إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

معرفة النفس

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • معرفة النفس

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله بيته الطيبين الطاهرين .

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    إليكم مني هذه المساهمة الأولى وأتمنى أن تنال على أعجابكم :-

    من عرف نفسه فقد عرف ربه:

    بعد أن أشرنا إلى التفصيل في إمكان تبديل الأخلاق السيئة بأخلاق حسنة وعدمه؛ يجب أن لا ننسى بأن تزكية النفس وتهذيبها بمكارم الأخلاق متوقف على (معرفة النفس)، فما هي هذه النفس؟ ومِمَّ تتكون؟ وما هي صفاتها؟ وكيف نصل إلى جذورها ونغوص في أعماقها؟

    وعندما نعرف (النفس) ولو بمعرفة صفاتها فإنه من السهل علينا حينئذٍ الدخول من الباب المناسب لتزكيتها وتهذيبها، بخلاف ما إذا جهلنا هذه (النفس) فمن الصعب ـ إن لم يكن مستحيلاً ـ تزكيتها وتهذيبها، وهذا أشبه شيءٍ بالطبيب فإنه لا يقدر على وصف الدواء لهذا العضو المصاب بالداء إلا بعد معرفة مكوناته وصفاته وخصائصه.

    وكذلك الميكانيكي لا يمكنه إصلاح هذه السيارة أو تلك إلا بعد معرفة مركباتها.

    والخلاصة: إن الطريق الأقرب إلى مكارم الأخلاق والموصل إلى معرفة الله تعالى هو (معرفة النفس)، يقول الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم): (من عرف نفسه فقد عرف ربه)[1].

    ما هي النفس؟

    عرَّفَ الحكماء النفس بأنها: [جوهر[2] ملكوتي يستخدم البدن في حاجاته، وهو حقيقة الإنسان وذاته][3]، وهذه النفس لها أسماء من هذه الجهة، فقد تسمى [روحاً] لتوقف حياة البدن عليها، وقد تسـمى [عقلاً] لإدراكها للمعقولات، وقد تسمى [قلباً] لتقلبها في الخواطر ولا تطلق على القطعة الصنوبرية من اللحم الموجودة في أسفل الصدر لأن هذه القطعة تراها الحواس وتدركها بخلاف النفس.

    صفات النفس:

    إن للنفس صفات وخصائص تعرف بها وهي:

    أولاً : النفس مجردة، بمعنى أنها تُدْرَكُ بالذهن لا بالحواس، فإن الحواس وهي [العين - الأذن - الأنف - اللسان – اليد]، إذا أدركت شيئاً فإنه يسمى (مادة) كالأجسام مثلاً، وإذا لم تدركه فإنه يسمى (مجرداً) كـالهواء والملائكة، فليس له خصائص الأشياء المادية.. والنفس من القسم الثاني (المجرّد) الذي لا تدركه الحواس ولا تراه.

    ثانياً: النفس باقية غير فانية[4] فهي تنتقل من حالة الى أخرى ومن عالم إلى عالم آخر، بخلاف البدن فإنه يفنى ويضمحل ويتلاشى، وبقاء النفس ودوامها إما أن يكون في السعادة والبهجــة وذلك إذا اتصفت بمحاسن الأخلاق وشرائف الصفات، وإما أن تكون في الشقاء والعذاب وذلك إذا اتصفت برذائل الأخلاق ومساوئها لأن النعيم والعذاب من جنس العمل، يقول تعالى {ووجدوا ما عملوا حاضراً}[5] فلينظر أحدنا أيَّ الطريقين يسلك للخلود؟

    القوى الثلاث للنفس:

    من أهم ما يجب معرفته حول النفس هو ما ذكره العلماء المتخصصون في هذا المجال من أن للنفس قوى ثلاث، وأن كل أفعال وأخلاق الإنسان - حسنة أو سيئة - تصدر وتنبعث في الحقيقة عن إحدى هذه القوى الثلاث، وستعرف هذا لاحقاً بصورة أوضح، وأما القوى فهي:

    الأولى: القوة العقلية (الملكية) وهذه القوه التي أودعها الله في بني آدم واعتبرها اشرف القوي وأولها إيجاداً لقول الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم): (أول ما خلق الله العقل)[6]، وبالعقل يعرف الإنسان ربه والمنعم عليه ويكون حجة باطنة عليه، كما أن الثواب والعقاب متوقف على العقل كما جاء عن الإمام الباقر (ع): (لما خلق الله العقـل قال له أقبل فاقبل، ثم قال له أدبر فأدبر فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك إياك آمر وإياك أنهى وإياك أثيب وإياك أعاقب)[7].

    وسمي العقل عقلا لأنه يعقل النفس ويقيدها ويمسك بعنانها من أن تجمح، يقول أمير المؤمنين (ع): (النفوس طلقة لكن أيدي العقول تمسك أعنتها عن النحوس)[8].

    الثانية: القوة الغضبية (السبعية) وهذه القوة من النعم الإلهية التي يمكن للإنسان بواسطتها الحفاظ على نفسه من الأخطار المحدقة به والحفاظ على ماله من السلب وعلى عرضه من الهتك، وبها يقام العدل ويدفع الظلم ويؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولولا وجود هذه القوة في باطن الإنسان لاختل النظام وعمّت الفوضى أرجاء الأرض ولما انتصف للمظلوم من الظالم، يقول تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين}[9].

    وإن الجهاد مع النفس التي هي ألدّ أعداء الإنسان لا يكون إلا بهذه القوة الشريفة فيما إذا كرّست بصورة معتدلة وأما إذا أسيء استخدامها فإنها ستجر الويلات للإنسان وتفتح أمامه جميع أبـواب الشرور كما ورد عن الصادق (ع): (الغضب مفتاح كل شر)[10].

    وسميت هذه القوة سبعية لإتصاف السباع بها غالباً في الدفاع عن نفسها.

    الثالثة: القوة الشهوية (البهيمية) وهي واقع فطري وتكويني ينطلق من تركيب الإنسان الفيسيولوجي، والخالق أودع هذه القوة في ابن آدم لحكمة عظيمة إذ لا يتم حفظ الجنس البشري والإبقاء على نوعه الا بواسطتها فهي ضرورة كامنة في جميع النفوس بما فيهم الأنبياء العظام (ع).

    هذه هي القوى الثلاث للنفس وقد أوضحنا أن القوة الغضبية والقوة الشهوية من الممكن أن تكون من الجنود الرحمانية وتؤديان إلى سعادة الإنسان وتوفيقه فيما إذا انقادتا للعقل وللأوامر الإلهية، كما أن من الممكن أن تكونا من الجنود الشيطانية فيما إذا تركتا وأطلق لهما العنان وسيتضح هذا لنا لاحقاً بصورة أوضح.

    تنبيه: قد أضاف بعض العلماء إلى هذه القوى الثلاث قوة رابعة وهي (القوة الوهمية الشيطانية)، وباعتبار أن علماء آخرين رأوا بأنها تـرجع في حقيقتها إلى القوة الثانية (الغضبية) فإننا سوف نكتفي بالتقسيم الثلاثي.

    وظائف القوى الثلاث

    لكل قوة من هذه القوى الثلاث أمور تصدر عنها وهي عبارة عن وظائفها التي تقوم بها وتتميز كل واحدة منها عن الأخرى من خلال هذه الوظائف وهي كالتالي:

    أما القوة العقلية: فوظيفتها الطبيعية لها هي:

    إدراك الحقائق من الأمور والتمييز بين الخيرات والشرور والأمر بالأفعال الجميلة والنهي عن الصفات الذميمة، ولا يقال للإنسان انه عاقل إلا إذا دله عقله على الخير وأبعده عن الشر كما ورد في الحديث: (العقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان)[11].

    أما القوة الغضبية: فوظيفتها الطبيعية لها هي:

    إبراز وإصدار أفعال السباع، كالغضب والتوثب على الآخرين والتسلط عليهم والانتقام منهم.

    أما القوة الشهوية: فوظيفتها الطبيعية لها هي:

    إصدار أفعال البهائم كالأكل والشرب والجماع والنوم ونحوها.

    حلبة الصراع بين القوى الثلاث:

    تمثل كل قوة من هذه القوى الثلاث بطلاً في حلبة واحدة فكل قوة تريد أن تبرز أفعالها وصفاتها وتسيطر على بقية القوى، فالصراع دائم ومستمر فلا يوجد توافق بينها، وأي هذه القوى الثلاث انتصـرت علـى البقية فتكون لها السيطرة والغلبة، وقد تسيطر قوتان من هذه القوى على القوة الثالثة في بعض الأحيان فتكون لهما الغلبة على الثالثـة، ومثل اجتماع هذه القوى كمثل اجتماع حكيم أو ملك مع كلب وخنـزير في حلبة واحدة وكان بينهم نزاع فالحكيم أو الملك يمثل القوة العقلية لكونه حكيماً عاقلاً والكلب يمثل القوة الغضبية لكونه سبعاً ضارياً، والخنـزير يمثل القوة الشهوية لكونه أكولاً كثيراً " السفاد "[12] وأيهما صار غالباً كان الحكم لَهُ.

    فكذلك القوى الثلاث الموجودة عند الإنسان بينها تنازع وتدافع دائم.

    أهداف القوى الثلاث في الحلبة:

    القوة العقلية تحاول أن تثبت جدارتها وذلك بقوتها النورانية وبصيرتها النافذة فتوضح الحقائق وتحاول أيضا أن تسلط إحدى القوتين على الأُخرى لتتنازعا وبالتالي تشغلان عنها.

    والقوة الغضبية تحاول أن تدعو إلى الظلم والإيذاء والعداوة والبغضاء والمكر والخداع والحيلة وأمثالها لكي تسيطر على القوى الأُخرى.

    وأما القوة الشهوية تدعو إلى المنكر والفواحش والإكثار من الأكل والجماع وأمثال هذه الأمور وذلك لكي تتغلب على العقل وتهمش القوة الغضبية جانباً.

    ويدوم الصراع بين هذه القوى حتى ترفع إحداها راية النصر وتعلن الفوز على سائر القوى وتستلم في النهاية الوسام المناسب لها.

    النفس المطمئنة والأمارة واللوامة:

    إذا انتصرت (القوة العقلية) في نفس الإنسان على القوتين الأُخريتين وأصبحتا منقادتين لأوامر (القوة العقلية) ونواهيها ولم يكن لهما أي مقاومة ومدافعة، إذا كان كذلك فإن النفس حينئذٍ تسمى بـ(المطمئنة)، والسبب في ذلك أنها ارتقت وسمت إلى عالم القدس وتنـزهت عن الأرجاس وواظبت على الطاعات واتصفت بمكارم الأخلاق فاستحقت أن يخاطبها خالقها تعالى بقوله: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربكِ راضيةً مرضية فادخلي في عبادي وأدخلي جنتي}[13].

    وأما إذا انهزمت (القوة العقلية) وأذعنت لأوامر بقية القوى من دون مدافعة أو مقاومة منها، فعندئذٍ تسمى النفس بـ (الأمَّارَة) والسبب في ذلك أنها أصبحت تأمر باللذات والشهوات الحسـية وصارت منبع الأخلاق الدنيئة والأفعال الرديئة، وهي التي عناها الباري تعالى بقوله: {إن النفس لأمَّارة بالسوء}[14].

    وأما إذا دام التنازع وأستمر الصراع بين هذه القوى دون نتيجة، فحينئذٍ نجد أن النفس تميل إلى الخير تارة وإلى الشر تارة أُخرى، وفي حالة ميلانها إلى الشر والمعاصي فإنه يحصل لها ندم ولوم، فتستغفر من ذنبها وتعود إلى ربها، وعندئذٍ تسمى النفس بـ(اللَّوامة) والتي أقسم الله تعالى بها فقال: {ولا أقسم[15] بالنفس اللَّوامة}[16].

    حالات ثلاث لنفسٍ واحدة:

    نود أن نلفت النظر إلى أن هذه النفوس الثلاث (المطمئنة - الأمارة - اللَّوامة) ليست موجودة بثلاث وجودات، بل هي نفس واحدة ولكنها تختلف باختلاف الحالات التي عرفناها كما لا يخفى.

    للقراءة والتأمل

    إن أوضح وأجلى مصداقٍ للنفس المطمئنة هو الإمام الحسين (ع) فقد كان وجهه المبارك يوم العاشر من المحرم يزداد إشراقاً ونوراً مع كل مصيبة ونازلة، إنه يعني الانتصار للنفس المطمئنة على النفس الأمارة والاطمئنان بالقضاء والقدر.

    من دعاء الإمام السجاد عليه السلام: (إلهي لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد ولا بأمرك مستخـف ولا لعقـوبتك متعرض ولا لوعيدك متهاون، لكن خطيئة عرضت وسوَّلت لي نفسي وغلبني هواي وأعانني عليها شقوتي وغرني سترك المرخى عليَّ فقد عصيتك وخالفتك بجهدي، فالآن من عذابك من يستنقذني ومن أيدي الخصماء غداً من يخلصني وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!).

    أختكم محبة آل بيت الرسول

  • #2
    موضوع جميل شكرا لكِ أختي الكريمة ..

    لا حرمنا الله من مواضيعكِ ..




    تحياتي

    تعليق


    • #3
      تحياتي القلبية لكي أختاه

      وعليك السلام أختاه (( عاشقة المصطفى ))

      أشكرك على ردك وتجاوبك مع موضوعي ، وأتمنى دائما أن تنال على أعجابكم ورضائكم ، الله أقدريني على فعل المزيد للأفادة

      تحياتي
      محبة آل بيت الرسول

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيكي اختي بحار الانوار وكثر من امثالك انشالله وجعله الله لكي في ميزان حسناتك ورزقتك شفاعة الزهراء عليها السلام

        اختكي
        عاشقة 14 قمرا

        تعليق


        • #5
          حياكي الله أختاه عاشقة 14 قمرا

          بسم الله الرحمن الرحيم

          وعليكي السلام أختاه العزيزة (( عاشقة 14 قمرا )) وعلى جميع المؤمنين
          والمؤمنات ، وأشكرك على هذه الكلمات التي تثلج الصدر وجعلنا وإياك
          ممن ينلن شفاعة سيدة الطهر والعفاف فاطمة الزهراء عليها أفضل الصلاة
          والسلام .


          (( تحيات أختكم محبة آل بيت الرسول عليهم أفضل الصلاة والسلام ))

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          x

          رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

          صورة التسجيل تحديث الصورة

          اقرأ في منتديات يا حسين

          تقليص

          لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

          يعمل...
          X