إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

بين يدي المرجع

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بين يدي المرجع

    بين يدي المرجع

    الليلة الأولى


    في ليالي شهر رمضان المبارك يتوافد العلماء والفضلاء وطلاب الحوزة العلمية ومختلف الشخصيات وعامة المؤمنين على بيت المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في مدينة قم المقدسة.
    وخلال لقائهم بسماحة السيد يدور الحديث حول المباحث العلمية والمسائل الفقهية والتاريخية والثقافية، إضافة إلى ما يتفضل به سماحته من وصايا و توجيهات.

    هلّ هلال الشهر المبارك وقد كان طلاّب الفضيلة والعلم يحسبون اللحظات ليوافيهم هذا الشهر المبارك ويتجدّد لقاءهم ببحث ليالي الشهر المبارك الذي يتم بحضور من المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله. فاجتمعوا في بيته المتواضع، فرحّب سماحته بهم وبارك لهم حضور هذا الشهر العظيم، ودعا لهم وللجميع بالتوفيق والتقوى.


    ثم استعدّ للإجابة على أسئلة الفضلاء والحضور ومناقشتها معهم، فكان أصل البحث العلمي في الجلسة الأولى من شهر رمضان المبارك حول اختلاف الافق وطول النهار في بعض البلدان والمناطق كالبلاد الأوروبية، وكيفية الصوم في تلك النقاط من العالم. فسأل أحد الفضلاء من سماحة المرجع الشيرازي دام ظله قائلاً:


    يكون النهار في بعض البلاد طويلاً، خصوصاً في فصل الصيف حيث يكون طول النهار 21 ساعة أو أكثر، فكيف يصوم أهل تلك البلاد؟

    أجاب سماحته: في البلاد التي يكون فيها النهار غير متعارف كما إذا كان أكثر من 18 ساعة فإن أهل تلك البلاد يصومون حسب أفق البلاد المتعارفة مثل العراق أو إيران. وذلك بأن يصوموا حسب فجرهم ويفطروا بعد مضي ساعات نهار كربلاء المقدسة ـ مثلاً ـ وإنّما حدّدناه بأن يكون أكثر من 18 ساعة، لأن النهار المتعارف في البلاد المتعارفة قد يصل ساعات النهار فيها إلى ما يقرب من 18 ساعة.

    وسئل سماحته: لماذا خصّصتم غير المتعارف بكونه أكثر من 18 ساعة؟
    قال سماحته:
    إنّ منشأ الخلاف هو: هل ان موضوعات الأحكام لها إطلاق، وهل تشمل المتعارف وغير المتعارف، أم تخصّ المتعارف فقط؟ على سبيل المثال: قوله تعالى: «أَتِمُّواْ الصِّيامَ إِلَي الَّليلِ»، فهل المقصود إدامة الصيام إلى الليل، وهو كل نهار وكل يوم متعارف أم غير متعارف، أم أنه يشمل المتعارف فقط؟
    وما الحكم في بعض مناطق الكرة الأرضية التي تكون ستة أشهر فيها نهاراً، وستة أشهر ليلاً؟



    أو بالعكس، فإن في بعض المناطق يكون النهار فيها في فصل الشتاء ثلاث أو أربع ساعات، فهل يصوم أهل تلك المناطق ثلاث أو أربع ساعات فقط؟ إنه لأمر مضحك أن يصوم الإنسان ثلاث أو أربع ساعات في اليوم فقط، فإنه مخالف لحكمة الصوم، فإن بعض الراويات تقول: «جعل الصيام ليتحسّس الغني بجوع الفقير وعطشه».
    فلا بد من أن يكون المقصود من النهار هو المتعارف، لا الطويل جدّاً ولا القصير جدّاً، وقد اتفق الفقهاء جميعاً على ان الاحكام كلّها مترتبة على الأمور المتعارفة، فتقدير الكرّ بالشبر، والنزح بالدلو يعني: الشبر المتعارف، والدلو المتعارف، وهكذا.
    وعليه:
    فإن الأصل العام هو المتعارف، لأن الناس سيقعون في الحرج إذا طالت مدّة الصيام إلى 21 ساعة. وحتى أهل تلك المناطق يعلمون أن هكذا مدة (21 ساعة) هي مدّة غير متعارفة، لأن طول النهار في تلك المناطق في بعض فصول السنة يكون أربع ساعات، وأحياناً عشر ساعات. ولكن في البلاد المتعارفة يصل طول النهار أحياناً إلى ما يقرب من 18 ساعة.

    وسئل سماحته: لماذا يجب أن يكون بداية الصيام في تلك المناطق من أول فجر المناطق ذاتها؟
    أجاب سماحته:
    قال الله تعالى في كتابه الكريم: «كلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتّى يتَبَينَ لَکُمُ الْخَيطُ الأَبْيضُ مِنَ الْخَيطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ». فلا شكال أن يكون الإمساك من بداية النهار ومن أول الفجر، لأن الفجر يعني النور الذي يشع باقتراب الشمس من الأفق، وهذا العنوان حاله كحال «الغروب» لا يعدّ غير متعارف، وأما «اليوم» فهو غير المتعارف وكذلك «الليل».

    وعقّب سماحته موضّحاً أيضاً: إن الأدلة كقوله تعالى: «أَتِمُّواْ الصِّيامَ إِلَي الَّليلِ» منصرفة إلى اليوم والنهار الكامل المتعارف. ولذلك إن كان طول النهار 19 أو 20 ساعة فسيكون غير متعارف، وفي غير المتعارف يجب أن يكون الصيام بالمقدار المتعارف. وخلاصة القول: هنا مسألتان:
    الأولى:
    في الصيام متى يجب الرجوع إلى النهار المتعارف؟
    الجواب:
    عندما يكون النهار غير متعارف، أي إذا كان النهار ثلاث أو أربع ساعات، أو بالعكس بأن كان النهار أكثر من 18 ساعة كما لو كان 21 ساعة أو أكثر، يعني ان المناطق التي يكون النهار فيها الآن 21 ساعة، ففي فصل الشتاء يكون النهار ثلاث ساعات، بحيث إن الشمس لا ترتفع حتى إلى وسط السماء، وتشرق من زاوية، وبمجرد أن ترتفع قليلاً تغرب من زاوية اُخرى قريبة لزاوية طلوعها.

    الثانية: في المناطق التي يكون النهار فيها غير متعارف، كم ساعة يجب أن يكون الصيام؟
    الجواب:
    يشرع بالصيام من فجر تلك المناطق وبمقدار ساعات نهار إحدى المدن الإيرانية أو العراقية أو مدن الحجاز. لنفرض أن مدّة صيام أهل المناطق التي يكون النهار فيها متعارفاً هو 15 أو 16 أو 17 ساعة، فيكون الصوم بحسب طلوع فجرهم من حيث الإمساك بأن يمسك قبله ولكن يفطر بعد مضي تلك الساعات، مخيّراً بينها بأن يختار ساعات يوم كربلاء المقدّسة ـ مثلاً ـ .

    وأردف سماحته: كان لي حديث مع أحد المرحومين من المراجع، قبل وصوله للمرجعية، بأنه: ما الحيلة في الأيام التي يكون النهار فيها ثلاث أو أربع ساعات؟ فقال: علينا أن نصوم تلك الثلاث أو الأربع ساعات. قلت له: أليس مضحكاً أن يقال لكم أمسكوا عن المفطرات لمدّة ثلاث ساعات أو أربع؟ وكون هذا الأمر مضحكاً يعني أنه غير متعارف.
    وانبرى أحد الفضلاء وسأل من سماحة المرجع الشيرازي دام ظله قائلاً:
    بما إن الإسلام هو دين عالمي، ودين لكل الأزمنة وإلى يوم القيامة، لكنه لا توجد آية أو رواية تشير إلى ذلك، كما إن الفقهاء قد اختلفوا في هذا المجال؟

    أجاب سماحته: أولاً: لم تكن هذه المسألة حينها محل ابتلاء.
    وثانياً:
    جاء في الروايات الشريفة عن أهل البيت صلوات الله عليهم: «علينا إلقاء الأصول وعليکم التفريع»، وإن اختلاف فتاوى الفقهاء هو في اختلاف استظهارهم منها، والاختلاف مسألة طبيعية، كمسألة اختلاف الأطباء في بعض المسائل الواضحة. وقد أرجع الفقهاء الاختلاف إذا كان مرتبطاً بالموضوعات الخارجية في أي مورد كان، أرجعوه إلى المتعارف. فعلى سبيل المثال: تكرّر في «الجواهر» كلمة : «عرفاً» أو «المتعارف» كثيراً، ولكن لم يوجد في الروايات الشريفة أثر لها.
    وسئل سماحته:
    هل من باب الاضطرار ومن جهة العسر والحرج نقول بأنه: يكون ساعات الصيام في المناطق التي نهارها أكثر من 18 ساعة حسب ساعات نهار البلاد المتعارفة؟
    أجاب سماحته قائلاً:
    كلا، لم نقل ذلك من باب الاضطرار ولا من جهة العسر والحرج، لأنه في الموارد المشابهة لمورد بحثنا، مثل:«الشِبر» نقول بأن الملاك هو المتعارف أيضاً، في حين اننا في هذا المورد لسنا مجبرين ولم يكن هناك اضطرار ولا حرج.
    مثال آخر:

    جاء في الأدلة بأنه على الإنسان أن يغسل في الوضوء وجهه من قصاص الشعر إلى الذقن ومادارت عليه الإبهام الوسطى. فإذا كان الشخص «اَغَم» أو «أصلع»، وهما موردان لم يرد ذكرهما في الأدلة، فإن الفقهاء يقولون: يغسل وجهه بالمتعارف عليه. مع ان الدليل يقول: «قصاص الشعر» وهو مطلق ولكن لا يشمله الإطلاق، وإنما يجب عليه أن يغسل وجهه بالمقدار المتعارف، لأن الخطاب ملقى إلى العرف، فيكون قصاص الشعر العرفي هو الملاك، وذلك لأن نسبة «الاَغَم أو الأصلع» في الناس لا تتجاوز العشرة أو العشرين بالمائة، وهذا الملاك يكون لجميع الموارد.
    وكذلك الفاصلة بين اصبعي الإبهام والوسطى في غسل الوجه، فإنها الفاصلة المتعارفة، فإذا كانت تلك الفاصلة عند شخص ما كبيرة بحيث تخرج من نطاق اُذنيه، فلا يلزم عليه أن يغسل وجهه بمقدار هذه الفاصلة غير المتعارفة، وكذلك العكس بأن كانت الفاصلة عند شخص ما قليلة بحيث لا تتجاوز وجنتيه، فإنه يجب عليه غسل الوجه بالفاصلة المتعارفة، هذا مع انه ورد في الروايات الشريفة: «ما دارت عليه الإبهام والوسطى» ولكن لا نعمل بهذا الإطلاق، ونقول بأنه يعمل بالمتعارف عليه.
    وأضاف سماحته:
    لقد أشكل أحد العلماء الأعلام على مثل هذه الفتيا وقال أن هذه الفتيا خلاف الإرتكاز. فقلت في جواب إشكاله: ليست خلاف الإرتكاز، بل هي غير مأنوسة، وعدم الاُنس بها إنما هو لأجل أنه لم تطرح هذه المسألة من قبل، أو لم يكن لها مصاديق، لذا فهي غير مأنوسة، وليست بخلاف الإرتكاز، لأن الإرتكاز يكون في مورد يكون عندنا إرتكاز على خلافه.
    وسأل أحد الفضلاء الحضور من سماحة المرجع الشيرازي وقال:
    قد يكون سبب تعجّبنا أو استغرابنا من القول بصيام ثلاث أو أربع ساعات في المناطق التي يكون النهار فيها ثلاث أو أربع ساعات، هو لأننا لم نأنس ذلك، فلو أن هذا القول كان هو جواب رسول الله صلى الله عليه وآله لمن استفسر عن ذلك لكان متعارفاً؟
    أجاب سماحته:
    الصوم أوجبه الله تعالى علينا في النهار، والنهار من حيث عدد الساعات مختلف على ثلاثة أقسام، وشمول الإطلاق لكل هذه الأقسام الثلاثة غير متعارف.
    وسأل آخر:
    هل الملاك للوقت المتعارف هو وقتنا وزمننا، أو المتعارف في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله؟
    أجاب سماحته قائلاً:
    الملاك هو النهار المتعارف، وليس النهار في زمن المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.
    وسأل آخر:
    إذا جاء زمن صارت فيه أيدي الناس كبيرة وصار «الشِبر» كبيراً، أي أكبر من المعهود في زمننا، فما هو الواجب؟
    أجاب سماحته:
    إن أصبح المتعارف هو الشبر الكبير فيجب العمل بالمتعارف، لأن الملاك هو المتعارف.
    وسأل أحد الفضلاء الحضور قائلاً: ماذا سيكون المتعارف بالنسبة إلى الصلاة في المناطق التي يكون النهار فيها ستة أشهر، والليل ستة أشهر، هل سيكون المتعارف خلال السنة الواحدة هو الصلوات الخمس ليوم واحد؟
    قال سماحته:
    ذكر هذه المسألة في العروة ولم تطرح من قبل، ووافق عليه أكثر العلماء وقبلوا هذا القول من صاحب العروة، إلاّ اثنين حيث خالفا.
    واستمر السائل بقوله:
    كيف تكون الصلاة لمن يعيشون في هذه المناطق؟
    أجاب سماحته:
    يقيمون الصلاة حسب المناطق المتعارفة، أي يقسمون خمس صلوات على 24 ساعة، ولذلك فإنه لا يمكن عدّ اُفق تلك المناطق ملاكاً، ولا يشمله الإطلاق. ولذا قال بعض الفقهاء كالمرحوم الشيخ في مسألة رؤية الفجر، في قوله سبحانه: «حَتَّي يتَبَينَ لَکُمُ الْخَيطُ الأَبْيضُ مِنَ الْخَيطِ الأَسْوَدِ» أنه إذا كان لشخص ما عين غير متعارفة وقويّة كعين «زرقاء اليمامة» التي كانت ترى الشيء من بُعد أربعة فراسخ، فإن مثل هذا الشخص قد يرى الفجر قبل الجميع بنصف ساعة، فهل عليه أن يمسك قبل الجميع؟ أو يعمل بالمتعارف عليه؟ وكذلك إن كانت عين أحد الأشخاص ضعيفة، فهل يمسك بعد إمساك الجميع بنصف ساعة لأنه يرى الفجر بعد مرور نصف ساعة من رؤية باقي الناس، ولا أحد يسمح لنفسه أن يقول له: أمسك بعد إمساك الجميع، مع ان الآية الكريمة تقول: «حتى يتبيّن لكم»، وهذا الشخص من المسلمين ولم يتبيّن له. إلاّ أنه لم يقل له أحد من الفقهاء ذلك مما يعلم بأن هذا الملاك هو الذي عمل به الفقهاء جميعاً.
    وأضاف سماحته:
    دلوك الشمس يعني وصول الشمس إلى قمة الرأس، بينما في المناطق التي نهارها ثلاث أو أربع ساعات لا ترتفع الشمس فيها إلى قمة الرأس، بل الشمس بعد شروقها من زاوية ترتفع قليلاً وتغرب في زاوية اُخرى دون أن تصل إلى قمة الرأس، وفي بعض المناطق بعد أن تطلع الشمس ترتفع بمقدار قليل جدّاً وتتحرّك بين الآفاق وتغرب في الاُفق بنفس الزاوية، ولا ترتفع ولا تصل إلى وسط السماء، ويكون النهار الواحد في تلك المناطق بمدة ستة أشهر من شهورنا المتعارفة، وكذلك بالنسبة لليل في تلك المناطق فإنه يكون الليل الواحد بمقدار ستة أشهر فلا يكون لهم دلوك أصلاً، ومع هذا كله لم يقل الفقهاء: بما أنه لا يوجد دلوك فلا تجب عليهم الصلاة.
    وسأل أحد الفضلاء أيضاً:
    في المناطق التي نهارها 20 ساعة، فهل على أهل تلك المناطق أن يصلّوا فريضة المغرب أو العشاء مثلاً في النهار على أساس حساب المقدار المتعارف للمدن الاُخرى؟
    أجاب سماحته:
    هذا هو أصل بحثنا العلمي، ولكن في مقام الفتوا قد يوجد حل في بعض الموارد، وفي بعضها لا يوجد حلّ. وهناك حلّ بالنسبة إلى الصلاة وهو ان على من يعيش في الآفاق غير المتعارف نهارها أن يصلّوا بوقت الصلاة بحسب شروقهم وغروبهم حتى وان تأخر مثل صلاة المغرب والعشاء عن نهار البلاد المتعارفة، فإنه يجب عليهم أن يؤخّروا وقت أداء فريضتي المغرب والعشاء إلى ليلهم كي تطابق الوقت الشرعي مع اُفق بلدهم.
    إذن بما أن هذه الألفاظ منصرفة إلى المتعارف، فيجب العمل بالمتعارف. وإذا صار المتعارف هو الملاك، وكان باستطاعة الشخص أن يصوم 20 ساعة فإنه يجوز له أن يصوم النهار كله وهو الأحوط استحباباً.
    أما إذا لم نقل بذلك، فإنّ علينا أن نقبل أحد الأمرين التاليين اللذين قال به بعض:
    1ـ يجب عليهم الهجرة من تلك المناطق، ولا يجوز لهم البقاء فيها.
    2ـ أن نقول لهم لا تصوموا في مثل هذه الأيام، واقضوا ذلك في الأيام القصيرة.
    لكن كلا الأمرين فيهما إشكال واضح.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X