الرئيس بري يرصد كل تطور في قضية الإمام موسى الصدر و يتلقى دعوة لزيارة ليبيا
رضوان عقيل - النّهار 24.8.2011
مع تصاعد وتيرة حركة الاحداث في ليبيا ووصول طلائع الثوار الى قلب طرابلس الغرب يزداد السؤال في بيروت عن مصير الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين. وفي الوقت نفسه تستعد حركة "امل" لاحياء الذكرى الـ33 لتغييبهم الاربعاء المقبل في بعلبك ومن الساحة التي اقسم فيها الصدر لاطلاق حركته والنهوض بأبناء الطائفة الشيعية وكل محروم وحماية لبنان من الاطماع الخارجية وفي مقدمها الخطر الاسرائيلي.
لا شيء في البيوت الشيعية يعلو الاحاديث عن ملف الصدر هذه الايام، وهذه البيوت تمضي امسياتها الرمضانية على وقع مسلسل التغيير في بلدان المنطقة بدءا من تونس، وفي انتظار ما ستؤول اليه حركة الاحتجاج المتواصلة في سوريا.
ويذكر ان قيادة الحركة انشأت منذ الاسابيع الاولى للحوادث في ليبيا "خلية أزمة" لمواكبة كل جديد في ملف الصدر ورفيقيه، وارسلت وفداً بعيداً من الاضواء الى بنغازي امضى اياماً في تلك المدينة وسواها من المناطق التي كانت تحت سيطرة المجلس الانتقالي. وعقد الوفد سلسلة لقاءات مع قيادات ليبية كانت قريبة من العقيد معمر القذافي، فضلا عن قيامه بزيارات لعدد من السجون والتفتيش في زنازينها بغية التقصي عن اي معلومة. ولم يصل الوفد الى نتائج ملموسة ومؤكدة في هذه القضية التي شغلت قيادة "أمل" ولا تزال منذ اختفاء الامام ورفيقيه، وفي مقدمها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعطى تعليمات في الساعات الـ48 الاخيرة الى الاعضاء المولجين بالتقصي.
ويحصل هذا التحرك وفق خطة مدروسة ومتابعة هادئة بالتنسيق مع عائلة الامام حفاظاً على قواعد السرية المطلوبة. وتحرص قيادة الحركة على متابعة كل "خبرية" او معلومة تصلها في هذا الخصوص سواء اكانت عبر جهات ديبلوماسية أم سواها، وتحت قاعدة "عدم التساهل في قضية من هذا الحجم تخص شخصية لبنانية وعربية واسلامية".
وتابعت الحركة عبر شخصية ديبلوماسية لبنانية ما ورد على لسان سفير ليبي مرموق تحدث في احدى مقابلاته الصحافية عن طريقة اقدام القذافي على خطف الصدر ورفيقيه والقضاء عليهم. وافاد السفير في تلك الجلسة التي عقدت في القاهرة انه قال ما قاله بناء على معلومات تلقاها وان الملف وتفاصيله موجودة عند القذافي فضلا عن حلقة ضيقة من مساعديه. وعندما جرى الاتصال باثنين من ابرز القريبين السابقين من القذافي هما وزير الخارجية السابق موسى كوسا والسيد احمد قذاف الدم رفضا التطرق الى قضية الصدر.
وكان بري واضحا في الرسالة التي وجهها أول من أمس الى رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل مهنئاً اياه بـ"الانتصارات على طريق تحرير ليبيا من الطاغية معمر القذافي".
وفي معلومات لـ"النهار" ان اتصالات تجري بين قيادتي المجلس الانتقالي و"أمل" منذ اشهر، وان لقاءات عقدت بين ممثلين للطرفين في بيروت والخارج. وقبيل حصول الرئيس نجيب ميقاتي على ثقة مجلس النواب بحكومته تلقى بري رسالة من عبد الجليل عبر وفد من المجلس الانتقالي حضر الى عين التينة وضم شخصية ناشطة في بنغازي وسفيراً في دولة عربية اعلن انشقاقه عن القذافي عند بداية الازمة في ليبيا.
وتخلل اللقاء عرض مفصل لمسار حكم العقيد القذافي منذ اكثر من اربعة عقود واتخاذه القرار بتغييب الصدر ورفيقيه خلال زيارتهم الرسمية لطرابلس الغرب. وتمنى الوفد على بري ان يساهم من موقعه في دفع الدولة اللبنانية الى الاعتراف بالمجلس الانتقالي ومساعدته في مجلس الامن من خلال عضوية لبنان غير الدائمة في هذه المؤسسة الدولية.
ونقل الى بري ايضا تحيات عبد الجليل وشكره لدعم محطة "ان. بي. ان" الثوار عبر برامجها واخبارها. واشاد عبد الجليل عبر موفده ايضا بدينامية بري واتساع حركته السياسية من خلال موقعه الحزبي والرسمي في لبنان والمنطقة العربية، ووجه اليه دعوة الى زيارة بنغازي عندما تسنح الفرصة. وفي اجتماعها الاخير شددت "هيئة الرئاسة" في "امل" على ارسال الحكومة لجنة سياسية وامنية الى ليبيا لتقصي الحقائق عن ملف الصدر، فضلا عن القيام باتصالات بجامعة الدول العربية والامم المتحدة، بغية مواكبة اي تطور في هذا الملف.
وتكتسب الذكرى الـ33 لتغييب الصدر في بعلبك أهمية خاصة هذه السنة لانها تأتي في وقت يلفظ نظام القذافي انفاسه الاخيرة وترتفع الآمال في كشف مصير الإمام الذي ظلت قضيته تطارد القذافي وتحتل صدر السجل الاجرامي لهذا القائد المهووس الذي فرط بخيرات بلده وارجعه عشرات الاعوام الى الوراء.
ولم يكتف القذافي باخفاء الصدر بل ظل يهاجم الحركة التي اسسها، وفي احدى احتفالات "الفاتح من سبتمبر" قبل اعوام خصص الجزء الاكبر من خطابه للهجوم على الرئيس بري الذي كان يتابع ما يقوله وهو في دمشق، فرد عليه في اليوم نفسه برسالة تنال من الزعيم الليبي وتحقره عبر سفارة بلاده في العاصمة السورية.
وفي المناسبة لم يوفر القذافي فرصة اثناء استقباله وفوداً من رؤساء الاحزاب في "الحركة الوطنية" انذاك لدعوتها الى الاقتصاص من بري واغتياله "والتخلص منه وخذو ما تشاؤون"، على قول القذافي وهو يطلق هذه الرسائل من خيمته.
وكان بعض هذه التهديدات يلقى على مسمع من النائب وليد جنبلاط الذي كان ينقل وقائعها بأمانة الى صديقه نبيه بري.
تعليق