خطبه لأمير المؤمنين علي (عليه السلام)
علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن علي جميعا، عن إسماعيل بن مهران، و أحمد بن محمد بن أحمد، عن علي بن الحسن التيمي، وعلي بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا، عن إسماعيل بن مهران، عن المنذر بن جيفر، عن الحكم بن ظهير، عن عبدالله بن جرير العبدي، عن الاصبغ بن نباتة قال: أتى أمير المؤمنين (ع) عبدالله بن عمر وولد أبي بكر وسعد بن أبي وقاص يطلبون منه التفضيل(5) لهم فصعد المنبر ومال الناس إليه فقال: الحمد لله ولي الحمد ومنتهى الكرم، لا تدركه الصفات، ولا يحد باللغات، ولا يعرف بالغايات وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله نبي الهدى وموضع التقوى ورسول الرب الاعلى، جاء بالحق من عند الحق لينذر بالقرآن المنير والبرهان المستنير فصدع(6) بالكتاب المبين(7) ومضى على ما مضت عليه الرسل الاولون أما بعد.أيها الناس فلا يقولن رجال قد كانت الدنيا غمرتهم فاتخذوا العقار وفجروا الانهار وركبوا أفره الدواب(8) ولبسوا ألين الثياب فصار ذلك عليهم عارا وشنارا(9)
_________________________________
(5) يعني في قسمة الاموال والعطاء بين المسلمين؛ (في).
(6) في بعض النسخ (بالقران المبين والبرهان المستبين).
(7) اي تكلم به جهارا او شق جماعاتهم بالتوحيد وفصل بين الحق والباطل.
(8) الدابة الفارهة: النشيطة القوية.
(9) الشنار: العيب والعار.
إن لم يغفر لهم الغفار إذا منعتهم ما كانوا فيه يخوضون وصيرتهم إلى ما يستوجبون فيفقدون ذلك فيسألون ويقولون: ظلمنا ابن أبي طالب وحرمنا ومنعنا حقوقنا، فالله عليهم المستعان من استقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا وآمن بنبينا وشهد شهادتنا ودخل في ديننا اجرينا عليه حكم القرآن وحدود الاسلام، ليس لاحد على أحد فضل إلا بالتقوى، ألا وإن للمتقين عند الله تعالى أفضل الثواب وأحسن الجزاء والمآب لم يجعل الله تبارك وتعالى الدينا للمتقين ثوابا وما عند الله خير للابرار، انظروا أهل دين الله فيما أصبتم في كتاب الله(1) وتركتم عند رسول الله صلى الله عليه وآله وجاهدتم به في ذات الله أبحسب أم بنسب أم بعمل أم بطاعة أم زهادة(2) وفيما أصبحتم فيه راغبين فسارعوا إلى منازلكم - رحمكم الله - التي امرتم بعمارتها، العامرة التي لا تخرب الباقية التي لا تنفد، التي دعاكم إليها وحضكم عليها(3) ورغبكم فيها وجعل الثواب عنده عنها فاستتموا نعم الله عز ذكره بالتسليم لقضائه والشكر على نعمائه، فمن لم يرض بهذا فليس منا ولا إلينا وإن الحاكم يحكم بحكم الله ولا خشية عليه من ذلك اولئك هم المفلحون - وفي نسخة ولا وحشة واولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وقال: وقد عاتبتكم بدرتي التي اعاتب بها أهلي فلم ترعوا وضربتكم بسوطي الذي أقيم به حدود ربي فلم ترعووا(4) أتريدون أن أضربكم بسيفي أما إني أعلم الذي تريدون ويقيم أودكم(5) ولكن لا أشتري صلاحكم بفساد نفسي(6) بل يسلط الله
___________________________________
(1) اي من مواعيده الصادقة على الاعمال الصالحة واراد بتركهم عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضمانه لهم بذلك كانه وديعة لهم عنده؛ (في).
(2) استفهام انكار يعنز ليس ذلك بحسب ولا نسب بل بعمل وطاعة وزهادة. وقوله: (فيما اصبحتم فيه راغبين) اي انظروا ايضا فيما اصبحتم فيه راغبين هل هو الذي اصبتم في كتاب الله يعني ليس هو بذاك وانما هو الدنيا وزهرتها؛ (في).
(3) الحض: الحث والترغيب.
(4) الارعواء: الكف والانزجار، وقيل: هو الندم والانصراف عن الشئ؛ (في).
(5) الاود بالتحريك: الاعوجاج.
(6) اي لا اطلب صلاحكم بالظلم وبما لم يأمرني به ربي فأكون قد اصلحتكم بإفساد نفسي؛
عليكم قوما فينتقم لي منكم فلا دنيا استمتعتم بها ولا آخرة صرتم إليها فبعدا وسحقا لاصحاب السعير
تعليق