مقال بقلم الباحث محمد صادق الحسيني
وكالة فارس : مجرد ان يزور وفد ايراني برلماني – شعبي مصر ويلتقي رجالاتها في وقت تحرص فيه القيادة المصرية على عدم استقبال اي موفد صهيوني من تل ابيب فهو مؤشر بائن على مدى التحول الذي تعيشه مصر ما بعد 25 يناير .
وتزداد الصورة المتشكلة عن مصر الجديدة فرادة وتميزا اذا ما علمنا ان مثل هذا الحدث كان مترافقا مع زيارة من تجمع العلماء المسلمين اللبنانيين المعروف بموقفه المكافح ضد الصهيونية والمنافح عن وحدة المسلمين والمتصدي لمشروع الفتنة المذهبية .
فكيف اذا ما اضيف الى هذين المشهدين وجود وفد من حزب الله اللبناني الذي حطم اسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر وهشم صورة الكيان وقادته الذين كانوا يحلمون بامبراطورية من الفرات الى النيل فاذا بهم اليوم يتوسلون القبة الحديدية الامريكية التي تزعم واشنطن انها ستقيهم هجوم صاروخيا من ستين الف عدد لحزب الله يحاولون التصدي لها حتى الآن من وراء جدار عازل .
يقول الكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل الذي التقيناه في مكتبه على ضفاف النيل لتقديم الدعوة اليه لزيارة طهران وبعد حديث مطول ومتشابك حول ما يحصل في العالمين العربي والاسلامي :
انها المرة الاولى على الاطلاق التي يصل فيها حدود التأثير والنفوذ الايراني الى مياه البحر المتوسط , وفي هذا انقلاب في الجيو استراتيجيا تراقب الدول العظمى تداعياته بحيرة وقلق , وهو امر سيغير وجه التاريخ فيما لو حافظت ايران – اي المعادلة الداخلية البنيوية - عليه بمزيد من التماسك الداخلي وصلابة الموقف الخارجي .
انها المرة الاولى التي يزور فيها وفد ايراني يرلماني شعبي قاهرة ما بعد 25 يناير بقرار من المجلس العسكري وذلك للمشاركة في المؤتمر التاسيسي للتجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة وهو المؤتمر الذي دعت اليه جماعات لبنانية ومصرية عروبية واسلامية بين 24 و25 من تموز هدفها تحصين العالم العربي من محاولات هجوم مضاد على صحوته ووأد الفتن المتنقلة , الامر الذي ينقل العلاقة بين طهران والقاهرة من مرحلة الى اخرى "تفقأ عين تل ابيب" على حد تعبير مراقب لبيب .
في هذه الاثناء تتوالى الوفود التجارية والازهرية والفنية الشعبية على طهران دون انقطاع منذ انطلاقة العهد المصري الجديد ما يمهد الارض لعودة المياه الى مجاريها الطبيعية بين البلدين في مدة اقصاها الانتهاء من عملية بناء البيت المصري من الداخل مع بدايات العام الميلادي الجديد اي مع انتخاب برلمان ومجلس شورى وحكومة ورئيس جديد كما يأمل المصريون "الحريصون على مصر بالجملة وليس بالمفرق" كما يقول احد المرشحين الرئاسيين .
نحن من جهتنا ايضا فان كل ما رأيناه وشاهدناه في القاهرة مطمئن رغم الضجيج المتعمد المحاط بعملية التحول والذي تحاول تضخيمه جهات باتت معروفة لدى المصريين الاحرار .
وكل من تحدثنا اليه من احرار مصر من "مشايخ وافندية" وعلى اختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية كان سعيدا بان يرى اللبناني المقاوم والايراني الممانع في حضرة تحولات النيل فيما يبتعد الامريكي المستكبر ناهيك عن غياب الصهيوني مع كل يوم يمر عن مطبخ صناعة القرار في بلاده .
لقد راهنا كثيرا في جمعية الصداقة الايرانية المصرية على الضفتين الايرانية والمصرية على انه اذا كان صحيحا القول بانه كلما ابتعدت مصر عن تأثيرات كامب ديفيد كلما اقتربت من العرب والمسلمين واستعادت دورها التاريخي في الريادة فانه من الصحيح القول ايضا بانه كلما اقترب العرب والمسلمون من مصر وعززوا علاقتهم بها فانها ستبتعد يالضرورة عن كامب ديفيد وتأثيراتها , وهذا ما لمسناه واحسسنا به على امتداد جولاتنا الحوارية مع احرار مصر الجديدة بكل اطيافهم .
مصر الجديدة تخلع عنها رداء كامب ديفيد رويدا رويدا ولكن بكل الثبات المعروف عن هبة النيل ولن يقف بوجه قادتها الجدد من شباب وشيوخ ومن مدنيين وعسكريين , اية رياح من اي جهة اتت حتى لو تلونت بغبار الصحراء القريبة .
ومصر الجديدة لم تعد وحدها من الآن فصاعدا وهي لن تبقى معزولة ولن يسمح اخوتها واصدقاؤها و حلفاؤها الجدد ان يصادر ثورتها احد او يخطف انجازاتها احد او يقرصن حراكها احد .
الجنود المجهولون الذين يعملون ليل نهار من اجل الانتقالل الهادئ لمصر من معسكر كامب ديفيد الى معسكر الممانعة والمقاومة مطمئنون الى حال مصر ويعتقدون بان مخططات اظهار مصر وكأنها تعيش حالة من الفلتان الامني او انها تعاني من الفاقة والعوز ما يتطلب الاستقواء بالاجنبي المتمول من جديد , انما هو جزء من مخطط الثورة المضادة التي ستبوء بالفشل بفضل الصبر والمثابرة والتصميم على المضي في طريق اللاعودة الى الوراء مهما كانت الاثمان .
وكما هو التحول الحاصل في ايران من حيث الجيو استراتيجيا فان التحول الجاري في مصر ليس اقل اهمية ان لم يكن اكثر , ذلك لان خلع رداء كامب ديفيد وان بالتدريج والعودة الى قرار احتضان قاهرة المعز للعرب والمسلمين انما هو تحول جيو استراتيجي مصري يوازي سيطرة الامة على مفارق بحارها وخلجانها ومضائقها المائية والبرية وتجديد عهد الاندلسيين على حد قول احد كبار مصر الحرة من جديد .
وهنا بالذات ثمة من يعتقد بان معارك الاصلاح والتجديد والتغيير وحراسة مواقع الممانعة والمقاومة على ساحات ليبيا واليمن والبحرين وسوريا وسائر اقطار الوطن العربي الكبير انما بات رهن باستكمال مراحل الثورة المصرية وانتقالها النهائي من حالتها القديمة الى حالها الجديدة , وبشائر ذلك بات مسموعا ومقروءا لكل زائر لمصر الجديدة شرط ان يكون السماع والقراءة بالافئدة والبصائر لا بالآذان والعيون فحسب .
جيو استراتيجيا العلاقات الايرانية المصرية


وكالة فارس : مجرد ان يزور وفد ايراني برلماني – شعبي مصر ويلتقي رجالاتها في وقت تحرص فيه القيادة المصرية على عدم استقبال اي موفد صهيوني من تل ابيب فهو مؤشر بائن على مدى التحول الذي تعيشه مصر ما بعد 25 يناير .
وتزداد الصورة المتشكلة عن مصر الجديدة فرادة وتميزا اذا ما علمنا ان مثل هذا الحدث كان مترافقا مع زيارة من تجمع العلماء المسلمين اللبنانيين المعروف بموقفه المكافح ضد الصهيونية والمنافح عن وحدة المسلمين والمتصدي لمشروع الفتنة المذهبية .
فكيف اذا ما اضيف الى هذين المشهدين وجود وفد من حزب الله اللبناني الذي حطم اسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر وهشم صورة الكيان وقادته الذين كانوا يحلمون بامبراطورية من الفرات الى النيل فاذا بهم اليوم يتوسلون القبة الحديدية الامريكية التي تزعم واشنطن انها ستقيهم هجوم صاروخيا من ستين الف عدد لحزب الله يحاولون التصدي لها حتى الآن من وراء جدار عازل .
يقول الكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل الذي التقيناه في مكتبه على ضفاف النيل لتقديم الدعوة اليه لزيارة طهران وبعد حديث مطول ومتشابك حول ما يحصل في العالمين العربي والاسلامي :
انها المرة الاولى على الاطلاق التي يصل فيها حدود التأثير والنفوذ الايراني الى مياه البحر المتوسط , وفي هذا انقلاب في الجيو استراتيجيا تراقب الدول العظمى تداعياته بحيرة وقلق , وهو امر سيغير وجه التاريخ فيما لو حافظت ايران – اي المعادلة الداخلية البنيوية - عليه بمزيد من التماسك الداخلي وصلابة الموقف الخارجي .
انها المرة الاولى التي يزور فيها وفد ايراني يرلماني شعبي قاهرة ما بعد 25 يناير بقرار من المجلس العسكري وذلك للمشاركة في المؤتمر التاسيسي للتجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة وهو المؤتمر الذي دعت اليه جماعات لبنانية ومصرية عروبية واسلامية بين 24 و25 من تموز هدفها تحصين العالم العربي من محاولات هجوم مضاد على صحوته ووأد الفتن المتنقلة , الامر الذي ينقل العلاقة بين طهران والقاهرة من مرحلة الى اخرى "تفقأ عين تل ابيب" على حد تعبير مراقب لبيب .
في هذه الاثناء تتوالى الوفود التجارية والازهرية والفنية الشعبية على طهران دون انقطاع منذ انطلاقة العهد المصري الجديد ما يمهد الارض لعودة المياه الى مجاريها الطبيعية بين البلدين في مدة اقصاها الانتهاء من عملية بناء البيت المصري من الداخل مع بدايات العام الميلادي الجديد اي مع انتخاب برلمان ومجلس شورى وحكومة ورئيس جديد كما يأمل المصريون "الحريصون على مصر بالجملة وليس بالمفرق" كما يقول احد المرشحين الرئاسيين .
نحن من جهتنا ايضا فان كل ما رأيناه وشاهدناه في القاهرة مطمئن رغم الضجيج المتعمد المحاط بعملية التحول والذي تحاول تضخيمه جهات باتت معروفة لدى المصريين الاحرار .
وكل من تحدثنا اليه من احرار مصر من "مشايخ وافندية" وعلى اختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية كان سعيدا بان يرى اللبناني المقاوم والايراني الممانع في حضرة تحولات النيل فيما يبتعد الامريكي المستكبر ناهيك عن غياب الصهيوني مع كل يوم يمر عن مطبخ صناعة القرار في بلاده .
لقد راهنا كثيرا في جمعية الصداقة الايرانية المصرية على الضفتين الايرانية والمصرية على انه اذا كان صحيحا القول بانه كلما ابتعدت مصر عن تأثيرات كامب ديفيد كلما اقتربت من العرب والمسلمين واستعادت دورها التاريخي في الريادة فانه من الصحيح القول ايضا بانه كلما اقترب العرب والمسلمون من مصر وعززوا علاقتهم بها فانها ستبتعد يالضرورة عن كامب ديفيد وتأثيراتها , وهذا ما لمسناه واحسسنا به على امتداد جولاتنا الحوارية مع احرار مصر الجديدة بكل اطيافهم .
مصر الجديدة تخلع عنها رداء كامب ديفيد رويدا رويدا ولكن بكل الثبات المعروف عن هبة النيل ولن يقف بوجه قادتها الجدد من شباب وشيوخ ومن مدنيين وعسكريين , اية رياح من اي جهة اتت حتى لو تلونت بغبار الصحراء القريبة .
ومصر الجديدة لم تعد وحدها من الآن فصاعدا وهي لن تبقى معزولة ولن يسمح اخوتها واصدقاؤها و حلفاؤها الجدد ان يصادر ثورتها احد او يخطف انجازاتها احد او يقرصن حراكها احد .
الجنود المجهولون الذين يعملون ليل نهار من اجل الانتقالل الهادئ لمصر من معسكر كامب ديفيد الى معسكر الممانعة والمقاومة مطمئنون الى حال مصر ويعتقدون بان مخططات اظهار مصر وكأنها تعيش حالة من الفلتان الامني او انها تعاني من الفاقة والعوز ما يتطلب الاستقواء بالاجنبي المتمول من جديد , انما هو جزء من مخطط الثورة المضادة التي ستبوء بالفشل بفضل الصبر والمثابرة والتصميم على المضي في طريق اللاعودة الى الوراء مهما كانت الاثمان .
وكما هو التحول الحاصل في ايران من حيث الجيو استراتيجيا فان التحول الجاري في مصر ليس اقل اهمية ان لم يكن اكثر , ذلك لان خلع رداء كامب ديفيد وان بالتدريج والعودة الى قرار احتضان قاهرة المعز للعرب والمسلمين انما هو تحول جيو استراتيجي مصري يوازي سيطرة الامة على مفارق بحارها وخلجانها ومضائقها المائية والبرية وتجديد عهد الاندلسيين على حد قول احد كبار مصر الحرة من جديد .
وهنا بالذات ثمة من يعتقد بان معارك الاصلاح والتجديد والتغيير وحراسة مواقع الممانعة والمقاومة على ساحات ليبيا واليمن والبحرين وسوريا وسائر اقطار الوطن العربي الكبير انما بات رهن باستكمال مراحل الثورة المصرية وانتقالها النهائي من حالتها القديمة الى حالها الجديدة , وبشائر ذلك بات مسموعا ومقروءا لكل زائر لمصر الجديدة شرط ان يكون السماع والقراءة بالافئدة والبصائر لا بالآذان والعيون فحسب .
تعليق