البناء الصحيح للعلاقات الاجتماعية
إشارة هناك زخم كبير من الأحاديث الشريفة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن أئمة أهل البيت عليهم السلام وردت بشأن العلاقات العامة، والاجتماعية ترتبط ـ بعلم الاجتماع ـ من قريب أو بعيد، تعد بالألوف، والألوف.
انتخبنا منها هذه النبذة نضعها بين يدي القراء الكرام لإتمام الفائدة، وإكمال الموضوع.
ولا يخفى: أننا تركنا فهم أبعادها وما يستفاد منها إلى مستويات المطالعين المختلفة، كل يقتبس منها بمقدار فهمه وفطنته، فإن استيعاب الكلام حولها يحتاج إلى مجلدات ضخمة، والله ولي الهداية.
في كيفية السلوك الاجتماعي
عن معاوية بن وهب، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا، وفـــيما بيننا وبين خلطائنا مـــن النـــاس؟ قال: فقال: تؤدون الأمانة إليهم، وتقيمون الشهادة لهم وعليهم، وتعودون مرضاهم وتشهدون جنائزهم(1). عن أبي أسامة زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: اقرأ على من ترى أنه يطيعني منهم ويأخذ بقولي السلام، وأوصيكم بتقوى الله عز وجل، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله، وأدوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها براً أو فاجراً، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر بأداء الخيط والمخيط، صلوا عشائركم، واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس، قيل هذا جعفري، فيسرني ذلك ويدخل علي منه السرور، وقيل هذا أدب جعفر، وإذا كان على غير ذلك دخل علي بلاؤه وعاره، وقيل هذا أدب جعفر، والله لحدثني أبي عليه السلام أن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي عليه السلام فيكون زينها أداهم للأمانة، وأقضاهم للحقوق، وأصدقهم للحديث، إليه وصاياهم وودائعهم، تسأل العشيرة عنه فتقول من مثل فلان؟ أنه أدانا للأمانة، وأصدقنا للحديث(2).
عن معاوية بن وهب قال: قلت له: كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من الناس ممن ليسوا على أمرنا؟ فقال عليه السلام: تنظرون إلى أئمتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون، فوالله إنهم ليعودون مرضاهم، ويشهدون جنائزهم، ويقيمون الشهادة لهم وعليهم، ويؤدون الأمانة إليهم(3).
عن حبيب الخثعمي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم بالورع والاجتهاد، واشهدوا الجنائز، وعودوا المرضى، واحضروا مع قومكم مساجدكم وأحبوا للناس ما تحبون لأنفسكم، أما يستحيي الرجل أن يعرف جاره حقه، ولا يعرف حق جاره(4).
عن مرازم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: عليكم بالصلاة في المساجد، وحسن الجوار للناس وإقامة الشهادة وحضور الجنائز، إنه لابد لكم من الناس أن أحداً لا يستغني عن الناس حياته، والناس لابد لبعضهم من بعض(5).
عـــن عبد الله بن سنان قال: سمعـــت أبا عبد الله عليه السلام يــقول: أوصيكم بتقوى الله ولا تحملوا الناس على أكتافكم فتذلوا(6)، إن الله عز وجل يقول في كتابه: (وقولوا للناس حسناً)(7) ثم قال: عودوا مرضاهم، واحضروا جنائزهم، واشهدوا لهم وعليهم، وصلّوا معهم في مساجدهم حتى يكون التمييز، وتكون المباينة منكم ومنهم(8).
عن خيثمة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أبلغ موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله والعمل الصالح، وأن يعود صحيحهم مريضهم، وليعد غنيهم على فقيرهم وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، وأن يتفاوضوا علم الدين فإن ذلك حياة لأمرنا رحم الله عبداً أحيى أمرنا، وأعلمهم يا خيثمة أنا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلا بالعمل الصالح، فإن ولايتنا لا تنال إلا بالورع، وأن أشد الناس عذاباً يوم القيامة من وصف عدلاً ثم خالفه إلى غيره(9).
عن كثير بن علقمة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أوصني، فقال: أوصيك بتقوى الله، والورع والعبادة، وطول السجود، وأداء الأمانة، وصدق الحديث وحسن الجوار فبهذا جاءنا محمد صلى الله عليه وآله صلوا في عشائركم وعودوا مرضاكم، واشهدوا جنائزكم، وكونوا لنا زيناً، ولا تكونوا علينا شيناً، حببونا إلى الناس ولا تبغضونا إليهم، فجروا إلينا كل مودة، وادفعوا عنا كل شر(10) ـ الحديث.
عن يحيى بن عمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس، والاستغناء عنهم، يكون افتقارك إليهم في بين كلامك، وحسن سيرتك، ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزك(11).
عن أبي أسامة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم بتقوى الله والورع والاجتهاد، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وحسن الخلق، وحسن الجوار وكونوا لنا زيناً، ولا تكونوا علينا شيناً(12) ـ الحديث.
استحباب حسن المعاشرة والمرافقة
عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: من خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا (عليه) عليهم فافعل(13). عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: وطن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت، وحسن خلقك، وكف لسانك، واكظم غيظك، وأقل لغوك وتغرس عفوك، وتسخو نفسك(14).
وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران عن محمد بن حفص، عن أبي الربيع الشامي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام والبيت غاص بأهله (إلى أن قال) فقال: يا شيعة آل محمد اعلموا أنه ليس منا من لم يملك نفسه عند الغضب، ومن لم يحسن صحبة من صحبه، ومخالقة من خالقه، ومرافقة من رافقه، ومجاورة من جاوره، وممالحة من مالحه(15) ـ الحديث.
عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما (لا) يعبأ بمن سلك هذا الطريق إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحسن الصحبة لمن صحبه(16).
عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبي يقول لا (ما) يعبأ بمن يؤم هذا البيت، إذا لم يكن فيه ثلاث خصال؟، خلق بخالق به من صحبه، أو حلم يملك به غضبه، أو ورع يحجزه عن محارم الله(17).
عن عمار بن مروان قال: أوصاني أبو عبد الله عليه السلام فقال: أوصيك بتقوى الله وأداء الأمانة وصدق الحديث، وحسن المحبة بمن صحبت، ولا قوة إلا بالله(18).
عن المفضل بــن عمـــر قال: دخلـــت على أبي عبـــد الله عليه السلام فـــقال لي: من صحبك؟ فقلت له: رجـــل من أخواني، قال: فما فـــعل؟ قلت: منذ دخلت لم أعــــرف مكانه فقال لي: أما علمت أن من صحب مؤمناً أربعين خطوة سأله الله عنه يوم القيامة(19).
عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث من لم يكن فيه لم يتم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله، وخلق يداري به الناس، وحلم يرد به جهل الجاهل(20).
عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: خالطوا الناس مخالطة إن متّم معها بكوا عليكم، وإن غبتم حنوا إليكم(21).
1 ـ الوسائل ج/8 ص398.
2 ـ الوسائل ج/8 ص398.
3 ـ الوسائل ج/8 ص399.
4 ـ الوسائل ج/8 ص399.
5 ـ الوسائل ج/8 ص399.
6 ـ الوسائل ج/8 ص399.
7 ـ سورة البقرة آية 83.
8 ـ الوسائل ج/8 ص400.
9 ـ الوسائل ج/8 ص400.
10 ـ الوسائل ج/8 ص400.
11 ـ الوسائل ج/8 ص401.
12 ـ الوسائل ج/8 ص401.
13 ـ الوسائل ج/8 ص402.
14 ـ الوسائل ج/8 ص402.
15 ـ الوسائل ج/8 ص402.
16 ـ الوسائل ج/8 ص402.
17 ـ الوسائل ج/8 ص403.
18 ـ الوسائل ج/8 ص403.
19 ـ الوسائل ج/8 ص404.
20 ـ الوسائل ج/8 ص404.
21 ـ الوسائل ج/8 ص404.
رابط الموقع والصفحة:
http://www.alshirazi.com/compilation...art4/c/1.htm#4