ثلاث طرق لمعرفة الله تعالى
بسم من اظهر نوره لنوره بنورة
فلو انقطع نورة لحظة لسخنا ومحونا وهلكنا
يقال ان هنالك ثلاث طرق لمعرفة الله تعالى والمعرفة الإنسانية عموم
اولا:طريق الكشف الذاتي: فإن خاصة ابناء النور وعبادة الصالحين وأولياء الله تعالى يعرفونه به: سَنُرِيهِمْ
آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ
أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَئٍْ
شَهِيدٌ . (فصلت:53) .
وفي دعاء أمير المؤمنين عليه السلام : (يامن دلَّ على ذاته
بذاته)(البحار:84/339). وفي دعاء الإمام الحسين عليه السلام : (متى غبتَ حتى
تحتاج إلى دليل يدل عليك ، ومتى بَعُدْتَ حتى تكون الآثار هي التي توصل
إليك؟! عَمِيَتْ عينٌ لا تراك عليها رقيباً). (البحار:64/142).
وفي دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام : (بك عرفتُك وأنت دللتني عليك
ودعوتني اليك ، ولولا أنت لم أدر ما أنت ).(البحار:95/82 ).
ثانيا:دليل العِلِّيَّة: فكل إنسان إذا نظر إلى نفسه وما حوله ، يدرك أن عدم
وجود هذا الشئ أي شئ ليس محالاً ، بل وجوده وعدمه ممكن ، فذات الشئ لا تتضمن
ضرورة وجوده أو ضرورة عدمه ، وهو يحتاج إلى سبب من يوجده ، وبما أن كل جزء من
أجزاء العالم يحتاج إلى من يعطيه وجوده، فمن الذي أعطاه الوجود ؟!
إن قيل إنه خلق نفسه ، فيقال: إنه لا يتضمن وجود نفسه، فكيف يمكن أن يكون
سبباً وفاقد الشئ لا يعطيه .
وإن قيل أعطاه الوجود موجودٌ آخر مثله، يقال: هذا الآخر المماثل عاجزٌ عن
إعطاء الوجود لنفسه أيضاً فكيف يعطي الوجود لغيره؟!
وهذا الحكم يجري على كل جزء في العالم ، فعندما نرى فضاء مضيئاً لا نور له من
ذاته ، نحكم بوجود مصدر لهذا النور يكون نوره بذاته لا بغيره ، وإلا لكان
أصلُ وجود فضاء منير مستحيلاً ! لأن المظلم بنفسه محال أن يضئ نفسه ، فضلاً
عن أن يضئ غيره !
من هنا كان نفس وجود هذه الموجودات دليلاً على وجود مصدر لا يحتاج إلى غيره ،
وهو الدليل العلمي الذي قال عنه تعالى: أم خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَئٍ أم هُمُ
الْخَالِقُونَ. (الطور:35).
وقد سأل رجل الإمام الرضا عليه السلام : (يا ابن رسول الله ما الدليل على
حدوث العالم؟ فقال: أنت لم تكن ثم كنت ، وقد علمت أنك لم تُكوِّنْ نفسك ولا
كوَّنك من هو مثلك). (البحار:3/36).
ثالثا: دليل النظم الكوني: فكل ما في الكون مخلوق على قواعد وأصول بعلم وحكمة ،
من أصغر ذراته الى أكبر مجراته !
ونأخذ مثالاً من النبات: فلو وجدت ورقة ملقاة في برية ، مكتوباً عليها حروف
الأبجدية مرتبةً من الألف إلى الياء ، فإن ضميرك يشهد بأن كتابة هذه الحروف
ناتجٌ عن فهم وإدراك. وإذا رأيت جملةً مؤلفةً من تلك الحروف والكلمات فستؤمن
بعلم الكاتب ، وتستدل بنظم الكلمات ودقتها على علمه وحكمته.
فهل أن تكوين نبتة في البرية من عناصرها الأولية ، أقل من سطر في كتاب؟!
فلماذا نستدل بالسطر على علم كاتبه ، ولا نستدل بالنبتة على خالقها عز وجل؟!
فأي علم وحكمة أعطى الماء والتراب سراً يبعث الحبة من يبسها وموتها نباتاً
حياً سوياً؟ وأعطى لجذرها قدرة تشق بها الأرض وتحصل على قوتها وغذائها في
ظلمة التراب ، وهيأ في مائدة التراب الغنية أقوات النباتات والأشجار، كل يجد
فيها غذاءه؟!
وأي قدرة وحكمة خلقت الجذور واعيةً لعملها، ضاربةً في أعماق التربة. والجذوع
والفروع باسقةً الى أعلى الفضاء ! يكافح كل منهما قانوناً يضاده ويمضي في
مساره،هذه في الأعماق وهذه في الآفاق؟!
إن التأمل في شجرة واحدة وأنظمتها ، من عروقها الى آلاف أوراقها، يبعث في
الإنسان الدهشة والذهول أمام علم الخالق وقدرته اللامتناهية: (أَمَّنْ خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَاكَانَ لَكُمْ أَنْ
تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ).
(النمل:60).
يعني ان الاصل هو عدم وجود الواسطة بين الله تعالى وعبده فهو اقرب اليه من حبل الوريد
فهل يوجد من يستطيع ان يفك اسرار ورموز النور الذي سطرها الامام علي بقولة:
دواؤك فيك ومـا تشعـر وداؤك منك ومـا تبصـر
نعم يوجد
من كان من جنس النور
يقول الإمام السجاد زين العباد " إلهي بك عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك فلولا أنت لم أدرِ ماأنت "
وقيل للنوري: "بِمَ عرفتَ الله تعالى؟" فقال: "بالله!" قيل: "فما بال العقل؟" قال: "العقل عاجز، لا يدل إلا على عاجز مثله."
عندما يفشل الناس في تفعيل فطرتهم، سيفشلون بنفس المقدار من التعرّف على ماهيتهم،
و خلاصة الخلاصة
معرفة الله من حيث انت وليس من حيث هو
ومعرفتة به وليس بغيرة
فسبحان ذي الجلال والإكرام مِنْ أن تدركه العقول والأبصار – وهو المنزَّه عن الوصف والتعريف. وسبحانه مِن أن يوصف أصفياؤه دون ذواتهم وأولياؤه دون أنفسهم – وتعالوا عمَّا يذكر العباد في وصفهم، وتعالى الله عمَّا يصفون.
تحياتي ومحبتي
بسم من اظهر نوره لنوره بنورة
فلو انقطع نورة لحظة لسخنا ومحونا وهلكنا
يقال ان هنالك ثلاث طرق لمعرفة الله تعالى والمعرفة الإنسانية عموم
اولا:طريق الكشف الذاتي: فإن خاصة ابناء النور وعبادة الصالحين وأولياء الله تعالى يعرفونه به: سَنُرِيهِمْ
آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ
أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَئٍْ
شَهِيدٌ . (فصلت:53) .
وفي دعاء أمير المؤمنين عليه السلام : (يامن دلَّ على ذاته
بذاته)(البحار:84/339). وفي دعاء الإمام الحسين عليه السلام : (متى غبتَ حتى
تحتاج إلى دليل يدل عليك ، ومتى بَعُدْتَ حتى تكون الآثار هي التي توصل
إليك؟! عَمِيَتْ عينٌ لا تراك عليها رقيباً). (البحار:64/142).
وفي دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام : (بك عرفتُك وأنت دللتني عليك
ودعوتني اليك ، ولولا أنت لم أدر ما أنت ).(البحار:95/82 ).
ثانيا:دليل العِلِّيَّة: فكل إنسان إذا نظر إلى نفسه وما حوله ، يدرك أن عدم
وجود هذا الشئ أي شئ ليس محالاً ، بل وجوده وعدمه ممكن ، فذات الشئ لا تتضمن
ضرورة وجوده أو ضرورة عدمه ، وهو يحتاج إلى سبب من يوجده ، وبما أن كل جزء من
أجزاء العالم يحتاج إلى من يعطيه وجوده، فمن الذي أعطاه الوجود ؟!
إن قيل إنه خلق نفسه ، فيقال: إنه لا يتضمن وجود نفسه، فكيف يمكن أن يكون
سبباً وفاقد الشئ لا يعطيه .
وإن قيل أعطاه الوجود موجودٌ آخر مثله، يقال: هذا الآخر المماثل عاجزٌ عن
إعطاء الوجود لنفسه أيضاً فكيف يعطي الوجود لغيره؟!
وهذا الحكم يجري على كل جزء في العالم ، فعندما نرى فضاء مضيئاً لا نور له من
ذاته ، نحكم بوجود مصدر لهذا النور يكون نوره بذاته لا بغيره ، وإلا لكان
أصلُ وجود فضاء منير مستحيلاً ! لأن المظلم بنفسه محال أن يضئ نفسه ، فضلاً
عن أن يضئ غيره !
من هنا كان نفس وجود هذه الموجودات دليلاً على وجود مصدر لا يحتاج إلى غيره ،
وهو الدليل العلمي الذي قال عنه تعالى: أم خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَئٍ أم هُمُ
الْخَالِقُونَ. (الطور:35).
وقد سأل رجل الإمام الرضا عليه السلام : (يا ابن رسول الله ما الدليل على
حدوث العالم؟ فقال: أنت لم تكن ثم كنت ، وقد علمت أنك لم تُكوِّنْ نفسك ولا
كوَّنك من هو مثلك). (البحار:3/36).
ثالثا: دليل النظم الكوني: فكل ما في الكون مخلوق على قواعد وأصول بعلم وحكمة ،
من أصغر ذراته الى أكبر مجراته !
ونأخذ مثالاً من النبات: فلو وجدت ورقة ملقاة في برية ، مكتوباً عليها حروف
الأبجدية مرتبةً من الألف إلى الياء ، فإن ضميرك يشهد بأن كتابة هذه الحروف
ناتجٌ عن فهم وإدراك. وإذا رأيت جملةً مؤلفةً من تلك الحروف والكلمات فستؤمن
بعلم الكاتب ، وتستدل بنظم الكلمات ودقتها على علمه وحكمته.
فهل أن تكوين نبتة في البرية من عناصرها الأولية ، أقل من سطر في كتاب؟!
فلماذا نستدل بالسطر على علم كاتبه ، ولا نستدل بالنبتة على خالقها عز وجل؟!
فأي علم وحكمة أعطى الماء والتراب سراً يبعث الحبة من يبسها وموتها نباتاً
حياً سوياً؟ وأعطى لجذرها قدرة تشق بها الأرض وتحصل على قوتها وغذائها في
ظلمة التراب ، وهيأ في مائدة التراب الغنية أقوات النباتات والأشجار، كل يجد
فيها غذاءه؟!
وأي قدرة وحكمة خلقت الجذور واعيةً لعملها، ضاربةً في أعماق التربة. والجذوع
والفروع باسقةً الى أعلى الفضاء ! يكافح كل منهما قانوناً يضاده ويمضي في
مساره،هذه في الأعماق وهذه في الآفاق؟!
إن التأمل في شجرة واحدة وأنظمتها ، من عروقها الى آلاف أوراقها، يبعث في
الإنسان الدهشة والذهول أمام علم الخالق وقدرته اللامتناهية: (أَمَّنْ خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَاكَانَ لَكُمْ أَنْ
تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ).
(النمل:60).
يعني ان الاصل هو عدم وجود الواسطة بين الله تعالى وعبده فهو اقرب اليه من حبل الوريد
فهل يوجد من يستطيع ان يفك اسرار ورموز النور الذي سطرها الامام علي بقولة:
دواؤك فيك ومـا تشعـر وداؤك منك ومـا تبصـر
نعم يوجد
من كان من جنس النور
يقول الإمام السجاد زين العباد " إلهي بك عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك فلولا أنت لم أدرِ ماأنت "
وقيل للنوري: "بِمَ عرفتَ الله تعالى؟" فقال: "بالله!" قيل: "فما بال العقل؟" قال: "العقل عاجز، لا يدل إلا على عاجز مثله."
عندما يفشل الناس في تفعيل فطرتهم، سيفشلون بنفس المقدار من التعرّف على ماهيتهم،
و خلاصة الخلاصة
معرفة الله من حيث انت وليس من حيث هو
ومعرفتة به وليس بغيرة
فسبحان ذي الجلال والإكرام مِنْ أن تدركه العقول والأبصار – وهو المنزَّه عن الوصف والتعريف. وسبحانه مِن أن يوصف أصفياؤه دون ذواتهم وأولياؤه دون أنفسهم – وتعالوا عمَّا يذكر العباد في وصفهم، وتعالى الله عمَّا يصفون.
تحياتي ومحبتي