إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

من المباديء العقدية عند الاباضية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من المباديء العقدية عند الاباضية

    نفي التشبيه والتجسيم: يقوم البنيان العقدي الإباضي على مبدأ تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقات، وهذا المبدأ مبني على مجموعة من القواعد الكلية المستوحاة من الكتاب العزيز والسنة المجتمع عليها، ودلائل العقل السليم، وهذه القواعد هي:
    القاعدة الأولى: الله سبحانه وتعالى لا يشبه المخلوقات.
    1- ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ` اللَّهُ الصَّمَدُ ` لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ` وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌالإخلاص:1-4.
    2-﴿فَلاَ تَجـْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتـُمْ تَعْلَمُونَ البقرة:22.
    3- ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌالشورى: 11.
    4- ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّامريم: 65.
    فهذه الآيات تنفي مشابَهة الخالق U لأيّ شيء من مَخلوقاته في كُلّ شيء من الصفات والأفعال حَتَّى الحاجة للمكان والزمان؛ لأنَّ الأشياء سوى الله U مَخلوقة، وهي مُحتاجة للزمان والمكان، والله تعالى هو الخالق وهو لا يشبه المخلوقات في شيء، فليس محتاجاً للزمان ولا للمكان. كما أنَّ الزمان والمكان مخلوقان لله الذي كان قبل خلق الزمان والمكان، قال تعالى:﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍالزمر: 62، فكيف يحتاج إليهما وهما مخلوقان له وهو القائل:﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُالحج: 64.
    القاعدة الثانية: لا يوصف الله سبحانه وتعالى بالجهات.
    1-﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِالبقرة: 115.
    2-﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌالحديد: 3.
    فقد أثبتَ تعالى أن جَميع الجهات بالنسبة له واحدة، فلا يَختصُّ بِجهة دون جهة.
    القاعدة الثالثة: الله سبحانه وتعالى قريب من عباده بعلمه وحفظه.
    1-﴿كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْالعلق: 19.
    2-﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِق: 16.
    3-﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لا تُبْصِرُونَالواقعة: 85.
    القاعدة الرابعة: الله سبحانه وتعالى مع خلقه بعلمه وحفظه.
    1-﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌالحديد: 4.
    2-﴿مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواالمجادلة: 7.
    ويلزم من قال إنَّ الله موجود في جهة الفَوْق، أن يقول إنَّ الله تعالى موجود معنا بذاته!، فلمَّا لم يُجوّز القول بذلك أثبت أنَّ الله تعالى لا يوصف بالأمكنة والجهات.
    القاعدة الخامسة: الأدلَّة العقلية تَمنع جواز وصف الله تعالى بالجهة والمكان.
    1- أنَّ المكان من خلق الله تعالى، ومن ضرورة العقل وجوب تقدّم الخالق على المخلوق في الوجود، فلو كان تعالى حالاً في مكان لوجب تقدّم المكان عليه لضرورة العقل بذلك، فيستلزم خالقاً غيره وهو باطل، أو أن يكون قديماً معه فيلزم تعدّد القدماء وهو باطل.
    2- لو كان تعالى حالاًّ في مكان للزم أن يكون المكان محيطاً به ولو من جهة واحدة، فيلزم تَحديده وتناهيه وهما مستحيلان عليه.
    3- لو كان تعالى حالاًّ في مكان للزم أن يكون المكان أقوى منه؛ لأنَّه هو الذي حَمله، وكون غيره تعالى أقوى منه محال.
    4- أن المكان صفة للأجسام وهو تعالى ليس بِجسم.
    5- المتمكّن مُحتاج إلى مكانه، والمكان مستغن عن المتمكّن. ومعنى ذلك احتياج الله للمكان دون حاجة المكان إليه.
    6- لو كان في مكان، فإمَّا أن يكون في بعض الأحياز، أو في جَميعها وكلاهما باطل. أمَّا الأوَّل: فلتساوي الأحياز ونسبته إليها، فيكون اختصاصه ببعضها ترجيحاً بلا مرجِّح، وأمَّا الثاني: فلأنَّه يلزم تداخل المتحيِّزين ومخالطته لقاذورات العالم، تعالى عن ذلك علواً كبيراً([17]).
    7- كلُّ متحيِّز هو مُختصّ بِحيِّزه، ولن يَخلو من أن يكون ساكناً فيه أو متحرِّكاً عنه، فلا يَخلو عن الحركة أوالسكون وهما حادثان، وما لا يَخلو من الحوادث فهو حادث([18]).
    8- أنَّ الجالس على العرش لا بُدَّ أن يكون الجزء الحاصل مِنه في يَمين العرش غير الحاصل في يسار العرش، فيكون في نفسه مؤلّفاً مركباً، وكلُّ ما كان كذلك احتاج إلى المؤلّف والمركب، وذلك محال.
    9- لو كان علوُّه بسبب المكان، لكان لا يخلو إمَّا أن يكون متناهياً في جهة الفَوْق، أو غير متناه في تلك الجهة، والأوَّل باطل؛ لأنَّه إذا كان متناهياً في جهة الفَوْق، كان الجزء المفروض فَوْقه أعلى منه، فلا يكون هو أعلى من كلِّ ما عداه، بل يكون غيره أعلى منه. وإن كان كان غير متناه فهذا محال؛ لأنَّ القول بإثبات بعد لا نِهاية له باطل بالبراهين اليقينية، فإذا قدَّرنا بعداً لا نِهاية له، لافترض في ذلك وجود نقاط غير متناهية كلّ نقطة فَوْقها نقطة أخرى إلى ما لا نِهاية، فكلُّ نقطة من تلك النقاط تُعدّ سفلاً بالنسبة للأخرى، فحينئذ لا يكون لشيء من النقاط المفترضة علو مطلق البتَّة، وذلك ينفي صفة العلوية.
    10- أنَّ العالم كرة، ومتى كان الأمر كذلك، فكلُّ جانب يفرض علواً بالنسبة إلى أحد وجهي الأرض يكون سفلاً بالنسبة للوجه الثاني، فينقلب غاية العلوّ غاية السفل.
    11- أنَّ كلَّ وصف يكون ثبوته لأحد الأمرين بذاته، وللآخر بتبعيَّة الأوَّل كان ذلك الحكم في الذاتي أتَمّ وأكمل، وفي العرض أقلّ وأضعف، فلو كان علوُّ الله تعالى بسبب المكان لكان علوّ المكان الذي بسببه حصل هذا العلوّ لله تعالى صفة ذاتيَّة، ولكان حصول هذا العلوّ لله تعالى حصولاً بتبعيَّة حصوله في المكان، فكان علوّ المكان أتَمّ وأكمل من علوّ ذات الله تعالى، فيكون علوّ الله ناقصاً وعلوّ غيره كاملاً، وذلك مُحال([19]).
    وقد ذهب بعض البسطاء إلى أن الله تعالى موجود في السماء بذاته، وأنه مستو على عرشه كما يستوي الفارس على رحل فرسه، وقد قام كثير من عقلاء الأمة بالرد عليهم([20]).
    القاعدة السادسة: الأدلَّة العقلية تَمنع جواز وصف الله تعالى بالجوارح وصفات الأجسام.
    1- لو كان لله تعالى يد وعين وساق إلى غير ذلك ستكون اليد محتاجة للعين لأن اليد لا تستطيع الرؤية، وتكون العين محتاجة لليد لأن العين لا تستطيع البطش والعطاء، فيكون كل جزء من هذه الأجزاء محتاج مفتقر إلى الآخر، أي أن الله تعالى مجزأ مقطع مركب من أجزاء كل منها عاجز ومحتاج إلى الجزء الآخر، والتأليف والتركيب من صفات المخلوقات.




    تحياتي للجميع و أتمنى الفائدة للجميع


  • #2
    خلود صاحب الكبيرة في النار إن أصر عليها ولم يتب من وزرها:
    الإنسان بطبيعته البشرية لا يكاد ينجو من الوقوع في الزلل والتلبس بالمعاصي، وهذه المعاصي الصغيرة معفوة تلقائياً طالما تجنب الإنسان الوقوع في الفواحش العظيمة والكبائر الوخيمة، يقول تعالى {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا}النساء: 31، فالصغائر مستثناة من الوعيد، أما الكبائر فهي التي "أوجب الله تعالى لها حدّ في الدنيا أو توعد فاعلها بعذاب في الآخرة"([24])، مثل القتل والزنا والسرقة، فإن تاب الإنسان من هذه الكبائر كان من الفائزين، وإن أصر عليها واستكبر فهو في النار من الخالدين.
    وقد أسس الإباضية هذا المبدأ على مجموعة من القواعد الكلية المستوحاة من النصوص المحكمة من الكتاب العزيز والسنة المجتمع عليها، وهذه القواعد هي:
    القاعدة الأولى: خلود أصحاب الكبائر في النار إن لم يتوبوا إلى الله.
    1-يقول تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ` يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا}الفرقان: 68-69.
    2-ويقول تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}النساء: 93.
    3- يقول تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ` وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}النساء13-14.
    4- ويقول تعالى:{إِلا بَلاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}الجن: 23.
    5- ويقول تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ}التوبة: 63.
    6- ويقول تعالى:{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ` فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}النحل: 28-29.
    7- ويقول تعالى حاكياً عن خلود الفسقة في النار وحديثهم مع الذين أضلوهم السبيل:{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ` وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}البقرة: 166-167.
    8-ويقول تعالى:{وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ}الشورى: 45.
    9- ويقول تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ` لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}الزخرف:74-76.
    ومن نصوص السنة النبوية المجتمع عليها، قول النبيصلى الله عليه و سلم:
    1- "لا يدخل الجنة مخنَّث ولا ديوث"([25]).
    2- "الجنة حرام على من قتل ذمّيّاً"([26]).
    3- "لا يدخل الجنة قتات"([27]).
    4- "لا يدخل الجنة قاطع رحم"([28]).
    5- "لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه"([29]).
    6- "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"([30]).
    7- "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً"([31]).
    القاعدة الثانية: خروج المصرّين على الكبائر من النار هي فكرة إسرائيلية الأصل، وقد حذر الله تعالى منها:
    1- يقول تعالى حاكياً عن اليهود:{وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}البقرة:80.
    2- ويقول تعالى ناهياً المسلمين عن اتباع فكر أهل الكتاب: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا}النساء: 123.
    3- ويقول تعالى محذراً المسلمين من السير في طريق بني اسرائيل الذي سول لهم انتهاك حرمات الدين: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مُّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ}الأعراف: 169.
    القاعدة الثالثة: كلمات الله تعالى لا تتبدل ولا تتغير ولا يوصف تعالى بالعلم بعد الجهل "البداء"، بل علمه مطلق.
    1-يقول تعالى:{لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ ` مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ` يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ}ق:28-30.
    2-وقال عز وجل:{وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ}الأنعام: 34.
    3-وقال عز وجل: {لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}يونس64.
    4- وقال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}الأنعام:115.
    5- وقال عز وجل:{وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا}الكهف: 27.
    القاعدة الرابعة: الشفاعة يوم القيامة لا ينالها إلا المتقون.
    1-يقول تعالى:{وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى}الأنبياء: 21.
    2-يقول تعالى: {لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}مريم: 87.
    وقد ذهبت بعض الفرق إلى جواز خروج أهل النار منها!، وقد تم تفنيد حججهم في الكثير من المصنفات"([32]).

    تعليق


    • #3
      الأباضية و ما أدراك مالأباضية
      لديهم عقائد غاية في الفساد و النصب
      أفضل ما فيهم أنه ممكن التعايش معهم بسلام على عكس الوهابية المقيتة ...

      يقول أحدهم أن الامام الحسين عليه السلام قد كفر أمير المؤمنين عليه السلام !! أو يتبرء من الحسنين عليهم السلام !! ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..

      يقول علامتهم وقطب أئمتهم محمد ابن الحاج يوسف أطفيش :

      (( ومن كتب قومنا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة الا ابني الخالة عيسى بن مريم و يحيى ابن زكريا و فاطمة سيدة نساء أهل الجنة الا ماكان من مريم بنت عمران رواه أحمد و ابو يعلى و ابن حبان و الطبراني و الحاكم عن ابي سعيد ، اما الحسين فالقلب به أرأف اذ قتل مظلوماً خارجاً عن الظلمة ولم يروى عنه سوء واما الحسين فمن كلامه لأبيه انك قتلت القوم ظلماً و انه لا يرى قاتلهم الجنة ( أي الامام ع ) !!

      ونقم عليه أصحابنا ( اي الاباضية) أنه قتل عبد الرحمن المرادي
      و لعله لم يصح ولو شهر في الكتب وذكر السيابي البراءة منهما لتصويبهما اباهما !!

      و ذكر بعض أصحابنا العجوز منهم ان عليا تاب فقالت انتم لاخرين أظهرثم مادفنه الاولون ! )) اهـ

      المصدر :جامع الشمل في أحاديث خاتم الرسل / تأليق الشيخ العلامة محمد ابن الحاج يوسف أطفيش / صـ 19-20 / طبع وزراة التراث القومي و الثقافة سلطنة عُمان / طبهة حجرية بخط اليد 1984م - 1404 هـ .


      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة شيخ الطائفة
        الأباضية و ما أدراك مالأباضية
        لديهم عقائد غاية في الفساد و النصب
        أفضل ما فيهم أنه ممكن التعايش معهم بسلام على عكس الوهابية المقيتة ...

        يقول أحدهم أن الامام الحسين عليه السلام قد كفر أمير المؤمنين عليه السلام !! أو يتبرء من الحسنين عليهم السلام !! ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..

        يقول علامتهم وقطب أئمتهم محمد ابن الحاج يوسف أطفيش :

        (( ومن كتب قومنا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة الا ابني الخالة عيسى بن مريم و يحيى ابن زكريا و فاطمة سيدة نساء أهل الجنة الا ماكان من مريم بنت عمران رواه أحمد و ابو يعلى و ابن حبان و الطبراني و الحاكم عن ابي سعيد ، اما الحسين فالقلب به أرأف اذ قتل مظلوماً خارجاً عن الظلمة ولم يروى عنه سوء واما الحسين فمن كلامه لأبيه انك قتلت القوم ظلماً و انه لا يرى قاتلهم الجنة ( أي الامام ع ) !!

        ونقم عليه أصحابنا ( اي الاباضية) أنه قتل عبد الرحمن المرادي
        و لعله لم يصح ولو شهر في الكتب وذكر السيابي البراءة منهما لتصويبهما اباهما !!

        و ذكر بعض أصحابنا العجوز منهم ان عليا تاب فقالت انتم لاخرين أظهرثم مادفنه الاولون ! )) اهـ

        المصدر :جامع الشمل في أحاديث خاتم الرسل / تأليق الشيخ العلامة محمد ابن الحاج يوسف أطفيش / صـ 19-20 / طبع وزراة التراث القومي و الثقافة سلطنة عُمان / طبهة حجرية بخط اليد 1984م - 1404 هـ .


        أهلا وسهلا أخي الكريم شيخ الطائفة . أشكرك على قولك أن الإباضية يمكن التعايش معهم نعم يا أخي وحتى أنت ممكن أن تعيش معنا وإذا لم تسعك الارض وسندخلك في عيوننا ... أخي الكريم بخصوص ما ذكرته نعم هناك بعض العلماء من الاباضية من قال بهذا ولكن قليل جدا لا يصلون إلى عدد الأصابع . فهذا الذي ذكرته ليس من عقائدنا . يا أخي العقيدة تؤخذ من القرآن وليس من كتب التاريخ التي أصابها ما أصابها من التحريف . يا اخي بعض علمائك قالو بتحريف القرآن الكريم فهل يعني أن الشيعة جميعهم يقولون بالتحريف أو من عقيدتهم أن القرآن محرف ؟ أخي دعك من التاريخ الماضي . الذي يفرق بين الإمة الإسلامية وياليت لو أنه نقل على الحقيقة ...

        تعليق


        • #5
          هل صحيح هم بقية الخوارج

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة رافدلازم
            هل صحيح هم بقية الخوارج
            أقرأ هذا الموضوع سيفيدك ....

            بسم الله الرحمن الرحيم

            الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. أما بعد:

            فقد كثر الخلط والتهريج حول نسبة الإباضية إلى الخوارج، ويظهر التكلف سافراً في جعل الإباضية فرقة من فرق الخوارج (وإطلاق لفظ الخوارج على الإباضية أهل الحق والاستقامة من الدعايات الفاجرة التي نشأت عن التعصب السياسي أولاً ثم عن المذهبي ثانياً) على أنه ليست ثمة علاقة تربط الإباضية بالخوارج (الأزارقة والصفرية والنجدية) وغيرها من فرق الخوارج؛ وإنما هي دعاية استغلتها الدولة الأموية لتنفير الناس عن الذين ينادون بعدم شرعية الحكم الأموي، كما أن جعل المحكِّمة (أهل النهروان) – الذين هم سلف للإباضية وليسوا سلفاً للأزارقة والصفرية والنجدية – من الخوارج، هو من وضع الواضعين، ومن صنيع أرباب الأقلام المغرضة، مع أن الخوارج يسيرون في خط معاكس مع الإباضية، يتضح ذلك من خلال المبادئ والأسس التي يقوم عليها مذهب كل من الفريقين، و للإباضية العديد من المواقف ضد الخوارج، منها:

            أولاً: قتال القائد الشهير المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني للخوارج، والمهلب وإن كان موالياً للأمويين – وهو بالطبع عمل لم يرضه الإباضية – فإن من الثابت تاريخياً أن أسرة آل المهلب كانوا إباضية، وكانوا على اتصال وثيق بالإمام جابر بن زيد الأزدي رضي الله عنه، ولم يبذل المهلب في قتال الخوارج والقضاء عليهم، إلا بعلمه بعدم العلاقة بينهم والإباضية.

            ثانياً: كان الإمام عبدالله بن إباض شديداً إزاء الآراء والأفكار التي ينادي بها نافع بن الأزرق، وكان يعلن بطلانها بصراحة تامة، ويحذر منها الناس.

            ثالثاً: كان المحدث الحجة الربيع بن حبيب الفراهيدي صاحب المسند الصحيح يبرأ من الخوارج، وكان يقول فيهم: (دعوهم حتى يتجاوزا القول إلى الفعل، فإن بقوا على قولهم فخطؤهم محمول عليهم، وإن تجاوزوه إلى الفعل حكمنا فيهم بحكم الله).

            رابعاً: قتال الإمام الجلندى بن مسعود لشيبان الخارجي – وهو من الصفرية – عندما قدم في جيش إلى عمان هارباً من السفاح – الحاكم العباسي – ودارت معركة بين جيش الإمام الجلندى وبين شيبان وأصحابه وأسفرت المعركة عن مقتل شيبان وجنوده.

            خامساً: كان البطل المغوار هلال بن عطية الخراساني رحمه الله الذي صار القائد الأول في جيش الإمام الجلندى بن مسعود، كان على المذهب الصفري ثم اعتنق المذهب الإباضي، ولم يقبل منه الإباضية الانضمام إليهم إلا بعد أن يرجع إلى الذين دعاهم إلى مبادئ الخوارج، ويعلمهم ببطلان تلك المبادئ والآراء التي دعاهم إليها، ثم عاد إلى عمان فكان قائداً ووزيراً للإمام الشهيد الجلندى بن مسعود رضي الله عنه، وهناك العديد من المواقف الصارمة التي وقفها الإباضية ضد الخوارج، تختفي بين ركام الأحداث وتكمن في زوايا التاريخ ويأتي هذا البحث القيِّم الذي كتبه الشيخ العلامة الجليل / أبو إسحاق إبراهيم أطفيش رضي الله عنه، موضحاً النقاط التي يختلف فيها الإباضية مع الخوارج وراسماً الخطوط العريضة التي تبين عظمة المبادئ وسمو الآراء التي يقول بها الإباضية، وأخذوا بها نظرية وتطبيقاً.

            وقد كتب أبو إسحاق هذا البحث بناءً على طلب الشيخ محمد عبد الباقي من علماء الأزهر، ونشره في كتابه (الدين والعلم الحديث) ص252- 264، في معرض حديثه عن الفرق الإسلامية، تحت عنوان ( نبذة عن الخوارج).

            وقال مؤلف كتاب الدين والعلم الحديث قبل سياقه للبحث: (ولما كان الوقت شحيحاً يضن عليَّ بالبحث عنهم – أي الإباضية والخوارج – والتنقيب، اتصلت بمن له خبرة بهم، وهو زعيم طائفة منهم تسمى الإباضية، هذا الزعيم يسمى أبو إسحاق إبراهيم أطفيش، موظف بدار الكتب المصرية، فكفاني مؤونة البحث).

            كما نشره الشيخ محمد السالمي وناجي عسَّاف في كتابهما (عمان تاريخ يتكلم) ص103 – 114. ونشره الشيخ علي يحيى معمَّر رحمه الله في كتابه القيِّم (الإباضية بين الفرق الإسلامية) ص531-541.

            ولا ريب فإن جُعِل هذا البحث بين دفتي كتيِّب صغير من شأنه أن يسهِّل إلى حد كبير على الكثير معرفة الفرق بين الإباضية والخوارج ولتعم به الفائدة. والله نسأل أن يوفقنا إلى خير القول وصالح العمل.

            الخوارج طوائف من الناس في زمن التابعين وتابع التابعين ، رؤوسهم نافع بن الأزرق، ونجدة بن عامر، وعبدالله بن الصفار ومن شايعهم.

            وسُمُّوا خوارج لأنهم خرجوا عن الحق وعن الأمة بالحكم على مرتكب الذنب بالشرك فاستحلوا ما حرم الله من الدِّماء والأموال بالمعصية متأولين قوله تعالى: (وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) الأنعام: آية 121، فزعموا أن معنى الآية وإن أطعتموهم في أكل الميتة، فأخطأوا في تأويلهم، والحق أن معنى الآية: وإن أطعتموهم في استحلال الميتة، والاستحلال لما حرم الله شرك. وحين أخطأوا في التأويل لم يقتصروا على مجرد القول بل تجاوزوه إلى الفعل فحكموا على مرتكب المعصية بالشرك فاستحلوا دماء المسلمين وأموالهم بالمعصية فاستعرضوا النساء والأطفال والشيوخ.

            وقد كان الإمام الحافظ الحجة الربيع بن حبيب بن عمرو البصري الفراهيدي الإباضي صاحب المسند الصحيح رحمه الله حين بلغ إليه أمرهم يقول: دعوهم حتى يتجاوزوا القول إلى الفعل فإن بقوا على قولهم فخطأهم محمول عليهم وإن تجاوزوه إلى الفعل حكمنا فيهم بحكم الله.

            فلما ظهرت بدعتهم طردهم أصحابنا من مجالسهم وطاردوهم في كل صوب معلنين البراءة منهم. فلما تجاوزوا بالقول إلى الفعل أعلنوا الحكم بكفرهم – لأن الكفر في استحلال ما حرم الله نص في كتاب الله قطعي، وقد استشرى فعلهم يومئذ فاشتدوا على أهل التوحيد بفتنتهم فسلوا السيوف على الرقاب بغير ما أنزل الله فعظمت محنتهم. فكانت بلاءً عظيما. كان العمانيون ممن ثبت في جهاد الخوارج عند المهلب لما فلَّت الخوارج جيوشه فانظر الكامل للمبرد.

            وقد تولى قتالهم المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني القائد الأموي المشهور وكان يضع الحديث في استنفار الناس إلى قتالهم فعظمت محنتهم المزدوجة: محاربة المسلمين وانتشار الأحاديث الموضوعة في قتالهم حتى بلغت المدى من الشر فزادت الطامة. ولما كان هؤلاء الخوارج من منكرة التحكيم فقد تولى كثير ممن ينتمون إلى المذاهب العديدة إدماج الإباضية في هؤلاء الخوارج ظلماً وعدوانا والسبب في ذلك عديد المناهج.

            أولا: أن أصحابنا الإباضية – يرون المُلك العضوض لا تجب طاعته بل الواجب أن يكون الحكم على منهاج الخلفاء الراشدين لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم “اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر” حديث صحيح متفق عليه. ولما روي في عمار بن ياسر رحمه الله “ستقتلك الفئة الباغية” واستشهد بهذا الحديث منكرو التحكيم ولم ينكره الفريق الآخر فثبت كنص قاطع ارتضاه الفريقان ولو اختلفا في تأويله إذ الفريق الآخر حمله على معنى غير صحيح وإنما دعاه الغرض إلى حمله على ما يقتضيه ذلك الهوى.

            ثانيها: ظهور أصحاب الأهواء في واقعة النهروان إذ زعموا أنها لأجل الخروج على علي وهو إمامهم والحقيقة التي لامرية فيها أن أهل النهروان لم يخرجوا عن علي قط ولكنهم حين أبوا التحكيم وأصروا عليه جنح أبو الحسن إلى فريق التحكيم فرأى منكرو التحكيم أن البيعة لم تكن في أعناقهم بل هم في حِلٍّ منها حيث أن التحكيم في شيء معناه غير ثابت الحكم وإلا فلم التحكيم؟ فاعتبروا التحكيم تنازلاً من الإمام أبي الحسن عن البيعة – إذاً منكرو التحكيم في حل من أمرهم فلهم الحق أن يختاروا من يشاؤون إماماً لهم فاختاروا رجلاً من أفضل الناس يومئذ ومن الصحابة الكرام وهو عبدالله بن وهب الراسبي الأزدي. فلما بايعوه بعثوا إلى أصحابهم يومئذ ومنهم الإمام علي أن يدخلوا في البيعة لمن اختاروه إماماً.

            فرأى علي بن أبي طالب أن البيعة حصلت لأزدي لا لقريشي وحاربهم قبل أن يتقوّى أمرهم فتخرج الإمامة لغير قريش، وهذا هو السبب الوحيد لواقعة النهروان.

            لهذا دعاهم حين ناظرهم إلى أن يحاربوا عدوَّهم معاوية ومن معه ولكن الأمر قد فات فقد أخذ الأمر معاوية من الحكمين: عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري في دومة الجندل فأصبح المسلمون في حل من أمرهم، لأن بيعة عبدالله بن وهب لم تقع إلا بعد حصول النتيجة بوقوع ما حذَّر منه أولوا البصائر من منكري التحكيم – وهو أن التحكيم تلاعب بالأمر تولى كبر الدعوة إليه الأشعث بن قيس الذي دُسَّ على أصحاب علي من قبل معاوية.

            وليس إذاً ما يزعمه محرِّفو التاريخ ومتعفنة المذهبية أن واقعة النهروان كانت بسبب الخروج على عليٍّ لأنهم لم يخرجوا والبيعة في أعناقهم فلينتبه المتبصر من الزلة في هذا المقام فإن الأهواء متغلغلة في أصحابها بما لا خفاء فيه.

            الثالثة : أن تسمية الخوارج لم تكن معهودة في أول الأمر وإنما انتشرت بعد استشراء أمر الأزارقة كما قلنا ولم تعرف هذه التسمية في أصحاب عليّ المنكرين للتحكيم والراضين به ولعل أول ما ظهر هذا اللفظ بعد ثبوت الأمر لمعاوية والاستقرار فيه حين زاره الأحنف بن قيس التميمي وهو من أهل النهروان فقال معاوية: لماذا أحبك الناس وأنت من الخوارج؟ فقال له الأحنف: لو عاب الناس الماء ما شربته.

            يعني الذين لم يرتضوا بيعته والدخول في أمره (راجع الأمالي لأبي علي القالي).

            أترى أن معاوية يصف الأحنف بن قيس بالخارجية لأنه كان مع من حاربهم عليٌّ يوم النهروان أو لأنه لم يكن في بيعة معاوية، ولو كان وصف معاوية للأحنف بالخارجية لكونه من أهل النهروان لكان معاوية ومن معه أولى بهذا الوصف لأنه هو الذي سلَّ السيف ضد عليّ ومن معه يوم صفين ولأنه هو الذي جنح عن بيعة الإمام عليّ، والحال قد بايعه أهل الحل والعقد فأصبحت بيعته حقاً يجب اتباعه والدخول فيه على كل واحد من المسلمين.

            الرابعة: أن الإباضية لم يسلّوا السيف على أحد من أهل التوحيد قط، ولم تقع منهم حرب ضد أحد من المسلمين وحتى عند اشتداد الأزمة من الحجاج بن يوسف الثقفي وزياد بن أبيه فقد اشتدوا في مطاردة المسلمين لمجرد الظنة حتى خرج عليهم التوابون وعلى رأسهم سعيد بن جبير وابراهيم النخعي وهما إمامان وقد قتل الحجاج سعيد بن جبير أحد أئمة التفسير، والعجب كل العجب أن هذه المجموعة الكبرى من العلماء الذين حملوا السيف أمام الجور الذي ظهر بفظاعة من الحجاج لم يطلق عليهم أحد اسم الخوارج بل أطلقوا عليهم اسم التوابين وهم كلهم من حملة لواء العلم وماتوا جميعا في القتال ما عدا ثلاثة فيما يبدو. فإن العقل يقف مشدوها أمام هذه الفاجعة الكبرى ومع ذلك تمر على القراء بسلام.

            ولكن الذي يمحِّص التاريخ بإنصاف وعلم يرى في إطلاق لفظ الخوارج علـى الإباضية – وهم من الخوارج براء – مغزى وهو أنهم رأوا أن الإمامة لا تختص بقريش بل هي تصح لكل من اختاره المسلمون لسياسة دولتهم ورياستها وهذا هو الحق الذي دل على كمال البصيرة إذ ليس من الحكمة أن يجعل الله أمر البشر على سائر أجناسه وأممه تابعاً لقبيلة واحدة سواء أحسنت أم أساءت والوضع الطبيعي في البشر هو الذي أيد ما ذهب إليه أصحابنا وحملوا عليه حديث “الأئمة من قريش” ومن المكابرة ومجانبة الحق أن يزعم الزاعمون اختصاص سياسة الأمم بقريش ولم يرتضه الأنصار وهم أهل الفهم لما بعث به محمد صلوات الله وسلامه عليه حين قالوا لأبي بكر: منا أمير ومنكم أمير، ولا أبو بكر حين رد على الأنصار بقوله: منا الأمراء ومنكم الوزراء أن العرب تدين لهذا الحي. يعني قريش فعلَّل الحكم بانقياد العرب لقريش لا لشيء آخر مما يزعم أهل الأهواء السياسية والمذهبية. أترى الأمم على سائر أجناسها تنقاد إلى رجل من قريش لمجرد أنه قرشي؟ كلا والله.

            خامسها: أن الإباضية يبتغون العدل وينشرون العمل بالكتاب والسنة والسير على مناهج السياسة التي سار عليها الخلفاء الراشدون سواء قام بالأمر قرشي أم حبشي، عربي أم عجمي كما ورد في أحاديث صحاح لهذا ارتضوا سيرة عمر بن عبد العزيز حين أرسلوا إليه وفداً من البصرة يتألف من ستة علماء جهابذة: جعفر بن السِّماك وأبو الحر علي بن الحصين العنبري والحتات بن كاتب والحباب بن كليب وأبو سفيان قنبر البصري وسالم بن ذكوان – وربما كانوا أكثر من هؤلاء إلا أن الذين وقفت على أسمائهم هم هؤلاء رحمهم الله جميعا وحيث ذكر مؤرخوا قومنا وفود هؤلاء على عمر بن عبد العزيز قالوا كعادتهم في الغمز: أرسل إليه الخوارج وفداً. ولم يذكروا ما جرى بينهم وبين الخليفة عمر من الحديث وقبوله منهم كل ما أرادوه منه من نشر العدل وتطهير البلاد والمنابر من اللعن الذي اتخذه الأمويون سنة فإن الوفد قال له: (إن المسلمين يلعنون على المنابر فلابد من الشروع في تغيير المنكر) فأبدل اللعن بقوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)- سورة النحل، آية 90، لم تسمح نفوس أولئك المؤرخين الذين أعمت بصيرتهم الأهواء أن يُذكروا بتلك المناقب التي ظهرت من الإباضية من نشدان الحق والوقوف في وجه الظلمة بالمساجلة كما فعل الإمام عبدالله بن إباض مع عبد الملك بن مروان ، وأبو بلال مرداس بن حدير مع زياد بن أبيه ولم يسلوا السيف كما فعل الخوارج، بل سلكوا سبيل البيان معرضين عن السنان لأنهم يرون عصمة الدم بالتوحيد لا إله إلا الله وعصمة المال كذلك ولم يكن منهم ما كان من أعمال غيرهم في سبيل تأسيس السلطان أو حمل الناس على اعتناق مذهبهم بالسيف وقطع العذر بل تركوا الناس أحراراً في آرائهم وأعرضوا عن الدنيا إن كانت بغير حلها وتركوا لأرباب المذاهب مذاهبهم في حرية تامة لا إكراه في الدين فالحق مقبول من أي كان والباطل مردود على صاحبه محمول عليه فأهل القبلة عندهم كافة سواسية في الحق والحرية في الإعراب عن آرائهم الفرعية، والحرية كفيلة لكل الناس بعد الاعتراف لله بالوحدانية والحرية هي الأصل في الإنسان حتى أن المكاتب عندهم من أول يوم وما كاتب به فدين عليه يؤديه ولم يقل بهذا غير الإباضية لأنهم أدركوا من الشريعة ما فاقوا به سواهم.

            فبان عنهم الخوارج بما ذكرنا من شنائعهم وكبائرهم، ولم تكن لهم صلة بالإباضية حتى يقال أنهم خوارج. ولقد كشفت للمنصفين من قومنا هذه الفروق فأدركوا الحق واعترفوا به ، والرجوع للحق فريضة وفضيلة.

            سادسها: الإباضية يجيزون المناكحة بينهم وبين سائر الموحدين، والخوارج لا يجيزون التناكح مع غيرهم لأنهم يرون سواهم مشركين كما بينا وأوضحنا وعلى هذا لا يجوز أيضاً التوارث بينهم وبين من يخالفهم بطبيعة الحال لأن الشرك الذي منع المناكحة والمصاهرة يمنع الموارثة؛ فهل تعامى عند هذه الفروق الذين تعفنت نفوسهم وأصيبت أبصارهم بالعشي ذلك ما يشاهده الذي يقلب أطوار التاريخ في مدونات قومنا ولم يعتبروا قوله سبحانه: (إن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) سورة الأحزاب: آية 58، وقوله تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) المائدة: آية 8.

            إن المسلم ليحار من أمر أولئك المتقوِّلين على أهل الحق والاستقامة- الإباضية-

            كيف استساغوا ذلك لأنفسهم لا لشيء إلا للهوى والشهوة الخفية نعوذ بالله من الهوى وإنكار الحق.

            أوَلا يتذكرون أنهم سيلاقون الله بذلك الإفك؟ أم اعتقاد الخروج من النار هوَّن كل شيء في سبيل الهوى.

            سابعها: الإباضية اتجهوا إلى خدمة الإسلام علماً وعملاً منذ ابتدأت الفتنة فاشتغلوا بالتدوين فكانوا أول من دوَن الحديث ؛ فإمامُنا جابر بن زيد أول من دوّن الحديث وأقوال الصحابة في ديوانه الذي وصفـوه بأنه وقر بعير، ثم تلاميذه من بعده وهم حملة العلم إلى المشرق والمغرب، والخوارج جنحوا إلى إراقة الدماء وإخافة السبل وتعطيل الأحكام ولم يذكر عن أحد من الخوارج ألف كتاباً والذين يذكرون المؤلفات للخوارج إنما يذكرون الإباضية وهم دون شك يريدون بهم التشنيع والتشغيب أما الصفرية والأزارقة والنجدية فلم تذكر لهم رواية ولا تدوين ولو انفرد نجدة بن عامر برواية حديث ونافع بن الأزرق بأسئلة سألها ابن عباس ليس هذا محلها وأريد أنهم جنحوا إلى الحروب لا إلى التأليف ورواية العلم وكل من ذكره قومنا من رجال العلم ونسبوه للخوارج فليسوا إلا من الإباضية. ولقد أتى أصحابنا في تدوين العلوم بالعجب العجاب وعُرفوا بالصدق والأمانة والورع ما لم يبلغ شأوه غيرهم فلجأ بعض الكاتبين من قومنا إلى تشويه الحقائق بالدعاية الفاجرة والبهتان حين بهرتهم تلك الأنوار الساطعة وما خلطوا بين الإباضية والخوارج إلا لطمس معالم الحق والصواب حسداً من عند أنفسهم وأنى لمن اتخذ التشغيب مطية أن يعترف بالحق والصواب وقد عميت بصيرته. وإنك لترى هؤلاء من العمل على إخفاء ما يرونه من أصحابنا من الكمال الديني والعظمة العلمية ما جعلهم يذكرون لهم في موجب الذكر شيئاً. وإني رأيت مؤلفات دونت في التاريخ والأدب والفروع لبعض قومنا يستوجب المقام ذكر أصحابنا لما لهم فيما دوِّن من الضلع فلا يتورع أن يتجاهل ذكرهم كأنهم لم يكونوا، وذلك مبالغة وإمعاناً في طمس الحق ولا تجد من أصحابنا شيئاً من هذا الأسلوب البشع والحمد لله العلي الكبير.

            ثامنها: أن قومنا حين جمعوا الحوادث التاريخية واقتضت الحال أن يذكروا أصحابها فشلوا في قيل الصواب فخلطوا بين الإباضية والخوارج فتارة ينسبون الإباضية للخوارج وتارة ينسبون الخوارج إلى الإباضية كما يفعل الكثير من المدونين في الأصول والفروع في إضافة أقوال المعتزلة إلى الإباضية والعكس مما أوجب التخليط والتشويش فيذهب المؤلفون الذين يعتمدون على النقل إلى ما هو أشبه بالتهريج ولا عذر لهم عندي مطلقاً لأن الذي ينشر الحق يطلبه من ينبوعه لا أن ينتحله حسب هواه.

            إنا نجد من يزعم أن أبا بلال مرداس بن حدير من الخوارج، وقطري بن الفجاءة من الإباضية! والأمر على العكس من ذلك، وآخر يذكر أن الإمام طالب الحق عبدالله بن يحيى الكندي هو الإمام عبدالله بن إباض، والحق خلاف ذلك. إذ الإمام عبدالله بن إباض توفي آخر أيام عبد الملك بن مروان، وعبدالله بن يحيى طالب الحق ظهر أيام مروان الحمار سنة130 هـ وهكذا يخلط الكاتبون من قومنا هذه الحقائق الهامة تشويهاً وتشغيباً، وانظر إلى تاريخ الأندلس الذي يوجد بين أيدينا اليوم ولا تجد للإباضية ذكراً، والحال أن الإباضية بلغوا في الأندلس مبلغاً عظيماً من العلم والمال حتى أن جزيرة اليابسة التي هي من الأندلس كانت كلها إباضية إلى القرن السادس بل إلى نكبة الأندلس الكبرى.

            وإنك لتقرأ طبقات ابن سعد مثلاً فلا تجد ذكراً لرجال الإباضية عدا الإمام جابر بن زيد فإنه ذكره رغم أنفه لشهرته التي أطبقت الآفاق وهكذا.

            والحق الذي لا ريب فيه أن رجال كل قوم قومهم أولى بهم والتاريخ أهله أولى وأعرف به من سواهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

            ولقد استوجبت بدعة الخوارج أحكاماً شرعية، قال المسلمون يجب الفرز بين الكبائر حتى لا يقع الإنسان في جريمة الخوارج، فالكبائر قسمان: كبائر شرك، وهي كل كبيرة أخلت بالاعتقاد كاستحلال ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله، أو إنكار ما علم من الدين بالضرورة، أو جحود حكم قطعي كالرجم إلى أمثالها، وكبائر النفاق: وهي كبائر الكفر بنعمة الله: وهي ما يطلق عليه عند أهل الحديث كفر دون الكفر؛ وهي كبائر الفسق عند قومنا – وذلك كارتكاب فاحشة من الزنى والإتيان في الأعجاز أو أكل الحرام أو شهادة الزور أو عقوق الوالدين وما أشبه ذلك من كبائر عملية، وكترك فريضة من فرائض الله غير مستحل كل ذلك يسمى عند أصحابنا بكبائر النفاق وكبائر الكفر بالنعمة، وإذا أطلق أصحابنا الكفر انصرف بالقرينة إلى الحكم فيه هل هو مما يخل بالعقيدة؟ أو هو من الفعل أو الترك؟ فيدرك نوع الكفر أهو كفر نفاق أو كفر شرك؟ على أن أصحابنا لا يكفِّرون تشهياً ولا يكفِّرون أهل القبلة ما دانوا بكلمة الإخلاص والحق أنهم انفردوا بذلك ولو ادعاه أرباب المذاهب، وإذا أدركت هذا علمت أن بين الإباضية والخوارج بوناً بعيداً لا يجمع بينهما جامع إلا إنكار التحكيم وهو الحق الذي يؤيده كتاب الله وسنة رسول الله وسيرة العمرين وإجماع المسلمين. فشد يدك على الحق ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم.

            وقد قال بعض أصحابنا وبه قال قومنا أن الخوارج ينكرون الرجم والذي عندي أن هذا القول غير صحيح إلا إذا نظرنا إلى حكمهم بأن مرتكب الكبيرة مشرك حلال الدم؛ فإن الزاني عندهم يقتل ردة لا حداً وهذا متفرع عن حكمهم قطعاً لا يحتاج إلى دعوى نكران الرجم، ولكن الأمر عندي ليس كما يتوهم وإنما زعم من يزعم من قومنا أن الخوارج ينكرون الرجم فيه مغمز، لكنه يعود على الزاعمين بطامة؛ وذلك أن قومنا رووا أنه كان مما يتلى في كتاب الله في سورة الأحزاب الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم فأكلته العنزة. فيترتب على هذه المقالة أن القرآن وقع فيه نقص والعياذ بالله، وهذه الطامة تلازمهم وإن فروا منها بزعم أن ما نسخ لفظه وبقي حكمه، ولكن أصحابنا يقولون الرجم فرض لا من القرآن ولكن من الحديث فقد روى الحافظ الحجة الإمام الربيع في صحيحه عن الإمام جابر بن زيد: (الاستنجاء والإختتان والوتر والرجم سنن واجبة) فصان الله الأصحاب من الخطل والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.

            أبو إسحاق إبراهيم أطفيش

            أحمد بن سعود السيابي

            تعليق


            • #7
              إليكم من أقوال علماء السنة عن الإباضية ................


              لقد قيض الله هذه الأصوات لتنير درب الحقيقة لطلابها ، وتمزق ما نسجته الأحقاد من الافتراءات التي لم تقم على أساس من الواقع ، ضد هذه الفئة المؤمنة التي اشتهرت في أوساط المؤمنين وغيرهم بلقب الإباضية ، ونود أن أشير إلى بعض هؤلاء المنصفين لنعرض على القارئ الكريم صورا من إنصافهم لهذا المذهب ورجاله ، وإلى القارئ مشاهد من هذه الصور :

              1 ـ العلامة الجليل عز الدين التنوخي : مقدمة (خلاصة الوسائل في ترتيب المسائل ) ص ح ، ط1 المطبعة العمومية بدمشق .
              عضو المجمع العلمي بدمشق سابقاً ، الذي سجل بيراعه المنصف صفحات مشرقة بفضائل أهل الاستقامة ، حتى قال في متهميهم بالزيغ : ( كل من يتهم الإباضي بالزيغ والضلال فهو ممن فرَّقوا دينهم وكانوا شيعاً ، ومن الظالمين الجهَّال ) .

              2 ـ العلاّمة الكبير السيد عبد الحافظ عبد ربّه : - الاباضية مذهب وسلوك ،ط1 القاهرة 18/11/85 ص 22/23
              من علماء الأزهر الشريف ، جاء في كلامه عن الإباضية :
              ( لقد استنبطوا مذهبهم من القرآن الكريم ، واقتبسوه من السنة المطهرة ، وسلكوا في مسيرتهم إلى عبادة الله نفس الطريق التي سلكها الصحابة ، وارتضاها الإجماع ، وحرصوا كل الحرص على أن تكون خطواتهم على ذات الدرب ، وفي نفس الطريق ، وفوق " إفريز " الشارع ، ومع السبيل التي قطعها الرسول صلوات الله وسلامه عليه في مشواره الطويل وشوطه البعيد جيئة وذهابا ، على مدى مسيرته المباركة ، ورسالته الميمونة عبر الثلاثة والعشرين عاماً ، ومع تحريهم الصدق ، وحتمية الحق ، ومجاهدة النفس ، وريادة المعاناة ، والرياضة والترويض على المشقة والمقاساة حتى استبان لهم الأمر ، ووضح أمامهم الطريق ، وتبيَّن للعَالم أجمع - أو المخلصين المنصفين
              - أن هؤلاء هم ( أهل الاستقامة ) أو هم في الواقع - وعلى الحقيقة (الفرقة الناجية )التي أخبر عنها الصادق المعصوم ، والتي أمر الله رسولَه أن يختارها وينتهجها سبيلاً يوصل إلى عبادته ومرضاته في قوله تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) يوسف 108 .

              والمذهب الإباضي ليس عجيباً في الدنيا ولا غريباً عن الحياة ، وإنما هو العملة الصحيحة التي يجب تداولها وتناولها ، والتعامل بها في شتى الأنحاء ، وفي جميع المناخات والأجواء ، وهي بعون الله عملة لا ينالها التزييف أو التلبيس ، ولا يطولها الوضع أو التدليس ، ولا يجوز في منطقها العمل بين بين ، ولا التنكر في وجهين ، ولا المشي على الحبلين ، فالحق عندها واحد لا يتجزأ ، وكل لا يتوزع )(2) .

              وقال أيضاً : ( وعموماً - وبعد استقصاء واستحصاء ، ودرس وبحث ، وتحليل وتعليل - تبيّن أن الإباضية هي الطريقة المثلى في الأداء الإسلامي ، وفي تعاطي الحياة ، وفي التعامل مع الناس ... وأئمتها ودعاتها هم الذين واجهوا مواكب النفاق ، وناهضوا أعاصير الشرك وعواصف الإلحاد ، وتحدوا - بكل صرامة وشدة وبأس - تلك الأفاعيل الهوجاء النكراء التي تتبدّى في سلوك المبطلين أو المستهترين من الحكام والباطشين سواء على المستوى الديني أو التعامل الدنيوي بين أفراد وجماعات الأمم والشعوب تمشيا مع منطق الدين ، واستجابة لدعاءاته ، ونداءاته ، ومتطلباته .

              وما أحوج الدنيا اليوم إلى هذا اللون المتميز في الفقه الإسلامي .
              وما أحوج الدنيا إلى دعاة الإباضية وأئمتها الذين من مهمتهم - ومن أولى وظائفهم إصلاح المسار الديني ، ومؤاخذة التسيّب والقبض بشدة على خناق الاستهتار والانحراف واللا أخلاقيات ، وإعادة الانضباط في شتى السلوكيات إلى هذه الحياة )(3).

              وقال أيضاً : ( فالإباضية أصبحوا في الواقع - وفي نفس الأمر - وعلى الحقيقة هم اللغة الصحيحة - الفصيحة ، والصيغة المشرقة الوضاءة بين الله والناس ، والغُدَّةِ النشطة السليمة التي تُفرز للدنيا ماهيات الدين ، وتُقدم على موائد الإنسانية ما لذ وطاب من طعوم الحق ، وطيّبات اليقين ، فهم الفرقة الناجية التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في كل أحاديثه ومروياته ، وكان وجود هذا الصِّنف - أو النوع - من البشر ضرورة ملحة أو حتمية مقتضية استقطبت رحمة الله بعباده ، واستوجبت منهم مقابلة هذه الرحمة بألوان شتى من العبادات والقربات ، وأولها الشكر الخاص ، والعبودية الصافية ، والاحتفاء بنعم الله ، والاحتفال بآلائه ، وترجمة ذلك كله إلى السلوك الذي يحبه الله ورسوله ، وكان من مظاهر رحمة الله الفياَضة الحانية إنه لم يترك عباده هكذا - في هذه الدنيا - ضياعاً أوزاعاً ، أو هملاً ، أو كميات هابطة ساقطة تحت ركامات الشك ، وأنقاض الفتنة ، وخرائب التيه ، وأطلال الحيرة والقلق ، والتخبط والاضطراب.

              ولما كان من حتمية الوجود الإنساني - لتتأكد فاعليته وينمو وجوده وتستمر معه الحياة - أن يعبر الطريق ، ويجتاز الجسر من الحاضر إلى الماضي ، ويصاحب التاريخ ، ويرافقه في كل خطواته ، ومع أبرز العناصر التي أثرت في الإيجاب والسلب ، والثبوت والنفي ، كان حتما مقضيا أن يصطحب الإنسان مع التاريخ تلك الفئة الهادئة المهدية التي حملت أرواحها على راحاتها ، وحياتها على أسلحتها ، وهبّت وقت الفزع والروع مطالبة بإنسانية الإنسان ، وكينونته البشرية في نطاق ما شرع الله ، وفي الإطار الذي خطته يد القدرة ، وحبك نسيجه الشرع ، وتكفلت به عناية الإسلام ، وعمل على ترجمته وتطبيقه سلوك محمد - عليه الصلاة والسلام - .





              الكاتب المنصف العالم الزيتوني الأستاذ عبد العزيز المجذوب :الصراع المذهبي بافريقية إلى قيام الدولة الزبيرية ص 104 ، الدار التونسية للنشر .

              جاء في كلامه عن الإباضية :
              ( وأبرز ما يتصف به الإباضيون تمسكهم الشديد بالدين ، بأداء فروضه وتجنب نواهيه - إلى حد الغلو - وبُغظهم المفرط لأصحاب الظلم والفساد ، وبفضل هاتين الصفتين استطاعوا أن يحققوا لأنفسهم عزًّا دينيا ، ومجداً سياسيًّا ، خلَّد ذكرهم في التاريخ ).

              وقال أيضاً : ( حافَظوا على صفاء الرسالة المحمدية في أصول مذهبهم ، ولم ينحرفوا عن النهج القويم الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته البررة في سلوكهم وأمور معاشهم ، ولا اقترف ولاتهم إثماً ، ولا مارسوا في قيادتهم ظلماً ، ولا أي لون من ألوان العسف التي لم يبرأ منها إلا القليل من الولاة سواهم .

              بل إن الظلم في حقهم كان مستحيلاً ، لا لكونهم معصومين ، بل لأن رجل الدين عندهم ورجل السياسة واحد ، والقائم بأمر الناس فيهم هو الإمام نفسه ، وتلك هي قاعدة الإسلام في الحكم التي سار عليها الخلفاء الراشدون ، وعليها حافظوا ودونها نافحوا ، فمن الطبيعي أن ينتشر مذهب هذا شأنه ، وأن يُقبل على أتباعه الناس ببلاد المغرب ليجدوا في أكنافه الأمن والكرامة ، وهم من سئموا حياة الاضطراب والظلم على أيدي الكثير من عمَّال بني أمية وبني العبَّاس )

              ثم قال : ( ولعلَّ أولَّ داعية إباضي قدِم هذه البلاد .. هو سلمة بن سعد الذي عَرف كيف ينتقل بالبلاد وأي الشعاب يسلك حتى يأمن ظلم الظالمين ، ويضمن لعمله التوفيق ولرسالته الانتشار، فاختار الطرق الجبلية البعيدة عن الصحراء القاحلة وأهوالها ، وعن المناطق الساحلية الخاضعة لسلطة الولاة ، وبجبال نفوسة ودمّر ، نفزاوة وما والاها من المرتفعات والجبال ، وكلها مناطق آهلة بالسكان كثيرة العمران ، أمكن له أن يستقر ، ويقوم في صفوف البربر بالدعوة ، موضحاً للأذهان الصورة الصحيحة للإسلام في الاعتقاد والعبادة والمعاملة ، وهي غير الصورة التي شاهدها الناس في الحاكمين وأتباعهم في ذلك الوقت ، فالتف من حوله الناس مستجيبين لدعوته ، وراح يتنقَّل من مكان إلى آخر ، وما ارتحل من موضع إلا خلَّف فيه أتباعاً تكاثروا مع مرور الأيام والأعوام ، حتى صار لهم شأن ، وأضحوا يمثلون قوة يقرأ لها ألف حساب .

              ومن أفريقية انطلق شابان إباضيان - بعد أن تلقيا المبادئ الأولى للدين والمذهب على يد سلمة بن سعد - انطلقا إلى العراق ضمن بعثة تضم عدداً من الإباضيين سواهما ، فقضيا سنين في طلب العلم على يد إمام المذهب في ذلك الوقت ، أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ، فالطالب الأول من القيروان وهو عبد الرحمن بن رستم ، أما الثاني فهو أبو داود من الجنوب ، ولما أتما الطلب واكتمل عندهما العلم ، واطمأن لنباهتهما إمامهما أوصاهما خيراً ثم سرَّحهما عائدين إلى موطنهما ، فكان لأبي داود شأن في عالم الإصلاح ، إذ تفرَّغ للجهاد الديني والعلمي فأنشأ بجهة نفزاوة وسواها من جهة الجنوب جيلاً إسلاميًّا فاضلاً في خُلقه ودينه ، كان البذرة الصالحة لما تبعته من أجيال تمسكت بالسنة والفضيلة ، وقاومت البدع والرذيلة )(7) .

              وعندما تكلم عن مقاومة الإباضية بقيادة إمامهم أبي الخطاب المعافري لظلم قبيلة ورفجومة الصفرية التي كانت متمكنة في القيروان ، وانتزاعهم مدينة القيروان منها قال: (هذا هو أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري وجه إليه عبد الرحمن بن رستم من صوَّر له بشاعة ما يجري بالقيروان فهبَّ لأداء الواجب الذي يفرضه عليه التعاطف الأخوي ، ويحتِّمه مبدأ من أهم المبادئ لمذهبه ، ألا وهو مقاومة أولي الأمر بالسيف واستباحة دمائهم إذ تعدُّوا حدود الله ، ومالوا في أحكامهم إلى الهوى ، وقدِم أبو الخطاب في جيش عظيم تطوَّع لإقامة العدل ومحق الفساد والظلم الذي اقترفه عاصم الورفجومي وأتباعه ، فكان له النصر .

              ثم بعد أن أمَّن الناس حافظاً أرزاقهم وأعراضهم ، ولَّى على القيروان عبد الرحمن بن رستم ورجع إلى طرابلس ، ودامت ولاية ابن رستم سنتين اثنتين ذاق المسلمون فيهما بالقيروان وبأفريقية كلها طُعم الأمن ، وعرفوا معنى العدل ، وأدركوا لأول مرة تقريباً طعم العيش الكريم في ظل الحكم الإسلامي النظيف )(8) .

              ثم تحدَّث عن دور الإباضية عموماً في بلاد المغرب فقال : ( والواقع أن الإباضية قد تمكنت من فرض وجودها التاريخي فحقَّقت عزًّا دينيا ذا بال بقيت آثاره إلى اليوم في أتباعه الذين يعيشون بيننا ، التزموا خدمة الدين ومقاومة البدع والرذيلة ، حازمين في أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، كما حققت مجداً سياسيا كان له شأن في تاريخ الإسلام بالمغرب العربي ) { نفس المصدر ص110 } .




              ـ الأستاذ الفاضل الشيخ محمد شحاته أبو الحسن رسالة بعنوان (بيان للناس ) لم تزل بخط المؤلف لم تطبع ص 4 ، ومنقول نص الرسالة من كتاب (الحق الدامغ) لسماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي .
              يقول الشيخ محمد شحاتة:أنا لا أحابي أحداً في موقفي هذا ، ولكني أقول إن أصحاب هذا المذهب الذي تجنَّى عليه البعض ، أكثر منَّا تسامحاً واستجابة لأمر الله سبحانه بالتآلف ، فقد عشت بين أظهرهم ، أقوم بتدريس مادة التفسير في معهد القضاء الشرعي ما يزيد على اثني عشر عاماً لم أجد ما يكدِّر الصفو ، ولا ما يحملني على قولٍ بعينه دون دليل ، رغم الاختلاف في بعض المسائل ، وكنا أنا وطلابي والعلماء الأجلاء في المذهب نتبع الدليل الأقوى


              إعترافات وحقائق من خصومه اصحاب المذهب.
              فممن اعترف لهم قديماً عالم المدينة مالك بن أنس ، فإنه قال خطبنا أبو حمزة خطبة حيرت المبصر وردت المرتاب ، وأبو حمزة هو المختار بن عوف الاباضي قائد جيش إمام المسلمين طالب الحق عبد الله بن يحيى الكندي رضوان الله عليهم ، وان أبا حمزة خرج بالجيش إلى مكة فاستفتحها ، ولاقته جموع الأعداء في قديد فمزقهم كل ممزق ، ودخل المدينة واستفتحها ، وخطب أهلها خطبة تناقلتها الألسن والأسفار ، أقام فيها الحجة وأوضح المحجة ، وعلماء القوم يسمعون ، ومن جملتهم مالك ، فما كان له عندهم جواب سوى ما قال مالك المقدم ، ومعنى قوله: " حيرت المبصر " أي: جعلت العالم المتبصر في مذهبه محتاراً ، حيث سمع ما لم يسمعه من الحجة والبرهان ، وقوله: " وردت المرتاب " ، أي: من كان مرتاباً في دينه ردته عنه إلى مذهب أبي حمزة

              وقد روى المدائني أن أبا حمزة رقي يوما منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: تعلمون يا أهل المدينة أنا لم نخرج من ديارنا وأموالنا أشرا ولا بطرا ولا عبثا، ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيه، ولا لثأر قديم نيل منا، ولكنا لما رأينا مصابيح الحق قد عطلت، وضعف القائل بالحق، وقتل القائم بالقسط، ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وسمعنا داعيا يدعو إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن، فأجبنا داعي الله، وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ أقبلنا من قبائل شتى، النفر منا على بعير واحد عليه زادهم وأنفسهم، يتعاورون لحافا واحدا. قليلون مستضعفون في الأرض، فآوانا الله وأيدنا بنصره، فأصبحنا والله بنعمة الله إخوانا، ثم لقينا رجالكم بقديد، فدعوناهم إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن، ودعونا إلى طاعة الشيطان وحكم آل مروان، فشتان لعمر الله ما بين الغي والرشد. ثم أقبلوا نحونا يهرعون يزفون قد ضرب الشيطان فيهم بجرانه، وغلت بدمائهم مراجله، وصدق عليهم ظنه، وأقبل أنصار الله عصائب وكتائب، بكل منهد ذي رونق، فدارت رحانا واستدارت رحاهم، بضرب يرتاب منه المبطلون، وأنتم يا أهل المدينة إن تنصروا مروان يسحتكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا، ويشف صدور قوم مؤمنون، ياأهل المدينة أولكم خير أول، وآخركم شر آخر. (((((ياأهل المدينة الناس منا ونحن منهم، إلا مشركا عابد وثن، أو كافر أهل الكتاب، أو إماما جائرا.)))) يا أهل المدينة من زعم أن الله كلف نفسا فوق طاقتها، أو سألها ما لم يؤتها، فهو لله عدو، ولنا حرب. يا أهل المدينة أخبروني عن ثمانية أسهم فرضها الله في كتابه على القوي والضعيف، فجاء تاسع ليس له منها ولا سهم واحد، فأخذها لنفسه، مكابرا محاربا لربه. يا أهل المدينة بلغني أنكم تنقصون أصحابي؛ قلتم: شباب أحداث، وأعراب جفاة. ويحكم! يا أهل المدينة وهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شبابا أحداثا؟! شباب والله مكتهلون في شبابهم، غضة عن الشر أعينهم، ثقيلة عن الباطل أقدامهم، قد باعوا لله أنفسا تموت بأنفس لا تموت، قد خالطوا كلالهم بكلالمهم، وقيام ليلهم بصيام نهارهم، منحنية أصلابهم على أجزاء القرآن، كلما مروا بآية خوف شهقوا؛ خوفا من النار، وإذا مروا بآية شوق شهقوا؛ شوقا إلى الجنة، فلما نظروا إلى السيوف قد انتضيت، وإلى الرماح قد شرعت، وإلى السهام قد فوقت، وأرعدت الكتيبة بصواعق الموت، استخفوا وعيد الكتيبة لوعيد الله، ولم يستخفوا وعيد الله لوعيد الكتيبة، فطوبى لهم وحسن مآب، فكم من عين في منقار طائر طالما فاضت في جوف الليل من خوف الله تعالى، وكم من يد زالت عن مفصلها طالما اعتمد بها صاحبها في طاعة الله. أقول قولي هذا، وأستغفر الله من تقصيرنا، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.


              قال أبو داود: "ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج"
              و يقول ابن تيمية: "ليس في أهل الأهواء أصدق ولا أعدل من الخوارج"

              و يقول عنهم أيضا: "ليسوا ممن يتعمدون الكذب، بل هم معروفون بالصدق حتى يقال: إن حديثهم من أصح الحديث" "انتهى المراد من كلامه

              المصدر: كتاب السنة النبوية و مكانتها في التشريع الإسلامي
              المؤلف: مصطفى السباعي




              المبرد قال في الكامل : قول ابن اباض أقرب الأقاويل إلى السنة .

              وابن حزم حسبما حكاه عنه ابن حجر في فتح الباري قال أسوء الخوارج حالا الغلاة وأقربهم إلى قول أهل الحق الأباضية .


              ومن المتأخرين العلامة الجليل حسن السندوبي محقق البيان والتبين للجاحظ ، قال في حاشية الجزء الثاني – المذهب الأباضي – وأهل هذا المذهب من أفاضل القبلة وممن ينفرون من البدع التي ليست من الدين في شيء ومن هنا يتهمهم بعض المسلمين بالتشدد وبعدم مسايرتهم للتقدم بل يرمونهم بما هم منه براء وقد كنت خدعت بقول خصومهم فيهم فردد مجمل ما يتهمونهم به في بعض هوامش الجزء الأول ثم تبين لي اليقين فيهم فعلمت أنهم من خيار المسلمين وممن يرجعون في كل أمورهم من عبادة ومعاملة إلى الكتاب والسنة ولا يرعك تنديد الجاحظ بهم فأنهم كانوا فيما سلف خصوما للمعتزلة رضي الله تعالى عن المسلمين كافة ، انتهى كلامه


              قال السيد مصطفى بن إسماعيل المصري :

              إن مذهب الاباضية نسبة إلى الإمام عبدالله بن اباض هو أقدم المذاهب تاريخاَ وأوثقها مصدراَ وأصحها تأويلا وأحفظها للباب طهارة الدين الحنيف ونقاوته وسماحته وزكاوته وعلى ذلك فليس ثمت مراء في انه هو الطريق الحق الذي كان يمضي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة معه وتلقاه عن جبريل عن ميكائل عن اسرافيل اللوح المحفوظ عن الله عز وجل وانه هو الصراط المستقيم الذي دعانا الله إلى اتباعه في قوله تعالى (وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) وان أصحابه العاملين لما فيه هم المؤمنون حقا أهل الفرقة الناجية التي عنها رسول الله صلى الله عناها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح بلوت اليهود فوجدتهم قد كذبوا على أخي موسى فافترقوا على أحد وسبعين فرقه كلها هالكة ما خلا واحدة ناجية وهو التي ذكرها الله تعالى في كتابه فقال عز من قائل ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون وبلوت النصارى فوجدتهم قد كذبوا على أخي عيسى فافترقوا على اثنين وسبعين فرقه كلها هالكة ما خلا واحدة ناجيه وهي التي ذكرها الله في كتابه بقوله تعالى ذلك بان منهم قسيسين ورهبان وانهم لا يستكبرون وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقه كلها هالكه ما خلا واحدة ناجيه وكلهم يدعي تلك الواحدة أو كما قول صلوات الله عليه ، قال :ولقد شهد بهذا الحق جميع الفلاسفة الفرنساويين الباحثين في الأديان الذين وقفوا بكياسة أبحاثهم وسلامة قياسهم على أن نقاوة الدين الإسلامي لا تنحصر إلا في مذهب أتباع ابن اباض .

              أحمد أمين في ضحى الإسلام الجزء الثالث .

              قال : لقد كان في الخوارج كل العناصر التي تكوّن الأدب عقيدة راسخة لا تزعزعها الأحداث وتحمس شديد لها تهون بجانبه الأرواح والأموال وصراحة في القول لا تخشى باسا ولا ترهب أحدا وديمقراطية حقه لا ترى الأمير إلا كأحدهم ولا العظيم إلا خادمهم ورسم الطريق الذي ينبغي أن يكون رسماَ مستقيما واضحاَ لا عوج فيه ولا غموض يجب أن يعدل الخليفة والأمراء وإلا يقاتلوا حتى يعزلوا ويقتلوا ، ويجب أن يسير المسلمون حسب نصوص الكتاب والسنة من غير أن ينحرفوا عنها قيد شعرة وإلا يقاتلون ليحل محلهم مسلمون مخلصون طاهرون ويجب أن يسلك السبيل إلى ذلك من غير تقية ولا مجاملة ولا مواربة ، ويجب أن يقابل الواقع كما هو ويشخص كما هو ويعالج كما هو على طريقة عمر بن الخطاب لا على طريقة عمرو بن العاص ووراء ذلك كله نفوس بدوية غالباَ فيها كل الاستعداد للقول وفصاحة اللسان وفيها كل ما تعهده في البدوي من قدرة على البيان وسرعة في البديهة وأداء للمعنى بأوجز عبارة وأقوى لفظ ، من هذا كله نرى الخارجي قد اجتمعت له العاطفة القوية والأداة الصالحة للتعبير عنها، وهذا الذي ذكرنا قد جعل لأدبهم لوناَ خاصاَ غير لون الأدب المعتزلي وغير لون الأدب الشيعي .أدب المعتزلة أدب فلسفي فيه عنصر المعاني أغلب وأقوى ، وأدب الشيعة أدب باكٍ أو أدب حزين على فقدان الحق أو أدب غضبان على أن الخلافة لم توضع موضعها ، أما أدب الخوارج فأدب القوة أدب الاستماتة في طلب الحق ونشره وأدب التضحية فلا تستحق الحياة البقاء بجانب العقيدة وأدب التعبير البدوي الذي لا يتفلسف ولا يشتق المعاني ويولدها كما يفعل المعتزلة ، وهو في بعض الأحيان أدب غضبان ولكنه ليس غضبان من جنس غضب الشيعة ، فالشيعة يغضبون لشخص أو أشخاص ولكن الخوارج يغضبون للعقيدة وللإسلام عامة بقطع النظر عن الأشخاص وإن نظروا للأشخاص ففي ضوء العقيدة لا كما يفعل غيرهم من النظر إلى العقيدة في ضوء الأشخاص ، وقد يرثون ويبكون ولكنهم حتى في رثاءهم وبكاءهم أقوياء يذرفون الدمع ليسفكوا الدم ويبكون الميت ليتشجعوا الحي ويونبون المفقود ليرسموا المثل الأعلى للموجود ، لا يعرفون هزلا في الحياة فلا يعرفون هزلا في الأدب ولا يعرفون خمراَ ولا مجوناَ فلا نجد في أدبهم خمراَ ولا مجوناَ إنما يعرفون الجهاد والقتال والتربية المتزمتة القاسية التي تخرج رجالا أقوياء لا يحرصون على الحياة فكذلك أدبهم ، كالذي روي أن مروان أخا يزيد لأمه دخل وهو صغير على عبد الملك ابن مروان يبكي لضرب المؤدب له فشق ذلك على عبد الملك ، وكان عنده أحد الخوارج فقال له الخارجي دعه يبكي فانه أرحب لشدقه وأصح لدماغه وأذهب لصوته وأحرى ألا تابى عليه عينه اذا حضرته طاعة ربه فاستدعى عبرتها . لا يحبون الكذب ولا يحبون المعاصي فكانوا كما قال المبرد : والخوارج في جميع أصنافها تبرأ من الكاذب ومن ذي المعصية الظاهرة فكذلك أدبهم .

              إلى إن قال : ومن أجل هذا كان كلامهم كسهامهم وخطبهم كقلوبهم يصفهم عبدالله بن زياد فيقول لكلام هؤلاء أسرع إلى القلوب من النار الى اليراع

              ويروي المبرد أن عبدالملك بن مروان أتى برجل منهم فرأى منه ما شاء فهما وعلماَ ثم بحثه فرأى منه ما شاء أريا ودهياَ فرغب فيه واستدعاه للخروج عن مذهبه فرآه مستبصراَ محققا فزاده في الاستدعاء فقال له لنغنك الأولى عن الثانية وقد قلت فسمعت فاسمع أقل قال له قل فجعل يبسط من قول الخوارج ويزين له من مذهبهم بلسان طلق وألفاظ بينة ومعان قريبة فقال عبدالملك : لقد كاد يوقع في خاطري ان الجنة خلقت لهم واني أولى بالجهاد منهم .
              لقد كانت ثقافة الخوارج بحكم غلبة البداوة عليهم ثقافة عربية خالصة لا أثر فيها لفلسفة اليونان كما هو الشأن في ثقافة المعتزله ولا أثر فيها لثقافة الفرس كما هو الشأن في الشيعة ، ثقافة الخوارج ثقافة أدبية لغوية على نمط العرب في ثقافتهم وثقافة إسلامية على النمط المعهود في عصرهم من تفهم للكتاب والسنة في سهولة ويسر فان جادلوا في الدين فاحتجاجهم بظواهر النصوص وتمسك بحرفيتها فكان على أدبهم هذا الطالع لقد كان مظهر أدبهم من جنس أدب العرب .



              فقط كلمة من سما الخوارج فهو يقصد بهم الإباضية ...

              تعليق

              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
              حفظ-تلقائي
              x

              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

              صورة التسجيل تحديث الصورة

              اقرأ في منتديات يا حسين

              تقليص

              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

              يعمل...
              X