شيطان يعترض للنبي أما عمر فيصرعه !!
ومن الطعن في النبوة أيضاً:
وبالمناسبة، فإن كل ما تقدم لم يكفهم، بل زادوا عليه قولهم: إنه قد كان للنبي >صلى الله عليه وآله< عدو من شياطين الجن يسمى الأبيض، كان يأتيه في صورة جبرئيل، ولعله هو الشيطان الذي أعانه الله عليه فأسلم ـ كما يقولون([63]).
وشيطانه هذا الذي أسلم كان يجري منه مجرى الدم([64]).
وكان يدعو الله بأن يخسأ شيطانه؛ فلما أسلم ذلك الشيطان ترك ذلك([65]).
ورووا أنه عرض للنبي >صلى الله عليه وآله< في صلاته قال: فأخذت بحلقه فخنقته فإني لأجد برد لسانه على ظهر كفي([66]).
ويروون أيضاً: أنه >صلى الله عليه وآله< قد صلى بهم الفجر، فجعل يهوي بيديه قدامه، وهو في الصلاة؛ وذلك لأن الشيطان كان يلقي عليه النار؛ ليفتنه عن الصلاة([67]).
ونقول:
ونحن لا نشك في أن هذا كله من وضع أعداء الدين؛ بهدف فسح المجال أمام التشكيك في النبوة، وفي الدين الحق، وقد أخذه بعض المسلمين ـ لربما ـ بسلامة نية، وحسن طوية، وبلا تدبر أو تأمل، سامحهم الله، وعفا عنهم.
والغريب في الأمر: أننا نجدهم في مقابل ذلك يروون عنه >صلى الله عليه وآله< قوله لعمر:
>والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجاً، إلا سلك فجاً غير فجـك<([68])، وقـولـه لـه: >إن الشيطان ليخـاف أو ليفـرق منك يـا عمر<([69]) وقوله: >إن الشيطان لم يلق عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه<([70]).
وعن مجاهد: كنا نتحدث، أو نحدث: أن الشياطين كانت مصفدة في إمارة عمر، فلما أصيب بُثّت([71]).
وصارع عمر الشيطان مرات، وفي كل مرة يصرعه عمر([72]).
هذا عمر! وهذه حالة الشيطان معه! وذلك هو نبي الإسلام الأعظم >صلى الله عليه وآله<، وتلك هي حالته مع الشيطان عند هؤلاء الذين تروق لهم مثل هذه الترهات، ويتقبلونها من أعداء الإسلام، والمتاجرين به بسذاجة هي إلى الغباء أقرب.
فهم يقولون هذا عن رسول الله >صلى الله عليه وآله<، مع أنهم يدعون:
أن الملائكة قد أجرت له >صلى الله عليه وآله<، خمس عمليات جراحية في صدره، لكي تخلصه من حظ الشيطان، كما في الحديث المزعوم عن شق صدره الشريف.
ولربما يكون الدافع لدى بعضهم أن يجد لأبي بكر الذي قال حين أصبح خليفة:
إن له شيطاناً يعتريه أن يجد له نظيراً، ولكن من مستوى لا يدانى ولا يجارى؛ فوقع اختياره على النبي الأعظم >صلى الله عليه وآله<، ليكون هو ذلك النظير؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ـــــــــــــــــــــــــ
([63]) السيرة الحلبية ج1 ص253، وراجع: إحياء علوم الدين ج3 ص171 وفي هامشه عن مسلم، والغدير ج11 ص91 عنه، والمواهب اللدنية ج1 ص202، ومشكل الآثار ج1 ص30، وراجع حياة الصحابة ج2 ص712 عن مسلم وعن المشكاة ص280 وراجع: المحجة البيضاء ج5 ص302 ـ 303.
([64]) مشكل الآثار ج1 ص30.
([65]) المصدر السابق.
([66]) مسند أبي يعلى، ج1 ص506 و360 ومسند أبي عوانة ج2 ص143 والسنن الكبرى ج2 ص264 ومسند أحمد ج2 ص298 وأخرجه البخاري في مواضع من صحيحه، وثمة مصادر كثيرة أخرى وراجع الغدير ج8 ص95.
([67]) المصنف ج2 ص24، وراجع: البخاري ط سنة 1309 ه ج1 ص137، وج2 ص143.
([68]) صحيح مسلم ج7 ص115، والبخاري ط سنة 1309هـ ج2 ص144 و188، ومسند أحمد ج1 ص171 و182 و187. والرياض النضرة ج2 ص299 وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص178 والغدير ج8 ص94.
([69]) صحيح الترمذي كتاب 46 باب17 وفيض القدير عنه وعن أحمد وابن حبان وراجع تاريخ عمر ص35 والغدير ج8 ص96.
([70]) عن فيض القدير ج2 ص352 عن الطبراني وابن مندة، وأبي نعيم، والإصابة ج4 ص326 عنهم.
([71]) منتخب كنز العمال، هامش مسند أحمد ج4 ص385 ـ 386، عن ابن عساكر وحياة الصحابة ج3 ص647 عن المنتخب.
([72]) حياة الصحابة ج3 ص646 عن مجمع الزوائد ج7 ص71 عن الطبراني وصحح بعض طرقه، وعن أبي نعيم في الدلائل ص131.
منقول
تعليق