أعوذ بالله السميع العليم من الشيطن الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
http://www.s-alshirazi.com/lectuer/amah/skoot.htm
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
http://www.s-alshirazi.com/lectuer/amah/skoot.htm
هل يجوز للإنسان أن يطلق صوته وكلماته جزافاً وقتما يشاء؟
بمعنى هل له أن يتحدّث وقتما يحلو له الكلام في مناسبة أو من دونها؟
من جانب آخر، هل له حق الصمت في جيمع الأحيان؟ وما هو المطلوب منه لكي يحقّق الموازنة الناجحة بين حالتيّ الصمت والكلام؟
هذه الأسئلة المترادفة تشترك جميعها في الإجابة عن الجانب الأهم في شخصية الإنسان، ولعلها تكشف مزايا هذه الشخصية من حيث جوانبها الجيدة والرديئة في آن واحد. وقد تطرّق المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في كتاب (العلم النافع) (1) إلى وجوب الموازنة بين إطلاق الكلام في موضع وكبحه في موضع آخر، وقد جاء في هذا الكتاب حول قيمة الصمت والكلام:
(روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «السكوت ذهب والكلام فضّة»(2). فللذهب والفضّة قيمة ولكن الذهب أغلى من الفضّة كما هو معلوم، وقد لوحظ ذلك في الأحكام الشرعية أيضاً. فدية المرء المسلم ـ مثلاً ـ هي ألف دينار من الذهب أو عشرة آلاف درهم فضّة، وهذا الحديث الشريف يجعل النسبة بين الكلام والسكوت كالنسبة بين الفضّة والذهب).
ومما ورد في هذا الكلام المأخوذ من كتاب (العلم النافع) نستنتج بأن صمت الإنسان هو أعلى قيمة من كلامه، غير أن هذا لا ينطبق على جميع الظروف والأحداث التي قد توجب الكلام وتفضّله كثيراً على الصمت، بمعنى ان القول بأفضلية الصمت ليس قانوناً ينطبق على كل ظروف الإنسان وأنشطة حياته المتنوّعة، فربما يتعرّض الإنسان المؤمن لموقف لايصحّ معه السكوت (فالساكت عن الحق شيطان أخرس) لهذا ينبغي على الإنسان أن يغادر حكمة الصمت عندما يكون الكلام سبيلاً إلى ردع المسيئ مثلاً أو سبيلاً إلى التوعية وترصين النزعة الأخلاقية والإيمانية في الإنسان، وفي هذا الصدد يقول المرجع الشيرازي:
(فكما أن للفضّة قيمة وللذهب قيمة، فكذلك يمكن مقارنة السكوت إلى الكلام.
تارة يكون الكلام واجباً، ولاشك أنّ السكوت غير مفضّل عليه في مثل هذه الحالة، كما هو الحال في الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر).
في وقت يكون الصمت واجباً في بعض الأحيان كونه يقود إلى حالة إيجابية كما يقول المرجع الشيرازي في ذلك:
(وتارة يكون السكوت واجباً ويأثم الإنسان بتركه كما لو أدّى إلى قتل النفس المحترمة، وفي مثل هذه الحالة يكون السكوت مفضّلاً، بل لا يجوز الكلام.
ومن الواضح أنّ الحديث الشريف غير ناظر لمثل هذه الموارد، بل هو يقرّر حقيقة أخلاقية مفادها أنّ السكوت بنفسه ـ إذا لم تكن هناك مرجّحات للكلام عليه ـ خير وأغلى).
إن هذه المقارنة بين حكمة الصمت وترك الكلام لمواضعه المناسبة، تُعد أحد الدروس المهمة التي ينبغي على الإنسان تعلّمها، فالحياة المعاصرة تفرض على الإنسان صيغاً جديدة من السلوك والكلام لكي يكون مؤثراً في المحيط الذي ينشط فيه، بعبارة أخرى أن على الإنسان أن يجدّ ويتعب من أجل أن يكون ناجحاً ومؤثراً في المجتمع، وفي أضعف الحالات ينبغي أن يكون مقبولاً في الوسط الذي يتحرّك فيه، وهذا يتطلّب منه سبل جيّدة للسلوك ومفردات منتقاة ومؤثرة للكلام، كذلك عليه أن يتقن فن الإصغاء، وهنا نكتشف بأن الصمت الذي تحدّث عنه المرجع الشيرازي هو نوع من أنواع الفن المفيدة التي ينبغي على الإنسان أن يتقنها لكي يكون ناجحاً ومؤثّراً في محيطه.
بمعنى أن الصمت عندما يأتي في موضعه سيكون ذهباً وهذا يعني إتقان الإنسان لفن الصمت والإصغاء في الوقت المناسب، على أن لا يكون هذا الصمت سمة دائمة تطبع شخصية الإنسان، إذن هنالك ظروف وأحداث تفرض على الإنسان أن يطلق صوته ويبوح برأيه، بل ويوجّه نصيحته لمن يسيئ عن جهل أو قصد مسبق.
وهنا يؤكّد المرجع الشيرازي في كتاب (العلم النافع):
(بأن المقصود من الحديث الشريف أنّ السكوت النافع أغلى من الكلام النافع).
ويورد لنا (العلم النافع) حديثاً آخر يدخل في مضمار صمت الإنسان المؤمن، فنقرأ في هذا المجال:
«إذا رأيتم المؤمن صموتاً فادنوا منه فإنّه يلقي الحكمة»(3) ).
هنا نستطيع أن نصل إلى رأي مفاده إن الإنسان الصموت أكثر حكمة من غيره، مع أهمية الموازنة التي وردت سابقاً في هذا المقال، فالصمت عندما ينتج عن تأمّل وتعقّل في التعامل مع أمور الحياة وتمحيصها، قطعاً سيكون أكثر أهمية وتأثيراً ونجاحاً من الكلام الذي إذا كثر وجاء في غير ظرفه وموضعه تحوّل إلى ثرثرة يتجاهلها الآخرون إن لم تتعرّض لنقد مصدرها الذي سيوصف بالرجل الثرثار.
وقد أكّد المرجع الشيرازي دام ظله أهمية أن يكون الإنسان متوازناً في صمته وكلامه، وأن يمتنع ويحاذر من زجّ نفسه في أمور لا تقع ضمن اختصاصه، وأورد في كتاب (العلم النافع) ما يدعم هذا الرأي من أحاديث شريفة ومنها:
قول رسول الله صلى الله عليه وآله: «مِنْ حُسْن إسلام المرء تركه الكلام فيما لا يعنيه»(4) .
وخلاصة الكلام يبقى الصمت في وقته وموضعه ذهباً، ويبقى الكلام في وقته وموضعه أيضاً فضة، وعلى الإنسان المؤمن أن يلجأ إلى كليهما في الوقت المناسب كي يبقى عنصراً فاعلاً وناجحاً ومقبولاً في المجتمع.
* مع قليل من التصرّف والتعديل من قبل المشرف على موقع مؤسسة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله الثقافية.
1) كتاب (العلم النافع سبيل النجاة) هو عبارة عن تقرير محاضرات المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله التي ألقاها على فضلاء وطلاب الحوزة العلمية. والكتاب من إصدارات مؤسسة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله الثقافية.
2) مستدرك الوسائل: ج 9 ص16 ح1.
3) بحار الأنوار: ج1 ص154 ب4 ح30، في الوصية الطويلة للإمام الكاظم سلام الله عليه إلى هشام بن الحكم.
4) مستدرك الوسائل/ ج9/ باب 103 كراهة كثرة الكلام بغير ذكر/ ص 34/ ح22.
بمعنى هل له أن يتحدّث وقتما يحلو له الكلام في مناسبة أو من دونها؟
من جانب آخر، هل له حق الصمت في جيمع الأحيان؟ وما هو المطلوب منه لكي يحقّق الموازنة الناجحة بين حالتيّ الصمت والكلام؟
هذه الأسئلة المترادفة تشترك جميعها في الإجابة عن الجانب الأهم في شخصية الإنسان، ولعلها تكشف مزايا هذه الشخصية من حيث جوانبها الجيدة والرديئة في آن واحد. وقد تطرّق المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في كتاب (العلم النافع) (1) إلى وجوب الموازنة بين إطلاق الكلام في موضع وكبحه في موضع آخر، وقد جاء في هذا الكتاب حول قيمة الصمت والكلام:
(روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «السكوت ذهب والكلام فضّة»(2). فللذهب والفضّة قيمة ولكن الذهب أغلى من الفضّة كما هو معلوم، وقد لوحظ ذلك في الأحكام الشرعية أيضاً. فدية المرء المسلم ـ مثلاً ـ هي ألف دينار من الذهب أو عشرة آلاف درهم فضّة، وهذا الحديث الشريف يجعل النسبة بين الكلام والسكوت كالنسبة بين الفضّة والذهب).
ومما ورد في هذا الكلام المأخوذ من كتاب (العلم النافع) نستنتج بأن صمت الإنسان هو أعلى قيمة من كلامه، غير أن هذا لا ينطبق على جميع الظروف والأحداث التي قد توجب الكلام وتفضّله كثيراً على الصمت، بمعنى ان القول بأفضلية الصمت ليس قانوناً ينطبق على كل ظروف الإنسان وأنشطة حياته المتنوّعة، فربما يتعرّض الإنسان المؤمن لموقف لايصحّ معه السكوت (فالساكت عن الحق شيطان أخرس) لهذا ينبغي على الإنسان أن يغادر حكمة الصمت عندما يكون الكلام سبيلاً إلى ردع المسيئ مثلاً أو سبيلاً إلى التوعية وترصين النزعة الأخلاقية والإيمانية في الإنسان، وفي هذا الصدد يقول المرجع الشيرازي:
(فكما أن للفضّة قيمة وللذهب قيمة، فكذلك يمكن مقارنة السكوت إلى الكلام.
تارة يكون الكلام واجباً، ولاشك أنّ السكوت غير مفضّل عليه في مثل هذه الحالة، كما هو الحال في الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر).
في وقت يكون الصمت واجباً في بعض الأحيان كونه يقود إلى حالة إيجابية كما يقول المرجع الشيرازي في ذلك:
(وتارة يكون السكوت واجباً ويأثم الإنسان بتركه كما لو أدّى إلى قتل النفس المحترمة، وفي مثل هذه الحالة يكون السكوت مفضّلاً، بل لا يجوز الكلام.
ومن الواضح أنّ الحديث الشريف غير ناظر لمثل هذه الموارد، بل هو يقرّر حقيقة أخلاقية مفادها أنّ السكوت بنفسه ـ إذا لم تكن هناك مرجّحات للكلام عليه ـ خير وأغلى).
إن هذه المقارنة بين حكمة الصمت وترك الكلام لمواضعه المناسبة، تُعد أحد الدروس المهمة التي ينبغي على الإنسان تعلّمها، فالحياة المعاصرة تفرض على الإنسان صيغاً جديدة من السلوك والكلام لكي يكون مؤثراً في المحيط الذي ينشط فيه، بعبارة أخرى أن على الإنسان أن يجدّ ويتعب من أجل أن يكون ناجحاً ومؤثراً في المجتمع، وفي أضعف الحالات ينبغي أن يكون مقبولاً في الوسط الذي يتحرّك فيه، وهذا يتطلّب منه سبل جيّدة للسلوك ومفردات منتقاة ومؤثرة للكلام، كذلك عليه أن يتقن فن الإصغاء، وهنا نكتشف بأن الصمت الذي تحدّث عنه المرجع الشيرازي هو نوع من أنواع الفن المفيدة التي ينبغي على الإنسان أن يتقنها لكي يكون ناجحاً ومؤثّراً في محيطه.
بمعنى أن الصمت عندما يأتي في موضعه سيكون ذهباً وهذا يعني إتقان الإنسان لفن الصمت والإصغاء في الوقت المناسب، على أن لا يكون هذا الصمت سمة دائمة تطبع شخصية الإنسان، إذن هنالك ظروف وأحداث تفرض على الإنسان أن يطلق صوته ويبوح برأيه، بل ويوجّه نصيحته لمن يسيئ عن جهل أو قصد مسبق.
وهنا يؤكّد المرجع الشيرازي في كتاب (العلم النافع):
(بأن المقصود من الحديث الشريف أنّ السكوت النافع أغلى من الكلام النافع).
ويورد لنا (العلم النافع) حديثاً آخر يدخل في مضمار صمت الإنسان المؤمن، فنقرأ في هذا المجال:
«إذا رأيتم المؤمن صموتاً فادنوا منه فإنّه يلقي الحكمة»(3) ).
هنا نستطيع أن نصل إلى رأي مفاده إن الإنسان الصموت أكثر حكمة من غيره، مع أهمية الموازنة التي وردت سابقاً في هذا المقال، فالصمت عندما ينتج عن تأمّل وتعقّل في التعامل مع أمور الحياة وتمحيصها، قطعاً سيكون أكثر أهمية وتأثيراً ونجاحاً من الكلام الذي إذا كثر وجاء في غير ظرفه وموضعه تحوّل إلى ثرثرة يتجاهلها الآخرون إن لم تتعرّض لنقد مصدرها الذي سيوصف بالرجل الثرثار.
وقد أكّد المرجع الشيرازي دام ظله أهمية أن يكون الإنسان متوازناً في صمته وكلامه، وأن يمتنع ويحاذر من زجّ نفسه في أمور لا تقع ضمن اختصاصه، وأورد في كتاب (العلم النافع) ما يدعم هذا الرأي من أحاديث شريفة ومنها:
قول رسول الله صلى الله عليه وآله: «مِنْ حُسْن إسلام المرء تركه الكلام فيما لا يعنيه»(4) .
وخلاصة الكلام يبقى الصمت في وقته وموضعه ذهباً، ويبقى الكلام في وقته وموضعه أيضاً فضة، وعلى الإنسان المؤمن أن يلجأ إلى كليهما في الوقت المناسب كي يبقى عنصراً فاعلاً وناجحاً ومقبولاً في المجتمع.
* مع قليل من التصرّف والتعديل من قبل المشرف على موقع مؤسسة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله الثقافية.
1) كتاب (العلم النافع سبيل النجاة) هو عبارة عن تقرير محاضرات المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله التي ألقاها على فضلاء وطلاب الحوزة العلمية. والكتاب من إصدارات مؤسسة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله الثقافية.
2) مستدرك الوسائل: ج 9 ص16 ح1.
3) بحار الأنوار: ج1 ص154 ب4 ح30، في الوصية الطويلة للإمام الكاظم سلام الله عليه إلى هشام بن الحكم.
4) مستدرك الوسائل/ ج9/ باب 103 كراهة كثرة الكلام بغير ذكر/ ص 34/ ح22.
تعليق