إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

البكاء

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البكاء

    كانت ليلة شديدة البرد لم يشأ فيها النوم مداعبتي ، أحتضن وسادتي القديمة ، وأضمها إلى صدري بقوة عل وعسى ألتمس منها بعض الدفئ المفقود ، أنظر لجدران الصومعة المتشقق وكأنها عجوز قد دار بها الزمن وأفقدها جمالها ، امتدت يدي على فناري الملقى فوق الطاولة الذي كاد أن ينفد منه وقود الصبر مثلما تناثرت أيامي ، فأشعلته من جديد ووقفت على قدماي الشبه عاريتين إلى النافذة الناعية بصوت الريح ، فنظرت إلى السماء فلم أجد بدري الجميل ولا رفقاءه النجوم ، فيا إلهي ما لهذه الليلة الكئيبة ، تبين لي أن السماء قد اكتست بثياب الشتاء ، وفجأة بدأت الأمطار بالهطول، فشعرت بأن السماء تبكي لأجل شيئاً ما ، لم أحتمل حزن السماء فإغرورقت عيناي بعزة وكبرياء ، وبدأ جسدي بالإنكماش من شدة البرد ، فعدت لمضجعي مرتجفاً فاقد التمييز بين زخات المطر في الخارج وفي النفس! ، وأمسكت نهجي كعادتي لقرائته فلربما ألتهي به حتى النوم النوم فعلمت أنها القوة التي حملتني لأعرب بصراحة التعبير (( أنا الإنسان فهل من مبارز )) فجاء قبس أضاء ما حولي وهمس في إذني قم فصلي صلاة الليل فأونها قائم ودع يقينك بالله الذي لن يجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض ولن يجعل المتقين كالفجار !.

    مقتبس معدل ما فيه




    وأبدء موضوعي هذا بسندٍ صحيح عن أوصاف أخرى للمؤمنين عن أمين الله في أرضه عليه السلام :

    اُناس أكياس ، أرادتهم الدنيا فلم يُريدوها ، ووطلبتهم فأعجزوها ، أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تالون لأجزاء القران يرتلونه ترتيلاً، يعظون أنفسهم بأمثاله ، يستشفون لدائهم بدوائه تارة، وتارة مفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يمجّدون جباراً عظيماً، ويجأرون إليه - جلّ جلاله – في فكاك رقابهم.

    اللهم صلي على محمد وال محمد

    ومن هنا أبدء بالتعريف عن مدى صدق المشاعر التي يتجرمها الإنسان حين يعبر عنها بماءٍ طاهرٍ ملحه يخرج متفجراً من جوهرة التخاطب الروحي التي تأسر الكثير ببعضهم البعض ، هذا الماء ينهمر من أعين كثيرة وأعين عرفت المعنى الحقيقي للمشاعر الطيبة التي من الممكن أن تكون دليلاً خلوصاً لصدق مشاعر الطرف الأخر إن الدمعة أخوتي أخواتي لها تراجم كثيرة صادقه في فحواها وحقيقتها وحقيقة الدمعة أنها تخرج حين يرى الأنسان نفسه في موقف غريب وجديد عليه لا يقوى عن التعبير فيه بالكلمة أو الفعل فمشاعره الصادقه الحيه النقيه المصحوبة بخشوعه وتسليمه بأمر الله ووحدانية الأمر عنده يجعل من بدن وعقل صاحب الدمعة ذات الإنهمار الكامل الخالص لوجهه شأنه رفع حمل ثقيل على صدره فهو أساس ثابت في البأساء والضراء وحتى السراء لأمرٍ يحن إليه في كل حين وساعة لموقف أو حدث أو ذكرى أو صراحه أو حقيقه تختلف ترجمانها بيننا كشبابٍ كالموقف الثابت وكالحب الصادق الطاهر الشبيه بالطفل الذي يعجز عن التعبير أو التصرف ليقول ما يريد فهذه المشاعر الطيبة الصادقة التي لا يجد صاحبها دليل حي أو إثبات واقعي ليعبر فيها عن صدق في ما قال وما يبوح أشبه بمفروض الأمر حين نرى الطفل يبكي ولا نعلم بأنه يقول راغباً بالتحدث أريد هذا وأشتكي من هذا وشبييه أمر البالغ العاقل لا نعلم بأنه وهب لنا الكثير من خلجه ومشاعره وواقعيته وحقيقته التي هو عليها والتي بالكاد يقوى أمام من يهتم أن يترجمها فيكابد أمرها مانعاً خروجها فإن كان المقابل كريم النفس شكرك وإن كان حقيرها حقرقك ، إلا وأن جموح النفس وكبرياءها في كل الحالات يكون سيد الموقف إلا في خلوة الإنسان أو في الشأن العاطفي العام ، وهنا تجتمع كل هذه المشاعر لتعلن بصراحة الأمر (( أنا الإنسان الذي إستخلفني الله في أرضه )).

    دمعتي هذه يا أخوتي أخواتي وإن تكن في حقيقتها لسببٍ خاصاً ترجمانها هو مائها ففيه أحبها و أحترمها كثيراً وأحترم ما فيها وأحترم إسلوبها وطريقتها وإن كان مجال التعبير البلاغي الحقيقي الواقعي قد يكون خيالياً في وصفه ولكنه واقعياً في أمره ففي شأنه لم يسنح للوضع الفرصة الحقيقية لترجمته بصوره الحية لها فلم أستطع دمعتي أن أعبر هذا فأعذريني فأحتضنك بين يدي وأقدم لك المراسيم الكونية برفقة وزيري العقل والقلب.

    وأين مجال التعبير أتعلم دمعتي أنها غاليه علي فيثبت قلبي ويؤمن ويصدق ويفي ويوفي لأنه صادق رغماً عن أنفه فقد كرست تصاويرها ومواقعها عن طريق ترجمانها العقل الذي أيقن سريرته ومكنونيته الحقيقيه ومدى الوفاء الحقيقي فيه أم القلب الذي يمنحها حرية الإنطلاق!.

    وهذا فهي لا تتساقط إلا بخشوع ٍ وتيقن بصراحة الأمر وتعبيره الجمالي الحق أعرفها دمعتي وأثق بقوتها ومعناها الذي أحتفظ فيه لنفسي متآثراً بأن أبدء التعريف الحقيقي لها وعن مدى صدقها وحقيقتها كرجل قوي شجاع في واقعية التعبير في ما يمكن أن يكون خصوصياً عاماً ، وكيف ليكون خصوصياً وعاماً !!. لأنه لا يوجد من يقرأ هذا الموضوع إلا وعرف المعنى الحقيقي للدمعة ومدى الإخلاص الذي هي عليه حين يراها تتراكض على خديه معلنه وشاهده على الموقف الشجاع الحي والواقعي الذي يترجم مدى الرهفة والرحمة والرقة وحتى العظمة في لمسة الخالق عزوجل ، اللهم صلي على محمد وال محمد ، سبحانك اللهم ربي ولا حول ولا قوة إلا بك العزيز الرحيم.

    ذكرتها في كتابك العزيز حين قلت :
    (فما بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين) فهذا هو الخالق عزوجل يرى حتى في المعنى الحقيقي للدمعة ومدى قوتها وشفافيه وضعيتها فهي لا تبكي إلا بإذنه وحين أمره لتعلن أنها واقع حي دليله عظمة الخالق عزوجل.

    وعن أبي عن حنان بن سدير عن عبدالله بن الفضيل الهمداني عن ابيه عن جده عن امير المؤمنين عليه السلام قال: مر عليه رجل عدو لله ولرسوله، فقال: " وما بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين " ثم مر عليه الحسين بن علي عليهما السلام فقال: لكن هذا ليبكين عليه السماء والارض، وقال: وما بكت السماء والارض إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي عليهما السلام، قال: حدثنى أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي ابن الحسين عليه السلام يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي عليهما السلام دمعة حتى تسيل على خده بواه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى تسيل على خده لاذى مسنا من عدونا في الدنيا بواه الله مبوء صدق في الجنة، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل دمعه على خديه من مضاضة ما أوذي فينا صرف الله عن وجهه الاذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار، قال: وحدثنى ابي عن بكر بن محمد عن ابي عبدالله عليه السلام قال: من ذكرنا او ذكرنا عنده فخرج من عينه دمع مثل جناح بعوضة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.

    فهذه التراجم والمشاعر تخرج عن طريق هذا التعبير الإنساني الخالص النقي وسبحان الله ففي خلقه عبر وشئون.

    أما دمعتي فهي شأني وأما دمعتنا فهي واحده في جوهرها ومعانيها وتعابيرها الخالصة ، فلا تلوموا أصحابها فهي من النقط البيضاء في سواد هذا الزمان ، هذه المشاعر تهيج وتتلاطم بنا بين كل حينٍ وحين
    وأكتب لكم وأتحدث عن الدمعة
    فكيف ونحن على أبواب العاشر من محرم
    أيفي هذا الثابت لدينا من المفهوم المتعلق بالدمعة
    وكيف لا يفي !



    أخوكم
    النهج
    ( صيام الدهر )
    المنبر الحر

  • #2
    السلام على من اتبع الهدى

    أشكر الأخ الكريم على هذه القصة والإحاطة الجميلة الرائعة وفقك الله لما يحب ويرضى

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

    يعمل...
    X