إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

القول الفصل في-- البدعة---

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القول الفصل في-- البدعة---



    السلام عليكم


    ـ أنّ البدعة من كبائر المعاصي وعظائم المحرّمات،
    وقد دلّ على حُرمتها: كتاب الله جلّ وعلا،
    وسُنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؛
    فالبدعة في نفسها ضلالة تؤدّي إلى سخط الله تعالى وعذابه،
    وهي في المبتدعين افتراءٌ على الله سبحانه
    وعلى رسوله صلّى الله عليه وآله
    إذ هي نسبةُ أحكامٍ إلى الدين لم يُنزِلِ اللهُ بها من سلطان
    ومَن أظلَمُ مِمّنِ افترى على اللهِ كَذِباً أو كَذّبَ بآياتهِ، إنّه لا يُفلِحُ الظالمون (6).

    ذلك أنّ المبتدع كاذب
    ، ومنحرف، وضالّ ومُضلّ.
    . يسوق الناس وفقاً لأهوائه إلى سبيل ينتهي غلى الاختلاف والتنازع
    ، بدلاً عن السبيل الذي اختاره الله تعالى لسعادة البشريّة
    وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتَّبِعُوهُ ولا تَتّبِعُوا السُّبُلَ فتفرَّقَ بكم عن سبيلهِ،
    ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون (7).
    ثمّ إنّ المبتدع ـ
    من حيث يدري أو لا يدري، ومن حيث يقصد أو لا يقصد
    ـ ينازع الله تعالى سلطانَه في التشريع، فيُشرّع ما لم يُشرّعه الله عزّوجلّ في دينه
    ، فيَزيد ويُنقص في مجالات العقيدة والفقه والأخلاق والمعاملات،
    افتراء منه على الله عزّ شأنه، لأنّه ينسب ما يبتدعه إلى الدين
    ، ويدسّه في أحكام ربّ العالمين
    . وهذا ما لا يرتضيه الله تعالى لعباده،
    إذ هو الأعلم والأدرى بما يصلحهم،
    وهو الأجدر أن يضع لهم ما يُسعدهم، وقد استأثر تبارك وتعالى بالتقنين
    والتشريع، فقال في محكم تنزيله: إنِ الحُكْمُ إلاّ للهِ
    ، أمرَ ألاّ تَعبُدوا إلاّ إيّاه، ذلك الدِّينُ القيِّمُ ولكنّ أكثرَ الناسِ لا يعلمون (8)
    ، وقال عزّ مِن قائل: قُلْ أتُعلِّمونَ اللهَ بِدِينكُم
    واللهُ يَعلَمُ ما في السماواتِ وما في الأرض،
    واللهُ بكلِّ شيءٍ عليم ؟! (9)،
    وقال تعالى شأنه
    : قل أرأيتُم ما أنزلَ اللهُ لكم مِن رزقٍ فجعلتُم منه
    حراماً وحلالاً قل ءَآللهُ أذِنَ لكم أم على اللهِ تَفْتَرون ؟!
    * وما ظنُّ الذين يَفْتَرونَ على اللهِ الكذِبَ يومَ القيامة ؟!.. (10)
    . جاء في تفسير ذلك: الدِّينُ الحقّ هو حُكم الله سبحانه لا حُكم إلاّ له
    ، وهو المنطبق على الخِلقة الإلهيّة. وما وراءه من حكم هو باطل لا يسوق الإنسانَ
    إلاّ إلى الشقاء والهلاك، ولا يهديه إلاّ إلى عذاب السعير.
    فلمّا كان الحكم لله سبحانه وحده.. كان كلُّ حكمٍ دائرٍ بين الناس
    إمّا: حكماً حقيقةً مأخوذاً مِن لَدُنه بوحي أو رسالة،
    أو حكماً مُفترىً على الله، ولا ثالث للقِسمين. على أنّ المشركين كانوا ينسبون أمثال هذه الأحكام التي ابتدعوها واستنُّوا بها فيما بينهم إلى الله سبحانه ـ كما يشير إليه قوله تعالى: وإذا فَعَلوا فاحشةً قالوا وَجَدْنا عليها آباءَنا واللهُ أمرَنا بها.. (11).
    وما ظَنُّ الذين يَفْتَرونَ على اللهِ الكذِبَ يومَ القيامة ؟! ،
    لمّا كان جواب الاستفهام المتقدّم: ءَ آللهُ أذِنَ لكم أم على اللهِ تَفْتَرون ؟!
    معلوماً من المورد، وهو أنّه افتراء، استعظم اللهُ تعالى
    سوء عاقبة الافتراء عليه،
    والافتراء على الله سبحانه من الآثام والذنوب بحكم البداهة،
    فلا محالةَ له أثر سيّئ، ولذلك قال تعالى إيعاداً وتهديداً:
    وما ظَنُّ الذين يَفْتَرونَ على اللهِ الكذِبَ يومَ القيامة ؟! 12).
    وفي موضع آخَر يقول الله تبارك وتعالى:
    ولا تَقُولوا لمِا تَصِفُ ألسِنتَكُمُ الكذِبَ هذا حلالٌ و
    هذا حرامٌ لِتَفْتَروا على اللهِ الكَذِب،
    إنّ الذين يَفْتَرونَ على اللهِ الكذِبَ لا يُفلحون (13).
    روى عبدالرحيم القصير
    قال: كتب أبو عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام على يدَي عبدالملك بن أعيَن:
    إذا أتى العبدُ بكبيرة من كبائر المعاصي
    ، أو صغيرةٍ من صغائر المعاصي التي نهى الله عزّوجلّ عنها
    ، كان خارجاً من الإيمان،
    وساقطاً عنه اسم الإيمان، وثابتاً عليه اسم الإسلام، فإن تاب واستغفر
    عاد إلى الإيمان ولم يُخرجه إلى الكفر
    والجحود والاستحلال. فإذا قال للحلال هذا حرام، وللحرام هذا حلال،
    ودان بذلك.. فعندنا يكون خارجاً من الإيمان والإسلام إلى الكفر(14).
    إنّهم ـ أيّها الإخوة ـ أصحاب الأهواء في كلّ زمان منذ عصر الرسالة
    ، الذين يقولون للسُّنة بدعة، ويقولون للبدعة سُنّة،
    يَفْتَرون ويَتّهمون فلا يَحفَظون حُرمةً للشريعة والرسالة،
    ولا يَرقُبون ذمّة لمسلم ومؤمن.
    وهم يقترحون على الله تعالى
    وعلى رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم أحكاماً وسُنناً وآراءً نابعةً من أمزجتهم ومصالحهم الذاتيّة القائمة على الأهواء والتصوّرات الضالّة الخاطئة.
    فيكون أوّلَ أمرهم الرأيُ والاقتراح، وعرض الفكرة بانتظار من يؤيّدها ويَقبل بها ويستحسنها، فإذا حانت فرصة أدخلوا ذلك في الدِّين
    ونَسَبوه إلى الشريعة المقدّسة ودَعَوُا الناس إليه، ثمّ حاسبوهم عليه، وربّما عاقبوهم وآذَوهم إن مُكِّن لهم!
    وكانت الآيات سبّاقةً إلى التحذير من ذلك والتنبيه على خطورته،
    وحثِّ المسلمين المؤمنين على الوقوف عند الحدود التي رسمها الله تعالى لعباده..
    فجاء في الذِّكر الحكيم، قول الله العليّ العظيم:
    وإذا تُتلى علَيهم آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الذينَ لا يَرجُونَ لقاءَنا آئْتِ بقُرآنٍ غيرِ هذا أو بَدِّلْهُ،
    قُلْ ما يكونُ لي أن أُبَدِّلَهُ مِن تِلقاءِ نَفسي إن أتَّبِعُ إلاّ ما يُوحى إليَّ إنّي أخافُ إنْ عَصَيتُ ربّي عذابَ يومٍ عظيم
    * قُلْ لو شاءَ اللهُ ما تَلْوتُهُ عليكم
    ولا أدراكم به فقد لَبِثْتُ فيكم عُمُراً مِن قَبْلِه أفلا تَعقِلون * فمَن أظلَمُ مِمّن افترى على اللهِ كذِباً أو كذَّبَ بآياتهِ ؟
    ! إنّه لا يُفلِحُ المجرمون (15).
    يا أيُّها الذين آمَنُوا لا تُقدِّمُوا بينَ يَدَيِ اللهِ ورسولهِ واتّقُوا اللهَ إنّ اللهَ سميعٌ عليم (16).
    وهنا لا بأس بالوقوف عند الآية المباركة الشريفة هذه،
    نتبيّن شيئاً من مفهومها المهمّ، قال المفسِّرون:
    ـ بين يدَي الشيء: أمامه، وهو استعمالٌ شائع: مجازيّ أو استعاريّ
    . وإضافة العبارة (بين يدَي) إلى الله ورسوله معاً،
    لا إلى الرسول، دليل على أنّه أمر مشترك بينه تعالى
    وبين رسوله، وهو مَقام الحُكمْ الذي يختصّ بالله سبحانه وبرسوله بإذنه
    ، كما قال تعالى:
    إنِ الحُكْمُ إلاّ لله (17)، وقال سبحانه:
    وما أرسَلْنا مِن رسولٍ إلاّ لِيُطاعَ بإذنِ الله (18). ومن الشاهد على ذلك تصدير النهي لا تُقدِّموا بقوله: يا أيُّها الذين آمَنْوا ، وتذييله بقوله
    : واتّقُوا اللهَ إنّ اللهَ سميعٌ عليم .
    فالظاهر.
    . أنّ المراد بما بين يدَي الله ورسوله هو المَقام الذي يربط المؤمنين المتّقين بالله ورسوله، وهو مَقام الحُكْم الذي يأخذون منه أحكامهمُ الاعتقاديّة والعمليّة.
    وبذلك يظهر أنّ المراد بقوله: لا تُقدِّمُوا
    تقديمُ شيءٍ ما مِن الحُكْم قِبالَ حُكْم الله ورسوله، إما
    : بالاستباق إلى قولٍ قبل أن يأخذوا القول فيه من الله ورسوله،
    أو إلى فعلٍ قبل أن يتلقَّوا الأمرَ به من الله ورسوله.
    لكنّ تذييل الآية بقوله: إنّ اللهَ سميعٌ عليم
    يناسب تقديم القول دون تقديم الفعل...
    ونظراً إلى أنّ كلّ فِعلٍ وتَركٍ من الإنسان لا يخلو من حكم له فيه
    ، وكذلك العزم والإرادة إلى فعل أو ترك.
    . يُدخل الأفعال والتُّروك ـ وكذا إرادتها والعزم عليها ـ
    في حكم الاتّباع.
    ويُفيد النهيُ عن التقديم بين يدَي الله ورسوله النهيَ
    عن المبادرة والإقدام إلى قول لم يُسمَع من الله ورسوله
    ، وإلى فعلٍ أو تركٍ أو عزمٍ وإرادةٍ بالنسبة لشيء منهما
    قبل تلقّي الحكم من الله ورسوله
    ، فتكون الآية قريبةَ المعنى من قوله تعالى في صفة الملائكة: بل عِبادٌ مُكْرَمون * لا يَسبِقونَهُ بالقَولِ وهُم بأمرهِ يعملون (19).
    وهذا الاتّباع المندوب إليه بقوله: لا تُقدِّموا بين يدَيِ اللهِ ورسولهِ
    هو: الدخول في وَلاية الله، والوقوف في موقف العبوديّة،
    والسير في مسيرها بجعلِ العبدِ مشيئتَه
    تابعةً لمشيئة الله في مرحلة التشريع، كما أنها تابعةٌ لها في مرحلة التكوين
    .. قال تعالى: وما تَشاؤونَ إلاّ أنْ يشاءَ اللهُ، إنّ اللهَ كانَ عليماً حكيما (20).
    وقوله: واتّقُوا اللهَ أمرٌ بالتقوى في موقف الاتّباع والعبوديّة
    ، إنّ اللهَ سميعٌ عليم تعليل للنهي وللتقوى فيه
    ، أي: اتّقوا الله بالانتهاء، فلا تُقدِّموا قولاً بلسانكم ولا في سِرّكم؛
    لأنّ الله سميع يسمع أقوالكم،
    عليم يعلم ظاهركم وباطنكم وعلانيتكم وسرّكم(21).
    وكفى نهياً ما جاء في العبارات القرآنيّة الشريفة الثلاث:
    ـ ومَن لم يَحكُمْ بما أنزَلَ اللهُ فأولئكَ هُمُ الكافرون (22).
    ـ ومَن لم يَحكُمْ بما أنزَلَ اللهُ فأولئكَ هُمُ الظالمون (23).
    ـ ومَن لم يَحكُمْ بما أنزَلَ اللهُ فأولئكَ هُمُ الفاسقون (24).

    ---


    6 ـ سورة الأنعام: 21.
    7 ـ سورة الأنعام: 153.
    8 ـ سورة يوسف: 40.
    9 ـ سورة الحجرات: 16.
    10 ـ سورة يونُس: 59 ، 60.
    11 ـ سورة الأعراف: 28.
    12 ـ الميزان في تفسير القرآن، للسيّد محمّد حسين الطباطبائي 86:10.
    13 ـ سورة النحل: 116.
    14 ـ تفسير نور الثقلين، للحويزيّ 92:3 ـ 93 حديث 250.
    15 ـ سورة يونس: 15 ـ 17.
    16 ـ سورة الحجرات: 1.
    17 ـ سورة يوسف: 40.
    18 ـ سورة النساء: 64.
    19 ـ سورة الأنبياء: 26 ، 27.
    20 ـ سورة الإنسان: 30.
    21 ـ لاحظ: الميزان 305:18 ـ 307.
    22 ـ سورة المائدة: 44.
    23 ـ سورة المائدة: 45.
    24 ـ سورة المائدة: 47.


  • #2
    يتبع ان شا ءالله

    و التعليق بعد اكمال الموضوع

    تعليق


    • #3
      احسنتم

      تعليق


      • #4


        البدعة في اللغة

        قبل الخوض في موضوعٍ ما
        ـ لا سيّما إذا كان حسّاساً أو موضع جدال واختلاف
        ـ لابدّ أن يكون هنالك
        وضوح في مدلول مفردة ذلك الموضوع من
        حيث مفهومها اللغويّ والاصطلاحيّ؛
        رفعاً للَّبس وإزالةً للشبهة والاشتباه.

        وفي مفردة ( البِدعة )
        هنالك بيانات مفيدة وواضحة لمعناها:
        • قال الخليل بن أحمد الفراهيديّ:

        البَدْع: ـ إحداث شيءٍ لم يكن له من قبلُ خَلْقٌ ولا ذِكْر ولا معرفة. والبِدع: الشيء الذي يكون أوّلاً في كلّ أمر
        ، كما قال الله:
        قُلْ ما كنتُ بِدْعاً من الرُّسُل
        (25)
        أي لستُ بأوّل مُرسَل.
        والبِدعة اسم ما ابتُدع من الدِّين وغيره،

        وهي ما استُحدث بعد رسول الله من الأهواء والأعمال(26).

        • وقال الراغب الإصفهانيّ:

        الإبداع: إنشاء صنعة بلا احتذاء أواقتداء
        ... والبدعة في المذهب إيراد قولٍ لم يَسْتَنَّ قائلُها
        وفاعلها فيه بصاحب الشريعة وأماثلها المتقدّمة
        وأصولها المُتقَنة(27).

        • وقال الفيروزآباديّ: البِدعة:
        الحَدَث في الدِّين بعد الإكمال
        ، أو ما استُحدث بعد النبيّ من الأهواء والأعمال(28).

        وعلى هذا..
        يُقال: بَدَعتُ الشيءَ إذا أنشأتُه(29)،
        وابتدعَ الشيءَ، أي أنشأَه وبدأه(30).
        وأبدَعتُ الشيءَ، أي اخترعتُه لا على مثال(31).

        يتّضح لنا ـ أيّها الأصدقاء
        ـ أنّ البدعة في اللغة تعني:
        الشيء الذي يُبتكَر ويُختَرَع من دونِ مِثالٍ سابق،
        ويُبتدأ به بعد أن لم يكن موجوداً مِن قبل.
        والبِدعة شاملة لما كان في الدِّين، أو العادات..
        كالأطعمة والألبسة والأبنية والصناعات وما شاكلها.

        ولكن البدعة التي ورد النصّ على حرمتها
        هي ما استُحدثت في أُمور الدين بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله
        ، من الأهواء والأعمال. أمّا التطوير في ميادين الحياة وشؤونها
        ـ وإن كان بِدعةً من الوجهة اللغوية ـ فليس بدعةً شرعاً
        ، بل هي حلال؛ لحاكميّة أصل البراءة ما لم يَرِد دليلٌ على الحُرمة.

        البدعة في الاصطلاح
        لابدّ لنا ـ أيّها الإخوة ـ

        من التعرّف على المعنى الاصطلاحيّ للبدعة
        من خلال كلمات المتخصّصين، منهم:
        • ابن رجب الحنبليّ،

        حيث قال
        : البدعة هي ما أُحدِث ممّا لا أصلَ له في الشريعة يدلّ عليه،
        أمّا ما كان له أصل من الشرع يدلّ عليه فليس ببدعة شرعاً،
        وإن كان بدعةً لغةً(32).

        • ابن حجر العسقلانيّ،
        قال: المُحدَثات ـ
        جمع مُحدَثة.. ما أُحدث وليس له أصل في الشرع،
        ويُسمّى في عُرف الشرع « بِدعة »
        ، وما كان له أصل يدلّ عليه الشرع فليس ببدعة(33).

        وقال أيضاً في تعريف البدعة:
        ما أُحدِث على خلاف أمرِ الشرع ودليلهِ الخاصّ والعامّ(34).

        • السيّد المرتضى،
        كتب في تعريف البدعة
        أنها: الزيادة في الدِّين أو النُّقصان منه، من غير إسنادٍ إلى الدِّين(35).
        • أمّا الشيخ المجلسيّ فقد كان له هذا البيان في الاصطلاح الشرعيّ للبدعة:

        أنّها ما حَدَث بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم
        ولم يَرِد فيه نصٌّ على الخصوص، ولا يكون داخلاً في بعض العمومات.
        . مثل بناء المدارس وأمثالها، الداخلة في عمومات إيواء المسلمين
        وإسكانهم وإعانتهم
        ، وكإنشاء بعض الكتب العلميّة والتصانيف التي لها مَدخل في العلوم الشرعيّة
        ، وكالألبسة التي لم تكن في عهد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم،
        والأطعمة المُحدَثة..
        فإنّها داخلة في عمومات الحِلِّيّة ولم يَرِد فيها نهي.
        وما يُفعَل منها على وجه العموم،

        إذا قُصد كونها مطلوبةً على الخصوص كان بدعة
        ، سواءً كان أصلها مُبتَدعاً أو خصوصيّتها مُبتدعة(36).

        • الشيخ الطريحي
        ، حيث يقول معلّلاً: البدعة: الحَدَث في الدِّين،
        وما ليس له أصل في كتاب ولا سُنّة. وإنّما سُمّيت بدعةً؛
        لأنّ قائلها ابتدعها هو نفسه(37).

        • السيّد محسن الأمين العامليّ،
        كتب مبيّناً: البدعة: إدخال ما ليس من الدين في الدين،
        كإباحة مُحرّم، أو تحريم مباح، أو إيجاب ما ليس بواجب،
        أو ندبه.. أو نحو ذلك
        ، سواءً كانت ( البدعة ) في القرون الثلاثة أو بعدها،
        وتخصيصها بما بعد القرون الثلاثة لا وجه له(38).

        البدعة إذَن ـ أيّها الأصدقاء
        ـ هي التصرف في الدِّين عقيدةً وتشريعاً،
        بإدخال ما لم يُعلَم أنّه من الدين فيه،
        فضلاً عمّا عُلم أنّه ليس منه قطعاً.
        ويكون ذلك التصرّف من خلال الزيادة في الدين أو الإنقاص منه، من غير دليل.. ثمّ نسبة ذلك إلى الدين نفسه.
        وهنا نقف في هذا الموضوع المهمّ على تحديد البدعة

        وتعيين مفهومها وأبعادها بشكل واضح ودقيق،
        ما يشكّل قاعدةً كلّية يَرجِع إليها الناس عند الشكّ في المصاديق. فواجب الفقيه رسم القاعدة،
        وواجب غيره تطبيق القاعدة على مواردها.
        ----



        25 ـ سورة الأحقاف:9.
        26 ـ كتاب العين، للخليل 54:2.
        27 ـ المفردات في غريب القرآن، للراغب ـ مادّة « بدع ».
        28 ـ القاموس المحيط، للفيروزآبادي 6:3 ـ مادّة « بدع ».
        29 ـ جمهرة اللغة، لابن دُرَيد 298:1.
        30 ـ لسان العرب، لابن منظور 6:8.
        31 ـ الصحاح، للجوهريّ 1183:3.
        32 ـ جامع العلوم والحِكم، لابن رجب الحنبليّ 160 ـ طبعة الهند.
        33 ـ فتح الباري، لابن حجر العسقلانيّ 9:17.
        34 ـ التبيين بشرح الأربعين، لابن حجر العسقلاني 221.
        35 ـ الرسائل، للشريف المرتضى 83:3.
        36 ـ بحار الأنوار، للشيخ المجلسيّ 202:74 ـ 203.
        37 ـ مجمع البحرين، للطريحيّ 163:1.
        38 ـ كشف الارتياب، للسيّد محسن الأمين العامليّ 143.

        تعليق


        • #5


          البدعة في القرآن والحديث
          وهنا ندخل

          ـ أيّها الأصدقاء ـ إلى رحاب عاطرة، ننظر في آفاقها إلى معنى البدعة وآثارها يرسمها

          أوّلاً
          : القرآن الكريم،
          مثلاً في قول الله تبارك وتعالى:
          .. ورَهْبانيةً آبتدَعُوها، ما كتَبْناها علَيهِم إلاّ آبتِغاءَ رِضوانِ اللهِ فما رَعَوْها حَقَّ رِعايتها..


          (39).
          وقد عبّرت الآية الكريمة عن الرَّهبانيّة بأنّها كانت من مُبتدَعات الرُّهبان، ولم تكن مفروضة عليهم مِن قبل، وإنّما تكلّفوها من عند أنفسهم ثمّ نسبوها إلى شريعة السيّد المسيح عليه السّلام، مدّعين أنّه هو الذي شرّع لهم ذلك العمل.


          أمّا الاستثناء في قوله تعالى
          : إلاّ آبتغاءَ مَرضاةِ الله
          ففيه وجهان:
          الأوّل: أن يكون استثناءً منقطعاً، أي: ما كتبنا عليهم الرهبانيّة، وإنّما كتَبْنا عليهم ابتغاءَ مرضاةِ الله، فتكون الرَّهبانيّة نفسها بدعة ابتدعوها.
          والثاني: أنّه سبحانه كتب عليهم أصل الرهبانيّة لكسب مرضاته، لكنّهم لم يَرعَوا حقّها، فيكون الخروج عن حدودها بدعة.
          اِتّخَذُوا أحبارَهم ورُهبانَهم أرباباً من دون اللهِ (40).
          ويظهر ممّا رواه الطبريّ وغيره أنّهم كانوا مشركين في مسألة التشريع، فقد رُوي عن الضحاك قال: « إتّخَذوا أحبارَهم ورُهبانَهم » أي قُرّاءهم وعلماءهم، أرباباً مِن دونِ الله يعني سادةً لهم من دون الله.. يُطيعونهم في معاصي الله، فيُحلّون ما أحلّوا لهم ممّا قد حرّمه الله عليهم، ويُحرّمون ما يحرّمونه عليهم ممّا قد أحلّه الله لهم(41).
          وروى الثعلبيّ بإسناده عن عَدِيّ بن حاتِم الطائيّ أنّه أتى النبيَّ صلّى الله عليه وآله وهو يقرأ من سورة براءة ( التوبة )

          هذه الآية: اتَّخَذوا أحبارَهم ورُهبانَهم أرباباً.. حتّى فرغ منها، قال عديّ: فقلت له: إنّا لسنا نَعبُدهم، قال: أليس يُحرّمون ما أحلّ الله فتحرّمونه، ويُحلّون ما حرّم الله فتستحلّونه ؟! قلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم(42).
          وعن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام عن قول الله عزّوجلّ: اتَّخَذوا أحبارَهم ورُهْبانَهم أرباباً مِن دونِ الله ، فقال: أما واللهِ ما دَعَوهم إلى عبادة أنفسهم،

          ولو دَعَوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم، ولكن أحلّوا لهم حراماً وحرّموا عليهم حلالاً، فعبدوهم من حيث لا يشعرون(43).
          قُلْ ما كنتُ بِدْعاً مِن الرُّسُلِ وما أدري ما يُفعَلُ بي ولا بكم.. (44).
          هناك رأيان في تفسير هذه الآية:
          الأوّل: أنّ رسول الله محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم ليس أوّلَ رسول يُرسله الله إلى قومه برسالته.
          والآخر: أنّ المراد أنّه صلّى الله عليه وآله لم يكن مُبدِعاً في أقواله وأفعاله بما لم يسبقه إليه أحدٌ من الرسل.
          وقد ذهب السيّد محمّد حسين الطباطبائي إلى ترجيح الرأي الثاني قائلاً: والمعنى الأوّل لا يلائم السياق... فثاني المعنَينِ هو الأنسب، وعليه فالمعنى يكون: لستُ أخالف الرسل السابقين في: صورةٍ أو سيرة، وفي قولٍ أو فعل.. بل أنا بشر مثلهم، فِيّ من آثار البشريّة ما فيهم، وسبيلهم في الحياة سبيلي(45).
          • « قُلْ أرأيتُم ما أنزلَ اللهُ لكم مِن رزقٍ فجعلتُم منه حراماً وحلالاً قلْ ءَآللهُ أذِنَ لكم أم على اللهِ تَفْتَرون ؟!

          »(46).
          الآية الكريمة تصف عمل المشركين المُحرِّفين: زيادة أو إنقاصاً، حيث حرّموا بعضَ ما أنزل الله عليهم من الرزق، وحلّلوا البعضَ الآخر.. فحرّموا السائبة والبَحيرة والوَصيلة من غير أمرٍ إلهيّ.
          ولا تقولوا لمِا تَصِفُ ألسنتُكمُ الكذِبَ: هذا حلالٌ وهذا حرامٌ؛ لِتفْتَروا على اللهِ الكذِبَ، إنّ الذين يَفْتَرون على اللهِ الكذِب لا يُفلحون (47).
          وهذه الآية الشريفة ـ كسابقتها ـ دالّة على حُرمة التحريف والافتراء كذِباً على الله سبحانه.
          .. قُلْ ما يكونُ لي أن أُبَدِّلَهُ مِن تِلقاءِ نفسي، إنْ أتّبِعُ إلاّ ما يُوحى إليَّ إنّي أخافُ إنْ عَصَيتُ ربّي عذابَ يومٍ عظيم (48).


          بهذا أجاب الله تعالى على اقتراحهم:
          ائتِ بقُرآنٍ غيرِ هذا أو بَدِّلْه .. قل: لا أملك ـ وليس لي بحقّ ـ أن أُبدّل الآيات البيّنات من عند نفسي؛ لأنّه ليس بكلامي بل هو وحيٌ إلهيّ أمرني ربّي أن أتّبعه ولا أتّبع غيره، وإنّما لا أخالف أمر ربّي لأنّي أخاف إن عَصَيت ربّي عذابَ يوم عظيم، وهو يوم لقائه.
          وفي الآية المباركة دلالة واضحة وصريحة على قدسيّة الأمر الإلهيّ الوارد عبر الوحي، وعلى أن تحريف هذا النصّ أو تبديله أمر خطير يورد صاحبه موارد الهلكة والخسران المبين.
          ومَن أظلمُ ممّنِ آفترى على اللهِ كذِباً أو كَذَّبَ بآياتهِ، إنّه لا يُفلحُ الظالمون (49).
          إنّ الكذب من المحرّمات والموبقات التي وعد اللهُ عليها النار، وهو مفتاح صندوق الشرّ، والبدعة من أفحش الكذب، إذ هي افتراء على الله ورسوله، وهي تحريف لشريعة الدين الحنيف الذي أمر اللهُ أن يُتّبع وبعث به رسوله يجاهد من أجله، وبُذلت المهج من أجل صيانته وحفظه عن التحريف والتشويه.
          إنّ المُبدِع.. من جهةٍ يواجه جبّار السماوات والأرضين بالافتراء عليه ونسبة أمور إليه لم يُنزِل بها حكماً ولا سلطاناً، ومن جهة ثانية يتصرّف بدين الله تعالى حسب أهوائه ونزواته، فيزيد فيه ما ليس منه، ويُنقص منه ما هو منه، ويُحرّم حلال الله ويُحلّل حرامه، ويقول من عنديّاته ما لم يرتضه الله عزّوجلّ! ومن هنا جاءت العبارة القرآنيّة شديدة اللهجة تشير إلى الظلم باستفهام موبِّخ: ومَن أظلَمُ ممّنِ آفترى على اللهِ كذِباً أو كذّب بآياته ؟! ، كما جاءت العبارة القرآنيّة ـ في موضع آخر ـ مهدِّدةً رهيبة

          : وما ظَنُّ الذين يفترونَ على اللهِ الكذِبَ يومَ القيامة ؟! (50).
          ثمّ كانت الخاتمة قاطعةً جازمة: إنّه لا يُفلح الظالمون (51)، مثبِّتةً حقيقةً مرعبة منذِرة بالعذاب الأبديّ.
          كما جاءت هذه الحقيقة ـ في آية أخرى ـ واضحة فاصلة: إنّ الذين يَفْتَرونَ على اللهِ الكذِبَ لا يُفلحون (52).
          والملاحظ ـ أيّها الإخوة ـ أنّ الآيات وردت في بعض المواضع من القرآن الحكيم تتحدّث عن البدعة بصورة مباشرة، وبعضها الآخر يتحدّث عن البدعة من خلال دلالة مشيرة إلى مفهوم ( التغيير في الدين ): زيادةً أو إنقاضاً.

          39 ـ سورة الحديد: 27.
          40 ـ سورة التوبة: 31.
          41 ـ جامع البيان، للطوسيّ 80:10.
          42 ـ مجمع البيان، للطبرسيّ ـ في ظلّ الآية.
          43 ـ تفسير نور الثقلين، للحويزي 209:2 حديث 111 ـ عن أُصول الكافي، للكلينيّ.
          44 ـ سورة الأحقاف:9.
          45 ـ الميزان في تفسير القرآن، للطباطبائي 190:18.
          46 ـ سورة يونس: 59.
          47 ـ سورة النحل: 116.
          48 ـ سورة يونس: 15.
          49 ـ سورة الأنعام: 21.
          50 ـ سورة يونس: 60.
          51 ـ سورة الأنعام: 21.
          52 ـ سورة النحل: 116.



          تعليق


          • #6
            يتبع ان شا ءالله

            تعليق


            • #7


              ثانياً:
              معنى البدعة وآثارها
              ـ كما يرسمها الحديث الشريف..
              عن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم، وأهل بيت الوحي والرسالة صلوات الله عليهم ـ:
              • قال رسول الله صلّى الله عليه وآله

              : إيّاك أن تَسُنّ سُنّة بدعة؛ فإنّ العبد إذا سنّ سنّة لحِقَه وِزرُها ووِزرُ مَن عَمِل بها(53).

              • وخطب صلّى الله عليه وآله فقال: أُوصيكم بتقوى الله...
              وإيّاكم ومُحدَثاتِ الأُمور؛
              فإنّ كلّ مُحدَثة بدعة،
              وإنّ كلّ بدعة ضلالة(54).

              • وعنه أيضاً أنّه صلّى الله عليه وآله قال:
              مَن سَنَّ في الإسلام سُنّةً حسنة فعُمِل بها مدّة
              ، كُتب له مِثْل أجر مَن عمل بها،
              ولا يُنقَص من أُجورهم شيء.
              ومَن سَنَّ في الإسلام سُنّةً سيّئة
              فعُمل بها بعده كُتب عليه مِثْل وِزر مَن عمل بها،
              ولا يُنقص من أوزارهم شيء(55).

              • ورُوي كذلك أنّه صلّى الله عليه وآله قال:
              أبى اللهُ لصاحب البدعة بالتوبة.
              قيل: يا رسول الله، وكيف ذلك ؟
              قال: إنّه قد أُشرِب قلبُه حبَّها(56).

              • وقال صلّى الله عليه وآله في التكليف:
              إذا ظهرت البِدَع في أُمّتي،
              فلْيُظهِر العالم علمه، فمَن لم يفعل فعليه لعنة الله(57).

              • وعن يونس بن عبدالرحمن ـ في حديث ـ
              قال: روينا عن الصادقين عليهم السّلام أنّهم قالوا:
              إذا ظهرت البِدع فعلى العالِم أن يُظهر علمه
              ، فإن لم يفعل سُلب نورَ الإيمان.

              • وجاء عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام قوله:
              ما هدَمَ الدينَ مِثلُ البِدَع(58).
              • وخطب عليه السّلام يوماً فقال: أيّها الناس،

              إنّما بَدْء وقوع الفتن أهواءٌ تُتَّبع،
              وأحكام تُبتَدع، يُخالَف فيها كتاب الله(59).

              • وعنه عليه السّلام أنّه قال:
              وأمّا أهل السُّنّة، فالمتمسّكون بما سنّه الله لهم ورسوله،
              وإن قَلّوا. وأمّا أهل البدعة،
              فالمخالفون لأمر الله تعالى وكتابه ورسوله،
              والعاملون برأيهم وأهوائهم، وإن كَثُروا(60).


              • وسئل يوماً عن السُّنّة والبدعة، فقال عليه السّلام:
              أمّا السنّة فسنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله،
              وأمّا البدعة فما خالفها(61).

              • وفي بيان خطير قال سلام الله عليه: وأدنى ما يكونُ به العبد كافراً.
              . مَن زعم أنّ شيئاً نهى الله عنه أنّ الله أمر به، ونَصَبه دِيناً يتولى عليه،
              ويَزعَم أنّه يعبد الذي أمره به، وإنّما يعبد الشيطان(62).

              • وقال الإمام أبو جعفر الباقر عليه السّلام: أدنى الشرك.
              . أن يبتدع الرجلُ رأياً، فيُحبّ عليه ويُبغِض (63).
              دلالات مستوحاة
              من خلال ما مرّ علينا نستفيد:
              1 ـ أنّ البدعة مقيّدة بثلاثة شروط أساسيّة:
              أ. أن تكون تدخّلاً في الدِّين بزيادة أو نقيصة.
              ب. أن تكون فاقدةً لأيّ أصل في الدِّين.
              ج. أن تتّسم بِسِمة الإشاعة

              والدعوة والترويج في المجتمع على أنّها من الشرع.
              2 ـ أنّ البدعة هي محدَثات الأمور الخطيرة،

              وهي ضلالة، وكلّ ضلالة في النار.
              3 ـ أنّ البدعة مذمومة مِن جهة،

              وأنّ صاحبها ممقوت من جهة أخرى..
              لذا كانت التنبيهات
              كثيرةً من قبل القرآن والسنّة على تجنّب البدعة وأهلها،
              والحذر من مزالقها وأضاليل أصحابها.
              4 ـ أنّ البدعة تحمل آثاراً هدّامة تعمل في: الدِّين،

              وفي المسلمين.
              لذا تعيّن على العلماء الواعين أن ينهضوا بالتكليف
              الموجَّه إليهم من قبل الشرع الحنيف،
              بأن يُظهروا علمهم،
              وإلاّ لاحقتهمُ اللعنات؛
              لأنّ سكوتهم يُوهم العوامَّ بالرضى عن البِدَع
              أو أنّها من أصل الدين، ويَقعُد بالعاملين
              عن التصدّي لمجابهتها ومحاربتها،
              ويترك الناس تخوض فيها..
              حتّى لا تميّزَها عن السنّة،
              فضلاً عن اعتبار البدعة سُنّة.
              روى المتّقي الهندي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله

              أنّه قال: لا يَذهبُ من السنّة شيء حتّى يظهر
              من البدعة مِثلُه، حتّى تذهبَ السنّة وتظهر البدعة...
              فمن أحيا ميتاً من سنّتي قد أُميتت كان له أجرُها
              وأجرُ مَن عَمِل بها، من غير أن يُنقص من أجورهم شيئاً،
              ومَن أبدَعَ بدعة كان عليه وِزرُها ووِزُر مَن عَمِل بها، لا ينقص من أوزارهم شيئاً(64).

              فيما روى الشعيريّ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال:
              يأتي على الناس زمان.. وجوههم وجوه الآدميّين،
              وقلوبهم قلوب الشياطين، السنّة فيهم بدعة،
              والبدعة فيهم سنّة!(65)



              53 ـ بحار الأنوار 104:77 حديث 1 ـ الباب 5.
              54 ـ مسند أحمد بن حنبل 126:4 ـ 127. ب

              حار الأنوار 263:2.. وفي بعض النصوص: وكلّ ضلالة في النار.
              55 ـ صحيح مسلم 206:5 ـ كتاب العلم.
              56 ـ الكافي، للكلينيّ 54:1 حديث 4 ـ باب البدع.
              57 ـ الكافي 54:1 حديث 2 ـ باب البدع.
              58 ـ بحار الأنوار 92:78 ـ عن كنز الفوائد، للكراجكيّ.
              59 ـ الكافي 55:1 حديث1 ـ باب البِدع.
              60 ـ كنز العمّال، للمتقي الهندي 184:16/خ 44216.
              61 ـ تحف العقول عن آل الرسول، لابن شعبة الحرّانيّ 211.
              62 ـ الكافي 114:2 حديث1 ـ باب أدنى ما يكون به العبد مؤمناً أو كافراً أو ضالاًّ.
              63 ـ ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، للصدوق 578 حديث 3.
              64 ـ كنز العمّال 222:1/خ 1119.
              65 ـ جامع الأخبار، لتاج الدين الشعيريّ 125.

              تعليق


              • #8


                أسباب نشوء البدعة
                البدعة عمل اختياريّ للمبتدع،

                ولها ـ كسائر الأفعال الاختياريّة ـ أسباب وغايات،
                تتعدّد ثمّ تَؤول إلى سبيلٍ غير سبيل الله عزّوجلّ،
                يبيّنه هذا الخبر الوارد عن ابن مسعود
                ، قال: خطَّ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله خطّاً بيده،
                ثمّ قال: هذا سبيل الله مستقيماً.
                ثمّ خطّ خطوطاً عن يمين ذلك وعن شماله،
                ثمّ قال:
                وهذه السبل، ليس من سبيل إلاّ عليه شيطان يدعو إليه.
                ثمّ قرأ:
                وأنّ هذا صراطي مستقيماً
                فآتّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بكم عَن سبيلهِ
                (66).
                وإذا كان للبدعة أسبابها،

                فإنّ هذه الأسباب متجدّدة
                على طول تاريخ الأمم حتّى هذه الأُمّة
                ؛ لقول رسول الله صلّى الله عليه وآله:
                كلّ ما كان في الأُمم السالفة فإنّه يكون في هذه الأُمّة مِثْله،
                حَذْوَ النَّعل بالنعل، والقُذّة بالقذّة(67).

                لقد بلّغ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
                رسالته على أكمل وجه،
                وكانت سُنّته جليّة أمام أنظار المسلمين،
                ممّا لا يَدَع مجالاً للاجتهادات الشخصيّة
                والاقتراحات الأهوائيّة، ثمّ لا يَدَع مجالاً لظهور الاختلافات..
                فلماذا إذن حدثت البدع من بعده ؟

                جواب هذا السؤال ـ

                أيّها الإخوة ـ يكمن في هذه النقاط التالية:
                أوّلاً: توهّمُ المبالغة في التعبّد لله تعالى،

                إذ خرج البعض عن الحدّ المعقول في التعبّد،
                فجاء باجتهاد مخالفٍ لتعاليم الشريعة،
                ظانّاً هذا البعضُ أنّه يرتقي في طاعاته لله عزّوجلّ،
                فيضيف ويُنقص ـ حسب هواه ـ
                ولا يشعر أنّه يبتدع في الدين ما ليس منه،
                ويخرج عن حالة التسليم لأوامر الله تعالى ونواهيه.
                وهذه نماذج من هذا السبب في نشوء البدعة:
                أ. استأذن أحدُ الصحابة

                رسولَ الله صلّى الله عليه وآله في الترهّب،
                فقال له: إنّ ترهّب أُمّتي الجلوس
                في المساجد لانتظار الصلاة(68).
                ب. روى جابر بن عبدالله الأنصاريّ

                أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان في سفر،
                فرأى رجلاً عليه زحام قد ظُلِّل عليه، فقال: ما هذا ؟
                قالوا: صائم، قال صلّى الله عليه وآله:
                ليس من البِرّ الصيامُ في السفر(69).
                ج. عن الإمام الصادق عليه السّلام قال:

                إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله خرج من المدينة
                إلى مكّة في شهر رمضان ومعه الناس
                وفيهم المشاة. فلمّا انتهى إلى كراع
                الغَميم دعا بقدَح من ماء فيما
                بين الظهر والعصر فشرب وأفطر، ثمّ أفطر الناس معه،
                وثَمّ أُناسٌ على صومهم فسمّاهم « العُصاة »
                ، وإنّما يؤخذ بآخِرِ أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله(70).
                د. وفي حديث عن الإمام الصادق عليه السّلام.

                . أنّ الصحابيّ سعد بن أشجع قال:
                إنّي أُشهِد اللهَ وأُشهد رسوله ومَن حضرني،
                أنّ نوم الليل علَيّ حرام، والأكل بالنهار علَيّ حرام،
                ولباس الليل علَيّ حرام،
                ومخالطة الناس علَيّ حرام، وإتيان النساء علَيّ حرام!
                فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
                يا سعد! لم تَصنَع شيئاً،
                كيف تأمر بالمعروف وتنهى
                عن المنكر إذا لم تخالط الناس ؟!
                وسكونُ البَريّة بعد الحضر كفرٌ للنعمة، نَمْ بالليل
                وكُلْ بالنهار، والبَسْ ما لم يكن ذَهَباً أو حريراً أو مُعَصفَراً،
                وأْتِ النساء(71).
                • يتصوّر البعض ـ أيّها الأصدقاء

                ـ أنّه إذا أضاف إلى الدين شيئاً من عنديّاته..
                كان قد بالغ في عبوديّته لله تعالى،
                متخيّلاً أنّه سيكون بعمله المبتدَع
                أكثر قبولاً عند الله سبحانه؛
                لأنّه حرّم المباح وأوجب المستحبّ وحرّم المكروه!
                واللهُ تعالى يقول في صريح تنزيله الكريم:
                قُلْ مَن حَرَّمَ زينةَ اللهِ التي أخرجَ لعبادِهِ
                والطيّباتِ مِن الرزقِ ؟
                ! قلْ هي للذين آمنوا في الحياةِ الدنيا خالصةً يومَ القيامة،
                كذلك نُفصِّلُ الآيات لقومٍ يَعلَمون
                (72).
                ويبالغ البعضُ الآخر ـ جهلاً أو رياءً ـ

                فيحرّم الواجب، مبتدعاً حكماً صريحاً
                في مخالفته لحُكم الله وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وآله!
                • روى الدارميّ قال:

                سمعتُ عامَ حَجَّ معاويةُ يسأل سعدَ بن مالك:
                كيف تقول بالتمتّع بالعمرة إلى الحجّ ؟!
                قال: حسنة جميلة، فقال معاوية: قد كان عمر ينهى عنها
                ، فأنت خيرٌ من عمر ؟! قال سعد: عمر خيرٌ منّي،
                وقد فعلَ ذلك النبيُّ وهو خير من عمر(73).

                • وروى الترمذي قريباً
                من ذلك إلاّ أنّ الحوار
                كان بين سعد بن أبي وقّاص والضحّاك
                بن قيس الذي قال: لا يصنع ذلك
                ( أي التمتّع بالعمرة إلى الحجّ )
                إلاّ مَن جهل أمر الله، فقال سعد: بئس
                ما قلتَ يا ابن أخي! فقال الضحاك:
                فإنّ عمر قد نهى عن ذلك، فقال سعد:
                قد صنعها رسول الله صلّى الله عليه (وآله ) وسلّم
                وصنعناها معه.
                • وعن الزُّهريّ عن سالم قال: إنّي لَجالسٌ

                مع ابن عمر في المسجد إذ جاءه رجل
                من أهل الشام فسأله عن التمتّع بالعمرة إلى الحجّ،
                فقال ابن عمر: حسن جميل، قال:
                فإن أباك كان ينهى عنها! فقال:
                ويلك! فإن كان أبي نهى عنها وقد فعله رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم وأمر به،
                أفبقولِ أبي آخذ أم بأمر رسول الله ؟!
                قُمْ عنّي(74).
                ويقترح البعض ـ أيّها الإخوة ـ

                على الدين ويرى نفسه متفضّلاً أو فاضلاً،
                لأنّه بالَغَ أو ابتدع أُسلوباً شاذّاً في العبادة
                ، رغم أنّه يقصّر في أُسلوبه
                هذا في حقوق الله وحقوق الناس
                ، ويبتعد كثيراً عن روح الدين واجتماعيّة الشريعة
                وحياة الأُمّة وتكاليف الرسالة،
                ويخرج من حالة الطاعة والعبوديّة لله تعالى،
                فيُعمِل رأيه أمام حكم الله متجاهلاً قوله تعالى:
                قُلْ أتُعلِّمونَ اللهَ بدِينِكُم واللهُ يعلمُ
                ما في السماواتِ وما في الأرضِ واللهُ بكلِّ شيءٍ عليم ؟!
                (75).



                66 ـ الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور، لجلال الدين السيوطيّ 56:3،
                والآية في سورة الأنعام: 6.
                67 ـ كمال الدين، للشيخ الصدوق 576.

                والمقطع الأخير مثَلٌ يُضرب للشيئين يستويان ولا يتفاوتان، والقُذّة:
                ريشة الطائر.

                68 ـ الاعتصام، للشاطبيّ 325:1.
                69 ـ مُسند أحمد بن حنبل 319:3 و 399. من لا يحضره الفقي

                ه، للشيخ الصدوق 92:2 حديث 2.
                70 ـ الكافي، للكلينيّ 127:4 حديث 5 ـ

                باب كراهية الصوم في السفر.
                71 ـ نوادر الراونديّ 25 ـ 26.
                72 ـ سورة الأعراف: 32.
                73 ـ سنن الدارميّ 36:2 ـ كتاب المناسك.
                74 ـ الجامع لأحكام القرآن، للقرطبيّ 388:2.
                75 ـ سورة الحجرات: 16.

                تعليق


                • #9


                  ثانياً:
                  اتّباع الهوى،
                  وهو باعثٌ آخرُ على البِدعة في الدين. وقد يُصاب به طلاّب الشهرة ومحبّو الرئاسة
                  وأصحاب الأهواء والمبتلَون بحب الظهور والسمعة
                  . فيبتدعون طريقة جديدة أو أُسلوباً لافتاً، وقد يؤسّسون فرقة أو مذهباً يدعون إليه،
                  بل قد يصل اتّباع الهوى عند بعضهم حدّاً يدّعي معه النبوّة
                  ، فيُحدث فتناً تجرف عن الدين وتُلقي في المهالك.
                  إنّ صفحات التاريخ ـ أيّها الإخوة ـ زاخرة بالأمثلة الواقعيّة على ذلك،

                  فكان منها نشوء الخوارج الذين خاطبهم أمير المؤمنين عليه السّلام
                  وهم قتلى بعد معركة النهروان: بؤساً لكم! لقد ضَرّكم مَن غَرّكم.
                  فقيل له: مَن غرّهم يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه السّلام: الشيطان المُضلّ،
                  والنفس الأمّارة بالسوء.. غَرّتْهم بالأمانيّ، وفَسَحت لهم في المعاصي،
                  ووَعَدتْهم الإظهار، فاقتَحَمتْ بهم النار(76).

                  وكان عليه السّلام يقول: أيّها الناس، إنّما بَدءُ وقوعِ الفتن: أهواء تُتَّبَع،
                  وأحكام تُبتدَع، يُخالَف فيها كتاب الله(77)، ويقول عليه السّلام
                  : إنّما أخاف عليكم اثنتَين: اتّباعَ الهوى، وطولَ الأمل. أمّا اتّباع الهوى فإنّه يصدّ عن الحقّ،
                  وأمّا طول الأمل فينسي الآخرة (78).

                  ومن قبل ذلك كان قول الله تعالى:
                  ولا تَتَّبِعِ الهوى فيُضِلَّكَ عن سبيلِ الله، إنّ الذين يُضِلّون
                  عن سبيلِ اللهِ لهم عذابٌ شديدٌ بما نَسُوا يومَ الحساب (79).

                  وكم كان لاتّباع الهوى نصيبٌ كبير في تفرّق الناس وتناحرهم
                  ، وإحداث الفرق والمذاهب الهجينة، وظهور العداوات
                  والمعارك.. لانّه انحراف عن الحقّ،
                  وميل إلى الباطل، وسبب في البدعة، وعامل في إحداث الفتنة.

                  ثالثاً:
                  التسليم لغير الكتاب والسُّنّة،
                  وذلك سبب واضح وأكيد في ظهور البدع والمستحدثات.
                  فالقرآن الكريم كلام الله تعالى
                  وهو الخطاب الفصل وفصل الخطاب
                  ، والسنّة النبويّة الشريفة: قولاً وفعلاً وتقريراً..
                  سنّةٌ إلهيّة معصومة من كلّ زلل
                  وخطأ وسهو ونسيان ولَبس، فهي شرعٌ أمَر الله تعالى بالأخذ منها
                  وهو القائل عزّ من قائل
                  : يا أيُّها الذين آمنوا أطيعُوا اللهَ وأطيعُوا الرسولَ ولا تُبطِلُوا أعمالَكم (80).
                  وقال تبارك وتعالى:

                  مَن يُطعِ الرسولَ فقد أطاعَ اللهَ ومَن تولّى فما أرسلناك عليهم حفيظا (81).

                  والقرآن وحي إلهيّ يرسم لنا حقائق الدين وشرائعه
                  ، والسنّة المطهَّرة عناية إلهيّة معصومة في ذاتها وعاصمة للشرع من التحريف،
                  ومؤتمَنة على رسالة الله الحقّة. وكلاهما يُطاعانِ ويُتَّبعان ويُسلَّم لهما
                  ، وإلاّ نشأت البدعة إذا جيء بالرأي في معرضهما وقبالهما،
                  أو أُخذ عن جهةٍ غير معصومة جُعلت في مصافّ مصادر التشريع.
                  . لأنّ غير المعصوم يخطئ وقد يكذب
                  ويدّعي ويفتري، فيكون التسليم له سبباً للانحراف،
                  كما يكون التسليم لرأيه سبباً في الابتداع.
                  أمّا الأئمّة من أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وآل

                  ه فهم أولو الأمر الذين وجبت طاعتهم
                  .. بأمر الله تعالى أوّلاً
                  ـ يا أيُّها الذين آمنوا أطيعوا اللهَ وأطيعُوا الرسولَ وأولي الأمرِ منكم.. (82)،
                  وإنّما يُؤمر بطاعته في مصافّ طاعة الله ورسوله مَن كانوا معصومين،
                  وهم الأئمّة عليهم السّلام إذ هم أمناء الله على وحيه،
                  وترجمان سيرة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسُنّته. وثانياً ـ
                  بأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله، حيث روي عنه من طرق العامّة والخاصّة
                  قوله: إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تَضلّوا: كتاب الله وعترتي..
                  فلا تَقدِموهما فتهلكوا، ولا تَقصُروا عنهم فتهلكوا، ولا تُعلّموهم فإنّهم أعلم منكم(83).

                  ذلك أنّ أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله بنصوص: عامّة وخاصة،
                  صريحة ومؤوّلة.. معصومون، وعن الله ورسوله يأخذون
                  . جاء عن الإمام محمّد الباقر عليه السّلام قوله لجابر بن يزيد الجُعفيّ:
                  يا جابر، لو كنّا نحدّثكم برأينا وهوانا لَكُنّا من الهالكين،
                  ولكنّا نحدّثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله
                  كما يكنز هؤلاءِ ذهبَهم وورقهم(84).
                  ومن هنا يقول هو سلام الله عليه لسَلَمة بن كُهيل

                  والحكَم بن عُيَينة: شَرِّقا وغَرِّبا، لن تجدا علماً صحيحاً إلاّ شيئاً يخرج من عندنا أهل البيت(85).

                  لقد كان القرآن الكريم خاتم الكتب، وكانت شريعة الإسلام خاتمة الشرائع.
                  . فلا حُكمَ إلاّ ما حكم الله به، ولا سُنّة إلاّ ما سنّها الرسول صلّى الله عليه وآله
                  وتابعها عليها أهل بيته الأطهار عليهم السّلام،
                  والخروج عن هذا الإطار ممهّدٌ لطريق البدعة.. لأنّه خروج عن جهتين معصومتين:
                  الأولى: الكتاب الذي قال الله تعالى فيه:

                  .. وإنّه لَكتابٌ عزيز * لا يأتيهِ الباطلُ مِن بينِ يدَيهِ ولا مِن خَلْفهِ تنزيلٌ مِن حكيمٍ حميد (86).
                  والثانية: السيرة الطاهرة المعصومة لخاتَم الأنبياء

                  وسيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله، والذي قال الله تعالى فيه
                  : ما ضَلّ صاحُبكم وما غوى * وما يَنطِقُ عنِ الهوى * إنْ هوَ إلاّ وحيٌ يُوحى (87).

                  وامتداد النبوّة الإلهيّة كان ـ بحكمة الله ومشيئته ـ
                  من خلال الإمامة المستحفَظَة من قِبل الله تعالى والمستحفِظة لدين الله جلّ وعلا
                  ، وعلمها مأخوذ من الكتاب والسنّة.
                  بعد هذا يكون الخروج عن هذه الحدود التي عيّنها الله سبحانه تميهداً لطريق المبتدعين،

                  وعلى ضوء ذلك لا معنىً يُعقَل لتقسيم السنّة إلى: سنّة النبيّ
                  ، وسنة الصحابة.. فتَلقى الثانية حجّة شرعية وإن لم تستند لا إلى الكتاب ولا إلى السنّة!

                  -----

                  76 ـ شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد المعتزليّ 235:19.
                  77 ـ الكافي 54:1 حديث 1 ـ باب البدع.
                  78 ـ الكافي 335:2 حديث 3 ـ باب اتّباع الهوى.
                  79 ـ سورة ص: 26.
                  80 ـ سورة محمّد صلّى الله عليه وآله:33.
                  81 ـ سورة النساء: 80.
                  82 ـ سورة النساء: 59.
                  83 ـ الصواعق المحرقة، لابن حجر 135. كنز العمّال 68:1/خ 958. الدرّ المنثور 60:2.. وغيرها.
                  84 ـ بصائر الدرجات، للصفّار القمّي 318 ـ الباب 14حديث 1. الاختصاص، للشيخ المفيد 280.
                  85 ـ بحار الأنوار 92:2 عن بصائر الدرجات، ورجال الكشّيّ، للشيخ الطوسيّ.
                  86 ـ سورة فُصّلت: 41 ، 42.
                  87 ـ سورة النجم: 2 ـ 4.

                  تعليق


                  • #10


                    تقسيم البدعة

                    ملابسات

                    اختلف الكثير في شأن تقسيم البدعة..

                    أوّلاّ: ماهي أقسامها ؟
                    وثانياً: هل يجوز تقسيمها أصلاً ؟


                    هناك مَن جعل البدعة شطرين:
                    1. بدعة خير وحقّ، 2. بدعة شرّ وسوء.

                    أو 1. بدعة حسنة، 2. بدعة سيّئة.

                    وذلك استفادةً من قول رسول الله صلّى الله عليه وآله:
                    مَن سَنّ في الإسلام سُنّةً حسنةً فعُمل بها بَعدَه كُتب له مِثلُ أجر مَن عمل بها،
                    ولا يُنقَص من أُجورهم شيء. ومَن سنّ في الإسلام سنّةً سيّئةً فعُمل بها بَعدَه
                    ، كُتب عليه مِثلُ وِزر مَن عمل بها، ولا يُنقَص من أوزارهم شيء(88).


                    أو من قول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مُحذِّراً:
                    إيّاك أن تَسُنّ سُنّةَ بِدعة؛ فإنّ العبد إذا سَنَّ سُنّة سيّئة لحِقَه وِزرُها ووِزرُ مَن عمل بها(89).

                    في حين أنّ الموضوع هنا موضوع « السنّة »
                    لا البدعة.
                    والسنة تنقسم إلى قسمين: حَسَنة وسيّئة،
                    بينما البدعة لا يقسّمها أغلب العلماء؛
                    إذ يراها أهل التحقيق أنّها لا يمكن أن تكون حسنةً في أيّ حال من الأحوال.
                    . حيث تُعرَّف هكذا:

                    • هي ما أُحدِث وليس له أصلٌ في الشرع
                    ، كما يقول ابن حجر العسقلانيّ(90).

                    أو كما قال ابن حجر أيضاً: ما أُحدث على غير مِثالٍ سابق،
                    وتُطلق البدعة في الشرع مقابل السُّنّة، فتكون مذمومة(91).

                    • وتعرَّف البدعة أيضاً أنّها ما أُحدِث على خلاف أمر الشرع ودليلهِ الخاص أو العامّ(92).

                    • أو ما أُحدِث ممّا لا أصل له في الشريعة يدلّ عليه، كما يرى ابن رجب الحنبليّ(93).

                    • أو كما قال الزَّركَشي: البدعة في الشرع، موضوعُه الحادثُ المذموم(94).

                    وحديث أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام واضح في هذا المضمار
                    ، حيث ورد عنه قوله: الناس رَجُلان: مُتَّبِعٌ شِرعة، ومُبتدعٌ بِدعة(95).

                    وقوله سلام الله عليه في التفريق:
                    أمّا السُّنّة فسُنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأمّا البِدعة فما خالَفَها (96)..

                    وقوله عليه السّلام في التفريق أيضاً:
                    أمّا أهل السُّنّة فالمتمسّكون بما سَنَّه الله لهم ورسوله،
                    وإن قَلُّوا. وأمّا أهل البِدعة فالمخالفون لأمر الله تعالى وكتابه ولرسوله،
                    والعاملون برأيهم وأهوائهم، وإن كَثُروا (97).


                    88ـ صحيح مسلم 132:5 ـ كتاب الأقضية / الباب 8. ومسند أحمد بن حنبل 270:6.
                    89 ـ بحار الأنوار 104:74 ـ الباب 5 حديث1 ـ عن مكارم الأخلاق، للطبرسيّ 454.
                    90 ـ فتح الباري 156:5 ، 9:17.
                    91 ـ فتح الباري 156:5 ، 9:17.
                    92 ـ التبيين بشرح الأربعة، لابن حجر الهيتميّ 221.
                    93 ـ جامع العلوم والحِكم 160.
                    94 ـ الإبداع 22.
                    95 ـ نهج البلاغة: الخطبة 176.
                    96 ـ تحف العقول عن آل الرسول صلّى الله عليه وآله، للحرّانيّ 211.
                    97 ـ كنز العمّال 184:16/خ 44216.

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    x

                    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                    صورة التسجيل تحديث الصورة

                    اقرأ في منتديات يا حسين

                    تقليص

                    لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                    يعمل...
                    X