إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

توجيهات العلماء ومراجع الدين للمبلغين والخطباء والمعزين بمناسبة ذكرى استشهاد الحسين ع

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • توجيهات العلماء ومراجع الدين للمبلغين والخطباء والمعزين بمناسبة ذكرى استشهاد الحسين ع

    بسم الله الرحمن الرحيم

    توجيهات العلماء ومراجع الدين
    للمبلغين والخطباء والمعزين
    بمناسبة ذكرى استشهاد الحسين ع




    روح الله الموسوي الخميني قدس الله روحه الطاهرة

    وصايا للخطباء وجموع المعزين

    يجب التذكير بالمصائب والمظالم التي يرتكبها الظالمون في كل عصر ومصر وإيرادها في القصائد والأشعار التي ينظمها الشعراء في مدح ورثاء أئمة الحق (سلام الله عليهم) بشكل حماسي.

    وفي هذا العصر - الذي هو عصر مظلومية العالم الإسلامي على يد أمريكا وروسيا وسائر عملائها ومن جملتهم آل سعود (" آل سعود " هي كنية الأمراء الوهابيين الذين يحكمون جزيرة العرب واللذين غيروا اسمها إلى العربية السعودية وفي عقيدة الوهابية إن جميع فرق المسلمين سواء السنة أو الشيعة هم من المشركين والكفار وفي عداد عبدة الأصنام.

    وإن ثمرة 268 سنة من حكم هذه العائلة لأبناء جزيرة العرب ليست سوى الفقر والعمالة والحرمان المادي والمعنوي وكان رؤساء هذه الإمارة يخدمون أهداف الاستعمار الإنجليزي والإمبريالية الأميركية في الفقرة الأخيرة.) خونة الحرم الإلهي العظيم " لعنة الله وملائكته ورسله عليهم " - ينبغي التذكير بقوة وحزم بهذه المظالم وصب اللعنات عليهم.

    *****
    ليهتم خطباء المنابر - أيدهم الله - وليسعوا في دفع الناس إلى القضايا الإسلامية وإعطائهم التوجيهات اللازمة في الشؤون السياسية - الإسلامية والاجتماعية - الإسلامية، وليتمسكوا بالمراثي والخطابة، فنحن أحياء بهذه المراثي.

    *****
    على الخطباء أن يتلوا المراثي كما كانوا يفعلون في السابق، وليُعِدّوا الناس للتضحية والفداء.

    *****
    على الخطباء أن يقرؤوا المراثي في آخر الخطابة ولا يختصروه بكلمتين ويكتفوا بذلك، بل ليتحدثوا كثيراً عن مصائب أهل البيت كما كانوا يفعلون في السابق لتُقْرَأ المراثي ولتلق الشعارات والأحاديث في مدح وذكر فضائل ومصائب أهل البيت (عليهم السلام )، كي يصبح الناس على أهبة الاستعداد، وليكونوا حاضرين في ميادين الأحداث، وليعلموا بأن أئمتنا قد أنفقوا كل أعمارهم لنشر الإسلام وترويجه.

    ولو شاءوا أن يداهنوا لحصلوا على جميع الإمكانات المادية، ولكنهم ضحّوا بأنفسهم من أجل الإسلام ولم يداهنوا الظلمة.
    *****
    ينبغي أن أتحدث هنا بخصوص المآتم والمجالس الحسينية التي تقام باسم الحسين بن علي (عليه السلام) فلا نحن ولا أي متدين نقول أن كل ما يفعله أي شخص باسم الحسين عمل صحيح وجيد. فكثيراً ما عدّ بعض العلماء الكبار بعض هذه الأعمال أعمالاً منحرفة وسيئة ومنعوا مزاولتها والقيام بها.

    وكلنا يعلم أنه خلال العشرين وبضع سنين الماضية منع العالم العامل الجليل المرحوم الحاج الشيخ عبدالكريم الذي كان من أبرز علماء الشيعة، منع الشيعة - تمثيل وقائع وشخوص يوم عاشوراء - وأبدل أحد أكبر المواكب التي كانت تقام له إلى مجلس للتعزية والمراثي، وهكذا فعل باقي العلماء بالأعمال والممارسات التي تتعارض مع الأوامر الدينية والضوابط الشرعية، وما زالوا يمنعون مزاولتها.

    *****
    ينبغي أن تعلموا أنكم إذا أردتم الحفاظ على نهضتكم فيجب أن تحافظوا على هذه الشعائر والسنن، وطبعاً فإنه إذا كانت هناك أعمال وممارسات منحرفة وخاطئة يرتكبها أشخاص غير مطلعين على المسائل الإسلامية فيجب أن تتم تصفيتها، لكن المواكب والمآتم ينبغي أن تبقى على قوتها.

    *****
    من يستطيع تنظيم مثل هذه المواكب بهذه العظمة - طبعاً ينبغي أن تصفى من الممارسات والأعمال غير الشرعية وتصان النواحي الشرعية فيها - من يستطيع إخراجها بمثل هذا المحتوى وإقامتها في كل مكان، من يمكنه عقد مثل هذه التجمعات ؟‍‍!
    *****

  • #2



    توصيات السيد السيستاني حفظه الله تعالى
    للخطباء والمبلغين
    1- الاقتصار في بيان معارف اهل البيت (ع) على مقدار ما يتحمله الناس وعدم الزيادة على ذلك بموجب قوله (ع) كلموا الناس على قدر عقولهم.

    2- نقل محاسن كلمات الائمة (ع) التي تحببهم الى الناس وعدم نقل ما ينسب اليهم غير ذلك مما ليس له هذا الاثر.

    3- الابتعاد عن نقل الاساطير والقصص المزيفة التي تستخف بالعقول بل عدم نقل ما لا تتوفر شواهد على صدقه وواقعيته.

    4- تخصيص جزء من المجلس لبيان الاحكام الشرعية عامة الابتلاء سواء في ابواب العبادات او المعاملات وما بحكمها.

    5- الاهتمام بتثقيف الناس وتوعيتهم اجتماعيا وتضمين الخطابة قصصا تاريخية تكون فيها العبرة لحاضرهم ومستقبلهم.

    تعليق


    • #3



      خطاب السيد الخامنئي (حفظه الله)
      لدى لقائه علماء الدين والمبلغين حول عاشوراء

      بسم ‏اللَّه ‏الرّحمن ‏الرّحيم‏

      لقد أتيحت لي هذه الفرصة المتزامنة مع قرب حلول شهر محرم, وأيام عاشوراء الحماسية والمملؤة بالحيوية؛ لأكون في خدمتكم أيها الأعزاء الفضلاء والخطباء والوعّاظ ومحيي القلوب والعقول والأفكار.

      أشكركم على تحمّلكم الأعباء وتفضلكم بالمجيء، خصوصاً الإخوة الأعزاء الذين شرّفونا من قم المقدسة. سوف أتحدث قليلاً عن قضية عاشوراء أولاً, وعن مسألة التبليغ ثانياً.. إنَّ قضية عاشوراء التي سوف أتحدث عنها، بمقدار سطر من سجل كبير، لم تكن واقعة تاريخية بحتة، بل هي ثقافة وحركة مستمرة, وقدوة خالدة للأمة الإسلامية.


      إنَّ الإمام الحسين (ع) استطاع من خلال نهضته، التي كان لها في ذلك الوقت باعثاً عقلائياً ومنطقياً واضحاً جداً، أن يرسم نموذجاً ويتركه للأمة الإسلامية. إنَّ هذا النموذج لا يتمثّل في نيل الشهادة فحسب، بل أمرٌ متداخل ومعقد وعميق جداً. إنَّ لنهضة الإمام الحسين (ع) ثلاث عناصر هي: المنطق والعقل، والحماسة المشفوعة بالعزة، والعواطف.


      إنّ عنصر المنطق والعقل في هذه النهضة يتجلّى من خلال كلمات ذلك العظيم، فكل فقرة من كلماته النورانية التي نطق بها (ع) سواء قبل نهضته, عندما كان في المدينة, والى يوم شهادته، تُعرب عن منطق متين، خلاصته: إنّه عندما تتوفر الشروط المناسبة يتوجَّب على المسلم تحمّل المسؤولية، سواء أدّى ذلك الى مخاطر جسيمة أم لا. وإنَّ أعظم المخاطر تتمثل في تقديم الإنسان نفسه وأعزائه وأهل بيته المقربين، زوجته وأخواته وأولاده وبناته، الى أرض المعركة وفي معرض السبي قربة لله.


      إنَّ مواقف عاشوراء هذه أصبحت أمراً طبيعياً عندنا؛ لكثرة تكرراها، مع أنَّ كل موقف من هذه المواقف يهزّ الأعماق. بناءً على ذلك، عندما تتوفر الشروط المتناسبة مع هذه المخاطر، فعلى الإنسان أن يؤدي وظيفته، وأن لا يمنعه عن إكمال مسيرته التعلق بالدنيا والمجاملات وطلب الملذات والخلود الى الراحة الجسمانية، بل عليه أن يتحرّك لأداء وظيفته. فلو أنه تقاعس عن الحركة، نتج عن ذلك تزلزلاً في أركان إيمانه وإسلامه.


      قال رسول ‏اللَّه (ص): "من رأى سلطانا جائرا مستحلاً لحرم اللَّه و لم يغيّر عليه بفعل و لا قول كان حقّا على ‏اللَّه أن يدخله مدخله"... هذا هو المنطق، فلو أن أصل الدين تعرض إلى خطر، كما حصل في فاجعة كربلاء، ولم يُغيّر ذلك بقول أو فعل، كان حقاً على الله أن يبتلي الإنسان اللامبالي والغير ملتزم بما يُبتلى به العدو المستكبر والظالم.


      لقد بيّن الإمام الحسين (ع) هذه المسؤولية من خلال كلماته المختلفة، في مكة المكرمة والمدينة المنورة وفي أماكن كثيرة خلال مسيره، وبيّن ذلك في وصيته إلى أخيه محمد بن الحنفية.


      لقد كان الإمام الحسين (ع) على علم بعاقبة هذا الأمر، وينبغي أن لا يُتصور أنَّ الإمام (ع) علّق آماله للحصول على السلطة - وإن كانت هذه السلطة من الأهداف المقدسة - وتحرّك من أجل ذلك، كلا، فليس هناك رؤية فكرية تستوجب علينا أن نعتقد بذلك؛ لأنَّ عاقبة هذا الطريق متوقعة وواضحة على طبق الحسابات الدقيقة للإمام الحسين (ع) والرؤية الإمامية، إلا أنَّ أهمية المسألة تتأتى من هذا الجانب, وهو أنَّ شخصاً يمتلك روحاً بعظمة روح الإمام الحسين (ع) ويتعرض لِما تعرض له (ع) من التضحية بالنفس, وجرّها إلى ساحة الحرب، يعتبر درساً عملياً بالنسبة للمسلمين الى يوم القيامة، وليس درساً نظرياً يُكتب على لوحة الكتابة ثم يُمحى، كلا، فقد خُطَّ هذا النهج بأمر إلهي على صفحات جبين التاريخ، ونودي به، وأدى ثماره الى يومنا هذا.


      إنّ‎ نهضة‎ الإمام‎ الخميني(قدس سره) في محرم‎‎ عام 1962م التي نتجت عنها واقعة‎‎ الخامس عشر من خرداد العظيمة، إستُلهمت من‎ ثمـار التطبيق‎ العملي‎ لدرس‎ عاشوراء، وكذلك‎ في‎‎ محرم ‎
      1978م استلهم إمامنا العزيز نهضته منها حيث قال: لقد انتصر الدم على السيف". وأدّت هذه الحادثة التاريخية، التي ليس لها نظير في التاريخ، الى انتصار الثورة الإسلامية.

      هذا ما تحقق في عصرنا، وأمام أعيننا، وإنَّ راية الفتح والظفر التي حملها الإمام الحسين (ع) ماثلة للشعوب على مرّ التاريخ، ولابد أن تكون كذلك في المستقبل، وهو ما سوف يكون إن شاء الله تعالى، هذا جانب المنطق العقلائي والإستدلاي لحركة الإمام الحسين (ع). بناءً على ذلك، فلا ينحصر تفسير نهضة الإمام الحسين (ع) على صعيد الجانب العاطفي، فهذا الجانب غير قادر على تفسير جوانب الواقعة لوحده.


      العنصر الثاني: الحماسة؛ أي أنَّ العملية الجهادية الملقاة على عاتقنا، يجب أن تقترن بالعزة الإسلامية؛ لأنَّ ﴿لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ وعلى المسلمين في نفس الوقت الذي يتحركون فيه نحو الهدف, ويتحمّلون المسؤولية الجهادية، أن يحافظوا على عزّتهم وعزّة الإسلام، ولابد أن يتحلّى الشخص بسمات الشموخ والعزة في أشد الأزمات.

      فلو أننا نظرنا إلى الصراعات السياسية والعسكرية المختلفة في تاريخنا المعاصر، سوف نجد حتى أولئك الذين كانوا يحملون السلاح ويواجهون الحرب بأبدانهم، يُعرِّضون أنفسهم أحياناً إلى مواقف الذلّة، إلا أنَّ هذه المسألة ليس لها وجود في فلسفة عاشوراء، فعندما يطلب الإمام الحسين (ع) أن يمهلوه ليلة واحدة، يطلبها من موقع العزّة، وفي الوقت الذي يقول: "هل من ناصرٍ ينصرنا"، ـ يطلب النصرة ـ يطلبها من موقع العزّة والاقتدار، وعندما تلتقي به الشخصيات المختلفة في الطريق بين المدينة والكوفة، ويتكلم معهم ويطلب النصرة من بعضهم، لم يكن ذلك من موقع الضعف وعدم القدرة، وهذا أحد العناصر البارزة في نهضة عاشوراء.


      فينبغي أن يُطبّق عنصر الحماسة المشفوع بالعزّة في جميع الحركات الجهادية المدرجة في جدول أعمال سالكي طريق النهضة الحسينية، وأن تكون جميع الحركات الجهادية، سواء كانت سياسية، أو إعلامية، أو المواقف التي تسدعي التضحية بالنفس، منطلقة من موقف العزّة.


      أنظروا إلى شخص الإمام الخميني (قدس سره) في يوم عاشوراء عندما كان في المدرسة الفيضية: فقد كان رجل دين, ولم يكن يمتلك شيئاّ من القوة العسكرية, أو أي شئ من هذا القبيل, إلا أنّه كان يتمتع بشخصية لها من العزّة بحيث يركع العدو صاغراً لقوة بيانه، هذه هي مكانة العزّة.. هكذا كان الإمام الخميني (قدس سره) في تلك الظروف، وحيداً فريداً، ليس له عدّة ولاعدد، إلا أنّه كان عزيزاً، وهذه هي شخصية إمامنا العظيم (قدس سره).


      نشكر الله تعالى الذي جعلنا في زمان تمكنّا فيه من الرؤية العينية المباشرة لنموذجٍ عملي، لما كنَّا نردده ونقرأه ونسمعه كثيراً منذ سنوات عدَّة في واقعة كربلاء، وهذا النموذج هو إمامنا العظيم (قدس سره)


      العنصر الثالث: العاطفة؛ أي أنّه قد أصبح للعاطفة دوراً مميزاً في نفس واقعة كربلاء وفي إستمرارها، أدّى الى إيجاد برزخٍ بين النهضة الحسينية والشيعية من جهة وبين النهضات الأخرى من جهة ثانية، فواقعة كربلاء ليست قضية جافة ومقتصرة على الإستدلال المنطقي فحسب، بل قضية إتّحد فيها الحب والعاطفة والشفقة والبكاء.

      إنَّ الجانب العاطفي جانب مهم؛ ولهذا اُمرنا بالبكاء والتباكي, وتفصيل جوانب الفاجعة.


      لقد كانت زينب الكبرى (عليها السلام) تخطب في الكوفة والشام خطباً منطقية، إلا أنها في نفس الوقت تقيم مآتم العزاء، وقد كان الإمام السجاد (ع) بتلك القوة والصلابة ينزل كالصاعقة على رؤوس بني أمية عندما يصعد المنبر، إلا أنه كان يعقد مجالس العزاء في الوقت نفسه. إنَّ مجالس العزاء مستمرة الى يومنا هذا، ولابد أن تستمر الى الآبد؛ لأجل استقطاب العواطف، فمن خلال أجواء العاطفة والمحبة والشفقة يمكن أن تُفهم كثير من الحقائق، التي يصعب فهمها خارج نطاق هذه الأجواء.


      إنَّ العناصر الثلاثة للنهضة الحسينية تعتبر من العناصر الأساسية لبناء هذه النهضة، هذا على مستوى التحليل، وزاوية من زوايا عاشوراء الحسين (ع)، إلا أن هذه الزاوية تمثّل لنا دروساً عمليةً كثيرةً.


      وبما أننا نبلّغ باسم الإمام الحسين بن علي (ع)، وقد اُتيحت لنا فرصة تخليد هذه الشخصية العظيمة، التي من خلالها يمكن تبليغ الدين على جميع الأصعدة، فينبغي أن يكون لكل عنصر من هذه العناصر الثلاثة دور في تبليغنا، فكما يعتبر الاقتصار على الجانب العاطفي والغفلة عن الجانب المنطقي والعقلي الكامن في واقعة كربلاء، تقليل من قيمة الواقعة، كذلك التغافل عن الجانب الحماسي المشفوع بالعزة هو تقليل من قيمة الواقعة، وضياع مجموعة من الكنوز الثمينة، فيجب على الجميع ـ قارئ العزاء، والخطيب المنبري، والمدّاح ـ أن يلاحظ ذلك.


      ما معنى التبليغ؟ التبلغ يعني إيصال فكرة، وجوب الإيصال، إلى أين؟ إلى آذان المستمعين؟ كلا، إلى قلوبهم، بعض المبلغين لا يتمكنوا من إيصال مطالبهم حتى إلى الأسماع، فضلاً عن القلوب، بل إنَّ السمع لا يتحمل ما يقولون ولا يستقبله، فالسمع عندما يستقبل شيئاً، يُحَوّله إلى الدماغ، ولا بد أن لا تنتهي المسألة عند هذا الحد، بل لابد أن تنفذ الكلمات إلى القلب وتترسخ فيه، بحيث تتناغم شخصية المستمع مع شخصية المبلّغ، هذا هو دور عملية التبليغ.


      إننا لا نؤدي الوظيفة التبليغية من أجل الحديث فقط، بل من أجل إيصال المادة التبليغية الى قلب المستمع وترسيخها فيه.


      ما هي المادة التبليغية؟ هي المبادئ والقيم الإسلامية، التي ضحَّى من أجلها الإمام الحسين (ع) بنفسه وحُرمه وأهل بيته، والتي خطّها خاتم الأنبياء محمد (ص) وجميع أنبياء الله وأوليائه الصالحين، وكان مظهرها أبي عبد الله (ع).


      نحن نريد أن نقوم بتبليغ المنطق والقيم والأخلاق الإسلامية وجميع المسائل، من أجل بناء الهوية الإنسانية على أساس الدين، وبناء شخصية المستمع بناءً إسلامياً, ومن جملة ذلك بناء الجمهورية الإسلامية.


      إنني أعتبر أنَّ تشكيل الحكومة الإسلامية من أهم الأعمال، وهذا لا يعني أن نتغافل عن صيانه الهوية الإنسانية للأفراد ـ الأشخاص الذين نتعامل معهم فرداً فرداً ـ فإنَّ هذا من أهم الأمور. إنَّ النبي الأكرم (ص) بدأ ببناء الإنسان، بناء اللبنة الأساسية، وعندها استطاع أن يحمّله مسؤولية بناء الإسلام.


      فلم يغفل النبي (ص) في جميع الأحوال، في قلب المعركة، وفي مرحلة البناء، وفي حالة العبادة، وعند التحدّث الى الناس وعلى مدى تلك الأعوام العشرة، التي كانت بمثابة مئة سنة لِما اشتملت عليه من مهام، عن بناء هوية مستمعيه، بل كان النبي (ص) يقوم ببناء هوية الإنسان حتى عند جعجعة الحروب الشديدة كحرب الأحزاب، وبدر، وأحد.


      لاحظوا آيات القرآن الكريم، ستجدون أنَّ أهم أهداف التبليغ هو بناء الإنسان.


      علينا ألا نصطدم بمسألتين:

      الأولى: عدم التغافل عن طرح‎ القضايا السياسية‎ من دائرة كلامنا وأقوالنا وسعينا وجهادنا التبليغي، وهذا ما صَرَف عليه الأعداء الأموال خلال عشرات السنين، الا أنَّ مجيء الثورة الإسلامية أدّت الى تبديد هذه الآمال ونفيها من الوجود، وأدخلت الأقوال والأفكار السياسية في مجال النشاطات الدينية.

      الثانية: عدم التصوّر بأن كل ما يقال من على المنبر التبليغي, ومخاطبة المؤمنين، هو الجلوس والتحدث في قضايا أمريكا وإسرائيل والتحليل للمسائل السياسية، كلا، فإذا لم يكن هناك مسائل ذات أهمية قصوى، فهناك مسائل أخرى مهمة، وهو قلب مستمعكم، ينبغي لكم إصلاح وبناء وإرواء قلبه وروحه وفكره، وهذا ما يحتاج الى جذور معنوية، نحن أيضاً لابد أن نمتلك جوانب معنوية لكي نستطيع التأثير في المستمعين، وبدونها لا يمكن تحقق ذلك.

      لا بد أن يشتمل هذا الخزين المعنوي على عنصري الفكر والمنطق، وعلينا أن نتسلح بهما، لكي لا نتفوه بالكلام الضعيف، فقد صدق من قال: إنَّ أكثر الهجمات تأثيراً، هي التي يقابلها مقاومة مبتورة وضعيفة، وهو كلام دقيق، فعندما يكون الدفاع عن الدين ضعيفاً ورخواً، يكون الأثر السلبي لهذا الدفاع أشد على الدين مما لو هُجم عليه، فعلينا أن نستعين بالله على ذلك.


      يجب أن لا يشتمل كلامنا ومنبرنا وتبليغنا - العملية التبليغة التي نقوم بها - على كلام هش، لا متانة له ولا ثبات. فليس من العيب أن نطرح بعض المطالب التي نجدها أحياناً في كتاب وليس لها سند، كأن تكون حكمة أو من المسائل الأخلاقية التي لا تحتاج الى سند، إلا أنَّ العيب في أن نطرح مسألة بعيدة عن ذهن المستمع، ويصعب عليه فهمها؛ لأنّها سوف تبعده عن أصل المطلب، وتؤدي الى التقليل من هيبة الدين والمُبلّغ في عقله وقلبه، ويُعتقد أن هذا الأمر يفتقر الى المنطق، في حال كون أساس عملنا هو المنطق.


      بناءً على ذلك، فإنَّ المنطق هو عنصر أساسي في التبليغ.


      بعد هذا، تصل المرحلة الى أسلوب عملنا، فإننا عندما نذهب الى المدينة أو القرية الفلانية علينا أن نلاحظ سلوكنا، قيامنا وقعودنا، معاشرتنا، نظرنا وعبادتنا، تعلقنا بالملذات الدنيوية وأكلنا ونومنا، فهذه تعتبر أهم وسائل التبليغ، وهي إما أن تكون مع التبليغ أو ضده، فإذا كانت صحيحة تكون تبليغاً, وإذا كانت خاطئة تكون ضده.


      فكيف نتمكن من جعل قلوب الناس في الوسط الإجتماعي والحياتي يطمئنون لكلامنا, والعمل على تقوية ثقتهم بنا، ونحن نتكلم في ذم الإنغماس في الشهوات الدنيوية، وذم التعلق بالمال والإنهماك في طلب الملذات الدنيوية، في حين كوننا نعمل على خلاف ما نقول، لا سمح الله!؟ وكيف يمكن لهذا الكلام أن يؤثر في المستمعين إذا كان كذلك؟ فهو إما أن لا يؤثر أصلاً، أو يؤثر تأثيراً عابراً، أو يؤثر وفي الوقت الذي تنكشف فيه حقيقة أعمالنا، سوف يكون تأثيره معكوساً تماماً، وبناء على ذلك فإنَّ العمل بما نقوله مهم جداً.


      العنصر الثالث: التفنن في طريقة إلقاء الكلام.

      إنَّ لديَّ قناعة تامة بالمنبر، فمع إنتشار شبكة المعلوماتية (الإنترنت)، والفضائيات، والتلفاز، ووسائل الاتصال الأخرى بكثرة، إلا أنه ليس هناك وسيلة من هذه الوسائل تضاهي المنبر، فالمنبر يعني التكلّم وجهاً لوجه، وقلباً لقلب، وهذا له تأثير مباشر وممتاز, ليس له وجود في أي وسيلة من الوسائل الأخرى، فعلينا الحفاظ على المنبر، فهو أمر قيّم، غاية الأمر يجب أن نتعامل معه بطريقة فنية من أجل أن يؤدي غرضه.

      سوف أتعرض كذلك الى مسألة أخرى تتعلق بالعملية التبليغية: في أدعية الصحيفة السجادية يقول الإمام السجاد (ع) في أحد الأدعية التي يناجي بها ربّه: "تفعل ذلك يا إلهى بِمَنْ خَوفه أكثر من رجائه لا أن يكون خوفه قنوطاً"، إنَّ خوفي أكثر من رجائي، لا أنني قنوطاً.. هذا المعنى يمثل بياناً رسمياً وقانوناً، ولذلك يجب عليكم أن تنفثوا روح الرجاء والخوف في القلوب، على أن يكون الخوف أكثر من الرجاء.


      فمن الخطأ، عندما تتعرضوا إلى آيات الرحمة الإلهية، حيث أنَّ بعض هذه الآيات مختصة بمجموعة معينة من المؤمنين ولا تشمل الجميع، تلقوها بصورة تؤدي إلى غفلة البعض فيتصوروا، بسبب حالة معنوية واهمة، أنها تشملهم, وأنهم قد وصلوا إلى أعلى درجات المعنوية، فيغفلون عن أداء واجبات الدين الضرورية عند التطبيق.


      إنَّ البشارة في القرآن الكريم خاصة بالمؤمنين، أمّا الإنذار فهو للجميع، فالمؤمن والكافر هما محلٌ للإنذار.


      كان رسول الله (ص) يبكي، فقال له أحدهم: "يا رسول الله، إنَّ الله تعالى يقول:
      ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾. فما هو سبب بكاءك؟". قال (ص): "ألا أكون عبداً شكوراً!"؛ أي أنّه لو لم أشكر هذه المغفرة، سوف تنهار القواعد الأساسية لهذه المغفرة، فلا بد أن يكون الإنذار هو المسيطر على قلوبنا وقلوب مستمعينا في جميع الأحوال.. طريقنا، طريق شاق وصعب، فعلى الإنسان أن يهيئ نفسه لطيّ هذا الطريق والوصول الى نهاية المطاف.

      إنَّ العمل التبليغي، عمل عظيم، وهو عمل حساس ومؤثر، ونحن نرى اليوم بركات الجهود التبليغية التي بُذلت في السابق، وإن شاء الله سينتفع المجتمع‎ من‎ بركات هذه‎ الأعمال‎ التبليغية في‎ المستقبل.


      إنَّ تأثير التبليغ ليس تأثيراً لحاظياً وآنياً، بل بعيد الأمد، فعلى المُبّلغ أن لا ييأس عندما يرى بعض الظواهر التي توحي بأنها ليس من الدين، وإنَّ بعض‎ الأوهام القاضية بابتعاد الشباب عن‎‎‎ الدين هو ضرب من الحرب النفسية‎‎، فإنَّ واقع القضية هي على خلاف هذه الأوهام؛‎ لأنَّ‎‎‎‎ شبابنا متعلقون بالدين وقلوبهم متعطشة للنهل‎ من حقائق‎ الدين، وكل شاب سليم الفطرة والسليقة كذلك، فليس الأمر محصور في بلدنا.


      إنَّ الأرضية هنا مهيأة ـ ولله الحمد ـ فشبابنا عطاشى ومشتاقون للنهل من الدين، ولابد من إرواء رغباتهم الروحية، وإشباعها من الحقائق الدينية.. إنَّ ثمار هذا التبليغ سوف تأتي أكلها، وسوفَ يجني المجتمع‎‎ ثمار هذه‎ الأعمال‎ التبليغية في‎ المستقبل.


      أسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً من الشاكرين لنعمة التبليغ الإسلامي، والقيم الإلهية، والصراط المستقيم الذي مّهدته لنا الثورة الإسلامية، وأن يوفقنا الى التمكّن من أداء مهامنا الصعبة.


      والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      تعليق


      • #4



        الشيخ التبريزي (قدس سره)

        كلمة توجيهية بمناسبة عاشوراء الحسين (ع)

        بسم الله الرحمن الرحيم

        والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين

        محمد وآله الطيبين الطاهرين

        روي عن الرضا(عليه السلام): إن يوم الحسين(عليه السلام) أقرح قلوبنا وأسبل دموعنا وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء.

        إن ذكرى فاجعة كربلاء تتجدد عاماً فعاماً وتزيدنا في كل مرّة ألماً وحزناً على ما جرى على عترة النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله) بأرض الطفوف فقد ورد عن الصادق(عليه السلام) إن لجدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا «كما أن محاربة الظالمين والمشككين في الشعائر الحسينية على مدى السنين الماضية تزيدنا بصيرة وهدى وثباتاً على مبدأ إحياء أمر أهل بيت النبوة(عليهم السلام) فقد ورد الحث على إحياء أمرهم في كثير من النصوص منها ما ورد عن الباقر(عليه السلام) وهو يخاطب الفضيل بن يسار- أتجلسون وتتحدثون؟ قلت بلى سيدي قال: إني أحب تلك المجالس فأحيو فيها أمرنا- من جلس مجلساً يحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب».

        فالمطلوب من المؤمنين وخصوصاً الشباب الغيور على المذهب والدين، بذل الجهود الكبيرة في سبيل إحياء ذكر الحسين سيد الشهداء في هذا الموسم وغيره، وذلك بترويج مآتم الحسين(عليه السلام) وتعظيمها وإحيائها بالمشاركة الفعّالة، والمساهمة في مواكب العزاء وتخصيص ما يقال فيها من نظم ونثر بذكر أهل البيت(عليهم السلام) وترسيخ شعائرهم قال تعالى - (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).

        كما نرجوا من أبناءنا خطباء المنبر الحسيني استغلال هذا الموسم في تثقيف المؤمنين بالعقائد الحقة للطائفة المحقة ووعظ الشباب وهدايتهم بالأساليب الحسنة لما فيه مرضاة ربهم وتقريبهم للتدين والإلتزام بالحكمة والموعظة الحسنة وإبعاد المنابر والمجالس والمواكب عن القضايا المادية والسياسية وجعلها وسيلة لإعلاء مذهب أهل البيت وترسيخه.

        نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا جميعاً من خدام الحسين(عليه السلام) وأن يرزقنا شفاعة الحسين(عليه السلام)

        والحمد لله رب العالمين

        تعليق


        • #5



          كلمة الشيخ محمد اسحاق الفياض (حفظه الله)
          في مؤتمر للخطباء والمبلغين في النجف الاشرف

          بسم الله الرحمن الرحيم

          الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل بريته محمد وعترته الطاهرين.

          وبعد...

          سلامي وتحياتي إلى أعزائي المبلغين والمبلغات الحاضرين في هذا المجلس المبارك.. الذين يقومون بخدمات جليلة في توعية المجتمع في مجال العقائد والأحكام الشرعية والأخلاق والتاريخ وغيرها.

          لا يخفى عليكم ان للمنبر الحسيني دورا هاما وأساسيا في مجتمعاتنا الإسلامية وتأثيرا كبيرا في نشر الثقافة الإسلامية والأحكام الشرعية والتعاليم السامية وغيرها. ولا تتحقق الآثار المطلوبة والنتائج المنشودة والمبادئ الأخلاقية والاجتماعية العالية من دون وجود ضوابط وشروط في نفس المبلغين والمبلغات، وكذلك فيما يبلغون للناس من ثقافات وأحكام وعقائد وغيرها من الموضوعات المختلفة، ولعل من المناسب هنا أن نذكر بعض الأمور التي ينبغي توفرها في المبلغين والمبلغات هي:

          1- أن يكون المبلغ والمبلغة أسوة صالحة وقدوة يقتدي به الناس من حيث ارتباطهم بالله سبحانه وتعالى، وإيمانه بالوحي والرسالة واليوم الآخر، والتزامه بالوظائف والواجبات الشرعية والاهتمام بها كالصلاة والصيام وغيرهما وترك المحرمات واجتنابها كالكذب والغيبة والبهتان وأكل مال الناس وغيرها وان يكون مؤدبا بآداب الإسلام ومهذبا وصاحب خلق كريم ومترفعا عما يخل بالمروءة والسلوك الحسن.

          2- أن يكون تعامله مع عائلته أولا ومع المجتمع ثانيا بأدب عالي واحترام كبير وان يكون تعامله معهم بكلام حسن ومتزن وبلغة طيبة وحكمة وبطلاقة وجه وألفه وتودد وتواضع فإن ذلك يولد المحبة والمودة بينه وبين الناس، فيؤثر بكلامه في نفوسهم ويولد القناعة لديهم.

          3- أن تكون له مقدرة علمية وثقافية كافية بحيث يتمكن من بيان المسائل الشرعية بحدودها بلا زيادة ولا نقيصة ولا إفراط ولا تفريط وأن يتمكن من تفسير بعض الآيات والأحاديث في الموارد المناسبة، ولا يدخل في المسائل التي لا يستطيع توضيحها وتفسيرها.

          ومع توفر هذه الشروط في المبلغ أو المبلغة يكون دوره في المجتمع كبيرا جدا وانتفاع الناس من عمله وجهوده المباركة انتفاعا عظيما لا يمكن الاستغناء عنه في مسيرتهم الإنسانية العقائدية نحو الرقي والتكامل، وبذلك يخدم نفسه في المرتبة الأولى قبل أن يخدم مجتمعه ودينه، هذا بالنسبة لوظيفة المبلغ والمبلغة الشخصية، وأما وظائفهما بالنسبة للمجتمع فهي كثيرة ويمكن أجمال بعضها في ما يلي:

          الأولى: أن يقوم المبلغ بوظيفته الشرعية والوظائف الأخلاقية من الواجبات والمحرمات لعامة الناس في أي وقت ومناسبة ولا سيما في المناسبات الدينية والاجتماعية والاهتمام بتعليمها لهم عمليا وتطبيقها فعلا إمامهم كأحكام الوضوء والتيمم والغسل والصلاة والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها.

          كما يجب على المبلغين أيدهم الله ان يحذروا الناس بشدة عن ارتكاب المعاصي ويشددوا عليهم في اجتناب المحرمات كالكذب والغيبة وأكل مال الغير غصبا وإيذاء الآخرين والتعدي عليهم وعلى أعراضهم وأموالهم.

          الثانية: بيان الآداب والأخلاق الإسلامية السمحة والتذكير بالأخلاق العظيمة لرسول الله (ص) (وإنك لعلى خلق عظيم) والاقتداء به والالتزام بتوصياته الأخلاقية في مجال بناء النفس وتهذيبها وتأديبها بالآداب الإلهية، فعلى المبلغين أيدهم الله تعالى أن يتلطفوا في إبلاغ الأحكام والمواعظ والإرشادات وبطريقة محببة إلى النفوس ويألفها الناس ولا ينفروا منها، فإن التودد والتواضع والتسامح فيما بين الناس يولد التلاحم والتوافق بينهم مما يضفي الاستقرار والسعادة على المجتمع.

          الثالثة: ومن الوظائف المهمة للمبلغين في هذه المرحلة بالذات أن يدعوا الشعب بكافة أطيافه وفرقه للتعاون مع الحكومة في كشف أوكار الإرهاب وردع المجرمين ومطاردة المسيئين وتسليمهم للجهات المختصة لتأخذ العدالة مجراها في حقهم فإن لهذا التعاون دورا هاما في استقرار البلد واستتباب الأمن وتضييق الخناق على المفسدين في البلد.

          هذا من جانب ومن جانب آخر ينبغي على المبلغين أن يحثوا الحكومة ويدعوها لاتخاذ الخطوات الجريئة والشجاعة في التعامل مع الإرهابيين والقتلة وعدم التسامح والتساهل معهم والمطالبة بإنزال أقصى العقوبات في حقهم، إذ لا يجدي مجرد إلقاء القبض عليهم وإدخالهم في السجون فإن ذلك لا يحل المسألة.

          الرابعة: ومن الوظائف المهمة للمبلغين في هذه الظروف الحساسة أن يدعوا الناس إلى الهدوء والاستقرار والاجتناب عن كل ما يثير البلبلة والفتنة في البلد أو تخويف الناس وترويعهم لا سيما قتل الأبرياء وخطفهم وتهجيرهم وكذا يجب الاجتناب عن الدخول في المسائل الطائفية المثيرة للفتنة والعداء ودعوة الشعب بكل أطيافه وشرائحه إلى وحدة الصف وتوحيد الكلمة والتعايش السلمي بلا أي تمايز أو فرق، حيث أن هذا البلد بلد الكل وموطن الجميع على حد سواء فإن الشيعة والسنة وباقي الطوائف الأخرى كانوا يتعايشون منذ مئات السنين في هذا البلد كالأخوة جنبا إلى جنب بدون أي تشنج أو عداوة أو تنافر، بل توجد بينهما علاقات المصاهرة والتداخل الأسري والتجاور في السكن والاشتراك في الأعمال بكل محبة وود ودون أن يجابه احدهما الآخر بالطائفية أو يتهم احدهما الآخر بأنه سني أو شيعي.

          فإذا من أين جاءت بذور هذه البلبلة والتفرقة والاتهامات الفارغة؟ والجواب كما هو معلوم عند كل المنصفين الشرفاء إن هذه الأمور جاءت من قبل أعداء الشعب والحاقدين على أبناء العراق من المجرمين والتكفيريين سواء من الداخل أو من الخارج، فإنهم مصممون على إيجاد الفرقة والعداء بين أطياف الشعب العراقي وإشعال نار الفتنة والحرب بينهم وهدفهم من ذلك حرق العراق ككل بلا تمييز بين طائفة أو أخرى.

          ومن هنا على الشعب العراقي بكافة طوائفه إن يكون على يقضة وفي حالة حذر شديد من هذه المؤامرات الخبيثة وان يتصدوا لكل من يدعو إلى الفرقة والطائفية والاتهامات الزائفة، وليعلم الجميع إن كلا من الطائفة الشيعية والسنية غير قادرة على إخراج الطائفة الأخرى من البلد لأن البلد بلد الكل وموطن الجميع، ولهذا يتحتم عليهم التعايش جنبا إلى جنب كأخوة وشعب واحد، فإنهم بالفعل أخوة في الإسلام الذي هو القاسم المشترك بينهم وهو الأساس وبه تحقن الدماء والأعراض والأموال.

          الخامسة: ومن الوظائف المهمة أيضا في هذه المرحلة دعوة الكتل السياسية كافة إلى التفكر في المصالح العامة للبلد والتخلي عن المصالح الذاتية الخاصة أو الحزبية الضيقة، كما ينبغي عليهم أن يجتنبوا إثارة النعرات الطائفية وبث الأفكار المسمومة، بل ينبغي عليهم السعي الجاد لتثبيت وحدة الصف وتوحيد الكلمة بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة وبذل كل الجهود لإنقاذ هذا البلد من هذه الأوضاع المأساوية المشحونة بعمليات القتل والخطف والتهجير القسري والفساد الإداري والمالي، والتأكيد على إن هذا البلد لا يمكن أن يحكم من قبل هذه الكتل السياسية إلا بوحدة الكلمة وتوحيد الصف والتلاحم والتوافق والتخلي عن جميع العقد النفسية والأغراض الشخصية والحزبية، وليعلم الجميع بأن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر إلى نهاية المطاف ولا بد أن ينتهي في يوم من الأيام وعندها سيخلد التاريخ مواقف الشرفاء وسيكون أجرهم عند الله تعالى عظيم.

          وفي الختام ندعو الباري عز وجل أن يدفع البلاء وشر الأشرار عن هذا البلد بحق محمد وآل محمد.

          تعليق


          • #6



            السيد محمد سعيد الحكيم

            توجيهات للمبلغين والخطباء والعلماء بمناسبة حلول شهر محرم

            بسم الله الرحمن الرحيم

            الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

            وبعد فنحن نستقبل هذه الأيام موسماً من مواسم الإسلام والإيمان يفيض بالعطاء والبركات والعبر والعظات، ويتجدد فيه العهد والميثاق والبيعة والولاء للحق المهتضم ورموزه الشامخة في مجال العقيدة والعمل، حيث تطل علينا ذكرى واقعة الطف الفجيعة بأبعادها المختلفة، إذ تتجلى فيها العبودية لله تعالى، والفناء فيه، والإخلاص له، والتسليم لأمره، والثبات على الكلمة والإصرار على المواقف، ونبل المقاصد ووضوحها، وسلامة الطريق والوسائل، بعيداً عن اللف والدوران والمخاتلة، والتحلي بمعالي الأخلاق، ووضوح الرؤية وقوة البصيرة والوثوق بالنتائج وبحسن العاقبة في الدنيا والآخرة، ثم التضحية بالغالي والنفيس في سبيل الله تعالى حتى النفس الأخير.

            كل ذلك يتجلى بمفرداته في كلمات ومواقف خالدة من صاحب النهضة السبط الشهيد صلوات الله عليه ومن حفّ به وسار في ركبه، بقيت تفيض بالحياة وتضيء للأجيال في ظلمات الفتن وأعاصير الزلازل والمحن.

            فهو صلوات الله عليه يخطب في مكة حين أراد الخروج إلى العراق، ويقول: (خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، كأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء، رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين.. لن تشذ عن رسول الله لحمته، بل هي مجموعة له في حضيرة القدس تقر بهم عينه وينجز بهم وعده. ألا ومن كان فينا باذلاً مهجته موطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا، فإني راحل مصبحاً إن شاء الله تعالى).

            ويقول في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية: (وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي(صلى الله عليه وآله وسلم) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ علي هذا أصبر، حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين).

            وكتب إليه من مكة: (بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى محمد بن علي ومن قبله من بني هاشم. أما بعد فإن من لحق بي استشهد، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح. والسلام).

            ولما نزل قرى الطف خطب أصحابه فقال في خطبته: (ألا ترون إلى الحق لا يعمل به والى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما).

            وخطب عليه السلام أصحابه وأهل بيته ليلة عاشوراء وأذن لهم بالانصراف، وقال في جملة ما قال: (هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، فإن القوم إنما يطلبونني، ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري)، فأبوا ذلك أشد الاباء.

            ولما أصبح خطبهم فقال في جملة ما قال: (إن الله تعالى أذن في قتلكم وقتلي في هذا اليوم فعليكم بالصبر والقتال).

            وجرت الواقعة بمآسيها وفضاعتها، وقتل سيد الشهداء(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، وبقيت أجسادهم على الأرض مقطعة الرؤوس موزعة الأشلاء، في وحشية وهمجية لم تزل ولا تزال سمة لخط الباطل والضلال، وجاء دور من بقي من أهل بيته، فحينما أرادوا حملهم إلى الكوفة قصدت أخته زينب الكبرى عليها السلام جسده الشريف ووضعت يديها تحته ورفعته نحو السماء، وقالت: (الهي تقبل منا هذا القربان).

            وحينما مروا بهم على القتلى تبينت (عليه السلام) الكرب والضيق في وجه الإمام زين العابدين(عليه السلام)، فأخذت تسليه في حديث طويل قالت في جملته: (فوالله إن هذا العهد من الله إلى جدك وأبيك. ولقد أخذ الله ميثاق أناس لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض وهم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المقطعة والجسوم المضرجة فيوارونها وينصبون بهذا الطف علماً لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره، ولا يمحى رسمه، على كرور الليالي والايام. وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلا علواً).

            ولما قال لها ابن زياد في قصر الامارة بالكوفة: كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟ قالت: (ما رأيت إلا جميلاً، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك يا ابن مرجانة).

            وقالت ليزيد حينما خطبت في مجلسه بالشام: (فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا يرحض عنك عارها. وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله على الظالمين).

            وحينما دخل الإمام زين العابدين (عليه السلام) بالعيال للمدينة جاءه ابراهيم بن طلحة، وقال: من الغالب؟ فقال (عليه السلام): (إذا دخل وقت الصلاة فأذّنْ وأقِمْ تعرف الغالب).

            وقد أطلنا في نقل هذه النصوص والمواقف ـ التي هي نماذج من نصوص ومواقف كثيرة ـ للتذكير بمعالم هذه النهضة المقدسة وأهدافها.

            وقد شاء الله تعالى لها الخلود، لتبقى صرخة في ضمير الأمة تنبهها من غفلتها وتوقظها من رقدتها وترفع معنوياتها وتعيد لها الثقة بنفسها، وتجدد لها دينها وتذكرها بمثلها وأهدافها النبيلة وأخلاقياتها الفاضلة وصدق الله عز وجل حين يقول: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء / تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾(1)

            ومن المعلوم أنها لا تبقى إلا أن تكون هناك بيئة صالحة تحتضنها وفئة مؤمنة تحملها وتحييها. وبالفعل قد خلق الله سبحانه وتعالى لأهل البيت صلوات الله عليهم شيعة خلقوا من فاضل طينتهم وعجنوا بماء ولايتهم يفرحون لفرحهم ويحزنون لحزنهم، استجابوا لدعوتهم وحملوها، وتفاعلوا بها ورعوها ودعوا إليها بالمنطق السليم وصارعوا فيها دعوات الباطل المتعاقبة جيلاً بعد جيل، بإصرار وتضحية على طول المدة وشدة المحنة، وكان لكل من المعسكرين سماته المميزة له، في الأفكار والسلوك، إذ كل جنس لجنسه ألِف، وكل إناء بالذي فيه ينضح، وكان الخلود والظهور والنجاح والفلاح للحق وأهله، والخيبة والخسران والانحسار والانهزام لدعوات الباطل المتعاقبة، (كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال).

            يجب أخذ العظات والعبر من ذكرى الطف ولنا في تجربتنا الحاضرة خير مثال على ذلك، حيث كان الولاء لأهل البيت(عليهم السلام) والتضحية في سبيلهم والتعقل والأخلاق والتصميم والإصرار والاندفاع على أشدها في الصراع المرير الذي نعيشه هذه الأيام مع النصب لأهل البيت والجريمة والهوس والتوحش والضحالة، حتى طال العدوان النساء والأطفال وبلغ الحال ببعض المؤمنين أن دفع حياته الغالية ثمناً لا لشيء إلا لامتناعه عن سبّ الإمامين علي والحسين صلوات الله عليهما.

            وعلينا أن نأخذ من هذه الذكرى المجيدة العظات والعبر التي تعيننا في مسيرتنا الطويلة الشاقة. وهنا يأتي دور الخطباء والمبلغين وفقهم الله تعالى ليتحملوا عبء ذلك، وينهضوا بأداء وظيفتهم فيه.

            أولاً: بأن يحاولوا عرض الحادثة بأبعادها العاطفية الشجية، والمبدئية المليئة بالعظات والعبر، ويتواصلوا مع التراث الثقافي الرفيع الذي يتعلق بها، فيكثروا من الاستشهاد بكلمات الحسين صلوات الله عليه ومن سار في ركبه ولزم نهجه ومواقفهم التي تجلي دوافع النهضة المباركة ومبادئها التي قامت عليها، مع ما صدر من الطرف الآخر من تصريحات ومواقف تعكس واقعهم وأهدافهم الشريرة.

            أهمية ولاية أهل البيت (ع) والإنتمام بهم
            وثانياً: بأن يلفتوا نظر المؤمنين وفقهم الله تعالى إلى أهمية ولاية أهل البيت صلوات الله عليهم والائتمام بهم، وأثرها في رفع معنوياتهم وارتفاع مستواهم النفسي والأخلاقي والثقافي ويتجلى ذلك بالمقارنة مع الأخرين، يقول ابن أبي الحديد بعد أن أفاض في أخلاق أمير المؤمنين عليه السلام الفاضلة: (وقد بقي هذا الخلق متوارثاً متناقلاً في محبيه وأولياءه إلى الآن، كما بقي الجفاء والخشونة والوعورة في الجانب الآخر. ومن له أدنى معرفة بأخلاق الناس وعوائدهم يعرف ذلك) وإلى هذا يرجع قوله عليه السلام في زيارة الجامعة: (وجعل صلاتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيباً لخلقنا وطهارة لأنفسنا وتزكية لنا وكفارة لذنوبنا). و (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله).

            الخضوع لحكم الله تعالى والوقوف عند حدوده
            وثالثاً: بأن يحثوا المؤمنين على شكر الله تعالى على نعمه المتواصلة عليهم في الدين والدنيا، وذلك بالاستجابة له، والخضوع لحكمه والوقوف عند حدوده، والتزام طاعته في أداء الفرائض واجتناب المحرمات وصدق الحديث وأداء الأمانة، والتخلق بأخلاق الإسلام الفاضلة

            فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا عسى الله تعالى أن يمدهم بتأييده ونصره وهو القائل: (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد).

            الحث على توحيد الصفوف وجمع الكلمة
            ورابعاً: بأن ينبهوا المؤمنين إلى صراعهم المرير مع الباطل وتكالب الأعداء عليهم، وكثرة المخاطر المحيطة بهم، ويحثوهم على توحيد الصفوف وجمع الكلمة، وعدم المساومة على المبادئ والمصالح العامة، وعدم وضع الثقة في جميع المجالات إلا فيمن يستحقها من ذوي الكفاءة والأمانة. والحذر كل الحذر من الطامعين والمفسدين ومثيري الفتن والمشاغبين. فالطريق طويل والصراع مرير. كل ذلك مع التوكل على الله تعالى وحسن الظن به واللجأ إليه في الأمور، وطلب العون والتسديد منه. فكل شيء بيده، وإليه يرجع الأمر كله، وهو خير الناصرين.

            ونسأله سبحانه وتعالى أن يمدكم بالتأييد والتسديد ويكلل أعمالكم بالنجاح والفلاح، إنه أرحم الراحمين، وولي المؤمنين. وهو حسبنا ونعم الوكيل.

            والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

            يعمل...
            X