قصة النبي يونس
(( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )).
( تفسير علي بن إبراهيم ) ابي عن ابن ابي عمير عن جميل قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام : ما رد الله العذاب عن قوم يونس , وكان يونس يدعوهم إلى الاسلام فيأبون ذلك , فهم أن يدعو عليهم, وكان فيهم رجلان عابد وعالم , وكان اسم احدهما مليخا والآخر روبيل , فكان العابد يشير على يونس (ع) بالدعاء عليهم , وكان العالم ينهاه ويقول لا تدع عليهم فإن الله يستجيب لك ولا يحب هلاك عباده , فقبل قول العابد ولم يقبل من العالم. فدعا عليهم , فأوحى الله إليه : ان يأتيهم العذاب في سنة كذا وكذا. فما قرب الوقت خرج يونس عليه السلام مع العابد وبقى العالم فيها. فلما كان في ذلك اليوم نزل العذاب , فقال العالم لهم : ياقوم افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم , فقالوا: كيف نفعل ؟ قال: اخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء والأولاد وبين الابل وأولادها وبين البقر وأولادها وبين الغنم وأولادها ثم ابكوا وادعوا , فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا , فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم وفرق العذاب على الجبال.
وقد كان نزل وقرب منهم , فأقبل يونس عليه السلام لينظر كيف أهلكهم الله فرأى الراعين يزرعون في أرضهم , فقال لهم: ما فعل قوم يونس ؟ فقالوا له ولم يعرفوه أن يونس دعا عليهم , فاستجاب الله له ونزل العذاب عليهم , فاجتمعوا وبكوا , فدعوا فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم وفرق العذاب على الجبال , فهم ذا يطلبون يونس (ع) ليؤمنوا به , فغضب يونس ومر على وجهه مغاضباً به , كما حكى الله , حتى انتهى إلى ساحل البحر , فإذا سفينة قد شحنت وأرادوا أن يدفعوها , فسألهم يونس (ع) أن يحلموه , فحملوه.
فلما توسط البحر , بعث الله حوتاً عظيماً , فحبس عليهم السفينة , فنظر إليه يونس عليه السلام ففزع , فصار في مؤخرة السفينة, فدار إليه الحوت ففتح فاه , فخرج أهل السفينة فقالوا: فينا عاصٍ , فتساهموا فخرج سهم يونس عليه السلام . وهو قول الله عز وجل : (( فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ )) فأخرجوه فألقوه في البحر فالتقمه الحوت ومر في الماء.
وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين عليه السلام عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه فقال: يا يهودي أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فإنه الحوت الذي حبس فيه يونس عليه السلام في بطنه , فدخل في بحر الفلزم , ثم خرج إلى بحر مصر ثم دخل بحر طبرستان ثم دخل في دجلة العوراء ثم مر به تحت الأرض حتى لحقت بقارون. وكان قارون هلك في أيام موسى (ع) ووكل الله به ملكاً يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل , وكان يونس (ع) في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به انظرني اسمع كلام آدمي , فأوحى الله إلى الملك : انظره, فأنظره.
ثم قال قارون : من أنت ؟ قال يونس (ع) : أنا المذنب الخاطىء يونس بن متى , قال: فما فعل شديد الغضب في الله موسى بن عمران ؟ قال: هيهات هلك , قال: فما فعل الرؤوف الرحيم على قومه هارون بن عمران ؟ قال: هلك , قال : فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي ؟ قال: قال : هيهات ما بقى من آل عمران أحد, قال قارون: وا أسفا على آل عمران فشكر الله له ذلك فأمر الله الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب أيام الدنيا ؟ فرفع عنه.
فلما رأى يونس (ع) ذلك (( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )) فاستجاب له وأمر الحوت فلفظته على ساحل البحر وقد ذهب جلده ولحمه , وأنبت الله شجرة من يقطين(( وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ )) فأظلته من الشمس فسكن , ثم أمر الله عز وجل الشجرة فتنحت عنه ووقع الشمس عليه فجزع. فأوحى الله إليه: يا يونس لِمَ لَمْ ترحم مائة ألف أو يزيدون , وأنت تجزع من ألم ساعة ؟ فقال: يا رب عفوك عفوك , فرد الله صحة بدنه , ورجع إلى قومه وآمنوا به. قال: فمكث يونس (ع) في بطن الحوت تسع ساعات. (وعن) أبي جعفر عليه السلام : ثلاث ساعات.
(وعن) أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعت أم سلمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول في دعائه : اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ أبدا , فسألته في ذلك , فقال: صلى الله عليه وآله : يا أم سلمة وما يؤمنني , وإنما وكل الله يونس بن متى إلى نفسه طرفة عين , وكان منه ما كان.
( العياشي ) عن الباقر عليه السلام في حديث طويل , قال فيه: أنه بعد ما سأل يونس ربه نزول العذاب على قومه , أن فيهم الحمل والجنين والطفل والشيخ الكبير والمرأة الضعيفة والمستضعف , وأنا الحكم العدل , سبقت رحمتي غضبي لا أعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك , وهم يا يونس عبادي أحب أن أتأنيهم وأرفق بهم وأنتظر توبتهم , وإنما بعثتك إلى قومك لتعطف اليهم وتكون لهم كهيئة الطبيب المداوي والعالم بمداواة الداء , فخرقت بهم لم تستعمل قلوبهم بالرفق , ثم سألتني من سوء نظرك العذاب عند قلة الصبر منك, وعبدي نوح كان أصبرمنك على قومه وأحسن صحبة وأشد تأنياً , فغضبت له حين غضب وأجبته حين دعاني.
فقال يونس (ع) : يا رب إنما غضبت عليهم فيك وإنما دعوت عليهم حين عصوك وعزتك لا أنعطف عليهم برأفة أبداً , فأنزل عليهم عذابك فإنهم لا يؤمنون أبداً فقال الله : يا يونس إنهم مائة ألف أو يزيدون من خلقي يعمرون بلادي ويلدون عبادي ومحبتي , أن أتأنيهم للذي سبق من علمي فيهم وفيك , وتقديري غير علمك وتقديرك وأنت المرسل وأنا الرب الحكيم , يا يونس وقد أجبتك إلى مسألتك من العذاب عليهم وما ذلك يا يونس بأوفر لحظك عندي , وسيأتيهم عذابي في شوال يوم الأربعاء وسط الشهر بعد طلوع الشمس , فأعلمهم ذلك.
قال: فسرَّ بذلك يونس (ع) ولم يدر ما عاقبته , فانطلق يونس (ع) إلى تنوخا العابد فأخبره بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم وقال له: انطلق إليهم وأعلمهم بما أوحى الله إليَّ من نزول العذاب عليهم , فقال تنوخا: فدعهم في غمرتهم ومعصيتهم , حتى يعذبهم الله تعالى : فقال له يونس (ع) : بل نلقي روبيل فنشاوره فإنه رجل عالم حكيم من أهل بيت النبوة.
فانطلقا إلى روبيل , فأخبره يونس عليه السلام بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في شوال يوم الأربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس , فقال له: ما ترى ؟ انطلق بنا حتى أعلمهم ذلك , فقال له روبيل : إرجع إلى ربك رجعة نبي حكيم وسله أن يصرف عنهم العذاب فإنه غني عن عذابهم , وهو يحب الرفق بعباده , ولعل قومك بعد ما سمعت ورأيت من كفرهم وجحودهم يؤمنون يوماً فصابرهم وتأنهم.
يتبع
(( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )).
( تفسير علي بن إبراهيم ) ابي عن ابن ابي عمير عن جميل قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام : ما رد الله العذاب عن قوم يونس , وكان يونس يدعوهم إلى الاسلام فيأبون ذلك , فهم أن يدعو عليهم, وكان فيهم رجلان عابد وعالم , وكان اسم احدهما مليخا والآخر روبيل , فكان العابد يشير على يونس (ع) بالدعاء عليهم , وكان العالم ينهاه ويقول لا تدع عليهم فإن الله يستجيب لك ولا يحب هلاك عباده , فقبل قول العابد ولم يقبل من العالم. فدعا عليهم , فأوحى الله إليه : ان يأتيهم العذاب في سنة كذا وكذا. فما قرب الوقت خرج يونس عليه السلام مع العابد وبقى العالم فيها. فلما كان في ذلك اليوم نزل العذاب , فقال العالم لهم : ياقوم افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم , فقالوا: كيف نفعل ؟ قال: اخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء والأولاد وبين الابل وأولادها وبين البقر وأولادها وبين الغنم وأولادها ثم ابكوا وادعوا , فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا , فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم وفرق العذاب على الجبال.
وقد كان نزل وقرب منهم , فأقبل يونس عليه السلام لينظر كيف أهلكهم الله فرأى الراعين يزرعون في أرضهم , فقال لهم: ما فعل قوم يونس ؟ فقالوا له ولم يعرفوه أن يونس دعا عليهم , فاستجاب الله له ونزل العذاب عليهم , فاجتمعوا وبكوا , فدعوا فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم وفرق العذاب على الجبال , فهم ذا يطلبون يونس (ع) ليؤمنوا به , فغضب يونس ومر على وجهه مغاضباً به , كما حكى الله , حتى انتهى إلى ساحل البحر , فإذا سفينة قد شحنت وأرادوا أن يدفعوها , فسألهم يونس (ع) أن يحلموه , فحملوه.
فلما توسط البحر , بعث الله حوتاً عظيماً , فحبس عليهم السفينة , فنظر إليه يونس عليه السلام ففزع , فصار في مؤخرة السفينة, فدار إليه الحوت ففتح فاه , فخرج أهل السفينة فقالوا: فينا عاصٍ , فتساهموا فخرج سهم يونس عليه السلام . وهو قول الله عز وجل : (( فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ )) فأخرجوه فألقوه في البحر فالتقمه الحوت ومر في الماء.
وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين عليه السلام عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه فقال: يا يهودي أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فإنه الحوت الذي حبس فيه يونس عليه السلام في بطنه , فدخل في بحر الفلزم , ثم خرج إلى بحر مصر ثم دخل بحر طبرستان ثم دخل في دجلة العوراء ثم مر به تحت الأرض حتى لحقت بقارون. وكان قارون هلك في أيام موسى (ع) ووكل الله به ملكاً يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل , وكان يونس (ع) في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به انظرني اسمع كلام آدمي , فأوحى الله إلى الملك : انظره, فأنظره.
ثم قال قارون : من أنت ؟ قال يونس (ع) : أنا المذنب الخاطىء يونس بن متى , قال: فما فعل شديد الغضب في الله موسى بن عمران ؟ قال: هيهات هلك , قال: فما فعل الرؤوف الرحيم على قومه هارون بن عمران ؟ قال: هلك , قال : فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي ؟ قال: قال : هيهات ما بقى من آل عمران أحد, قال قارون: وا أسفا على آل عمران فشكر الله له ذلك فأمر الله الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب أيام الدنيا ؟ فرفع عنه.
فلما رأى يونس (ع) ذلك (( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )) فاستجاب له وأمر الحوت فلفظته على ساحل البحر وقد ذهب جلده ولحمه , وأنبت الله شجرة من يقطين(( وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ )) فأظلته من الشمس فسكن , ثم أمر الله عز وجل الشجرة فتنحت عنه ووقع الشمس عليه فجزع. فأوحى الله إليه: يا يونس لِمَ لَمْ ترحم مائة ألف أو يزيدون , وأنت تجزع من ألم ساعة ؟ فقال: يا رب عفوك عفوك , فرد الله صحة بدنه , ورجع إلى قومه وآمنوا به. قال: فمكث يونس (ع) في بطن الحوت تسع ساعات. (وعن) أبي جعفر عليه السلام : ثلاث ساعات.
(وعن) أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعت أم سلمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول في دعائه : اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ أبدا , فسألته في ذلك , فقال: صلى الله عليه وآله : يا أم سلمة وما يؤمنني , وإنما وكل الله يونس بن متى إلى نفسه طرفة عين , وكان منه ما كان.
( العياشي ) عن الباقر عليه السلام في حديث طويل , قال فيه: أنه بعد ما سأل يونس ربه نزول العذاب على قومه , أن فيهم الحمل والجنين والطفل والشيخ الكبير والمرأة الضعيفة والمستضعف , وأنا الحكم العدل , سبقت رحمتي غضبي لا أعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك , وهم يا يونس عبادي أحب أن أتأنيهم وأرفق بهم وأنتظر توبتهم , وإنما بعثتك إلى قومك لتعطف اليهم وتكون لهم كهيئة الطبيب المداوي والعالم بمداواة الداء , فخرقت بهم لم تستعمل قلوبهم بالرفق , ثم سألتني من سوء نظرك العذاب عند قلة الصبر منك, وعبدي نوح كان أصبرمنك على قومه وأحسن صحبة وأشد تأنياً , فغضبت له حين غضب وأجبته حين دعاني.
فقال يونس (ع) : يا رب إنما غضبت عليهم فيك وإنما دعوت عليهم حين عصوك وعزتك لا أنعطف عليهم برأفة أبداً , فأنزل عليهم عذابك فإنهم لا يؤمنون أبداً فقال الله : يا يونس إنهم مائة ألف أو يزيدون من خلقي يعمرون بلادي ويلدون عبادي ومحبتي , أن أتأنيهم للذي سبق من علمي فيهم وفيك , وتقديري غير علمك وتقديرك وأنت المرسل وأنا الرب الحكيم , يا يونس وقد أجبتك إلى مسألتك من العذاب عليهم وما ذلك يا يونس بأوفر لحظك عندي , وسيأتيهم عذابي في شوال يوم الأربعاء وسط الشهر بعد طلوع الشمس , فأعلمهم ذلك.
قال: فسرَّ بذلك يونس (ع) ولم يدر ما عاقبته , فانطلق يونس (ع) إلى تنوخا العابد فأخبره بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم وقال له: انطلق إليهم وأعلمهم بما أوحى الله إليَّ من نزول العذاب عليهم , فقال تنوخا: فدعهم في غمرتهم ومعصيتهم , حتى يعذبهم الله تعالى : فقال له يونس (ع) : بل نلقي روبيل فنشاوره فإنه رجل عالم حكيم من أهل بيت النبوة.
فانطلقا إلى روبيل , فأخبره يونس عليه السلام بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في شوال يوم الأربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس , فقال له: ما ترى ؟ انطلق بنا حتى أعلمهم ذلك , فقال له روبيل : إرجع إلى ربك رجعة نبي حكيم وسله أن يصرف عنهم العذاب فإنه غني عن عذابهم , وهو يحب الرفق بعباده , ولعل قومك بعد ما سمعت ورأيت من كفرهم وجحودهم يؤمنون يوماً فصابرهم وتأنهم.
يتبع
تعليق