إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

آل الصدر ، ترنيمة الفقراء. / د. نبيل مراد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آل الصدر ، ترنيمة الفقراء. / د. نبيل مراد


    في يوم ما ، سألت صديقاً لي من أهالي النجف الاشرف عن سبب تعلقه بالسيد مقتدى الصدر ، دوناً عن بقية الرموز الدينية منها والوطنية أو السياسية ، فأجابني مستغرقاً : بعد احتلال العراق عام 2003 ،كنت اعمل في "بسطية" متواضعة كانت مصدر الرزق الوحيد لعائلتي المكونة من 8 افراد ، وكان أن أمرت شرطة المحافظة بإخلاء الارصفة وواجهات الشوارع من الباعة المتجولين ، ولما كان الباعة هم من فقراء المجتمع الذين لم يجدوا فرصاً لاستجلاب الرزق غير تلك البسطيات المتواضعة علها تسد شيئا من رمقهم ورمق عوائلهم لتحفظ ماء الوجوه على اقل التقادير. ، فقد علت اصوات المحرومين وتوالت صيحات الجزع من ذلك الامر "الحكومي" ، وبين التوسلات وصيحات الاستنكار ، وقسوة افراد الشرطة ،لمحته من بعيد –يقصد السيد مقتدى- يخرج مسرعاً كأنه على موعد ويخاف الفوت ، كانت تلك المرة الأولى التي ارى فيها ذلك الرجل النبيل ، الذي لم تمنعه مكانته الدينية والاجتماعية من النزول الى الشارع ، ليكابد معانات ابناءه ويحمل آلامهم ويحاول رفع مظلوميتهم ، أقبل السيد –يقول صديقي النجفيّ- ووقف وسطاً بين الباعة الفقراء وبين الشرطة ، ثم خاطب قوات الامن والشرطة بأن هؤلاء الفقراء هم إخوانكم وابناءكم ، فهل ترضون لهم ان يتسولوا وأنتم تحاولون قطع ارزاقهم ؟
    وبعد اخذ ورد ، انصرف رجال الشرطة من المكان وتركوا المجال للباعة المساكين أن يزاولوا اعمالهم .
    أوردت تلك الحكاية القديمة ، لأستهل بها سؤالاً طالما حار فيه الكثيرون : ما سرّ تلك الكاريزما الإجتماعية والدفق الجماهيري الذي يحيط بالمجاهدين من آل الصدر أينما حلوا وفي كل زمان ؟
    ولأن هذا الموضوع بالذات لا يمكن اشباعه تحليلاً دون أغفال الجانب الغيبي من باب (وجعل افئدة من الناس تهوي اليهم) ، فلسنا ندعي الالمام بكل جوانب تلك السلطة الروحية التي حبى الله بها ابناء (صدر الدين) ، ولكن وكما يقال بأن ما لا يدرك كله لا يترك كله ،فكما كان موقف السيد مقتدى الصدر في قضية الباعة الفقراء ،فإن آل الصدر على الاطلاق كانوا دوماً حاجزاً و"وسطاً" بين رغبات الرعية وحاجاتها سواء منها الروحية أو المادية وبين السلطة ، بمعزل عن نوعية السلطة والتي هي في الأعم الاغلب سلطة غاشمة ، غير متورعة .
    إن ذلك التصدي القيادي لآل الصدر ،يودي غالباً الى الى استحقاق أعلى ،وهو أن يكون القائد /المرجع/المتصدي أول المضحين إن استوجب الامر ، وهو بذلك ينال الشهادة التي يقول فيها سلطان المراجع محمد الصدر : (من الراجح أن يدرك الفرد عند ذكر الموت: أنَّ هذه الحياة مادامت مختومةً بالموت، فمن الراجح أن يختار الموتة الشريفة التي تكون في رضاء الله وعلوِّ القدر في الدنيا والآخرة. وهذا هدفٌ يستحقُّ التضحية من أجله بالحياة وعناصر الحياة، فإنَّ الموتة لن تكون إلا واحدة، والتضحية لن تنتجَ موتاً متعدِّداً .)
    وإن لذلك الموقف المسؤول ضريبة اخرى غير ضريبة الدم ، ذلك الذي طالما عبّر عن السيد الشهيد (رض) بـ"السيف المعنوي" الذي يُسلط على المصلح من أجل ضرب صورته بين الناس وتشتيت مريديه ، حتى قد يصبح دخول المريدين لبيت المصلح او القائد "شبهة" قد تودي بصاحبها الى أسوء مصير.
    واذا كان الشهيد الصدر (رض) نفسه قد عانى من السيفين المادي والمعنوي وختم حياته الشريفة بواقعة النجف الأليمة ، سبقه الى ذلك شهيد الثورة الاسلامية السيد محمد باقر الصدر (رض) ، فإن السيد مقتدى الصدر لا يزال هدفاً لرماح الباطل وسيوف القتل المعنوي التي تملكها جهات عديدة في العراق وخارجه ،فمقتدى الصدر هو عنوان الثائرين الاوضح والأكبر والأنقى بين جهات عديدة سقطت في امتحان الولاء الوطني على مر السنوات السبع ، وهو بذلك يستجلب مناطحة ارادات الاستعمار وقهر الشعوب والتي يمثل "المحتل" حلقتها الاكثر وضوحاً ،ومن اجل ذلك طالما كان مقتدى الصدر هدفاً تقليدياً لما يملكه الاستعمار من آلات اعلامية وشبكات تسيطر على مراكز القرار من اجل "صناعة" رأي عام مناهض لأرادة المشروع "الصدري" ،فحين يُزج اسم الصدريين وقائدهم في كل حدث طائفي في العراق ، فإن من شأن ذلك ان يوأد المشروع الوطني والنهضوي في مهده ،الغريب هنا أن ذلك الإتهام قد تعدى الجغرافيا العراقية ، فمثلاً حين ضرب الرئيس اليمني شعب صعدة بالاسلحة الفتاكة ، وحين طلب اليمنيون النصرة ضد النظام الفاشي ، اطلق السيد القائد مقتدى الصدر عن مبادرة لحقن الدماء وتوحيد الصفوف بين اليمنيين ، فما كان من علي عبد الله صالح الا ان اتهم مقتدى الصدر جهارا نهاراً بدعم الحوثيين لإحداث الانقسام وشق عصا المسلمين !!
    من جهة أخرى ،فإن السيد مقتدى يمثل واجهة المشروع الشيعي الاثني عشري للتغير والنهوض ورأب الصدع بين الفرقتين الإسلاميتين الأكبر في العالم الاسلامي ، ومن اجل ذلك تتوجه اليه رماح الذين يريدون بالأمة شراً ،من داخل العراق وخارجه.
    ايضاً ، وعلى الرغم من ان الخط الصدري لا يمثل حزباً بالمعنى الحزبي التنظيمي الدقيق ، فإنه استطاع أن يجمع حوله غالبية الباحثين عن "الخلاص الوطني" إن صح التعبير وحتى من غير الصدريين ،وعليه لا بد له أن يكون الملمى الأكبر لطعنات "اخوة يوسف" من شخصيات واحزاب متكالبة على السلطة والامتيازات بمعزل عن مقدار ما يقدمونه للشعب من خدمات.
    الذي يعرف السيد مقتدى عن كثب ، يعرف أنه آخر من يهتمون بتزويق الكلمات والتحضير للخطابات واللقاءات ،الى غير ذلك ، والحق ان تلك النقطة بالذات والتي لطالما كانت منشأً وركيزة ينطلق منها منتقدوه ، ليثبتوا بأنه غير جدير بالقيادة بلحاظ استخدامه لكلمات "العامية" والبسيطة التي يتخاطب بها اقل القوم شأناً ، والحق ان هذه النقطة هي في نفس الوقت مصدر تفاخر واعجاب لمحبيه واتباعه ، ولطالما كانت كذلك للشهيد الصدرين نفسيهما ، ربما لأن آل الصدر هم طبقة "خاصة" من المجتمع ينظرون الى ما يقدموه بحسب قربه من "المقبولية الإلهية" وليس المقبولية السياسية أو الاجتماعية ....الخ. فالسيد مقتدى يمكن أن يجلس أمامك كما يجلس أما كاميرات اكبر القنوات الفضائية ، أو امام زعيم مهم أو رئيس دولة كبرى وما شاكل.وهو بالتالي يمكن أن ينتقد أو "يوبخ" زعيماً او رئيساً ذو شأن –طالما كان في الامر لله رضا- كما ينصح أحد مقلدي والده او تابعاً لخطه.وهذا سرّ يختص به آل الصدر حصراً.
    والحق ان المجتمع العراقي شأنه شأن المجتمعات الشرقية عموماً ، تعود بفعل السلطات المتعاقبة على "الكاريزما" الاصطناعية التي يحيكها الزعيم حول نفسه دون أن يكون لها ادنى وجود في ارض الواقع ..."لاحظ المسيرا الحاشدة التي تبث على القنوات الرسمية لاغلب الدول العربية وهي تحيي الزعيم وتفتديه بالمال والدم ، ثم قارن ذلك بصواريخ الاحذية التي تنهال على صور الزعيم حين تسقط الانظمة".
    واخيراً ، فلنا ان نفخر بسليل آل الصدر ، ذلك الهمام الذي رفض التاج العراقي حين قدمه له "جي غارنر" الحاكم الامريكي الذي سبق "بول بريمر" ، والقائد الذي رفض عروض كثيرة منها ما قام به الكونغرس الامريكي قبل سنة تقريبا حين ابدى استعداده لدعم مادي "ثابت " ومُقرّ" أي مشرعن في القانون الامريكي بحيث لا يتلاعب به أي رئيس امريكي مقبل ، ورئاسة وزراء العراق ، شريطة ابقاء الخطوات السياسية للتيار رهن اوامر واشنطن وهو ما رفضه القائد جملة وتفصيلاً ، وما اعزف عن الاشارة اليه قادة الخط الصدري ومؤسساته الاعلامية ، علماً انه شوكة في اعين الحاقدين والمرجفين من الذين باعوا دينهم لأجل دنيا غيرهم.
    والحمد لله رب العالمين.




    د. نبيل مراد
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X