منذ ان سكنت هذه الارض في قديم الزمان وانا اعاني جار السوء , لقد هجّرت مع والدي عام 1988 من محيط بغداد تمهيدا لفرض وتنمية الحزام الطائفي تحسبا لسقوط هبل بغداد , ولا اريد ان اشغلكم بمأساتي حيث ذلك اليوم الاسود وقبل اسبوعين من قرار وقف اطلاق النار في حرب الثمان سنوات التي اكلت الاخضر واليابس كنت قد انهيت للتو امتحاناتي في الكلية للمرحلة الثانية حينها كان المرحوم والدي يداعبني بكلماته الرقيقة الدافئة دفيء روحه الطيبة التي ما كلت ولا ملت من تربيتي وتغذيتي و تحدي المصاعب من اجلي كان يمازحني: اين انت يا نصف مهندس !!!.اي بني اعلم ان لا شيء في هذه الدنيا يستحق الحسرة فهي منقضية في كل الاحوال , غدا بإذن الله سيمر الزمن وتصبح مهندسا يشار له بالبنان و تنتهي معاناتنا ومعاناتك , كان يعلم جيدا انني قلق جدا من اجله ومشفقا عليه حيث تحمل لوحده المسؤولية و تحمل لوحده مشاق الحياة بينما الزمني غرفة الدراسة لأنه ” لا يريد من الله عز وجل الا نجاحي” على حد تعبيره ….ما كان الوالد ولا انا ولا اي مخلوق يعلم ما يخبئه لنا نظام الصنم من مأساة وكارثة انسانية , و ما كان يعلم ما سوف نعانيه في العراء بعد ان حلت رسل الخراب التي ارسلها الطاغية ذلك اليوم التموزي الاسود عام 1988.اصبحنا على صوت الجرافات و اصوات مكبرات الصوت تأمرنا بأخلاء المنطقة و صرنا نسابق الجرافات لإنقاذ اغراضنا و مع ذلك داست الجرافة سريري الحديدي المميز الذي اشتراه لي والدي و بقي الى منتصف التسعينات شاهدا امامي وهو مدمر لكن الحصار كما اكل الاخضر واليابس اكل الحديد ايضا.اذكر ان جارتي كانت تنظر الينا وتبكي من اعماقها وتقول بددوا جمعنا و يا للأسف , ايامها كان للجوار معنى و كان جاري ناصحي و اخي الذي لم تلده امي , جاري الاخر كان يشبهني في كثير من الامور الا تسلط امه التي زوجته ابنة خالته على مضض , و اذكر منه كل الوفاء والاخوة والجيرة الحسنة حتى اننا كنا نتقاسم الاسرار و نبتهج سويا ونحزن سويا …قادتني الظروف الى مسقط رأسي الذي لم يؤويني غيره في هذه البلاد التي تسمى (العراق الموحد!!!!) و لو شاءت الظروف و اطعت حكومة السوء لكان مصيري الان التهجير ايضا فلقد اجهز حارث الضارط وجماعته على البقية الباقية من مهجري عام 1988 الذين اسكنوا (حصوة ابي غريب)!!!!منذ ان سكنت مسقط رأسي لم اجد من الجار الا المتاعب وقلة الذوق و قلة الاحترام رغم ان العرف العشائري يقتضي تقدير حتى صغيرنا لصلتنا برسول الله صلى الله عليه واله وسلم سيما ونحن لم نجلب اليهم الا الخير فقد كانوا يشربون الطرق لكنهم بحمد الله تحصلوا على ماء الاسالة و اريحت نسائهم من نقل الماء بفضل الله و اصرارنا على تغيير ما بهم و ارشادهم الى سبل الوصول لحقوقهم.....
باقي الموضوع و مواضيع اخرى على هذا الرابط
تعليق