بسم الله الرحمن الرحيم

الحسين مصباح النجاة
السيد موسى الصدر
يمكن تصنيف الجيش الأموي الذي واجه الإمام الحسين (ع) في كربلاء من حيث نوع العناصر التي تألّف منها إلى الأصناف التالية:
الحسين مصباح النجاة
السيد موسى الصدر
1- المزدلفون إلى الإمام (ع) لقتله: متقرّبين إلى الله بذلك، وبانتهاك حرمته، وسبي ذراريه ونسائه، وانتهاب ثقله، مجتمعين على هذا الرأي، وهم مع هذا يدّعون ويزعمون أنهم من أمّة محمّد (ص)! وهم ثلاثون ألفا على ما حدّده الإمام الحسن المجتبى (ع) والإمام زين العابدين (ع) فيما أثر عنهما، وهذا الصنف الضالّ ربما شكّل من حيث العدد الأكثرية الساحقة في جيش ابن زياد، ولا شك أنّ هؤلاء ممّن أضلّهم الإعلام الأموي وطمس على أبصارهم.
2- أهل الأهواء والأطماع: ويمكن تقسيم هؤلاء أيضا إلى:
أ- الانتهازيون: وهم الساعون وراء مصالحهم الدنيوية مهما فرضت عليهم هذه المصالح والمطامع من تقلّبات في الانتماء بين الرايات المعارضة، ولا يعني هذا أنّ الانتهازي لا يعرف أين الحقّ ومن هم أهله! لكنّ حبّه للدنيا وللرئاسة والمقام يضطرّه إلى التنكّر لأهل الحقّ، كما قد يضطّره إلى قتلهم وملء قلبه حسرة عليهم ودموعه تجري أسى لما أصابهم، ومن أوضح الأمثلة على هؤلاء: عمر بن سعد لعنه الله، وشبث بن ربعي وحجّار بن أبجر، وغيرهم كثير.
ب- المرتزقة: وهم الذين يخدمون من يعطي أكثر من غيره، ولا يعبأون بما إذا كان مبطلا أومحقّا! ولا ترقّ قلوب لمظلوميّة مظلوم ولا تأخذهم شفقة لبشاعة مقتله! ومن أوضح الأمثلة على هؤلاء:
سنان بن أنس، وشمر بن ذي الجوشن، وحرملة بن كاهل، ومسروق بن وائل وحكيم بن طفيل، ومنهم أولئك الذين سلبوا جميع ملابس الحسين (ع) حتّى تركوه عريانا لعنهم الله جميعا.
ج- الفسقة والبطّالون: وهم الذين لا يهمهم من دنياهم إلاّ قضاء أو طارهم من المفاسد التي ألفوها وتعوّدوا عليها، ومن أوضح الأمثلة على هؤلاء في جيش عمر بن سعد: أبو حريث عبد الله بن شهر السبيعي ويزيد بن عذرة العنزي.
3- الخوارج: المشهور بين المؤرّخين أنّ الخوارج كانوا من جملة المشتركين في جيش ابن زياد الذي عبّأه لقتال الإمام الحسين (ع) في كربلاء، وورد في أكثر كتب المقاتل والتراجم أنّ سعد بن الحرث الأنصاري العجلاني وأخاه أبا الحتوف كانا من الخوارج (المحكّمة) وخرجا مع ابن سعد إلى قتال الحسين (ع)، ولمّا قتل أصحاب الحسين (ع)، وجعل يقول: "ألا ناصرّ فينصرنا؟" وسمعته النساء والأطفال فتصارخن، وسمع سعد وأخوه أبو الحتوف النداء من الحسين (ع) والصراخ من العيال، فمالا مع الحسين (ع) على أعدائه حتّى استشهدا بين يديه.
4- المكرهون: منهم مخلص في حب الإمام (عليه السلام) وطاعته، لكنّه لم يستطع اللحوق به بسبب الحصار وشدّة المراقبة، حتّى إذا حضر كربلاء في جيش ابن زياد، تحيّن الفرصة ليلة العاشر أو قبلها فالتحق بالإمام (ع)، وهؤلاء في حساب العدد أفراد قليلون، ورد ذكرهم في تراجم أنصار الحسين (ع)، وربّما أمكن القول إنّ من هؤلاء أيضا من خرج في جيش ابن سعد وهولا يتوقّع نشوب الحرب بل يتوقّع الصلح، حتى إذا ردت على الإمام (ع) شروطه وصارت الحرب حتما انحاز إلى الإمام (ع) وجاهد بين يديه حتى استشهد، وهؤلاء أيضا أفراد قليلون.
غير أنّ القسم الأعظم من صنف المكرهين أولئك الذين خرجوا في جيش ابن سعد مرغمين خوفا من بطش ابن زياد إبّان التعبئة الشاملة القاهرة التي فرضها على أهل الكوفة، وهم الذين غلب الشلل النفسي على وجودهم، وسيوفهم عليه مع سيوف أعدائه، فكانوا حطب نار الفاجعة، ومادة ارتكاب الجريمة، وعدد هؤلاء كبير جدا نسبة إلى مجموع جيش ابن سعد في كربلاء.