بسمِ اللهِ الرَحمنِ الرَحيمِ
والحمدُ للهِ الذي أكملَ دِينَهُ وأتمَّ نعمتَهُ بولايةِ أميرِ المؤمنين ، وصلى اللهُ على حُجَجهِ وخلفائهِ محمدٍ وآلهِ الطيبينَ الطاهرين ، واللعنةُ الدائمةُ على أعدائهم وغاصبيهم أجمعين ، أبدَ الآبدين.
بكلِّ أحاسيسِ البهجةِ ومشاعرِ المحبةِ أتقدمُ لسيدي ومولايَ الإمام الحجةِ بن الحسن المهدي (فدته نفوسُ الكائنات)، ولجميعِ المؤمنين والمؤمناتِ في العالم، مهنئاً ومباركاً بحلولِ ذِكرى عيد اللهِ الأكبر: عيدِ الغَديرِ الأغَّر ، الذي أتمَّ اللهُ تعالى فيهِ النعمةَ وأكملَ الدينَ بإعلانِ الولايةِ الكبرى لسيدِ الوصيينِ وأبنائهِ المنتجبينَ المرضيين.
وتمتزجُ هذهِ الفرحةُ العظمى ـ في هذا العام ـ بفرحةِ تساقط طواغيتِ العصرِ واحداً بعدَ آخر في هاويةِ الجحيم، والذينَ نأملُ أن يكون تساقُطُهم هذا ـ والعُقبى لأمثالِهم أيضاً ـ مؤذِنَاً بقُربِ ظهورِ جَمالِ الطَلعةِ البهيةِ لإمامِ العَصرِ وسلطانِ الزمان (أرواحُ جميعُ مَن سواهُ فِداه).
إلا أنَّ مما يحزُ في النفسِ ويُؤلِمُ الفؤادَ: إعادةُ التاريخِ لنفسهِ، فكما حُوربتُ – في غابرِ الزمان ـ ولايةُ أمير المؤمنين منذُ أنْ جهرَ بها سيدُ المرسلين (عليهما صلواتُ المُصلّين)، فإننا نجد اليومَ ـ في وُعّاظ السلاطين، ومَن حذا حَذْوَهم مِن المتاجرينَ باسمِ الإسلام والمسلمين ـ مَن يُجاهرُ بالعِداءِ لشيعة سيّدِ الأوصياء (عليهِ آلافُ التحيةِ والثناء) لا لشيءٍ سوى الطائفيةِ البغيضة المُعشعشة في نفوسهم المريضة.
فتراهم في الوقتِ الذي يُحرِّضونَ فيهِ على الفوضى العامة باسمِ الثورةِ والمُطالبةِ بالحرية والديمقراطية في سوريا ـ وإنْ استلزمَ ذلك إبادةَ ثلثِ الشَعْبِ بل نصفه، كما جاءَ ذلك في تصريحاتِ بعضِ العابثين بدماءِ وأرواح المسلمين ـ يبذلونَ قُصارى جهودهم من أجل كَتْمِ صوت ثورةِ الأحرار في البحرين، وإنْ استلزمَ ذلك سجنَ المئاتِ من الأبرياء وتعذيبهم، بل وإراقةَ دمائِهم الزكية وهتكَ أعراضِهم المحترمة.
وما هذهِ المفارقةُ الفاضحة والازدواجيةُ الصريحة ـ في مواقف هؤلاءِ المزيفين ـ إلا لأجلِ أنَّ ثورةَ أهل البحرينِ ثورةٌ شيعيةُ الإنتماء، بينما ما يجري من الأحداثِ في سوريا لا هدفَ مِن ورائهِ سوى التضييق على شيعةِ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وخَنْقِ حريتهم، سواء في بلادِ الشامِ نفسها أم في البلدانِ المجاورة.
والأنكى مِن ذلك هو الموقفُ المخزي للإعلام العالمي ، ففي الوقتِ الذي يُفترض فيه أن يكونَ ـ بجميعِ مستوياته ـ في أعلى درجاتِ النزاهةِ والحيادية ، لا نراهُ ينظرُ إلى الأحداث إلا بعينٍ واحدة ، وهي عين الطائفيةِ المقيتة ، فحينَ تُسفكُ دماء المئات من الشيعة في باكستان ـ بشكلٍ متكرر ـ على يدِ المجموعاتِ الإرهابيةِ المتطرفة، وتُراقُ دماء العشرات من الشيعةِ في البحرين على يدِ الطواغتِ والجلادّين، لا تجد للإعلامِ العالميِ موقفاً ولا تسمع لهُ صوتاً ، بينما يفاجئكَ بأرقامِ وإحصائياتِ يوميةٍ لأعداد القتلى الذينَ لا يفتأ عن وصفهم بالثوّار والأحرارِ والشهداء.
فسلامُ اللهِ تعالى وصلواتُهُ وتحياتُهُ على سيدِّ أوصيائهِ أميرِ المؤمنين (عليهِ صلواتُ المصلين)، فإنَّه عاشَ مظلوماً وقُتِلَ مظلوماً، وكذلكَ شيعته الأبرارُ عاشوا مظلومينَ وقُتِلوا مظلومين، وهكذا سيعيشونَ وسَيموتون، وهذا ما يُضاعفَ من حجمِ مسؤوليتهم تجاهَ (الولايةِ الكُبرى) التي شَرّفهم الله تعالى بشرفِ الإنتماءِ إليها، فعليهم بكلِّ قِواهم أن يصونوها مِن كيد الطواغيتِ والمستكبرين، ليبقى لواؤها شامخاً ومرفرفاً بالنصرِ والعزّةِ على كلِّ آفاقِ الدنيا شرقها وغربها، حتى يسلموهُ بيدِ الإخلاصِ والوفاءِ لكفِّ صاحب العصرِ والزمانِ ( أرواحُ جميعِ العالمينَ لترابِ مقدمهِ الفِداء).
وإني لأبتهلُ للمولى العليِّ القدير أن يُعجِّلَ في فرج وليهِ المُنتظر، لتزولَ كلُّ معالم الجورِ والطغيانِ والظُلم، وتسودَ كُلُّ معالم الحق والعدل، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلى اللهُ على محمد وآلهِ الطاهرين.
محمد صادق الحسيني الروحاني
17 ذی الحجه 1432 هـ
الرابط: http://ar.rohani.ir/page-691.htm
تعليق