إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الرد على العشماويقد كتب في صحيفة الجزيرة مقالاً بعنوان ( حسن المالكي وشتم معاوية رضي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرد على العشماويقد كتب في صحيفة الجزيرة مقالاً بعنوان ( حسن المالكي وشتم معاوية رضي

    الرد على العشماويقد كتب في صحيفة الجزيرة مقالاً بعنوان ( حسن المالكي وشتم معاوية --- الرد على العشماويالرد على العشماوي - الجزء الأول ......كان الأخ الدكتور عبد الرحمن العشماوي قد كتب في صحيفة الجزيرة مقالاً بعنوان ( حسن المالكي وشتم معاوية رضي الله عنه) بتاريخ 19/ جمادى الآخرة 1432هـ وبما أنه قد مر نحو الشهر، ولم تنشر الصحيفة ردي على الأخ العشماوي فقد اخترت نشره عبر النت، وفي هذا الرد تجدون ثلاثة أجزاء:1- رسالتي لرئيس تحرير صحيفة الجزيرة2- الرد الذي تم تسليمه للجزيرة ( وتجنبت فيه أكثر ما أريد قوله تماشياً مع الواقع الفكري في المملكة).3- الرد على عنوان المقال وهو ما زدته في المنشور هناوهذه هي الثلاثة أجزاء على الترتيب: الجزء الأول: رسالتي لرئيس تحرير صحيفة الجزيرةالأخ الأستاذ رئيس تحرير صحيفة الجزيرة.. المحترمالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعدفقد كتب الأخ الأستاذ عبد الرحمن العشماوي مقالاً في صحيفتكم الموقرة.. تناولني فيها بالشخصي والفكري..ومن حقي أن أرد عن نفسي ما ذكره سواء على المستوى الفكري أو الشخصي، وسأحاول أن أتجنب التفصيل حتى لا أحرج الصحيفة وأحرجكم، مع أنه تكلم في بعض التفاصيل، وإن رغبتم بحوار في التفاصيل عبر الصحيفة فآمل إبلاغي بذلك، فليس عندي أي مانع في محاورة الأخ عبد الرحمن أو غيره، ولكن من تجربتي في الصحافة السعودية أنهم يفتحون الحوار حتى إذا كان المحق على وشك أن يغلب خصمه ، تتدخل جهات أخرى بضبط الحوار بما يؤدي إلى نصرة المتفق مع الرأي العام ولو مبطلاً، فتقوم بإسكاتك وفتح الباب للخصوم أو المختلفين معك لصيبّوا ما شاءوا من اتهامات وتحليلات.. وهذا خلق لا يرتضيه صاحب مروءة فضلاً عن صاحب حق يعرف حقوق الإنسان وحرية التعبير، وقيمة الحجة والبرهان، لذلك لن أورطكم في التفاصيل التاريخية حتى لا اضطركم إلى منع حقي في الرد، وسأتناول الموضوع من بعيد، فأنا لصيق بالواقع الإعلامي وأعرف محظوراته، وأقدر الظروف. كتبه / حسن بن فرحان المالكي
    يتبع

  • #2
    الجزء الثاني: ردي الذي تم تسليمه لقناة الجزيرة بسم الله الرحمن الرحيمترددت كثيراً في الرد على ما كتبه الأخ الأستاذ عبد الرحمن العشماوي في مقاله المنشور في جريدة الجزيرة، يوم الأحد 19/ 6/ 1432هـ ، والذي كان بعنوان ( حسن المالكي وشتم معاوية رضي الله عنه)، وأشغلتني عنه أمور، إلا أنني عندما وجدته ينقل من منتدى إلى آخر، رأيت أن من حقي الأدبي ومن واجبي الديني أن أدلي برأيي فيما كتبه عني، وما نقله من لقاءات ودعوى نصائح ونحو ذلك، مع الاحتفاظ للأخ الأستاذ عبد الرحمن العشماوي بكامل التقدير.وبداية أقول، كان هذا التردد مني لسببين، الأول : لأن الظروف كلها مع أخي عبد الرحمن ولا يكاد يخلص لي منها شيئاً، والثاني لأن العلم كله - في هذه المسائل التاريخية- معي ولا يكاد يخلص للأخ عبد الرحمن منه شيئاً، فإذا كانت الظروف كلها في مكان، ويضادها العلم في مكان آخر، فقل لي بربك كيف يلتقيان؟وتساءلت ماذا يمكن أن أقول؟ هل أستطيع أن أعرض حجتي وأدلتي وبراهيني كاملة مفصلة لعرض حقائق تاريخية في الصحيفة نفسها التي نشر فيها العشماوي مقاله؟ أم لا أستطيع؟ الجواب واضح أن الظروف العامة لا تكاد تسمح بهذا، لأن هناك حساسية لما يصدر في وسائل الإعلام المحلية قد لا تحتمل ما يتم طرحه في القنوات مراعاة لواقع الناس واستنكارهم لما يجهلون، والناس أعداء ما جهلوا، والأمر الآخر أن هناك ممانعة واسعة على مدار تاريخنا تأبى البحث الجاد، وتخشى من الحقيقية، وتحاربها جهلاً بها وبفائدتها، حتى لو تم نقل هذه الحقيقة من كتاب الله أو من صحاح المصادر الحديثية، وهذه الممانعة قديمة كما قلت وليست وليدة عصرنا هذا، ولعلكم تلاحظون أنكم عندما تتدبرون القرآن الكريم قد تقفون على آيات كأنكم تسمعونها لأول مرة، لماذا؟ فالجواب هو الجواب، أيضاً تكون الغرابة أكثر في الحديث، قد تقرأ حديثاً في الصحيحين كأنك تقرأه لأول مرة، وأما في التاريخ فالأمر أعظم، وتكون حقائقه أكثر غرابة وأند شروداً عن الذاكرة، حتى لا يكاد يصدقها أحد مع صحة أسانيدها وكثرة شواهدها، ووفرة قرائنها، وقرآنية حواضنها، فهذا كله لا نستطيع إنكاره، هو واقع عند المسلمين يجب الوقفة عنده طويلاً، ومعرفة أسباب هجران هذه الحقائق، وفي الجانب الآخر قد تشتهر فكرة وتتلبس بالعقول ثم مع قليل من البحث قد لا نجد لها أصلاً، وهذه الحالة أيضاً يعرفها الجميع أيضاً، وما من باحث في أي فن من الفنون إلا ويكتشف شيئاً من هذا السائد الخاطيء، أو ذاك الغريب الصحيح.وعند تحليل هذه المفاجآت، سواء المفاجأة بالأفكار الصحيحة الغريبة أو الأفكار السائدة الباطلة سيؤول إلى معرفة هذا الإنسان، من حيث كونه ظلوماً جهولاً نسياً عجولاً ضعيفاً.. ( كل هذه حقائق الإنسان في القرآن الكريم)، وللتغلب على هذه الغرائز أو المكونات النفسية التي جبلنا الله عليها ابتلاء، وأعطانا ما يمكننا التخلص منها عبادة، هو موضوع قرآني كبير اسمه ( الابتلاء)، هذا الموضوع أعلنه القرآن وأهمله التاريخ بثقافته الموروثة، وإلا فقد جعل الله لنا ما نستطيع به مقاومة هذه الطبائع، من تخفيف هذا الظلم، أو إزالة ذاك الجهل، أو استحضار ما غطاه النسيان، أو تدبر ما أفسدته العجلة، أو تقوية ما أضعفته أهواء النفس ورغباتها، فالله منحنا القلوب والعقول والأبصار ثم بعث رسله وأنزل كتبه لنستعين بهذا كله على النقص الإنساني المتمثل في الصفات السابقة، وهنا معنى الابتلاء ( ليبلوكم فيما آتاكم)، ( وليمحص ما في قلوبكم) ( ولعلكم تعقلون)...الخ، ومن لا يدرك أن بصره في ابتلاء مستمر وكذا سمعه وفؤاده وعقله وأن عليه أن يفعلها في طرد تلك الطبائع المخلوقة مع الإنسان، إن لم يفعل هذا المسلم فلن يستطيع اجتياز الابتلاء بنجاح ( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون) إذ أن شكرها هو تفعيلها لا تعطيلها، والشكر لا يكون باللسان حتى يسبقه التفعيل، وإلا فأنت تشكر نعمة لا تحس بها، وهذا من الجهل.وواقع المسلمين من قديم يعرفه الجميع، فهم من أكثر الأمم تعطيلاً لهذه النعم، وهذا خلاف مراد الشارع، ولذلك كرر في القرآن الكريم ( لعلكم تعقلون) وما في معناها ( أفلا تتفكرون) ( تنظرون، تسمعون، تبصرون..) أكثر مما كرر ذكر الصلاة والصوم والحج مجتمعاً.ومن تلك الحقائق المحاربة التي يحاربها المسلمون بكافة طوائفهم وفرقهم (الحقائق التاريخية) ونتيجة لهذه المحاربة أتى المسلمون بحقائق متضادة، لتقوم كل حقيقة مدعاة بإبطال حقيقة صحيحة الوقوع، فالحقائق عند فرقة غير الحقائق عند أخرى، بل داخل كل فرقة اضطراب شديد، ولا تكاد طوائفها تتفق على ترتيب معين لحقائق التاريخ، والأغرب من ذلك أن الفرقة الواحدة قد تعتقد صحة حدث في زمن ما، ثم تنكره في زمن آخر، دون دراسة علمية، وإنما لظروف سياسية أو مذهبية أو بلدانية أو اقتصادية أو اجتماعية..الخ، وهذا كله لأن التاريخ أهم مثيرات الوعي، وكل سائد فكري لا يحب الوعي، ومن هذا فكل التيارات والأحزاب الكبرى تخشى الوعي، وتطحن الفردية لحساب الرأي السائد، حتى ولو كان هذا الرأي العام سطحياً ساذجاً مبنياً على التلقي والتقليد.إذن فالموضوع كبير جداً وهذا ما جعلني أتردد في طرح النظري للإشكالية دون بحثها، ومع هذا التبسيط قد يصعب فهمها ليس لغبش الحق وإنما لتراكم الجهل.وهذه السذاجة سنراها في مقال الأخ عبد الرحمن واضحة جداً وربما نناقش بعض أطرافها، والخلاصة أن تلك الرؤية أو الثقافة أو الممانعة – إن أحسنا بها الظن- ترى أن التاريخ أمر مضى وانتهى، وأنك أنما أنت محاسب بعملك، وكأن الموضوع خصومة شخصية، وكأنه لا فائدة من ذكر أحداثه وتقييم شخصياته ومدى أثر ذلك على ما وصلنا من تراث أو عقائد وفكر وسلوك، وكأنه لا فائدة من القصص التي ذكرها الله لنا في كتابه، أو الأحاديث النبوية المتعلقة بالماضي أو المستقبل، ..فالخلاصة أن نظرية الأخ عبد الرحمن مونقة المنظر موبقة المخبر، وفيها من التسطح والسذاجة والعجلة ما يجعل الإجابة عليها في غاية الصعوبة للتحير في انتقاء الإجابات السهلة! وهذه السذاجة من أكبر أسباب تخلف المسلمين، وربما لو أحسنا قراءة هذه السذاجة وتحليلها وكيف وصلت إلى تراث المسلمين ووضعت فيها الأحاديث والآثار، وتم نقلها من موضعها الساذج إلى برجها العاجي، لأكتشفنا منها أول الخيط ودلتنا على مبدأ التضليل، فهي أكبر طرفة اختصت بها هذه الأمة.وسأختار الإجابة العامة، فالمسلمون عامة إلا نوادر المثقفين لا يسألون أنفسهم مجرد سؤال: هل للسطات المتعاقبة والفرق المتضادة والمذاهب المختلفة عبر التاريخ أثر في ثقافتنا أم لا؟ هل لها أثر في نظرتنا إلى الدين وفهمنا له؟ إلى الأفكار التي نؤمن بها؟ .. هل هناك أثر أم لا؟ سؤال بريء يحتاج إلى إجابة واضحة، فإن قلنا: لا، ولن نستطيع، أشهدنا العالم على جهلنا وتعصبنا وطرافة أفكارنا، وإن قلنا: نعم، فلم يبق إذن إلا الهدوء في البحث الجاد، الذي يحيي الشهادة لله، التي أماتتها الأمور السابقة، إذ أصبحت الشهادة للسائد هي المقدمة، والشهادة لله هي المؤجلة أو المنسية، فإن تم ذلك فيمكن تلمس الحقائق التاريخية الكبرى وما يشبهها وما يضادها، ونستطيع أن نرتب أفكارنا وتصوراتنا، فنفصل القطعي عن الراجح عن المظنون عن المرجوح عن الباطل، مع العلم بأننا قد نجد حقائق مرة، وليكن، فالحق ثقيل ولا يصلح حلوه إلا بمرّه ( كما قال حذيفة بن اليمان)، وهكذا الأمم تبني قلوبها مع عقولها، فالقلب الضعيف لا يبني حضارة، لأن مفتاح كل حضارة هو العقل، ومفتاح العقل ( فيما يخص الإنسانيات) هو التاريخ، والتاريخ جماع العلوم الإنسانية من حديث وفقه وعقائد وأحداث وسير وشخصيات، القرآن الكريم فقط هو المحفوظ، أما البقية فلا نأمن أن نكون متعبدين ببعض التاريخ على أنه شرع كما يفعل بعض الناس، أو نترك بعض الشرع على أنه تاريخ كما يفعل العشماوي، فالتاريخ كالوادي الطويل الذي يجري فيه نهر الثقافة، ولكن النهر ليس ماء عذباً فقط، بل قد يحمل الجثث والنفايات أيضاً، ألا يحق لمن يسكن في آخر الوادي، أن يسأل إن رأى الماء متلوثاً، ورأى الأمراض منتشرة في أبنائه ومواشيه، ألا يحق له استبطان هذا الوادي وارتياده من أوله إلى آخره، باحثاً عن أسباب مرض أبنائه وتبلدهم وهزالة مواشيه ونضوها؟ فلربما يكتشف في بطن الوادي أو على أطرافه نفايات مسمومة جلبها النهر من أعلى الوادي أو وسطه ليلقيها في أفواه الأبناء وبطون الأنعام، فيعمل على أزالتها جانباً ليستمر النهر بعد ذلك في تدفقه عذباً فراتاً، يحيي الموات ويبقي على الحياة؟.كل أمم الأرض تضع التاريخ في أولويات علومها، مع اختلافها في كثير من أحداثه وشخصياته، إلا أنه لا يظهر منهم أحد يحذر من بحث فكرة معينة أو تقييم شخصية مؤثرة، أو تمحيص فكرة سائدة ، أو استنباط ما يرفد الحاضر ويمهد للمستقبل، وليس هناك أمة تكتفي بالسائد إلا الأمم العربية والإسلامية لتخلفها علمياً وخضوعها للسذاجة وتوظيفها التاريخ في تكريس التخلف ( مع الاعتذار لأستاذنا إبراهيم البليهي الذي يرى أن العرب لا يستحقون لفظة التخلف أصلاً، لأن المتخلف يجري مع السابق لكنه تخلف)! والخائف من الحقيقة لا يبني حضارة ولا يستطيع المساهمة فيها، وكل علماء المسلمين الذين نفتخر بهم اليوم ونزعم بأنهم سبقوا الغرب إلى العلوم كانوا خارج السياق الثقافي، أو خارج ( النسق الثقافي حسب تعبير الدكتور عبد الله الغذامي)، وهم في ثقافتنا العامة بين مبتدع وزنديق وملحد، راجعوا إن شئتم حكم ثقافتنا السائدة على ابن سينا وابن رشد والفارابي وابن النفيس وابن الهيثم وجابر بن حيان..الخ، فمن الذي حاصرهم وحاصر ثقافتهم حتى هاجرت مطاردة لتنفجر في أوروبا باردة، ثم تعاود الأوبة غزواً؟ هذا سؤال لا يستطيع الأخ العشماوي طرحه فضلاً عن مناقشته مناقشة علمية مبرهنة.

    تعليق


    • #3
      الجزء الثاني: ردي الذي تم تسليمه لقناة الجزيرة بسم الله الرحمن الرحيمترددت كثيراً في الرد على ما كتبه الأخ الأستاذ عبد الرحمن العشماوي في مقاله المنشور في جريدة الجزيرة، يوم الأحد 19/ 6/ 1432هـ ، والذي كان بعنوان ( حسن المالكي وشتم معاوية رضي الله عنه)، وأشغلتني عنه أمور، إلا أنني عندما وجدته ينقل من منتدى إلى آخر، رأيت أن من حقي الأدبي ومن واجبي الديني أن أدلي برأيي فيما كتبه عني، وما نقله من لقاءات ودعوى نصائح ونحو ذلك، مع الاحتفاظ للأخ الأستاذ عبد الرحمن العشماوي بكامل التقدير.وبداية أقول، كان هذا التردد مني لسببين، الأول : لأن الظروف كلها مع أخي عبد الرحمن ولا يكاد يخلص لي منها شيئاً، والثاني لأن العلم كله - في هذه المسائل التاريخية- معي ولا يكاد يخلص للأخ عبد الرحمن منه شيئاً، فإذا كانت الظروف كلها في مكان، ويضادها العلم في مكان آخر، فقل لي بربك كيف يلتقيان؟وتساءلت ماذا يمكن أن أقول؟ هل أستطيع أن أعرض حجتي وأدلتي وبراهيني كاملة مفصلة لعرض حقائق تاريخية في الصحيفة نفسها التي نشر فيها العشماوي مقاله؟ أم لا أستطيع؟ الجواب واضح أن الظروف العامة لا تكاد تسمح بهذا، لأن هناك حساسية لما يصدر في وسائل الإعلام المحلية قد لا تحتمل ما يتم طرحه في القنوات مراعاة لواقع الناس واستنكارهم لما يجهلون، والناس أعداء ما جهلوا، والأمر الآخر أن هناك ممانعة واسعة على مدار تاريخنا تأبى البحث الجاد، وتخشى من الحقيقية، وتحاربها جهلاً بها وبفائدتها، حتى لو تم نقل هذه الحقيقة من كتاب الله أو من صحاح المصادر الحديثية، وهذه الممانعة قديمة كما قلت وليست وليدة عصرنا هذا، ولعلكم تلاحظون أنكم عندما تتدبرون القرآن الكريم قد تقفون على آيات كأنكم تسمعونها لأول مرة، لماذا؟ فالجواب هو الجواب، أيضاً تكون الغرابة أكثر في الحديث، قد تقرأ حديثاً في الصحيحين كأنك تقرأه لأول مرة، وأما في التاريخ فالأمر أعظم، وتكون حقائقه أكثر غرابة وأند شروداً عن الذاكرة، حتى لا يكاد يصدقها أحد مع صحة أسانيدها وكثرة شواهدها، ووفرة قرائنها، وقرآنية حواضنها، فهذا كله لا نستطيع إنكاره، هو واقع عند المسلمين يجب الوقفة عنده طويلاً، ومعرفة أسباب هجران هذه الحقائق، وفي الجانب الآخر قد تشتهر فكرة وتتلبس بالعقول ثم مع قليل من البحث قد لا نجد لها أصلاً، وهذه الحالة أيضاً يعرفها الجميع أيضاً، وما من باحث في أي فن من الفنون إلا ويكتشف شيئاً من هذا السائد الخاطيء، أو ذاك الغريب الصحيح.وعند تحليل هذه المفاجآت، سواء المفاجأة بالأفكار الصحيحة الغريبة أو الأفكار السائدة الباطلة سيؤول إلى معرفة هذا الإنسان، من حيث كونه ظلوماً جهولاً نسياً عجولاً ضعيفاً.. ( كل هذه حقائق الإنسان في القرآن الكريم)، وللتغلب على هذه الغرائز أو المكونات النفسية التي جبلنا الله عليها ابتلاء، وأعطانا ما يمكننا التخلص منها عبادة، هو موضوع قرآني كبير اسمه ( الابتلاء)، هذا الموضوع أعلنه القرآن وأهمله التاريخ بثقافته الموروثة، وإلا فقد جعل الله لنا ما نستطيع به مقاومة هذه الطبائع، من تخفيف هذا الظلم، أو إزالة ذاك الجهل، أو استحضار ما غطاه النسيان، أو تدبر ما أفسدته العجلة، أو تقوية ما أضعفته أهواء النفس ورغباتها، فالله منحنا القلوب والعقول والأبصار ثم بعث رسله وأنزل كتبه لنستعين بهذا كله على النقص الإنساني المتمثل في الصفات السابقة، وهنا معنى الابتلاء ( ليبلوكم فيما آتاكم)، ( وليمحص ما في قلوبكم) ( ولعلكم تعقلون)...الخ، ومن لا يدرك أن بصره في ابتلاء مستمر وكذا سمعه وفؤاده وعقله وأن عليه أن يفعلها في طرد تلك الطبائع المخلوقة مع الإنسان، إن لم يفعل هذا المسلم فلن يستطيع اجتياز الابتلاء بنجاح ( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون) إذ أن شكرها هو تفعيلها لا تعطيلها، والشكر لا يكون باللسان حتى يسبقه التفعيل، وإلا فأنت تشكر نعمة لا تحس بها، وهذا من الجهل.وواقع المسلمين من قديم يعرفه الجميع، فهم من أكثر الأمم تعطيلاً لهذه النعم، وهذا خلاف مراد الشارع، ولذلك كرر في القرآن الكريم ( لعلكم تعقلون) وما في معناها ( أفلا تتفكرون) ( تنظرون، تسمعون، تبصرون..) أكثر مما كرر ذكر الصلاة والصوم والحج مجتمعاً.ومن تلك الحقائق المحاربة التي يحاربها المسلمون بكافة طوائفهم وفرقهم (الحقائق التاريخية) ونتيجة لهذه المحاربة أتى المسلمون بحقائق متضادة، لتقوم كل حقيقة مدعاة بإبطال حقيقة صحيحة الوقوع، فالحقائق عند فرقة غير الحقائق عند أخرى، بل داخل كل فرقة اضطراب شديد، ولا تكاد طوائفها تتفق على ترتيب معين لحقائق التاريخ، والأغرب من ذلك أن الفرقة الواحدة قد تعتقد صحة حدث في زمن ما، ثم تنكره في زمن آخر، دون دراسة علمية، وإنما لظروف سياسية أو مذهبية أو بلدانية أو اقتصادية أو اجتماعية..الخ، وهذا كله لأن التاريخ أهم مثيرات الوعي، وكل سائد فكري لا يحب الوعي، ومن هذا فكل التيارات والأحزاب الكبرى تخشى الوعي، وتطحن الفردية لحساب الرأي السائد، حتى ولو كان هذا الرأي العام سطحياً ساذجاً مبنياً على التلقي والتقليد.

      تعليق


      • #4
        إذن فالموضوع كبير جداً وهذا ما جعلني أتردد في طرح النظري للإشكالية دون بحثها، ومع هذا التبسيط قد يصعب فهمها ليس لغبش الحق وإنما لتراكم الجهل.وهذه السذاجة سنراها في مقال الأخ عبد الرحمن واضحة جداً وربما نناقش بعض أطرافها، والخلاصة أن تلك الرؤية أو الثقافة أو الممانعة – إن أحسنا بها الظن- ترى أن التاريخ أمر مضى وانتهى، وأنك أنما أنت محاسب بعملك، وكأن الموضوع خصومة شخصية، وكأنه لا فائدة من ذكر أحداثه وتقييم شخصياته ومدى أثر ذلك على ما وصلنا من تراث أو عقائد وفكر وسلوك، وكأنه لا فائدة من القصص التي ذكرها الله لنا في كتابه، أو الأحاديث النبوية المتعلقة بالماضي أو المستقبل، ..فالخلاصة أن نظرية الأخ عبد الرحمن مونقة المنظر موبقة المخبر، وفيها من التسطح والسذاجة والعجلة ما يجعل الإجابة عليها في غاية الصعوبة للتحير في انتقاء الإجابات السهلة! وهذه السذاجة من أكبر أسباب تخلف المسلمين، وربما لو أحسنا قراءة هذه السذاجة وتحليلها وكيف وصلت إلى تراث المسلمين ووضعت فيها الأحاديث والآثار، وتم نقلها من موضعها الساذج إلى برجها العاجي، لأكتشفنا منها أول الخيط ودلتنا على مبدأ التضليل، فهي أكبر طرفة اختصت بها هذه الأمة.وسأختار الإجابة العامة، فالمسلمون عامة إلا نوادر المثقفين لا يسألون أنفسهم مجرد سؤال: هل للسطات المتعاقبة والفرق المتضادة والمذاهب المختلفة عبر التاريخ أثر في ثقافتنا أم لا؟ هل لها أثر في نظرتنا إلى الدين وفهمنا له؟ إلى الأفكار التي نؤمن بها؟ .. هل هناك أثر أم لا؟ سؤال بريء يحتاج إلى إجابة واضحة، فإن قلنا: لا، ولن نستطيع، أشهدنا العالم على جهلنا وتعصبنا وطرافة أفكارنا، وإن قلنا: نعم، فلم يبق إذن إلا الهدوء في البحث الجاد، الذي يحيي الشهادة لله، التي أماتتها الأمور السابقة، إذ أصبحت الشهادة للسائد هي المقدمة، والشهادة لله هي المؤجلة أو المنسية، فإن تم ذلك فيمكن تلمس الحقائق التاريخية الكبرى وما يشبهها وما يضادها، ونستطيع أن نرتب أفكارنا وتصوراتنا، فنفصل القطعي عن الراجح عن المظنون عن المرجوح عن الباطل، مع العلم بأننا قد نجد حقائق مرة، وليكن، فالحق ثقيل ولا يصلح حلوه إلا بمرّه ( كما قال حذيفة بن اليمان)، وهكذا الأمم تبني قلوبها مع عقولها، فالقلب الضعيف لا يبني حضارة، لأن مفتاح كل حضارة هو العقل، ومفتاح العقل ( فيما يخص الإنسانيات) هو التاريخ، والتاريخ جماع العلوم الإنسانية من حديث وفقه وعقائد وأحداث وسير وشخصيات، القرآن الكريم فقط هو المحفوظ، أما البقية فلا نأمن أن نكون متعبدين ببعض التاريخ على أنه شرع كما يفعل بعض الناس، أو نترك بعض الشرع على أنه تاريخ كما يفعل العشماوي، فالتاريخ كالوادي الطويل الذي يجري فيه نهر الثقافة، ولكن النهر ليس ماء عذباً فقط، بل قد يحمل الجثث والنفايات أيضاً، ألا يحق لمن يسكن في آخر الوادي، أن يسأل إن رأى الماء متلوثاً، ورأى الأمراض منتشرة في أبنائه ومواشيه، ألا يحق له استبطان هذا الوادي وارتياده من أوله إلى آخره، باحثاً عن أسباب مرض أبنائه وتبلدهم وهزالة مواشيه ونضوها؟ فلربما يكتشف في بطن الوادي أو على أطرافه نفايات مسمومة جلبها النهر من أعلى الوادي أو وسطه ليلقيها في أفواه الأبناء وبطون الأنعام، فيعمل على أزالتها جانباً ليستمر النهر بعد ذلك في تدفقه عذباً فراتاً، يحيي الموات ويبقي على الحياة؟.كل أمم الأرض تضع التاريخ في أولويات علومها، مع اختلافها في كثير من أحداثه وشخصياته، إلا أنه لا يظهر منهم أحد يحذر من بحث فكرة معينة أو تقييم شخصية مؤثرة، أو تمحيص فكرة سائدة ، أو استنباط ما يرفد الحاضر ويمهد للمستقبل، وليس هناك أمة تكتفي بالسائد إلا الأمم العربية والإسلامية لتخلفها علمياً وخضوعها للسذاجة وتوظيفها التاريخ في تكريس التخلف ( مع الاعتذار لأستاذنا إبراهيم البليهي الذي يرى أن العرب لا يستحقون لفظة التخلف أصلاً، لأن المتخلف يجري مع السابق لكنه تخلف)! والخائف من الحقيقة لا يبني حضارة ولا يستطيع المساهمة فيها، وكل علماء المسلمين الذين نفتخر بهم اليوم ونزعم بأنهم سبقوا الغرب إلى العلوم كانوا خارج السياق الثقافي، أو خارج ( النسق الثقافي حسب تعبير الدكتور عبد الله الغذامي)، وهم في ثقافتنا العامة بين مبتدع وزنديق وملحد، راجعوا إن شئتم حكم ثقافتنا السائدة على ابن سينا وابن رشد والفارابي وابن النفيس وابن الهيثم وجابر بن حيان..الخ، فمن الذي حاصرهم وحاصر ثقافتهم حتى هاجرت مطاردة لتنفجر في أوروبا باردة، ثم تعاود الأوبة غزواً؟ هذا سؤال لا يستطيع الأخ العشماوي طرحه فضلاً عن مناقشته مناقشة علمية مبرهنة.

        تعليق


        • #5
          وأما السبب الثاني: فيتعلق بي وبالأخ الأستاذ الشاعر عبد الرحمن العشماوي، فلكل منا اهتمامه، هو في الشعر وأنا في التاريخ، لا أكاد أملك من اهتمامه شيئاً، فلست شاعراً، ولا أصلح في نقد الشعر وتقييمه، وهو كذلك لا يكاد يعلم من اهتمامي شيئاً سواء في الحديث أو التاريخ أو المصطلح، وإذا احتج بأن هناك مؤرخين يخالفونني في بعض الرؤى، فهذا طبيعي، فهناك أيضاً شعراء أعظم منه يخالفونه في الأدب ومدارسه وفنونه، ، فنترك الاحتجاج بالآخر، وليقل كلانا : ( ها أنذا).ثم أقول: ما زلت أستغرب كتابة الأخ العشماوي كتابة هذا المقال محرضاً ومهاجماً، خابطاً فيه خبط عشواء، معمساً على العامة، متزلفاً للسائد، ماتحاً من غرب هواه، لمنصب يقرعه، أو منبر يفرعه، أو مقنب يقوده، أو فرصة ينتهزها، وذلك بعد أن أضرعتني له الحمى، وربض عليّ الزمان، وأعلقتني الأضداد أوهاق المنية، كيف يفعل هذا؟ ألم يكن يستطيع أن يحاور بعلم أو يسكت عن حلم، فماذا أبقى من مروءة الشعر ودروس الفضيلة؟ إذا عذرته بأنه لم يتدبر القرآن ولم يقرأ التاريخ فكيف تغيب عنه حكمة المتبي وحماسة أبي تمام وتنهدات الحمداني.ثم أقول لو ضربنا دون هذا العتب صفحاً وطوينا عنه كشحاً، فماذا عند الأخ العشماوي من العلم بالتاريخ الإسلامي وحقائقه؟ ورواياته وقرائنه؟ هل يستطيع تخريج رواية؟ أو دراسة إسناد؟ أو الإلمام بأطراف حدث تاريخي ولو من طرف خفي؟ ... كلا، هو دون ذلك بكثير، لا يستطيع تحقيق حدث صغير في السيرة النبوية فكيف بغيرها؟ كبدء الوحي، أو هجرة الحبشة، أو حصار الشعب، أو العرض على القبائل، أو إحدى الغزوات المشهورة، .. وأظن الأخ العشماوي يعرف أنه ليس في هذه الأمور في قبيل ولا دبير، ولا أظنه كتب مقاله نصيحة لله ولا رغبة في تصحيح، إنما هو كيد شاعر، يستعدي على أخيه الصعب والذلول، ويحرض عليه – واهماً أو موهماً- بأنه يشتم الصحابة، وأن عنده نظرة سوداوية عنهم، وأنه وأنه..الخ، هكذا يضرب في ( الشخصي) بلا حساب، ويخبطها عشواء، تاركاً المعلومات بين سنابك الاتهامات، لم يذكر مصدراً، ولم يفند فكرة، وإنما هكذا يكيل من غير وزن، ويرمي في غير سدد، فآخر همه معرفة تقود إلى إصلاح، أو حقيقة باعثة على تدبر، كلا كلا.. هو في وادٍ آخر، يسير فيه كالمنبت، لم يخلّف بعده منبعاً ولم يرتد أمامه موضعاً، سائراً في لجة الناس إلى غاية يجهلها، ومحلة لم يعد لها، لم يجد إلى الآن منفذ المعرفة ولا يعمل لمآل العاقبة، كسائر السطحيين، فإن رضي عنه الناس ظن أن الله راضٍ عنه، وأن الله ملزم برضا العامة، وينسى قوله تعالى ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) وهل يكون التمحيص إلا بعد وضع ما تحب في كفة، ورضا الله في أخرى، ثم أنت والشهادة لله، هذه معاني كبيرة من الابتلاء والشهادة لله لا يعرف عنها أخونا شيئاً ولا يحتسبها في ورد ولا صدر، وهي علة الخلق وغاية الخالق.وأنا أشفق عليه كما يشفق عليّ، وآمره بتقوى الله كما أمرني، و أنا مع ذنوبي أرجو لنفسي أنه لا يدفعني للتنقيب والتفتيش ومخالفة الخاص والعام إلا حذراً من أن أطوي شهادة أو أكتم معرفة، سواء أصبت في تلك الشهادة والمعرفة أو أخطأت، قبلها الناس أو رفضوها، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وأكاد أجزم أن الناس سيرفضونها آحاداً ثم يبلعونها جملة، والحريص على الخير هو من يفرش للمستقبل وطاء المعرفة، وضده من يدثر الماضي بغطاء الجهل، ولكن ماذا نفعل بأعداء العقول؟وقد نقل عني أخي عبد الرحمن في لقاءات خاصة بيني وبينه ما ليس صحيحاً، إذ حرّف سبب اللقاء وأهدافه وما جرى فيه، ليخرج من ذلك اللقاء ناصحاً شفيقاً، وأخرج أنا غراً جهولاً، فالأمر ليس كما قال الأخ عبد الرحمن، فلم أذهب إليه ( عام 1413هـ) لأستشيره في ما أنشر وما لا أنشر من مقالات تاريخية كما زعم؟ أو لأستأمره فيما أبحثه وما أتجنبه! كلا، ولا يجوز له أن يقعد نفسه في هذا المنصب، فليس أهلاً للاستشارة في موضوع خارج اهتمامه وبحثه، وإنما نعم لو كتبت قصيدة من البحر الوافر فلربما أحتاجه في مراقبة ما في القصيدة من زحاف وإقواء أو سناد وأيطاء، أما أن أستشيره في دراسة إسناد، أو تقييم مصدر، أو ترجيح رواية، فهيهات هيهات، لقد حنّ قدح ليس منها، فلا تتشبع - أخي - بما لم تعطَ، ولتربع عن ظلعك، ولتتأخر حيث أخترك همتك، واحمد الله على حواجز عافيتك

          تعليق


          • #6
            حقيقة الأمر أنه كان هناك أكثر من لقاء بيني وبين الأخ العشماوي، ومنها ذلك اللقاء، - ولن أذكر غيره- وكان له موضوع آخر، وسبب باعث غير ما ذكر، نعم ربما تناولنا التاريخ من زاوية معينة، وكنت أريد أن أفاتحه - من هذا الباب- في قصيدة ساذجة تحدث فيها عن الفتنة، وحاولت أن أناقشه عرضاً في بعض أحداث تلك القصيدة فتهرب وتلكأ وزعم أنه في طور مراجعتها، مع أن هذا - كما قلت- كان عرضياً ولم يكن موضوع لقائنا، ولا يستطيع أن يفصح عن موضوع اللقاء وما جرى فيه! فالرجل قد تحول الهوينى صامتاً، وتطورنا جرياً معلنين، وهذه أمور لولا أنه ذكرها محرفة ما أنطقنا العجماء ذات البيان! أما ما زعمه في عنوان مقاله من ( شتم معاوية)، فهذا عنوان ساذج سخيف تحريضي، فلم يحدث شتم في ذلك البرنامج لا لمعاوية ولا لغيره، ولكن الأخ العشماوي يحرض فقط ويتناول من خطاب العامة ما يعلو به بينهم، ويسربه في جموعهم، والأخ العشماوي مذ عرفته لا يتطور في خطاب ولا ثقافة، من يوم عرفناه إلى اليوم، إذ أن رأس ماله أن منحه الله صوت منذر وإلقاء خطيب، مجرد مواعظ وأناشيد أطفال يحيلها نظماً موزوناً، فلا جزالة لفظة ولا علو فكرة، ولا دعة مريحة ولا وثبة ناجزة، وعنوان مقاله يدل على ما قلت، وكم أتمنى منه وهو (الشاعر صاحب اللغة) أن يحدد تعريف ( الشتم) أو يحدد مفهومه له، وعلى أي تعريف يرتضيه أو حدّ يضعه، فإن فعل فقد حفر حفرته، واكتشف غرته، وسيعود تعريفه وبالاً عليه، سواء أعد النقد شتماً أو علماً، ففي الحالين عندي الخبر، وسينتقض عليه فتله، هذا إن أراد حواراً على هذه الصحيفة - إن احتملت الصحيفة إدارة هذا الحوار والإنصاف فيه- وإلا يكون قد كتب عني مقالاً وأكون قد رددت عليه مثله، وإن أراد لقاءً ودياً خارج الحوارات العلنية فبابي مفتوح، وإن نفر مستكبراً فليفتح لي بابه، لأطلعه بكل محبة على ما خفي عليه، سواء من حيث غايات التاريخ وأهدافه، أو من حديث مسيرته وحقائقه، وإن خشي أنه لا يستطيع دارسة الروايات ولا حسن تقييم المصادر والأسانيد، وأنني ربما قد أضله عن سواء السبيل، فسأكتفي بما دونه القرآن الكريم من تاريخ، والقرآن الكريم لا يحتاج لدراسة إسناد، ولا تقييم، وإنما يحتاج منا إلى تدبر وإيمان فقط، وأن الله يريد ما يقول حقاً، وأن كتاب الله فيه الهدى والنور، وإن استعجل أخونا – والعجلة داء- وزعم أنه ليس في القرآن تاريخ ولا فيه موضوع اختلافنا، فأنصحه ألا يستعجل بعرض هذا الجهل، وليتأنى حتى يسمع، فإن سمع ما ينكره رده، وإن وجد ما يقره استفاد، وأنا أضمن له أن موضوعنا هذا الذي نحن مختلفان فيه سيحسمه القرآن الكريم، إن خلصت الشهادة لله، وطردنا الشهادة لغيره، من منصب أو مذهب، أو صديق أو مريد، فالشهادة لله أولى من الشهادة لهم، وواجبه علينا أولى من الواجب لهم.إذن فليختر الأخ عبد الرحمن طريقة سلسة، لا يجد لنفسه فيها حرجاًُ، نستطيع بها أن نكشف أنا وهو جهل أنفسنا، وأعده أن يكون اللقاء هادئاً أخوياً علمياً، وأن القسوة التي يراها هنا إنما هيء شؤبوب من قنيف مقاله، ومن حقي أن أدفع عن نفسي ما حرفه وشخصنه وابتدأه، والباديء أولى بالظلم وأبعد عن العذر، فلا حجة له الآن بأنه لا يستطيع لقائي لأنه لا يعرف مصادر التاريخ ولا تقييم الروايات ولا معرفة المصطلح وعلم الرجال، فسألقاه على الكتاب الذي نزل (تبياناً لكل شيء)، وما ذكره عن الماضي وما فيه من قرائن، وعن السيرة وما فيها من حقائق، وعن المستقبل القريب والبعيد، هذا كله في الكتاب، وهو يمثل الخطوط العريضة لكل ما نحتاج إليه من عقائد وأخلاق واعتبار. وبقيت شبهة شائعة لا بد لها من إجابة مختصرة، وهي ما زعمه الأخ عبد الرحمن من أنك لو لقيت شخصاً وهو يشتم رجلاً لأنه كان عدواً لجده فهل تتهمه إلا بالجنون؟ أو بمعنى كلامه..وهذا يدل على أن الأخ العشماوي في واد ونحن في واد آخر، مع إصراره على مفهوم عامي ساذج للشتم، فهو ابن العامة وتلميذها وأستاذها، يأخذ منها السذاجة شاحبة اللون ويردها بضة الملمس، يمخضها مخض السقاء، ويرددها صباح مساء.والتاريخ ودراسته وغاياته شيء آخر يا أخي عبد الرحمن، فتعلم أولاً ثم تكلم، ولا تغرك الجهالات والتسذج على من لا يدرك أهمية التاريخ في إثارة دفائن العقول والتنكب عن مخالج السبيل.ولو يعرف الأخ عبد الرحمن أثر التاريخ وشخصياته على أفكارنا وسلوكنا سلباً وإيجاباً، لطلب مني إرجاع ما لا يرتضيه من أخلاق الناس وأفكارهم اليوم، إلى مبادئها في التاريخ وكيف انتقلت من البلاط إلى المنبر ثم التراث ثم استحكامها في العقول والسلوكيات، ثم كانت النتيجة النهائية أن أصابت الأمة بالشلل الفكري والتخلف الحضاري، فالمسألة ليست شخصية، إذا كان السلطان الفلاني قد ظلمني حقاً أو نهبني مالاً، والتاريخ فيه الأخيار والأشرار، لا تستطيع فهمه إلا بهم، بل التاريخ كله بشر، ويمكن لساذج أن يسأل من يذم فرعون بالأسئلة نفسها التي طرحها الأخ عبد الرحمن، وهي ( هل قتل فرعون أباك أو ضربك أو أغتصب حقاً لك..الخ)، أو حتى الشيطان أو هولاكو أو بابك الخرمي..الخ، هذا منطق ساذج لا يرد عليه، ولا يقف عنده إلا الحمقى.. وإنما الباحث من يقول: أخطأت في هذا الحديث، وحرفت تلك الرواية، وصححت هذه الحادثة وهي ضعيفة، أو ضعفت تلك الصحيحة، وهكذا من هنا يبدأ الحوار، وتكون النصيحة خاتمة الحجة.أرجو ألا يأتيني الأخ عبد الرحمن بتعليق على فكرة عامة هنا محاولاً التفنيد والتشكيك.. رحمة به وبالصحيفة وبي أيضاً! فهذه حجتي إلى غيرك قصدها، ولم أطلق لك منها إلا بقدر معلوم، ولو أخذت موضوع مقالك ( وهو معاوية) فهل يحتمل الوضع العام سرد الأحاديث الصحيحة فيه؟ بل أحاديث الصحيحين فقط في معاوية! هل تحتملها العامة؟ هل ترى أن الوضع العلمي والظروف العلمية تحتملها؟ حدثوا الناس بما يعرفون، ولا تحملوهم ما لا يطيقون، وخذ آخر الإجابة تغنيك عن أولها. حسن بن فرحان المالكي ...... الرياض
            التعديل الأخير تم بواسطة الشريف15; الساعة 05-09-2011, 08:15 AM.

            تعليق


            • #7
              الجزء الثالث : ردي على عنوان الأخ العشماوي( وهذه من الزيادات ولم أكن قد كتبته في الرد المرسل لصحيفة الجزيرة لأن الواقع الفكري لا يحتمله مع سهولة ما فيه من أفكار).الرد التفصيلي على عنوان المقال: وبما أن : جريدة الجزيرة لم تنشر ردي على الأخ العشماوي، - وأترك للقراء تقييم عملها- فيلزمني هنا شيء من التفصيل في عنوان مقاله فقط، لأن ثقافة العشماوي هي ثقافة عامة للأسف، ويلهج بها الصغير والكبير، فلابد من استعراض أهم الأفكار في العنوان فقط، فإن ردّ وجب علي تكملة تشريح مقاله كله.عنوان مقال العشماوي: العنوان هو ( حسن المالكي وشتم معاوية رضي الله عنه).وهذا العنوان عليه ثلاث ملحوظات رئيسة:الأولى: تحرير لفظة ( شتم) وبيان أن النقد ليس بسب ولا شتم، وهو عمل المؤرخ. والثانية: لو حصل السب والشتم... فهل يجوز شتم مثل معاوية أم لا؟ الثالثة: في قوله ( رضي الله عنه) مع بيان حرمة الترضي عن الفاسقين والظالمين والبغاة والدعاة إلى النار مثل معاوية في نظري؟ وأرى الترضي عن الظالمين أسوأ من لعنهم، لأن أصل لعن الظالمين موجود في القرآن، ثم لأنه الترضية بين أن تكون إخباراً كاذباً عن الله، أو دعاء لمن لا يستحق.أما تفصيل الملاحوظة الأولى :فقد شرحنا شيئاً منها في الجزء السابق، ويبقى عذر احتمالي، وهو لعل الأخ العشماوي اغتر بما نقلته في برنامج حقائق التاريخ عن غيري من شيوخ أهل السنة الكبار الذين كانوا يلعنون معاوية ويقررون موته على غير دين الإسلام ويمنعون من صحة إسلامه، وكنت قد نقلت عن أهل بدر والرضوان ورأسهم علي وعمار وأبي ذر وعبادة بن الصامت وأمثالهم، ثم عن التابعين كالحسن البصري وعلقمة بن قيس ومسروق بن الأجدع وأمثالهم، إلى أن وصلت إلى بعض شيوخ البخاري كعبيد الله بن موسى وابن الجعد وقبل ذلك عبد االرواق الصنعاني ويحيى بن عبد الحميد الحماني وأمثالهم، ثم إلى علماء متأخرين كالأمير الصنعاني صاحب سبل السلام و الشوكاني وأبي بكر بن شهاب وغيرهم ممن نقلت أقوالهم في لعنهم معاوية وتفسيقه وذمه، وأنا لا أفعل الشتم ولا اللعن رغم إيماني أنه لا إثم في لعن الظالم وتفسقه وشتمه، إلا أن طبيعتي هكذا، أني لا أشتم حتى فرعون أصبت في هذا السلوك أو أخطأت، ولا يهم هنا إلا البيان أنني إنما كنت أنقل عن غيري لأبين لعامة أهل السنة بأنهم مختطفون من تيار من الغلاة استحوذوا على مسمى ( السلفية) ثم على مسمى ( أهل السنة) ثم على اسم ( الإسلام)، والله يستر من قادم الأيام ألا يستولي على مسمى ( الإنسان) ثم (الملائكة) ثم يزعمون أنهم ( ربنا الأعلى)، والجاهل بنفسه يجهل غيره قطعاً، ثم هذا الجهل بالذات وبالآخر من طبيعته أنه ينمو ظلماً وتخلفاً كما تنمو المعرفة عدلاً وتقدماً.وهنا تأتي عقوبة الله لشر الدواب الذي لا يعقلون، بأن يجعل في إعراضهم عن المعرفة عقوبة لهم في الصد عن الهداية والدفع لمزيد من الجهل والظلم ليستحقوا العذاب الأكبر بعد العذاب الأدنى. والخلاصة هنا أنني في تلك النقول عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم إنما أردت من هذه النقول تعريف التيار السلفي - وهم صقور أهل السنة – بأن سلفهم مختلفون في معاوية على الأقل، فمنهم من يلعنه، ومنهم من يتوقف فيه، ومنهم من يترضى عنه، فلا يجوز لهم أن يمتحنوا الناس بمعاوية، أو بمشكوك فيه على الأقل، وعلى هذا ليس كل من لعن معاوية أو ضلله أو فسقه أو حتى كفره خارجاً من السلفية فكيف بالسنة؟ بل قد يكون هذا من لب السنة ومصاصها وعليه إجماع السلفية الأولى ( وخاصة آخر ماكان عليه أهل بدر والرضوان في عهد الإمام علي)، وهذا نقلته مفصلاً في حلقات البرنامج ( أعني برنامج حقائق التاريخ في قناة الكوثر الفضائية).وإذا كان هؤلاء المعاويين صادقين فليتجرؤوا ويبدعوا أكثر أهل بدر والرضوان، وأكثر من خمسين عالماً من كبار علماء أهل السنة هم على ذم معاوية وتفسيقه ولعنه وبعضهم على تكفيره أيضاً، ولا ريب أن كلامي هذا عندهم كلام غريب خطير ناسف لكثير من عقائدهم، فهل يحتمل المقام التفصيل؟ وهل سيسلمون بأي نقل أنقله من مصادر السنة؟ وإن صح الإسناد فهل يسلمون بصحته؟ وإذا صح هل سيسلمون لمعاني المتون؟...كلا، وتجربتي مع هؤلاء تثبت أنهم لا يعبدون إلا أهواءهم، وليس عندهم استعداد للمعرفة ولا الخضوع للدليل والبرهان، فهم يعبدون أنفسهم وسمعتهم وجاههم فقط.إذن للاختصار سأذكر بعض ما قاله علماء سنة كبار في كتبهم، إذ لا وجود لدراسة إسناد، ولا بد أن تكون عباراتهم واضحة كيف لا ينازعنا هؤلاء في المعنى.ولكن هذه أيضاً قد تطول، فهم لا يعرفون أن جمهرة من أهل السنة المصنفين يذمون معاوية ذماً شديداً، فهم لا يقرؤون إلا لخمسة من علماء الغلو والتعصب، وربما يزيدون ثلاثة أو أربعة على هوامشهم، ولذلك سأختار ذكر نموذجٍ واحدٍ ممن طعن في معاوية وذمه وفسقه ولعنه، وسأختاره عالماً سنياً سلفياً فقيهاً محدثاً أصولياً وشاعراً أيضاً لأن صاحبنا شاعر – أو هكذا يزعم - فلعله يفهم الشعر، أما الأسانيد والتحقيق فليس من أهل هذا الشأن في ورد ولا صدر، ولذلك اخترت له العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني صاحب سبل السلام الذي تخرج على كتابه ( سبل السلام) أكثر الشيوخ ببلدنا قبل أن يطبعوا المقنع والكافي والشرح الكبير .وإنما أفعل هذا حتى لا يكون كلامي إنشائياً، ولأن ثناء الوهابية – فضلاً عن غيرهم- على الأمير الصمعاني في سلفيته وسنيته وفقهه وعلمه قد بلغ الأقطار ودونوا ذلك في أمهات كتب التراجم والعقائد، وللأمير تلك القصيدة المشهورة التي نصر فيها الشيخ محمد بن عبد الوهاب والتي أوصلتها الوهابية إلى كل سمع وبصر، رغم أنه تراجع عنها عندما علم حقيقة الدعوة (وأثبت القصيدتين - الثناء والرجوع - الشيخ حمد الجاسر والبسام في علماء نجد).فالرجل وإن رجع عن مدح الوهابية عندما علم بحقيقتهم إلا أنه كان سلفياً صافياً بلا استحلال للدماء ولا تكفير للمسلمين ولا توظيف للدين في خدمة السياسة ولا العكس، وله كتب في تحريم تعظيم القبور والمشاهد، فالرجل سلفي قبل الوهابية وبعدها، إلا أنه لم يكن ناصبياً، وهذا ما اكتشفته الوهابية أخيراً وبدأت تدندن بخفوت صوت، وهذا موضوع آخر، ولو كان ناصبياً أو تكفيرياً لاكتمل عندهم وطروزا اسمه على المدارس والشوارع.إذن فماذا يقول هذا العلامة عندما عاداه بعض الناس وأشاعوا عنه أنه يثني على معاوية، لقد رد عليهم عليهم بقوله:لقد نسب الأنام إليّ قولاً ..... عليهم ربنا فيه شهيدوقالوا قد رضينا بابن هند...وقلنا أنه رجل رشيد!كذبتم إنه والله عندي ... لفسيق وشيطان مريد!وملعون بما كسبت يداه .. كذلك نجله الطاغي يزيد!( والأبيات في ديوانه = ديوان الصنعاني - مطبوع).

              تعليق


              • #8
                والأبيات واضحة في اللعن والشتم والتفسيق لمعاوية بل تحتمل التكفير أيضاً، فالشياطين كفرة بإجماع، وهذا المنهج السني لو كان غالباً من قديم ما انتشر التشيع في أوساط السنة، لكن الحمقى يدافعون عن الصالحين والظالمين معاً، فيفسد الظالمون على الصالحين، ولأنهم إذا دافعوا عن الظالمين وشرعنوا محبتهم استدل به الخصوم في لفظهم جملة، لأن الدفاع عن الظلم وأهله أبلغ حماقة وأكثر تنفيراً للنفس السوية من تكفير أو ذم بعض الصالحين الذي يفعله غلاة الشيعة، لأن مدح إبليس وشرعنة ضلالاته أسوأ أثراً من الشك في نبوة بعض الأنبياء.وقال العلامة الأمير في ديوانه أيضاً:وهل لابن هند غير كل قبيحةومن ذا الذي فيه يشك ويمتري؟أليس الذي أجرى الدماء مراقةبصفين من أصحاب خير مطهر؟وقاد طغام الشام من كل وجهةيقاتل بَغْياً كل برٍّ وخيّر؟وأورد عماراً حياضاً من الردىسقى جدثاً قد ضمه كل ممطروسب أمير المؤمنين مجاهراًوألزم أن يُملى على كل منبر!فقد عاد لعن اللاعنين جميعهعليه كذا من سنّ سنة منكروكم من جنايات جناها تجارياًوأبرزها جهراً ولم يتستر!وقال أيضاً رداً على معتقد اجتهاد معاوية:أمجتهداً يدعى ابن هند محققاً ومن قال هذا فهو لا شك مفتري!ومن قال هذا فهو فدمٌ مغفلٌجسورٌ على قول الجهالة مجتريوما هو إلا مماكر متحيلعلى الملك حتى ناله بتجبرولولاه ما أضحى يزيد مؤمراًيدار عليه في الضحى كل مسكرفي أشعار كثيرة أذا أراد شاعرنا أن يقرأها فليفعل، ولا يقول أن هؤلاء الحمقى أعلم منه وأمكن، لأن الأخ العشماوي يحتج بتقليد الحمقى والمساكين من غلاة هذا التيار، وأنهم قد ردوا عليّ، فها أنذا آتيه بشيخ مشايخهم، وإن أتى بما هو أكبر منه أتيته بالأكبر، وهكذا حتى نصل إلى رسول الله لنعرف هل هو مع معاوية أم ضده، وفي أصح الصحاح، ثم نأتي لما وضعه النواصب في فضائل الرجل.نعود إلى الأمير الصنعاني، فقد تفلسف بعض غلاة السلفية المعاصرين وزعموا أن ديوان الأمير كان بيد ابنه وأن ابنه *****! فكذبوا مرتين، فالابن غير ***** وهو على منهج أبيه ومذهبه، كلاهما من أهل الحديث لكنهما يذمان الظالمين ( راجع ترجمتهما عند الشوكاني في البدر الطالع وهو سلفي مشهور وعلى عداوة كبيرة مع الزيدية ومن المثنين على الوهابية بل كان من عيونهم داخل قصر إمام صنعاء!)، والثانية أن الديوان وجد بخط الأمير نفسه ( كما أثبت الشيخ حمد الجاسر والبسام)..ومن باب التنزل مع الخصم نفترض أن ديوان الصنعاني كله موضوع عليه! أليس ذم معاوية في كتب الصنعاني الأخرى؟ الجواب : بلى، وهذا يعلمه طلبة العلم إلا هؤلاء الكاتمين من حماة معاوية، فهم بين كاتم لهذا وجاهل.وعلى سبيل المثال: انظروا ماذا يقول في كتبه الأخرى، وهل تتفق مع هذه الأبيات أم لا؟1- يقول الأمير الصنعاني في الروضة الندية ( ص 16): (وبقتل عمار استدل على أن معاوية في حربه وقتاله باغٍ ظالم غير مجتهد كما يقوله بعض أهل السنة (أي) أنه مجتهد مخطئ وأنه غير آثم كما قال العامري أيضاً..).2- ويقول أيضاً ( في الروضة ص 16 أيضاً): ( لا شك أن من يعرف حال معاوية يعرف أنه ليس من الاجتهاد في ورد ولا صدر وأي اجتهاد وهذا النص ينادي بأنه الفئة الباغية والنص القرآن ينادي بالأمر بقتال التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، وإنما الرجل متحيل على الملك ملفق شبهة الطلب بدم عثمان يضل أهل الشام بها، وأي اجتهاد مع النص بأنه باغٍ، وأي اجتهاد مع إخبار الرسول (ص) لعلي بأنه يقاتل القاسطين وسمعت صحة الحديث – يقصد حديث القاسطين- عند إمام المتأخرين من أهل السنة الحافظ ابن حجر فإنه قال: وثبت عند النسائي ونقله وفسره ولم يقدح فيه، وقد ثبت من طرق عدة).3- وقال أيضاً في الروضة ص 107 : (وأحسن من قال مشيراً إلى الرد على من زعم اجتهاد معاوية ( وهذا رأي النواصب قاطبة وشاركهم بعض أهل السنة المغفلين):قـال النواصب قـد أخطأ معاويـةفي الاجتهاد وأخطأ فيه صاحبـه!والعفـو فـي ذاك مـرجو لصاحبـهوفي أعالي جنان الخلد راكبـه!قلنا كذبتم! فلِمْ قال النبي لنافي النار قاتل عمار وسالبــه؟

                تعليق


                • #9
                  4- ويواصل قائلاً ( الروضة ص 107): ( وما دعوى الاجتهاد لمعاوية في قتاله علياً إلا كدعوى ابن حزم أن ابن ملجم أشقى الآخرين مجتهد في قتله لعلي عليه السلام، كما حكاه عنه الحافظ ابن حجر في تلخيصه، وإذا كان كل من أرتكب هواه ولفق باطلاً يروج به بلواه اجتهاداً لم يبق في الدنيا مبطل إذ لا يأتي أحد منكراً إلا وقد أهب له عذراً، وهؤلاء عبدة الأوثان قالوا: )ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله( وكم من محتج حجته داحضة عند ربه وعليه غضب) أهـ.5- ولما ذكر حديث الموالاة وشرحه في الروضة أيضاً قال: (وفيه أوفى عبرة لمعتبر في عطب معاوية ويزيد وأتباعهم وأشياعهم من سائر النواصب..) = الروضة الندية ص 150.6- وقال في كتابه المشهور (ثمرات النظر في علم الأثر) ص 13أما اعتذار ابن حجر عن مروان بأنه قتل طلحة متأولاً فعذر لا يبقى معه لعاصٍ معصية بل يدعي له التأويل، وهو كتأويل من تأول لمعاوية في فواقره أنه مجتهد أخطأ في اجتهاده مع أنه قد نقل العلامة العامري بالإجماع على أنه باغٍ والباغي غير مجتهد في بغيه وإلا لما سمي باغياً).قلت: والنتيجة أن الأمير الصنعاني - وهو سلفي عصره - يرى أن معاوية ويزيد من النواصب العاطبين (الهالكين) ومن الطغاة والبغاة والملاعين، وكان الأمير ممن يلعن معاوية ويتدين بذلك.ومما يدل على صحة كلام الصنعاني الأخير قوله تعالى: (.. وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي)، فهذه الأمور الثلاثة ليس فيها أجر، ولا يجوز أن ندعي لمرتكبها الاجتهاد حتى لو أدعى الباغي ذلك، وإلا أصبح كل مرتكب كبيرة مجتهداً مأجوراً على كل فحشاء أو منكر أو بغي ارتكبه، وهذا قد رددناه حتى مللنا، ولم نستطع هداية هؤلاء الجهابذة، لأن الناس مبتلون في عقولهم، وممحصون في نياتهم، ومفتونون في أسماعهم وأبصارهم، ومن عدل الله أن يكون ابتلاؤه على العلماء والدعاة أبلغ من ابتلاء العوام، وبما أن الأكثرية لا يمكن أن تهتدي بنص القرآن الكريم ( أكثرهم لا يعقلون) ( أكثرهم للحق كارهون)..الخ، ، وإنما يهتدي الأفراد والأقلية من كل مجتمع ( وقليل من عبادي الشكور) الذي يشكر نعم ربه بتفعيلها لا بتعطيلها، لذلك فالله يخبر عن علم وليس عن جبر، والأخ العشماوي ليس مؤهلاً للهداية، لأنه متكبر عن قبول الحجة، وكلما زاد الجهل زاد الكبر والتعزز بالغوغاء والدهماء، وأبى الله أن يهدي متكبراً، فالكبر أكبر موانع الهداية، وهي خصلة إبليس الأولى يبثها في أتباعه، واتباعه من الملتحين أكثر من أتباعه ممن ظاهره الفسق على مقاييس القوم، ولا ريب أن إبداع إبليس لا يكون في إتيانه بمجرم أو قاطع طريق، فهذا لا اقتداء به، وإنما إبداعه الأكبر عندما يأتيك بفقيه متكبر، أو عابد ظالم، أو محدث يكذب على الله ورسوله، فهذا غاية الإبداع والتمكن، ولإبليس خبرة طويلة عمرها عمر البشرية! ومن إبداعه أيضاً أنه يشوب هذا المعطى ( العلمائي) بصواف ّمحيطة من جاهل متمشعر أو طبيب متفقه أو قائد جسور، ولذلك لو أتيت المتكبر بكل آية لصرفه كبره عن قبولها وآثر العلو في الأرض، (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ [غافر : 56]) فلا يلتفتون لآيات البغي كقوله تعالى ( فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه)، ومفهوم المخالفة أن الباغي والمعتدي يأثم ولا يؤجر، وكذلك الآية السابقة ( وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) كل هذه وأمثالها لا يرونها بسبب الكبر وعبادة الذات وحماية الجاه واستحلاب الثناء.. فهؤلاء غير المؤهلين للهداية في هذا الجانب إنما يصرفهم الكبر، فهم يستكبرون بالرأي العام وعوائد الأفكار، فإن تورطوا مع خصومهم في سقوط فكرة قفزوا كالأروى إلى فكرة أخرى تاركين الفكرة السابقة بين براثن البراهين، فإذا اكتشفوا بأن النبي (ص) نفسه قد ذم معاوية أو لعنه أو وصفه بالغي والدعوة إلى النار فإنهم يسارعون إلى فكرة أخرى ظاهرها الورع وباطنها العصبية فيقولون: وماذا نستفيد من ذم أناس قد أفضوا إلى ما قدموا..! فهل سيسألنا الله عنهم..الخ، في كلام كثير ونفاق كامن وغفلة عامة، فنقول لهم : هل سلمتم بالأمر الأول حتى نناقش الثاني؟ وهل أنتم متورعون عن كل المفضين إلى ما قدموا ممن لا أثر لهم لهم في تشريع ظلم ولا تدوين تراث؟ وتتركون ممن له أبلغ الأثر على عقائدنا الفاسدة وسلوكنا المشين، ممن كتبت العقائد والأحاديث في قصورهم، وتليت على منابرهم، وألزموا بها قضاتهم، ونشرتها أوساطهم، والعاقل من اعتبر بعصره..ثم هذه عقائدهم لا يتوانون عن ذم الصالحين على مر التاريخ، حتى أدخلوا في مذموميهم بعض أهل بدر والرضوان وهم لا يشعرون ( عندي إحصاء لعدد لا بأس به من أهل بدر والرضوان الذين يذمهم السلفيون ويبدعونهم، قد أنشره لاحقاً).وهنا تأتي المرحلة الأخيرة فإنهم إن عجزوا عن رد حججك واستغلقت عليهم الأبواب عملوا على الكيد الخفي والمكر السيء، مجتمعين على ظلمك والتآمر عليك، في رزقك وأمنك وسمعتك، محرضين وملفقين وشاتمين وكاذبين، وهذه هي سنة معاوية الأولى وسيرته الباقية، ومن هنا نذم الظالمين المؤثرين في سلوك أصحابنا كمعاوية وعبد الملك والحجاج والمنصور والرشيد والمتوكل.. وسنة هؤلاء الظلمة جزء من سنة معاوية التي اختصرها حديث البخاري بالبغي والدعوة إلى النار، وكفى بذلك ذماً، وبئست هذه السنة الأموية، التي لم تنقطع من معاوية، هي سنة هي البغي والظلم قديماً وحديثاًَ، وصدق من قال ( لقد ترك لنا معاوية في كل زمن فئة باغية)، وعلة بقاء البغي وأهله إلى اليوم كعلة بقاء إبليس وجنده إلى يوم يبعثون، فلا بد من الفتنة والتمحيص والابتلاء، وهي الغاية الأولى من خلق الإنسان، وليست العبادة كما يشيع هؤلاء، نعم العبادة غاية ثالثة، بعد غايتي الابتلاء والعدل والتفصيل طويل. ....يتبع

                  تعليق


                  • #10
                    تفصيل الملحوظة الثانية على العنوان: وهذا الجزء الأخيرلو افترضنا أن ذكر مساويء معاوية هي شتم.. فالنبي (ص) أول من شتمه ونحن له تبع، إلا أن يكون ذكر البغي والدعوة على النار ليس من ذكر المساويء، وكذلك الدعاء عليه لتأخره عن إجابته ( كما في صحيح مسلم) أو لعنه لمحاولته مع أبيه وجماعة من المنافقين على اغتياله (ص) في عقبة تبوك ( في قصة حديث لعن الله الراكب والقائد والسائق)، أو الإخبار بموته على غير ملته ( والإسناد على شرط مسلم، وصححته جامعة أم القرى ممثلة في رسالة الدكتور صالح المشهداني عن أنساب الأشراف للبلاذري) وغير ذلك.. وإذا شك أحد في بعض هذا فيكفي ما يقطع المخالف بصحته كأحاديث الصحيحين، ففيها ذكر للمساويء وهذا عندهم سب وشتم ولا نمانع إن سبقنا النبي (ص) إلى تشريعه أن نتبعه، فالنبي (ص) عادل ولا يذم إلا مستحقاً، وكذلك الله عادل ولا يذم إلا مستحقاً وقد ذم الظالمين والبغاة والفاسقين ..الخ.وإن كان ذكر المساويء ليس بسب ولا شتم فيجب أن يراجع العشماوي تهمته المرسلة، مع أني لا أنكر على من سب معاوية أو ذمه لكني أنا شخصياً لا أسب ولا ألعن وإنما أصف الأفعال والأشخاص، فإذا تضمن ذلك وجود حديث صحيح يلعن معاوية فلا أستطيع رد الحديث من أجل معاوية، لأن أؤمن بأن النبي (ص) عادل وصادق، أما أتباع معاوية فلا يرونه كذا، وإنما يروون عنه – كذباً عليه- أنه قد يسب من لا يستحق ويلعن من لا يستحق، وعلى هذا فقد يقول بفضل من لا يستحق وهكذا.. وهذا كان مشروعاً أموياً تعطل نصفه وبقي الآخر، أعني تعطل كون النبي (ص) يمدح من لا يستحق ولكن بقيت الفكرة الأموية الأخرى أنه قد يسب من لا يستحق ويلعن من لا يستحق، بل زادوا على ذلك بأن الملعون الذي يلعنه النبي (ص) أو يدعو عليه يكون مأجوراً وعلى هذا فكلما أكثر النبي (ص) من ذم أحد أو لعنه أو الدعاء عليه يكون أكثر أجراً.. وهذا ما تورط به وكيع بن الجراح مع أحد تلامذته عندما قال ما معناه: إن لعن النبي (ص) لمعاوية دليل على فضل معاوية لأن النبي (ص) قال أيما رجل سببته أو لعنته وليس هو بأهل فاجعلها له زكاة .. الخ فقال له تلميذه : هل تتمنى أن يكون النبي (ص) لعن والديك ليكون لهما أجراً؟ فأفحم وكيع!هؤلاء الغلاة يسخرون من النبي (ص)، ولو انكشف لهم أن النبي (ص) على الضد من معاوية لربما شكوا في نبوة النبي (ص) وأنه إنما هو هاشمي مدع للنبوة؛ لم ينس كبد حمزة، ولا المنافسة مع بني أمية، أما أبو سفيان ومعاوية فقد حسن إسلامهم وهم بعيدون عن العصبية..الخ، وقد قيل بعضه.عندما نذم معاوية إنما نذم منهجه وعقائده وآثاره على العقل المسلم والنفس المسلمة والعقائد والسلوك وهذا الظلم المتفشي في أتباعه وهذا الاستسهال لانتهاك كل حقوق الإنسان وهذا الهجر للكتاب والهجاء للعقل والنفور من العدل ..الخ، إنه أمة كاملة لها الصولة والجولة، مثلما لأبليس أكثر البشر (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [سبأ : 20])، فإبليس وهو إبليس اتبعه الأكثرون، فلماذا لا يتبع الأكثرون رجلاً داهية تسمى بالإسلام وبيده المال المنظور السيف المشهور والعقوبة العاجلة والآمال السائلة؟. هؤلاء لا يفهمون سر الرسالة، يعملون عمل من يظن التأبيد في هذه الدنيا، وينسى أنها زينة زائلة وفتنة ماثلة وغرور حائل وسناد مائل.هؤلاء لا يعرفون معنى الشهادة لله ولا غايات الله في الخلق .. إنهم محرومون لسلكهم مضمار الضلالة ونفورهم من معادن الهداية، لا يعرفون الحق معرفتهم المنكر، ولا يبطلون المنكر إبطالهم الحق، وليس بعد فحش الظلم فحش، ومع ذلك تراهم معلقين في ذنب كل طاغية عبر التاريخ، (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ [المنافقون : 4]) ولا ريب أن معاوية منافق، فلا يبغض علياً إلا منافق ( صحيح مسلم)، والمنافق الكبير ينتج منافقين صغاراً، وأنا هنا لا أتهم الأخ العشماوي بالنفاق، لأنه جاهل لا يعرف شيئاً من هذه الأمور ولا يستطيع، وإنما أتهم من علم بيقين فأدبر واستكبر، نعم قد يكون هو وأمثاله من المطبلين التابعين للظالمين الذين ورد ذكرهم في قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) [البقرة : 165 - 168]).سبحان الله .. كنت أستغرب كفر كفار قريش وعنادهم فأصبحت لا أستغرب شيئاً، ولا أرى فرقاً كبيراً بين جحود وجحود، وكفر وكفر، وعناد وعناد..الخ.لذلك هنا فائدة وهي:أنه يجب أن نعلم أن من عدل الله أن الداخلين في النار من المتسمين بالمسلمين تقارب النسبة نفسها تقريباً من الداخلين في الجنة من غير المتسمين بالإسلام، فالمجتهدون للحق والفضيلة من الفريقين سيكونون في الجنة، وأضدادهم في النار، لأن الله هو العدل المطلق، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والحجة على الذين كتاب الله بين أظهرهم أبلغ وأظهر من وقوعها على من لا يسمعون بالقرآن إلا رمزاً ولا بالإسلام إلا تخلفاً وجهلاً وسفكاً للدماء، ومن ظن أن الله أقل عدلاً من مدير مدرسة أو ضابط سرية فقد أبلغ في الجهل وأوغل في الوهم، فهم لا يحاسبون إلا على قدر بلوغ الحجة، ومن أهان نعمة الله عليه من عقل وسمع وبصر وقلب فإنه بلا شك يستحق العذاب، ومن بذل وسعه في طلب الحق فقد أفلح ولو بقي كافراً، كما أن من لم يبذل وسعه واكتفى بعبادة الرأي العام مع قدرته على معرفة أكمل فقد أخذ من الكفر بنصيب وافر وإن كان في ظاهر الأمر مسلماً عابداً عالماً، لأن الثواب والعقاب مبني على المنهج المتبع والجهد المبذول لا على المعلومة المتوارثة، هذا عدل الله في نظر الذين يعقلون، وهو الذي يجب نشره بين الناس حتى يرتدع الظالم ولا يأمن المتجاهل، وأما الذي لا يعقلون فعندهم أن من صادف ميلاده في بلاد الإسلام فهو المستحق للجنة ومن صادف ميلاده في بلاد الكفر فلا يمكن أن يدخل الجنة! هؤلاء يصورون الله بهذا الظلم والعشوائية والعبث، تعالى الله عن ذلك، لأنهم متبعون للظلم وأهله الذين عجزوا عن الارتفاع لصفة العدل فأنزلوا الله معهم في درك الظلم، وأما العقلاء فيعتقدون بعدل اله المطلق لأنهم تعرفوا على الله وارتقوا إليه بتدبر الكتاب فوجدوا العدل وعرفوا أهله.هذه أسرار الله المعلنة في كتابه، الغائبة عن أكثر الناس؛ عجماء ذات بيان، إلا أن القول حق على أكثر الناس بأنهم لا يتفكرون ولا يعقلون ولا ينظرون ولا يتذكرون، والهداية نصفان، الأول عليك والبقية على الله ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)... ومن تدبر كتاب الله واتخذه له إماماً وقائداً لم يضل، ومن أخضع كتاب الله لعقائده فقد جعل نفسه إماماً للكتاب وقائداً، وهذا كفر ما بعده كفر، لأن كفار قريش لم يدعوا هذا ، بمعنى لا يوقعون عن الله كذباً وزوراً واستظهاراً بالسائد، وبالتالي لا يجعلون الله ورسوله شهداء زور على انتهاكهم للحقوق وظلمهم للعباد وتعطيلهم للعقول وذمهم للمعرفة.. إلى كل ما نتصوره من مساويء الفكر والسلوك مما هو منتشر في أمتنا الإسلامية بما ليس في أي أمة أخرى من الأمم.التفصيل في المسألة الثالثة:وهي قول العشماوي ( رضي الله عنه) أي عن معاوية، والسؤال : إذا ثبت بغي معاوية وفسقه فهل يجوز الترضي عليه أم لا؟ وهل يقصد بقوله ( رضي الله عنه) خبراً أم دعاء؟أم أن العشماوي نفسه راضٍ عن معاوية فيظن أن له الحق أن يعتقد ذلك بلا بحث عن حكمه، وأنه على الله أن يتبع العشماوي فيرضى بما يرضاه، وليس على العشماوي أن يتبع ما يرضاه الله (... فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96) [التوبة : 96].. ولا أشك أن معاوية فاسق على الأقل، لأنه من ارتكب أربعين كبيرة من أصل سبعين يكون فاسقاً، لا سيما وأن آثاره تحدرت من أيامه حتى صبت في قلوب الطيبين كالعشماوي، ولذلك قال حذيفة وأبي بن كعب في معاوية وأمثاله ( والله ما آسى عليهم ولكن آسى على من يضلونهم من المسلمين)، وأتباع معاوية يفسقون الناس بأقل مما كان في معاوية بكثير، من حلق لحية أو إسبال إزار أو مشاهدة فيلم، فأتباع معاوية من أنهى الناس عن صغيرة وأوقعهم في كبيرة، ومن أدفع الناس عن الظالمين وأوقع الناس في الصالحين، وهذه نتيجة طبيعية لتعطيل العقل وهجر الكتاب.هذا ردي على العنوان الذي وضعه الأخ العشماوي لمقاله فقط.. فكيف ببقية مقاله؟ ورغم أن أخي العشماوي رجل لغة، إلا أن التمذهب والتحزب يغلب عليه، فلا يضبط لغة ولا شرعاً ولا عقلاً إلا إذا رضي عنه فلان وفلان.. وأنا لا أعتب عليه كثيراً لأنه دون مستوى إدراك الحقائق، وهذه من رحمة الله به، وإن عذبه الله فلا أظن أنه سيعذبه على معلومة يخطيء فيها، لأن أدواته في الحصول على المعلومة شبه معدومة، وقد يكون دون مستوى التكليف في الأمور العلمية الكبيرة، وإنما إن عذبه الله فسيعذبه على هوى يتبعه، وانتهازية يألفها، وبحث عن صك براءة عند الحمقى والمغفلين مهملاً للبحث عنها في نقل أو عقل.غفر الله لي التقصير فيما أعلم، وغفر له تعاطي ما لا يعلم، والدعوة مفتوحة لي وله وللجميع، لأن تكون شهادتنا لله، لا لمذهب مقلّد ولا رأي سائد ولا شيخ متبوع .. فأنا أخشى على نفسي خشيتي عليه، والموضوع أكبر بكثير من أن نخلص منه بيسير من البلاء وكثير من الرياء، (هَيْهَاتَ لاَ يُخْدَعُ اَللَّهُ عَنْ جَنَّتِهِ، وَلاَ تُنَالُ مَرْضَاتُهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ، لَعَنَ اَللَّهُ اَلْآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ اَلتَّارِكِينَ لَهُ، وَاَلنَّاهِينَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ اَلْعَامِلِينَ بِهِ،.. وَاِعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا اَلرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا اَلَّذِي تَرَكَهُ، وَلَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ اَلْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا اَلَّذِي نَقَضَهُ، وَلَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا اَلَّذِي نَبَذَهُ).ومابين القوسين مقتبس من كلام لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فتأمله – أخي عبد الرحمن- واعلم أن البلاء قديم، وأن الابتلاء أكبر بكثير من أن ندركه بدُنيّات النعم، وإذا لم يكن معاوية أول من ترك الرشد ونقض الميثاق ونبذ الكتاب فمن يكون؟.وأخيراً ....ما الفائدة ؟ وهنا تتردد مقولة عتيقة حديثة.. ما الفائدة في ذكر الأحداث التاريخية وإدانة الأشخاص؟هذا السؤال لن أجيب عليه، لأن من يدرك أهمية التاريخ في تشكل الوعي لن يطرحه، وأما من لا يرى ضرورة لدراسة للتاريخ ومعرفة الشخصيات المؤثرة فيه فخلافه مع غيري..وكذلك من يريد (مذهبة التاريخ) خلافه مع الجميع.ولعل ضعف الوعي التاريخي هو من أسباب تخلف المسلمين عامة، وتخلفنا في هذا البلد خاصة، فليست الحضارة في كتم الحقائق وإنما في معرفتها لنعرف الذات، لنعرف من أين كان منحدر مسيلنا، وإلى أين استقرت وتجمعت بركات تلك السيول التي حملت معها أسباب هزالنا وأمراضنا، وليتلفت الصادق في بقية الأمم، ثم ليتدبر وليعلم أنه ممحص في حواسه وعقله وضميره..وشكراً للشبكة الليبرالية والقائمين عليها على إتاحة هذه الفرصة..كتبه /حسن بن فرحان المالكي ......... الرياض 19/ 7/ 1432هـ 27/ 6/ 1432هـ

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    x

                    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                    صورة التسجيل تحديث الصورة

                    اقرأ في منتديات يا حسين

                    تقليص

                    لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                    يعمل...
                    X