ذذه مشاركة جاءت نفثة صدر في موضوع الوثاقية الذي يطرح في المنتدى
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أولا:
من المؤكد أن طائفة مما يقال هنا وفي أشباه هذه المواضيع يقع تحت طائلة الحرمة الشرعية وتجاوزا لما حرمه الله تعالى علينا من انتهاك حرمات وحدود المؤمنين، ويجب علينا أن لا نسمح لأهوائنا أن تجرنا إلى أمثال هذه المواقف اللامسؤولة التي لا يقرها الإسلام.
ولست بصدد الدفاع عن أحد، ولا أريد أن أنفي حق الإنسان المسلم في الإعلان عن رأيه، وحقه في القبول والرفض، فهو حق مشروع، لا شك في ذلك، إذا كان بالطرق والأساليب الصحيحة والمشروعة التي يقرها الإسلام وليس فيها تجاوزا لحد من حدود الله ولا انتهاكا للحرمات.
إن الذي شرع لنا الحق في إبداء الرأي وأوجب علينا النصيحة والنقد ألزمنا بحدود وحرمات، وحرم علينا تجاوزها وانتهاكها.
والفصل الدقيق بين هذه القضايا هو حكم الله تعالى وأمره ونهيه الذي يجب علينا أن نؤكد عليه وندعو له.
إن الأمة الإسلامية ولا سيما شيعة أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم تقبل اليوم على ظروف صعبة ومواجهات شرسة من قبل أعداء الإسلام وفي مقدمتهم أمريكا وحلفاؤها الغربيون والصهيونية العالمية. ولم يقر لهم قرار إلا بالقضاء على الصحوة الإسلامية والوثبة السياسية التي عمت العالم الإسلامي جميعا وبشكل خاص جماهير شيعة أهل البيت عليهم السلام. وفي هذه المواجهة المصيرية الشرسة لابد لنا من العمل الجاد لتحقيق وحدة الكلمة ووحدة الصف ووحدة الموقف ووحدة الخطاب السياسي والديني، وإزالة كل الحواجز التي تؤدي إلى التشتت في الموقف والخطاب والصف والعمل...
وهذا هو الذي يريده الله تعالى منا ورسوله والمؤمنون في هذه الظروف الحساسة والصعبة.
ولا يتيسر لنا تحقيق هذه الوحدة الشاملة إلا بالآليات التي وضعها الله تعالى لذلك في دينه.
إن المرحلة التي نعيشها حساسة وصعبة، وتحتاج إلى مزيد من الوعي السياسي والديني وحضورنا في ساحة العمل والحركة.
واضر شيء في هذه المرحلة هو الغياب عن الساحة، والسذاجة في تلقي وفهم الإعلام السياسي الذي يستخدمه البعض لتمرير مشاريعهم السياسية والاختلاف والتقاطع.
والحضور في الساحة يحتاج إلى كل الجهود وتعاضد كل الأيدي ورص الصفوف.
وإذا علم الله تعالى منا صدق النية والعزم أنزل علينا نصره ورحمته، كما أنزل من قبل النصر على أمم صالحة من قبلنا.
ثانيا:
يجب على الإنسان المؤمن إذا أراد أن يحكم على شخص ما، أن يدرس ظروفه النفسية وظروف الساحة وظروف الواقع الذي يعيشه.
لقد أصبحنا نقلب كلمة أميرالمؤمنين علي عليه السلام الذي قال: (ضع أمر أخيك على أحسنه، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد له في الخير محملا).
أصبحنا نغلب احتمالات الشر على احتمالات الخير، ونظلم الناس على هذا الأساس، ونحن نعرف القاعدة الإنسانية التي تقول: (المتهم بريء حتى تثبت إدانته) وقضية الإدانة تحتاج إلى حيثيات في دراسة الموقف والكلمة، وعلينا أن لا نعذر أنفسنا، فيما لا نعذر به الناس (اجعل نفسك ميزانا بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحبه لنفسك).
قد نعارض أسلوبا وقد نؤيد أسلوبا آخر، ولكن هناك فرق أن تعارض أسلوبا معينا لتجد انه خطأ، أن تحكم على الذي يمارس هذا الأسلوب بالخيانة والكفر والزندقة، وبما أشبه ذلك من الكلمات...
ثالثا:
إن الأمم والشعوب ـ وبحسب قانون ترابط الأجيال ـ يجب أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية في إحقاق الحق، وليس إزهاق الباطل فقط... ويجب أن ترتفع بوعيها الرسالي إلى مراقي النضج والتكامل لا سيما في القدرة على التحليل والتشخيص والتمييز بين الرجال، وألاّ تكتفي بالتلقي والتلقين، أو تقع تحت أسر الاستماع والإصغاء فقط...
فإذا كان الخطاب العربي الرسمي قد خدَّر امة العرب عقودا طويلة من عمر الزمن وهي تهتف للحكام الظلمة وطلاب الكراسي والشهوات، وتحت شعارات الوحدة العربية والحرية والاشتراكية الكاذبة، وإذا كان الخطاب الإسلامي الرسمي أيضا قد اتجه في كثير من مقاطعه إلى تمجيد أدعياء الإسلام، فإن رواد الخطاب الشيعي العراقي، في سنينه الأخيرة، قد دفعوا هم ضريبة المساومة أو الغفلة وعدم القدرة على التمييز بين قاعد مترف، ومتحرك لا يملك إلا كفنه وقوت يومه، وليس حوله إلا الجياع والحفاة والمستضعفون.
إننا نستمر في التأكيد على أن الأمم لا تحيا إلاّ بحياة قادتها وزعمائها، وأن الناس كيفما كانوا يولَّ عليهم ـ كما في مفاد الحديث الشريف ـ وانه لابد لكل تغيير من ضريبة ولابد لكل نصر من تضحيات.
رابعا:
إن أوضح ترجمة للصراع الفئوي والتنظيمي والمحاصصي هو معركة البيانات والبيانات المضادة التي نعيشها في هذا المنتدى وذاك وهذا الموقع وذاك وفي هذه القناة وتلك.
لكن ذلك لا يمنع أن يبرز بين ذلك بعض الإشكالات التي يطرحها المعتدلون على الوضع المعاصر، لتبدو لنا أن الأمة باتت تسير نحو الرشد وتنضج في مسيرتها نحو التكامل، وبالتالي أصبح لأبنائها القدرة على التمييز بين الدين كمقالة والدين كرسالة، أو قل بين تجار الدين وثواره، أو بين أهله والمعتاشين على نصوصه وفئويتاه.
وراح اليوم شعبنا بجدارة عالية وعلى كافة الأصعدة الشعبية والنخبوية تميز بين الصفين، بين من رباني نذر نفسه لدينه وربه ورسالته، وآخر شيطاني ماكر باع دينه وربه إلى الشيطان.
وحين يدرك الناس كل ذلك، تكون الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل نحو الإسلام المحمدي الأصيل قد بدأت، وتكون مهمة العلماء الربانيين ومثقفي الأمة الرساليين في وضع حجر الأساس للمشروع النهضوي الإسلامي الجديد قد حان أوان تنفيذها...
نعم، لم يعد الدين يحتمل الشيء ونقيضه ـ كما يتوهم البعض ـ ولم يعد التلاعب بالنص الديني وتأويله وتوجيهه هواية ممتعة سهلة التمرير ـ كما كانت ـ ولم تعد الشعارات الفارغة قادرة أن تحل محل الممارسة والسلوك أو تكون بديلا عنهما ـ كما يريد البعض لها أن تكون ـ وإنما الدين النصيحة، والدين المعاملة، والدين شعار وشعور، وقول وفعل، وغيب وواقع، و(الله اكبر) ولكنه تعالى اكبر من كل كبير وليس اكبر من كل (صغير).
إن الدين رسالة وليس مقالة، والدين شهادة وليس قيادة، والدين كفن وحركة وعطاء، وليس كسبا وفذلكة وراحة واسترخاء، وبالتالي فلا خير في دين ليس فيه نصيحة، ولا خير فيه إن لم يكن رسالة ومعاملة وتضحية وعطاء...
وعليه فلا خير في حداد لا يصنع مطرقة، ولا في امة لا يفرق أبناؤها بين التاجر والثائر، أو بين الناقة والجمل، أو بين من يعيش للدين ومن يعتاش عليه، كما لا خير في نخبة تعيش أوهامها أو عزلتها وتعجز عن إفهام الأمة بالفرق بين (فقه المعاد) و(فقه المعاش).
ولكن يبقى الخير كل الخير في امة استوعبت كل ذلك، وثارت من أجله واستشهد الآلاف من أبنائها وعلمائها ومثقفيها زرافات ووحدانا. وتصدح مآذنها:
{رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَار * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}
خامسا:
وبناءا على ما تقدم، وبعد أن أقول:
(1) ـ فقد دخلت في حديث عرضي مع كاتب هذا الموضوع وحصلت وقفات وقيلت كلمات، وبحيث أنني لا أريد الدفاع عن أحد هنا (بشخصه) أبدا، ولا أريد المساس بالآخر مهما كان توجهه وانتماؤه، ما لم يخرج من ملتنا ويدين بغير ديننا، وحيث أني لا أريد أن أقول ما أقول دون أدلة أو استنتج استنتاجات وانسب أقوال وتخريجات لمن يخالفني الرأي. فقد عمدت إلى الرجوع إلى كثير من المصادر التي أرهقتني وأتعبتني وأبعدتني عن مشغلتي الرئيسية في التحقيق والكتابة.
(2) ـ لقد توفرت لدي مصادر في محاولتي لمناقشة الأخ كاتب الموضوع واسردها هنا للتوضيح فقط(دون اعتبار للتسلسل):
1 ـ محمد باقر الصدر السيرة والمسيرةـ الأخ احمد أبو زيد العاملي.
2 ـ الإمام الحكيم محي الحوزة في النجف ـ صفاء الدين تبرائيان
3 ـ عراق بلا قيادة ـ الكاتب عادل رؤوف
4 ـ الهجرة واللجوء ـ السيد حسن شبر
5 ـ تجربة الثورة الإسلامية في العراق ـ احمد الكاتب
6 ـ صفحات سوداء من بعث العراق ـ السيد حسن شبر
7 ـ وجع الصدر ـ أمل البقشي
8 ـ الرد الكريم ـ السيد حسن شبر
9 ـ خفايا وأسرار من سيرة الشهيد الصدر ـ الشيخ عفيف النابلسي
10 ـ محمد باقر الصدر دراسات في حياته وفكره ـ نخبة من الباحثين ـ دار الإسلام
11 ـ شهادة العلامة محمد مهدي الحكيم أصداء وانعكاسات ـ إعداد حازم العوادي
12 ـ أسوة العاملين في رحاب الشهيد الصدرـ السيد فاضل النوري
13 ـ أرشيف جريدة الجهاد ـ حزب الدعوة الإسلامية
14 ـ أساس الحكومة الإسلامية ـ السيد كاظم الحائري
15 ـ حياة السيد الشهيد في مقدمة كتاب بحوث الأصول ـ السيد كاظم الحائري
16 ـ الإسلام يقود الحياة ـ الشهيد محمد باقر الصدر
17 ـ لمحة فقهية تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية ـ الشهيد محمد باقر الصدر
18 ـ نظرية العمل السياسي عند الشهيد السيد محمد باقر الصدر ـ السيد الشهيد محمد باقر الحكيم
19 ـ الشهيد الصدر سمو الذات وسمو الموقف ـ السيد كاظم الحائري
20 ـ ولاية الأمر في عصر الغيبة ـ السيد كاظم الحائري
21 ـ الإمامة وقيادة المجتمع ـ السيد كاظم الحائري
22 ـ أساس الحكومة الإسلامية ـ السيد كاظم الحائري
23 ـ المرجعية الدينية من الذات إلى المؤسسة ـ حسين بركة الشامي
24 ـ قرار الحذف ـ دراسة لقرار حذف المجلس الفقهي ـ محمد مهدي النجفي
25 ـ الصدر الثاني الشاهد والشهيد ـ مختار الاسدي
26 ـ وثائق موجودة وغير منشورة
وعشرات المقالات المتفرقة الأخرى. واحتجت إلى أن ابحث عن كتب أخرى غير متوفرة لدي..
(3) ـ وفعلا ابتدأت من إعداد الدراسة التي كتبها الشهيد السيد محمد باقر الحكيم رحمه الله (نظرية العمل السياسي) ويعقبها كتاب (الرد الكريم) للسيد حسن شبر وكتاب (قرار الحذف).
(4) ـ وأصابني الإجهاد والألم وخصوصا وأنا أجد بعض الردود من الأخ كاتب الموضوع وآخرين واحتاج أنا بدوري إلى الرد، فتوقفت حركتي العلمية الأخرى، وبعض كتاباتي ومتابعاتي.
(5) ـ وحيث وجدت أنني لعله انساق لهوى نفسي محاولا إثبات وجهة نظري ولعله بطريقة تحميلية ربما، وأريد الانتصار لفكرتي، طبعا اقصد من الفكرة ليس فكرة الدفاع عن الحزب وتاريخه (بشخصنته)، فإنني لم ادخل بعد في نقاش من هذا النوع مع الكاتب، لكنني كنت أحاول الرد على ما يقوله وطريقة الاستقطاع والاستفزاز وتحميل كلامي أكثر مما يتحمل.
(6) ـ وقد وجدت أن الدخول في كل ذلك لا يصب بالمصلحة العامة والتي بينتها في النقاط المذكورة أعلاه، وسألت نفسي عن الوظيفة الشرعية لي في ذلك، وما هي المصلحة في الأمر.
(7) ـ وقد يفهم القاريء أنني بصدد الدفاع عن من يمثلون حزب الدعوة الآن، ولا ادري في خانة أي مجموعة يضعني القاريء الكريم، لندن أو النجف أو بغداد أو البصرة أو العراق أو الداخل أو الوسط أو المالكي أو الجعفري أو العنزي أو الموسوي أو...
لأنه ما شاء الله تعالى أصبحوا طوائف وحركات. ولم يكلف الإخوة الدعاة الكبار أنفسهم ان يعيدوا حساباتهم ويجددوا النظر بأمورهم ويعيدوا النظر بصياغة تاريخهم الحديث، حتى لا تتكرر مثل هذه المقولات من بعض الأذناب عن الشهيد محمد باقر الصدر وتصفه بأنه (ابن الدعوة العاق) وكأنه لم يكن يوما ما مؤسسها وراعيها ومفكرها ومنظرها ومنظمها وشهيدها ومن ضَمِن بقائها وبقاء الكثيرين ممن اعتادوا العيش والصعود على اسمه حيا وميتا.
(8) ـ وما زاد في الأمر غرابة أن رأيت كاتبا لأحد الكتب التي كنت أزمع الاستشهاد بها في بعض الردود والدراسة، رأيته في المنام أنه أعور وأتذكر أنه لم يوجد في وجهه نور أو ابتسامة (كما هي طبيعته في الواقع) لكن الحمد لله لا على نحو أخافني وأفزعني.
(9) ـ فوجدت الأمر تحذيرا لي من وجود خفايا وخبايا لن استطيع أن أحلها أو أوضحها، حتى وإن فعلت بعد تحقيق وتمحيص، فما الفائدة ولمن تعود في النهاية، ضررا أو منفعة؟
(فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا . وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير. ويشيب فيها الصغير. ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى فصبرت وفي العين قذى. وفي الحلق شجا) (فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم. وإن أسلس لها تقحم فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس وتلون واعتراض. فصبرت على طول المدة وشدة المحنة) (متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر لكني أسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا. فصغى رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه. وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع إلى أن انتكث فتله. وأجهز عليه عمله وكبت به بطنته. فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي ينثالون علي من كل جانب. حتى لقد وطئ الحسنان. وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول:
{تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}
بلى والله لقد سمعوها ووعوها. ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها. أما والذي فلق الحبة. وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر. وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها. ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز). فسلام الله عليك يا اميرالمؤمنين.
ومَثُل لي قوله عليه السلام: (كن في الفتنة كإبن اللبون لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب).
وتخوفت من حديث للصادق سلام الله تعالى عليه هز كل كيان وجودي ولطالما فعل إذ يقول عليه السلام :
(يحشر العبد يوم القيامة وما ندى (أي: بلل) دما، فيدفع إليه شبه المحجمة (أي: قارورة الحجامة)، أو فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا رب إنك لتعلم أنك قبضتني وما سفكت دما، فيقول: بلى، سمعت من فلان رواية كذا وكذا، فرويتها عليه، فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها. وهذا سهمك من دمه).
(10) ـ فما يكون عذري وجوابي أمام الله تعالى وقد ساهمت مع (الكاتب) ودخلت معه في سجال، وفي الواقع يوجد لرأيه مؤيدون ويوجد لرأيي مؤيدون أيضا وتقع بينهم العداوة والضغينة والبغضاء قد تصل للتناحر والقتال، وبالطبع يوجد من يستغل مثل هذه المواقف ويصعد على أكتافنا نحن المساكين.
(11) ـ ناهيك أنني لست في موقع المسؤولية والتكليف الشرعي في الموضوع، والقضية ليست من صميم أصولنا وعقائدنا الإسلامية والإنسانية. نعم إن كان هناك افتراء وضرر قد يصيب مؤمنا ما فعلينا دفعه لكن لا أن نتسبب بضرر وأذية للآخرين ممن يشاركونا المذهب والدين والإنسانية.
(12) ـ لقد جاء الشهيد السد محمد باقر الصدر في حقبة زمنية حساسة، تعالى فيها صوت الحاكم على المحكوم، وتقاطع فيها موقف المتصدي مع موقف المتفرج، وكانت النتيجة أن أنفرد الحاكم الظالم بالأول أجهز عليه مع صمت الثاني وركونه إلى العافية.
وحتى بعد أن انكشف (الغبار)، وتميز المنهج، واصل أدعياء الإسلام مشروعهم التجاري في توظيف الحدث وركوب الموجة، ومن ثم الالتفاف على الدين مرة أخرى وتحويله إلى بقرة حلوب لا تدر إلا لبنا وسمنا.
لذلك نقول إن الشهيد الصدر ظلم كثيرا فلا تضيفوا إلى ظلامته ظلامة أخرى، لقد اغتاله النظام الكافر جسديا فلا تغتالونه معنويا. وليعلم الأدعياء أن مساعيهم ستبقى محدودة وضيقة مهما أتقن روادها فنون المكر والغدر وتسويق الشعارات والتلفع بنصوص الدين العظيمة...
وإذا كان بنو العباس المنحرفون عن أهل البيت عليهم السلام قد رفعوا ظلامة الحسين وأهل البيت شعارا لثورتهم، يستدرون به عطف الامة ونصرتها فحظوا بما يريدون، فما أكثر الخطوط المنحرفة عن خط الصدر وعقيدته ورسالته التي اتخذت من ظلامته شعارا لحركتها، ووسيلة اعلامية في جهدها الاعلامي، لتجسد بذلك هي وكل من يسيء الاستفادة من الظلامة دون ان يؤمن بخط صاحبها ونهجه.
وفي قضية السيد الشهيد الصدر وظلامته الموجعة حصل من التشويه والتحريف والمتاجرة ما يحكم آصرة المماثلة بين ثورته واسوتها وأصلها، ثورة جده سبط المصطفى.
لقد زيد فيها من الامور ما ليس منها، وانقص منها ما هو من صميمها، ونسب اليه ما لم يقله، ونحي عن الاسماع من كلامه ما ينفع السامعين، واستخدم الطامعون قضيته تجارة مربحة ينال منها الربح الوفير، واتخذه طلاب الجاه جسرا الى امجادهم، وبناء ذواتهم، واعمار وجوداتهم، حتى ان الكارهين له بالامس الذين لم يكونوا يكنون له الا اللامبالاة او التحفظ، صاروا بحكم الحس الجماهيري العارم المنشد الى الرمز الشهيد يثنون عليه، ويطرونه، ويذكرونه احسن الذكر في وسائل اعلامهم ومنابرهم.
حفظ الله مراجع الدين وعلمائنا الربانيين، ووقى الله المسلمين شر التفرقة والأحزاب، ونجانا الله تعالى من فتنة المحاصصة الطائفية والحزبية والعرقية.
واستميح القاريء العزيز إن بدر مني ما قد يعتقده أنه تجاوز أو إساءة.
وادعو الكاتب وأدعوكم قرائنا الكرام أن تعيدوا النظر في طريقة طرح القضايا والأحكام والمواضيع وتجعلوا الله تعالى نصب أعينكم. مستفيدين من نعمة الحرية التي نعيشها في مجتمعنا العراقي الآن وأن لا نجعل للشيطان بيننا من سبيل.
أقول ما قلت لا خوفا ولا تهربا ولا تملقا لأحد ومن أحد، ولكنني يشهد الله تعالى فكرت كثيرا من جدوى وضع دراسة تصب في هذا الجانب وبيان الحقائق، لكنني لم أجد لها سبيل إلا إضفاء الشحناء والعداوة لا غير.
وإن اقتضت المصلحة فلعله أجيب بما أراه مناسبا ويكون لله تعالى فيه رضا وللقاريء فيها صلاح ورشاد.
ولن أدعو الكاتب للتوقف عن موضوعه فهو حر وشأنه، حتى لا أتهم أنني أشوش على الموضوع وأريد أن أحرفه إلى مكان آخر، كما عليه البعض، ويكفيني أنني وضحت وجهة نظري هنا ولعله هو والقاريء يتنبه لما قد يكون غفل أو استغفل عنه.
هدانا الله تعالى إلى سواء السبيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}
{فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ}
{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}
الإخوة القراء الكرام{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}
{فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ}
{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أولا:
من المؤكد أن طائفة مما يقال هنا وفي أشباه هذه المواضيع يقع تحت طائلة الحرمة الشرعية وتجاوزا لما حرمه الله تعالى علينا من انتهاك حرمات وحدود المؤمنين، ويجب علينا أن لا نسمح لأهوائنا أن تجرنا إلى أمثال هذه المواقف اللامسؤولة التي لا يقرها الإسلام.
ولست بصدد الدفاع عن أحد، ولا أريد أن أنفي حق الإنسان المسلم في الإعلان عن رأيه، وحقه في القبول والرفض، فهو حق مشروع، لا شك في ذلك، إذا كان بالطرق والأساليب الصحيحة والمشروعة التي يقرها الإسلام وليس فيها تجاوزا لحد من حدود الله ولا انتهاكا للحرمات.
إن الذي شرع لنا الحق في إبداء الرأي وأوجب علينا النصيحة والنقد ألزمنا بحدود وحرمات، وحرم علينا تجاوزها وانتهاكها.
والفصل الدقيق بين هذه القضايا هو حكم الله تعالى وأمره ونهيه الذي يجب علينا أن نؤكد عليه وندعو له.
إن الأمة الإسلامية ولا سيما شيعة أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم تقبل اليوم على ظروف صعبة ومواجهات شرسة من قبل أعداء الإسلام وفي مقدمتهم أمريكا وحلفاؤها الغربيون والصهيونية العالمية. ولم يقر لهم قرار إلا بالقضاء على الصحوة الإسلامية والوثبة السياسية التي عمت العالم الإسلامي جميعا وبشكل خاص جماهير شيعة أهل البيت عليهم السلام. وفي هذه المواجهة المصيرية الشرسة لابد لنا من العمل الجاد لتحقيق وحدة الكلمة ووحدة الصف ووحدة الموقف ووحدة الخطاب السياسي والديني، وإزالة كل الحواجز التي تؤدي إلى التشتت في الموقف والخطاب والصف والعمل...
وهذا هو الذي يريده الله تعالى منا ورسوله والمؤمنون في هذه الظروف الحساسة والصعبة.
ولا يتيسر لنا تحقيق هذه الوحدة الشاملة إلا بالآليات التي وضعها الله تعالى لذلك في دينه.
إن المرحلة التي نعيشها حساسة وصعبة، وتحتاج إلى مزيد من الوعي السياسي والديني وحضورنا في ساحة العمل والحركة.
واضر شيء في هذه المرحلة هو الغياب عن الساحة، والسذاجة في تلقي وفهم الإعلام السياسي الذي يستخدمه البعض لتمرير مشاريعهم السياسية والاختلاف والتقاطع.
والحضور في الساحة يحتاج إلى كل الجهود وتعاضد كل الأيدي ورص الصفوف.
وإذا علم الله تعالى منا صدق النية والعزم أنزل علينا نصره ورحمته، كما أنزل من قبل النصر على أمم صالحة من قبلنا.
ثانيا:
يجب على الإنسان المؤمن إذا أراد أن يحكم على شخص ما، أن يدرس ظروفه النفسية وظروف الساحة وظروف الواقع الذي يعيشه.
لقد أصبحنا نقلب كلمة أميرالمؤمنين علي عليه السلام الذي قال: (ضع أمر أخيك على أحسنه، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد له في الخير محملا).
أصبحنا نغلب احتمالات الشر على احتمالات الخير، ونظلم الناس على هذا الأساس، ونحن نعرف القاعدة الإنسانية التي تقول: (المتهم بريء حتى تثبت إدانته) وقضية الإدانة تحتاج إلى حيثيات في دراسة الموقف والكلمة، وعلينا أن لا نعذر أنفسنا، فيما لا نعذر به الناس (اجعل نفسك ميزانا بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحبه لنفسك).
قد نعارض أسلوبا وقد نؤيد أسلوبا آخر، ولكن هناك فرق أن تعارض أسلوبا معينا لتجد انه خطأ، أن تحكم على الذي يمارس هذا الأسلوب بالخيانة والكفر والزندقة، وبما أشبه ذلك من الكلمات...
ثالثا:
إن الأمم والشعوب ـ وبحسب قانون ترابط الأجيال ـ يجب أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية في إحقاق الحق، وليس إزهاق الباطل فقط... ويجب أن ترتفع بوعيها الرسالي إلى مراقي النضج والتكامل لا سيما في القدرة على التحليل والتشخيص والتمييز بين الرجال، وألاّ تكتفي بالتلقي والتلقين، أو تقع تحت أسر الاستماع والإصغاء فقط...
فإذا كان الخطاب العربي الرسمي قد خدَّر امة العرب عقودا طويلة من عمر الزمن وهي تهتف للحكام الظلمة وطلاب الكراسي والشهوات، وتحت شعارات الوحدة العربية والحرية والاشتراكية الكاذبة، وإذا كان الخطاب الإسلامي الرسمي أيضا قد اتجه في كثير من مقاطعه إلى تمجيد أدعياء الإسلام، فإن رواد الخطاب الشيعي العراقي، في سنينه الأخيرة، قد دفعوا هم ضريبة المساومة أو الغفلة وعدم القدرة على التمييز بين قاعد مترف، ومتحرك لا يملك إلا كفنه وقوت يومه، وليس حوله إلا الجياع والحفاة والمستضعفون.
إننا نستمر في التأكيد على أن الأمم لا تحيا إلاّ بحياة قادتها وزعمائها، وأن الناس كيفما كانوا يولَّ عليهم ـ كما في مفاد الحديث الشريف ـ وانه لابد لكل تغيير من ضريبة ولابد لكل نصر من تضحيات.
رابعا:
إن أوضح ترجمة للصراع الفئوي والتنظيمي والمحاصصي هو معركة البيانات والبيانات المضادة التي نعيشها في هذا المنتدى وذاك وهذا الموقع وذاك وفي هذه القناة وتلك.
لكن ذلك لا يمنع أن يبرز بين ذلك بعض الإشكالات التي يطرحها المعتدلون على الوضع المعاصر، لتبدو لنا أن الأمة باتت تسير نحو الرشد وتنضج في مسيرتها نحو التكامل، وبالتالي أصبح لأبنائها القدرة على التمييز بين الدين كمقالة والدين كرسالة، أو قل بين تجار الدين وثواره، أو بين أهله والمعتاشين على نصوصه وفئويتاه.
وراح اليوم شعبنا بجدارة عالية وعلى كافة الأصعدة الشعبية والنخبوية تميز بين الصفين، بين من رباني نذر نفسه لدينه وربه ورسالته، وآخر شيطاني ماكر باع دينه وربه إلى الشيطان.
وحين يدرك الناس كل ذلك، تكون الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل نحو الإسلام المحمدي الأصيل قد بدأت، وتكون مهمة العلماء الربانيين ومثقفي الأمة الرساليين في وضع حجر الأساس للمشروع النهضوي الإسلامي الجديد قد حان أوان تنفيذها...
نعم، لم يعد الدين يحتمل الشيء ونقيضه ـ كما يتوهم البعض ـ ولم يعد التلاعب بالنص الديني وتأويله وتوجيهه هواية ممتعة سهلة التمرير ـ كما كانت ـ ولم تعد الشعارات الفارغة قادرة أن تحل محل الممارسة والسلوك أو تكون بديلا عنهما ـ كما يريد البعض لها أن تكون ـ وإنما الدين النصيحة، والدين المعاملة، والدين شعار وشعور، وقول وفعل، وغيب وواقع، و(الله اكبر) ولكنه تعالى اكبر من كل كبير وليس اكبر من كل (صغير).
إن الدين رسالة وليس مقالة، والدين شهادة وليس قيادة، والدين كفن وحركة وعطاء، وليس كسبا وفذلكة وراحة واسترخاء، وبالتالي فلا خير في دين ليس فيه نصيحة، ولا خير فيه إن لم يكن رسالة ومعاملة وتضحية وعطاء...
وعليه فلا خير في حداد لا يصنع مطرقة، ولا في امة لا يفرق أبناؤها بين التاجر والثائر، أو بين الناقة والجمل، أو بين من يعيش للدين ومن يعتاش عليه، كما لا خير في نخبة تعيش أوهامها أو عزلتها وتعجز عن إفهام الأمة بالفرق بين (فقه المعاد) و(فقه المعاش).
ولكن يبقى الخير كل الخير في امة استوعبت كل ذلك، وثارت من أجله واستشهد الآلاف من أبنائها وعلمائها ومثقفيها زرافات ووحدانا. وتصدح مآذنها:
{رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَار * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}
خامسا:
وبناءا على ما تقدم، وبعد أن أقول:
(1) ـ فقد دخلت في حديث عرضي مع كاتب هذا الموضوع وحصلت وقفات وقيلت كلمات، وبحيث أنني لا أريد الدفاع عن أحد هنا (بشخصه) أبدا، ولا أريد المساس بالآخر مهما كان توجهه وانتماؤه، ما لم يخرج من ملتنا ويدين بغير ديننا، وحيث أني لا أريد أن أقول ما أقول دون أدلة أو استنتج استنتاجات وانسب أقوال وتخريجات لمن يخالفني الرأي. فقد عمدت إلى الرجوع إلى كثير من المصادر التي أرهقتني وأتعبتني وأبعدتني عن مشغلتي الرئيسية في التحقيق والكتابة.
(2) ـ لقد توفرت لدي مصادر في محاولتي لمناقشة الأخ كاتب الموضوع واسردها هنا للتوضيح فقط(دون اعتبار للتسلسل):
1 ـ محمد باقر الصدر السيرة والمسيرةـ الأخ احمد أبو زيد العاملي.
2 ـ الإمام الحكيم محي الحوزة في النجف ـ صفاء الدين تبرائيان
3 ـ عراق بلا قيادة ـ الكاتب عادل رؤوف
4 ـ الهجرة واللجوء ـ السيد حسن شبر
5 ـ تجربة الثورة الإسلامية في العراق ـ احمد الكاتب
6 ـ صفحات سوداء من بعث العراق ـ السيد حسن شبر
7 ـ وجع الصدر ـ أمل البقشي
8 ـ الرد الكريم ـ السيد حسن شبر
9 ـ خفايا وأسرار من سيرة الشهيد الصدر ـ الشيخ عفيف النابلسي
10 ـ محمد باقر الصدر دراسات في حياته وفكره ـ نخبة من الباحثين ـ دار الإسلام
11 ـ شهادة العلامة محمد مهدي الحكيم أصداء وانعكاسات ـ إعداد حازم العوادي
12 ـ أسوة العاملين في رحاب الشهيد الصدرـ السيد فاضل النوري
13 ـ أرشيف جريدة الجهاد ـ حزب الدعوة الإسلامية
14 ـ أساس الحكومة الإسلامية ـ السيد كاظم الحائري
15 ـ حياة السيد الشهيد في مقدمة كتاب بحوث الأصول ـ السيد كاظم الحائري
16 ـ الإسلام يقود الحياة ـ الشهيد محمد باقر الصدر
17 ـ لمحة فقهية تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية ـ الشهيد محمد باقر الصدر
18 ـ نظرية العمل السياسي عند الشهيد السيد محمد باقر الصدر ـ السيد الشهيد محمد باقر الحكيم
19 ـ الشهيد الصدر سمو الذات وسمو الموقف ـ السيد كاظم الحائري
20 ـ ولاية الأمر في عصر الغيبة ـ السيد كاظم الحائري
21 ـ الإمامة وقيادة المجتمع ـ السيد كاظم الحائري
22 ـ أساس الحكومة الإسلامية ـ السيد كاظم الحائري
23 ـ المرجعية الدينية من الذات إلى المؤسسة ـ حسين بركة الشامي
24 ـ قرار الحذف ـ دراسة لقرار حذف المجلس الفقهي ـ محمد مهدي النجفي
25 ـ الصدر الثاني الشاهد والشهيد ـ مختار الاسدي
26 ـ وثائق موجودة وغير منشورة
وعشرات المقالات المتفرقة الأخرى. واحتجت إلى أن ابحث عن كتب أخرى غير متوفرة لدي..
(3) ـ وفعلا ابتدأت من إعداد الدراسة التي كتبها الشهيد السيد محمد باقر الحكيم رحمه الله (نظرية العمل السياسي) ويعقبها كتاب (الرد الكريم) للسيد حسن شبر وكتاب (قرار الحذف).
(4) ـ وأصابني الإجهاد والألم وخصوصا وأنا أجد بعض الردود من الأخ كاتب الموضوع وآخرين واحتاج أنا بدوري إلى الرد، فتوقفت حركتي العلمية الأخرى، وبعض كتاباتي ومتابعاتي.
(5) ـ وحيث وجدت أنني لعله انساق لهوى نفسي محاولا إثبات وجهة نظري ولعله بطريقة تحميلية ربما، وأريد الانتصار لفكرتي، طبعا اقصد من الفكرة ليس فكرة الدفاع عن الحزب وتاريخه (بشخصنته)، فإنني لم ادخل بعد في نقاش من هذا النوع مع الكاتب، لكنني كنت أحاول الرد على ما يقوله وطريقة الاستقطاع والاستفزاز وتحميل كلامي أكثر مما يتحمل.
(6) ـ وقد وجدت أن الدخول في كل ذلك لا يصب بالمصلحة العامة والتي بينتها في النقاط المذكورة أعلاه، وسألت نفسي عن الوظيفة الشرعية لي في ذلك، وما هي المصلحة في الأمر.
(7) ـ وقد يفهم القاريء أنني بصدد الدفاع عن من يمثلون حزب الدعوة الآن، ولا ادري في خانة أي مجموعة يضعني القاريء الكريم، لندن أو النجف أو بغداد أو البصرة أو العراق أو الداخل أو الوسط أو المالكي أو الجعفري أو العنزي أو الموسوي أو...
لأنه ما شاء الله تعالى أصبحوا طوائف وحركات. ولم يكلف الإخوة الدعاة الكبار أنفسهم ان يعيدوا حساباتهم ويجددوا النظر بأمورهم ويعيدوا النظر بصياغة تاريخهم الحديث، حتى لا تتكرر مثل هذه المقولات من بعض الأذناب عن الشهيد محمد باقر الصدر وتصفه بأنه (ابن الدعوة العاق) وكأنه لم يكن يوما ما مؤسسها وراعيها ومفكرها ومنظرها ومنظمها وشهيدها ومن ضَمِن بقائها وبقاء الكثيرين ممن اعتادوا العيش والصعود على اسمه حيا وميتا.
(8) ـ وما زاد في الأمر غرابة أن رأيت كاتبا لأحد الكتب التي كنت أزمع الاستشهاد بها في بعض الردود والدراسة، رأيته في المنام أنه أعور وأتذكر أنه لم يوجد في وجهه نور أو ابتسامة (كما هي طبيعته في الواقع) لكن الحمد لله لا على نحو أخافني وأفزعني.
(9) ـ فوجدت الأمر تحذيرا لي من وجود خفايا وخبايا لن استطيع أن أحلها أو أوضحها، حتى وإن فعلت بعد تحقيق وتمحيص، فما الفائدة ولمن تعود في النهاية، ضررا أو منفعة؟
(فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا . وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير. ويشيب فيها الصغير. ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى فصبرت وفي العين قذى. وفي الحلق شجا) (فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم. وإن أسلس لها تقحم فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس وتلون واعتراض. فصبرت على طول المدة وشدة المحنة) (متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر لكني أسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا. فصغى رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه. وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع إلى أن انتكث فتله. وأجهز عليه عمله وكبت به بطنته. فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي ينثالون علي من كل جانب. حتى لقد وطئ الحسنان. وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول:
{تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}
بلى والله لقد سمعوها ووعوها. ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها. أما والذي فلق الحبة. وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر. وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها. ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز). فسلام الله عليك يا اميرالمؤمنين.
ومَثُل لي قوله عليه السلام: (كن في الفتنة كإبن اللبون لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب).
وتخوفت من حديث للصادق سلام الله تعالى عليه هز كل كيان وجودي ولطالما فعل إذ يقول عليه السلام :
(يحشر العبد يوم القيامة وما ندى (أي: بلل) دما، فيدفع إليه شبه المحجمة (أي: قارورة الحجامة)، أو فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا رب إنك لتعلم أنك قبضتني وما سفكت دما، فيقول: بلى، سمعت من فلان رواية كذا وكذا، فرويتها عليه، فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها. وهذا سهمك من دمه).
(10) ـ فما يكون عذري وجوابي أمام الله تعالى وقد ساهمت مع (الكاتب) ودخلت معه في سجال، وفي الواقع يوجد لرأيه مؤيدون ويوجد لرأيي مؤيدون أيضا وتقع بينهم العداوة والضغينة والبغضاء قد تصل للتناحر والقتال، وبالطبع يوجد من يستغل مثل هذه المواقف ويصعد على أكتافنا نحن المساكين.
(11) ـ ناهيك أنني لست في موقع المسؤولية والتكليف الشرعي في الموضوع، والقضية ليست من صميم أصولنا وعقائدنا الإسلامية والإنسانية. نعم إن كان هناك افتراء وضرر قد يصيب مؤمنا ما فعلينا دفعه لكن لا أن نتسبب بضرر وأذية للآخرين ممن يشاركونا المذهب والدين والإنسانية.
(12) ـ لقد جاء الشهيد السد محمد باقر الصدر في حقبة زمنية حساسة، تعالى فيها صوت الحاكم على المحكوم، وتقاطع فيها موقف المتصدي مع موقف المتفرج، وكانت النتيجة أن أنفرد الحاكم الظالم بالأول أجهز عليه مع صمت الثاني وركونه إلى العافية.
وحتى بعد أن انكشف (الغبار)، وتميز المنهج، واصل أدعياء الإسلام مشروعهم التجاري في توظيف الحدث وركوب الموجة، ومن ثم الالتفاف على الدين مرة أخرى وتحويله إلى بقرة حلوب لا تدر إلا لبنا وسمنا.
لذلك نقول إن الشهيد الصدر ظلم كثيرا فلا تضيفوا إلى ظلامته ظلامة أخرى، لقد اغتاله النظام الكافر جسديا فلا تغتالونه معنويا. وليعلم الأدعياء أن مساعيهم ستبقى محدودة وضيقة مهما أتقن روادها فنون المكر والغدر وتسويق الشعارات والتلفع بنصوص الدين العظيمة...
وإذا كان بنو العباس المنحرفون عن أهل البيت عليهم السلام قد رفعوا ظلامة الحسين وأهل البيت شعارا لثورتهم، يستدرون به عطف الامة ونصرتها فحظوا بما يريدون، فما أكثر الخطوط المنحرفة عن خط الصدر وعقيدته ورسالته التي اتخذت من ظلامته شعارا لحركتها، ووسيلة اعلامية في جهدها الاعلامي، لتجسد بذلك هي وكل من يسيء الاستفادة من الظلامة دون ان يؤمن بخط صاحبها ونهجه.
وفي قضية السيد الشهيد الصدر وظلامته الموجعة حصل من التشويه والتحريف والمتاجرة ما يحكم آصرة المماثلة بين ثورته واسوتها وأصلها، ثورة جده سبط المصطفى.
لقد زيد فيها من الامور ما ليس منها، وانقص منها ما هو من صميمها، ونسب اليه ما لم يقله، ونحي عن الاسماع من كلامه ما ينفع السامعين، واستخدم الطامعون قضيته تجارة مربحة ينال منها الربح الوفير، واتخذه طلاب الجاه جسرا الى امجادهم، وبناء ذواتهم، واعمار وجوداتهم، حتى ان الكارهين له بالامس الذين لم يكونوا يكنون له الا اللامبالاة او التحفظ، صاروا بحكم الحس الجماهيري العارم المنشد الى الرمز الشهيد يثنون عليه، ويطرونه، ويذكرونه احسن الذكر في وسائل اعلامهم ومنابرهم.
حفظ الله مراجع الدين وعلمائنا الربانيين، ووقى الله المسلمين شر التفرقة والأحزاب، ونجانا الله تعالى من فتنة المحاصصة الطائفية والحزبية والعرقية.
واستميح القاريء العزيز إن بدر مني ما قد يعتقده أنه تجاوز أو إساءة.
وادعو الكاتب وأدعوكم قرائنا الكرام أن تعيدوا النظر في طريقة طرح القضايا والأحكام والمواضيع وتجعلوا الله تعالى نصب أعينكم. مستفيدين من نعمة الحرية التي نعيشها في مجتمعنا العراقي الآن وأن لا نجعل للشيطان بيننا من سبيل.
أقول ما قلت لا خوفا ولا تهربا ولا تملقا لأحد ومن أحد، ولكنني يشهد الله تعالى فكرت كثيرا من جدوى وضع دراسة تصب في هذا الجانب وبيان الحقائق، لكنني لم أجد لها سبيل إلا إضفاء الشحناء والعداوة لا غير.
وإن اقتضت المصلحة فلعله أجيب بما أراه مناسبا ويكون لله تعالى فيه رضا وللقاريء فيها صلاح ورشاد.
ولن أدعو الكاتب للتوقف عن موضوعه فهو حر وشأنه، حتى لا أتهم أنني أشوش على الموضوع وأريد أن أحرفه إلى مكان آخر، كما عليه البعض، ويكفيني أنني وضحت وجهة نظري هنا ولعله هو والقاريء يتنبه لما قد يكون غفل أو استغفل عنه.
هدانا الله تعالى إلى سواء السبيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.