بسم الله الرحمن الرحيم
قال الكوثري في مقدمته لكتاب الأسماء والصفات للبيهقي :
للمحدثين ورواة الأخبار منزلة عليا عند جمهرة أهل العلم ، لكن بينهم من تعدى طوره وألف فيما لا يحسنه ، فأصبح مجلبة العار لطائفته بالغ الضرر لمن يسايره ويتقلد رأيه !
ومن هؤلاء غالب من ألف منهم في صفات الله سبحانه ، فدونك مرويات حماد بن سلمة في الصفات تجدها تحتوي على كثير من الأخبار التالفة يتناقلها الرواة طبقة عن طبقة ، مع أنه قد تزوج نحو مائة امرأة من غير أن يولد له ولد منهن ، وقد فعل هذا التزواج والتنكاح في الرجل فعله بحيث أصبح في غير حديث ثابت البناني لا يميز بين مروياته الأصلية وبين ما دسه في كتبه أمثال ربيبه ابن أبي العوجاء وربيبه الآخر زيد المدعو بابن حماد ، بعد أن كان جليل القدر بين الرواة قوياً في اللغة ، فضل بمروياته الباطلة كثير من بسطاء الرواة .
ويجد المطالع الكريم نماذج شتى من أخباره الواهية في باب التوحيد من كتب الموضوعات المبسوطة ، وفي كتب الرجال ، وإن حاول أناس الدفاع عنه بدون جدوى ، وشرع الله أحق بالدفاع من الدفاع عن شخص ، ولا سيما عند تراكب التهم القاطعة لكل عذر .
وفعلت مرويات نعيم بن حماد أيضاً مثل ذلك بل تحمسه البالغ أدى به إلى التجسيم كما وقع مثل ذلك لشيخ شيخه مقاتل بن سليمان .
ويجد آثار الضرر الوبيل في مروياتهما في كتب الرواة الذين كانوا يتقلدونها من غير معرفة منهم لما هنالك ، فدونك كتاب الإستقامة لخشيش بن أصرم ، والكتب التي تسمى السنة لعبد الله وللخلال ، ولأبي الشيخ ، وللعسال، ولأبي بكر بن عاصم، وللطبراني، والجامع، والسنة والجماعة لحرب بن إسماعيل السيرجاني ، والتوحيد لابن خزيمة ، ولابن مندة ، والصفات للحكم بن معبد الخزاعي ، والنقض لعثمان بن سعيد الدارمي ، والشريعة للآجري ، والإبانة لأبي نصر السجزي ، ولابن بطة ، ونقض التأويلات لأبي يعلي القاضي ، وذم الكلام والفاروق لصاحب منازل السائرين . .
تجد فيها ما ينبذه الشرع والعقل في آن واحد ولا سيما النقض لعثمان بن سعيدالدارمي السجزي المجسم فإنه أول من اجترأ من المجسمة بالقول إن الله لو شاء لاستقر على ظهربعوضة فاستقلت به بقدرته ، فكيف على عرش عظيم!!
وتابعه الشيخ الحراني ( ابن تيمية ) في ذلك كما تجد نص كلامه في غوث العباد المطبوع سنة 1351 بمطبعة الحلبي . وكم لهذا السجزي من طامات مثل إثبات الحركة له تعالى وغير ذلك !
وكم من كتب من هذا القبيل فيها من الأخبار الباطلة والآراء السافلة ما الله به عليم ، فاتسع الخرق بذلك على الراقع وعظم الخطب إلى أن قام علماء أمناء برأب الصدع نظراً ورواية وكان من هؤلاء العلماء الخطابي، وأبو الحسن الطبري ، وابن فورك ، والحليمي ، وأبو إسحاق الاسفرايني ، والأستاذ عبد القاهر البغدادي ، وغيرهم من السادة القادة الذين لا يحصون عدداً ). انتهى .
وهكذا يعترف المنصفون من علماء إخواننا أهل السنة بأن ما في صحاحهم من أحاديث الرؤية والتشبيه والتجسيم ترجع كلها أو جلها إلى حماد بن سلمة ونعيم بن حماد ومقاتل بن سليمان ووهب بن منبه وأستاذهم جميعاً كعب الأحبار !
تعليق