البَداء في اللغة:
بدا الشيء بَدْواً: أي ظهر ظهوراً، قال الله تعالى: {... وَبَدا لَهم مِّنَ اللهِ مَا لَم يَكُونُواْ يَحتسِبُونَ} (1).
«البَداء: ظهور الرأي بعد أن لم يكن، واستصواب شيء عُلِمَ بعد أن لم يعلم. ويقال بَدا لي في هذا الأمر بَداء، أي ظَهر لي فيه رأي آخر» (2).
البَداء في الاصطلاح:
لقد نقل الشارع المقدس ألفاظاً لغوية كثيرة من
معانيها المستعملة فيها عند العرب الى معانٍ اُخر تدل علي مسميات اُخرى، كلفظ الصلاة الذي يدل في لغة العرب على مطلق الدعاء، فاستعمله الشارع في معنى خاص كاسم للعبادة الإسلامية المعروفة، فصار يدل عند الاطلاق على تلك العبادة دون المعنى الّذي وضع له. ومثله لفظ الزكاة الذي يعني في اللغة الطهارة والنماء فاستعمله الشارع اسماً للفريضة المالية المعروفة لما فيها من الطهارة والنماء للمال والنفس.
ولفظ البداء هو أحد هذه المصطلحات الشرعية الّتي استعملها الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله) لتدلّ على معنى معبر عن مقصود إسلامي خاص يختلف في بعض جوانبه عن الاستعمال اللغوي لهذا اللفظ، وسيتضح لدينا ذلك من خلال قراءتنا للحديثين النبويّين الشريفين اللذين أوردناهما في هذا البحث.
وتأسيساً على الاستعمال النبويّ لمصطلح البداء ولما
استفيد من معانٍ قرآنية نبوية كثيرة دخل مصطلح البداء في الفكر الإسلامي، وكثر استعماله وتداوله فيما ورد عن أئمة أهل البيت وعلماء مدرستهم.
ولنقرأ بياناً للشيخ المفيد وهو يوضح المعنى الاصطلاحي للبداء ومسوغات استعماله كمصطلح للفكر التوحيدي.
قال: «أقول في معنى البَداء ما يقوله المسلمون بأجمعهم في النّسخ وأمثاله من الإِفقار بعد الإغناء والإِمراض بعد الإِعفاء والإِماتة بعد الإِحياء وما يذهب إليه أهل العدل خاصة من الزيادة في الآجال والأرزاق والنقصان منها بالأعمال. فأما إطلاق لفظ البداء فإنما صرت إليه بالسمع الوارد عن الوسائط بين العباد وبين الله (عزّ وجلّ)، ولو لم يرد به سمع أعلم صحته ما استجزت اطلاقه كما أنه لو لم يرد عليّ سمع بأنّ الله تعالى يغضب ويرضى ويحب ويعجب لما أطلقت ذلك
عليه سبحانه، ولكنه لمّا جاء السمع به صرت إليه على المعاني التي لا تأباها العقول، وليس بيني وبين كافة المسلمين في هذا الباب خلاف، وإنما خالف من خالفهم في اللفظ دون ما سواه، وقد أوضحت من علّتي في إطلاقه بما يقصر معه الكلام، وهذا مذهب الإمامية بأسرها، وكل من فارقها في المذهب ينكره على ما وصفت من الاسم دون المعنى ولا يرضاه» (3).
______________________________
(1) سورة الزمر: آية 47.
(2) المعجم الوسيط.
(3) الشيخ المفيد / أوائل المقالات: ص 92 - 93.
بدا الشيء بَدْواً: أي ظهر ظهوراً، قال الله تعالى: {... وَبَدا لَهم مِّنَ اللهِ مَا لَم يَكُونُواْ يَحتسِبُونَ} (1).
«البَداء: ظهور الرأي بعد أن لم يكن، واستصواب شيء عُلِمَ بعد أن لم يعلم. ويقال بَدا لي في هذا الأمر بَداء، أي ظَهر لي فيه رأي آخر» (2).
البَداء في الاصطلاح:
لقد نقل الشارع المقدس ألفاظاً لغوية كثيرة من
معانيها المستعملة فيها عند العرب الى معانٍ اُخر تدل علي مسميات اُخرى، كلفظ الصلاة الذي يدل في لغة العرب على مطلق الدعاء، فاستعمله الشارع في معنى خاص كاسم للعبادة الإسلامية المعروفة، فصار يدل عند الاطلاق على تلك العبادة دون المعنى الّذي وضع له. ومثله لفظ الزكاة الذي يعني في اللغة الطهارة والنماء فاستعمله الشارع اسماً للفريضة المالية المعروفة لما فيها من الطهارة والنماء للمال والنفس.
ولفظ البداء هو أحد هذه المصطلحات الشرعية الّتي استعملها الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله) لتدلّ على معنى معبر عن مقصود إسلامي خاص يختلف في بعض جوانبه عن الاستعمال اللغوي لهذا اللفظ، وسيتضح لدينا ذلك من خلال قراءتنا للحديثين النبويّين الشريفين اللذين أوردناهما في هذا البحث.
وتأسيساً على الاستعمال النبويّ لمصطلح البداء ولما
استفيد من معانٍ قرآنية نبوية كثيرة دخل مصطلح البداء في الفكر الإسلامي، وكثر استعماله وتداوله فيما ورد عن أئمة أهل البيت وعلماء مدرستهم.
ولنقرأ بياناً للشيخ المفيد وهو يوضح المعنى الاصطلاحي للبداء ومسوغات استعماله كمصطلح للفكر التوحيدي.
قال: «أقول في معنى البَداء ما يقوله المسلمون بأجمعهم في النّسخ وأمثاله من الإِفقار بعد الإغناء والإِمراض بعد الإِعفاء والإِماتة بعد الإِحياء وما يذهب إليه أهل العدل خاصة من الزيادة في الآجال والأرزاق والنقصان منها بالأعمال. فأما إطلاق لفظ البداء فإنما صرت إليه بالسمع الوارد عن الوسائط بين العباد وبين الله (عزّ وجلّ)، ولو لم يرد به سمع أعلم صحته ما استجزت اطلاقه كما أنه لو لم يرد عليّ سمع بأنّ الله تعالى يغضب ويرضى ويحب ويعجب لما أطلقت ذلك
عليه سبحانه، ولكنه لمّا جاء السمع به صرت إليه على المعاني التي لا تأباها العقول، وليس بيني وبين كافة المسلمين في هذا الباب خلاف، وإنما خالف من خالفهم في اللفظ دون ما سواه، وقد أوضحت من علّتي في إطلاقه بما يقصر معه الكلام، وهذا مذهب الإمامية بأسرها، وكل من فارقها في المذهب ينكره على ما وصفت من الاسم دون المعنى ولا يرضاه» (3).
______________________________
(1) سورة الزمر: آية 47.
(2) المعجم الوسيط.
(3) الشيخ المفيد / أوائل المقالات: ص 92 - 93.
تعليق