الزعيم الروحي للشيعة في مصر والقطب الإخواني السابق ومستشار مبارك (1 – 3)
المستشار الدمرداش العقالي الزعيم الروحي لشيعة مصر:
قادني إلى التشيع ابتهالات حسن البنا المأخوذة من الصحيفة السجادية
2011/08/03

الأمريكان اقتنعوا بقوة الاخوان وارادوا توصيلهم للسلطة بمصر وسورية
مهندس نقل السلطة للاخوان في مصر وسورية هو اردوغان.. والبداية كانت «سفينة الحرية»
المستشار الدمرداش العقالي لـ الوطن: الشيطان الأمريكي رأى إرهاصات الثورة المصرية فحرك الأحداث وسخرها لمخططه
حسن البنا بحبه لآل البيت وابتهالاته بأدعية الإمام السجاد هو من قادني إلى التشيع
حكم مصر وسورية يسعى إلى الإخوان المسلمين الأكثر تنظيما وبترتيب من رجب طيب أردوغان
تركيا مهدت لوجودها القوي في المنطقة عبر «أسطول الحرية» وتأييد حماس
مبارك ظل يبالغ في تصوير قوة الإخوان حتى اقتنع الأمريكان بضرورة توصيلهم إلى السلطة في العالم العربي
أكبر دليل على أن الثوار لم يكونوا مهيئين لا تنظيميا ولا منهجيا أن السلفيين يتصدرون المشهد السياسي في مصر الآن
حاوره حسن عبدالله:
منذ اكثر من 70 عاما والمستشار الدمرداش العقالي يبث الحيوية والجدل في قلب الساحة السياسية والفكرية والدينية المصرية والعربية. فالرجل كان «قطبا اخوانيا» مهما منذ مطلع شبابه، وكان احد تلاميذ زعيم الاخوان المسلمين الراحل حسن البنا ومن المقربين منه، وتم فصله هو وعدد كبير من اعضاء التنظيم السري للاخوان – ومنهم الشيخ الراحل محمد الغزالي – بعد اغتيال البنا وتولي حسن الهضيبي منصب المرشد العام لرفضهم لشخص الهضيبي بل واتهامهم له بانه «ماسوني».
وانطلق الدمرداش العقالي في طريقه حتى تخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، وسلك الطريق القضائي حتى اصبح رئيسا لمحكمة الاستئناف، وظل العقالي طوال هذه المرحلة «سنيا اصوليا» يدعو الى تطبيق الشريعة الاسلامية على الطريقة الاخوانية وينافح عن الاسلام السني في جميع المحافل، بروح هادئة معهودة عنه لكنه كان على ما يبدو كالهدوء الذي يسبق العاصفة، فثمة افكار اخرى كانت تختمر داخل العقالي ولم يكن يعلن عنها، وثمة نقلة نوعية او ربما قفزة خطيرة كان يتجهز لها القطب الاخواني بعيدا عن اعين الجميع.
ففي اوائل السبعينيات من القرن الماضي اعلن الدمرداش العقالي انه تحول الى مذهب آل البيت الكرام، الا ان هذا الاعلان لم يلفت انظار الكثيرين في مصر التي تهوى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وتعشقهم الى حد التقديس.
لكن العقالي فاجأ الكل بتسمية نفسه شيعيا، وقيامه بالدعوة للمذهب الامامي عبر المنتديات والمحافل الثقافية والدينية، التي رغم تفاجؤها الا انها استمعت للرجل الذي اشتهر عبر تاريخه بالادب والعقلانية وحسن الفقه.
كما ان المستشار الدمرداش العقالي قدم «وصفة شيعية» ومزيجا فقهيا اماميا لا يتصادم مع مشاعر كثير من المصريين حتى ان البعض ينسب للعقالي انجازا فكريا مهما كونه افرز «تشيعا مصريا» يختلف كثيرا عن الصورة النمطية للتشيع كما هو معروف ويشاهد في ايران والعراق، بل ولم يمنع هذا الطرح العقالي للتشيع المصري المستشار الدمرداش العقالي من تبوؤ العديد من المناصب الرسمية وغير الرسمية كرئاسة محكمة الاستئناف ومنصب نائب رئيس حزب العمل المصري المعارض المنحل، والحصول على عضوية مجلس الشعب المصري، في الوقت الذي كان النظام السابق يضطهد الشيعة ويتعامل معهم كمشكلة امنية، ويتلاعب بهم كورقة للضغط، اضافة الى ان الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك اتخذ المستشار الدمرداش العقالي مستشارا حقوقيا له، وكان يستمع وينصت الى استشاراته باحترام، وبناء على نصيحة من العقالي اوفده مبارك للقاء مرشد الثورة الايرانية السيد علي خامنئي للبحث في كيفية تحسين العلاقات المصرية الايرانية، لكن الرئيس المخلوع الذي كان يكره الشيعة ويتهمهم بالعمالة لايران – حسب تصريحاته المنشورة والمسجلة – لم يكمل هذا الطريق.
ايضا عمل المستشار الدمرداش العقالي – بعد تشيعه – مستشارا لوزارة الداخلية السعودية، وكان معروفا للجميع بانه «شيعي»، وكان يصلي صلاة المتشيع، ويشهد العقالي بانه لم يتعرض لأي اضطهاد او مضايقات من الجانب السعودي بسبب تشيعه، بل «على العكس كانوا ومازالوا جميعا اصدقاء واخوانا لي ومازلت على اتصال بهم»، حسب قوله، ثم عاد من السعودية عام 2004 ليقود التيار الشيعي بصفته زعيما روحيا ومفكرا معتدلا، ولينشره بين النخبة الدينية والثقافية التي تقبل بعض افرادها اطروحته الفكرية «الشيعية المصرية»، حتى ان عددهم وصل الى نحو مائة الف شخص مثقف من بين نحو مليون ونصف المليون هم عدد الشيعة في مصر – وفقا لكلام الدمرداش العقالي.
وبعد ثورة 25 يناير صمت الزعيم الشيعي ولم يدل بأي تصريحات او اراء بخصوص الثورة التي اوقفت سيلا من المظالم التي كان يمارسها النظام السابق ضد الشيعة وغيرهم من الجماعات الدينية والمنظمات الحقوقية، ورفض الرجل كل محاولات الاعلام لاخراجه عن صمته طوال هذه الفترة وحتى الآن.
وعندما اتصلت به هاتفيا منذ عدة ايام تردد المستشار الدمرداش العقالي قليلا، ثم قال «نظرا لعلاقة المودة التي تربطني بك يا ولدي، ولما عهدته عليك من امانة في النقل عني سأتحدث».. وبالفعل فتح الزعيم الشيعي قلبه وعقله وتحدث باسهاب عن كل ما له علاقة بالشيعة في مصر، وعن «التشيع المصري»، والاخوان المسلمين والسلفيين، الا ان رأيه في الثورة المصرية – الذي اختلف معه فيه – ربما يصدم الكثيرين الذين توقعوا ان يكون الرجل احد اهم المؤيدين للثورة المصرية التي فتحت أمام كل الفئات والجماعات والطوائف ابوابا من الحرية والامل لم تكن تحلم بها، حتى ان الشيعة المصريين يظهرون الآن بحرية في «حسينيات» خاصة بهم في قلب القاهرة والمحافظات لكن الامانة اقتضت مني نقل رأيه في الثورة بدون اي تدخل، احتراما للرجل الذي تنظر اليه مصر باحترام، ومحافظة على حقه في ان يقول ما يريد دون حذف او تعديل.
< وبعد ان سألته عن صحته واحواله قلت له: ماذا عن رأيك فيما حدث ويحدث في مصر الآن؟
- المستشار دمرداش العقالي: للأسف الناس في مصر تموج في بعضها، والرؤى متناقضة ومتناقصة، ولا توجد فكرة تتجانس مع فكرة، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
< ألم تكن مع الثورة والتغيير الذي حدث في مصر؟
- انا مع التغيير الذي يحدد هدفه قبل ان يخطو، ان التغيير الرشيد الذي يحدد فيه الناس ماذا يغيرون وماذا يستبدلون فالشيطان يسبق اصحاب النوايا الحسنة الى افساد نواياهم وصدق الله العظيم اذ يقول: {وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته}. فالشيطان الامريكي سبق الى احتمالات الثورة فسخرها لمخططه، فالاصابع الامريكية هي التي حركت الاحداث بعد ان علمت ان الساحة مليئة باحتمالات الثورة من غير رأس يقود، فقبل ان يبرز الرأس، ويظهر الحل الثوري – كما يقول الشيوعيون – سارعوا الى ان يفتحوا باب الثورة على ثوار غير مهيئين لا تنظيميا ولا منهجيا. والذي يدلل على هذه الحيرة ان الجموع البشرية التي كانت تعيش في عناوين ترفض السياسة اصلا، كالسلفية والصوفية، فإذا بها تتصدر المشهد السياسي في مصر، ولا هي عندها رؤية ولا تدري ماذا يراد بها غدا.
انتهازية سياسية
< هل تعتبر مشاركة التيارات الرافضة للعمل السياسي نوعا من الانتهازية السياسية؟
- ليست انتهازية وانما هو كرفع الغطاء عن اناء يغلي وليس له وجهة محددة، كل يفور ويندلق في الطريق الذي يُدفع اليه، فجميع الفرقاء الذين يعملون في الساحة السياسية الآن يُدفعون الى مجهول هم لا يدركونه. فعندما تسأل السلفية ماذا يريدون من السياسة يقولون ذلك لاننا نريد مواجهة الاخوان المسلمين الذين يعملون بالسياسة، اي مجرد رد فعل للآخرين والغاء للعقلانية.
الإخوان المسلمون
< ماذا عن دور الاخوان المسلمين في مصر الآن؟
- اتذكر الآن كلمة للشيخ حسن البنا وهي كلمة عجيبة جدا قالها عام 1946 والذين سمعوها لم يعوا ابعادها قال البنا لمراسل جريدة بريطانية الذي سأله ان يعرف الاخوان: (الاخوان هي هيئة اسلامية جامعة تدعو الى الاسلام الذي يعتبر السياسة جزءا منه والوطنية فريضة من فرائضه)، فقال له المراسل: كأنكم تسعون الى الحكم؟ فأجاب الاستاذ البنا: الاخوان المسلمون لا يسعون الى الحكم ولكن الحكم يسعى اليهم»، وقد بان تفصيل هذه الكلمة «ولكن الحكم يسعى اليهم» في تفصيل ما يجري الآن في مصر والعالم العربي.
< ماذا تقصد بالتحديد؟
- لا توجد في مصر ولا في اي بلد عربي هيئة او جماعة لها سلم وكوادر وقيادات ومنهجية الا الاخوان المسلمون، هم الوحيدون الآن المهيأون لتسلم زمام الحكم في مصر والعالم العربي.
السيطرة على الثورة
< لكن الكل يخشى منهجهم وفي مصر الآن يدور الجدل حول سيطرة الاخوان على كل مقدرات الثورة؟
- الاخوان اضطهدوا لأكثر من 50 سنة، وهذه فرصتهم لانهم الوحيدون الذين كانوا ومازالوا منظمين، والحكم يسعى الى اناس منظمين وليس هلاميين ومن حقهم ان يتصدروا المشهد السياسي العربي كله لانه ليس هناك من فصيل منظم غيرهم.
< اذن فالاخوان المسلمون – حسب رؤيتك – هم حكام مصر القادمون؟
- الحكم هو الذي يسعى اليهم، والولايات المتحدة ادركت هذا الامر بفعل تحريض مبارك على الاخوان فالرئيس المخلوع بالغ في تصوير قوة الاخوان المسلمين للامريكان وظل يفزغهم بهم عندئذ قال الامريكان بان الاخوان اذا كانوا هم الاقوى وانهم سيصلون الى الحكم ان عاجلا وان آجلا فلنعمل على توصيلهم نحن على الحكم حتى يكون لنا في الامر نصيب قبل ان يصلوا هم للحكم بأنفسهم، وهذا ما حدث بالضبط.
< كأنك تتحدث عن مؤامرة لا عن ثورة شعبية بالفعل؟
- بالطبع، المؤامرة الامريكية مدروسة بذكاء والعناصر البريئة فيها تتحرك ولا حول لها ولا قوة ولا يمكنها ان تقود الاحداث، فالامريكيون يريدون محورا من الاخوان المسلمين يحكم مصر وسورية، ويحكمهما بمعطيات تقف ضد ايران بالتحديد. فالامريكان علموا من وقائع الاحداث ان بقاء تيار الاخوان معاديا للغرب ومضطهدا سيجعله يضاف الى الثقل الايراني وثقل حزب الله فعملوا على فصل هذه المعادلة التي لو اكتملت ستصبح خطيرة جدا، والعراب الذي اجاد تنظيم هذه المعادلة هو رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي فتح الباب «للوصال الامريكي الاخواني» فهو تواصل مع الاخوان المسلمين في مصر، الذين اشترطوا ان يكون اخوان سورية معهم في المعادلة، فالمحرك للاحداث كلها هي امريكا ثم انجرف الجميع في الاحداث ويتصرفون تلقائيا، هذا هو المؤكد فالذي لاشك فيه انك عندما تزيل مبارك يكون البديل الجاهز المنظم لاستلام الحكم هم الاخوان المسلمون الذين يحتاجون الى دعم، اما ان يأتي من امريكا او من جهة اخرى ولان امريكا هي الاقوى في الساحة بحكم علاقتها القوية بأصدقائها في الخليج الذين سيقدمون الدعم لمصر، فالعلاقة بينها وبين الاخوان ستكون تحالفية.
وجه مقبول
< كيف لعب اردوغان هذا الدور؟
- تركيا مهدت لوجودها القوي في المنطقة عبر ما سمي بأسطول الحرية والغيرة على حماس والدفاع عنها، كل هذا كان تمهيدا لتصبح وجها مقبولا ثم دخلت في نسيج الحوار مع الغرب الذي يعتبر اردوغان حليفا قويا، وربنا يستر على المنطقة يا سيدي.
علاقتي بالاخوان
< انت كنت احد المقربين من الراحل حسن البنا..
- مقاطعا: كنت احد تلاميذه فقد بايعت حسن البنا وانا غلام في كشافة الاخوان المسلمين عام 1941، وكنت متابعا له ايام الملك فاروق حيث كان للاخوان المسلمين سلم دقيق للمتابعة، وشوق جديد للمعرفة المنظمة والمؤطرة فكان الجهاز السري الذي انشأه الاستاذ البنا عام 1942 بعد فرض الانجليز للنحاس باشا رئيسا للوزراء، في 4 فبراير 1942 بالدبابات، واصبح البنا قريبا بعيداً من كل فرد من افراد الاخوان المسلمين والان اتذكر كلمته التي قالها «ولكن الحكم يسعى الى الاخوان» وانا كنت طالبا في الثانوي الان اراها تترجم على ارض الواقع فالاخوان قوة والمؤامرة الامريكية انتهزت فرصة وجودهم كقوة كانت محاصرة فأزالت امريكا عنهم الحصار والحقيقة ان امريكا هي التي ازالت مبارك والا لما كانت اوحت اليه وحذرته منذ الخامس والعشرين من يناير بصيغة الامر: اياك ان تتعرض للمظاهرات السلمية، وهذه المظاهرات لم يكن فيها احد من الاخوان المسلمين، وسخنت الثورة ولم تتصد لها الشرطة بل تهاوت امامها، دخل الاخوان في الثورة لانهم احسوا انها فرصتهم التي لا ينبغي ان يضيعوها.
< لماذا تركت الاخوان المسلمين؟
- تركت الاخوان عام 1954 بناء على قرار من الجهاز الخاص لأن الاستاذ حسن الهضيبي (مرشد الاخوان وقتها) لا يمثل الاخوان المسلمين وانما هو مندوب الملك فاروق، وخرجت من الاخوان مع الشيخ الغزالي وعبدالرحمن البنا ومجموعة كبيرة من كبار قادة الاخوان فالشيخ محمد الغزالي اتهم الهضيبي بانه ماسوني والف في ذلك كتاباً ومازال موجودا وقد تركت الاخوان كتنظيم لكن ظل منهج الاخوان المسلمين وفكرها هو منهجنا وفكرنا وحتى عندما وضعنا يدنا على منهج اهل البيت وتحولنا الى التشيع ظلت علاقتي قوية بالاخوان المسلمين.
http://www.kuwait.tt/ArticleDetails....rQuarter=20113
تعليق