ذِكْراكَ تَكْبُرُ في القُلوبِ وَيا لِذِكْراكَ الرَطيبَة !
مَا إنْ تَزالُ ظِلالُهَا بِدَمٍ يُعَطِّرُهَا سَكِيبَة
ذِكْرَاكَ يَا مَولايَ رُؤيَا مِثْلُ عَاشِقِهَا غَريبَة
هَوَىً يَمُدُّ بِأضْلُعِ العُشّاقِ ـ يَا غَدَهُ ـ وَجيبَهوَ
لِقَوافِلِ الكِبْرِ المُضَمَّخِ بِالخُلودِ دَمُ الوَريدِ
وَحَنينُ أضْلاعٍ تَفورُ بِجَهْشَةِ الألَمِ المُريدِ
لَكِ يَا قَوافِلُ مَا يَشَاءُ الفَنُّ مِنْ ذَوْبِ القَصيدِ
لَكِ مَا يَضُمُّ الكَوْنُ مِن وَجْدٍ وَمِنْ شَجْوٍ فَريدِ
آمَنْتُ بِالتَوْحيدِ تَقْديساً وَتَنْزيهاً مُرادَا
إنْ يعبدُ القَوْمُ «المُجَسَّمَ» وَالمُتَوَّجَ وَالجَمَادا !
وَعَرَفْتُ بِالتَفْريدِ ذَاتي فَاتَّخَذْتُ الحُبَّ زَادَا !
وَحَمَلْتُ نَاري حينَ لَمْلَمَ عَاشِقُ اللَيْلِ الرَّمَادَا !
الحُبُّ إلاّ في الإمَامِ مَفَازَةٌ جُنَّتْ بِرَكبِ
عَطَشٌ يَسيلُ بِذَاتِ قَتَّالَيْنِ: شَرْقِيٍّ وَغَرْبي!
مُهَجٌ تُبَاعُ ـ كَمَا الرَقيق ـ وتُشْتَرى! مَنْ دونِ ذَنْبِ
وَمَدَامِعُ العُشَّاقِ تَرْوي في السُكونِ قَصيدَ حُبِّ
الحُبُّ أضْحى في الإمَامِ جَريمَةً سَادَتْ عُصورَا
أفْتى بِهَا «العُلَمَاءُ» لِلْحُكّامِ بُهْتَانَاً وَزورَا !
رَعَفَتْ بِهَا أُمَوِيَّةٌ تَتَحَلَّبُ الزَمَنَ الكَفورَا
شَمْطَاءُ في «بَدْرٍ» لَهَا ثَأرٌ تَألّى أنْ يَثورَا
جُنُّوا بِعَنْعَنَةِ يَعِنُّ وَرَاءَهَا بَعْدٌ شَتَاتُ!
تُزْجَى لِمَنْ كَانُوا... لِتَسْبَحَ في الدّمَاءِ الصَافِنَاتُ
وُتُكَمَّ أفْواهٌ... وتُفْقَأ أعْيُنٌ... وَتُشَلَّ ذَاتُ
وَالحَاكِمُ الأُمَويُّ يَا أيّامَه... قِرْدٌ وَلاتُ!!
يَا سَيِّدي أنَا في ظِلالِكَ مُثْقَلٌ بِالهَمِّ لَحْني
أرْوي صَبَابَاتِ الأُولى ذَابُوا عَلى وَتَرِ أغَنِّ
وَألُمُّ شَكْوى الجيلِ أُودِعُ في شِفَاهِ العَصْرِ فَنِّي...
بِكَ يَسْتَجيرُ العَاشِقُ المَهْمومُ مِنْ جَمْر التَظَنَّي!
وَبِحَقِّ جَدِّكَ يَا بْنَهُ، نَسَبٌ بِهِ عُرِفَ الكَمَالُ
لَوْلا كِتَابٌ كُنْتَهُ وَلأَنْتَ مِنْ حَالَيْهِ حَالُ...
يَا بْنَ الّذي لَوْلاهُ مَا خَطَرَتْ بِنَفْحَتِهَا الشَّمَالُ
لَوْلاهُ مَا اكْتَحَلَتْ بِأعْرَاسِ الفُتوحَاتِ الرِّمَالُ...
بِالطَّفِ مِنْ دَمِكَ الزَكيّ سَرَائِرٌ تَهَبُ الخُلودَا
وَمَقَامُ حُبٍّ يَا إمَامُ تُضيءُ ذِكْرَاهُ العُهودَا
وَمَنَارَةٌ خَضْرَاءُ أنْجَبَتِ الشَهَادَةَ وَالشَّهيدَا
يَأبَى الزَّمَانُ ـ وَإنْ تُكَابرُ مُوحِشَاتٌ ـ أنْ تَبيدَا
إنّي لأَعْجَبُ مِنْ صَدودٍ إذْ يُعَاقِرُ مَنْ تَوَلَّى!
تَأريخُ بَغْيٍ أوْرَقَتْ أيّامُهُ صَبْراً وَدِفْلَى!
أوَ كُلَّمَا جَاء الرَسولُ بِآيَةٍ... جَاؤوا بـ«كِلاّ»!!
أعْدَى عَدُوٍّ الله مَنْ جَاءَ «الحُسَيْنَ» فَدَقَّ نَصْلا...
مَنْ رَاحَ يُفْتي أوْ يُزَيِّنُ أوْ يُدَاهِنُ أوْ يُجَاري!
وَيَرى الخِلافَةَ لَلْطَليقِ يَرى الإمَامَةَ لِلْمُكَاري!!
عَزُّ الخِلافَةِ مَا تَمُوجُ بِهِ القُصُورُ مِنَ الجَوَاري!
عِزُّ الخِلافَةِ... لا تَسَلْ... كَيْدُ الطَليقِ إلى بِوارِ...
قُمْ يَا إمَامُ تَرَ الشُعوبَ تَسوسُها ذؤبَانُ غَابِ
تَسْعَى بِهَا غَايٌ... لِتَأكُلَ أوْ تَنَاسَلَ أوْ تُرَابي!!
غَنَّى لَهَا يَأسٌ فَأسْلَمَتِ القَيِادَ إلى غُرَابِ!
مِنْ ذَا يُفَكِّرُ في الضَّبَابِ؟ وَمَنْ يُنَظِّرُ لِلْيَبَابَ!!
قُمْ يَا إمِامُ تَرَ ابْنَ قَاتِلِكَ المُتَوَّجَ وَالإمَامَا!
وَتَرَ الأُلى غَابُوا إذا سُئِلوا يُحِلُّونَ الحَرَامَا!
غَنَّوا لِمَنْ تَخِذُوا الشُعُوبَ غَنيمَةً وَالدينَ لامَا!
أحْيَوْا لَنَا «حَشَويَّةً» مَدُّوا بِهَا عُنُقاً وَهَامَا!
يَا أُمَّةً... لا يَومُهَا رَغَدٌ وَلا غَدُهَا يَميدُ!
مَا زَالَ يُبْحِرُ في مَواجِعِهَا زِِيَادٌ أوْ يَزيدٌ!
لِلْجَاهِلِيَّةِ يَوْمُهَا وَغَدٌ وَمَاضيهَا المَجيدُ!
كَمْ باسْمِ تَأريخِ الجُدودِ تَهونُ أفْرَاسٌ وَبَيدُ!
يَا أُمَّةً يَلْهُوا بِأغْلَى مَا يُطَهِّرُهَا الغَريبُ!
نُظُمٌ تَقَيَّأهَا الزَمَانُ المُرُّ وَالمَدَدُ المُريبُ
وَكَنوزُهَا أثْرى بِهَا «هودَا» وَجَمَّدَهَا «صَليبُ»!
وَالمَجْدُ... حَدِّثْ عَنْ أسَاطيرٍ يَنوءُ بِهَا الغُروبُ!
المَجْدُ... حَدِّثْ عَنْ هِبَاتٍ لا تَسَلْ لِمَنْ الهِبَاتُ؟!
عَنْ مُتْرَفينَ وَكُلُّهُمْ «شَاةٌ» وَكُلُّ الشَعْبِ شَاةٌ!
عَنْ موحِشينَ تَأَنَّقوا في الدَّربِ بِاسْمِك يَا رُفَاةُ!
الدين طاعةُ حَاكِمٍ! وَالمَجْدُ مَا فَعَلَ الطُغَاةُ!
هذي الوُعُودُ المُرْسَلاتُ فَأيْنَ صِدْقُ الصَّادِقينَا؟
الصِدْقُ مَا اشْتَعَلَتْ قُلوبُ العَارِفينَ بِهِ حَنينَا!
أيْنَ الأُلى كَانوا فَأمْطَرَ صَحْوُهُمْ غَدَقاً مَعينَا؟!
أيْنَ الذينَ مَعَ الإمَامِ تَوَسَّموا الفَجْرَ المُبينَا؟!
يَا حَامِلَ الشورى أتَعْلَمُ أيَّ قَاتِلِهَا الأميرُ؟!
أوْدى «مُعَاوِيَةٌ» بِهَا وَهُوَ المُطهَّرُ وَالحَصورُ!!
عَفْوَ العَقيدَةِ إنَّهُ في صَفْحَةِ التَأريخَ زور...
مَنْ شَلَّ قَافِلَةَ الهُدى؟ بِئْسَ المُعَطِّلُ وَالكَفورُ!
يَا قَاتِلَ الشورى ـ قُتِلْتَ ـ بِقَتْلِهَا حَلَّ العِقَابُ!
فَانْحَلَّ مَا عَقَدَتْهُ أيْمَانٌ... وَأبْرَمَهُ كِتَابٌ
القَلْبُ رُعْبٌ وَالعَقيدَةُ غُرْبَةٌ... وَالدَرْبُ غَابُ!
وَالعَهْدُ غَدْوٌ وَالخِلافَةُ ـ يا مُشَرَّدَهَا ـ غَلابُ!
وَالحُبُّ يُنْفى أوْ يُقَتَّلُ أوْ يُصَلَّبُ مِنْ خِلافِ!
لِلْغَدْرِ دَانيَةُ الظِلالِ وِلِلْمُروءاتِ المَنَافي!
الغَدْرُ... يَا لِبُطولَةٍ شَرِقَتْ بِمَعْسولِ السُّلافِ!
يَا رَاكِبَ التَأريخ... مَا أبْقَيْتَ مِنْ ظَهْرٍ لِحَافِ!
يَا رَاكِبَ التَأريخ... مَا فِتَنٌ يَسودُ بِهَا دَعِيُّ
تودي بِأغْلى مَا يَجودُ بِهِ كِتَابٌ أوْ نَبيُّ
مُدَّتْ لِدُنْيَا مُنْتَهى أشْوَاقِهَا شَبَعٌ وَرَيُّ
ولَكَمْ تَعَبَّدَهَا الغُواةُ... وَبِئْسَمَا عَبَدَ الغَوِيُّ!
مُدُنٌ مِنَ الأشْبَاحِ تَرْوي قِصَّةَ الحُلُمِ المُهَاجِرْ!
اُسْطُورَةَ القيثَارِ، يُودِعُ سِرَّهُ صَمْتَ المَقَابِرْ!
وَرِوَايَةً حُبْلى بِعِطْرِ الوَرْدِ أوْ رُعْبِ الخَنَاجِرْ
وَهُمُومَ جيلٍ مُتْعَبٍ بِصَنَابِةِ الوَعْدِ المُقَامِرْ!
مُدُنٌ مِنَ الأشْبَاحِ تَرْحَلُ في شَوَارِعِهَا العُيُونُ
تَرتَدٌ حَسْرَى حَيْثُ لا وِرْدٌ وَلا عِطْرٌ مَصونُ!
وَيَغيمُ في أهْدَابِهَا صَحْوٌ بِمَا عَصَروا هَتونٌ!
مُدُنٌ يُبَاعُ بِهَا اليَقينُ وَتُشْتَرى فيهَا الظُّنونُ!
حُلُمٌ يُضيءُ كَمَا «الحُسَيْنُ» وَمَا أجَلَّ اسْمَ «الحُسَيْنِ»!
أفْنى بِمُطْلَقِ حُبِّهِ فَأفوزُ مِنْهُ بِحُسْنَيَيْنِ
وَألُمُّ رَيْحَانَ الخُلودِ... أُلُمُّهُ مِلءَ اليَدَيْنِ
آوي إلى عَتَبَاتِهِ... أرْوي حَنينَ القِبْلَتَيْنِ
آتيكَ يَا حُلُمي لأقْطُفَ مِنْ جَبينِكَ قُبْلَتَيْنِ
وَأسوفُ عِطْرَكَ يَا غَريبَ الدَارِ يَابْنَ الغُرْبَتَيْنِ
وَأُشيعُ ضوءَكَ أحْمَدِيَّ الوَسْمِ يَابْنَ الفَرْقَدَيْنِ
يَابْنَ الّذي تُجْلى المَفَاخِرُ حينَ يُجلي الأصْغَرَيْنِ
جَسَدُ «الحُسَيْنِ»... وَيَصْرَخُ النَاعونَ وَا جَسَدَ الحُسَينْ!
مُلْقىً تُعَاقِرُهُ الرِيَاحُ السُودُ وَالرُمْحُ الرٌّدَينْ!
مُلْقىً تَدَثَّرَ بِالعَفَافِ يَصونُ مِنْهُ السَّوْأتَينْ!
يَا أمَّهُ... وَأبَاهُ... وَا حُزْنَاهُ... يَا بْنَ الأكْرَمَينْ
لَولا عَبيرٌ مِنْ ضِيَائِكَ أيُّهَا المَلَكُ الرَّحيمُ
يَا مَنْ يَهِبُّ عَلى الرِمَالِ فَتُزْهِرُ الجُرُزُ العَقيمُ
يَا مَنْ إذَا لَمَسَتْ يَدَاهُ الصَّخْرَ أوْرَقَتِ الكُرومُ
لَولاكَ لَمْ تُمْطِرْ عَلى جَدْبِ المَسَافَاتِ الغُيومُ
لَولاكَ يَا بْنَ النَيِّرَيْنِ لَمَا عَرَفْنَا مَا الشَهَادَه!
مَا رِحْلَةٌ قُدْسَيَّةٌ تَحْدُو بِحَادِيهَا السَعَادَه!
الحُبُّ أنْتَ... وَمِنْكَ يَأخُذُ عَاشِقُ الأسْفَارِ زَادَه
مِنْ فَيْضِ جَدِّكَ ذلِكَ الشَّرَفُ المُطَهَّرُ وَالسِّيَادَه
أنَا يَا إمِامُ قَصيدَةٌ حَلُمَتْ وَكَانَ الفَجْرُ حُلْمَا
يَنْسَابُ مِنْ سِفْرِ الغُيوبِ الحَرْفُ في شَفَتَيَّ ألْمى
يَنْسَابُ يَخْتَصِرُ العُصورَ عَلى الهَجيرِ وَلَيْسَ يَظْمى
وَأجَلُّ مَا تَهَبُ القُلوبُ مَشَاعِرٌ لِلْحُبِّ تُنْمَى
أُشْرِبْتُ حُبَّكَ مُنْذُ كَانَ القَلْبُ في جَنْبَيَّ طِفْلا
وَهَوَاكَ... جَلَّتْ في هَوَاكَ مَوَاسِمٌ خُضْرٌ... وَجَلاَّ
رَقْرَقْتُ في ذِكْرَاكَ شَجْوَ قَصَائِدي عَلَلاً وَنَهْلا
وَتَخِذْتُ في رَمْضَاءِ أيَّامي الهَوى زَاداً وَظِلاَّ
___________________________________منقول
مَا إنْ تَزالُ ظِلالُهَا بِدَمٍ يُعَطِّرُهَا سَكِيبَة
ذِكْرَاكَ يَا مَولايَ رُؤيَا مِثْلُ عَاشِقِهَا غَريبَة
هَوَىً يَمُدُّ بِأضْلُعِ العُشّاقِ ـ يَا غَدَهُ ـ وَجيبَهوَ
لِقَوافِلِ الكِبْرِ المُضَمَّخِ بِالخُلودِ دَمُ الوَريدِ
وَحَنينُ أضْلاعٍ تَفورُ بِجَهْشَةِ الألَمِ المُريدِ
لَكِ يَا قَوافِلُ مَا يَشَاءُ الفَنُّ مِنْ ذَوْبِ القَصيدِ
لَكِ مَا يَضُمُّ الكَوْنُ مِن وَجْدٍ وَمِنْ شَجْوٍ فَريدِ
آمَنْتُ بِالتَوْحيدِ تَقْديساً وَتَنْزيهاً مُرادَا
إنْ يعبدُ القَوْمُ «المُجَسَّمَ» وَالمُتَوَّجَ وَالجَمَادا !
وَعَرَفْتُ بِالتَفْريدِ ذَاتي فَاتَّخَذْتُ الحُبَّ زَادَا !
وَحَمَلْتُ نَاري حينَ لَمْلَمَ عَاشِقُ اللَيْلِ الرَّمَادَا !
الحُبُّ إلاّ في الإمَامِ مَفَازَةٌ جُنَّتْ بِرَكبِ
عَطَشٌ يَسيلُ بِذَاتِ قَتَّالَيْنِ: شَرْقِيٍّ وَغَرْبي!
مُهَجٌ تُبَاعُ ـ كَمَا الرَقيق ـ وتُشْتَرى! مَنْ دونِ ذَنْبِ
وَمَدَامِعُ العُشَّاقِ تَرْوي في السُكونِ قَصيدَ حُبِّ
الحُبُّ أضْحى في الإمَامِ جَريمَةً سَادَتْ عُصورَا
أفْتى بِهَا «العُلَمَاءُ» لِلْحُكّامِ بُهْتَانَاً وَزورَا !
رَعَفَتْ بِهَا أُمَوِيَّةٌ تَتَحَلَّبُ الزَمَنَ الكَفورَا
شَمْطَاءُ في «بَدْرٍ» لَهَا ثَأرٌ تَألّى أنْ يَثورَا
جُنُّوا بِعَنْعَنَةِ يَعِنُّ وَرَاءَهَا بَعْدٌ شَتَاتُ!
تُزْجَى لِمَنْ كَانُوا... لِتَسْبَحَ في الدّمَاءِ الصَافِنَاتُ
وُتُكَمَّ أفْواهٌ... وتُفْقَأ أعْيُنٌ... وَتُشَلَّ ذَاتُ
وَالحَاكِمُ الأُمَويُّ يَا أيّامَه... قِرْدٌ وَلاتُ!!
يَا سَيِّدي أنَا في ظِلالِكَ مُثْقَلٌ بِالهَمِّ لَحْني
أرْوي صَبَابَاتِ الأُولى ذَابُوا عَلى وَتَرِ أغَنِّ
وَألُمُّ شَكْوى الجيلِ أُودِعُ في شِفَاهِ العَصْرِ فَنِّي...
بِكَ يَسْتَجيرُ العَاشِقُ المَهْمومُ مِنْ جَمْر التَظَنَّي!
وَبِحَقِّ جَدِّكَ يَا بْنَهُ، نَسَبٌ بِهِ عُرِفَ الكَمَالُ
لَوْلا كِتَابٌ كُنْتَهُ وَلأَنْتَ مِنْ حَالَيْهِ حَالُ...
يَا بْنَ الّذي لَوْلاهُ مَا خَطَرَتْ بِنَفْحَتِهَا الشَّمَالُ
لَوْلاهُ مَا اكْتَحَلَتْ بِأعْرَاسِ الفُتوحَاتِ الرِّمَالُ...
بِالطَّفِ مِنْ دَمِكَ الزَكيّ سَرَائِرٌ تَهَبُ الخُلودَا
وَمَقَامُ حُبٍّ يَا إمَامُ تُضيءُ ذِكْرَاهُ العُهودَا
وَمَنَارَةٌ خَضْرَاءُ أنْجَبَتِ الشَهَادَةَ وَالشَّهيدَا
يَأبَى الزَّمَانُ ـ وَإنْ تُكَابرُ مُوحِشَاتٌ ـ أنْ تَبيدَا
إنّي لأَعْجَبُ مِنْ صَدودٍ إذْ يُعَاقِرُ مَنْ تَوَلَّى!
تَأريخُ بَغْيٍ أوْرَقَتْ أيّامُهُ صَبْراً وَدِفْلَى!
أوَ كُلَّمَا جَاء الرَسولُ بِآيَةٍ... جَاؤوا بـ«كِلاّ»!!
أعْدَى عَدُوٍّ الله مَنْ جَاءَ «الحُسَيْنَ» فَدَقَّ نَصْلا...
مَنْ رَاحَ يُفْتي أوْ يُزَيِّنُ أوْ يُدَاهِنُ أوْ يُجَاري!
وَيَرى الخِلافَةَ لَلْطَليقِ يَرى الإمَامَةَ لِلْمُكَاري!!
عَزُّ الخِلافَةِ مَا تَمُوجُ بِهِ القُصُورُ مِنَ الجَوَاري!
عِزُّ الخِلافَةِ... لا تَسَلْ... كَيْدُ الطَليقِ إلى بِوارِ...
قُمْ يَا إمَامُ تَرَ الشُعوبَ تَسوسُها ذؤبَانُ غَابِ
تَسْعَى بِهَا غَايٌ... لِتَأكُلَ أوْ تَنَاسَلَ أوْ تُرَابي!!
غَنَّى لَهَا يَأسٌ فَأسْلَمَتِ القَيِادَ إلى غُرَابِ!
مِنْ ذَا يُفَكِّرُ في الضَّبَابِ؟ وَمَنْ يُنَظِّرُ لِلْيَبَابَ!!
قُمْ يَا إمِامُ تَرَ ابْنَ قَاتِلِكَ المُتَوَّجَ وَالإمَامَا!
وَتَرَ الأُلى غَابُوا إذا سُئِلوا يُحِلُّونَ الحَرَامَا!
غَنَّوا لِمَنْ تَخِذُوا الشُعُوبَ غَنيمَةً وَالدينَ لامَا!
أحْيَوْا لَنَا «حَشَويَّةً» مَدُّوا بِهَا عُنُقاً وَهَامَا!
يَا أُمَّةً... لا يَومُهَا رَغَدٌ وَلا غَدُهَا يَميدُ!
مَا زَالَ يُبْحِرُ في مَواجِعِهَا زِِيَادٌ أوْ يَزيدٌ!
لِلْجَاهِلِيَّةِ يَوْمُهَا وَغَدٌ وَمَاضيهَا المَجيدُ!
كَمْ باسْمِ تَأريخِ الجُدودِ تَهونُ أفْرَاسٌ وَبَيدُ!
يَا أُمَّةً يَلْهُوا بِأغْلَى مَا يُطَهِّرُهَا الغَريبُ!
نُظُمٌ تَقَيَّأهَا الزَمَانُ المُرُّ وَالمَدَدُ المُريبُ
وَكَنوزُهَا أثْرى بِهَا «هودَا» وَجَمَّدَهَا «صَليبُ»!
وَالمَجْدُ... حَدِّثْ عَنْ أسَاطيرٍ يَنوءُ بِهَا الغُروبُ!
المَجْدُ... حَدِّثْ عَنْ هِبَاتٍ لا تَسَلْ لِمَنْ الهِبَاتُ؟!
عَنْ مُتْرَفينَ وَكُلُّهُمْ «شَاةٌ» وَكُلُّ الشَعْبِ شَاةٌ!
عَنْ موحِشينَ تَأَنَّقوا في الدَّربِ بِاسْمِك يَا رُفَاةُ!
الدين طاعةُ حَاكِمٍ! وَالمَجْدُ مَا فَعَلَ الطُغَاةُ!
هذي الوُعُودُ المُرْسَلاتُ فَأيْنَ صِدْقُ الصَّادِقينَا؟
الصِدْقُ مَا اشْتَعَلَتْ قُلوبُ العَارِفينَ بِهِ حَنينَا!
أيْنَ الأُلى كَانوا فَأمْطَرَ صَحْوُهُمْ غَدَقاً مَعينَا؟!
أيْنَ الذينَ مَعَ الإمَامِ تَوَسَّموا الفَجْرَ المُبينَا؟!
يَا حَامِلَ الشورى أتَعْلَمُ أيَّ قَاتِلِهَا الأميرُ؟!
أوْدى «مُعَاوِيَةٌ» بِهَا وَهُوَ المُطهَّرُ وَالحَصورُ!!
عَفْوَ العَقيدَةِ إنَّهُ في صَفْحَةِ التَأريخَ زور...
مَنْ شَلَّ قَافِلَةَ الهُدى؟ بِئْسَ المُعَطِّلُ وَالكَفورُ!
يَا قَاتِلَ الشورى ـ قُتِلْتَ ـ بِقَتْلِهَا حَلَّ العِقَابُ!
فَانْحَلَّ مَا عَقَدَتْهُ أيْمَانٌ... وَأبْرَمَهُ كِتَابٌ
القَلْبُ رُعْبٌ وَالعَقيدَةُ غُرْبَةٌ... وَالدَرْبُ غَابُ!
وَالعَهْدُ غَدْوٌ وَالخِلافَةُ ـ يا مُشَرَّدَهَا ـ غَلابُ!
وَالحُبُّ يُنْفى أوْ يُقَتَّلُ أوْ يُصَلَّبُ مِنْ خِلافِ!
لِلْغَدْرِ دَانيَةُ الظِلالِ وِلِلْمُروءاتِ المَنَافي!
الغَدْرُ... يَا لِبُطولَةٍ شَرِقَتْ بِمَعْسولِ السُّلافِ!
يَا رَاكِبَ التَأريخ... مَا أبْقَيْتَ مِنْ ظَهْرٍ لِحَافِ!
يَا رَاكِبَ التَأريخ... مَا فِتَنٌ يَسودُ بِهَا دَعِيُّ
تودي بِأغْلى مَا يَجودُ بِهِ كِتَابٌ أوْ نَبيُّ
مُدَّتْ لِدُنْيَا مُنْتَهى أشْوَاقِهَا شَبَعٌ وَرَيُّ
ولَكَمْ تَعَبَّدَهَا الغُواةُ... وَبِئْسَمَا عَبَدَ الغَوِيُّ!
مُدُنٌ مِنَ الأشْبَاحِ تَرْوي قِصَّةَ الحُلُمِ المُهَاجِرْ!
اُسْطُورَةَ القيثَارِ، يُودِعُ سِرَّهُ صَمْتَ المَقَابِرْ!
وَرِوَايَةً حُبْلى بِعِطْرِ الوَرْدِ أوْ رُعْبِ الخَنَاجِرْ
وَهُمُومَ جيلٍ مُتْعَبٍ بِصَنَابِةِ الوَعْدِ المُقَامِرْ!
مُدُنٌ مِنَ الأشْبَاحِ تَرْحَلُ في شَوَارِعِهَا العُيُونُ
تَرتَدٌ حَسْرَى حَيْثُ لا وِرْدٌ وَلا عِطْرٌ مَصونُ!
وَيَغيمُ في أهْدَابِهَا صَحْوٌ بِمَا عَصَروا هَتونٌ!
مُدُنٌ يُبَاعُ بِهَا اليَقينُ وَتُشْتَرى فيهَا الظُّنونُ!
حُلُمٌ يُضيءُ كَمَا «الحُسَيْنُ» وَمَا أجَلَّ اسْمَ «الحُسَيْنِ»!
أفْنى بِمُطْلَقِ حُبِّهِ فَأفوزُ مِنْهُ بِحُسْنَيَيْنِ
وَألُمُّ رَيْحَانَ الخُلودِ... أُلُمُّهُ مِلءَ اليَدَيْنِ
آوي إلى عَتَبَاتِهِ... أرْوي حَنينَ القِبْلَتَيْنِ
آتيكَ يَا حُلُمي لأقْطُفَ مِنْ جَبينِكَ قُبْلَتَيْنِ
وَأسوفُ عِطْرَكَ يَا غَريبَ الدَارِ يَابْنَ الغُرْبَتَيْنِ
وَأُشيعُ ضوءَكَ أحْمَدِيَّ الوَسْمِ يَابْنَ الفَرْقَدَيْنِ
يَابْنَ الّذي تُجْلى المَفَاخِرُ حينَ يُجلي الأصْغَرَيْنِ
جَسَدُ «الحُسَيْنِ»... وَيَصْرَخُ النَاعونَ وَا جَسَدَ الحُسَينْ!
مُلْقىً تُعَاقِرُهُ الرِيَاحُ السُودُ وَالرُمْحُ الرٌّدَينْ!
مُلْقىً تَدَثَّرَ بِالعَفَافِ يَصونُ مِنْهُ السَّوْأتَينْ!
يَا أمَّهُ... وَأبَاهُ... وَا حُزْنَاهُ... يَا بْنَ الأكْرَمَينْ
لَولا عَبيرٌ مِنْ ضِيَائِكَ أيُّهَا المَلَكُ الرَّحيمُ
يَا مَنْ يَهِبُّ عَلى الرِمَالِ فَتُزْهِرُ الجُرُزُ العَقيمُ
يَا مَنْ إذَا لَمَسَتْ يَدَاهُ الصَّخْرَ أوْرَقَتِ الكُرومُ
لَولاكَ لَمْ تُمْطِرْ عَلى جَدْبِ المَسَافَاتِ الغُيومُ
لَولاكَ يَا بْنَ النَيِّرَيْنِ لَمَا عَرَفْنَا مَا الشَهَادَه!
مَا رِحْلَةٌ قُدْسَيَّةٌ تَحْدُو بِحَادِيهَا السَعَادَه!
الحُبُّ أنْتَ... وَمِنْكَ يَأخُذُ عَاشِقُ الأسْفَارِ زَادَه
مِنْ فَيْضِ جَدِّكَ ذلِكَ الشَّرَفُ المُطَهَّرُ وَالسِّيَادَه
أنَا يَا إمِامُ قَصيدَةٌ حَلُمَتْ وَكَانَ الفَجْرُ حُلْمَا
يَنْسَابُ مِنْ سِفْرِ الغُيوبِ الحَرْفُ في شَفَتَيَّ ألْمى
يَنْسَابُ يَخْتَصِرُ العُصورَ عَلى الهَجيرِ وَلَيْسَ يَظْمى
وَأجَلُّ مَا تَهَبُ القُلوبُ مَشَاعِرٌ لِلْحُبِّ تُنْمَى
أُشْرِبْتُ حُبَّكَ مُنْذُ كَانَ القَلْبُ في جَنْبَيَّ طِفْلا
وَهَوَاكَ... جَلَّتْ في هَوَاكَ مَوَاسِمٌ خُضْرٌ... وَجَلاَّ
رَقْرَقْتُ في ذِكْرَاكَ شَجْوَ قَصَائِدي عَلَلاً وَنَهْلا
وَتَخِذْتُ في رَمْضَاءِ أيَّامي الهَوى زَاداً وَظِلاَّ
___________________________________منقول