بسم الله الرحمن الرحيم
عندما يقولون صحيح على شرط البخاري و مسلم فإن هذا الحديث عندهم يكون من أعلى درجات الوثاقة
ولكن هل تعلم أن البخاري و مسلم لم يصنفوا و لم يوضحوا ما هي شروطهم !!!
بل هو أستنباط من باقي علمائهم حول ما يظنون أنه شرط البخاري و مسلم !!!
لذلك أختلفوا حول شرط البخاري و مسلم
هذا يقول صحيح على شرط البخاري و مسلم و ذلك يقول هذا حديث غير صحيح
وهذه المهزلة تظهر واضحة في تعليق الذهبي على مستدرك الحاكم النيسابوري
هذا يقول صحيح على شرط الشيخين و ذلك يقول الحديث غير صحيح ...
فهم غير متفقين على شروط صحة الأحاديث و لا يعرفون بالضبط ما هي شروط البخاري و مسلم
فكيف جزموا بوثاقة و صحة كل ما في الصحيحين !!!
كيف وثق علمائهم الصحيحان و حكموا بصحتهم و هم لا يعلمون الشروط التى من أجلها حكم البخاري و مسلم لأجلها بصحة هذه الأحاديث !!!
ويمكن القول في بيان ذلك أنه صرح غير واحد من أهل التحقيق من علماء السنة أنّ كلاً من البخاري والمسلم لم يصرح بشرطه ، وإنما عُرف ذلك من خلال سبر كتاب كل منهما ، يقول السخاوي في فتح المغيث : ... فاعلم أنه لم يُصرح أحد من الشيخين بشرطه في كتابه ولا في غيره كما جزم به غير واحد ، منهم النووي ، وإنما عُرف السبر لكتابيهما ، ولذا اختلف الأئمة في ذلك .
فتح المغيث ج1 ص 52 .
وبالجملة فقد اختلفوا في شرطيهما على أقوال :
1- أنهما يشترطان في صحة الحديث أنْ يكون نقلته متفق على وثاقتهم بإسناد متصل إلى الصحابي المشهور ، ذكر ذلك ابن طاهر المقدسي في كتابه شروط الأئمة الستة .
شروط الأئمة الستة ص 10 ، فتح المغيث ج1 ص 53 ، ظفر الأماني لأبي الحسنات اللكنوي ص 152 .
ويكفي دليلاً على عدم صحة هذا الادعاء أنّ عدداً كبيراً ممن احتج بهم البخاري لم يتفق على وثاقتهم ، بل اختلفت فيهم كلمات أعلام الجرح والتعديل ، وقد عقد الحافظ ابن حجر في هدي الساري فصلاً طويلاً فيهم وحاول إثبات أنْ الطعون الواردة فيهم لا تقتضي عدم الوثاقة .
2- أنّ شرط الصحة أن يكون الحديث متصل الإسناد وأنْ يكون كل راو من رواته مسلماً صادقاً غير مدلس ولا مختلط ، متصفاً بصفات العدالة سليم الذهن ، قليل الوهم ، سليم الإعتقاد ، بيد أنّ البخاري اشترط مضافاً إلى ذلك أنْ يكون متصل الإسناد وجميع رواته من المتقنين الملازمين لمن أخذوا عنه الحديث ملازمة طويلة سفراً وحضراً ، وأنه قد يُخرج أحياناً ما يعتمده عن أعيان الطبقة التي تلي هذه في الإتقان ، بينما مسلم يخرج أحاديث الطبقة التي تكون في غاية الإتقان بسبب ملازمتها للحديث وللطبقة التي تليها ، وقد يُخرج حديث الثقة الذي لم يسلم من الجرح إذا كان كثير المـلازمة لمن أخذ عنـه الحديث . ذكر ذلك أبو بكر الحازمي .
فتح المغيث ج1 ص 53 .
وهذا الأمر أشكل من سابقه ولا دليل عليه في كلمات البخاري أو مسلم ، بل يمكن ادعاء أنّ جملة وافرة من الرواة لا تتوفر فيهم هذه الشروط مجتمعة .
3- أنْ يكون الحديث متصل الإسناد إلى الصحابي المشهور بالرواية عن النبي (ص) وأنْ يروي الحديث عنه راويان ثقتان ، ثم يكون للتابعي المشهور راويان ثقتان ، ثم يرويه عنه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور ، وله رواة ثقات من الطبقة الرابعة (طبقة ما بعد أتباع التابعين ) ثم يكون شيخ البخاري أو مسلم حافظاً متقناً مشهوراً بالعدالة في روايته ، وله رواة ، ثم يتداوله أهل الحديث بالقبول بعد ذلك ،
فيكون ذلك كالشهادة على الشهادة ، ذكر ذلك الحاكم وأبو بكر البيهقي .
فتح المغيث ج1 ص 54 ، المدخل إلى معرفة كتاب للحاكم ص 48 ط. دار الفيحاء / دمشق ، المقنع في علوم الحديث لابن الملقِّن ج1 ص 68 .
وهذا الإدعاء أيضاً لم يقبله بعض أعلام المحدثين من السنة كابن طاهر المقدسي والحازمي .
4- أنّ شرطهما إخراج حديث الثقة الذي لم يُجمع على تركه مع اتصال الإسناد من غير قطـع ولا إرسال . ذكر ذلك ابن مندة ، وهـو الأقرب لمقتضى التحقيق .
المقنع في علوم الحديث لابن الملقِّن ج1 ص 69 .
وعلى جميع التقادير ، فسواء قبلنا أنّ البخاري ومسلم كانا يأخذان بالشروط المذكورة في صحة الحديث أم لا ، فإنّ الحديث الذي حكموا بصحته تام الإسناد عندهم ، وإذا ورد حديث آخر بنفس الكيفية فهو على شرطهما أو على شرط أحدهما
رغم اختلف علماء الحديث من السنة بأنّ الحديث الذي يكون على شرط البخاري ومسلم أو أحدهما هل يشترط فيه أن يكون رجال السند بأعيانهم احتج بهم البخاري ومسلم أو أحدهما في الصحيحين ، أو يكفي تطابق السند وأحوال الرواة مع شرط البخاري ومسلم أو أحدهما وإنْ لم يخرّج له البخاري أو مسلم في كتابيهما
منقول من كتاب : الأنصاف في مسائل الخلاف ج1 ص107-ص110
مع تصرف بالنصوص
تعليق