و أنذر عشيرتك الأقربين
1ـأمر الله تعالى نبيه (ص) بإظهار دعوته
فى الكامل لأبن الاثير ما ملخصه:إن الله تعالى أمر النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بعد مبعثه بثلاث سنين،أن يصدع بما يؤمر،و كان قبل ذلك في السنين الثلاث مستترا بدعوته لا يظهرها إلا لمن يثق به،فكان أصحابه إذا أرادو الصلاة ذهبوا إلى الشعاب فاستخفوا فلما صلى بعض الصحابة في شعب إطلع عليهم نفر من المشركين،منهم:أبو سفيان و الأخنس و غيرهما،فسبوهم و عابوهم حتى قاتلوهم.
الحديث:
(1) قال ابن عباس:لما نزلت: و أنذر عشيرتك الأقربين (1) خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فصعد على الصفا فهتف:يا صباحاه!فاجتمعوا إليه،فقال :يا بنى فلان،يا بنى فلان،يا بنى عبد المطلب،يا بنى عبد مناف!فاجتمعوا إليه.
فقال:أ رأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح الجبل أ كنتم مصدقى؟.
قالوا:نعم ما جربنا عليك كذبا.قال:فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
فقال أبو لهب:تبا لك!أما جمعتنا إلا لهذا؟.
ثم قام،فنزلت: تبت يدا أبي لهب و تب (2) السورة.
(2) و قال على بن أبي طالب:لما نزلت: و أنذر عشيرتك الأقربين دعاني النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال:يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت ذرعا و علمت أني متى أبادرهم بهذا الأمر أر منهم ما أكره،فصمت عليه حتى جاءني جبرائيل فقال:يا محمد إلا تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك،فاصنع لنا صاعا من طعام و اجعل عليه رجل شاة و املأ لنا عسا من لبن و اجمع لي بنى عبد المطلب حتى اكلمهم و أبلغهم ما أمرت به،ففعلت ما أمرني به،ثم دعوتهم،و هم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا او ينقصونه،فيهم اعمامه أبو طالب و حمزه و العباس و أبو لهب فلما اجتمعوا اليه دعانى بالطعام الذي صنعته لهم،فلما وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) حزة من اللحم فنتفها بأسنانه ثم ألقاها في نواحى الصفحة،ثم قال:خذوا باسم الله،فأكل القوم حتى ما لهم بشىء من حاجة،و ما أرى الا مواضع أيديهم،و أيم الله الذى نفس علي بيده،إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم!ثم قال:إسق القوم،فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا،و أيم الله إن كان الرجل الواحد ليشرب مثله!فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال لهد ما سحركم به صاحبكم،فتفرق القوم و لم يكلهم (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال:الغد يا على،إن هذا الرجل سبقني الى ما سمعت من القول فتفرقوا قبل أن أكلمهم،فعدلنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم أجمعهم إلى.ففعل مثل ما فعل بالأمس،فأكلوا،و سقيتهم ذلك العس،فشربوا حتى رووا جميعا و شبعوا،ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال:يا بنى عبد المطلب إنى و الله ما أعلم شابا فى العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به،قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة،و قد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه،فايكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم؟فأحجم القوم عنها جمعيا،و قلتـو إني لأحدثهم سنا و أرمصهم عينا و أعظمهم بطنا و أحمشهم ساقاـ:أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه،فأخذ برقبتي،ثم قال:إن هذا أخى و وصيي و خليفتى فيكم،فاسمعوا له و أطيعوا قال:فقال القوم يضحكون فيقولون لأبى طالب:قد أمرك ان تسمع لأبنك و تطع (3) .
2ـكلمة حول علي (ع) يوم الإنذار.
إن من أحاط علما بسيرة رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) في بدء الحكومة الإسلامية و تشريع أحكامها و تنظيم شؤونها وفق أوامر الله عز و جل يرى عليا (عليه السلام) وزير النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) في أمره،و ظهيره على عدوه،و وارث حكمه و صاحب أمره بعده،و من وقف على أقوال النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و افعاله من مبدأ أمره إلى منتهى عمره،يجد نصوصه في ذلك متواترة متوالية،و يكفيك منها ما كان في بدء دعوة النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) إلى الإسلام قبل ظهور الإسلام بمكة حين أنزل الله تعالى عليه: و انذر عشيرتك الأقربين (4) فدعاهم إلى دار عمه أبي طالب،و هم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون،و فيهم أعمامه،أبو طالب و حمزة و العباس و أبو لهب.
و في آخر الأمر،قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) :«يا بني عبد المطلب،إني و الله ما أعلم شابا في العرب جاء في قومه بأفضل مما جئتكم به،جئتكم خير الدنيا،و الآخرة،و قد أمرني الله أن أدعوكم إليه،فايكم يؤازرني على أمرى هذا،على أن يكون أخى و وصيي و خليفتي فيكم؟.
فأحجم القوم عنها غير علي (عليه السلام) ـو كان أصغرهمـإذ قال فقال:«أناـيا نبى اللهـأكون وزيرك عليه»فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) برقبته،و قال:«إن هذا أخي وصيي و خليفتي فيكم،فاسمعوا له و أطيعوا»فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب:قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع (5) .
3ـفى معنى آية: و انذر عشيرتك الأقربين (6)
عشيرة الرجل:قرابته،سموا بذلك لأنه يعاشرهم،و هم يعاشرونه،فقد نهى النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) نفسه عن الشرك و لا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين (7) و إن كان القصد منه الإخبار بأن كل من يدعو مع الله إلها آخر فهو من المعذبين كائنا من كان،ثم خص عشيرته و قرابته الأقربين بالإنذار،لأن المؤدب يبدأ بنفسه،ثم بأهله و عشيرته،ثم بالآخرين يا أيها المدثرقم فانذر (8) .تنبيها على أنه لا استثناء في الدعوة الدينة و لا مداهنة و مصانعة،كما هو معهود في السنين الملوكية،فلا فرق في تعلق الإنذار بين النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و امته،و لا بين الأقارب و الأجانب،فالجميع عبيد و الله تعالى مولاهم،نعم المولى و نعم النصير،هذا أولا.
و ثانيا أن عشيرته إذا صدقوه و آمنوا به،كانوا عونا على بث الدعوة و انتشارها (9) .
و قد كثر الكلام حول هذه الآية.فقال جماعة من السنة:إنه حين نزلت،قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) :«يا فاطمة،ابنة محمد،يا صفية ابنة عبد المطلب،يا بني عبد الله إعلموا فإني لا أملك لكم من الله شيئا».
و قال الشيعة و جماعة آخرون من السنة،منهم الإمام أحمد بن حنبل و النسائي و السيوطي و أبو نعيم و البغوي و الثعلبي و صاحب السيرة الحلبية و صاحب كنز العمال و غيرهم (كابن عساكر الشافعي و الزمخشري و الطنطاوي) :إن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) عندما نزلت هذه الآية دعا بني عبد المطلب و هم يومئذ أربعون رجلا فيهم أعمامه،الحديث (10) .
4ـفي إجتماع عشيرة النبي (ص) يوم الإنذار ما آمن أحد إلا علي (ع)
حديث يوم الإنذار هو الحديث الخاص باجتماع عشيرة النبي (صلى اللهعليه و آله و سلم) و دعوتهم إلى الإسلام،و كان أول من آمن برسول الله ذلك اليوم علي بن أبي طالب (عليه السلام) و قد أخرجه غير واحد من الأئمة و حفاظ الحديث من الفريقين في الصحاح و المسانيد و التفاسير،و مر عليه آخرون منهم من يقربه و يذعن إليه من دون أي غمز في الإسناد أو توقف فى متنه،و تلقاه المورخون من الامة الإسلامية و غيرها بالقبول،و أرسل في صحيفة التاريخ إرسال مسلم،و جاء منظوما في أسلاك الشعر و القريض.
5ـمن الذين روى من العامة أن عليا (ع) آمن وحده يوم الإنذار.
1ـأحمد بن محمد بن حنبل في مسنده ج 1 ص .159
2ـالعلامة الطبري في تفسيره ج 19 ص .68
3ـالعلامة الطبري أيضا في تاريخ الامم و الملوك ج 2 ص .62
4ـالحافظ أبو سعيد الخركوشي في شرف النبي على ما في مناقب الكاشي ص 70 (مخطوط) .
5ـالعلامة الثعلبي في تفسيره على ما في مناقب عبد الله الشافعي ص 75 (مخطوط) .
6ـالعلامة محمد بن أحمد الحنفي الموصلي في در بحر المناقب ص 39 (مخطوط) .
7ـالعلامة سبط ابن الجوزي في التذكرة ص .44
8ـالعلامة محب الدين الطبري في الرياض النضرة ص .168
9ـالعلامة الحمويني في فرائد السمطين ج .1
10ـمحمد بن يوسف الزرندي الحنفي في نظم درر السمطين ص 86.ـالمؤرخ الشهير محمد بن سعد بن منيع المعروف بابن سعد في الطبقات الكبرى ج 1 ص .187
12ـالحافظ أبو الفداء الدمشقي في تفسيره المطبوع بهامش فتح البيان ج 7 ص .193
13ـالحافظ نور الدين على بن أبي بكر في مجمع الزوائد ج 8 ص .302
14ـالعلامة الهندي في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش المسند ج 5 ص .41
15ـالعلامة المجلسي الشافعي في إنسان العيون،ج 1 ص .286
16ـالعلامة القندوزي في ينابع المودة ص .105
17ـالسيوطي في تفسير الدر المنثور ج 5 ص .97
18ـطنطاوي في تفسيره ج 3 ص .111
19ـالحافظ إبن عساكر الشافعى فى تاريخ دمشق ج 1 ص .188
20ـإبن الأثير في الكامل ج 2 ص 62 و غيرهم من علماء العامة (11) .
و كذا اتفق علماء الإمامية على أن النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) جمع خاصة أهله و عشيرته في إبتداء الدعوة إلى الإسلام،فعرض عليهم الإيمان،و استنصرهم على أهل الكفر و العدوان،و ضمن لهم على ذلك الحظوة فى الدنيا و الشرف و ثواب الجنان،فلم يجبه أحد منهم إلا امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) فكان بذلك أخوه،وزيره،و وصيه،و وارثه،و خليفته و اوجب له الجنة.
6ـنبذة يسيرة من الروايات الواردة في يوم الإنذار حول الآية من طرق الفريقين:
الحديث:
الأول:قال المفيد (رحمة الله عليه) :أجمع نقاد الاثار على صحة حديث الدار حين جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بني عبد المطلب في دار أبي طالب و هم أربعون رجلا يومئذ،يزيدون رجلا أو ينقصون فيما ذكره الرواة،و أمر أن يصنع لهم طعاما فخذ شاة مع مد من بر،و يعد لهم صاعا من اللبن،و قد كان الرجل منهم معروفا بأكل الجذعة في مقام واحد،و شرب الفرق من الشراب في ذلك المقعد،فأراد عليه و آله السلام بإعداد قليل الطعام و الشراب لجماعتهم إظهار الآية لهم في شبعهم و ريهم،مما كان لا يشبع واحدا منهم و لا يرويه،ثم أمر بتقديمه لهم،فأكلت الجماعة كلها من ذلك اليسير حتى تملوا منه،و لم يبن ما أكلوه منه و شربوه فيه،فبهرهم بذلك،و بين لهم آية نبوته و علامة صدقه ببرهان الله تعالى فيه .
ثم قال لهم بعد أن شبعوا من الطعام و رووا من الشراب:«يا بنى عبد المطلب،إن الله بعثني إلى الخلق كافة،و بعثني إليكم خاصة،فقال و انذر عشيرتك الأقربين و أنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان:ثقيلتين في الميزان،تملكون بهما العرب و العجم،و تنقاد لكم بهما الامم.و تدخلون بهما الجنة،و تنجون بهما من النار:شهادة أن لا إله إلا الله،و إني رسول الله،فمن يجيبني إلى هذا الأمر و يؤازرني عليه و على القيام به،يكن أخي و وصيي و وزيري،و وارثي،و خليفتي من بعدي».فلم يجبه أحد منهم،فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :«فقمت بين يديه من بينهم و أنا إذ ذاك أصغرهم سنا و أحمشهم ساقا و أرمصهم عينا،فقلت:أنا،يا رسول الله،اؤازرك على هذا الأمر.
فقال (صلى الله عليه و آله و سلم) :اجلس،ثم أعاد القول على القوم ثانية،فأصمتوا،فقمت أنا و قلت مثل مقالتي الاولى،فقال (صلى الله عليه و آله و سلم) :اجلس،ثم أعاد القول على القوم ثالثة فلم ينطق أحد منهم بحرف،فقمت و قلت:أنا اؤازرك،يا رسول الله،على هذا الأمر،فقال (صلى الله عليه و آله و سلم) :اجلس فأنت أخي و وصيي و وزيري و وارثي و خليفتي من بعدي»فنهض القوم و هم يقولون لأبي طالب:يا أبا طالب،ليهنئك اليوم،أن دخلت في دين ابن أخيك فقد جعل ابنك أميرا عليك (12) .
الثاني:و في تفسير المجمع عن تفسير الثعلبي بإسناده،و كذا فرائد السمطين.عن البراء بن عازب أنه قال:لما نزلت هذه الآية جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بني عبد المطلب و هم يومئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنة و يشرب العس،فأمر عليا (عليه السلام) برجل شاة فأدمها،ثم قال:«ادنوا بسم الله»فدنا القوم عشرة عشرة،فأكلوا حتى صدورا،ثم دعا بقعب من لبن،فجرع منه جرعة،ثم قال لهم:«اشربوا بسم الله»فشربوا حتى رووا،فبدرهم أبو لهب فقال:هذا ما سحركم به الرجل فسكت (صلى الله عليه و آله و سلم) يومئذ و لم يتكلم .
ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام و الشراب،ثم أنذرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال:«يا بني عبد المطلب،إني أنا النذير إليكم من الله عز و جل و البشير فأسلموا و أطيعوني تهتدوا».ثم قال:«من يؤاخيني و يؤوازرني و يكون وليي و وصيي بعدي و خليفتي في أهلي و يقضي ديني؟»،فسكت القوم فأعادها ثلاثا كل ذلك يسكت القوم،و يقول علي (عليه السلام) :«أنا»،فقال في المرة الثالثة:أنت،فقام القوم و هم يقولون لأبي طالب:أطع ابنك فقد أمر عليك (13) .
الثالث:و في مجمع البيان أيضا رواه عن تفسير الثعلبي،عن أبي رافع هذه القصة أنه جمعهم في الشعب فصنع لهم رجل شاة فاكلوا حتى تضلعوا،و سقاهم عسا فشربوا كلهم.حتى رووا،ثم قال :«إن الله تعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين و أنتم عشيرتي و رهطي،و إن الله لم يبعث نبيا إلا جعل له من أهله أخا و وزيرا و وارثا و وصيا و خليفة في أهله،فأيكم يقوم فيبايعني على أنه أخي و وارثي و وزيري و وصيي،و يكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟».
فسكت القوم فقال:«ليقومن قائمكم،و ليكونن في غيركم،ثم لتند من»ثم أعاد الكلام ثلاث مرات،فقام علي (عليه السلام) فبايعه و أجابه،ثم قال (صلى الله عليه و آله و سلم) :«ادن مني»فدنا منه ففتح فاه،و مج في فيه من ريقه،و تفل بين كتفيه و ثدييه،فقال أبو لهب:فبئس ما حبوت به ابن عمك أن أجابك فملأت فاه و وجهه بزاقا،فقال (صلى الله عليه و آله و سلم) :«ملأته حكمة و علما» (14) .
الرابع:في تفسير الدر المنثور:اخرج ابن إسحاق و ابن جرير و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و أبو نعيم و البيهقي في الدلائل من طرق،عن علي (عليه السلام) قال:«لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) : و أنذر عشيرتك الأقربين دعائي رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال:يا علي،إن الله أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين فضقت بذلك ذرعا،و عرفت أني مهما ابادئهم بهذاالأمر أرى منهم ما أكره،فصمت عليها حتى جاء جبرئيل،فقال :يا محمد،إنك إن لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك،فاصنع لي صاعا من طعام و اجعل عليه رجل شاة،و أجعل لنا عسا من لبن،ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى اكلمهم،و أبلغ ما أمرت به،ففعلت ما أمرني به،ثم دعوتهم له،و هم يومئذ أربعون رجلا،يزيدون رجلا أو ينقصونه،فيهم أعمامه أبو طالب،و حمزة،و العباس،و أبو لهب.
فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم،فجئت به،فلما وضعته تناول النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بضعة من اللحم،فشقها بأسنانه،ثم ألقاها في نواحي الصحفة،ثم قال :كلوا بسم الله،فأكل القوم حتى تهلوا عنه،ما ترى إلا آثار أصابعهم،و الله إن كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم.
ثم قال:اسق القوم،يا علي،فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا،و أيم الله،إن كان الرجل منهم ليشرب مثله،فلما أراد النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام،فقال:لقد سحركم صاحبكم فتفرق القوم و لم يكلمهم النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) .
فلما كان الغد قال:يا علي،إن هذا الرجل قد سبقنى إلى ما سمعت من القول،فتفرق القوم قبل أن اكلمهم فعد لنا بمثل الذي صنعت بالأمس من الطعام و الشراب،ثم اجمعهم لي،ففعلت ثم جمعتهم،ثم دعاني بالطعام فقربته،ففعل كما فعل بالأمس،فأكلوا و شربوا حتى نهلوا،ثم تكلم النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) .
فقال:يا بنى عبد المطلب،إني و الله ما أعلم أحدا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به،إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة،و قد أمرني الله أن أدعوكم إليه،فأيكم يؤازرني على أمرى هذا،فقلتـو أنا أحدثهم سناـ:إنه أنا،فقام القوم يضحكون» (15) .الخامس:و في تفسير طنطاوي في ذيل الآية الشريفة: و انذر عشيرتك الأقربين قال:و اعلم أن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) لما نزلت عليه هذه الآية ضاق ذرعا،و عرف أنه متى بادأهم بهذا الأمر رأى ما يكره فصمت حتى جاء جبرئيل،فقال:يا محمد،ألا تفعل ما تؤمر يعذبك ربك،فاصنع لهم طعاما،فعند ذلك أمر عليا أن يصنع الطعام و يملأ عسا لبنا،و جمع القوم و أنذرهم و حذرهم.الى آخره (16) .
أقول:و لعل مراده إلى آخر الحديث،أن باقي الحديث على نحو ما مر آنفا عن تفسير الدر المنثور .
السادس:قال ابن عساكر في تاريخه،بإسناده إلى ابن أبي رافع،عن أبيه،قال:أبو رافع:جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ولد عبد المطلب و هم يومئذ أربعون رجلا،و إن كان منهم لمن يأكل الجذعة و يشرب الفرق من اللبن،فقال لهم:«يا بني عبد المطلب،إن الله لم يبعث رسولا إلا جعل له من أهله أخا و وزيرا و وارثا و وصيا (و منجزا لعداته و قاضيا لدينه،فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي و وزيري) (17) و منجز عداتى و قاضي ديني؟فقام اليه علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هو يومئذ أصغرهم،فقال له:اجلس و قدم إليهم الجذعة و الفرق (من) اللبن فصدروا عنه حتى أنهلهم،و فضل منه فضلة .
فلما كان في اليوم الثاني أعاد عليهم القول،ثم قال:يا بني عبد المطلب،كونوا في الإسلام روؤسا،و لا تكونوا أذنابا،فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي و وزيري و وصي و قاضي ديني و منجز عداتي؟»فقام إليه علي بن أبي طالب،فقال:«اجلس».
فلما كان في اليوم الثالث أعاد إليهم،القول،فقام علي بن أبي طالب فبايعه بينهم،فتفل في فيه،فقال أبو لهب:بئس ما جزيت به ابن عمك إذ أجابك إلى ما دعوته إليه،ملأت فاه بصاقا (18) .
السابع:روى ابن عساكر الشافعي،بسنده عن عباد بن عبد الله،عن علي بن أبي طالب،قال:«لما نزلت و انذر عشيرتك الأقربين ،قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) يا علي،اصنع لي رجل شاة بصاع من طعام،و أعد قعبا (19) من لبن،و كان القعب قدرري رجل،قال:ففعلت.
فقال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) :يا علي،اجمع بني هاشم،و هم يومئذ أربعون رجلا أو أربعون غير رجل،فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فوضعه بينهم فأكلوا حتى شبعوا،و إن الرجل منهم لمن يأكل الجذعة بأدامها،ثم تناولوا القدح فشربوا حتى رووا،و بقي فيه عامته،فقال بعضهم:ما رأينا كاليوم في السحر!!!.يقولون إنه أبو لهب.
ثم قال:يا علي:اصنع رجل شاة بصاع من طعام،و أعد بقعب من لبن،قال:ففعلت فجمعهم فأكلوا مثل ما أكلوا بالمرة الاولى،و شربوا مثل المرة الاولى،و فضل منه ما فضل بالمرة الاولى،فقال بعضهم:ما رأينا كاليوم في السحر!!!.
فقال الثالثة:اصنع رجل شاة بصاع من طعام،و أعد بقعب من لبن،ففعلت فقال:اجمع بني هاشم فجمعتهم،فأكلوا و شربوا،فبدرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بالكلام،فقال :«ايكم يقضي ديني،و يكون خليفتي و وصيي من بعدي؟».
قال:«فسكت العباس مخافة أن يحيط ذلك بماله،فأعاد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) الكلام على القوم و سكت العباس مخافة أن يحيط ذلك بماله،فاعاد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) الكلام ثالثة».
قال:«و إني يومئذ لأسوأهم هيئة،إني يومئذ أحمش الساقين،أعمش العينين،ضخم البطن،فقلت :أنا يا رسول الله،قال:أنت يا علي،أنت يا علي» (20) .
الثامن:اخرج الطبري في تاريخه،بسنده عن عبد الله بن العباس،عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال:«لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) و انذر عشيرتك الأقربين (21) ،دعاني رسول الله،فقال:يا علي،إن الله تعالى أمرنى أن أنذر عشيرتك الأقربين،فضقت بذلك ذرعا،و عرفت أني متى أبادئهم بهذا الأمر ارى منهم ما أكره،فصمت عليه حتى جاءنى جبرئيل،فقال :يا محمد،إنك ألا تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك،فاصنع لنا صاعا من طعام،و اجعل عليه رجل شاة،و املأ لنا عسا من لبن،ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى اكلمهم و ابلغهم ما امرت به،ففعلت ما أمرني به،ثم دعوتهم له،و هم يومئذ أربعون رجلا،يزيدون رجلا أو ينقصونه،فيهم اعمامه :أبو طالب،و حمزة،و العباس،و أبو لهب.
فلما اجتمعوا إليه،دعاني بالطعام الذي صنعت لهم،فجئت به،فلما وضعته تناول و رسول الله (صلى الله عليه و آله) حذية من اللحم،فشقها بأسنانه،ثم القاهافي نواحي الصفحة،ثم قال :خذوا بسم الله،فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة،و ما أرى إلا موضع أيديهم،و ايم الله الذي نفس علي بيده،و إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم.
ثم قال:اسق القوم،فجئتهم بذلك العس،فشربوا متى رووا منه جميعا،و أيم الله إن كان الرجل الواحد منهم يشرب مثله،فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام،فقال:لقد سحركم صاحبكم،فتفرق القوم،و لم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) .
فقال في الغد:يا علي،إن هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن اكلمهم فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم اجمعهم إلي».
قال:«ففعلت ثم جمعتهم ثم دعانى بالطعام فقربته لهم،ففعل كما فعل بالأمس،فأكلوا حتى ما لهم بشيء حاجة،ثم قال:اسقهم،فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا،ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ،فقال:يا بني عبد المطلب؟إني و الله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به،إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة،و قد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه،فايكم يوارزني على هذا الأمر،على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم؟».
قال:«فأحجم القوم عنها جميعا،و قلت،و إني لاحدثهم سنا،و أرمصهم عينا،و أعظمهم بطنا،و أحمشهم ساقا:أنا يا نبي الله،أكون وزيرك عليه،فأخذ برقبتي،ثم قال:إن هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم،فاسمعوا له و اطيعوا،قال:فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب:قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع» (22) .
و قال العلامة الأميني (رحمة الله عليه) :و بهذا اللفظ أخرجه أبو جعفرالإسكافي المتكلم المعتزلي البغدادي المتوفى 240،في كتابه نقض العثمانيه،و قال:إنه روي في الخبر الصحيح .
و رواه الفقيه برهان الدين في أنباء نجباء الأبناء.
و ابن الأثير في الكامل و غيرهم كثير (23) أضربنا عنهم رعاية للاختصار.
7ـو ما يؤيد الحديث:
ما رواه ابن عساكر الشافعي في تاريخ دمشق،بسنده عن أبي رافع،قال:كنت قاعدا بعد ما بايع الناس أبا بكر،فسمعت أبا بكر يقول للعباس:أنشدك الله هل تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) جمع بني عبد المطلب و أولادهم و أنت فيهم،و جمعكم دون قريش،فقال:«يا بني عبد المطلب،إنه لم يبعث الله نبيا إلا جعل له من أهله أخا و وزيرا و وصيا و خليفة في أهله،فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي و وزيري و وصيي و خليفتي في أهلي»لم يقم منكم أحد؟.
فقال:«يا بني عبد المطلب كونوا في الإسلام رؤسا،و لا تكونوا أذنابا،و الله ليقومن قائمكم أو لتكونن في غيركم ثم لتندمن!!!».
فقام علي (عليه السلام) من بينكم فبايعه على ما شرط له و دعاه إليه،أ تعلم هذا له من رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ؟قال:نعم (24) .
8ـتنبيه و تكملة في الأحاديث المخالفة لما مضى و جوابها:
في ذيل الآية الشريفة وردت أخبار خلاف ما ذكرناه من الأخبار،و نحن نذكر أربع روايات مذكورة في كتب العامة،ثم نقول:ما هو الحق في حديث الإنذار؟
الحديث:
(1) في الدر المنثور:أخرج أحمد و عبد بن حميد و البخاري و مسلم و الترمذي و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و البيهقي في شعب الإيمان و في الدلائل،عن أبي هريرة،قال:
لما نزلت هذه الآية و انذر عشيرتك الأقربين دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) قريشا و عم و خص،فقال:يا معشر قريش،انقذوا أنفسكم من النار،فإني لا أملك لكم ضرا و لا نفعا،يا معشر بني كعب بن لؤي،أنقذوا أنفسكم من النار،فإني لا أملك لكم ضرا و لا نفعا،يا معشر بني عبد مناف،أنقذوا أنفسكم من النار،فإني لا أملك لكم ضرا و لا نفعا،يا بني عبد المطلب،أنقذوا أنفسكم من النار،فإني لا أملك لكم ضرا و لا نفعا،يا فاطمة بنت محمد،أنقذي نفسك من النار،فإني لا أملك لك ضرا و لا نفعا،ألا إن لكم رحما و سأبلها ببلالها» (25) .
(2) و فيه أخرج عبد بن حميد و ابن مردويه،عن ابن عباس،قال:لمانزلت و أنذر عشيرتك الأقربين جعل يدعوهم قبائل (26) .
(3) و فيه أخرج سعيد بن منصور و البخاري و ابن مردويه و ابن جرير و ابن المنذور ابن أبي حاتم،عن ابن عباس،قال:لما نزلت و انذر عشيرتك الاقربين و رهطك منهم المخلصين (27) خرج النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) حتى صعد على الصفا فنادى يا صباحاه،فقالوا:من هذا الذي يهتف؟قالوا:محمد،فاجتمعوا إليه.
فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو؟فجاء أبو لهب و قريش:فقال (صلى الله عليه و آله و سلم) :«أرايتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟».
قالوا:نعم،ما جربنا عليك إلا صدقا.
قال:«فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد».
فقال أبو لهب:تبا لك سائر اليوم،ألهذا جمعتنا؟فنزلت تبت يدا أبي لهب و تب (28) .
(4) و فيه أخرج الطبراني و ابن مردوديه عن أبي امامة،قال:لما نزلت و انذر عشيرتك الأقربين جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بني هاشم فأجلسهم على الباب،و جمع نساءه و أهله فأجلسهم في البيت،ثم أطلع عليهم،فقال:«يا بني هاشم،اشتروا أنفسكم من النار،و اسعوا في فكاك رقابكم،و افتكوها بأنفسكم من الله،فإني لا أملك لكم من الله شيئا».
ثم أقبل على أهل بيته،فقال:«يا عايشه بنت أبي بكر،و يا حفصة بنت عمر،و يا ام سلمة،و يا فاطمة بنت محمد،و يا ام الزبير عمة رسول الله،اشترواأنفسكم من الله،و اسعوا في فكاك رقابكم،فإني لا أملك لكم من الله شيئا،و لا اغني».
فبكت عائشة،و قالت:و هل يكون ذلك يوم لا تغني عنا شيئا؟قال:«نعم،في ثلاثة مواطن»،الحديث (29) .
أقول:في معنى هذه الروايات و بعض الروايات الاخرى انه (صلى الله عليه و آله و سلم) خص بني عبد مناف بالانذار،فيشمل بني امية و بني هاشم جميعا (30) .
و في معرض الإجابة عن هذه الأخبار نذكر ما قال العلامه الطباطبائى (رحمة الله عليه) في تفسيره القيم الشريف المسمى بالميزان:
أما الرواية الرابعة،فقوله تعالى: و انذر عشيرتك الأقربين آية مكية في سورة مكية (31) .
و لم يقل أحد بنزول الآية بالمدينة،و أين كانت يوم نزولها عائشة و حفصة و ام سلمة،و لم يتزوج النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ـبهن إلا في المدينة،و أما الروايات الثلاث الأول لا تنطبق عليها الآية و أنذر عشيرتك الأقربين لأنها تعمم الإنذار قريشا عامة،و الآية تصرح بالعشيرة الأقربين،و هم إما بنو عبد المطلب أو بنو هاشم،و أبعد ما يكون من الآية الرواية الثانية حيث تقول:جعل يدعوهم قبائل قبائل؟!!.
فالمعتمد من الروايات ما يدل على أنه (صلى الله عليه و آله و سلم) خص بالإنذار يوم نزول الآية بني هاشم،أو بني عبد المطلب،و من عجيب الكلام قولالآلوسي بعد نقل الروايات:و إذا صح الكل فطريق الجمع أن يقال بتعدد الإنذار (32) ،و كما ترى لا يصح هذا الجمع،لأن الإنذار اتفق مرة واحدة،و هو أول بداية الإسلام.
9ـهذه المنقبة خاصة بعلي (ع) و لم يشركه فيها أحد:
و الحق ما قاله الشيخ المفيد (رحمة الله عليه) ذيل قصة الدار و إيمان علي بن أبي طالب بين عشيرته (صلى الله عليه و آله و سلم) :و هذه منقبة جليلة اختص بها أمير المؤمنين (عليه السلام) و لم يشركه فيها أحد من المهاجرين و لا الأنصار،و لا أحد من أهل الإسلام،و ليس لغيره عدل لها من الفضل،و لا مقارب على حال،و في الخبر بها ما يفيد أن به تمكن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) من تبليغ الرسالة و إظهار الدعوة و الصدع بالإسلام،و لولاه لم تثبت الملة و لا استقرت الشريعة،و لا ظهرت الدعوة،فهو عليه السلام ناصر الإسلام و وزيره،الداعي إليه من قبل الله عز و جل،و بضمانه لنبي الهدى (صلى الله عليه و آله و سلم) النصرة،ثم له في النبوه ما أراد،و في ذلك من الفضل ما لا يوازنه الجبال فضلا،و لا تعادله الفضائل كلها محلا و قدرا (33) .
تعليقات:
(1) سورة الشعراء .216
(2) سورة المسد: .1
(3) الكامل لابن الأثير ج 2 ص .61
(4) سورة الشعراء: .214
(5) اقتباس من المراجعات للعلامة السيد شرف الدين ص .130
(6) سورة الشعراء: .214
(7) سورة الشعراء: .216
(8) سورة المدثر: .1
(9) أخذنا من كتاب تفسير الكشاف للزمخشري ج 5 ص 521 و تفسير الميزان ج 15 ص 359 و مجمع البيان ج 7 ص .206
(10) تفسير الكشاف ج 5 ص .521
(11) من اراد تفصيل الحديث في كتبهم فليراجع كتبهم أو الاحقاق ج 4 ص 60 الى ص .70
(12) الارشاد المفيد (ره) ص 42 فصل 7 من باب .2
(13) تفسير مجمع البيان ج 7 ص 206 و فرائد السمطين ج 1 ص 85 رقم .65
(14) تفسير مجمع البيان ج 7 ص 206 و فرائد السمطين ج 1 ص 85 رقم .65
(15) تفسير الدر المنثور للسيوطى ج 5 ص .97
(16) تفسير الجواهر للطنطاوى ج 13 ص .111
(17) بين المعقوفتين قد حذفوه من النسخة الظاهرية و هو موجود بحمد الله في النسخة الأزهرية الخ،هامش تاريخ دمشق ترجمة الإمام علي ج 1 ص .88
(18) تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ج 1 ص 88 رقم .142
(19) القعب:القدح.
(20) تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ترجمة الامام علي بن أبي طالب ج 1 ص 86 رقم .139
(21) سورة الشعراء: .214
(22) تاريخ الطبري ج 2 ص .62
(23) الغدير ج 2 ص .279
(24) تاريخ دمشق لإبن عساكر الشافعي ترجمة الإمام علي بن ابي طالب ج 1 ص 89 رقم .143
(25) تفسير الدر المنثور للسيوطي ج 5 ص .95
(26) تفسير الدر المنثور ج 5 ص .96
(27) كذا في المصدر و الظاهر أنها:أي و رهطك،اذ هي ليست من الآية.
(28) المصدر...ص .96
(29) المصدر...ص .96
(30) انظر المصدر ص 95ـ .97
(31) سورة الشعراء: .214
(32) تفسير الميزان ج 15 ص .365
(33) الإرشاد المفيد (ره) ص 44 الفصل 8 من باب .2
الفصول المائة ج 1 ص 173
تأليف: السيد اصغر ناظمزاده قمى
http://www.imamalinet.net/ar/ac/acb/...bdf/acbdf2.htm
1ـأمر الله تعالى نبيه (ص) بإظهار دعوته
فى الكامل لأبن الاثير ما ملخصه:إن الله تعالى أمر النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بعد مبعثه بثلاث سنين،أن يصدع بما يؤمر،و كان قبل ذلك في السنين الثلاث مستترا بدعوته لا يظهرها إلا لمن يثق به،فكان أصحابه إذا أرادو الصلاة ذهبوا إلى الشعاب فاستخفوا فلما صلى بعض الصحابة في شعب إطلع عليهم نفر من المشركين،منهم:أبو سفيان و الأخنس و غيرهما،فسبوهم و عابوهم حتى قاتلوهم.
الحديث:
(1) قال ابن عباس:لما نزلت: و أنذر عشيرتك الأقربين (1) خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فصعد على الصفا فهتف:يا صباحاه!فاجتمعوا إليه،فقال :يا بنى فلان،يا بنى فلان،يا بنى عبد المطلب،يا بنى عبد مناف!فاجتمعوا إليه.
فقال:أ رأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح الجبل أ كنتم مصدقى؟.
قالوا:نعم ما جربنا عليك كذبا.قال:فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
فقال أبو لهب:تبا لك!أما جمعتنا إلا لهذا؟.
ثم قام،فنزلت: تبت يدا أبي لهب و تب (2) السورة.
(2) و قال على بن أبي طالب:لما نزلت: و أنذر عشيرتك الأقربين دعاني النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال:يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت ذرعا و علمت أني متى أبادرهم بهذا الأمر أر منهم ما أكره،فصمت عليه حتى جاءني جبرائيل فقال:يا محمد إلا تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك،فاصنع لنا صاعا من طعام و اجعل عليه رجل شاة و املأ لنا عسا من لبن و اجمع لي بنى عبد المطلب حتى اكلمهم و أبلغهم ما أمرت به،ففعلت ما أمرني به،ثم دعوتهم،و هم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا او ينقصونه،فيهم اعمامه أبو طالب و حمزه و العباس و أبو لهب فلما اجتمعوا اليه دعانى بالطعام الذي صنعته لهم،فلما وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) حزة من اللحم فنتفها بأسنانه ثم ألقاها في نواحى الصفحة،ثم قال:خذوا باسم الله،فأكل القوم حتى ما لهم بشىء من حاجة،و ما أرى الا مواضع أيديهم،و أيم الله الذى نفس علي بيده،إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم!ثم قال:إسق القوم،فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا،و أيم الله إن كان الرجل الواحد ليشرب مثله!فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال لهد ما سحركم به صاحبكم،فتفرق القوم و لم يكلهم (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال:الغد يا على،إن هذا الرجل سبقني الى ما سمعت من القول فتفرقوا قبل أن أكلمهم،فعدلنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم أجمعهم إلى.ففعل مثل ما فعل بالأمس،فأكلوا،و سقيتهم ذلك العس،فشربوا حتى رووا جميعا و شبعوا،ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال:يا بنى عبد المطلب إنى و الله ما أعلم شابا فى العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به،قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة،و قد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه،فايكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم؟فأحجم القوم عنها جمعيا،و قلتـو إني لأحدثهم سنا و أرمصهم عينا و أعظمهم بطنا و أحمشهم ساقاـ:أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه،فأخذ برقبتي،ثم قال:إن هذا أخى و وصيي و خليفتى فيكم،فاسمعوا له و أطيعوا قال:فقال القوم يضحكون فيقولون لأبى طالب:قد أمرك ان تسمع لأبنك و تطع (3) .
2ـكلمة حول علي (ع) يوم الإنذار.
إن من أحاط علما بسيرة رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) في بدء الحكومة الإسلامية و تشريع أحكامها و تنظيم شؤونها وفق أوامر الله عز و جل يرى عليا (عليه السلام) وزير النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) في أمره،و ظهيره على عدوه،و وارث حكمه و صاحب أمره بعده،و من وقف على أقوال النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و افعاله من مبدأ أمره إلى منتهى عمره،يجد نصوصه في ذلك متواترة متوالية،و يكفيك منها ما كان في بدء دعوة النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) إلى الإسلام قبل ظهور الإسلام بمكة حين أنزل الله تعالى عليه: و انذر عشيرتك الأقربين (4) فدعاهم إلى دار عمه أبي طالب،و هم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون،و فيهم أعمامه،أبو طالب و حمزة و العباس و أبو لهب.
و في آخر الأمر،قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) :«يا بني عبد المطلب،إني و الله ما أعلم شابا في العرب جاء في قومه بأفضل مما جئتكم به،جئتكم خير الدنيا،و الآخرة،و قد أمرني الله أن أدعوكم إليه،فايكم يؤازرني على أمرى هذا،على أن يكون أخى و وصيي و خليفتي فيكم؟.
فأحجم القوم عنها غير علي (عليه السلام) ـو كان أصغرهمـإذ قال فقال:«أناـيا نبى اللهـأكون وزيرك عليه»فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) برقبته،و قال:«إن هذا أخي وصيي و خليفتي فيكم،فاسمعوا له و أطيعوا»فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب:قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع (5) .
3ـفى معنى آية: و انذر عشيرتك الأقربين (6)
عشيرة الرجل:قرابته،سموا بذلك لأنه يعاشرهم،و هم يعاشرونه،فقد نهى النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) نفسه عن الشرك و لا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين (7) و إن كان القصد منه الإخبار بأن كل من يدعو مع الله إلها آخر فهو من المعذبين كائنا من كان،ثم خص عشيرته و قرابته الأقربين بالإنذار،لأن المؤدب يبدأ بنفسه،ثم بأهله و عشيرته،ثم بالآخرين يا أيها المدثرقم فانذر (8) .تنبيها على أنه لا استثناء في الدعوة الدينة و لا مداهنة و مصانعة،كما هو معهود في السنين الملوكية،فلا فرق في تعلق الإنذار بين النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و امته،و لا بين الأقارب و الأجانب،فالجميع عبيد و الله تعالى مولاهم،نعم المولى و نعم النصير،هذا أولا.
و ثانيا أن عشيرته إذا صدقوه و آمنوا به،كانوا عونا على بث الدعوة و انتشارها (9) .
و قد كثر الكلام حول هذه الآية.فقال جماعة من السنة:إنه حين نزلت،قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) :«يا فاطمة،ابنة محمد،يا صفية ابنة عبد المطلب،يا بني عبد الله إعلموا فإني لا أملك لكم من الله شيئا».
و قال الشيعة و جماعة آخرون من السنة،منهم الإمام أحمد بن حنبل و النسائي و السيوطي و أبو نعيم و البغوي و الثعلبي و صاحب السيرة الحلبية و صاحب كنز العمال و غيرهم (كابن عساكر الشافعي و الزمخشري و الطنطاوي) :إن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) عندما نزلت هذه الآية دعا بني عبد المطلب و هم يومئذ أربعون رجلا فيهم أعمامه،الحديث (10) .
4ـفي إجتماع عشيرة النبي (ص) يوم الإنذار ما آمن أحد إلا علي (ع)
حديث يوم الإنذار هو الحديث الخاص باجتماع عشيرة النبي (صلى اللهعليه و آله و سلم) و دعوتهم إلى الإسلام،و كان أول من آمن برسول الله ذلك اليوم علي بن أبي طالب (عليه السلام) و قد أخرجه غير واحد من الأئمة و حفاظ الحديث من الفريقين في الصحاح و المسانيد و التفاسير،و مر عليه آخرون منهم من يقربه و يذعن إليه من دون أي غمز في الإسناد أو توقف فى متنه،و تلقاه المورخون من الامة الإسلامية و غيرها بالقبول،و أرسل في صحيفة التاريخ إرسال مسلم،و جاء منظوما في أسلاك الشعر و القريض.
5ـمن الذين روى من العامة أن عليا (ع) آمن وحده يوم الإنذار.
1ـأحمد بن محمد بن حنبل في مسنده ج 1 ص .159
2ـالعلامة الطبري في تفسيره ج 19 ص .68
3ـالعلامة الطبري أيضا في تاريخ الامم و الملوك ج 2 ص .62
4ـالحافظ أبو سعيد الخركوشي في شرف النبي على ما في مناقب الكاشي ص 70 (مخطوط) .
5ـالعلامة الثعلبي في تفسيره على ما في مناقب عبد الله الشافعي ص 75 (مخطوط) .
6ـالعلامة محمد بن أحمد الحنفي الموصلي في در بحر المناقب ص 39 (مخطوط) .
7ـالعلامة سبط ابن الجوزي في التذكرة ص .44
8ـالعلامة محب الدين الطبري في الرياض النضرة ص .168
9ـالعلامة الحمويني في فرائد السمطين ج .1
10ـمحمد بن يوسف الزرندي الحنفي في نظم درر السمطين ص 86.ـالمؤرخ الشهير محمد بن سعد بن منيع المعروف بابن سعد في الطبقات الكبرى ج 1 ص .187
12ـالحافظ أبو الفداء الدمشقي في تفسيره المطبوع بهامش فتح البيان ج 7 ص .193
13ـالحافظ نور الدين على بن أبي بكر في مجمع الزوائد ج 8 ص .302
14ـالعلامة الهندي في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش المسند ج 5 ص .41
15ـالعلامة المجلسي الشافعي في إنسان العيون،ج 1 ص .286
16ـالعلامة القندوزي في ينابع المودة ص .105
17ـالسيوطي في تفسير الدر المنثور ج 5 ص .97
18ـطنطاوي في تفسيره ج 3 ص .111
19ـالحافظ إبن عساكر الشافعى فى تاريخ دمشق ج 1 ص .188
20ـإبن الأثير في الكامل ج 2 ص 62 و غيرهم من علماء العامة (11) .
و كذا اتفق علماء الإمامية على أن النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) جمع خاصة أهله و عشيرته في إبتداء الدعوة إلى الإسلام،فعرض عليهم الإيمان،و استنصرهم على أهل الكفر و العدوان،و ضمن لهم على ذلك الحظوة فى الدنيا و الشرف و ثواب الجنان،فلم يجبه أحد منهم إلا امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) فكان بذلك أخوه،وزيره،و وصيه،و وارثه،و خليفته و اوجب له الجنة.
6ـنبذة يسيرة من الروايات الواردة في يوم الإنذار حول الآية من طرق الفريقين:
الحديث:
الأول:قال المفيد (رحمة الله عليه) :أجمع نقاد الاثار على صحة حديث الدار حين جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بني عبد المطلب في دار أبي طالب و هم أربعون رجلا يومئذ،يزيدون رجلا أو ينقصون فيما ذكره الرواة،و أمر أن يصنع لهم طعاما فخذ شاة مع مد من بر،و يعد لهم صاعا من اللبن،و قد كان الرجل منهم معروفا بأكل الجذعة في مقام واحد،و شرب الفرق من الشراب في ذلك المقعد،فأراد عليه و آله السلام بإعداد قليل الطعام و الشراب لجماعتهم إظهار الآية لهم في شبعهم و ريهم،مما كان لا يشبع واحدا منهم و لا يرويه،ثم أمر بتقديمه لهم،فأكلت الجماعة كلها من ذلك اليسير حتى تملوا منه،و لم يبن ما أكلوه منه و شربوه فيه،فبهرهم بذلك،و بين لهم آية نبوته و علامة صدقه ببرهان الله تعالى فيه .
ثم قال لهم بعد أن شبعوا من الطعام و رووا من الشراب:«يا بنى عبد المطلب،إن الله بعثني إلى الخلق كافة،و بعثني إليكم خاصة،فقال و انذر عشيرتك الأقربين و أنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان:ثقيلتين في الميزان،تملكون بهما العرب و العجم،و تنقاد لكم بهما الامم.و تدخلون بهما الجنة،و تنجون بهما من النار:شهادة أن لا إله إلا الله،و إني رسول الله،فمن يجيبني إلى هذا الأمر و يؤازرني عليه و على القيام به،يكن أخي و وصيي و وزيري،و وارثي،و خليفتي من بعدي».فلم يجبه أحد منهم،فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :«فقمت بين يديه من بينهم و أنا إذ ذاك أصغرهم سنا و أحمشهم ساقا و أرمصهم عينا،فقلت:أنا،يا رسول الله،اؤازرك على هذا الأمر.
فقال (صلى الله عليه و آله و سلم) :اجلس،ثم أعاد القول على القوم ثانية،فأصمتوا،فقمت أنا و قلت مثل مقالتي الاولى،فقال (صلى الله عليه و آله و سلم) :اجلس،ثم أعاد القول على القوم ثالثة فلم ينطق أحد منهم بحرف،فقمت و قلت:أنا اؤازرك،يا رسول الله،على هذا الأمر،فقال (صلى الله عليه و آله و سلم) :اجلس فأنت أخي و وصيي و وزيري و وارثي و خليفتي من بعدي»فنهض القوم و هم يقولون لأبي طالب:يا أبا طالب،ليهنئك اليوم،أن دخلت في دين ابن أخيك فقد جعل ابنك أميرا عليك (12) .
الثاني:و في تفسير المجمع عن تفسير الثعلبي بإسناده،و كذا فرائد السمطين.عن البراء بن عازب أنه قال:لما نزلت هذه الآية جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بني عبد المطلب و هم يومئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنة و يشرب العس،فأمر عليا (عليه السلام) برجل شاة فأدمها،ثم قال:«ادنوا بسم الله»فدنا القوم عشرة عشرة،فأكلوا حتى صدورا،ثم دعا بقعب من لبن،فجرع منه جرعة،ثم قال لهم:«اشربوا بسم الله»فشربوا حتى رووا،فبدرهم أبو لهب فقال:هذا ما سحركم به الرجل فسكت (صلى الله عليه و آله و سلم) يومئذ و لم يتكلم .
ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام و الشراب،ثم أنذرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال:«يا بني عبد المطلب،إني أنا النذير إليكم من الله عز و جل و البشير فأسلموا و أطيعوني تهتدوا».ثم قال:«من يؤاخيني و يؤوازرني و يكون وليي و وصيي بعدي و خليفتي في أهلي و يقضي ديني؟»،فسكت القوم فأعادها ثلاثا كل ذلك يسكت القوم،و يقول علي (عليه السلام) :«أنا»،فقال في المرة الثالثة:أنت،فقام القوم و هم يقولون لأبي طالب:أطع ابنك فقد أمر عليك (13) .
الثالث:و في مجمع البيان أيضا رواه عن تفسير الثعلبي،عن أبي رافع هذه القصة أنه جمعهم في الشعب فصنع لهم رجل شاة فاكلوا حتى تضلعوا،و سقاهم عسا فشربوا كلهم.حتى رووا،ثم قال :«إن الله تعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين و أنتم عشيرتي و رهطي،و إن الله لم يبعث نبيا إلا جعل له من أهله أخا و وزيرا و وارثا و وصيا و خليفة في أهله،فأيكم يقوم فيبايعني على أنه أخي و وارثي و وزيري و وصيي،و يكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟».
فسكت القوم فقال:«ليقومن قائمكم،و ليكونن في غيركم،ثم لتند من»ثم أعاد الكلام ثلاث مرات،فقام علي (عليه السلام) فبايعه و أجابه،ثم قال (صلى الله عليه و آله و سلم) :«ادن مني»فدنا منه ففتح فاه،و مج في فيه من ريقه،و تفل بين كتفيه و ثدييه،فقال أبو لهب:فبئس ما حبوت به ابن عمك أن أجابك فملأت فاه و وجهه بزاقا،فقال (صلى الله عليه و آله و سلم) :«ملأته حكمة و علما» (14) .
الرابع:في تفسير الدر المنثور:اخرج ابن إسحاق و ابن جرير و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و أبو نعيم و البيهقي في الدلائل من طرق،عن علي (عليه السلام) قال:«لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) : و أنذر عشيرتك الأقربين دعائي رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال:يا علي،إن الله أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين فضقت بذلك ذرعا،و عرفت أني مهما ابادئهم بهذاالأمر أرى منهم ما أكره،فصمت عليها حتى جاء جبرئيل،فقال :يا محمد،إنك إن لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك،فاصنع لي صاعا من طعام و اجعل عليه رجل شاة،و أجعل لنا عسا من لبن،ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى اكلمهم،و أبلغ ما أمرت به،ففعلت ما أمرني به،ثم دعوتهم له،و هم يومئذ أربعون رجلا،يزيدون رجلا أو ينقصونه،فيهم أعمامه أبو طالب،و حمزة،و العباس،و أبو لهب.
فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم،فجئت به،فلما وضعته تناول النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بضعة من اللحم،فشقها بأسنانه،ثم ألقاها في نواحي الصحفة،ثم قال :كلوا بسم الله،فأكل القوم حتى تهلوا عنه،ما ترى إلا آثار أصابعهم،و الله إن كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم.
ثم قال:اسق القوم،يا علي،فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا،و أيم الله،إن كان الرجل منهم ليشرب مثله،فلما أراد النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام،فقال:لقد سحركم صاحبكم فتفرق القوم و لم يكلمهم النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) .
فلما كان الغد قال:يا علي،إن هذا الرجل قد سبقنى إلى ما سمعت من القول،فتفرق القوم قبل أن اكلمهم فعد لنا بمثل الذي صنعت بالأمس من الطعام و الشراب،ثم اجمعهم لي،ففعلت ثم جمعتهم،ثم دعاني بالطعام فقربته،ففعل كما فعل بالأمس،فأكلوا و شربوا حتى نهلوا،ثم تكلم النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) .
فقال:يا بنى عبد المطلب،إني و الله ما أعلم أحدا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به،إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة،و قد أمرني الله أن أدعوكم إليه،فأيكم يؤازرني على أمرى هذا،فقلتـو أنا أحدثهم سناـ:إنه أنا،فقام القوم يضحكون» (15) .الخامس:و في تفسير طنطاوي في ذيل الآية الشريفة: و انذر عشيرتك الأقربين قال:و اعلم أن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) لما نزلت عليه هذه الآية ضاق ذرعا،و عرف أنه متى بادأهم بهذا الأمر رأى ما يكره فصمت حتى جاء جبرئيل،فقال:يا محمد،ألا تفعل ما تؤمر يعذبك ربك،فاصنع لهم طعاما،فعند ذلك أمر عليا أن يصنع الطعام و يملأ عسا لبنا،و جمع القوم و أنذرهم و حذرهم.الى آخره (16) .
أقول:و لعل مراده إلى آخر الحديث،أن باقي الحديث على نحو ما مر آنفا عن تفسير الدر المنثور .
السادس:قال ابن عساكر في تاريخه،بإسناده إلى ابن أبي رافع،عن أبيه،قال:أبو رافع:جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ولد عبد المطلب و هم يومئذ أربعون رجلا،و إن كان منهم لمن يأكل الجذعة و يشرب الفرق من اللبن،فقال لهم:«يا بني عبد المطلب،إن الله لم يبعث رسولا إلا جعل له من أهله أخا و وزيرا و وارثا و وصيا (و منجزا لعداته و قاضيا لدينه،فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي و وزيري) (17) و منجز عداتى و قاضي ديني؟فقام اليه علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هو يومئذ أصغرهم،فقال له:اجلس و قدم إليهم الجذعة و الفرق (من) اللبن فصدروا عنه حتى أنهلهم،و فضل منه فضلة .
فلما كان في اليوم الثاني أعاد عليهم القول،ثم قال:يا بني عبد المطلب،كونوا في الإسلام روؤسا،و لا تكونوا أذنابا،فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي و وزيري و وصي و قاضي ديني و منجز عداتي؟»فقام إليه علي بن أبي طالب،فقال:«اجلس».
فلما كان في اليوم الثالث أعاد إليهم،القول،فقام علي بن أبي طالب فبايعه بينهم،فتفل في فيه،فقال أبو لهب:بئس ما جزيت به ابن عمك إذ أجابك إلى ما دعوته إليه،ملأت فاه بصاقا (18) .
السابع:روى ابن عساكر الشافعي،بسنده عن عباد بن عبد الله،عن علي بن أبي طالب،قال:«لما نزلت و انذر عشيرتك الأقربين ،قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) يا علي،اصنع لي رجل شاة بصاع من طعام،و أعد قعبا (19) من لبن،و كان القعب قدرري رجل،قال:ففعلت.
فقال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) :يا علي،اجمع بني هاشم،و هم يومئذ أربعون رجلا أو أربعون غير رجل،فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فوضعه بينهم فأكلوا حتى شبعوا،و إن الرجل منهم لمن يأكل الجذعة بأدامها،ثم تناولوا القدح فشربوا حتى رووا،و بقي فيه عامته،فقال بعضهم:ما رأينا كاليوم في السحر!!!.يقولون إنه أبو لهب.
ثم قال:يا علي:اصنع رجل شاة بصاع من طعام،و أعد بقعب من لبن،قال:ففعلت فجمعهم فأكلوا مثل ما أكلوا بالمرة الاولى،و شربوا مثل المرة الاولى،و فضل منه ما فضل بالمرة الاولى،فقال بعضهم:ما رأينا كاليوم في السحر!!!.
فقال الثالثة:اصنع رجل شاة بصاع من طعام،و أعد بقعب من لبن،ففعلت فقال:اجمع بني هاشم فجمعتهم،فأكلوا و شربوا،فبدرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بالكلام،فقال :«ايكم يقضي ديني،و يكون خليفتي و وصيي من بعدي؟».
قال:«فسكت العباس مخافة أن يحيط ذلك بماله،فأعاد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) الكلام على القوم و سكت العباس مخافة أن يحيط ذلك بماله،فاعاد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) الكلام ثالثة».
قال:«و إني يومئذ لأسوأهم هيئة،إني يومئذ أحمش الساقين،أعمش العينين،ضخم البطن،فقلت :أنا يا رسول الله،قال:أنت يا علي،أنت يا علي» (20) .
الثامن:اخرج الطبري في تاريخه،بسنده عن عبد الله بن العباس،عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال:«لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) و انذر عشيرتك الأقربين (21) ،دعاني رسول الله،فقال:يا علي،إن الله تعالى أمرنى أن أنذر عشيرتك الأقربين،فضقت بذلك ذرعا،و عرفت أني متى أبادئهم بهذا الأمر ارى منهم ما أكره،فصمت عليه حتى جاءنى جبرئيل،فقال :يا محمد،إنك ألا تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك،فاصنع لنا صاعا من طعام،و اجعل عليه رجل شاة،و املأ لنا عسا من لبن،ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى اكلمهم و ابلغهم ما امرت به،ففعلت ما أمرني به،ثم دعوتهم له،و هم يومئذ أربعون رجلا،يزيدون رجلا أو ينقصونه،فيهم اعمامه :أبو طالب،و حمزة،و العباس،و أبو لهب.
فلما اجتمعوا إليه،دعاني بالطعام الذي صنعت لهم،فجئت به،فلما وضعته تناول و رسول الله (صلى الله عليه و آله) حذية من اللحم،فشقها بأسنانه،ثم القاهافي نواحي الصفحة،ثم قال :خذوا بسم الله،فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة،و ما أرى إلا موضع أيديهم،و ايم الله الذي نفس علي بيده،و إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم.
ثم قال:اسق القوم،فجئتهم بذلك العس،فشربوا متى رووا منه جميعا،و أيم الله إن كان الرجل الواحد منهم يشرب مثله،فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام،فقال:لقد سحركم صاحبكم،فتفرق القوم،و لم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) .
فقال في الغد:يا علي،إن هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن اكلمهم فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم اجمعهم إلي».
قال:«ففعلت ثم جمعتهم ثم دعانى بالطعام فقربته لهم،ففعل كما فعل بالأمس،فأكلوا حتى ما لهم بشيء حاجة،ثم قال:اسقهم،فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا،ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ،فقال:يا بني عبد المطلب؟إني و الله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به،إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة،و قد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه،فايكم يوارزني على هذا الأمر،على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم؟».
قال:«فأحجم القوم عنها جميعا،و قلت،و إني لاحدثهم سنا،و أرمصهم عينا،و أعظمهم بطنا،و أحمشهم ساقا:أنا يا نبي الله،أكون وزيرك عليه،فأخذ برقبتي،ثم قال:إن هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم،فاسمعوا له و اطيعوا،قال:فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب:قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع» (22) .
و قال العلامة الأميني (رحمة الله عليه) :و بهذا اللفظ أخرجه أبو جعفرالإسكافي المتكلم المعتزلي البغدادي المتوفى 240،في كتابه نقض العثمانيه،و قال:إنه روي في الخبر الصحيح .
و رواه الفقيه برهان الدين في أنباء نجباء الأبناء.
و ابن الأثير في الكامل و غيرهم كثير (23) أضربنا عنهم رعاية للاختصار.
7ـو ما يؤيد الحديث:
ما رواه ابن عساكر الشافعي في تاريخ دمشق،بسنده عن أبي رافع،قال:كنت قاعدا بعد ما بايع الناس أبا بكر،فسمعت أبا بكر يقول للعباس:أنشدك الله هل تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) جمع بني عبد المطلب و أولادهم و أنت فيهم،و جمعكم دون قريش،فقال:«يا بني عبد المطلب،إنه لم يبعث الله نبيا إلا جعل له من أهله أخا و وزيرا و وصيا و خليفة في أهله،فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي و وزيري و وصيي و خليفتي في أهلي»لم يقم منكم أحد؟.
فقال:«يا بني عبد المطلب كونوا في الإسلام رؤسا،و لا تكونوا أذنابا،و الله ليقومن قائمكم أو لتكونن في غيركم ثم لتندمن!!!».
فقام علي (عليه السلام) من بينكم فبايعه على ما شرط له و دعاه إليه،أ تعلم هذا له من رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ؟قال:نعم (24) .
8ـتنبيه و تكملة في الأحاديث المخالفة لما مضى و جوابها:
في ذيل الآية الشريفة وردت أخبار خلاف ما ذكرناه من الأخبار،و نحن نذكر أربع روايات مذكورة في كتب العامة،ثم نقول:ما هو الحق في حديث الإنذار؟
الحديث:
(1) في الدر المنثور:أخرج أحمد و عبد بن حميد و البخاري و مسلم و الترمذي و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و البيهقي في شعب الإيمان و في الدلائل،عن أبي هريرة،قال:
لما نزلت هذه الآية و انذر عشيرتك الأقربين دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) قريشا و عم و خص،فقال:يا معشر قريش،انقذوا أنفسكم من النار،فإني لا أملك لكم ضرا و لا نفعا،يا معشر بني كعب بن لؤي،أنقذوا أنفسكم من النار،فإني لا أملك لكم ضرا و لا نفعا،يا معشر بني عبد مناف،أنقذوا أنفسكم من النار،فإني لا أملك لكم ضرا و لا نفعا،يا بني عبد المطلب،أنقذوا أنفسكم من النار،فإني لا أملك لكم ضرا و لا نفعا،يا فاطمة بنت محمد،أنقذي نفسك من النار،فإني لا أملك لك ضرا و لا نفعا،ألا إن لكم رحما و سأبلها ببلالها» (25) .
(2) و فيه أخرج عبد بن حميد و ابن مردويه،عن ابن عباس،قال:لمانزلت و أنذر عشيرتك الأقربين جعل يدعوهم قبائل (26) .
(3) و فيه أخرج سعيد بن منصور و البخاري و ابن مردويه و ابن جرير و ابن المنذور ابن أبي حاتم،عن ابن عباس،قال:لما نزلت و انذر عشيرتك الاقربين و رهطك منهم المخلصين (27) خرج النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) حتى صعد على الصفا فنادى يا صباحاه،فقالوا:من هذا الذي يهتف؟قالوا:محمد،فاجتمعوا إليه.
فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو؟فجاء أبو لهب و قريش:فقال (صلى الله عليه و آله و سلم) :«أرايتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟».
قالوا:نعم،ما جربنا عليك إلا صدقا.
قال:«فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد».
فقال أبو لهب:تبا لك سائر اليوم،ألهذا جمعتنا؟فنزلت تبت يدا أبي لهب و تب (28) .
(4) و فيه أخرج الطبراني و ابن مردوديه عن أبي امامة،قال:لما نزلت و انذر عشيرتك الأقربين جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بني هاشم فأجلسهم على الباب،و جمع نساءه و أهله فأجلسهم في البيت،ثم أطلع عليهم،فقال:«يا بني هاشم،اشتروا أنفسكم من النار،و اسعوا في فكاك رقابكم،و افتكوها بأنفسكم من الله،فإني لا أملك لكم من الله شيئا».
ثم أقبل على أهل بيته،فقال:«يا عايشه بنت أبي بكر،و يا حفصة بنت عمر،و يا ام سلمة،و يا فاطمة بنت محمد،و يا ام الزبير عمة رسول الله،اشترواأنفسكم من الله،و اسعوا في فكاك رقابكم،فإني لا أملك لكم من الله شيئا،و لا اغني».
فبكت عائشة،و قالت:و هل يكون ذلك يوم لا تغني عنا شيئا؟قال:«نعم،في ثلاثة مواطن»،الحديث (29) .
أقول:في معنى هذه الروايات و بعض الروايات الاخرى انه (صلى الله عليه و آله و سلم) خص بني عبد مناف بالانذار،فيشمل بني امية و بني هاشم جميعا (30) .
و في معرض الإجابة عن هذه الأخبار نذكر ما قال العلامه الطباطبائى (رحمة الله عليه) في تفسيره القيم الشريف المسمى بالميزان:
أما الرواية الرابعة،فقوله تعالى: و انذر عشيرتك الأقربين آية مكية في سورة مكية (31) .
و لم يقل أحد بنزول الآية بالمدينة،و أين كانت يوم نزولها عائشة و حفصة و ام سلمة،و لم يتزوج النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ـبهن إلا في المدينة،و أما الروايات الثلاث الأول لا تنطبق عليها الآية و أنذر عشيرتك الأقربين لأنها تعمم الإنذار قريشا عامة،و الآية تصرح بالعشيرة الأقربين،و هم إما بنو عبد المطلب أو بنو هاشم،و أبعد ما يكون من الآية الرواية الثانية حيث تقول:جعل يدعوهم قبائل قبائل؟!!.
فالمعتمد من الروايات ما يدل على أنه (صلى الله عليه و آله و سلم) خص بالإنذار يوم نزول الآية بني هاشم،أو بني عبد المطلب،و من عجيب الكلام قولالآلوسي بعد نقل الروايات:و إذا صح الكل فطريق الجمع أن يقال بتعدد الإنذار (32) ،و كما ترى لا يصح هذا الجمع،لأن الإنذار اتفق مرة واحدة،و هو أول بداية الإسلام.
9ـهذه المنقبة خاصة بعلي (ع) و لم يشركه فيها أحد:
و الحق ما قاله الشيخ المفيد (رحمة الله عليه) ذيل قصة الدار و إيمان علي بن أبي طالب بين عشيرته (صلى الله عليه و آله و سلم) :و هذه منقبة جليلة اختص بها أمير المؤمنين (عليه السلام) و لم يشركه فيها أحد من المهاجرين و لا الأنصار،و لا أحد من أهل الإسلام،و ليس لغيره عدل لها من الفضل،و لا مقارب على حال،و في الخبر بها ما يفيد أن به تمكن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) من تبليغ الرسالة و إظهار الدعوة و الصدع بالإسلام،و لولاه لم تثبت الملة و لا استقرت الشريعة،و لا ظهرت الدعوة،فهو عليه السلام ناصر الإسلام و وزيره،الداعي إليه من قبل الله عز و جل،و بضمانه لنبي الهدى (صلى الله عليه و آله و سلم) النصرة،ثم له في النبوه ما أراد،و في ذلك من الفضل ما لا يوازنه الجبال فضلا،و لا تعادله الفضائل كلها محلا و قدرا (33) .
تعليقات:
(1) سورة الشعراء .216
(2) سورة المسد: .1
(3) الكامل لابن الأثير ج 2 ص .61
(4) سورة الشعراء: .214
(5) اقتباس من المراجعات للعلامة السيد شرف الدين ص .130
(6) سورة الشعراء: .214
(7) سورة الشعراء: .216
(8) سورة المدثر: .1
(9) أخذنا من كتاب تفسير الكشاف للزمخشري ج 5 ص 521 و تفسير الميزان ج 15 ص 359 و مجمع البيان ج 7 ص .206
(10) تفسير الكشاف ج 5 ص .521
(11) من اراد تفصيل الحديث في كتبهم فليراجع كتبهم أو الاحقاق ج 4 ص 60 الى ص .70
(12) الارشاد المفيد (ره) ص 42 فصل 7 من باب .2
(13) تفسير مجمع البيان ج 7 ص 206 و فرائد السمطين ج 1 ص 85 رقم .65
(14) تفسير مجمع البيان ج 7 ص 206 و فرائد السمطين ج 1 ص 85 رقم .65
(15) تفسير الدر المنثور للسيوطى ج 5 ص .97
(16) تفسير الجواهر للطنطاوى ج 13 ص .111
(17) بين المعقوفتين قد حذفوه من النسخة الظاهرية و هو موجود بحمد الله في النسخة الأزهرية الخ،هامش تاريخ دمشق ترجمة الإمام علي ج 1 ص .88
(18) تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ج 1 ص 88 رقم .142
(19) القعب:القدح.
(20) تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ترجمة الامام علي بن أبي طالب ج 1 ص 86 رقم .139
(21) سورة الشعراء: .214
(22) تاريخ الطبري ج 2 ص .62
(23) الغدير ج 2 ص .279
(24) تاريخ دمشق لإبن عساكر الشافعي ترجمة الإمام علي بن ابي طالب ج 1 ص 89 رقم .143
(25) تفسير الدر المنثور للسيوطي ج 5 ص .95
(26) تفسير الدر المنثور ج 5 ص .96
(27) كذا في المصدر و الظاهر أنها:أي و رهطك،اذ هي ليست من الآية.
(28) المصدر...ص .96
(29) المصدر...ص .96
(30) انظر المصدر ص 95ـ .97
(31) سورة الشعراء: .214
(32) تفسير الميزان ج 15 ص .365
(33) الإرشاد المفيد (ره) ص 44 الفصل 8 من باب .2
الفصول المائة ج 1 ص 173
تأليف: السيد اصغر ناظمزاده قمى
http://www.imamalinet.net/ar/ac/acb/...bdf/acbdf2.htm