تويت
السبت, 19 مارس/آذار 2011
مشتاق بن موسى اللواتي
في سابقة خطيرة في تاريخ مجلس التعاون الخليجي اتخذت بعض دول المجلس قرارا بارسال قواتها الى البحرين لمواجهة الشعب البحريني الخليجي العربي وقمع انتفاضته الشعبية المسالمة المطالبة بحقوقه المشروعة المتمثلة في ملكية دستورية وبرلمان منتخب مع كامل الصلاحيات والكف عن التمييز بين المواطنين والتوقف عن التجنيس السياسي واتاحة الحريات واحترام الحقوق الانسانية للشعب .
وقد تناقلت وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية صورا مرعبة من استخدام الرصاص الحي الى جانب الغازات السامة والمسيلة للدموع وتسليط " البلطجيين " على المعتصمين والأهالي الآمنين وما شابه ، سقط على اثرها اعداد كبيرة من الشهداء والجرحى من الرجال والنساء والاطفال . ان هذه المواقف الخليجية تدفع المواطن الخليجي للتساؤل عن مهمات درع الجزيرة والدور الذي أنشئ من أجله ؟ وهل حقا ان دخول هذه القوات الى البحرين كان عن قرار دول مجلس التعاون الخليجي أم ان بعض تلكم الدول قد اتخذت قرارات منفردة بإرسال قواتها الى البحرين لإنجاز هذه المهمة الخطيرة ؟. وأيا كان ، فهل بالفعل يستند هذا القرار على اتفاقية الدفاع المشترك الخليجية ؟
ان المراجع لنصوص الاتفاقية الموقعة عام 2000م كالمادة الثانية منها يجدها تتحدث عن ان اي اعتداء على احدى دول المجلس هو اعتداء عليها جميعها وان اي خطر يتهدد احداها انما يتهددها كلها . كما تقرر المادة الثالثة منها بالمبادرة فورا الى مساعدة الدولة المعتدى عليها باتخاذ اي اجراء ضروري بما فيه استخدام القوة العسكرية لرد الاعتداء واعادة الشرعية والأمن والسلام الى نصابها .
من الواضح ان المادتين تتحدثان عن الاعتداء والخطر الذي يتهدد نظام اي دولة من جرائه . والسؤال هل يمكن صرف مفاهيم الاعتداء والخطر في اتفاقية دولية، بإنزالها على شعوب الدول الموقعة عليها؟
وهل يتصور تعريف مفهوم الدفاع المشترك أو تطبيقه على مواجهة شعوب هذه الدول؟ ان من المفارقات القانونية العربية وغرائب السياسة العربية، مقايسة الاعتصامات والمسيرات والاضرابات الشعبية المطالبة بالحقوق الانسانية العادلة ، بغزو عسكري خارجي يتهدد أمن بلد خليجي فيستوجب دخول قوات من دول الجوار بالاستناد على اتفاقية الدفاع المشترك بينها! وكيف ما كان، فانه حسب هذه التفسيرات وهذه السابقة ، فان قوات درع الجزيرة لا تقتصر مهماتها فقط على الدفاع عن حمى دول المجلس من أي اعتداء خارجي، بل تختص أيضا في مواجهة الانتفاضات والاحتجاجات المطلبية لشعوبها. وبموجبه لها ان توجه قوتها وسلاحها الى الصدور العارية والوجوه المكشوفة للمحتجين والمنتفضين كما لها ان تداهم دورهم وتتبعهم سكة سكة وبيتا بيتا !
لقد أصبحت المواقف المتناقضة لبعض الساسة العرب والخليجيين صعبة على الفهم من قبل المواطن العربي . فبالأمس جمدت جامعة الدول العربية عضوية الجماهيرية الليبية فيها. وطالب مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية باستثناء دولة او دولتين فيها، مجلس الأمن بالتدخل في ليبيا لحماية الشعب الليبي العربي من بطش حاكمه وجزاره القذافي وسيوفه المتسلطة على رقاب الشعب . كما دعت المجتمع الدولي الى اتخاذ التدابير اللازمة لفرض حظر جوي على ليبيا لحماية هذا الشعب العربي المضطهد الذي يتعرض لآلة عسكرية عشوائية من البر والبحر والجو. فهي وقفة عربية شريفة الغرض منها نصرة الشعب الليبي ودعمه في تحقيق مطالبه العادلة .
وفي المقابل وعلى النقيض من ذلك، تتخذ دول خليجية موقفا مغايرا فترسل قوات مدججة بالسلاح الى دولة خليجية اخرى هي البحرين لمواجهة شعبه ومداهمة تجمعاته السلمية في دوار اللؤلؤة وغيرها، ومطاردته من فوق المنازل ورشه بالرصاص الحي ومحاصرته بالدبابات والمصفحات والهلكبترات، وكأنها دخلت في مواجهة عسكرية ضد دولة غازية !!
وعليه فلا يبقى أي معنى للتنديد والاستنكار على الغرب لكونه يكيل بمكيالين ويتبع المعايير المزدوجة في تعامله مع القضايا العربية والاسلامية .
(2)
لا ادري ان كان هناك من يمتلك تفسيرا او تحليلا او تنظيرا لهذه المواقف العربية المتضاربة تجاه الشعوب العربية؟ هل ثمة فرق بين شعب عربي وآخر؟ لماذا تشارك بعض الدول الخليجية في قتل الشعب البحريني بدلا من ان تعمل على حمايته وانصافه أسوة بما فعلت بالشعب العربي الليبي الأبي المضطهد ؟ هل ثمة فتوى سياسية ولا اقول دينية قررت هدر الدم البحراني الخليجي العربي المسلم وأباحت قتله وهتك حرماته ؟ بطبيعة الحال لا يمكن القول بان القوات البحرينية الأمنية والعسكرية وقوات الشغب وما شاكل على خبرتها الطويلة في قمع الحركات الشعبية فيها ، قد عجزت عن مواجهة هذا الشعب الأعزل هذه المرة ولهذا اضطرت الى الاستنجاد بجيرانها الكرماء للقيام بهذه المهمة. بل الأرجح انها رسالة مفادها ان ثمة قرار قد اتخذ بالتنسيق بين الساسة الكبار والصغار في بعض اروقة السياسة الدولية لغرض وضع حد لهذه الانتفاضات والاحتجاجات والحركات المطلبية الخليجية ولأسباب معروفة .
في الواقع مهما ذكرت من أسباب لتبرير هذه السابقة ، من قبيل فتنة الداخل وشغبه وتربص الخارج، أو بخسائر الاقتصاد ومحاذير الأمن والسياسة والجغرافيا والتاريخ وما الى ذلك، فليس هناك من مسوغ مقنع لأن تستنجد حكومة بقوات عسكرية من خارج حدودها لمواجهة وقتل ومحاصرة شعبها المسالم الآمن المطالب بحقوقه في العيش الكريم الحر وبطرق سلمية متحضرة . لقد تابع العالم قرابة شهر هتافات هذا الشعب السلمية المترافقة مع رفع العلم البحريني "سلمية سلمية بحرينية بحرينية" مشددا على نفي كل صفة دينية او مذهبية او علاقة خارجية عن انتفاضته بالقول والشعار والممارسة، وبشهادة بعض المفكرين البحرينين المحايدين على ذلك .
والسؤال المطروح هو: ماذا يريد مجلس التعاون من مثل هذه الخطوات الفارقة؟ ترى هل يريد مجلس التعاون بمثل هذه السوابق الخطيرة ان يعمق علاقات التعاون والتضامن بين شعوبه ودوله؟ أم يكفي في نظره ان يقوم هذا التعاون بين بعض حكوماته لأنها تختزل الشعوب دوما؟ يخشى ان تكون هذه السابقة الخطيرة قد حفرت هوة عميقة مليئة بالدماء والاجساد ورسمت مشهدا غاصا بالمعوقين والأيتام والثكالى والآلام التي لا يمكن ان تنتج إلا الكراهية والقطيعة والبغضاء بين بعض هذه الشعوب . لقد كان الأحرى لبعض هذه الحكومات الخليجية ان تقيم مؤسسات ترعى حقوق الانسان وحرياته وتبني مشاريع تزيد من ترابط وتلاحم الشعوب الخليجية . كان على بعض هذه الدول الخليجية ان تقي.
مشتاق بن موسى اللواتي
في سابقة خطيرة في تاريخ مجلس التعاون الخليجي اتخذت بعض دول المجلس قرارا بارسال قواتها الى البحرين لمواجهة الشعب البحريني الخليجي العربي وقمع انتفاضته الشعبية المسالمة المطالبة بحقوقه المشروعة المتمثلة في ملكية دستورية وبرلمان منتخب مع كامل الصلاحيات والكف عن التمييز بين المواطنين والتوقف عن التجنيس السياسي واتاحة الحريات واحترام الحقوق الانسانية للشعب .
وقد تناقلت وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية صورا مرعبة من استخدام الرصاص الحي الى جانب الغازات السامة والمسيلة للدموع وتسليط " البلطجيين " على المعتصمين والأهالي الآمنين وما شابه ، سقط على اثرها اعداد كبيرة من الشهداء والجرحى من الرجال والنساء والاطفال . ان هذه المواقف الخليجية تدفع المواطن الخليجي للتساؤل عن مهمات درع الجزيرة والدور الذي أنشئ من أجله ؟ وهل حقا ان دخول هذه القوات الى البحرين كان عن قرار دول مجلس التعاون الخليجي أم ان بعض تلكم الدول قد اتخذت قرارات منفردة بإرسال قواتها الى البحرين لإنجاز هذه المهمة الخطيرة ؟. وأيا كان ، فهل بالفعل يستند هذا القرار على اتفاقية الدفاع المشترك الخليجية ؟
ان المراجع لنصوص الاتفاقية الموقعة عام 2000م كالمادة الثانية منها يجدها تتحدث عن ان اي اعتداء على احدى دول المجلس هو اعتداء عليها جميعها وان اي خطر يتهدد احداها انما يتهددها كلها . كما تقرر المادة الثالثة منها بالمبادرة فورا الى مساعدة الدولة المعتدى عليها باتخاذ اي اجراء ضروري بما فيه استخدام القوة العسكرية لرد الاعتداء واعادة الشرعية والأمن والسلام الى نصابها .
من الواضح ان المادتين تتحدثان عن الاعتداء والخطر الذي يتهدد نظام اي دولة من جرائه . والسؤال هل يمكن صرف مفاهيم الاعتداء والخطر في اتفاقية دولية، بإنزالها على شعوب الدول الموقعة عليها؟
وهل يتصور تعريف مفهوم الدفاع المشترك أو تطبيقه على مواجهة شعوب هذه الدول؟ ان من المفارقات القانونية العربية وغرائب السياسة العربية، مقايسة الاعتصامات والمسيرات والاضرابات الشعبية المطالبة بالحقوق الانسانية العادلة ، بغزو عسكري خارجي يتهدد أمن بلد خليجي فيستوجب دخول قوات من دول الجوار بالاستناد على اتفاقية الدفاع المشترك بينها! وكيف ما كان، فانه حسب هذه التفسيرات وهذه السابقة ، فان قوات درع الجزيرة لا تقتصر مهماتها فقط على الدفاع عن حمى دول المجلس من أي اعتداء خارجي، بل تختص أيضا في مواجهة الانتفاضات والاحتجاجات المطلبية لشعوبها. وبموجبه لها ان توجه قوتها وسلاحها الى الصدور العارية والوجوه المكشوفة للمحتجين والمنتفضين كما لها ان تداهم دورهم وتتبعهم سكة سكة وبيتا بيتا !
لقد أصبحت المواقف المتناقضة لبعض الساسة العرب والخليجيين صعبة على الفهم من قبل المواطن العربي . فبالأمس جمدت جامعة الدول العربية عضوية الجماهيرية الليبية فيها. وطالب مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية باستثناء دولة او دولتين فيها، مجلس الأمن بالتدخل في ليبيا لحماية الشعب الليبي العربي من بطش حاكمه وجزاره القذافي وسيوفه المتسلطة على رقاب الشعب . كما دعت المجتمع الدولي الى اتخاذ التدابير اللازمة لفرض حظر جوي على ليبيا لحماية هذا الشعب العربي المضطهد الذي يتعرض لآلة عسكرية عشوائية من البر والبحر والجو. فهي وقفة عربية شريفة الغرض منها نصرة الشعب الليبي ودعمه في تحقيق مطالبه العادلة .
وفي المقابل وعلى النقيض من ذلك، تتخذ دول خليجية موقفا مغايرا فترسل قوات مدججة بالسلاح الى دولة خليجية اخرى هي البحرين لمواجهة شعبه ومداهمة تجمعاته السلمية في دوار اللؤلؤة وغيرها، ومطاردته من فوق المنازل ورشه بالرصاص الحي ومحاصرته بالدبابات والمصفحات والهلكبترات، وكأنها دخلت في مواجهة عسكرية ضد دولة غازية !!
وعليه فلا يبقى أي معنى للتنديد والاستنكار على الغرب لكونه يكيل بمكيالين ويتبع المعايير المزدوجة في تعامله مع القضايا العربية والاسلامية .
(2)
لا ادري ان كان هناك من يمتلك تفسيرا او تحليلا او تنظيرا لهذه المواقف العربية المتضاربة تجاه الشعوب العربية؟ هل ثمة فرق بين شعب عربي وآخر؟ لماذا تشارك بعض الدول الخليجية في قتل الشعب البحريني بدلا من ان تعمل على حمايته وانصافه أسوة بما فعلت بالشعب العربي الليبي الأبي المضطهد ؟ هل ثمة فتوى سياسية ولا اقول دينية قررت هدر الدم البحراني الخليجي العربي المسلم وأباحت قتله وهتك حرماته ؟ بطبيعة الحال لا يمكن القول بان القوات البحرينية الأمنية والعسكرية وقوات الشغب وما شاكل على خبرتها الطويلة في قمع الحركات الشعبية فيها ، قد عجزت عن مواجهة هذا الشعب الأعزل هذه المرة ولهذا اضطرت الى الاستنجاد بجيرانها الكرماء للقيام بهذه المهمة. بل الأرجح انها رسالة مفادها ان ثمة قرار قد اتخذ بالتنسيق بين الساسة الكبار والصغار في بعض اروقة السياسة الدولية لغرض وضع حد لهذه الانتفاضات والاحتجاجات والحركات المطلبية الخليجية ولأسباب معروفة .
في الواقع مهما ذكرت من أسباب لتبرير هذه السابقة ، من قبيل فتنة الداخل وشغبه وتربص الخارج، أو بخسائر الاقتصاد ومحاذير الأمن والسياسة والجغرافيا والتاريخ وما الى ذلك، فليس هناك من مسوغ مقنع لأن تستنجد حكومة بقوات عسكرية من خارج حدودها لمواجهة وقتل ومحاصرة شعبها المسالم الآمن المطالب بحقوقه في العيش الكريم الحر وبطرق سلمية متحضرة . لقد تابع العالم قرابة شهر هتافات هذا الشعب السلمية المترافقة مع رفع العلم البحريني "سلمية سلمية بحرينية بحرينية" مشددا على نفي كل صفة دينية او مذهبية او علاقة خارجية عن انتفاضته بالقول والشعار والممارسة، وبشهادة بعض المفكرين البحرينين المحايدين على ذلك .
والسؤال المطروح هو: ماذا يريد مجلس التعاون من مثل هذه الخطوات الفارقة؟ ترى هل يريد مجلس التعاون بمثل هذه السوابق الخطيرة ان يعمق علاقات التعاون والتضامن بين شعوبه ودوله؟ أم يكفي في نظره ان يقوم هذا التعاون بين بعض حكوماته لأنها تختزل الشعوب دوما؟ يخشى ان تكون هذه السابقة الخطيرة قد حفرت هوة عميقة مليئة بالدماء والاجساد ورسمت مشهدا غاصا بالمعوقين والأيتام والثكالى والآلام التي لا يمكن ان تنتج إلا الكراهية والقطيعة والبغضاء بين بعض هذه الشعوب . لقد كان الأحرى لبعض هذه الحكومات الخليجية ان تقيم مؤسسات ترعى حقوق الانسان وحرياته وتبني مشاريع تزيد من ترابط وتلاحم الشعوب الخليجية . كان على بعض هذه الدول الخليجية ان تقي.
تعليق