : للصحابة بأسرهم خصيصة وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم . بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة والإجماع ( 1 ) .
ويفسر أهل السنة المقصود بالعدالة بقولهم : تفصيله أن يكون مسلما بالغا عاقلا سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة ( 2 ) .
ويقول ابن حجر : والمراد بالعدل ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة والمراد بالتقوى اجتناب الأعمال السيئة من شركة أو فسق أو بدعة ( 3 ) .
وقال ابن عابدين : العدل من يجتنب الكبائر كلها حتى لو ارتكب كبيرة تسقط عدالته وفي الصغائر العبرة بغلبه أو الإصرار على الصغيرة فتصير كبيرة . وتعود إليه عدالته إذا تاب ( 4 ) .
وروى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير : كنا عند مالك بن أنس فذكروا رجلا ينتقص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ مالك هذه الآية ( محمد رسول الله والذين معه ) حتى بلغ ( يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ) فقال مالك : من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية ( 5 ) .
وقال القرطبي : لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله فمن نقص واحدا منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين وأبطل شرائع المسلمين ( 6 ) .
ويروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار لي من أصحابي أربعة - يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعليا - فجعلهم أصحابي ) ( 7 ) .
* ( هامش ) *
( 1 ) علوم الحديث ، ص 264 .
( 2 ) المرجع السابق .
( 3 ) شرح نخبة الفكر . وقال مثله النووي في التقريب ، والسيوطي في تدريب الراوي .
( 4 ) الدر المختار ، كتاب الشهادة .
( 5 ) الجامع لأحكام القرآن ، ج 16 / 296 . ط . القاهرة .
( 6 ) المرجع السابق .
( 7 ) رواه البزار عن جابر مرفوعا صحيحا . ( * )
وقال الآمدي في الأحكام : اتفق الجمهور من الأئمة على عدالة الصحابة ، وقال قوم : حكمهم في العدالة حكم من بعدهم في لزوم البحث عن عدالته عند الرواية .
ويقول القرطبي : فالصحابة كلهم عدول . أولياء الله تعالى وأصفياؤه وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله ، هذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة . وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم فيلزم البحث عن عدالتهم . ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر . فقال : إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء فلا بد من البحث . وذا مردود ولا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به وقد تعبدنا بالكف عما شجر بينهم وألا نذكرهم إلا بأحسن الذكر لحرمة الصحبة ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سبهم وأن الله غفر لهم وأخبر بالرضا عنهم . ومن أصحابنا من قال : إن سبيل ما جرت بين الصحابة من المنازعات كسبيل ما جرى بين إخوة يوسف مع يوسف . ثم إنهم لم يخرجوا بذلك عن حد الولاية والنبوة فكذلك الأمر فيما جرى بين الصحابة ، وقد سئل الحسن البصري عن قتالهم فقال : قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغبنا وعلموا وجهلنا واجتمعوا فاتبعنا . واختلفوا فوفقنا ( 1 ) .
والحمد لله
يتبع
تعليق