إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

حديث السقيفة وتدبير البيعة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حديث السقيفة وتدبير البيعة


    حديث السقيفة وتدبير البيعة
    . . قالوا : ثم اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، فقالوا : نولي هذا الأمر ‹ صفحة 75 › من بعد محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سعد بن عبادة ، وأخرجوا سعدا إليهم وهو مريض ، قال : فلما اجتمعوا قال لابنه أو لبعض بني عمه : إني لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلهم كلامي ، ولكن تلق مني قولي فأسمعهم ، فكان يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرتفع به صوته ويسمع به أصحابه ، فقال بعد أن حمد الله وأنثى عليه : يا معشر الأنصار ! إن محمدا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأوثان فما آمن به قومه إلا رجال قليل ، والله ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسوله ، ولا أن يعزوا دينه ، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما عموا به ، حتى إذا أراد بكم ربكم الفضيلة ، وساق إليكم الكرامة ، وخصكم بالنعمة ، ورزقكم الإيمان به وبرسوله والمنع له ولأصحابه والإعزاز له ولدينه والجهاد لأعدائه ، وكنتم أشد الناس على عدوه منهم ، وأثقله على عدوه من غيركم ، حتى استقامت العرب لأمر الله طوعا وكرها ، وأعطى البعيد المقادة صاغرا داخرا ، وحتى أثخن الله لرسوله بكم الأرض ، ودانت بأسيافكم له العرب ، وتوفاه الله إليه وهو عنكم راض ، وبكم قرير عين ، استبدوا بهذا الأمر دون الناس فإنه لكم دون الناس . . . فأجابوه بأجمعهم بأن قد وفقت في الرأي وأصبت في القول ولن نعدوا ما رأيت ، نوليك هذا الأمر ، فإنك فينا متبع ولصالح المؤمنين رضا . ثم إنهم ترادوا الكلام ، فقالوا : فإن أبت مهاجرة قريش ، فقالوا : نحن المهاجرون وصحابة رسول الله الأولون ، ونحن عشيرته وأولياؤه . . فعلام تنازعوننا الأمر من بعده ؟ ! فقالت طائفة منهم : فإنا نقول إذا : منا أمير ومنكم أمير ، ولن نرضى بدون هذا أبدا ، فقال سعد بن عبادة حين سمعها : هذا أول الوهن . ‹ صفحة 76 › وأتى عمر الخبر فأرسل إلى أبي بكر ( 1 ) فمضيا مسرعين نحوهم ( 2 ) - مع أبي عبيدة بن الجراح - وهم مجتمعون ، فقال عمر بن الخطاب : أتيناهم وقد كنت زورت كلاما أردت أن أقوم به فيهم ، فلما اندفعت إليهم ذهبت لأبتدئ المنطق ، فقال لي أبو بكر : رويدا حتى أتكلم . . ثم أنطق بعد ما أحببت ، فنطق فقال عمر : فما شئ كنت أريد أن أقول به إلا وقد أتى به أو زاد عليه . قال عبد الله بن عبد الرحمن : فبدأ أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الله بعث محمدا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رسولا إلى خلقه ، وشهيدا على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه ، وهم يعبدون من دونه آلهة شتى يزعمون أنها لمن عبدها شافعة ولهم نافعة ، وإنما هي من حجر منحوت وخشب منجور ، ثم قرأ : * ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) * ( 3 ) وقالوا : * ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) * ( 4 ) فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخص الله المهاجرين الأولين من قومه ، بتصديقه والإيمان به ، والمواساة له ، والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم وتكذيبهم إياه ، وكل الناس لهم مخالف وعليهم زار ، فلم يستوحشوا لقلة عددهم وتشذب الناس عنهم ، وإجماع قومهم عليهم ، فهم أول من عبد الله في الأرض وآمن بالله وبالرسول ، وهم أولياؤه وعشيرته وأحق ‹ صفحة 77 › الناس بهذا الأمر من بعده ولا ينازعهم في ذلك إلا ظالم ، وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام ، رضيكم الله أنصارا لدينه ورسوله ، وجعل إليكم هجرته ، وفيكم جلة أزواجه وأصحابه وليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم . . فحن الأمراء وأنتم الوزراء ، لا تفتاتون ( 1 ) بمشورة ، ولا يقضى دونكم الأمور . . ! وفي رواية : قال أبو بكر : إن الله جل ثناؤه بعث محمدا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ودين الحق ، فدعا إلى الإسلام ، فأخذ الله تعالى بنواصينا وقلوبنا إلى ما دعا إليه ، فكنا معشر المهاجرين أول الناس إسلاما ، والناس لنا فيه تبع ، ونحن عشيرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ونحن مع ذلك أوسط العرب أنسابا ، ليست قبيلة من قبائل العرب إلا ولقريش فيها ولادة . وأنتم أيضا - والله - الذين آووا ونصروا ، وأنتم وزراؤنا في الدين ، ووزراء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأنتم إخواننا في كتاب الله تعالى ، وشركاؤنا في دين الله عز وجل وفيما كنا فيه من سراء وضراء ، والله ما كنا في خير قط إلا وكنتم معنا فيه ، فأنتم أحب الناس إلينا ، وأكرمهم علينا ، وأحق الناس بالرضا بقضاء الله تعالى ، والتسليم لأمر الله عز وجل ولما ساق لكم ولإخوانكم المهاجرين ، وهم أحق الناس فلا تحسدوهم ، وأنتم المؤثرون على أنفسهم حين الخصاصة ، والله ما زلتم مؤثرين إخوانكم من المهاجرين ، وأنتم أحق الناس ألا يكون هذا الأمر واختلافه على أيديكم ، وأبعد أن لا تحسدوا إخوانكم على خير ساقه الله تعالى إليهم . . . فقال الأنصار : والله ما نحسدكم على خير ساقه الله إليكم ، وإنا لكما ‹ صفحة 78 › وصفت . . . ولكنا نشفق مما بعد اليوم ، ونحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا ولا منكم ، فلو جعلتم اليوم رجلا منا ورجلا منكم بايعنا ورضينا ، على أنه إذا هلك اخترنا آخر من الأنصار ، فإذا هلك اخترنا آخر من المهاجرين أبدا ما بقيت هذه الأمة ، كان ذلك أجدر أن يعدل في أمة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأن يكون بعضنا يتبع بعضا ، فيشفق القرشي أن يزيغ فيقبض عليه الأنصاري ، ويشفق الأنصاري أن يزيغ فيقبض عليه القرشي . فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال : يا معشر الأنصار ! املكوا عليكم أمركم فإن الناس في ظلكم ، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم ، ولا يصدر أحد إلا عن رأيكم ، أنتم أهل العزة والمنعة ، وأولو العدد والكثرة ، وذوو البأس والنجدة ، وإنما ينظر الناس ما تصنعون فلا تختلفوا فتفسد عليكم أموركم ، فإن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير . فقال عمر : هيهات لا يجتمع سيفان في غمد ، والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم ، ولا تمنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة منهم ، لنا بذلك الحجة الظاهرة على من خالفنا ، والسلطان المبين على من نازعنا ، من ذا يخاصمنا في سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل ، أو متجانف لإثم ، أو متورط في الهلكة . . ! ؟ فقام الحباب بن المنذر - ثانية - فقال : يا معشر الأنصار ! أمسكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا الجاهل وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر ، وإن أبوا أن يكون منا أمير ومنهم أمير فاجلوهم عن بلادكم وتولوا هذا الأمر عليهم ، فأنتم والله أحق به منهم ، فقد دان بأسيافكم قبل هذا الوقت من لم يكن يدين بغيرها ، وإنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب ، والله لئن رد أحد قولي لأحطمن أنفه بالسيف . . ‹ صفحة 79 › فقال عمر : إذن يقتلك الله ، فقال : بل إياك يقتل ( 1 ) . فقال أبو عبيدة : يا معشر الأنصار ! إنكم أول من نصر فلا تكونوا أول من بدل أو غير ( 2 ) . . ! قال : فلما رأى بشير بن سعد الخزرجي ما اجتمعت عليه الأنصار من أمر سعد بن عبادة - وكان حاسدا له ، وكان من سادة الخزرج - قام فقال : أيها الأنصار ! إنا وإن كنا ذوي سابقة فإنا لم نرد بجهادنا وإسلامنا إلا رضى ربنا ، وطاعة نبينا ، ولا ينبغي لنا أن نستظهر بذلك على الناس ، ولا نبتغي به عوضا من الدنيا ، إن محمدا رجل من قريش وقومه أحق بميراث أمره ، وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر . . فاتقوا الله ولا تنازعوهم ولا تخالفوهم . فقام أبو بكر وقال : هذا عمر وأبو عبيدة بايعوا أيهما شئتم ، فقالا : والله لا نتولى هذا الأمر عليك ، وأنت أفضل المهاجرين ، وثاني اثنين ، وخليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على الصلاة - والصلاة أفضل الدين - أبسط يدك نبايعك ( 3 ) . . فلما بسط يده وذهبا يبايعانه ، سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه ، فناداه الحباب بن المنذر : يا بشير ! عقتك عقاق ، والله ما اضطرك إلى هذا إلا الحسد لابن عمك ، فلما رأت الأوس أن رئيسا من رؤساء الخزرج قد بايع قام أسيد بن حضير ‹ صفحة 80 › - وهو رئيس الأوس - فبايع حسدا لسعد أيضا ومنافسة له أن يلي الأمر ، فبايعت الأوس كلها لما بايع أسيد ، فأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر . وفي رواية : وبايعه عمر وبايعه الناس ، فقالت الأنصار - أو بعض الأنصار - : لا نبايع إلا عليا ( عليه السلام ) ( 1 ) ، وفي رواية أخرى : فكثر القول حتى كادت الحرب تقع بينهم ، وأوعد بعضهم بعضا ( 2 ) . وكادوا يطأون سعد بن عبادة ، فقال ناس من أصحاب سعد : اتقوا سعدا لا تطؤوه ، فقال عمر : اقتلوه قتله الله . . ثم قام على رأسه فقال : لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضدك . فأخذ قيس بن سعد بلحية عمر ثم قال : والله لئن حصحصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة . فقال أبو بكر : مهلا يا عمر ! الرفق ههنا أبلغ . . فأعرض عنه ، وقال سعد : أما والله لو أرى من قوة ما أقوى على النهوض لسمعتم مني بأقطارها وسككها زئيرا يحجرك وأصحابك ، أما والله إذا لألحقنك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع ، احملوني من هذا المكان ، فحملوه فأدخلوه داره . . وترك أياما ، ثم بعث إليه أن أقبل فبايع فقد بايع الناس وبايع قومك ، فقال : أما والله [ لا والله ] حتى أرميكم بما في كنانتي من نبل وأخضب منكم سنان رمحي ، وأضربكم بسيفي ، ما ملكته يدي وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي ، ولا أفعل ، وأيم الله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي ، وأعلم ما حسابي . فلما أتي أبو بكر بذلك قال له عمر : لا تدعه حتى يبايع ، فقال له بشير بن سعد : إنه قد لج وأبا ، فليس يبايعكم حتى يقتل ، وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته ، فليس ‹ صفحة 81 › تركه بضاركم إنما هو رجل واحد ،




    . . قالوا : ثم اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، فقالوا : نولي هذا الأمر ‹ صفحة 75 › من بعد محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سعد بن عبادة ، وأخرجوا سعدا إليهم وهو مريض ، قال : فلما اجتمعوا قال لابنه أو لبعض بني عمه : إني لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلهم كلامي ، ولكن تلق مني قولي فأسمعهم ، فكان يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرتفع به صوته ويسمع به أصحابه ، فقال بعد أن حمد الله وأنثى عليه : يا معشر الأنصار ! إن محمدا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأوثان فما آمن به قومه إلا رجال قليل ، والله ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسوله ، ولا أن يعزوا دينه ، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما عموا به ، حتى إذا أراد بكم ربكم الفضيلة ، وساق إليكم الكرامة ، وخصكم بالنعمة ، ورزقكم الإيمان به وبرسوله والمنع له ولأصحابه والإعزاز له ولدينه والجهاد لأعدائه ، وكنتم أشد الناس على عدوه منهم ، وأثقله على عدوه من غيركم ، حتى استقامت العرب لأمر الله طوعا وكرها ، وأعطى البعيد المقادة صاغرا داخرا ، وحتى أثخن الله لرسوله بكم الأرض ، ودانت بأسيافكم له العرب ، وتوفاه الله إليه وهو عنكم راض ، وبكم قرير عين ، استبدوا بهذا الأمر دون الناس فإنه لكم دون الناس . . . فأجابوه بأجمعهم بأن قد وفقت في الرأي وأصبت في القول ولن نعدوا ما رأيت ، نوليك هذا الأمر ، فإنك فينا متبع ولصالح المؤمنين رضا . ثم إنهم ترادوا الكلام ، فقالوا : فإن أبت مهاجرة قريش ، فقالوا : نحن المهاجرون وصحابة رسول الله الأولون ، ونحن عشيرته وأولياؤه . . فعلام تنازعوننا الأمر من بعده ؟ ! فقالت طائفة منهم : فإنا نقول إذا : منا أمير ومنكم أمير ، ولن نرضى بدون هذا أبدا ، فقال سعد بن عبادة حين سمعها : هذا أول الوهن . ‹ صفحة 76 › وأتى عمر الخبر فأرسل إلى أبي بكر ( 1 ) فمضيا مسرعين نحوهم ( 2 ) - مع أبي عبيدة بن الجراح - وهم مجتمعون ، فقال عمر بن الخطاب : أتيناهم وقد كنت زورت كلاما أردت أن أقوم به فيهم ، فلما اندفعت إليهم ذهبت لأبتدئ المنطق ، فقال لي أبو بكر : رويدا حتى أتكلم . . ثم أنطق بعد ما أحببت ، فنطق فقال عمر : فما شئ كنت أريد أن أقول به إلا وقد أتى به أو زاد عليه . قال عبد الله بن عبد الرحمن : فبدأ أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الله بعث محمدا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رسولا إلى خلقه ، وشهيدا على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه ، وهم يعبدون من دونه آلهة شتى يزعمون أنها لمن عبدها شافعة ولهم نافعة ، وإنما هي من حجر منحوت وخشب منجور ، ثم قرأ : * ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) * ( 3 ) وقالوا : * ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) * ( 4 ) فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخص الله المهاجرين الأولين من قومه ، بتصديقه والإيمان به ، والمواساة له ، والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم وتكذيبهم إياه ، وكل الناس لهم مخالف وعليهم زار ، فلم يستوحشوا لقلة عددهم وتشذب الناس عنهم ، وإجماع قومهم عليهم ، فهم أول من عبد الله في الأرض وآمن بالله وبالرسول ، وهم أولياؤه وعشيرته وأحق ‹ صفحة 77 › الناس بهذا الأمر من بعده ولا ينازعهم في ذلك إلا ظالم ، وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام ، رضيكم الله أنصارا لدينه ورسوله ، وجعل إليكم هجرته ، وفيكم جلة أزواجه وأصحابه وليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم . . فحن الأمراء وأنتم الوزراء ، لا تفتاتون ( 1 ) بمشورة ، ولا يقضى دونكم الأمور . . ! وفي رواية : قال أبو بكر : إن الله جل ثناؤه بعث محمدا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ودين الحق ، فدعا إلى الإسلام ، فأخذ الله تعالى بنواصينا وقلوبنا إلى ما دعا إليه ، فكنا معشر المهاجرين أول الناس إسلاما ، والناس لنا فيه تبع ، ونحن عشيرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ونحن مع ذلك أوسط العرب أنسابا ، ليست قبيلة من قبائل العرب إلا ولقريش فيها ولادة . وأنتم أيضا - والله - الذين آووا ونصروا ، وأنتم وزراؤنا في الدين ، ووزراء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأنتم إخواننا في كتاب الله تعالى ، وشركاؤنا في دين الله عز وجل وفيما كنا فيه من سراء وضراء ، والله ما كنا في خير قط إلا وكنتم معنا فيه ، فأنتم أحب الناس إلينا ، وأكرمهم علينا ، وأحق الناس بالرضا بقضاء الله تعالى ، والتسليم لأمر الله عز وجل ولما ساق لكم ولإخوانكم المهاجرين ، وهم أحق الناس فلا تحسدوهم ، وأنتم المؤثرون على أنفسهم حين الخصاصة ، والله ما زلتم مؤثرين إخوانكم من المهاجرين ، وأنتم أحق الناس ألا يكون هذا الأمر واختلافه على أيديكم ، وأبعد أن لا تحسدوا إخوانكم على خير ساقه الله تعالى إليهم . . . فقال الأنصار : والله ما نحسدكم على خير ساقه الله إليكم ، وإنا لكما ‹ صفحة 78 › وصفت . . . ولكنا نشفق مما بعد اليوم ، ونحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا ولا منكم ، فلو جعلتم اليوم رجلا منا ورجلا منكم بايعنا ورضينا ، على أنه إذا هلك اخترنا آخر من الأنصار ، فإذا هلك اخترنا آخر من المهاجرين أبدا ما بقيت هذه الأمة ، كان ذلك أجدر أن يعدل في أمة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأن يكون بعضنا يتبع بعضا ، فيشفق القرشي أن يزيغ فيقبض عليه الأنصاري ، ويشفق الأنصاري أن يزيغ فيقبض عليه القرشي . فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال : يا معشر الأنصار ! املكوا عليكم أمركم فإن الناس في ظلكم ، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم ، ولا يصدر أحد إلا عن رأيكم ، أنتم أهل العزة والمنعة ، وأولو العدد والكثرة ، وذوو البأس والنجدة ، وإنما ينظر الناس ما تصنعون فلا تختلفوا فتفسد عليكم أموركم ، فإن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير . فقال عمر : هيهات لا يجتمع سيفان في غمد ، والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم ، ولا تمنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة منهم ، لنا بذلك الحجة الظاهرة على من خالفنا ، والسلطان المبين على من نازعنا ، من ذا يخاصمنا في سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل ، أو متجانف لإثم ، أو متورط في الهلكة . . ! ؟ فقام الحباب بن المنذر - ثانية - فقال : يا معشر الأنصار ! أمسكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا الجاهل وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر ، وإن أبوا أن يكون منا أمير ومنهم أمير فاجلوهم عن بلادكم وتولوا هذا الأمر عليهم ، فأنتم والله أحق به منهم ، فقد دان بأسيافكم قبل هذا الوقت من لم يكن يدين بغيرها ، وإنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب ، والله لئن رد أحد قولي لأحطمن أنفه بالسيف . . ‹ صفحة 79 › فقال عمر : إذن يقتلك الله ، فقال : بل إياك يقتل ( 1 ) . فقال أبو عبيدة : يا معشر الأنصار ! إنكم أول من نصر فلا تكونوا أول من بدل أو غير ( 2 ) . . ! قال : فلما رأى بشير بن سعد الخزرجي ما اجتمعت عليه الأنصار من أمر سعد بن عبادة - وكان حاسدا له ، وكان من سادة الخزرج - قام فقال : أيها الأنصار ! إنا وإن كنا ذوي سابقة فإنا لم نرد بجهادنا وإسلامنا إلا رضى ربنا ، وطاعة نبينا ، ولا ينبغي لنا أن نستظهر بذلك على الناس ، ولا نبتغي به عوضا من الدنيا ، إن محمدا رجل من قريش وقومه أحق بميراث أمره ، وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر . . فاتقوا الله ولا تنازعوهم ولا تخالفوهم . فقام أبو بكر وقال : هذا عمر وأبو عبيدة بايعوا أيهما شئتم ، فقالا : والله لا نتولى هذا الأمر عليك ، وأنت أفضل المهاجرين ، وثاني اثنين ، وخليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على الصلاة - والصلاة أفضل الدين - أبسط يدك نبايعك ( 3 ) . . فلما بسط يده وذهبا يبايعانه ، سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه ، فناداه الحباب بن المنذر : يا بشير ! عقتك عقاق ، والله ما اضطرك إلى هذا إلا الحسد لابن عمك ، فلما رأت الأوس أن رئيسا من رؤساء الخزرج قد بايع قام أسيد بن حضير ‹ صفحة 80 › - وهو رئيس الأوس - فبايع حسدا لسعد أيضا ومنافسة له أن يلي الأمر ، فبايعت الأوس كلها لما بايع أسيد ، فأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر . وفي رواية : وبايعه عمر وبايعه الناس ، فقالت الأنصار - أو بعض الأنصار - : لا نبايع إلا عليا ( عليه السلام ) ( 1 ) ، وفي رواية أخرى : فكثر القول حتى كادت الحرب تقع بينهم ، وأوعد بعضهم بعضا ( 2 ) . وكادوا يطأون سعد بن عبادة ، فقال ناس من أصحاب سعد : اتقوا سعدا لا تطؤوه ، فقال عمر : اقتلوه قتله الله . . ثم قام على رأسه فقال : لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضدك . فأخذ قيس بن سعد بلحية عمر ثم قال : والله لئن حصحصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة . فقال أبو بكر : مهلا يا عمر ! الرفق ههنا أبلغ . . فأعرض عنه ، وقال سعد : أما والله لو أرى من قوة ما أقوى على النهوض لسمعتم مني بأقطارها وسككها زئيرا يحجرك وأصحابك ، أما والله إذا لألحقنك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع ، احملوني من هذا المكان ، فحملوه فأدخلوه داره . . وترك أياما ، ثم بعث إليه أن أقبل فبايع فقد بايع الناس وبايع قومك ، فقال : أما والله [ لا والله ] حتى أرميكم بما في كنانتي من نبل وأخضب منكم سنان رمحي ، وأضربكم بسيفي ، ما ملكته يدي وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي ، ولا أفعل ، وأيم الله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي ، وأعلم ما حسابي . فلما أتي أبو بكر بذلك قال له عمر : لا تدعه حتى يبايع ، فقال له بشير بن سعد : إنه قد لج وأبا ، فليس يبايعكم حتى يقتل ، وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته ، فليس ‹ صفحة 81 › تركه بضاركم إنما هو رجل واحد ،
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
ردود 2
9 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X