" الشعائر الحسينية مرتبطة بالله "
" التطبير نموذجا"
مقدمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على اشرف المرسلين ، محمد واله الطيبين الطاهرين ، واللعن الدائم على أعدائهم إلى يوم الدين ، وبعد .
هناك وقائع يؤكد عليها التاريخ بأن الكثيرين ممن دعوا الله تبارك وتعالى أجيبوا في الحال ، شريطة أن يكون الهدف من المناجاة والدعاء خالصاً للربالمتعال ، وأن يدعو وهو متيقن من الإجابة ، فان الله تبارك وتعالى حكيمٌ قديرٌ أمره بين الكاف والنون ، لكن هنا نكتة ، وهي عند قولنا هو حكيمٌ : معناه يعلم متى يعطي الإجابة ، وفي نفس الوقت هو أرحم الراحمين ، وأرأف بنا منآبائنا وأمهاتنا ، لابل رحمته بعباده شملت حتى الكافر ! وهذا بحث لعلنا نمر به إذا اقتضى الأمر في غير هذا المقام ، لكن الاستجابة لا تخلوا من ثلاث ، ومعنى ذلك إن الله لايرد سؤال سائل قط ، وهذه النكتة يجب أن يُلتفت إليها ، فانه عندما أمرنا بالدعاء وضمن لنا الإجابة قُطعت المسألة من خلال قوله الحق وهو رب العباد ، ولو لاحظ الفرد إن الباري عزوجل مالكنا ومالك السماوات والأرض وباختصار بيده كل شئ لعلم مقصودي مما أريد ، والذي أريده من ذلك ترى انه جل وعلى في بعض اللحظات وبعض المواقف يقضي لناالحوائج وكأن حاجته عندنا ! ومعذرة من هذا التشبيه إنما أردت بيان عظمت الباري عزوجل وكم هو رؤوف ورحيم بنا ، وكم نحن بعيدون عما يريده الله منا ، نعم هناك عوامل تحبس الدعاء ليس في محله الآن لأننا لو أردنا أن نبين ذلك لطال بنا المقام وخرجنا عن أصل بحثنا ، مع إني ذكرت بعض تلك النكت التي تخص الدعاء لأنها ترتبط بنحو بموضوعي هذا ، وإلا البحث في خصوص الدعاء بالعناوين العامة وماهي أسباب حبس الدعاء وما شابه ذلك طويلة ،وقد بحثناه أثناء شرحنا لدعاء كميل رضوان الله تعالى عليه ، المهم إن دعاء الفرد لايخلو من ثلاث مع توفر شروط الدعاء ، بغض النظر عن مستحبات الدعاء التي يقوم بها الفرد من التختم باليمين واستقبال القبلة وما شابهها ، فان الإنسان إذا صدق مع الله تبارك وتعالى في دعائه وتوجه إليه من كل قلبه وتيقن الإجابة فليتوقع منه عزوجل انه سيزيل الجبال من اجل عينيه إذا اقتضت حكمته ! مع إشارة إلى نقطة مهمة في المقام ، وهي انه في بعض الحالات يُلقى في روع الإنسان المسلم انشراح لاحدود له في الدعاء ، وتوضيح ذلك : ترى الكثير من الناس عندما يدعون مع توجههم وقصدهم للدعاء لايكون عندهم انشراح أثناء تأديتهم لذلك الدعاء ، ولكن تراهم وعلى غير قصد وفي مكان لا يقصدون فيه الدعاء تنشرح نفوسهم لمناجاة الله تبارك وتعالى ! وهذا لم يكن قد أتى عن عبث على الإطلاق ! إنما الله جل وعلى ألقاها في روعهم كي يناجوه حتى تقضى حوائجهم ! فلابد لهم من اغتنام تلك الفرصة ومحاولة تنميتها فإنها إن حصلت لهم في السنة مرة واحدة واغتنموها ستتكرر وتتكرر عندهم هذه الحالة حتى تصل إلى مرحلة الأُنس !! الله الله على الأُنس الذي يستأنس به الفرد أثناء مناجاته مع الله تعالى ! وإذا وصل الفرد إلى مرحلة الأُنس فاعلم إن الله سيلقي ذلك الانشراح في صدره في اليوم مرات ومرات بعدد مايريده العبد من ربه ، وبتعبير آخر : كلما أراد العبد أن يستأنس كلما كان انشراحا في صدره لمناجاته ، وهذه مرحلة تحتاج إلى استغلال هذه الفرصة التي تُلقى في روع الفرد المسلم ولا ينالها إلا ذو حظ عظيم ! ولعله عمل عملا أدى به إلى ذلك التوفيق الرباني والمدد الرحماني من أن يجعله أن يوفق لتلك اللحظة التي يشعر بنفسه محتاجا لمناجاة الله تعالى ! فأسأل الله وأنا اكتب هذه الكلمات أن يجعل هذه الكلمات ذخيرتي في قبري ويوم الفزع الأكبر وان لايحرمنا جميعا من فيوضاته على قلوبنا ولا يحرمنا من مناجاته بحق محمد وال محمد ، المهم ونحن بصدد النقطة الأولى وهي أن يجاب الداعي في الحال ، قلت : هي غير مقتصرة على الأنبياء والأولياء والصالحين فقط ، بل ممكن من أي شخص أن يجاب في الحال إذا اقتضت المصلحة في ذلك ، مع صدقه في دعائه كما ذكرت ،وهذه المقدمة لابد منها كي أبين ما أريده في بحثي هذا ، أما بالنسبة إلى لحظات الإجابة في الحال فقد تكررت كثيرا في تاريخنا الإسلامي وهي ليست ببعيدة على الله عزوجل ، فان آصف بن برخيا قد احضر عرش بلقيس، بأقل من طرفة عين، فكيف برب العالمين إذا أراد أن يقضي حاجة عبده؟!.. {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.. وهذه حاصلة بمقتضى إرادته التي هي أسرع من ذلك، ومثال على ذلك ، الحسين ع عندما جاءه رجل من بني تميم يقال له عبد الله بن حوزة فقال يا حسين ابشر بالنار فقال له الحسين عليه السلام كذبت بل أقدم على رب رحيم وشفيع مطاع ثم رفع الحسين عليه السلام يديه فقال اللهم حزه إلى النار، فاضطرب به فرسه في جدول فوقع وتعلقت رجله اليسري بالركاب وارتفعت اليمنى فشد عليه مسلم بن عوسجة فضرب رجله اليمني فطارت وعدا به فرسه يضرب رأسه بكل حجر ومدر حتى مات وعجل الله بروحه إلى النار " وكان " مسروق بن وائل الحضرمي قد خرج مع ابن سعد وقال لعلي أصيب رأس الحسين فأصيب به منزلة عند ابن زياد فلما رأي ما صنع بابن حوزة بدعاء الحسين عليه السلام رجع وقال لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا لا أقاتلهم أبدا "[1]انتهى .
قلت : ترى إن الباري عزوجل استجاب دعاء الحسين ع في الحال لاقتضاء المصلحة ، وهل كان يعجز الباري عزوجل من أن يفني كل من خرج ضد الحسين ع ولو كانوا بالألوف المؤلفة ؟! الجواب بالقطع لا ، فانه فعال لما يشاء ، إنما المصلحة اقتضت أن يستشهد الإمام الحسين ع وبأبشع صورة وبمشهد لن يذكر التاريخ مثله ولما جرى لعياله ، أفكان الحسين ع عاجزاً من أن يقول " ربي لماذا تفعل كل هذا بي وأنا ادعوك ولا تستجيب لي في الحال وأنا إمام ؟! قلت : الحسين ع لم يكن عاجزاً ، ولم يكن ليقل ذلك ولو قطع اربا اربا ! لان مقام الإمامة التي يحملها هي التي جعلت كل المصائب تمر عليه أحلى من العسل ! وكان يقول ربي خذ مني حتى ترضى ! وكان اقتضاء ومرضاة الله تعالى من ذلك الأخذ هو أن يرى الحسين مقطعا مع أصحابه ، ذلك لان حكمته أرادت ذلك لاستمرار الرسالة المحمدية ، فلو كان الحسين ع دعا الله أن لا يقتل في كربلاء وهذا الدعاء محال طبعا لان الحسين ع كان عالماً انه سيقتل في هذه الأرض ، لكن لو فرضنا إن الحسين ع طلب من الله أن لا يقتل في كربلاء هل كان الله قد استجاب دعاءه ؟! فان الغالب على ظني إن الله تعالى لما كان استجاب له في الحال ! واقصد بان لا يقتل الحسين ع في كربلاء وبتلك الصورة ! فان قتل الحسين ع كان حتمياً [2]لأنه مناط بالرسالة المحمدية ! فلولا قتل الحسين لما كانت الرسالة المحمدية قد استمرت ، ناهيك من أن الحسين ع لم يكن قد دعا الله تعالى بذلك الدعاء لأنه كان عالماً أن القضية الحسينية مرتبطة بالله تعالى ! لكن ماذا أعطاه الله في المقابل ؟! تصور الله أكرم الأكرمين وجعل لنا الحسنة بعشرة أمثالها والسيئة بواحدة لماذا كل ذلك ؟! لأنه أكرم الأكرمين وارحم الراحمين ، فانه يريد أن يدفع بنا إلى الخيرات وسهّل لنا كل تلك التسهيلات كي لا يحاسبنا يوم الفزع الأكبر ! فان الله تعالى لايريد بل لايحب أن يعاقب عباده أبدا ، إنما العقاب كان للردع لا بدافع الانتقام ، وهناك من يعاقبهم الله في الدنيا كي لا يحاسبهم في الآخرة ، لكن قد يقول لي قائل ما علاقة هذا بالذي تريده ؟! قلت : إذا كان هذا الكرم الالاهي وبهذه الفيوضات ، فماذا يريد أن يعطي للحسين ع ؟! وقد اخذ منه ماله وعياله وإخوته وقُطّع بأبشع الصور وعلى يد أرذل الناس لابل لايمكن أن يقتل الحسين على يد أخير الناس ! لان أخيار الناس لا يكونون إلا خدماً للحسين ع ! والله أكرم الأكرمين ، فقد قال للحسين لأجعلنك خالدا في الدنيا والآخرة ، ولأجعلن شعائرك طريقاً للجنة ! فقد جعل شعائر الحسين ع طريقاً خالصاً للجنة دون قيد أو شرط ، وجعل زيارته تعدل كذا حجة وعمرة وأناط الحزن على الحسين حزنا لله تعالى وجعل القضايا الحسينية مرتبطة به ، واقصد بحثنا عن الدليل أو لم نبحث عنه فهو كاف في انه صادر للحسين ع وكل ذلك غير كاف في عطاءات الله تعالى له ، فلو سُئل الله بحق الحسين لم يُرد ذلك السائل وسيبقى هذا الفيض الالاهي إلى أن تقوم الساعة لابل حتى في يوم الحساب ! لان الكرم الالاهي يقتضي ذلك ، فإذا كان الحسين ع قدم كل مايملك لله وبإرادة محضة غير مجبر عليها ، هل تعلمون مامعناه ؟ معناه أنْ يقدم الله كل شئ للحسين ع وبعشرة أضعاف ! هذا إن حسبنا المسالة "حساب عرب" كما يقول أهل العرف ! فان الحسين ع أعطى نفسه وكل مايملك لله لابل حتى جثته قطعت لله ، وكل من مع الحسين قدم كل مايملك لله عن طريق الحسين ع ، وجاءت الحوراء زينب تقول " ربنا خذ منا حتى ترضى " فماذا يفعل الله لهم ؟! وماذا يريد أن يعطيهم ؟! وهو أكرم الأكرمين وارحم الراحمين ؟! وجوابه إن الباري عزوجل جعل القضية الحسينية والشعيرة الحسينية وكل شئ يقام من اجل الحسين مرتبط به عزوجل ! لابل لو كانت نية الفرد هي لإحياء ذكر الحسين ع كانت كافية في أن يتقبلها الله منه جل وعلى ، وسأضرب لكم مثلا حقيقيا لايقبل شكاً ولا فرية حصل معي وعلى اقل التقادير هذا يعد دليلا على قولي على الأقل عندي من أننا لاينبغي لنا أن نقول ماهو الدليل على إقامة الشعائر الحسينية ؟! وان كانت مسندة إلى دليل من الكتاب والسنة وسيرة المعصومين ع َ.
الحسين قدم كل مايملك لله فهل يقابله الله بكل شئ .
أقول : إن الباري عزوجل إذا أراد أن يُكرم الحسين ع فعلى اقل التقادير انه سيكرم الحسين ع بعشرة أضعاف ماقدمه الحسين لله تعالى ، وهذا الحساب لتقريب الأذهان وإلا إن الكرم الالاهي والرصيد الرباني مفتوحٌ للحسين ع وبدون حدود ، فإننا نقرأ في الروايات أن الذي يتصدق بكذا كان له كذا على سبيل المثال طبعا ، ومجلس علم ساعة واحدة تعدل عبادة ألف سنة ! لاحظ عبارتي ألف سنة ، وسؤالي هل يكون بعيدا على الله تعالى أن يجعل لمن يفعل فعلت الحسين ع ولن يفعل احد مافعله الحسين ع لله ! لكن لو جاء شخص وفعل مافعله الحسين لله تعالى ، أفلا يكون ذلك الشخص وما يُفعل من اجله من خصوصيات الله تعالى ؟! فكيف بالحسين ابن علي ع ؟! والأكبر من ذلك هو أن الحسين حفظ رسالة الله تعالى ! انظر إلى العطاءات الحسينية إلى الله ، فإننا الآن لوقفنا وقلنا لله تعالى يارب : إن هذا الرجل ، الحسين بن علي لم يكتفي بأنه مُزق من أجلك وعياله وقطع اربا اربا ! بل حفظ لك رسالتك التكوينية التي لولاها لما وقعت الحجة على العباد ! لان المتفق عليه إن الحسين حفظ رسالة النبي ص باستشهاده وقد بينا ذلك وفي كتابنا " القول العتيد في استحباب لعن يزيد " فماذا تريد أن تعطيه ؟! وجوابه إن الرصيد مفتوح للحسين ع ، وهذا اكبر دليل عندي على من يعترض على بعض الشعائر الحسينية والتي من جملتها التطبير ! فاني كتبت قبل فترة وكنت معتقدا بما كتبت من ناحية الأدلة الملموسة ضد التطبير واعتبرتها من الخرافات وقد قسوت في كتابتي على التطبير ! ولامني الكثير من أصحابي على هذا البحث إلا أن غرضي كان مرضاة الله تعالى ، وان شاء الله غرضي اليوم هو مرضاة الله تعالى وبتوفيقه ، ولأنه طرح علمي ونقاش مفتوح لاسيما قد ناقشت المباني المستند إليها في التطبير ، لكني كنت متخوفا كثيرا وأنا أخاطب الحسين ع دائما بقولي " سيدي انك بكيت على أعدائك لأنهم سيدخلون النار بسببك ! فكيف بشخص موال لك بالولاء المطلق ؟! أتتركه هكذا ؟! " ولأني إن شاء الله من أنصار الحسين ع فقد رأيت في عالم الرؤيا مايلي " إن احد علماء الوهابية النواصب قد أعطاني ، عباءة ، وغترة ،[3] كهدية مبتسما بوجهي وكان لون الغترة بيضاء ولون العباءة بيج " !! انتهى . قلت : كأنه يريدني أن البس زيهم واعتقد عقائدهم !! والله وبالله وتالله ، هذا الذي رأيته ! واني ما كتبت ذلك مرضاة لزيد أو عمر والعياذ بالله ! بل إني رأيت تلك الرؤيا وسأسال عنها يوم القيمة ! ولعله تكررت الرؤيا بصورة أخرى لا اذكر تفاصيلها ! عندها علمت إني عندما هاجمت حكم التطبير كان في هجومي مرضاة للنواصب ! فتأذيت وبقيت في حيرة ! ، فكيف يمكن أن أرى مثل هذه الرؤيا ؟! وجوابه هو ما كتبته لك في الأسطر أعلاه إن القضية الحسينية مرتبطة بالله تعالى ويكفي أن في التطبير اغاضة للنواصب ، وعليه فالقضية الحسينية حسب ما أراه فضلا عن الأدلة أراها غير خاضعة للأدلة والنواميس المادية بل هي أعلى من ذلك بكثير ! وعليه أصبح التطبير أسمى من تلك الأطروحات المادية ، وهو إني رأيت قد أرضيت النواصب في كلامي ذاك ! ولا أتمنى العيش ليوم أرى في كلامي رضا للنواصب ! إذاً : لو قلنا بالتطبير من الناحية العرفانية المحضة ! ويكفي في كونها للحسين ع فضلا من أن في فعلها اغاضة للنواصب وتذكيرهم بقبح ما يعتقدونه اتجاه أسيادهم ضد الحسين ع ، فضلا من أن القول بحليتها بل باستحبابها من قبل كبار فقهاء الأمة وعمالقتها كان كافيا في غلق هذا الصراع إلى ابد الآبدين ! ثم إن مسالة التطبير عند المحققين والباحثين مفتوحة من ناحية الأدلة ! فهناك من رأى شرعيتها من ناحية قول الإمام الحجة عج " لأبكين عليك بدل الدمع دما " وهناك من ردها لكنه رأى شرعيتها بطريق آخر ، وهناك من رأى دليل الإباحة ، وهكذا ، أما الفقيه فانه ينظر إلى المسألة من ناحية فقهية ومن ناحية كونها من الشعائر أم لا ؟ وهكذا من ناحية الفعل والضرر ويرتب أثرا على ذلك الفعل ، وعليه لانقول ليس ببعيد على الله أن يعطي تلك الكرامة للحسين ع ! بل نقطع بان كل من يمارس الشعيرة بقصد إحياء مصيبة الحسين واغاضة النواصب في إثبات شرعيتها واستحبابها عند الله بل وحصول الأجر عليها كان كافيا ! وأنا في بحثي هذا سأناقش الكبرى في هذا الخلاف وهو إن في التطبير إساءة للمذهب الشريف ! فان ذروة الخلاف القائم هو هذا المعنى فبحول الله سأثبت الكبرى في المسالة والصغريات موكولة إلى نقاشات أخرى ، أما الكبرى كما ذكرت هل في التطبير إساءة للمذهب أم لا ؟ ومن الذي يحدد الإساءة ؟! وجوابه آت خلال البحث إن شاء الله .
صاحب الحق والمحقوق عليه في النار !!
أرجوزة كنا نسمعها من قبل من يريدون أن يلطفوا أسماعنا ويرطبوا أجوائنا ، لكننا وجدناها حقيقة مجسدة في ارض الواقع لابل أكثر من ذلك وجدنا تلك الأرجوزة حكما شرعيا ! لابل أكثر من ذلك وجدنا هناك من يطبق ويدافع عن هذه الأرجوزة ! ألا وهي ( صاحب الحق والمحقوق عليه في النار !! )
، لابل اكبر من ذلك أصبحت تلك الأرجوزة عقيدة يعتقد بها أنصار هذا الرأي ! وهذا جواب لمن يقول دائما للمطبرين ماذا نفعل بتعيير العامة لنا ؟! قلت : ليس من الصحيح إن نجيب عن هذا السؤال بان النواصب لا يرضون عن أي عمل نقوم به سواء تنازلنا عن مسالة التطبير أم لا ؟! لان المعيار ليس في التنازل بل في الدليل ، وكنت ابحث دائما عن الدليل في التطبير وذروة من قال بالمعارضة للتطبير إن فيها إساءة للمذهب ، وإذا بالله تعالى ألهمني هذا الذي اكتبه لأني ابحث عن الحقيقة والحسين وشعائره لن يحيدان عن الحقيقة قط ، قلت : إن هذه الإساءة التي نشعر بها هي نتيجة الهول الإعلامي للموضوع ليس إلا ، فلو هول الإعلام بان الشيعة يشركون بالله والعياذ بالله فان الناس السذج الذين يتبعون كل ناعق ويميلون مع كل ريح سيصدقون ذلك ويؤمنون به نتيجة ذلك الإعلام ، فهل نحّرم كل شئ يريده الإعلام المضاد منا حتى ندفع تعييراتهم ؟! وإذا فعلنا ذلك ، ماذا سيبقى لنا من العقائد ؟! وهكذا يوما بعد يوم نتحول إلى نواصب والعياذ بالله ! فلو فعّلنا بالمقابل إعلاميا مثل ما يفعلون لسقطت حججهم ولانصرفت أذهانهم لمعالجة أحكامهم التي لايقبل به حتى الغث منهم ولاستحوا من التطرق لأي من مانعتقد به خوفا من أن نكشف أوراقهم المفضوحة والتي لايمكن لها أن تصمد أمام النقد ، ولعلموا بأنهم لو تهجموا علينا وعيرونا فسيكونون سببا في فتح الباب الذي لايغلق عليهم لما يحلونه من معتقدات خرافية ! فان كانوا يتهموننا بالخرافة ، قلت : إن ذروة تلك الخرافة وجدناها عندهم ! فبماذا يعيروننا والعيب قد لبسهم وتحكم فيهم ؟! ولو نفعّل هذه القضية التي اكتبها الآن إعلاميا ، صدقوني سيترك عوام النواصب ذلك المعتقد الذي يعتقدونه إذا ما نركز على ما ساذكره إعلاميا لأنه من الخرافة ، أقول : إن دفع تعيير العامة قد نحققه اليوم بهذه الوريقات بإذن الله تعالى من خلال سؤالنا للنواصب وأذنابهم في انتقادهم للتطبير على وجه الخصوص ونقول لهم إن الذي يسمعكم كيف تركزون على مسألة التطبير من ناحية الضرر وأذية النفس يقول إنكم قد أحكمتم دينكم ولم تتركوا فيه شائبة حتى وصلتم إلى البحث من ناحية الضرر من عدمه ! في حين غفلتم عن ما موجود عندكم ! فان الذي تقولون به هو تطبير في ألف كما سأبينه فما انتم قائلون ؟! قلت : أيهما أبشع القتل أم الجرح الطفيف ؟! وجوابهم قطعا إن القتل هو أبشع بأضعاف مضاعفة !
قلت : إذا كان القاتل والمقتول عندكم في النار ولم يعرج احد منكم على كيفية حصول ذلك فكيف يمكن بالله عليكم أن تركزوا على الجرح الطفيف ؟! ومن الذي يجب أن يعير هل هم المطبرون أم انتم أهلا للمعيرة ؟! فقد جاء في صحيح البخاري - البخاري - ج 1 - ص 13ط 1981 م ط دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع،طبعة بالأوفست عن طبعة دار الطباعة العامرة بإستانبول .
حدثنا عبد الرحمن بن المبارك حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب ويونس عن الحسن عن الأحنف ابن قيس قال ذهبت لأنصر هذا الرجل فلقيني أبو بكرة فقال أين تريد قلت انصر هذا الرجل قال ارجع فأنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال إنه كان حريصا على قتل صاحبه . انتهى .
وفي شرح مسلم - النووي - ج 11 - ص 174ط 1987 م ط دار الكتاب العربي - بيروت – لبنان .
وأما قوله ( صلى الله عليه وسلم ) القاتل والمقتول في النار فليس المراد به في هذين فكيف تصح إرادتهما مع أنه إنما أخذه ليقتله بأمر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بل المراد غيرهما! وهو إذا التقى المسلمان بسيفيهما في المقاتلة المحرمة كالقتال عصبية ونحو ذلك فالقاتل والمقتول في النار! والمراد به التعريض كما ذكرناه وسبب قوله ما قدمناه لكون الولي يفهم منه دخوله في معناه ولهذا ترك قتله فحصل المقصود والله أعلم .
قلت : فهلا اخبرونا لو كان عليا استشهد في حربه مع معاوية فهل سيكون في النار بنص هذا الحديث ؟! فلماذا من حارب عليا اليوم هو في الجنة لأنه اجتهد ؟! وما قيمة هذا الحكم أمام حكم التطبير ؟! إن عليا بنص هذا الحديث في النار لو كان قد استشهد سلام الله عليه ، وعمار بن ياسر رضوان الله تعالى عليه ، فعلا استشهد في صفين ، وقد اخبره النبي ص " بأنه ستقتله الفئة الباغية " وقد طُبق جسد هذا الحديث في ارض الواقع ومع ذلك إن عمارا في النار بنص الحديث المزعوم القاتل والمقتول في النار ، لاسيما إن قتال معاوية لعلي ع عصبية محضة ! وسؤالي الآن أريد الحكم الفقهي بين كون قتلة عمار هم الفئة الباغية ، وبين كون عمارا في النار بنص هذا الحديث ؟!! بربكم ماقيمة هذا الحكم الفقهي والذي اعتبره أضحوكة من الاضحوكات أمام حكم التطبير !؟ فان آخر مايتحدث به النواصب عن حكم التطبير لان فقههم هذا يعد تطبيرا في ألف !! إن كنتم تعلمون !
انظر ماذا يقول النووي : يقول النووي في شرح مسلم - النووي - ج 18 - ص 10 – 11ط 1987 م ط دار الكتاب العربي - بيروت – لبنان .
قوله صلى الله عليه وسلم ( إذا تواجه المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار ) معنى تواجها ضرب كل واحد وجه صاحبه أي ذاته وجملته وأما كون القاتل والمقتول من أهل النار فمحمول على من لا تأويل له ويكون قتالهما عصبية ونحوها ثم كونه في النار معناه مستحق لها وقد يجازى بذلك وقد يعفو الله تعالى عنه هذا مذهب أهل الحق وقد سبق تأويله مرات وعلى هذا يتأول كل ما جاء من نظائره " واعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد ومذهب أهل السنة والحق إحسان الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم وتأويل قتالهم وأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا بل اعتقد كل فريق أنه المحق ومخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى أمر الله وكان بعضهم مصيبا وبعضهم مخطئا معذورا في الخطأ لأنه أجتهد والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه ! وكان علي رضي الله عنه هو المحق المصيب في تلك الحروب هذا مذهب أهل السنة وكانت القضايا مشتبهة حتى أن جماعة من الصحابة تحيروا فيها فاعتزلوا الطائفتين ولم يقاتلوا ولم يتيقنوا الصواب ثم تأخروا عن مساعدته منهم " . انتهى .
قلت : وعليه يأتي السؤال : إذا كان علي بن أبي طالب مصيباً في حروبه ، فماهو حكم محاربيه ؟! وأين العدالة في أن كلاهما في الجنة ؟! ثم إن طلحة والزبير سعيا في قتل عثمان ، فهل من الممكن أن يكون عثمان وطلحة والزبير كلهم في الجنة وقد قاتل بعضهم بعضا ؟!! ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث له : القاتل والمقتول كلاهما في النار ؟؟!!
قلت : إذا كان القتل بين الصحابة تأولاً وهم مأجورون على تأويلهم واجتهادهم فما بال من يتأول بضرب رأسه اعتقاداً منه انه حزنٌ للحسين ع ؟! ونحن نعلم أن المتفق عليه إن إظهار الحزن للحسين ع هو طريق إلى الله تعالى ، إذاً فما بالكم ايها المتأولون المجتهدون تعللون لأنفسكم ما تريدون وتغلقون علينا أبواب التأويل ؟! والأبشع من ذلك قولهم " ويكون قتالهما عصبية ونحوها ثم كونه في النار معناه مستحق لها وقد يجازى بذلك وقد يعفو الله تعالى "
قلت : وهل يخفى على الباحث اللبيب والمحقق الحسيب إن معاوية قاتل علي ع عصبية وهوى ؟! وهو عالم إن عليا هو الخليفة الشرعي ؟! انظر إلى التعليلات التي يعللها النووي في شرحه حيث يقول : " واعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنه ليست بداخلة في هذا الوعيد ومذهب أهل السنة والحق إحسان الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم وتأويل قتالهم وأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا بل اعتقد كل فريق أنه المحق ومخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى أمر الله وكان بعضهم مصيبا وبعضهم مخطئا معذورا في الخطأ لأنه لاجتهاد والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه "
قلت : وكذلك نحن نقول في تلك الدماء التي هي أهون بألف مرة من القتل في حكم التطبير! فعلى ضوء تعليلات النووي فان أخطأنا فلنا أجرنا لأننا اجتهدنا وأخطأنا في اجتهادنا وان أصبنا فلنا أجران لاسيما نحن نذهب إلى جرح بسيط في أنفسنا لاكما تذهبون بأنكم تقتلون الصحابة وتجعلون كلاهما في الجنة ؟! فأيهما اشد باسا وأكثر طرحا من أن يناقش ؟! هل هو التطبير أم قتل الصحابة وجعل القاتل والمقتول في الجنة أو في النار ! والحصول المستمر من قبلكم على الفيوضات الاجتهادية ؟!! فاني استدل من كلام النووي إن المطبر حتى لو تعمق في جرح نفسه وهو مجتهد فإن في ذلك التعمق اجر عند الله بسبب حبه للحسين ع ! وكان مأجورا على فعله كما يعلل النووي ذلك ، لا بل إن النووي ادخل الجنة وجعل تقاتل الصحابة بينهم هو الاجتهاد بعينه والأجر الالاهي ! إذاً بالله عليكم ماقيمة التطبيراذاً أمام هذا ؟! ثم لماذا هذا التعليل العليل الذي تذهبون إليه وترفضون تعليلنا لاسيما تنزلنا وقلنا بنفس تعليلكم ؟! أم لان في ذلك التعليل شرعية لمعاوية وهذا التعليل الذي نقول به هو للحسين ع ؟!! فوالله إن ترك التطبير هو مرضاة لكم ولقد أراني الله في رؤيا صادقة في ذلك الأمر وعليه إذا كان ترك التطبير مرضاة لكم اللهم اشهد إن وفقت سأكون أول المطبيرن في القابل ؟!!
" التطبير نموذجا"
مقدمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على اشرف المرسلين ، محمد واله الطيبين الطاهرين ، واللعن الدائم على أعدائهم إلى يوم الدين ، وبعد .
هناك وقائع يؤكد عليها التاريخ بأن الكثيرين ممن دعوا الله تبارك وتعالى أجيبوا في الحال ، شريطة أن يكون الهدف من المناجاة والدعاء خالصاً للربالمتعال ، وأن يدعو وهو متيقن من الإجابة ، فان الله تبارك وتعالى حكيمٌ قديرٌ أمره بين الكاف والنون ، لكن هنا نكتة ، وهي عند قولنا هو حكيمٌ : معناه يعلم متى يعطي الإجابة ، وفي نفس الوقت هو أرحم الراحمين ، وأرأف بنا منآبائنا وأمهاتنا ، لابل رحمته بعباده شملت حتى الكافر ! وهذا بحث لعلنا نمر به إذا اقتضى الأمر في غير هذا المقام ، لكن الاستجابة لا تخلوا من ثلاث ، ومعنى ذلك إن الله لايرد سؤال سائل قط ، وهذه النكتة يجب أن يُلتفت إليها ، فانه عندما أمرنا بالدعاء وضمن لنا الإجابة قُطعت المسألة من خلال قوله الحق وهو رب العباد ، ولو لاحظ الفرد إن الباري عزوجل مالكنا ومالك السماوات والأرض وباختصار بيده كل شئ لعلم مقصودي مما أريد ، والذي أريده من ذلك ترى انه جل وعلى في بعض اللحظات وبعض المواقف يقضي لناالحوائج وكأن حاجته عندنا ! ومعذرة من هذا التشبيه إنما أردت بيان عظمت الباري عزوجل وكم هو رؤوف ورحيم بنا ، وكم نحن بعيدون عما يريده الله منا ، نعم هناك عوامل تحبس الدعاء ليس في محله الآن لأننا لو أردنا أن نبين ذلك لطال بنا المقام وخرجنا عن أصل بحثنا ، مع إني ذكرت بعض تلك النكت التي تخص الدعاء لأنها ترتبط بنحو بموضوعي هذا ، وإلا البحث في خصوص الدعاء بالعناوين العامة وماهي أسباب حبس الدعاء وما شابه ذلك طويلة ،وقد بحثناه أثناء شرحنا لدعاء كميل رضوان الله تعالى عليه ، المهم إن دعاء الفرد لايخلو من ثلاث مع توفر شروط الدعاء ، بغض النظر عن مستحبات الدعاء التي يقوم بها الفرد من التختم باليمين واستقبال القبلة وما شابهها ، فان الإنسان إذا صدق مع الله تبارك وتعالى في دعائه وتوجه إليه من كل قلبه وتيقن الإجابة فليتوقع منه عزوجل انه سيزيل الجبال من اجل عينيه إذا اقتضت حكمته ! مع إشارة إلى نقطة مهمة في المقام ، وهي انه في بعض الحالات يُلقى في روع الإنسان المسلم انشراح لاحدود له في الدعاء ، وتوضيح ذلك : ترى الكثير من الناس عندما يدعون مع توجههم وقصدهم للدعاء لايكون عندهم انشراح أثناء تأديتهم لذلك الدعاء ، ولكن تراهم وعلى غير قصد وفي مكان لا يقصدون فيه الدعاء تنشرح نفوسهم لمناجاة الله تبارك وتعالى ! وهذا لم يكن قد أتى عن عبث على الإطلاق ! إنما الله جل وعلى ألقاها في روعهم كي يناجوه حتى تقضى حوائجهم ! فلابد لهم من اغتنام تلك الفرصة ومحاولة تنميتها فإنها إن حصلت لهم في السنة مرة واحدة واغتنموها ستتكرر وتتكرر عندهم هذه الحالة حتى تصل إلى مرحلة الأُنس !! الله الله على الأُنس الذي يستأنس به الفرد أثناء مناجاته مع الله تعالى ! وإذا وصل الفرد إلى مرحلة الأُنس فاعلم إن الله سيلقي ذلك الانشراح في صدره في اليوم مرات ومرات بعدد مايريده العبد من ربه ، وبتعبير آخر : كلما أراد العبد أن يستأنس كلما كان انشراحا في صدره لمناجاته ، وهذه مرحلة تحتاج إلى استغلال هذه الفرصة التي تُلقى في روع الفرد المسلم ولا ينالها إلا ذو حظ عظيم ! ولعله عمل عملا أدى به إلى ذلك التوفيق الرباني والمدد الرحماني من أن يجعله أن يوفق لتلك اللحظة التي يشعر بنفسه محتاجا لمناجاة الله تعالى ! فأسأل الله وأنا اكتب هذه الكلمات أن يجعل هذه الكلمات ذخيرتي في قبري ويوم الفزع الأكبر وان لايحرمنا جميعا من فيوضاته على قلوبنا ولا يحرمنا من مناجاته بحق محمد وال محمد ، المهم ونحن بصدد النقطة الأولى وهي أن يجاب الداعي في الحال ، قلت : هي غير مقتصرة على الأنبياء والأولياء والصالحين فقط ، بل ممكن من أي شخص أن يجاب في الحال إذا اقتضت المصلحة في ذلك ، مع صدقه في دعائه كما ذكرت ،وهذه المقدمة لابد منها كي أبين ما أريده في بحثي هذا ، أما بالنسبة إلى لحظات الإجابة في الحال فقد تكررت كثيرا في تاريخنا الإسلامي وهي ليست ببعيدة على الله عزوجل ، فان آصف بن برخيا قد احضر عرش بلقيس، بأقل من طرفة عين، فكيف برب العالمين إذا أراد أن يقضي حاجة عبده؟!.. {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.. وهذه حاصلة بمقتضى إرادته التي هي أسرع من ذلك، ومثال على ذلك ، الحسين ع عندما جاءه رجل من بني تميم يقال له عبد الله بن حوزة فقال يا حسين ابشر بالنار فقال له الحسين عليه السلام كذبت بل أقدم على رب رحيم وشفيع مطاع ثم رفع الحسين عليه السلام يديه فقال اللهم حزه إلى النار، فاضطرب به فرسه في جدول فوقع وتعلقت رجله اليسري بالركاب وارتفعت اليمنى فشد عليه مسلم بن عوسجة فضرب رجله اليمني فطارت وعدا به فرسه يضرب رأسه بكل حجر ومدر حتى مات وعجل الله بروحه إلى النار " وكان " مسروق بن وائل الحضرمي قد خرج مع ابن سعد وقال لعلي أصيب رأس الحسين فأصيب به منزلة عند ابن زياد فلما رأي ما صنع بابن حوزة بدعاء الحسين عليه السلام رجع وقال لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا لا أقاتلهم أبدا "[1]انتهى .
قلت : ترى إن الباري عزوجل استجاب دعاء الحسين ع في الحال لاقتضاء المصلحة ، وهل كان يعجز الباري عزوجل من أن يفني كل من خرج ضد الحسين ع ولو كانوا بالألوف المؤلفة ؟! الجواب بالقطع لا ، فانه فعال لما يشاء ، إنما المصلحة اقتضت أن يستشهد الإمام الحسين ع وبأبشع صورة وبمشهد لن يذكر التاريخ مثله ولما جرى لعياله ، أفكان الحسين ع عاجزاً من أن يقول " ربي لماذا تفعل كل هذا بي وأنا ادعوك ولا تستجيب لي في الحال وأنا إمام ؟! قلت : الحسين ع لم يكن عاجزاً ، ولم يكن ليقل ذلك ولو قطع اربا اربا ! لان مقام الإمامة التي يحملها هي التي جعلت كل المصائب تمر عليه أحلى من العسل ! وكان يقول ربي خذ مني حتى ترضى ! وكان اقتضاء ومرضاة الله تعالى من ذلك الأخذ هو أن يرى الحسين مقطعا مع أصحابه ، ذلك لان حكمته أرادت ذلك لاستمرار الرسالة المحمدية ، فلو كان الحسين ع دعا الله أن لا يقتل في كربلاء وهذا الدعاء محال طبعا لان الحسين ع كان عالماً انه سيقتل في هذه الأرض ، لكن لو فرضنا إن الحسين ع طلب من الله أن لا يقتل في كربلاء هل كان الله قد استجاب دعاءه ؟! فان الغالب على ظني إن الله تعالى لما كان استجاب له في الحال ! واقصد بان لا يقتل الحسين ع في كربلاء وبتلك الصورة ! فان قتل الحسين ع كان حتمياً [2]لأنه مناط بالرسالة المحمدية ! فلولا قتل الحسين لما كانت الرسالة المحمدية قد استمرت ، ناهيك من أن الحسين ع لم يكن قد دعا الله تعالى بذلك الدعاء لأنه كان عالماً أن القضية الحسينية مرتبطة بالله تعالى ! لكن ماذا أعطاه الله في المقابل ؟! تصور الله أكرم الأكرمين وجعل لنا الحسنة بعشرة أمثالها والسيئة بواحدة لماذا كل ذلك ؟! لأنه أكرم الأكرمين وارحم الراحمين ، فانه يريد أن يدفع بنا إلى الخيرات وسهّل لنا كل تلك التسهيلات كي لا يحاسبنا يوم الفزع الأكبر ! فان الله تعالى لايريد بل لايحب أن يعاقب عباده أبدا ، إنما العقاب كان للردع لا بدافع الانتقام ، وهناك من يعاقبهم الله في الدنيا كي لا يحاسبهم في الآخرة ، لكن قد يقول لي قائل ما علاقة هذا بالذي تريده ؟! قلت : إذا كان هذا الكرم الالاهي وبهذه الفيوضات ، فماذا يريد أن يعطي للحسين ع ؟! وقد اخذ منه ماله وعياله وإخوته وقُطّع بأبشع الصور وعلى يد أرذل الناس لابل لايمكن أن يقتل الحسين على يد أخير الناس ! لان أخيار الناس لا يكونون إلا خدماً للحسين ع ! والله أكرم الأكرمين ، فقد قال للحسين لأجعلنك خالدا في الدنيا والآخرة ، ولأجعلن شعائرك طريقاً للجنة ! فقد جعل شعائر الحسين ع طريقاً خالصاً للجنة دون قيد أو شرط ، وجعل زيارته تعدل كذا حجة وعمرة وأناط الحزن على الحسين حزنا لله تعالى وجعل القضايا الحسينية مرتبطة به ، واقصد بحثنا عن الدليل أو لم نبحث عنه فهو كاف في انه صادر للحسين ع وكل ذلك غير كاف في عطاءات الله تعالى له ، فلو سُئل الله بحق الحسين لم يُرد ذلك السائل وسيبقى هذا الفيض الالاهي إلى أن تقوم الساعة لابل حتى في يوم الحساب ! لان الكرم الالاهي يقتضي ذلك ، فإذا كان الحسين ع قدم كل مايملك لله وبإرادة محضة غير مجبر عليها ، هل تعلمون مامعناه ؟ معناه أنْ يقدم الله كل شئ للحسين ع وبعشرة أضعاف ! هذا إن حسبنا المسالة "حساب عرب" كما يقول أهل العرف ! فان الحسين ع أعطى نفسه وكل مايملك لله لابل حتى جثته قطعت لله ، وكل من مع الحسين قدم كل مايملك لله عن طريق الحسين ع ، وجاءت الحوراء زينب تقول " ربنا خذ منا حتى ترضى " فماذا يفعل الله لهم ؟! وماذا يريد أن يعطيهم ؟! وهو أكرم الأكرمين وارحم الراحمين ؟! وجوابه إن الباري عزوجل جعل القضية الحسينية والشعيرة الحسينية وكل شئ يقام من اجل الحسين مرتبط به عزوجل ! لابل لو كانت نية الفرد هي لإحياء ذكر الحسين ع كانت كافية في أن يتقبلها الله منه جل وعلى ، وسأضرب لكم مثلا حقيقيا لايقبل شكاً ولا فرية حصل معي وعلى اقل التقادير هذا يعد دليلا على قولي على الأقل عندي من أننا لاينبغي لنا أن نقول ماهو الدليل على إقامة الشعائر الحسينية ؟! وان كانت مسندة إلى دليل من الكتاب والسنة وسيرة المعصومين ع َ.
الحسين قدم كل مايملك لله فهل يقابله الله بكل شئ .
أقول : إن الباري عزوجل إذا أراد أن يُكرم الحسين ع فعلى اقل التقادير انه سيكرم الحسين ع بعشرة أضعاف ماقدمه الحسين لله تعالى ، وهذا الحساب لتقريب الأذهان وإلا إن الكرم الالاهي والرصيد الرباني مفتوحٌ للحسين ع وبدون حدود ، فإننا نقرأ في الروايات أن الذي يتصدق بكذا كان له كذا على سبيل المثال طبعا ، ومجلس علم ساعة واحدة تعدل عبادة ألف سنة ! لاحظ عبارتي ألف سنة ، وسؤالي هل يكون بعيدا على الله تعالى أن يجعل لمن يفعل فعلت الحسين ع ولن يفعل احد مافعله الحسين ع لله ! لكن لو جاء شخص وفعل مافعله الحسين لله تعالى ، أفلا يكون ذلك الشخص وما يُفعل من اجله من خصوصيات الله تعالى ؟! فكيف بالحسين ابن علي ع ؟! والأكبر من ذلك هو أن الحسين حفظ رسالة الله تعالى ! انظر إلى العطاءات الحسينية إلى الله ، فإننا الآن لوقفنا وقلنا لله تعالى يارب : إن هذا الرجل ، الحسين بن علي لم يكتفي بأنه مُزق من أجلك وعياله وقطع اربا اربا ! بل حفظ لك رسالتك التكوينية التي لولاها لما وقعت الحجة على العباد ! لان المتفق عليه إن الحسين حفظ رسالة النبي ص باستشهاده وقد بينا ذلك وفي كتابنا " القول العتيد في استحباب لعن يزيد " فماذا تريد أن تعطيه ؟! وجوابه إن الرصيد مفتوح للحسين ع ، وهذا اكبر دليل عندي على من يعترض على بعض الشعائر الحسينية والتي من جملتها التطبير ! فاني كتبت قبل فترة وكنت معتقدا بما كتبت من ناحية الأدلة الملموسة ضد التطبير واعتبرتها من الخرافات وقد قسوت في كتابتي على التطبير ! ولامني الكثير من أصحابي على هذا البحث إلا أن غرضي كان مرضاة الله تعالى ، وان شاء الله غرضي اليوم هو مرضاة الله تعالى وبتوفيقه ، ولأنه طرح علمي ونقاش مفتوح لاسيما قد ناقشت المباني المستند إليها في التطبير ، لكني كنت متخوفا كثيرا وأنا أخاطب الحسين ع دائما بقولي " سيدي انك بكيت على أعدائك لأنهم سيدخلون النار بسببك ! فكيف بشخص موال لك بالولاء المطلق ؟! أتتركه هكذا ؟! " ولأني إن شاء الله من أنصار الحسين ع فقد رأيت في عالم الرؤيا مايلي " إن احد علماء الوهابية النواصب قد أعطاني ، عباءة ، وغترة ،[3] كهدية مبتسما بوجهي وكان لون الغترة بيضاء ولون العباءة بيج " !! انتهى . قلت : كأنه يريدني أن البس زيهم واعتقد عقائدهم !! والله وبالله وتالله ، هذا الذي رأيته ! واني ما كتبت ذلك مرضاة لزيد أو عمر والعياذ بالله ! بل إني رأيت تلك الرؤيا وسأسال عنها يوم القيمة ! ولعله تكررت الرؤيا بصورة أخرى لا اذكر تفاصيلها ! عندها علمت إني عندما هاجمت حكم التطبير كان في هجومي مرضاة للنواصب ! فتأذيت وبقيت في حيرة ! ، فكيف يمكن أن أرى مثل هذه الرؤيا ؟! وجوابه هو ما كتبته لك في الأسطر أعلاه إن القضية الحسينية مرتبطة بالله تعالى ويكفي أن في التطبير اغاضة للنواصب ، وعليه فالقضية الحسينية حسب ما أراه فضلا عن الأدلة أراها غير خاضعة للأدلة والنواميس المادية بل هي أعلى من ذلك بكثير ! وعليه أصبح التطبير أسمى من تلك الأطروحات المادية ، وهو إني رأيت قد أرضيت النواصب في كلامي ذاك ! ولا أتمنى العيش ليوم أرى في كلامي رضا للنواصب ! إذاً : لو قلنا بالتطبير من الناحية العرفانية المحضة ! ويكفي في كونها للحسين ع فضلا من أن في فعلها اغاضة للنواصب وتذكيرهم بقبح ما يعتقدونه اتجاه أسيادهم ضد الحسين ع ، فضلا من أن القول بحليتها بل باستحبابها من قبل كبار فقهاء الأمة وعمالقتها كان كافيا في غلق هذا الصراع إلى ابد الآبدين ! ثم إن مسالة التطبير عند المحققين والباحثين مفتوحة من ناحية الأدلة ! فهناك من رأى شرعيتها من ناحية قول الإمام الحجة عج " لأبكين عليك بدل الدمع دما " وهناك من ردها لكنه رأى شرعيتها بطريق آخر ، وهناك من رأى دليل الإباحة ، وهكذا ، أما الفقيه فانه ينظر إلى المسألة من ناحية فقهية ومن ناحية كونها من الشعائر أم لا ؟ وهكذا من ناحية الفعل والضرر ويرتب أثرا على ذلك الفعل ، وعليه لانقول ليس ببعيد على الله أن يعطي تلك الكرامة للحسين ع ! بل نقطع بان كل من يمارس الشعيرة بقصد إحياء مصيبة الحسين واغاضة النواصب في إثبات شرعيتها واستحبابها عند الله بل وحصول الأجر عليها كان كافيا ! وأنا في بحثي هذا سأناقش الكبرى في هذا الخلاف وهو إن في التطبير إساءة للمذهب الشريف ! فان ذروة الخلاف القائم هو هذا المعنى فبحول الله سأثبت الكبرى في المسالة والصغريات موكولة إلى نقاشات أخرى ، أما الكبرى كما ذكرت هل في التطبير إساءة للمذهب أم لا ؟ ومن الذي يحدد الإساءة ؟! وجوابه آت خلال البحث إن شاء الله .
صاحب الحق والمحقوق عليه في النار !!
أرجوزة كنا نسمعها من قبل من يريدون أن يلطفوا أسماعنا ويرطبوا أجوائنا ، لكننا وجدناها حقيقة مجسدة في ارض الواقع لابل أكثر من ذلك وجدنا تلك الأرجوزة حكما شرعيا ! لابل أكثر من ذلك وجدنا هناك من يطبق ويدافع عن هذه الأرجوزة ! ألا وهي ( صاحب الحق والمحقوق عليه في النار !! )
، لابل اكبر من ذلك أصبحت تلك الأرجوزة عقيدة يعتقد بها أنصار هذا الرأي ! وهذا جواب لمن يقول دائما للمطبرين ماذا نفعل بتعيير العامة لنا ؟! قلت : ليس من الصحيح إن نجيب عن هذا السؤال بان النواصب لا يرضون عن أي عمل نقوم به سواء تنازلنا عن مسالة التطبير أم لا ؟! لان المعيار ليس في التنازل بل في الدليل ، وكنت ابحث دائما عن الدليل في التطبير وذروة من قال بالمعارضة للتطبير إن فيها إساءة للمذهب ، وإذا بالله تعالى ألهمني هذا الذي اكتبه لأني ابحث عن الحقيقة والحسين وشعائره لن يحيدان عن الحقيقة قط ، قلت : إن هذه الإساءة التي نشعر بها هي نتيجة الهول الإعلامي للموضوع ليس إلا ، فلو هول الإعلام بان الشيعة يشركون بالله والعياذ بالله فان الناس السذج الذين يتبعون كل ناعق ويميلون مع كل ريح سيصدقون ذلك ويؤمنون به نتيجة ذلك الإعلام ، فهل نحّرم كل شئ يريده الإعلام المضاد منا حتى ندفع تعييراتهم ؟! وإذا فعلنا ذلك ، ماذا سيبقى لنا من العقائد ؟! وهكذا يوما بعد يوم نتحول إلى نواصب والعياذ بالله ! فلو فعّلنا بالمقابل إعلاميا مثل ما يفعلون لسقطت حججهم ولانصرفت أذهانهم لمعالجة أحكامهم التي لايقبل به حتى الغث منهم ولاستحوا من التطرق لأي من مانعتقد به خوفا من أن نكشف أوراقهم المفضوحة والتي لايمكن لها أن تصمد أمام النقد ، ولعلموا بأنهم لو تهجموا علينا وعيرونا فسيكونون سببا في فتح الباب الذي لايغلق عليهم لما يحلونه من معتقدات خرافية ! فان كانوا يتهموننا بالخرافة ، قلت : إن ذروة تلك الخرافة وجدناها عندهم ! فبماذا يعيروننا والعيب قد لبسهم وتحكم فيهم ؟! ولو نفعّل هذه القضية التي اكتبها الآن إعلاميا ، صدقوني سيترك عوام النواصب ذلك المعتقد الذي يعتقدونه إذا ما نركز على ما ساذكره إعلاميا لأنه من الخرافة ، أقول : إن دفع تعيير العامة قد نحققه اليوم بهذه الوريقات بإذن الله تعالى من خلال سؤالنا للنواصب وأذنابهم في انتقادهم للتطبير على وجه الخصوص ونقول لهم إن الذي يسمعكم كيف تركزون على مسألة التطبير من ناحية الضرر وأذية النفس يقول إنكم قد أحكمتم دينكم ولم تتركوا فيه شائبة حتى وصلتم إلى البحث من ناحية الضرر من عدمه ! في حين غفلتم عن ما موجود عندكم ! فان الذي تقولون به هو تطبير في ألف كما سأبينه فما انتم قائلون ؟! قلت : أيهما أبشع القتل أم الجرح الطفيف ؟! وجوابهم قطعا إن القتل هو أبشع بأضعاف مضاعفة !
قلت : إذا كان القاتل والمقتول عندكم في النار ولم يعرج احد منكم على كيفية حصول ذلك فكيف يمكن بالله عليكم أن تركزوا على الجرح الطفيف ؟! ومن الذي يجب أن يعير هل هم المطبرون أم انتم أهلا للمعيرة ؟! فقد جاء في صحيح البخاري - البخاري - ج 1 - ص 13ط 1981 م ط دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع،طبعة بالأوفست عن طبعة دار الطباعة العامرة بإستانبول .
حدثنا عبد الرحمن بن المبارك حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب ويونس عن الحسن عن الأحنف ابن قيس قال ذهبت لأنصر هذا الرجل فلقيني أبو بكرة فقال أين تريد قلت انصر هذا الرجل قال ارجع فأنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال إنه كان حريصا على قتل صاحبه . انتهى .
وفي شرح مسلم - النووي - ج 11 - ص 174ط 1987 م ط دار الكتاب العربي - بيروت – لبنان .
وأما قوله ( صلى الله عليه وسلم ) القاتل والمقتول في النار فليس المراد به في هذين فكيف تصح إرادتهما مع أنه إنما أخذه ليقتله بأمر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بل المراد غيرهما! وهو إذا التقى المسلمان بسيفيهما في المقاتلة المحرمة كالقتال عصبية ونحو ذلك فالقاتل والمقتول في النار! والمراد به التعريض كما ذكرناه وسبب قوله ما قدمناه لكون الولي يفهم منه دخوله في معناه ولهذا ترك قتله فحصل المقصود والله أعلم .
قلت : فهلا اخبرونا لو كان عليا استشهد في حربه مع معاوية فهل سيكون في النار بنص هذا الحديث ؟! فلماذا من حارب عليا اليوم هو في الجنة لأنه اجتهد ؟! وما قيمة هذا الحكم أمام حكم التطبير ؟! إن عليا بنص هذا الحديث في النار لو كان قد استشهد سلام الله عليه ، وعمار بن ياسر رضوان الله تعالى عليه ، فعلا استشهد في صفين ، وقد اخبره النبي ص " بأنه ستقتله الفئة الباغية " وقد طُبق جسد هذا الحديث في ارض الواقع ومع ذلك إن عمارا في النار بنص الحديث المزعوم القاتل والمقتول في النار ، لاسيما إن قتال معاوية لعلي ع عصبية محضة ! وسؤالي الآن أريد الحكم الفقهي بين كون قتلة عمار هم الفئة الباغية ، وبين كون عمارا في النار بنص هذا الحديث ؟!! بربكم ماقيمة هذا الحكم الفقهي والذي اعتبره أضحوكة من الاضحوكات أمام حكم التطبير !؟ فان آخر مايتحدث به النواصب عن حكم التطبير لان فقههم هذا يعد تطبيرا في ألف !! إن كنتم تعلمون !
انظر ماذا يقول النووي : يقول النووي في شرح مسلم - النووي - ج 18 - ص 10 – 11ط 1987 م ط دار الكتاب العربي - بيروت – لبنان .
قوله صلى الله عليه وسلم ( إذا تواجه المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار ) معنى تواجها ضرب كل واحد وجه صاحبه أي ذاته وجملته وأما كون القاتل والمقتول من أهل النار فمحمول على من لا تأويل له ويكون قتالهما عصبية ونحوها ثم كونه في النار معناه مستحق لها وقد يجازى بذلك وقد يعفو الله تعالى عنه هذا مذهب أهل الحق وقد سبق تأويله مرات وعلى هذا يتأول كل ما جاء من نظائره " واعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد ومذهب أهل السنة والحق إحسان الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم وتأويل قتالهم وأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا بل اعتقد كل فريق أنه المحق ومخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى أمر الله وكان بعضهم مصيبا وبعضهم مخطئا معذورا في الخطأ لأنه أجتهد والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه ! وكان علي رضي الله عنه هو المحق المصيب في تلك الحروب هذا مذهب أهل السنة وكانت القضايا مشتبهة حتى أن جماعة من الصحابة تحيروا فيها فاعتزلوا الطائفتين ولم يقاتلوا ولم يتيقنوا الصواب ثم تأخروا عن مساعدته منهم " . انتهى .
قلت : وعليه يأتي السؤال : إذا كان علي بن أبي طالب مصيباً في حروبه ، فماهو حكم محاربيه ؟! وأين العدالة في أن كلاهما في الجنة ؟! ثم إن طلحة والزبير سعيا في قتل عثمان ، فهل من الممكن أن يكون عثمان وطلحة والزبير كلهم في الجنة وقد قاتل بعضهم بعضا ؟!! ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث له : القاتل والمقتول كلاهما في النار ؟؟!!
قلت : إذا كان القتل بين الصحابة تأولاً وهم مأجورون على تأويلهم واجتهادهم فما بال من يتأول بضرب رأسه اعتقاداً منه انه حزنٌ للحسين ع ؟! ونحن نعلم أن المتفق عليه إن إظهار الحزن للحسين ع هو طريق إلى الله تعالى ، إذاً فما بالكم ايها المتأولون المجتهدون تعللون لأنفسكم ما تريدون وتغلقون علينا أبواب التأويل ؟! والأبشع من ذلك قولهم " ويكون قتالهما عصبية ونحوها ثم كونه في النار معناه مستحق لها وقد يجازى بذلك وقد يعفو الله تعالى "
قلت : وهل يخفى على الباحث اللبيب والمحقق الحسيب إن معاوية قاتل علي ع عصبية وهوى ؟! وهو عالم إن عليا هو الخليفة الشرعي ؟! انظر إلى التعليلات التي يعللها النووي في شرحه حيث يقول : " واعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنه ليست بداخلة في هذا الوعيد ومذهب أهل السنة والحق إحسان الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم وتأويل قتالهم وأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا بل اعتقد كل فريق أنه المحق ومخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى أمر الله وكان بعضهم مصيبا وبعضهم مخطئا معذورا في الخطأ لأنه لاجتهاد والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه "
قلت : وكذلك نحن نقول في تلك الدماء التي هي أهون بألف مرة من القتل في حكم التطبير! فعلى ضوء تعليلات النووي فان أخطأنا فلنا أجرنا لأننا اجتهدنا وأخطأنا في اجتهادنا وان أصبنا فلنا أجران لاسيما نحن نذهب إلى جرح بسيط في أنفسنا لاكما تذهبون بأنكم تقتلون الصحابة وتجعلون كلاهما في الجنة ؟! فأيهما اشد باسا وأكثر طرحا من أن يناقش ؟! هل هو التطبير أم قتل الصحابة وجعل القاتل والمقتول في الجنة أو في النار ! والحصول المستمر من قبلكم على الفيوضات الاجتهادية ؟!! فاني استدل من كلام النووي إن المطبر حتى لو تعمق في جرح نفسه وهو مجتهد فإن في ذلك التعمق اجر عند الله بسبب حبه للحسين ع ! وكان مأجورا على فعله كما يعلل النووي ذلك ، لا بل إن النووي ادخل الجنة وجعل تقاتل الصحابة بينهم هو الاجتهاد بعينه والأجر الالاهي ! إذاً بالله عليكم ماقيمة التطبيراذاً أمام هذا ؟! ثم لماذا هذا التعليل العليل الذي تذهبون إليه وترفضون تعليلنا لاسيما تنزلنا وقلنا بنفس تعليلكم ؟! أم لان في ذلك التعليل شرعية لمعاوية وهذا التعليل الذي نقول به هو للحسين ع ؟!! فوالله إن ترك التطبير هو مرضاة لكم ولقد أراني الله في رؤيا صادقة في ذلك الأمر وعليه إذا كان ترك التطبير مرضاة لكم اللهم اشهد إن وفقت سأكون أول المطبيرن في القابل ؟!!
تعليق