إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

لبيك داعي الله!! على اعتاب الزيارة الشعبانية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لبيك داعي الله!! على اعتاب الزيارة الشعبانية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    لَبَّيْك داعي الله
    دروس وثقافات
    من ثورة الإمام الحسين (ع)
    في عاشوراء


    {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}



    لبيك، داعي الله

    الزيارات المخصوصة في كربلاء لسيد الشهداء(ع)، والهيئات والمواكب الحسينية ومواكب المشاة إلى كربلاء... تظاهرات ثقافية وسياسية واسعة من قبل جماهير المؤمنين، وتحمل معاني، ومواقف سياسية، في الصمود، والمقاومة، ورفض الذلّ، والتبعية، ورفض الاحتلال والعدوان، والدفاع عن الإسلام والمسلمين، والولاء، والبراءة.
    إن ساحة كربلاء ساحة غنية بالثقافة، والمفاهيم والأخلاق، والقوة والإيمان والرفض والصمود.
    وهذه التظاهرة المليونية الواسعة في كربلاء عند مرقد الحسين سيد الشهداء(ع) تمثل كل هذه الثقافات والقيم والأخلاق والمفاهيم.

    تلبية الهتاف الحسيني يوم عاشوراء:

    ويوم رفع الحسين(ع) استغاثته إلى المسلمين في كربلاء(أما من مغيث يغيثنا؟، اما من ذاب يذب عن حرم رسول الله(ص)؟ هل من معين يرجو ما عند الله من إغاثتنا؟ هل من ناصر ينصرنا؟).... لم يكن يتوقع نصراً من أولئك الجفاة الأجلاف الذين وقفوا مع طغاة بني أميّة لقتاله، وإنما كان يرفع خطابه في ذلك اليوم العسير إلى أجيال المسلمين المتعاقبة في مستقبل هذه الأمة... إنّ الحسين(ع) كان يقصد هذه الأجيال المتعاقبة، من هذه الأمة المباركة بخطابه يوم عاشوراء، ويطلب منهم أن يقفوا معه وفي صفه لجهاد الظالمين والغاصبين وللدفاع عن الإسلام والمسلمين...
    وها هم جماهير زوار الحسين(ع) يأتون كربلاء مشاة وركباناً، استجابة لدعوة الحسين وخطابه يوم عاشوراء، ويلبون دعوة الحسين(ع) ويقولون:
    (لبيك داعي الله ان لم يجبك بدني عند استغاثتك ولساني عند استنصارك، فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري).
    إنّ هذه الهتافات المدوية التي تملأ سماء كربلاء من مواكب أنصار الحسين(ع) ترتفع استجابة لنداء الحسين وهتافه يوم عاشوراء.
    وإن هذه المسيرات المليونية الحاشدة التي تؤم كربلاء، رغم الإرهاب، ورغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، إعلان لتجديد البيعة وتأكيد للعهد، وتعميق للولاء والبراءة مع الحسين(ع) وحفيد الحسين المهدي من آل محمد(عج).

    ثقافة عاشوراء

    وسوف نحاول أن نستخلص دروساً وحلولاً لمشاكلنا ، من ثقافة عاشوراء ... إنّ عاشوراء الحسين(ع) غنية بالافكار والمفاهيم والحلول والمواقف، والرؤى والتصورات، وإنّ بامكاننا أن نستقي من هذا اليوم الخالد في التاريخ كل الحلول والمواقف العملية التي تنفع هذه الامة في واقعها السياسي المعاصر ..
    إن عاشوراء مدرسة مفتوحة للجميع، وكل منا يجد في ثورة الإمام الحسين(ع) ما يطلبه من العزّة، والكرامة، والقوة، والاستقامة، والصلابة، والموقف الكريم العزيز، وإباء الضيم، ورفض الذلة والظلم.
    وفيما يأتي نحاول أن نستخلص طائفة من الدروس من يوم عاشوراء، ومن ثقافة عاشوراء، تنفعنا لبناء مواقفنا السياسية والحضارية، وتُمكّننا من الدخول في هذه الساحة المحتدمة بالصراع بإيمان وعزم وقوة ووعي، إنْ شاء الله.
    وإليك طائفة من هذه الدروس:

    1 ـ 2 ـ الميراث والانتظار:
    يمتد الولاء عبر (الماضي) إلى (المستقبل)، ولا يخلو شيء من الزمان عن الولاء، من بدايات التاريخ، من آدم ونوح(ع)، إلى نهايات التاريخ، حيث يظهر المهدي من آل محمد(عج)، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ويرث الأرض من أيدي الظالمين، تحقيقاً لوعده تعالى في التوراة والزبور والقرآن.
    {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}.

    مواريث الأنبياء:
    أهل البيت(ع) يرثون الأنبياء والصالحين في التاريخ، يرثون منهم الصلاة، والذكر، والزكاة، والحج، والدعوة إلى الله، ومقاومة الظالمين، والقيم، والأخلاق، والصمود والصلابة في الحق.
    وزيارة (وارث) للحسين(ع) تعبّر عن هذه الوراثة المعرفية والحضارية والثقافية والحركية والجهادية العريقة للحسين(ع) من الأنبياء(ع) ...
    (السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله ...).
    هذه الوراثة، ضاربة في أعماق التاريخ، منذ آدم ونوح(ع) إلى رسول الله(ص) وعلي والحسن(ع) والحسين(ع) في موقفه بكربلاء يوم عاشوراء.
    لقد كان الحسين(ع) يجسّد كل هذا الميراث المعرفي، والثقافي، والحضاري، والعبادي والاخلاقي، والحركي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهادي غي مقاومة الظالمين والاحتلال.
    إذن للولاء تاريخ عميق، ضارب في أعماق التاريخ، وأهل البيت(ع) يرثون هذه المسيرة الطويلة الصالحة للأنبياء(ع) ... ونحن نرث عنهم هذا التاريخ.
    نرث منهم الصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد، والدعوة إلى الله، والذكر، والإخلاص، وسائر قيم التوحيد، فلا نكون مثلا للضائعين الضالّين، كما في قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ}.
    وإنّما نحفظ الصلاة، ونقيمها، وندعوا إليها، كما حفظها سلفنا من قبل، ونكون ـ إن شاء الله ـ من الذين يأخذون بقوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ، وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}.
    فنحفظ في أنفسنا ومجتمعنا وأهلينا هذا الميراث الإلهي العظيم الذي ورثناه من سلفنا الصالح، كابرا بعد كابر، وجيلا بعد جيل... وهو ميراث الصلاة والتقوى والعبودية والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    هذا عن امتداد (الولاء) في أعماق الماضي والتاريخ، وهو (الميراث).. وهو البُعد الأول من الولاء، والبعد الثاني هو البعد المستقبلي للولاء وهو الانتظار.

    الانتظار
    وللولاء امتداد مستقبلي في أعماق المستقبل، حيث ننتظر ظهور الإمام المهدي من آل محمد(ع)، وننتظر بظهوره الفرج والنصر الكبير، والانقلاب الكوني الشامل الذي أخبرنا به الله تعالى في كتابه الكريم، وفي التوراة والزبور من قبل: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}.
    والانتظار، ليس معنى سلبياً، كما يرصد الناس خسوف القمر وكسوف الشمس، وإنما الانتظار معنى ايجابي، كما نفهم نحن من نصوص الانتظار، وهو التحضير والإعداد السياسي والثقافي والعملي على وجه الأرض، لإعداد الأرض والمجتمع لظهور الإمام(عج) وقيامه بالانقلاب الكوني الكبير الذي يقوده(ع) إن شاء الله.
    ومعنى الانتظار، بناءً على هذا الفهم الايجابي لهذه الكلمة هو الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، وجهاد الظالمين، وإعلان كلمة الله، ونشر الثقافة الربانية في الأرض، وإقامة الصلاة، وتربية اسرنا وعوائلنا واصلاح زملائنا واوساطنا الاجتماعية واصلاح ثقافتنا وما إلى ذلك من ألوان التحضير والإعداد للانقلاب الكوني الكبير القادم... إن شاء الله.
    وإلى هذا البعد المستقبلي للولاء تشير الزيارة الجامعة: (منتظر لأمركم، مرتقب لدولتكم)، (حتى يحيي الله تعالى دينه بكم، ويردّكم في أيامه، ويظهركم لعدله، ويمكّنكم في أرضه).
    والكلمة الأخيرة (ويمكّنكم في أرضه) تشير إلى الآيات الأوائل من سورة القصص: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ}.
    ويتبلور هذا الانتظار في العمل، والحركة، والجهاد، والصبر، والمقاومة، والهدم، والبناء، والسعي في الأرض لإقامة دين الله، والإعداد والتحضير لقيام الدولة الإلهية على وجه الأرض، بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومكافحة الباطل والمنكر وجهاد أئمة الكفر.
    نُدْبة الفراق والانتظار:
    وإليك صورة مشجية من الندبة التي يندب بها المؤمنون إمامهم(ع) في فراقه، وفي انتظار فرجه:
    (أين بقية الله التي لا تخلو من العترة الهادية؟
    أين المعدّ لقطع دابر الظلمة؟
    أين المنتظر لإقامة الأمت والعوج؟
    أين المرتجى لإزالة الجور والعدوان؟
    أين المُدّخر لتجديد الفرائض والسنن؟
    أين المُتّخذ لإعادة الملة والشريعة؟
    أين المؤمّل لإحياء الكتاب وحدوده؟
    أين محيي معالم الدين وأهله؟
    أين قاصم شوكة المعتدين؟
    أين هادم أبنية الشرك والنفاق؟
    أين مبيد أهل الفسوق والعصيان والطغيان؟
    أين قاطع حبائل الكذب والافتراء؟
    أين مبيد العتاة والمردة، ومستأصل أهل الفساد والضلال والإلحاد؟
    أين معزّ الأولياء ومذلّ الأعداء؟
    أين جامع الكلمة على التقوى؟
    أين باب الله الذي منه يؤتى؟
    أين صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى؟
    أين مؤلف شمل الصلاح والرضا؟
    أين الطالب بذحول الأنبياء وأولاد الأنبياء؟
    أين الطالب بدم المقتول بكربلاء؟
    أين المنصور على من اعتدى عليه وافترى؟
    أين المضطرّ الذي يُجاب إذا دعى؟
    أين ابن النبي المصطفى، وابن علي المرتضى، وابن خديجة الغراء، وابن فاطمة الكبرى
    ؟).
    والانتظار مزيج من هذه الندبة المشجية، والعمل الكادح، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد الظالمين، لإعداد الأرض لظهور الإمام المهدي وقيامه.
    وتتحول هذه الندبة المشجية في قلوب المؤمنين إلى عمل، وحركة، وسعي، وثورة، وقيام، وإزالة الاحتلال والظلم والفساد من بلاد المسلمين، وصبر، صمود، ومقاومة، وجلد، وجهاد، ودعوة، وهدم، وبناء، لتحضير الأرض لظهور الإمام(ع) وقيام دولته الكونية التي وعدنا الله بها في كتابه الكريم: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ}.
    وليس من شك أنّ ظهور الإمام المهدي(ع) وقيامه العالمي الكبير يكون بعد الجيل الذي يوطئ الأرض لظهوره وقيامه(ع)، كما وردت وتواترت بذلك النصوص الإسلامية. وهذا الجيل الموطّئ هو الذي يُعدّ الأرض لظهور الإمام(عج) وقيامه. ويأتي جيل أنصار الإمام(ع) الذين يقاتلون بين يدي المهدي(ع) في الجيل الثاني بعد هذا الجيل.
    ومعنى الانتظار إذن هو التعجيل والتسريع في هذه التوطئة والإعداد بالأمر بالمعروف والجهاد والحركة والعمل.
    كما لو كان الانسان ينتظر ضيفا عزيزا فان معنى الانتظار هنا الاعداد والتحضير لاستقبال الضيف وتكريمه ، وكما لو كان الطالب ينتظر النجاح في الامتحان، فان معنى الانتظار هنا التحضير والاعداد لمناهج الامتحان.
    إن (الولاء) ـ كما قلنا ـ (ميراث) و(انتظار). ميراث يشدّنا إلى مسيرة الأنبياء والصالحين في التاريخ، ورسول الله(ص) والأئمة الهداة المهديين من ذريته، وانتظار يشدّنا إلى الانفتاح على الأمل المشرق الذي فتحه الله تعالى علينا للمستقبل، وقد أورثنا الله تعالى ذلك الميراث، ووعدنا هذا الفرج والنصر.
    ولكن هذا الأمل يجب أن يقترن دائماً بالكدح والجهاد والعمل، حتى يتحقق بإذن الله، وليس هو الترقّب وانتظار العلامات فقط، كما يهواه بعض الشباب.

    التحذير من استغلال الانتظار
    وفي الوقت الذي نؤكّد فيه على ضرورة تعميق حالة الانتظار في نفوس الناس، وبشكل خاص في نفوس الشباب.
    ونقول لهم: إنّ الانتظار الحقيقي لا يكون بالآمال، وإنما يتحقق بالعمل، والكدح، والجهاد، لبناء جيل مقاوم وصلب، يوطئ الأرض لظهور الإمام(عج).
    ونقول لهم: إنّ الانتظار يبعث في نفوس الشباب الأمل، والقوة، والعزم، ومن يفقد الانتظار يفقد الأمل، ومن يفقد الأمل يفقد العزم والقرار، ومن يفقد العزم والقرار يتحوّل إلى خشبة عائمة في مسير الأحداث، ولا يكون له دور فاعل في الحياة وفي بناء المستقبل.
    أقول: في نفس الوقت ينبغي أن نُحَصّن حالة الانتظار من أن يستغلها انتهازيون مضلّلون، يستغلون إيمان الناس وعقيدتهم في انتظار الإمام(عج)، ويدّعون السفارة للإمام المهدي(ع)، أو يدّعون المهدوية مباشرة، ويضلّلون الناس من ناحية، ويتركون أثراً سلبياً في عقيدة الناس تجاه الانتظار من ناحية أخرى.
    ولهؤلاء الأدعياء خطرٌ كبير على عقائد الناس من ناحيتين:
    تضليل فئات من المؤمنين من جانب، وتشكيك آخرين في الإمام المهدي(عج) الذي أجمع المسلمون على انتظاره شيعة وسُنّة من جانب آخر.
    إنّ ظهور الإمام المهدي(عج) يقترن كما تظافرت به الروايات التي يرويها الفريقان الشيعة والسُنّة، بآيات وعلامات كونيّة واضحة باهرة، لا يتوقف فيها أحد إلاّ الذين في قلوبهم مرض من المنافقين، ويقترن بالنصر والتأييد الإلهي مرحلة بعد مرحلة، ونصراً بعد نصر.
    إنّ ظهور الإمام(عج) آية من آيات الله الباهرات لا تخفى على أحد، ومثله ومثل هؤلاء الأدعياء الذين يضلّلون الناس، مثل معجزة موسى(ع) عندما ألقى عصاه، وما واجهه به سحرة فرعون من السحر الذي أراد به فرعون أن يضلّل الناس. . فلم يبق يومئذٍ أحد من الناس يشك في أنّ ما جاء به موسى بن عمران(ع) هو الحقّ والهدى، وما جاء به السحرة هو الضلال والباطل.
    وكان في مقدمة هؤلاء الذين آمنوا هم السحرة أنفسهم، رضوان الله عليهم.
    إنّ ظهور الإمام(عج) آية باهرة من آيات الله الكونيّة، لا تبقي لأحد مجالاً للشك والترديد.
    أقول: لابد من تثقيف الناس، حتى لا ينجرّوا إلى هذه الدعاوى المضلّلة. ولابد أن يوضّح العلماء والخطباء للناس مفهوم (الانتظار) و(الظهور) و(الانقلاب الكوني) الذي يقوم به الإمام(ع) حتى لا ينخدع الناس بهؤلاء الأدعياء المضلّلين.

  • #2
    3 ـ 4 ـ النصر والثأر:
    الدرس الثالث والرابع من دروس عاشوراء هو النصر والثأر.
    إنّ قضية الولاء قضية صعبة تجري في السلم والحرب، وفي السرّاء والضرّاء، ولو كانت هذه القضية في السلم والسرّاء فقط لهان أمر الولاء.
    ومن متطلبات الولاء الصعب، النصر والثأر، ولا ولاء من دون النصر. يقول تعالى: (والذين أووا ونصروا * أولئك بعضهم أولياء بعض).
    ولا ولاء من دون الثأر.
    إن (الولاء) الحق لا ينفك عن (النصر) و(الثأر) ...
    والولاء الذي لا يكلف صاحبه قتالاً ولا حرباً، ولا قطعا لموصول، ولا وصلاً لمقطوع، ولا جهداً، ولا ضرراً، ليس من الولاء الحق، وإنما هي صورة ولاء.
    في زيارة عاشوراء نتمنى ونسأل الله تعالى أن يرزقنا الثأر للدماء الزاكية التي أريقت ظلما وعدوانا بكربلاء.
    (فأسأل الله الذي أكرم مقامك وأكرمني بك أن يرزقني طلب ثارك مع إمام منصور من أهل بيت محمد(ص)).
    أيضاً في زيارة عاشوراء: (واسأله أن يبلغني المقام المحمود لكم عند الله، وأن يرزقني طلب ثاري مع إمام هدى ظاهر ناطق بالحق منكم).
    وفي الزيارة الجامعة نعلن عن استعدادنا الكامل للنصر (ونصرتي لكم معدة).
    أجل، إنّ النصر والثأر إمارتان على صدق الولاء.
    ما هذا النصر والثأر الواردان كثيراً في تراث عاشوراء، وثقافته؟
    هل هي قضية تاريخية ينتهي دوره سنة 61 هجرية، يوم استغاث الحسين(ع) بالمسلمين لينصروه في خروجه على حكومة بني أمية، ويوم نهض المسلمون من شيعة الحسين(ع) في الكوفة ليثأروا لدم الحسين(ع) ودماء أنصاره الزكية، في حركة المختار، وفي ثورة التوابين؟
    وإذا كان ذلك معنى النصر والثأر فقد مضى دورهما ولم يَعُد لهما مصداق اليوم في حياتنا ..
    فما معنى تكرار هذه المفاهيم (النصر والثأر) في أدبيات عاشوراء إلى اليوم؟ وما زلنا نقرأه ونتبناه في زيارة عاشوراء إلى اليوم الحاضر.
    إن النصر والثأر قائمان في حياتنا، وفي ساحة عملنا وحركتنا، اليوم. ولم لا؟ أليس العدوان قائم اليوم؟ أليس الإسلام والإيمان والقيم والأخلاق مستهدفة لعدوان سافر من قبل أعداء الإسلام، وبشكل خاص من قبل أمريكا والاتحاد الاوروبي وإسرائيل وحلفاؤهما.. حتى هذا اليوم؟
    أليس هذا العدوان اليوم، في امتداد العدوان على رسول الله(ص) وأهل بيته وعلى الحسين(ع) وقيم الحسين وأهدافه في كربلاء يوم عاشوراء؟
    ألا نستمع إلى هتاف الحسين(ع) يدوّي في التاريخ: (أما من مغيث يغيثنا؟)، لماذا نحصر نداء الحسين(ع) وهتافه المدوّي في هذه الدائرة الزمنية الضيّقة سنة 61 هجرية ... ؟
    إنّ عاشوراء ثقافة ... وليس تاريخاً فقط.
    وعلينا أن ندخل هذه الثقافة في ساحتنا اليوم. ثقافة الولاء والبراءة، والحركة، والجهاد، والمواجهة، والمقاومة، والنصر، والثأر.
    ونقصد بالنصر: نصر الإسلام في غربته ... ومن ينصر الإسلام فقد انتصر للحسين(ع) ولبّى نداءه ودعوته، ومن ينصر الحسين(ع) فقد نصر الإسلام.
    ونقصد بالثأر: الثأر للشهداء، وللأيتام، والأرامل، والسجناء، والمعذّبين، والمضطهدين في السجون، والمستضعفين والمنكوبين إلى اليوم.
    يتحقق (النصر) بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الصلاة في المجتمع، وتشييد أركان الإسلام في أوساطنا الإجتماعية، ودعوة الناس إلى الإيمان والتوحيد والعدل، ورفض الشرك والظلم، وتشييد المعروف وإزالة المنكر، وإقامة الحق والعدل ونصرة المظلومين ومقاومة الظالمين.
    ونشر ثقافة أهل البيت (ع) ومقاومة الثقافات المضللة وازالتها، ورفع صوت الحق والقضاء على صوت الباطل وإقامة الإعلام الحق وإسقاط الإعلام الباطل والتشهير به...
    ويتحقق (الثأر) بالانتقام من الظالمين الذين سفكوا دماء الأبرياء وأيتموا أبنائنا وبناتنا وأرملوا نسائنا، وأقاموا المقابر الجماعية في بلادنا وأفسدوا أخلاق الناس وأهلكوا الحرث والنسل.
    وهذا الثأر يكون من العتاة الجبارين، من أزلام صدام، وحزب البعث الذي تلطّخت أيديهم بدماء الأبرياء، ومن أمريكا وإسرائيل، ومن التكفيريين والإرهابيين الذين مارسوا التخريب، والتفجير، والإرهاب، وإرعاب الناس في بلادنا، ويتّموا الأطفال، ورمّلوا النساء ... فإن الثأر من هؤلاء الظالمين ثأر للحسين(ع)، والثأر للحسين(ع) ثأر للإسلام.
    أجل، إن قضية (النصر) و(الثأر) قضية حيّة قائمة في حياتنا وليس تاريخاً.
    وعندما نقول: (يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً) يجب أن لا تكون هذه الأمنية وهمية ضحلة، وإنما تكون اُمنية حقيقية، وعلامة صدق هذه الاُمنية، قيام حركة (النصر) و(الثأر) في حياتنا وفي ساحتنا اليوم.

    5 ـ التلبية:
    يقول الشيخ جعفر التستري(ره) في الخصائص الحسينية: إن الحسين(ع) (استنصر) الناس سبع مرات و (استغاث) سبعاً في ساحة الطف:
    ثم يقول(ره) : (إن التلبيات السبعة الواردة في زيارة الحسين(ع) (لبيك داعي الله) إجابة وإشارة إلى هذه الاستنصارات والاستغاثات.
    ولا يزال استنصار الحسين(ع) يدوّي في التاريخ، حيث وقف في كربلاء عام 61 هجرية يهتف بالمسلمين: (أما من مغيث يغيثنا؟ أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله(ص)؟ هل من معين يرجو ما عند الله في إغاثتنا؟ هل من ناصر ينصرنا؟).
    لقد كان الحسين(ع) يطلب يومئذٍ الإغاثة والنصرة من أجيال المسلمين الذين يتعاقبون في التاريخ، جيلاً من بعد جيل.
    والتلبيات الواردة في زيارة الحسين(ع) إشارة إلى خطاب الاستنصار الحسيني يوم عاشوراء الذي خاطب به أجيال المسلمين، يومئذ، جيلا من بعد جيل.
    ونقول نحن اليوم في جواب الاستنصار الحسيني بعد أربعة عشر قرناً: (لبيك داعي الله، إن لم يجبك بدني عند استغاثتك، ولساني عند استنصارك فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري ...).
    ولا يزال هذا الخطاب يدويّ في المسلمين، جيلا بعد جيل، يستنصرهم ويدعوهم للدفاع عن الإسلام، ومقاومة الظالمين، ومقاومة الاحتلال من بلاد المسلمين في فلسطين والعراق وأفغانستان.
    ويدعوهم الحسين(ع) إلى مقاومة الأنظمة العميلة للغرب في العالم الإسلامي، وإلى إزالة الظلم والجور عن المسلمين، ويدعوهم إلى إزالة القيمومة والوساطة التي تمارسها أمريكا على العالم الإسلامي بغطرسة وكبرياء واستعلاء.
    إن الحسين(ع) (داعي الله)، يدعو إلى الله، ويُعلن دعوة الله، وتلبية الهتاف الحسيني يوم عاشوراء، تلبية لدعوة الله.

    دعوتان وتلبيتان في التاريخ:
    وفي التاريخ دعوتان ونداءان يلبيهما أجيال المسلمين جيلا من بعد جيل، من بين الهتافات والنداءات الإلهية الكثيرة ولن يتوقف هذان النداءان، ولن تتوقف تلبية المسلمين لهما.

    النداء الأول: أذان إبراهيم(ع) بالحج، بإذن الله.

    {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}.
    ولا تزال أجيال المسلمين تلبي نداء إبراهيم(ع) بالحج جيلا بعد جيل، في كل عام.

    والنداء الثاني: نداء الحسين(ع) حفيد (إبراهيم) وسبط رسول الله محمد(ص) في عاشوراء لمقاومة الظالمين والمفسدين والجبابرة والطغاة.

    وكل مسلم يحج إلى بيت الله الحرام، ويحرم، ويطوف، ويسعى، ويقف في عرفة، يلبي دعوة إبراهيم التي رفعها في الأجيال، بأمر من الله تعالى.
    وكل من يقف في وجه الظالمين، ويهتف بموتهم، وسقوطهم، ويعلن رفضه لهم، ويعلن الحرب عليهم، ويقاومهم، يُلبي دعوة الحسين(ع) في عاشوراء سنة 61هـ. ، ودعوة الأنبياء والأوصياء والصدّيقين من قبله ومن بعده.
    والحسين(ع) داعي الله، يدعو إلى الله، ويرفع في الناس دعوة الله.
    إنّ الأذان بالحج، والاستنصار لمقاومة الظالمين وتحرير عباد الله من سلطان أعداء الله لا يختص بزمان، ولا بمكان.
    ولذلك كان كل يوم في تاريخنا (عاشوراء)، وكل مكان على وجه الأرض يجري عليه الصراع بين الحق والباطل: (كربلاء).

    6 ـ 7 ـ الحضور والموقف:
    لقد علّمنا الحسين(ع) الحضور والموقف ... حينما طلبوا منه أن يبايع الطاغية ابن الطاغية يزيد بن معاوية، قال لهم: (والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل)... وهذا هو (الموقف).
    ثم نصحوه أن يغيّب وجهه عن الساحة، ويختفي في جبال اليمن ... وقالوا له: إن بني أمية يسكتون عنك إذا غبت عن الساحة، ولم تجاهر برفضك للبيعة وخروجك على يزيد، وإعلانك بعدم شرعيّة بيعته ... فقال: (ولا أفرّ فرار العبيد) ... إن هذا الغياب والاختفاء عن الساحة بحكم الفرار، ولا يحبّذ لنفسه الفرار كالعبيد، وهذا هو (الحضور).
    وهذا (الموقف) و(الحضور) يسجّلان أعلى درجات التحدي في الساحة السياسية يومئذٍ.
    (موقف) كلّه صمود، ومقاومة، وثبات، وإباء من أن يخضع للطاغية، أو يُمدّ يده إليه بالبيعة والطاعة.
    و(حضور) قوي في الساحة، يملأ الساحة الإسلامية يومذاك بهذا الموقف الصلب. . يعلن خروجه على الطاغية على ملاء من الناس من الحجاز إلى العراق، جهاراً وعلانية.
    إنّ الموقف لا يتم في الخفاء، وفي النوايا والقلوب، فإن الموقف الذي يتكّتم به صاحبه (نيّة) وليس بـ (موقف)... وإنما يتم الموقف في وسط الساحة، إعلاناً وجهاراً.
    وقد تعلمنا نحن من مدرسة الحسين(ع) الموقف والحضور معاً، وهما ميراثان نرثهما من هذه المدرسة الربانية في التاريخ، ويرثهما الحسين(ع) من سلفه الصالحين من الأنبياء والأوصياء(ع).
    وأفضل ما نستطيع أن نعمله اليوم لتلبية خطاب الحسين(ع) ودعوته هو الحضور الواعي والفاعل في الساحة السياسية.
    وهذا الحضور لجماهير المؤمنين في الساحة السياسية تكليف شرعي وعمل عبادي، نتقرب به إلى الله تعالى.
    وقد دفعنا نحن ضريبة الغياب عن الساحة السياسية من دماء مراجعنا وفقهائنا واعز أبناءنا ورجالنا ونساءنا الشرفاء المخلصين.
    إن الساحة السياسية متى تخلو من أبنائها المخلصين الذين يحملون همّ الساحة واهتمامها، تتحول إلى ساحة استعراض، ومناورة ومقايضة للمحترفين السياسيين، والانتهازيين الذين يتخذون العمل السياسي حرفة، وسوماً، ومقايضة، ومكسباً، وأداة لاجتذاب الأضواء الإعلامية، والمكاسب السياسية وتعود محنتنا مرة أخرى كما كانت.
    وحضور الجمهور في الساحة يحصّن الساحة من أمثال هؤلاء المحترفين للسياسة، والانتهازيين.
    إن حزب البعث الصليبي برز واستولى على الساحة، وتسبب في المجازر الواسعة، والتهديم، والتخريب، والإفساد الكبير في هذا البلد أربعة عقود من الزمان بسبب غياب الجمهور الواعي الفاعل من الساحة ...
    ولو كان الجمهور المؤمن حاضراً فاعلاً بالمستوى المطلوب من الحضور، والفعل، والوعي، والمسؤولية، لم يتمكن أن ينفذ حزب البعث الصليبي بأفكاره الإلحادية، ومناهجه التخريبية الواسعة إلى بلادنا ومجتمعنا.
    إن الحضور الذي يحصّن ساحتنا الإسلامية هو الحضور الواعي والفاعل.
    وعندما تكون الأمة، بكل مستوياتها من القمة إلى القاعدة تمتلك الوعي السياسي، والإدراك الاجتماعي السليم، وتفرق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والصالح والفاسد، وتضع أقدامها عند مواضع القيادة الإسلامية والمرجعية الراشدة، في صف واحد، وتتواصى بالحق، وتتواصى بالصبر ... فإن هذه الأمة في خير، ولن يستطع طغاة الأرض جميعاً إذلال هذه الأمة وإرغامها على الرضوخ، واستغلالها واستثمارها وإضعافها.

    تعليق


    • #3
      رائع في طرحك ., وآنيق للغاية
      بوركت أخاه اليتيم

      تعليق


      • #4
        رفض بقاء الاحتلال الامريكي في العراق:
        من نتائج (الحضور) و(الوعي) و(الموقف) هو رفض الاحتلال الامريكي في العراق، والشعب المسلم في العراق سوف يسجل بحضوره الواعي الفاعل، موقفا موحدا في رفض بقاء الاحتلال في العراق..
        ويعلن أن بقاء الاحتلال في العراق ينقص سيادته واستقلاله ويعتبر إهانة موجهة الى كل عراقي مسلم، يؤمن بقوله تعالى: {وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} وبقاء الإحتلال في العراق يعتبر نقضا لاستعلاء المسلمين على الكفار.
        ويقول الله تعالى: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} ويقول تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}.
        وبقاء الإحتلال على أرض العراق نقض لكل هذه الأحكام التشريعية التي يقررها الله تعالى.
        فهو من مصاديق السبيل والسلطان الواضح للكافر على المسلمين، ومن مصاديق استعلاء الكافر على المسلمين... وكل ذلك يرفضه القرآن.
        8 ـ الوعي الديني والسياسي:
        ولابد أن يكون هذا الحضور حضوراً واعيا مسؤولاً، ولابد أن يكون هذا الوعي، على صعيد الجمهور.
        إن وعي النخبة المثقفة شطر من المهمة، ولن يحقق الوعي الديني والسياسي في الأمة دورها إلاّ إذا عمّ الوعي القاعدة العريضة من الأمة، ونزل من أبراج النخبة إلى قاعدة الهرم الاجتماعي العريضة.
        إن الوعي الديني والسياسي من شأنه أن يحصّن ساحتنا وجمهورنا وشارعنا الإسلامي في مواجهة التضليل الإعلامي الهائل، الذي يمارسه أعداء الإسلام من خلال وسائل الإعلام والفضائيات الكثيرة، التي كثرت هذه الأيام حتى كانت أكثر من الهمّ على القلب، ويحصّن ساحتنا في مواجهة الأعمال الإرهابية التي تمارسها زمر الإرهاب من حزب البعث والفئات المتطرفة من القاعدة وغيرها والاستخبارات العالمية التي تجد منافعها ومكاسبها الاقتصادية والسياسية، ومبررات بقائها في استمرار حالة الفوضى الأمنية في العراق...
        ومهمة العلماء والمبلغين والوعاظ والمثقفين الإسلاميين والأحزاب والمنظمات والحركات الإسلامية هي نشر الوعي السياسي الإسلامي، وتحصين الجمهور بذلك من التضليل الإعلامي.
        إن الإعلام اليوم علم قائم بالذات فيه أكثر من اختصاص، ومهمّته تضليل الرأي العام عن طريق طرح الشعارات المضللة، وتحريف الخبر، وانتحاله، والتحريف في طرحه.. والوعي السياسي للأمة وحده كفيل بمقاومة هذه العوامل جميعاً، وتحصين الشارع من كل عوامل التضليل الإعلامي.
        إن الوعي الديني والسياسي والاجتماعي يدرأ عن الأمة وعن الفرد الكثير من الفتن والمصائب التي تحل بالناس، وتؤدي بالأمّة إلى الاختلاف والانشقاق والتقاطع وتستنفذ طاقات الامة وقدراتها.
        وأنظمة الاستكبار العالمي تعرف اليوم جيداً كيف تنفذ إلى المجتمعات والشعوب المستضعفة، وتبسط فيها نفوذها السياسي والاقتصادي والثقافي، عن طريق مضلاّت الفتن.
        إنهم لا يعدمون هنا وهناك من توسوس إليه نفسه أن يرشح نفسه للإمامة الموعودة للمسلمين أو النيابة والسفارة الخاصة للإمام المهدي(عج) أو اليماني الذي يترقبه المسلمون في جملة علامات الظهور، فيجمع حوله نفراً من السذج البسطاء، ... فيتعرف عليهم شياطين الاستكبار العالمي، وللاستكبار العالمي شياطين في بلادنا، يبحثون عن هذه الحالات فيسندونهم ويدعمونهم ويموّلونهم من حيث يعلمون أو لا يعلمون ...
        فيصنعون منهم مشكلة تخل بالأمن والاستقرار، وتبلبل آراء الناس بين السلب والإيجاب.
        ومن خلال هذه المشاكل والفتن والبلابل ينفذ الاستكبار العالمي، كما صنعوا في الهند، في استحداث (القاديانية)، وكما صنعوا في إيران في استحداث البابية والبهائية، وأمثالهما فينشغل الناس بهم وبأفكارهم وأحاديثهم ومقابلتهم عن الاستعمار ومكره وكيده وأساليبه الملتوية، وعن النفط الذي يسرقونه، وعن إسرائيل والدور الأمريكي في تمكينها من استحداث ترسانة نووية كبيرة في قلب العالم الإسلامي، وعن الفساد والابتذال والسقوط الذي تنشره الأفلام والفضائيات في صفوف شبابنا.
        إنّ أنظمة الاستكبار العالمي قد تمرست في هذه الوسائل، وتمتلك مهندسين ومخططين ومعماريين، يخططون لهذه الفتن...
        وسوف تكثر في عصر الوعي والنهضة والحركة الإسلامية أمثال هذه الفتن في صفوف المسلمين، وإذا لم يتهيأ العلماء، والخطباء، والمثقفون الإسلاميون، والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر من الآن للتصدي لأمواج هذه الفتن، فإنها سوف تستغرقنا، وتعطّل مشروعنا الإسلامي الكبير في عودة الإسلام إلى الحياة، وتحرير بلاد المسلمين من نفوذ الصهيونية والصليبية العالمية وعملائها في العالم الإسلامي.
        والأداة المفضلة لمكافحة هذه الفتن في أوساط الجمهور كلمتان: (الوعي) و(التقوى)، وهما كفيلتان لإزالة هذه الفتن والقضاء عليها.
        إنّ الوعي الديني والسياسي والاجتماعي يفضح هذه الفتن، ويعرّيها للناس فلا ينخدعون بها.
        ونشر هذا الوعي من رسالة العلماء، وخطباء المنبر الحسيني، وخطباء الجمعات والمثقفين، والكتّاب الإسلاميين. والتقصير في نشر هذا الوعي في الظروف الحاضرة تقصير في واجب من أهم الواجبات الدينية والسياسية في عصرنا.
        ولابد أن يكون مثل هذا الوعي في متناول الناس، كل الناس، وليس مخصوصاً بدائرة النخبة، كالوعي الصحي الذي لابد أن يكتسبه الناس جميعاً، حتى يحفظوا أنفسهم من الأمراض المعدية والأوبئة.
        وأمواج الفتن كالأوبئة التي تعمّ الناس، إذا كان الناس يفقدون الوعي الصحيّ الضروري لمقابلتها ومكافحتها.
        والخط السليم الذي يجب على الناس في وسط هذه الفتن أن يتمسّكوا به لسلامة دينهم ودنياهم هو خطّ الفقهاء، الذي أكّد عليه رسول الله(ص) وأهل بيته(ع) في تعليماتهم للمؤمنين في ظروف الفتنة الدينية والسياسية.
        والعامل الآخر لمواجهة هذه الفتن: هو (التقوى)، فإن التقوى تمنح الناس البصيرة كالوعي تماماً، وإذا قصر الوعي في تبصير الناس أحياناً، فلا تقصر التقوى.
        وقد لا يُسعف عامل الوعي عامة الناس أحياناً لإنقاذهم من ورط الفتن والمهالك، ولكن تنقذهم التقوى ... فإن التقوى في حياة الإنسان فرقان، يُفرّق لهم بين الحق والباطل، وبين الصحيح والسقيم، وبين الصراط المستقيم والسبل المعوجة المنحرفة، وبين الصدق والكذب، {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً}.
        وهذا الفرقان هو وعي التمييز بين الحق والباطل، والصراط المستقيم، والسبل المعوجة، والصادق والكاذب، والمصلح والمفسد.
        وهذه الأداة أداة عامة للنخبة وللجمهور على حدّ سواء.

        تعليق


        • #5
          9 ـ إتّباع المرجعية:
          ومن شروط الحضور في الساحة أن يكون حضوراً موجّها من قبل المرجعية الدينية الراشدة المتصدية التي يرجع إليها أكثر المؤمنين... إنّ المرجعية الدينية تمثّل تراثنا الثقافي والحضاري والسياسي من أهل البيت، وتقع موقع النيابة العامة عن الإمام الحجة المنتظر(عج)، وطاعة المرجعية واتباعها من طاعة الإمام(ع)... وقد ورد في أحاديث أهل البيت(ع) تأكيد كبير على إتباع الفقهاء، في حياتنا السياسية والاجتماعية ... إن هذا الموقع يمثّل امتداداً لمواقع أهل البيت(ع) وإمامتهم ـ بالنيابة العامة ـ وعلينا نحن أن نحفظ هذا التراث العظيم في حياتنا السياسية، ونستثمره في مسيرتنا الاجتماعية، ونحميه ونحتمي به.

          التعدّدية السياسية:
          إن اتّباع المرجعية، والاهتداء بهديها يحفظ لنا وحدة مواقعنا السياسية من التشرذم والتشتّت... ونحن لا نرفض حالة التعددية السياسية، فهي جزء من الواقع العراقي. وقد ألفناها، وعادت جزءاً من حياتنا السياسية شئنا أو أبينا، ولكن(التعددية) المقبولة تنحصر في دائرة الرأي، وليس القرار والموقف.
          ولكل مجموعة، ولكلّ شخص أن يتبنّى رأياً وفهماً سياسياً معيناً، ولكلّ مجموعة أو فرد أن يمارس في الساحة العمل السياسي في دائرة اختصاصه، وإمكاناته، ولكن ليس من حق أية فئة أن ينفرد عن الأمة بالقرار أو الموقف السياسي.
          فإنّ تعددية الرأي تؤدي إلى التراشد في الرأي، والتكامل في الرأي والعمل، وأما التعددية في الموقف والقرار فيؤدي إلى تشتت الموقف وتمزق القرار ، وهو اضرّ شيء في حركة الأمة السياسية.

          المرجعية لتوحيد القرار والموقف:
          والمرجعية في عقيدتنا، هي النائبة عن الإمام المهدي(عج) في عصر الغيبة، في توحيد القرار والموقف، وتوجيههما في قضايا الأمة الكبرى، وفي بيان أحكام الله، وفي المحافظة على الشريعة ووحدة الأمة.
          وهذه الحرمة والقيمة العالية التي تمتلكها المرجعية اليوم في نفوس أتباع أهل البيت(ع) في العالم، لا تمتلكها جهة أخرى وليست من انجازات عصرنا، ولا العصر المتقدم على عصرنا، وإنّما هي من تراثنا التاريخي من عصر أهل البيت(ع)، ورثناه، وتبنّيناه، وعمّقناه، ولكن لم نؤسسه، وإنّما أسّسه أهل البيت(ع)، ويدخل في تكوينه ثلاث عوامل أساسية:

          1 ـ تأييد الله تعالى وتسديده لهذه المؤسسة الدينية.
          2 ـ تعليمات أهل البيت(ع) في طاعة الفقهاء واتباعهم.
          3 ـ نظافة، وسلامة تاريخ هذه المؤسسة خلال العصور الطويلة في الحركة وسط الناس.


          وعلينا نحن أن نحافظ على هذا الميراث الاجتماعي والسياسي والحضاري والثقافي الذي ورثناه من أهل البيت(ع)، ولا نفرط فيه، وعلينا تأييده، ودعمه، والوقوف إلى جانبه في خضمّ الأحداث المتضاربة، وتقديم النصح له (النقد البناء) وتمكينه من أداء رسالته التاريخية.
          وتتحمّل الحركات الإسلامية مسؤولية كبيرة في إسناد المرجعية وتقديم النصح لها، والوقوف إلى جانبها، فهي الأذرع التنظيمية، المتغلغلة داخل الأمة، ولذلك فهي تتحمّل مسؤولية دعوة الناس إلى الاحتفاف بالمرجعية الدينية والوقوف إلى جانبها، والتضامن معها في الموقف والقرار السياسيين.
          كما إنّ علينا الوعي والدقّة والحذر في تشخيص المرجعية، لئلاّ تختلط علينا المصاديق، وتلتبس عندنا الأمور، فنفقد التشخيص الواعي الصحيح للمرجعية الراشدة الصالحة، فإنّ أخطار هذا الالتباس وأضراره على الأمة كثيرة.
          ومن المقاييس الصحيحة للتشخيص: الاسترشاد بآراء الفقهاء المعروفين في أوساط الناس بالتقوى والعلم، كما إن من هذه المقاييس الاستقامة والسداد في السلوك السياسي والاجتماعي والديني لمرجع التقليد، واشتهاره بين أهل العلم بالفقاهة والتقوى، ومن هذه المقاييس شيوع الاتّباع والتقليد له في أوساط جمهور المؤمنين الواعين، فإن الله تعالى يحصّن هذا الجمهور من الالتباس، إن شاء الله.

          تعليق


          • #6
            10 ـ الشعائر الحسينية:
            الشعائر الحسينية (الهيئات والمجالس والزيارات الحسينية) تظاهرة اجتماعية كبيرة وواسعة، تستقطب عشرات الملايين من الناس في أقطار الأرض في ثلاث مشاهد:

            1 ـ المجالس الحسينية.
            2 ـ المواكب والهيئات الحسينية (المسيرات).
            3 ـ الزيارات العامة والمخصوصة.

            وتمتلك هذه الشعائر الثلاثة جاذبية غير اعتيادية في اجتذاب الناس واستقطابهم.
            ولا نعرف في الإسلام شعاراً، يمتلك هذه الدرجة من القوة في اجتذاب الملايين (غير الصلاة) و(الحج).
            وهذه ظاهرة دينية اجتماعية فريدة في بابها، يتدفق ـ في إطارها ـ حشود المؤمنين في ذكرى عاشوراء والأربعين، للمشاركة في (المجالس الحسينية) و(المواكب والمسيرات الحسينية) في أرجاء المعمورة، في القارّات الخمسة.
            ويقصد الناس في مواسم الزيارات المخصوصة، (زيارة الحسين(ع)) في كربلاء مشياً على الأقدام في قوافل بشرية كبيرة، وفي أرتال من السيارات كأنها أنهار متدفقة بالبشر تصبّ عند الحائر الحسيني بالملايين.
            اللّهم إنّ هذا شيء لا يمكن أن يصنعه سلطان ولا مال ولا إعلام، كما لا يمكن أن يمنعه سلطان أو مال أو إعلام، وإنما هو أمر من أمرك ومشيئتك، خصصت به الحسين(ع) وشيعة الحسين(ع).

            الحضور المليوني الموجّه في الشعائر الحسينية:
            إنّ الظاهرة الحسينية تتألف من قضيتين:

            الحضور الجمهوري الحاشد لإقامة الشعائر الحسينية، وهذا هو العنصر الأول، والتوجيه الثقافي والحضاري والسياسي لهذا الحضور، وهو العنصر الثاني لهذه الظاهرة.

            وهذا التوجيه يحصل أولا من خلال المنبر الحسيني الذي يؤدي دوراً توجيهياً واسعاً في أوساط الجمهور الحسيني.
            وثانياً من خلال نصوص الزيارات الواردة عن أهل البيت(ع) الذي يتلوه الزائرون عند زيارة الحسين(ع)، وهي نصوص غنية بثقافة التوحيد والثقافة المناهضة للظلم والعدوان ، وثقافة الولاء والبراءة، والانتماء إلى الصادقين، أئمة الحق، ومقاطعة الظالمين ومقارعتهم، وثقافة إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
            وثالثاً من خلال الشعارات التي يردّدها هذا الجمهور في المسيرات والمواكب الحاشدة أيام المناسبة.
            والدور التثقيفي للمنبر الحسيني لا يقتصر على أيام المناسبة، فهو عامر بالتوجيه على امتداد أيام السنة.
            ويحقق أمرين هامّين: وهما التعبئة والتحشيد المليوني للجمهور من دون الحاجة إلى أي جهد إعلامي يذكر، ثم التوجيه السياسي والثقافي الذي ينظم ويوجّه حركة هذه التظاهرة البشريّة الحاشدة وفكرها ومطالباتها وثقافتها.
            وهذا أعظم شيء في هذه التظاهرة يخيف الطغاة وأزلامهم. فإن حضور الجمهور لا يخيفهم إذا كان حضوراً غوغائياً غير موجّه.
            أما إذا كان الحضور موجّهاً لصالح أئمة الحق والدفاع عنهم، والنيل من أئمة الظلم والتشهير بهم وفضحهم. وكان خطاب هذا الحضور الدعوة إلى العدل والقسط، ومقارعة الظلم، والدعوة إلى القيم، ومكافحة أضداد القيم، وتقييم الصمود في وجه الظالمين، والشهادة في سبيل الله، وتقبيح الظلم والرضوخ للظالم، ورفض الاحتلال، ورفض النفوذ الاستكباري في بلاد المسلمين بكل أشكاله.
            أقول: إذا كان الحضور المليوني الذي يحتشد في المناسبات الحسينية بهذه المثابة من التوجيه، والتوعية، والتثقيف. فإنّ من الطبيعي أن يعتبره الطغاة خطراً حقيقياً يهدّد كيانهم وينذرهم بالسقوط وتمرّد الجمهور.
            والطغاة حساسون تجاه هذه الثقافة وهذا الوعي.
            ولذلك فإنهم يقاومون هذه الظاهرة، منذ حادث الطف إلى اليوم. ولقد سعى الطاغية ابن زياد إلى إخفاء قبر الحسين(ع) ولكن لم يتمكن من ذلك وسعى خلفاء بني أمية ثم بني العباس إلى منع الناس من زيارة قبر الحسين(ع) ففشلوا، واضطر الطاغية المتوكل العباسي وقبله هارون العباسي إلى حرث القبر الشريف وسقيه للزراعة، فحار الماء حول الحائر الحسيني ... وهكذا كادوا بالحق، وكاد الله بهم، ومكروا للقضاء على نداء التوحيد والعدل الذي رفعه الحسين(ع)، ومكر الله بهم ... ولقد كانوا يقطعون الأكفّ من الأيدي في زيارة الحسين(ع)، فيقدم الناس أكفهم، لئلاّ يندثر ذكر الحسين(ع)، وليورثوا أبناءهم ما ورثوا من آبائهم من إقامة الشعائر الحسينية ... ولقد شاهدنا قريباً كيف كان طاغية العراق صدّام وأزلامه يخافون، ويتوجسون من حركة المشاة إلى كربلاء، وإقبال الشباب على زيارة الحسين(ع) ويمنعونهم من السير مشياً إلى زيارة الحسين(ع) ويضعون الرقباء ورجال الأمن على الطرق الموصلة إلى كربلاء... وكان الجمهور يتحدّى الطاغية بزيارة الحسين(ع) وإقامة عزائه والمشاركة في مسيرات العزاء والشعائر الحسينية (المنبر، الزيارات، المسيرات).

            الخطاب المزدوج للمنبر الحسيني:
            إنّ لعاشوراء خطاباً مزدوجاً للناس، وهما مأساة الحسين(ع)، أولاً وهي جزء لا يتجزأ من هذه الشعائر، ولابد من المحافظة عليها، وهي التي تقوّم الجزء الآخر من الخطاب.
            والجزء الثاني من الخطاب، الجانب الثقافي من نهضة الحسين(ع) ورسالته إلى المسلمين، للقضاء على الطغاة، وتحرير العالم الإسلامي من طغيانهم، وظلمهم، وإفسادهم، ودعوة المسلمين إلى الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، والخروج على الظالم، ومجاهدته.
            وقد خطب الحسين(ع) في منزل البيضة فقال: (أيها الناس: إن رسول الله(ص) قال: من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله، تاركاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله(ص) يعمل في عباده بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وأن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله، وحرّموا حلال الله، وأنا أحقّ من غيّر).
            وهذه هي رسالة الحسين(ع) إلى المسلمين في عصره، وفي العصور التي تلي عصره، وفي عصرنا، ولا يزال نداء الاستنصار الحسيني قائماً في المسلمين، يدعو المسلمين إلى نصرة دين الله، والدفاع عن شريعته، ومجاهدة الظالمين، ونصرة المظلومين والمستضعفين.
            وهذا هو الجزء الذي يجب أن يحمله المنبر الحسيني، وتتضمّنه الشعائر الحسينية في عصرنا، إلى جانب البعد المأساوي لحادث الطفّ.

            رسالة الشعائر الحسينية:
            إن رسالة الشعائر الحسينية في حياة المسلمين هي تثقيف المسلمين بثقافة التوحيد، والثورة، والخروج على الظالمين، ومقاطعتهم، وثقافة الرفض، والمقاومة، والمقاطعة، والصمود، والولاء والبراءة من الظالمين ...
            هذه صورة عن واقع الشعائر الحسينية ودورها في حياتنا وثقافتنا السياسية والجهادية وأما مسؤوليتنا تجاه الشعائر الحسينية فهي:

            1 ـ المحافظة على هذا الميراث الثقافي والحضاري العظيم وتنشيطه، وتفعيله، وإسناده، والمساهمة فيه، والبذل والإنفاق لإقامته.

            2 ـ المحافظة على سلامة الأداء في حدود التعليمات الواردة من أهل البيت(ع) في إقامة الشعائر الحسينية، وتهذيب هذه الشعائر عما لا يرضى به أهل البيت(ع)، وعمّا يؤدي إلى وهن المذهب والطائفة لدى الرأي العام، ولا نعرف له سنداً أو أصلاً فقهياً صحيحاً في أحاديث أهل البيت(ع).

            3 ـ إثراء الشعائر الحسينية بالثقافة الإسلامية الأصيلة في التوحيد والإيمان، والجهاد والهجرة، ومقاومة المظلومين، والولاء والبراءة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وعدم الركون إلى الظالمين، ونصرة الحق، ونبذ الباطل ...


            وتقع مثل هذه المسؤولية على عهدة المنبر الحسيني.

            تعليق


            • #7
              11 ـ تفعيل الدور الزينبي للمرأة المسلمة في ساحتنا المعاصرة:
              لقد نهضت المرأة في واقعة الطف ـ بالشطر الثاني من ثورة الحسين(ع) ... وهذا الشطر هو القيام بإعلان الخطاب الحسيني إلى المسلمين... فقد كان همّ طاغية الشام وطاغية الكوفة القضاء التام على الخطاب الحسيني، بعد أن تسنّى لهم القضاء على الشهداء وسيد الشهداء في كربلاء، يوم عاشوراء.
              ولكن جهودهم باءت بالفشل الذريع.
              فتقدّمن النساء اللائي واكبن الركب الحسيني بعد يوم عاشوراء للقيام بإبلاغ الخطاب الحسيني إلى جماهير المسلمين، وفي مقدّمتهن زينب بنت علي(ع)، بطلة كربلاء، وأخوات الحسين وبناته، وأدت بطلة كربلاء هذا الدور أفضل أداء في الكوفة، وفي الشام في قصر الطاغية ، وأفشلت بخطابها الذي هزّ الكوفة والشام يومئذ كل مخططات بني أمية.
              لقد شاركت المرأة مشاركة فعالة في هذه الملحمة المأساوية الكبيرة في التاريخ. ولولا الدور الذي نهضت به بطلة كربلاء(ع) وبنات علي وبنات الحسين وزوجاته وسائر النساء المرافقات لركب الحسين(ع) ... لم يكن لعاشوراء هذا الدور العظيم في تاريخ الإسلام.
              إن المرأة المسلمة اليوم تُحبّ ان تعرف موقعها من عاشوراء، وعلى المنبر الحسيني إبراز هذا الدور العظيم للمرأة في مشاهد الطفّ بشكل بارز.
              ولست اُغالي إذا قلت أنّ الشطر الثاني من نهضة الحسين(ع) حَفَظ الشطر الأول من هذه النهضة ... وكان للمرأة الدور الأكبر في الشطر الثاني من نهضة الحسين(ع).
              إن نساءً من أمثال بطلة كربلاء زينب(ع)، ورباب، وسكينة، وأم كلثوم، وأم البنين، وفاطمة بنت الحسين (رضوان الله عليهن)، وطوعة، ودلهم، وأم وهب بنت عبد، التي حظيت بالشهادة في كربلاء، وجارية مسلم بن عوسجة، وأم عمرو بن جنادة، وأم عبد الله الرضيع، ونساء بني أسد، ونساء من المعسكر الآخر رفضن أزواجهن، وقاطعنهم، وتبرأن منهم مثل زوجة خولّي التي جاء زوجها إلى بيتها برأس الحسين(ع)، فشتمته، وقاطعته وتبرأت منه، وزوجة كعب بن جابر التي صرخت في وجه زوجها (أعنتَ على قتل ابن فاطمة، وقتلت سيد القراء .. لقد أتيت أمراً عظيماً)، والغيورة الشجاعة من عشيرة بكر بن وائل التي رفعت عمود الخيمة لتدافع عن حرم الحسين بعد مصرع الحسين(ع) وأنصاره، وعشرات من أمثالهن ...
              أقول: إن نساءً من أمثالهن حفظن ثورة الحسين من أن يطمرها الإعلام الأموي الغاشم، ووقفن شامخات مع أبطال كربلاء في الدفاع عن دين الله وذرية رسول الله(ص) وحريم الإسلام
              والمرأة المسلمة المعاصرة في ظروف الصراع بين الإسلام والكفر، بحاجة إلى أن تعرف موقعها من نهضة الحسين(ع) لتواصل مسيرتها على هذا الخط.
              ونحن اليوم بحاجة شديدة إلى استعادة الدور الزينبي للمرأة المسلمة المعاصرة في ساحتنا، في صراعنا مع الظالمين، والطغاة، والمخربين، وحملة الإرهاب والاحتلال.
              إنّ حضور المرأة في الساحة، وقيامها بمسؤولياتها الثقافية والسياسية والحركية الإنسانية والعلمية... ركن أساسي من أركان مشروعنا السياسي الثقافي... ومن دون الحضور الواسع والفاعل والواعي للمرأة، لا يكتمل مشروعنا السياسي الثقافي.
              إنّ شطراً كبيراً من الخطاب الحسيني في عاشوراء، تحمّلته المرأة في كربلاء، وهذه المسؤولية انتقلت من نساء كربلاء من جيل إلى جيل إلى المرأة المسلمة المعاصرة التي تنهض اليوم بمسؤولية هذا الخطاب في واقعنا السياسي والحضاري.
              وليس في الإسلام تجاه السلوك الميداني والاجتماعي والثقافي والسياسي للمرأة إلا كلمتين نَبْقى نُصِرّ عليهما في كلّ الظروف.
              وهاتان الكلمتان: أن لا تفرّط المرأة في حركتها وعملها في حدّ من الحدود التي ألزمها الله تعالى بها في الحجاب والعفاف.
              والكلمة الثانية: أن لا تفرّط المرأة في سلامة الأسرة.

              فإن الأسرة اللبنة الاجتماعية الأساس التي يقوم عليها المجتمع، فإذا تصدّعت الأسرة، فإن المجتمع الذي يقوم على هذا الأساس سوف يتعرض لأخطار حقيقية في مقوماته الحضارية ... وهذه الأخطار هي التي تهدد اليوم الكيان الحضاري للغرب بالسقوط. وليس السقوط عنهم ببعيد، كما سقطت حضارة الإلحاد من قبلهم في الاتحاد السوفيتي.
              والأمر على العكس تماماً، فإنّ هاتين الكلمتين يعطيان قوة لشخصية المرأة في مشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية والعلمية والإنسانية، والتجارب المعاصرة الكثيرة في إيران والعراق ولبنان ومصر وتركيا وبلاد الخليج وغيرها من أقاليم العالم الإسلامي ... تؤيد هذه الحقيقة.
              ولن يكون هذا ولا ذاك سبباً لتغييب دور المرأة المؤمنة الملتزمة من المشاركة في الحياة الثقافية والسياسية والعلمية.
              فمن الممكن أن تشارك المرأة في الحياة السياسية، والحركية، والثقافية، والعلمية، والإعلامية، والمهنية (من قبيل الطب) والفنّية، وهي تحافظ على كامل الحدود الإلهية في حجابها، وعفافها، ووقارها الأنثوي، وفي نفس الوقت تعطي لبيتها، وزوجها، وأولادها حقّهم من الرعاية الواجبة.. ولنا على ذلك أمثلة وشواهد كثيرة، إذا شاءت المرأة أن تنظّم أوقاتها فلن يكون هذا ولا ذاك سبباً لتعطيل طاقات المرأة.
              وإنّما السبب الحقيقي يعود إلى أمر آخر يعرفه الناس غالباً، وهو أن الأنظمة الفاسدة التي كانت تتعاقب على بلادنا تعمد إلى حجب المرأة المسلمة الملتزمة عن المشاركة في ساحات الحياة الواسعة، وتفسح المجال للمرأة غير الملتزمة في الوزارات، والصحافة، والتلفزيون، والإذاعة، والمؤتمرات، بل حتى الجامعات بشكل واضح ومقصود.
              ولست أدري ماذا في حجاب المرأة ووقارها، يخيف هؤلاء.
              ويعجب الإنسان عندما يقف على مشاهد محسوسة من هذا التوجس والخوف الشديد من قطعة الحجاب التي تحجب شعر المرأة.
              فلا يملك الإنسان نفسه من العجب وهو يرى أن النظام التركي السابق العلماني يقف عاجزاً مهزوماً أمام النائبة التركية البطلة السيدة قاووقجي التي أصرّت على أن تدخل البرلمان التركي بحجابها، فيتحمل حكّام تركيا هذا العار الذي ليس من بعده عار، ويحولون بينها وبين الدخول في البرلمان، ويسقطون جنسيتها التركية حتى لا يدخل الحجاب البرلمان التركي.
              فيا ترى ما هو السبب في كل هذا الرعب الذي يدخل نفوسهم من حجاب امرأة فقط؟!
              ويملك الإنسان العجب من هذا التصرف الغريب الذي يقوم به نظام أوروبي عتيد مثل (فرنسا) حاملة راية الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان في الغرب!! تجاه عدد من الفتيات المسلمات المراهقات يردن الدخول إلى مدارسهن بحجابهن، وتقوم قيامة الدولة الأوروبية العتيدة، ولا يقرّ لها قرار، حتى تصدر منعاً قانونياً يشرّعه البرلمان الفرنسي (مهد الحريات وحقوق الإنسان!) لا يحقّ لهن بموجب ذلك الدخول إلى مدارسهن إلاّ بنزع الحجاب.
              والكثير من الأنظمة التي تحكم بلادنا، ولا تزال، امتداداً لتلك الأنظمة، يزعجهم الحجاب، وتخيفهم المرأة الملتزمة، فيحولون بينها وبين المشاركة الواسعة في ساحات الحياة، ويملأون هذا الفراغ الكبير بالمرأة غير الملتزمة، وهي غير مؤهّلة لأن تبرز الوجه القوي والصامد والمبدع للمرأة، عندنا.
              لقد عانت المرأة المسلمة في فترة النظام البعثي الفاسد من ظلم كثير، وتحمّلت هذا الظلم في المهاجر، وهي مهاجرة إليها بلا وثيقة وهوية قانونية، وفي السجون، بلا حرية، وفي بيوتهم بلا أمان وكرامة ... مع الرجل جنبا إلى جنب، تحمّلت معه ما تحمّل، وصمدت معه كما صمد ...
              إنّ فترة المحنة الطويلة في الداخل، وفي الخارج أكسبت المرأة المسلمة العراقية الكثير من المواهب، والكفاءات، والقدرات، والوعي، والخبرة.
              إنّ المحنة مُرّة وليس أمرّ منها، ولكن ثمراتها القريبة والبعيدة طيبة ومباركة.
              والمرأة العراقية خرجت من المحنة، شامخة مرفوعة الرأس، قد زادتها المحنة الطويلة إيماناً على إيمانا على إيمانها، وكفاءة على كفاءتها، وصرامة وصموداً على صمودها، وقوة على قوتها، ووعياً على وعيها، واعتزازاً بشخصيتها.
              وهي الآن تدخل الحياة من أوسع الأبواب بعد أن انتهت فترة المحنة، بكامل شخصيتها الإسلامية.
              وسوف تعود بنت الهدى وتلميذاتها من خلالهن إلى ساحات الحياة الرحبة، مشاركات، عاملات، متحمّلات لمسؤولياتهن الصعبة، بكل صبر وجَلَد، وسعة صدر، وإخلاص، وإيمان، وسوف يرى الناس جميعاً إن الإسلام وأعرافنا الاجتماعية المشتقة من الإسلام يحصّنان المرأة ولا يعطّلانها، ولا يحجبانها من المشاركة الفعّالة في الحياة. وإنّي لأسمع أحياناً من خلال التلفزيون إلى خطاب المرأة المعاصرة في البرلمان، وقدرتها على التحليل السياسي، ووعيها، وهي تحتفظ بكامل حجابها، فأشعر باعتزاز، وأشعر أنّ الله تعالى قد حقّق لنا ما وعدنا من النصر والتأييد، بعد أيام غربة الإسلام الطويلة، أكثر مما كنا نتصوره بكثير.


              والحمد لله رب العالمين

              تعليق


              • #8
                بسم الله الرحمن الرحيم
                :
                طبع هذا المقال بخمسين الف نسخة
                وسيوزع ان شاء الله تعالى
                على زوار الحسين عليه السلام من المشاة
                في محور طريق المشاة من
                بغداد ـ كربلاء
                البصرة ـ كربلاء
                الحلة ـ كربلاء
                النجف ـ كربلاء
                وفي كربلاء
                :
                والملف مرفق لمن اراد المساهمة بالطباعة والنشر
                وانما قدمناه في هذه الايام حتى يستعد للزيارة
                او المشاركة من رغب بذلك
                والحمد لله رب العالمين
                وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
                الملفات المرفقة

                تعليق


                • #9
                  بارك الله في مساعيكم

                  تعليق


                  • #10
                    مشكور اخي الكريم موضوع قيم

                    تعليق


                    • #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة alyatem
                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      :
                      طبع هذا المقال بخمسين الف نسخة
                      وسيوزع ان شاء الله تعالى
                      على زوار الحسين عليه السلام من المشاة
                      في محور طريق المشاة من
                      بغداد ـ كربلاء
                      البصرة ـ كربلاء
                      الحلة ـ كربلاء
                      النجف ـ كربلاء
                      وفي كربلاء
                      :
                      والملف مرفق لمن اراد المساهمة بالطباعة والنشر
                      وانما قدمناه في هذه الايام حتى يستعد للزيارة
                      او المشاركة من رغب بذلك
                      والحمد لله رب العالمين
                      وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
                      كان هذا العام الماضي
                      نسألكم الدعاء

                      تعليق


                      • #12
                        لبيك داعي الله
                        ان لم يجبك بدني عند استغاثتك
                        ولساني عند استنصارك
                        فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري

                        تعليق


                        • #13
                          ملخص وصايا حضرة آية الله العظمى الوحيد الخراساني (دامت بركاته) لجميع اهل الولاية والايمان في مولد صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه) :



                          - المواظبة على اداء الفرائض اليومية في اوقاتها .
                          - الاكثار من تلاوة القرآن الكريم واهدائه الى صاحب العصر .
                          - تجمع المؤمنين ليلة النصف من شعبان والدعاء والتوسل الجماعي المشترك .
                          - قراءة دعاء الفرج (اللهم كن لوليك) وكذلك (الهي عظم البلاء وبرح الخفاء) راس الساعة 11 ليلا من ليلة النصف .
                          - قبل ذلك تلاوة سورة (يس) واهدائها اليه .
                          - وكذلك قراءة زيارة (آل ياسين) ايضا .

                          تعليق

                          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                          حفظ-تلقائي
                          x

                          رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                          صورة التسجيل تحديث الصورة

                          اقرأ في منتديات يا حسين

                          تقليص

                          لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                          يعمل...
                          X