السلام عليكم
هذه المصادر الدالة على خلافة الامام علي(ع)
اعلم أنه مما يدل أنه المنصوص بالامامة عليه ما نقله الخاص والعام من أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما رجع من حجة الوداع نزل بغدير خم (1) ـ ولم يكن منزلا ـ ثم أمر مناديه فنادى في الناس بالاجتماع، فلما اجتمعوا خطبهم ثم قررهم على ما جعله الله تعالى له عليهم من فرض طاعته، وتصرفهم بين أمره ونهيه بقوله: « ألست أولى بكم منكم بأنفسكم »؟
فلما أجابوه بالاعتراف، وأعلنوا بالاقرار، رفع بيد أمير المؤمنين عليه السلام وقال ـ عاطفا على التقرير الذي تقدم به الكلام ـ: « فمن كنت مولاه فهذا عليٌ
____________
ه (1) خم في اللغة: قفص الدجاج، فان كان منقولا من الفعل فيجوز أن يكون مما لم يسم فاعله من قولهم: خم الشيء إذا ترك في الخم، وهو حبس الدجاج، وخم إذا نطف، كله عن الزهري.
قال السهيلي عن ابن اسحاق: وخم بئر كلاب بن مرة، من خمت البيت اذا كنسته، ويقال: فلان مفهوم القلب أي نقيه، فكأنها سميت بذلك لنقائها.
قال الزمخشري: خم اسم رجل صباغ اضيف إليه الغدير الذي هو بين مكة والمدينة بالجحفة، وقيل: هو على ثلاثة أميال من الجحفة، وذكر صاحب المشارق أن خما اسم غيضة هناك وبها غدير نسب إليها؛ وخم موضع تصب فيه عين بين الغدير والعين، وبينهما مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال عرام: ودون الجحفة على ميل غدير خم وواديه يصب في البحر، لانبت فيه غير المرخ والثمام والأراك والعُشر، وغدير خم هذا من نحو مطلع الشمس لا يفارقه ماء المطر أبداً، وبه أناس من خزاعة وكنانة غير كثير.
وقال الحازمي: خم واد بين مكة والمدينة عند الجحفة به غدير، عنده خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال محمد بن إسحاق الفاكهي في كتاب « مكة » : بئر خم قريبة من الميثب حفرها مرة بن كعب بن لؤي.
انظر: معجم البلدان ـ خم ـ 2: 389.
--------------------------------------------------------------------------------
مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله »(2).
فجعل لأمير المؤمنين عليه السلام من الولاء في أعناق الامة مثل ما جعله الله له عليهم مما أخذ به إقرارهم، لأن لفظة « مولى » تفيد ما تقدم من التقرير من ذكر الأولى، فوجب أن يريد بكلامه الثاني ما قررهم عليه في الأول، وأن يكون المعنى فيهما واحدا حسبما يقتضيه استعمال أهل اللغة وعرفهم في خطابهم.
وهذا يوجب أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام أولى بهم من أنفسهم، ولا يكون أولى بهم إلا وطاعته فرض عليهم وأمره ونهيه نافذ فيهم، وهذه رتبة الامام في الأنام قد وجبت بالنص لأمير المؤمنين عليه السلام.
واعلم ـ أيدك الله ـ أنك تسأل في هذا الدليل عن أربعة مواضع:
أولها: أن يقال لك: ما حجتك على صحة الخبر في نفسه، فإنا نرى من يبطله؟
وثانيها: أن يقال لك: ما الحجة على أن لفظة « مولى » تحتمل « أولى » وأنها أحد أقسامها ؟
وثلاثها: إذا ثبت أنها أحد محتملاتها، فما الحجة على أن المراد بها في الخبر « الأولى » دون ما سوى ذلك من أقسامها؟
ورابعها: ما الحجة على أن « الأولى » هو الإمام، ومن أين يستفاد ذلك في الكلام؟
____________
ه (2) الحديث مروي في معظم كتب الحديث وبطرق لا يمكننا حصرها هنا، ولكن انظر: أمالي الصدوق: 460، إرشاد المفيد: 94، خصائص الرضي؛ 42، الشافي الامامة 2: 258، الفصول المختارة: 235، إعلام الورى: 200 من طرق الخاصة؛ ومن طرق العامة: سنن ابن ماجد 1: 43/ 116 و 45/ 121، سنن ترمذي 5: 633/ 3763، خصائص الامام علي عليه السلام للنسائي: 96/ 79 و 99/ 83 ، مسند أحمد 1: 84 و 88، 4: 368 و 372، 5: 366 و 419، تأريخ بغداد 7: 377 و 8: 290 و 12: 343، اسد الغابة 2: 233 و 3: 93، الإصابة 1: 304 مستدرك الحاكم 3: 109 و 3: 110 و 116، كفاية الطالب: 64، ترجمة الامام علي عليه السلام من تأريخ دمشق 2: 5/ 501 ـ 531، الرياض النضرة 2: 175، مناقب الامام علي عليه السلام للمغازلي: 16 ـ 26 ، مصنف ابن أبي شيبة 12: 59/ 12121. وغيرها كثير.
--------------------------------------------------------------------------------
الجواب عن السؤال الأول:
أما الحجة على صحة خبر الغدير، فما يطالب بها إلا متعنت، لظهوره وانتشاره، وحصول العلم لكل من سمع الأخبار به، ولا فرق بين من قال: ما الحجة على صحة خبر الغدير؟ ، وهذه حاله، وبين من قال: من الحجة على أن النبي صلى الله عليه و آله حج حجة الوداع؟ لأن ظهور الجميع وعموم العلم به بمنزلة واحدة.
وبعد:
فقد اختص هذا الخبر بما لم يشركه فيه سائر الأخبار، فمن ذلك أن الشيعة نقلته وتواترت به، وقد نقله أيضا أصحاب السير نقل المتواترين به، يحمله خلف منهم عن سلف، وضمنه جميعهم الكتب بغير إسناد معين، كما فعلوا في إيراد الوقايع الظاهرة والحوادث الكائنة، التي لا يحتاج في العلم بها إلى سماع الأسانيد المتصلة.
ألا ترى إلى وقعة بدر وحنين وحرب الجمل وصفين، كيف لا يفتقر في العلم بصحة شيء من ذلك إلى سماع إسناد ولا اعتبار أسماء الرجال، لظهوره المغني، وانتشاره الكافي، ونقل الناس له قرنا بعد قرن بغير إسناد معين، حتى عمت المعرفة به، واشترك الكل في ذكره.
وقد جرى خبر يوم الغدير هذا المجرى، واختلط في الذكر والنقل بما وصفنا، فلا حجة في صحته أوضح من هذا.
ومن ذلك إنه قد ورد أيضا بالأسانيد المتصلة، ورواه أصحاب الحديثين(3) من الخاصة والعامة من طرق في الروايات كثيرة ، فقد اجتمع فيه الحالان، وحصل له البيان(4).
ومن ذلك أن كافة العلماء قد تلقوه بالقبول، وتناولوه بالتسليم، فمن شيعيٍّ
____________
ه (3) كذا في نسخنا، والاولى: الحديث.
ه (4) في نسخة « هـ » السببان.
--------------------------------------------------------------------------------
يحتج به في صحة النص بالامامة، ومن ناصبي يتأوله ويجعله دليلا على فضيلة ومنزلة جليلة، ولم ير للمخالفين قولا مجردا في ابطاله، ولا وجدناهم قبل تأويله قد قدموا كلاما في دفعه وإنكاره، فيكون جاريا مجرى تأويل أخبار المشبهة وروايتها بعد الإبانة عن بطلاتها وفسادها، بل ابتدأوا بتأويله ابتداء من لا يجد حيلة في دفعه، وتوفره على تخريج الوجوه له توفر من قد لزمه الاقرار به، وقد كان إنكاره أروح لهم لو قدروا عليه، وجحده أسهل عليهم لو وجدوا سبيلا أليه.
فأما ما يحكى عن [ ابن ](5) أبي داود السجستاني (6) من إنكاره له، وعن الجاحظ(7)
____________
ه (5) لم ترد في نسخنا، ولعله اشتباه وقع فيه النساخ.
ه (6) عبدالله بن سليمان الأشعث السجستاني، ويكنى بأبي بكر، ولد بسجستان في سنة ثلاثين ومائتين، أبوه صاحب السنن المعروف، أخذ عن أبيه، وطاف معه كثيرا من البلدان، وحضر دروس العديد من شيوخ أبيه حتى اعتبروه من كبار الحفاظ، إلا أنه يؤخذ عليه تجراه على الحديث نقل عن الذهبي ( ت 748 هـ ) في سير أعلام النبلاء 13: 222/ 118: « قال عبدالرحمن السلمي: سألت الدار قطني عن ابن أبي داود فقال: ثقة، كثير الخطأ في الكلام على الحديث » وكذا نقل مثله في تذكرة الحفاظ 2: 771.
بل طعن فيه ابن عدي ( 277 ـ 365 هـ ) في الكامل في ضعفاء الرجال 4: 1577 حيث قال: « سمعت علي اين عبدالله الداهري يقول: سمعت أحمد بن محمد بن عمرو بن عيسى كركر يقول: سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول: سمعت أبا داود السجستاني يقول: ابني عبدالله هذا كذاب»
وكان ابن صاعد يقول: « كفانا ما قال أبوه فيه.
سمعت عبدالله بن محمد البغوي يقول له ـ وقد كتب إليه ابن داود رقعة يسأله عن لفظ حديث لجده لما قرأ رقعته ـ : أنت والله عندي منسلخ من العلم.
سمعت عبدان يقول: سمعت أبا داود السجستاني يقول: ومن البلاء أن عبدالله يطلب القضاء» انتهى.
ه (7) أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب البصري المعتزلي، له تصانيف كثيره، أخذ عن النظام، روى عن أبي يوسف القاضي، وثمانة بن أشرس، وروى عنه أبو العيناء، ويموت بن المزرع.
خبيث مطعون فيه، لا يؤخذ بأقواله و لا يعتد بآرائه، قال عنه الذهبي في ميزان الاعتدال 3: 247/ 6333، وفي سيرأعلام النبلاء 11: 526/ 149: « قال ثعلب: ليس بثقة ولا مأمون.
قلت: وكان من أئمة البدع.
وعن الجاحظ: نسيت كنيتي ثلاثة أيام، حتى عرفني أهلي!!.
قلت: كان ماجناً قليل الدين.. يظهر من شمائله أنه يختلف » إنتهى.
وقال الحافظ ابن كثير (ت 774 هـ) في البداية والنهاية 11: 19: « وفي سنة خمس وخمسين ومائتين توفي
=
يتبع-------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
هذه المصادر الدالة على خلافة الامام علي(ع)
اعلم أنه مما يدل أنه المنصوص بالامامة عليه ما نقله الخاص والعام من أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما رجع من حجة الوداع نزل بغدير خم (1) ـ ولم يكن منزلا ـ ثم أمر مناديه فنادى في الناس بالاجتماع، فلما اجتمعوا خطبهم ثم قررهم على ما جعله الله تعالى له عليهم من فرض طاعته، وتصرفهم بين أمره ونهيه بقوله: « ألست أولى بكم منكم بأنفسكم »؟
فلما أجابوه بالاعتراف، وأعلنوا بالاقرار، رفع بيد أمير المؤمنين عليه السلام وقال ـ عاطفا على التقرير الذي تقدم به الكلام ـ: « فمن كنت مولاه فهذا عليٌ
____________
ه (1) خم في اللغة: قفص الدجاج، فان كان منقولا من الفعل فيجوز أن يكون مما لم يسم فاعله من قولهم: خم الشيء إذا ترك في الخم، وهو حبس الدجاج، وخم إذا نطف، كله عن الزهري.
قال السهيلي عن ابن اسحاق: وخم بئر كلاب بن مرة، من خمت البيت اذا كنسته، ويقال: فلان مفهوم القلب أي نقيه، فكأنها سميت بذلك لنقائها.
قال الزمخشري: خم اسم رجل صباغ اضيف إليه الغدير الذي هو بين مكة والمدينة بالجحفة، وقيل: هو على ثلاثة أميال من الجحفة، وذكر صاحب المشارق أن خما اسم غيضة هناك وبها غدير نسب إليها؛ وخم موضع تصب فيه عين بين الغدير والعين، وبينهما مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال عرام: ودون الجحفة على ميل غدير خم وواديه يصب في البحر، لانبت فيه غير المرخ والثمام والأراك والعُشر، وغدير خم هذا من نحو مطلع الشمس لا يفارقه ماء المطر أبداً، وبه أناس من خزاعة وكنانة غير كثير.
وقال الحازمي: خم واد بين مكة والمدينة عند الجحفة به غدير، عنده خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال محمد بن إسحاق الفاكهي في كتاب « مكة » : بئر خم قريبة من الميثب حفرها مرة بن كعب بن لؤي.
انظر: معجم البلدان ـ خم ـ 2: 389.
--------------------------------------------------------------------------------
مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله »(2).
فجعل لأمير المؤمنين عليه السلام من الولاء في أعناق الامة مثل ما جعله الله له عليهم مما أخذ به إقرارهم، لأن لفظة « مولى » تفيد ما تقدم من التقرير من ذكر الأولى، فوجب أن يريد بكلامه الثاني ما قررهم عليه في الأول، وأن يكون المعنى فيهما واحدا حسبما يقتضيه استعمال أهل اللغة وعرفهم في خطابهم.
وهذا يوجب أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام أولى بهم من أنفسهم، ولا يكون أولى بهم إلا وطاعته فرض عليهم وأمره ونهيه نافذ فيهم، وهذه رتبة الامام في الأنام قد وجبت بالنص لأمير المؤمنين عليه السلام.
واعلم ـ أيدك الله ـ أنك تسأل في هذا الدليل عن أربعة مواضع:
أولها: أن يقال لك: ما حجتك على صحة الخبر في نفسه، فإنا نرى من يبطله؟
وثانيها: أن يقال لك: ما الحجة على أن لفظة « مولى » تحتمل « أولى » وأنها أحد أقسامها ؟
وثلاثها: إذا ثبت أنها أحد محتملاتها، فما الحجة على أن المراد بها في الخبر « الأولى » دون ما سوى ذلك من أقسامها؟
ورابعها: ما الحجة على أن « الأولى » هو الإمام، ومن أين يستفاد ذلك في الكلام؟
____________
ه (2) الحديث مروي في معظم كتب الحديث وبطرق لا يمكننا حصرها هنا، ولكن انظر: أمالي الصدوق: 460، إرشاد المفيد: 94، خصائص الرضي؛ 42، الشافي الامامة 2: 258، الفصول المختارة: 235، إعلام الورى: 200 من طرق الخاصة؛ ومن طرق العامة: سنن ابن ماجد 1: 43/ 116 و 45/ 121، سنن ترمذي 5: 633/ 3763، خصائص الامام علي عليه السلام للنسائي: 96/ 79 و 99/ 83 ، مسند أحمد 1: 84 و 88، 4: 368 و 372، 5: 366 و 419، تأريخ بغداد 7: 377 و 8: 290 و 12: 343، اسد الغابة 2: 233 و 3: 93، الإصابة 1: 304 مستدرك الحاكم 3: 109 و 3: 110 و 116، كفاية الطالب: 64، ترجمة الامام علي عليه السلام من تأريخ دمشق 2: 5/ 501 ـ 531، الرياض النضرة 2: 175، مناقب الامام علي عليه السلام للمغازلي: 16 ـ 26 ، مصنف ابن أبي شيبة 12: 59/ 12121. وغيرها كثير.
--------------------------------------------------------------------------------
الجواب عن السؤال الأول:
أما الحجة على صحة خبر الغدير، فما يطالب بها إلا متعنت، لظهوره وانتشاره، وحصول العلم لكل من سمع الأخبار به، ولا فرق بين من قال: ما الحجة على صحة خبر الغدير؟ ، وهذه حاله، وبين من قال: من الحجة على أن النبي صلى الله عليه و آله حج حجة الوداع؟ لأن ظهور الجميع وعموم العلم به بمنزلة واحدة.
وبعد:
فقد اختص هذا الخبر بما لم يشركه فيه سائر الأخبار، فمن ذلك أن الشيعة نقلته وتواترت به، وقد نقله أيضا أصحاب السير نقل المتواترين به، يحمله خلف منهم عن سلف، وضمنه جميعهم الكتب بغير إسناد معين، كما فعلوا في إيراد الوقايع الظاهرة والحوادث الكائنة، التي لا يحتاج في العلم بها إلى سماع الأسانيد المتصلة.
ألا ترى إلى وقعة بدر وحنين وحرب الجمل وصفين، كيف لا يفتقر في العلم بصحة شيء من ذلك إلى سماع إسناد ولا اعتبار أسماء الرجال، لظهوره المغني، وانتشاره الكافي، ونقل الناس له قرنا بعد قرن بغير إسناد معين، حتى عمت المعرفة به، واشترك الكل في ذكره.
وقد جرى خبر يوم الغدير هذا المجرى، واختلط في الذكر والنقل بما وصفنا، فلا حجة في صحته أوضح من هذا.
ومن ذلك إنه قد ورد أيضا بالأسانيد المتصلة، ورواه أصحاب الحديثين(3) من الخاصة والعامة من طرق في الروايات كثيرة ، فقد اجتمع فيه الحالان، وحصل له البيان(4).
ومن ذلك أن كافة العلماء قد تلقوه بالقبول، وتناولوه بالتسليم، فمن شيعيٍّ
____________
ه (3) كذا في نسخنا، والاولى: الحديث.
ه (4) في نسخة « هـ » السببان.
--------------------------------------------------------------------------------
يحتج به في صحة النص بالامامة، ومن ناصبي يتأوله ويجعله دليلا على فضيلة ومنزلة جليلة، ولم ير للمخالفين قولا مجردا في ابطاله، ولا وجدناهم قبل تأويله قد قدموا كلاما في دفعه وإنكاره، فيكون جاريا مجرى تأويل أخبار المشبهة وروايتها بعد الإبانة عن بطلاتها وفسادها، بل ابتدأوا بتأويله ابتداء من لا يجد حيلة في دفعه، وتوفره على تخريج الوجوه له توفر من قد لزمه الاقرار به، وقد كان إنكاره أروح لهم لو قدروا عليه، وجحده أسهل عليهم لو وجدوا سبيلا أليه.
فأما ما يحكى عن [ ابن ](5) أبي داود السجستاني (6) من إنكاره له، وعن الجاحظ(7)
____________
ه (5) لم ترد في نسخنا، ولعله اشتباه وقع فيه النساخ.
ه (6) عبدالله بن سليمان الأشعث السجستاني، ويكنى بأبي بكر، ولد بسجستان في سنة ثلاثين ومائتين، أبوه صاحب السنن المعروف، أخذ عن أبيه، وطاف معه كثيرا من البلدان، وحضر دروس العديد من شيوخ أبيه حتى اعتبروه من كبار الحفاظ، إلا أنه يؤخذ عليه تجراه على الحديث نقل عن الذهبي ( ت 748 هـ ) في سير أعلام النبلاء 13: 222/ 118: « قال عبدالرحمن السلمي: سألت الدار قطني عن ابن أبي داود فقال: ثقة، كثير الخطأ في الكلام على الحديث » وكذا نقل مثله في تذكرة الحفاظ 2: 771.
بل طعن فيه ابن عدي ( 277 ـ 365 هـ ) في الكامل في ضعفاء الرجال 4: 1577 حيث قال: « سمعت علي اين عبدالله الداهري يقول: سمعت أحمد بن محمد بن عمرو بن عيسى كركر يقول: سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول: سمعت أبا داود السجستاني يقول: ابني عبدالله هذا كذاب»
وكان ابن صاعد يقول: « كفانا ما قال أبوه فيه.
سمعت عبدالله بن محمد البغوي يقول له ـ وقد كتب إليه ابن داود رقعة يسأله عن لفظ حديث لجده لما قرأ رقعته ـ : أنت والله عندي منسلخ من العلم.
سمعت عبدان يقول: سمعت أبا داود السجستاني يقول: ومن البلاء أن عبدالله يطلب القضاء» انتهى.
ه (7) أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب البصري المعتزلي، له تصانيف كثيره، أخذ عن النظام، روى عن أبي يوسف القاضي، وثمانة بن أشرس، وروى عنه أبو العيناء، ويموت بن المزرع.
خبيث مطعون فيه، لا يؤخذ بأقواله و لا يعتد بآرائه، قال عنه الذهبي في ميزان الاعتدال 3: 247/ 6333، وفي سيرأعلام النبلاء 11: 526/ 149: « قال ثعلب: ليس بثقة ولا مأمون.
قلت: وكان من أئمة البدع.
وعن الجاحظ: نسيت كنيتي ثلاثة أيام، حتى عرفني أهلي!!.
قلت: كان ماجناً قليل الدين.. يظهر من شمائله أنه يختلف » إنتهى.
وقال الحافظ ابن كثير (ت 774 هـ) في البداية والنهاية 11: 19: « وفي سنة خمس وخمسين ومائتين توفي
=
يتبع-------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
تعليق