إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

المشي إلى مشاهد المعصومين عليهم السلام شعيرةٌ من شعائر الدين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المشي إلى مشاهد المعصومين عليهم السلام شعيرةٌ من شعائر الدين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليك يا ابا عبدالله


    المشي إلى مشاهد المعصومين عليهم السلام شعيرةٌ من شعائر الدين[1]

    [يتم إيضاح المسألة] من خلال عدة جهات :

    1 / الجهة الأولى : كلمات علماء الطائفة (قدهم) حول شعيرة المشي .

    كلمات الأعلام (قدس سرهم) الدالة على رجحان المشي إلى زيارة المعصومين عليهم السلام ، يمكن تصنيفها إلى طائفتين :

    أ ـ الكلمات الدالة على الاستحباب بالدلالة المطابقية [2] .

    وإليك كلمات بعض مَن عثرتُ على كلماتهم :

    قال المحدث الفقيه الشيخ الحر العاملي (قدس سره) : ويستحب زيارة أمير المؤمنين عليه السلام ماشياً ، ذهاباً وعوداً . [3]

    وقال (قدس سره) في موضع آخر : ويستحب المشي إلى زيارة الإمام الحسين عليه السلام وغيره . [4]

    وكلامه (قدس سره) هذا ظاهر في استحباب المشي إلى زيارة جميع المعصومين عليهم السلام ، لا خصوص الإمام الحسين عليه السلام ، وهو مقتضى الأدلة كما ستعرف في الجهة الثانية إن شاء الله تعالى .

    وقال فقيه أهل البيت عليهم السلام الشيخ عبد الله المامقاني (قدس سره) : والأفضل زيارته ـ أي : أمير المؤمنين عليه السلام ـ ماشياً ، ذهاباً وعوداً . [5]

    وقال (قدس سره) في موضع آخر : ويستحب اختيار المشي في زيارة الحسين عليه السلام على الركوب . [6]

    *ـ وقال الفقيه الكبير الشيخ الميرزا جواد التبريزي (قدس سره) : فإذا كان المشي في الإتيان لزيارة أبي عبد الله عليه السلام أفضل من الركوب ... فيكون الثواب في الإتيان لزيارة سائر الأئمة عليهم السلام مشياً وركوباً كالإتيان لزيارة أبي عبد الله عليه السلام . [7]

    وقال (قدس سره) في موضع آخر : فلا يصغى إلى وسوسة بعض الجهلة الذين ينكرون فضل المشي إلى زيارة الإمام الرضا عليه السلام ، فإنهم غافلون عن مدارك الأحكام والعبادات المستحبة ومواضع الاستظهار . [8]

    ب ـ الكلمات الدالة على الرجحان بالدلالة الالتزامية .

    وإليك بعضها :

    *ـ قال المرجع الأكبر السيد أبو الحسن الأصفهاني (قدس سره) : لو نذر أن يحج أو يزور الحسين عليه السلام ماشياً ، انعقد مع القدرة وعدم الضرر . [9]

    وقد وافقه على هذه العبارة نفسها عدة من أعلام الفقه ، منهم :

    ـ السيد الخميني (قدس سره) . [10]
    ـ السيد الكلبيكاني (قدس سره) . [11]
    ـ السيد السبزواري (قدس سره) . [12]
    ـ السيد السيستاني (دام ظله الشريف) . [13]

    والوجه في دلالة العبارة المذكورة على رجحان المشي للزيارة ، هو : أنّ من الأبجديات المعروفة في فقه النذر : أن متعلق النذر يعتبر فيه أن يكون راجحاً ، كأن يكون صوماً أو صلاة أو حجاً ، وإلا لم ينعقد النذر .
    وهذا يعني بالضرورة أن المشي لزيارة الإمام الحسين عليه السلام لو لم يكن راجحاً في حدّ نفسه بنظر هؤلاء الأعلام ، لما أفتوا بانعقاد النذر مع توفر القدرة وعدم الضرر .
    وقد نبّه على ذلك السيد الفقيه السيد السبزواري (قدس سره) حيث قال : أما أصل الإنعقاد فللإطلاق والإتفاق بعد معلومية الرجحان في المنذور . [14]
    ----
    --
    [1] بحث لسماحة السيد ضياء السيد عدنان الخباز نشر في 7 / 2 / 1429 هـ ننقله بتصرف يسير.
    [2] الدلالة المطابقية والدلالة الالتزامية ـ الآتي ذكرها ـ اصطلحان يستخدمان في علمي المنطق والأصول ، وليس الغرض من ذكرهما هنا بيان المقصود من المعنى الاصطلاحي بحسب ما هو مذكور في محله ، بل يكفينا إيضاحهما بما لهما من المعنى العام ، فنقول : إن الدلالة المطابقية عبارة عن دلالة اللفظ أو الجملة على المعنى المقصود بشكل مباشر ، بينما الدلالة الالتزامية عبارة عن دلالة اللفظ أو الجملة على المعنى المقصود لا بنحو المباشرة ، بل بواسطة الملازمة .
    [3] بداية الهداية : 1 / 392 .
    [4] بداية الهداية : 1 / 398 .
    [5] مرآة الكمال : 3 / 156 .
    [6] مرآة الكمال : 3 / 172 .
    [7] الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية : 130 .
    [8] الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية : 130 .
    [9] وسيلة النجاة " مع تعليقة السيد الكلبايكاني " : 2 / 201 .
    [10] تحرير الوسيلة : 2 / 106 .
    [11] هداية العباد : 2 / 197 .
    [12] مهذب الأحكام : 22 / 301 .
    [13] منهاج الصالحين : 3 / 235 .
    [14] مهذب الأحكام : 22 / 301 .

  • #2
    2 / الجهة الثانية : أدلة رجحان شعيرة المشي .

    ومن الممكن تصنيف الأدلة إلى مجموعات ثلاث :

    أ ـ المجموعة الأولى : ما دلّ على استحباب زيارة أمير المؤمنين عليه السلام مشياً .

    وهي عدة روايات ، نذكر منها اثنتين :

    *ـ عن الإمام الصادق عليه السلام : " من زار أمير المؤمنين عليه السلام ماشياً ، كتب الله له بكل خطوة حجة وعمرة ، فإن رجع ماشياً كتب الله له بكل خطوة حجتين وعمرتين " . [15]

    *ـ وعن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً : " يا ابن مارد ما تطعم النار قدماً تغبرت في زيارة أمير المؤمنين عليه السلام ماشياً كان أو راكباً ، يا ابن مارد اكتب هذا الحديث بماء الذهب " . [16]

    ب ـ المجموعة الثانية : ما دلّ على استحباب زيارة الإمام الحسين عليه السلام مشياً .

    وهي أيضاً عدة روايات ، نذكر بعضها تيمناً :

    *ـ عن الإمام الصادق عليه السلام : " من خرج من منزله يريد زيارة الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) ، إن كان ماشياً كتب الله له بكل خطوة حسنة ، وحطَّ عنه بها سيئة ، وإن كان راكباً كتبَ الله له بكل حافر حسنة ، وحطَّ عنه بها سيئة . [17]

    *ـ وعنه عليه السلام : " من أتى قبر الحسين عليه السلام ماشياً ، كتب الله له بكل خطوة وبكل قدم يرفعها ويضعها عتق رقبة من ولد إسماعيل " . [18]

    *ـ وعنه عليه السلام أيضاً : " من أتى قبر الحسين عليه السلام ماشياً كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة ، ومحا عنه ألف سيئة ، ورفع له ألف درجة . [19]

    أقول : ولا منافاة بين الخبرين : الأول والثالث ، إذ الإختلاف في تحديد مقدار الثواب إنما هو بلحاظ اختلاف مراتب الزائرين ، فتأمل جيداً .

    ج ـ المجموعة الثالثة : ما دلّ على رجحان المشي لزيارة سائر المعصومين عليهم السلام .

    وليس يوجد لدينا نص صريح ضمن هذه المجموعة ، ولكن من الممكن إثبات رجحان المشي لمطلق مراقد المعصومين عليهم السلام من خلال ضمِّ دليل إلى دليل آخر .

    وتوضيح ذلك : أنه توجد لدينا بعض الروايات التي يستفاد منها أن الثواب المترتب على الإتيان لزيارة مراقد المعصومين عليهم السلام يماثل الثواب المترتب على الإتيان لزيارة الإمام الحسين عليه السلام ، وعليه فإذا كان الإتيان مشياً لزيارة الإمام الحسين عليه السلام أكثر ثواباً من الإتيان راكباً ، كان الأمر كذلك بالنسبة لبقية مراقد المعصومين عليهم السلام .

    ومن تلك الروايات الدالة على تماثل المعصومين عليهم السلام من حيث ثواب إتيان مراقدهم ، صحيحة الحسن بن علي الوشاء ، قال : " قلت للرضا عليه السلام : ما لمن أتى قبر أحد من الأئمة عليهم السلام ؟ قال عليه السلام : له مثل ما لمن أتى قبر أبي عبد الله عليه السلام . قلت : ما لمن زار قبر أبي الحسن عليه السلام ؟ قال عليه السلام : مثل ما لمن زار قبر أبي عبد الله عليه السلام " . [20]

    وقد استفدنا هذا التقريب من كلمات فقيه أهل البيت عليهم السلام وحامل راية الدفاع عن حريم شعائرهم : الشيخ الميرزا جواد التبريزي (قدس سره) في بعض أجوبته الشريفة . [21]

    فتحصل لدينا من خلال المجموعات الثلاث : أن الروايات واضحة الدلالة على رجحان المشي إلى زيارة مطلق مراقد المعصومين عليهم السلام ، وأن الثواب عليه أكثر من الثواب على الإتيان إليها مع الركوب .


    ---------------

    [15] وسائل الشيعة (آل البيت) : 14 / 380 .
    [16] وسائل الشيعة (آل البيت) : 14 / 377 .
    [17] وسائل الشيعة (آل البيت) : 14 / 439 .
    [18] وسائل الشيعة (آل البيت) : 14 / 441 .
    [19] وسائل الشيعة (آل البيت) : 14 / 440 .
    [20] وسائل الشيعة (آل البيت) : 14 / 546 .
    [21] الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية : 130 .

    تعليق


    • #3
      3 / الجهة الثالثة : اهتمام علماء الطائفة بشعيرة المشي .

      وسوف نقوم ـ من خلال هذه الجهة ـ بعرض أسماء مجموعة من أعلام الإمامية ، ممن شاركوا في تفعيل شعيرة المشي إلى مراقد المعصومين عليهم السلام ، والذين نطمئن بأنهم لا يقدمون إلا على ما يرجون من ورائه الثواب ، وإليك ذكر بعضهم :

      1 ـ المحدث الكبير والفقيه الجليل الشيخ الميرزا حسين النوري (قدس سره) ، صاحب الموسوعة الحديثية المعروفة " مستدرك الوسائل " .

      فقد تحدث عنه تلميذه الحجة الشيخ آغا بزرك الطهراني (قدس سره) فقال : " ومما سنّه في تلك الأعوام : زيارة سيد الشهداء عليه السلام مشياً على الأقدام ، فقد كان ذلك في عصر الشيخ الأنصاري من سنن الأخيار وأعظم الشعائر ، لكنْ تُرِكَ في الأخير وصار من علائم الفقر وخصائص الأدنون من الناس ، فكان العازم على ذلك يتخفى عن الناس لما في ذلك من الذل والعار ، فلما رأى شيخنا ضعف هذا الأمر اهتمّ له والتزمه ، فكان في خصوص زيارة عيد الأضحى يكتري بعض الدواب لحمل الأثقال والأمتعة ويمشي هو وصحبه .

      ... وفي السنة الأخيرة ـ يعني : زيارة عرفة (1319) ـ وهي سنة الحج الأكبر ، التي اتفق فيها عيد النيروز والجمعة والأضحى في يوم واحد ، ولكثرة ازدحام الحجيج حصل في مكة وباء عظيم هلك فيه خلق كثير ، تشرفتُ بخدمة الشيخ ماشياً أيضاً ، واتفق أنه عاد بعد تلك الزيارة إلى النجف ماشياً أيضاً " . [22]

      2 ـ المرجع الدينى الأعلى للطائفة : السيد أبو الحسن الأصفهاني (قدس سره) ، فإنّ المنقول في سيرته : أنه خرج من أصفهان إلى النجف الأشرف ماشياً . [23]

      3 ـ سماحة آية الله السيد النجفي القوﭼاني (قدس سره) ، أحد أبرز تلامذة المحقق الآخوند صاحب الكفاية (قدس سره) ، وصاحب الكتابين الشهيرين : (سياحة في الشرق) و (سياحة في الغرب) ، فقد تحدث عن نفسه فقال : " قررنا نحن الإثنين الذهاب إلى كربلاء ، إلا أنَّ حمى شديدة أصابتني فتناولت العشاء ، وكالعادة التحفتُ بعبائتي ونمتُ ، فبدأ الألم يتصاعد في عظامي بشدة ، وانشغلت في عالم الفكر والخيال بالمناجاة القلبية والمحادثة الروحية مع الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام قائلاً : لقد قطعت الفيافي والقفار تاركاً حميتي التي كنت أستعين بها في حفظ صحتي ، فلم يصبني أي بلاء أو مرض ، والآن وقد وصلتُ تواً إلى تقبيل قدميك ، والوقوف تحت رايتك ، ودخلت حصن ديارك الحصين ، واسترحت من العناء ، وأمنت من الخوف والرعب في ديار الغربة هذه ، مع ملازمتي للفقر والبؤس والسير على الأقدام غداً ، فعلاوة على أنك لم تخفف شيئاً من أعباء قلبي ، تضيف على أحمالنا حمل هذا الألم ؟!

      فديتك ، لقد أحسنت ضيافتك لنا ، ولو لم تكن لي نية قطع ستة فراسخ من السير على الأقدام غداً ، لم أعبأ بشيء من الألم والحمى ، ولم أتفوه بكلمة اعتراض ، وأنت تعلم مدى قدرتي على التحمل والصبر على الشدائد ، ولكن ما الحيلة في الفراسخ الستة التي ينبغي عليّ أن أمشيها غداً ، إضافة إلى تمريضي الميرزا حسن ، فكّر أنت في أي ظروف أصابتني هذه الحمى ؟

      وبينما كنت غارقاً في أفكاري تصبب العرق مني ، فارتحت لذلك واستولى النوم عليّ ، وفي الصباح نهضنا ، وبعد الزيارة شربنا الشاي ، وودعنا السيد الخطيب الذي غادر إلى سامراء ، بينما نحن اتجهنا إلى كربلاء ، وكنت لخفة روحي ونشاطي أحس كأنني لم أكن مصاباً بالحمى " . [24]

      4 ـ سماحة الحجة المتتبع آية الله المعظم الشيخ عبد الحسين الأميني (قدس سره) ، صاحب الموسوعة الشهيرة (الغدير) ، حيث جاء في ترجمته : وكثيراً ما كان يقصد زيارة سيد شباب أهل الجنة السبط الشهيد الحسين " سلام الله عليه " في كربلاء راجلاً ، طلباً لمزيد الأجر ، ومعه ثلة من صفوة المؤمنين من خلّص أصدقائه ، يقضي طريقه خلال ثلاثة أيام أو أكثر . [25]

      5 ـ المراجع العظام ، وحجج الملك العلام ، السيد محسن الحكيم ، والسيد محمود الشاهرودي ، والسيد أبو القاسم الخوئي ، والسيد المرعشي النجفي (عطر الله مراقدهم ، ورزقنا شفاعتهم) ، حيث جاء في ترجمة الأخير على لسان أحد تلامذته : حدثني يوماً لما كان في النجف الأشرف ، تشرف بزيارة مولانا أبي عبد الله الحسين سيد الشهداء عليه السلام مشياً على الأقدام خمسة وعشرين مرة .

      وكان يزور مع مجموعة بلغ عددها عشرة أنفار من طلبة العلم آنذاك ، وكانوا متحابين في الله سبحانه ، منهم : السيد الحكيم ، والسيد الشاهرودي ، والسيد الخوئي ، وقال : كلنا أصبحنا من مراجع التقليد ... وكانت أعمال السفرة الروحانية توزع علينا ، وكان نصيبي مع آخر أن نجلب الماء للإخوان في كل منزل مهما كلف الأمر ، وكان أحدنا يطبخ الطعام ، والآخر يهيئ الشاي ، وهكذا كل واحد منّا له وظيفته المعينة في السفر إلا السيد الشاهرودي ، فكان يقول : عليّ أن أدخل السرور على قلوبكم خلال المسير ، وأهوّن عليكم مشاق الطريق . [26]

      6 ـ الفقيه الكبير ، والمفسر الخبير ، والعارف الشهير ، السيد عبد الأعلى السبزواري (قدس سره) ، فقد جاء في ترجمته : فالسيد السبزواري وهو في سن العشرين من عمره ، خرج ماشياً على قدميه من مشهد الإمام الرضا عليه السلام إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف .

      والسيد السبزواري كان كثيراً ما يخرج ماشياً على قدميه من أرض النجف الأشرف إلى أرض كربلاء المقدسة لزيارة جده سيد الشهداء عليه السلام . [27]

      7 ـ سماحة آية الله العظمى ، عملاق الفكر الأصولي ، المرجع الديني الكبير ، السيد محمد الروحاني (قدس سره) ، فإنه ـ كما يتحدث عنه ذووه ـ كان كثير الزيارة إلى كربلاء ماشياً ، وهناك صور فوتغرافية عديدة قد التقطت له حال مسيره ماشياً إلى جنة كربلاء المقدسة .

      8 ـ سماحة الفقيه الكبير ، الشيخ الميرزا جواد التبريزي (قدس سره) ، فإنه الآخر ممن حفظت له كاميرات التصوير بعض اللقطات حال مسيره من النجف الأشرف إلى كربلاء المقدسة .

      9 ـ سماحة آية الله المقدس ، العارف الإلهي ، السيد عبد الكريم الكشميري (قدس سره) ، حيث جاء في سيرته على لسان ولده : وحتى عندما يمشي في الطريق ، كان ذاكراً لله في كل أوقاته ، لقد كانت المسافة بين دارنا وصحن أمير المؤمنين عليه السلام طويلة جداً تتراوح بين الثلاث والأربع كيلو مترات ، وكان يقطع هذه المسافة في كل يوم أربع مرات مشياً على الأقدام ، وكان لسانه يلهج بذكر الله في كل خطوة يخطوها . [28]

      10 ـ سماحة آية الله المقدس ، العارف الإلهي ، الشيخ عباس القوﭼاني ، وسماحة آية الله المقدس ، العارف الإلهي ، السيد محمد حسين الطهراني (قدهما) ، حيث جاء في ترجمة السيد هاشم الحداد (قدس سره) ما هذا نصه :

      كان متعارفاً بين طلبة النجف الأشرف وفضلائها وعلمائها في أيام الزيارات المخصوصة لمولى الكونين أبي عبد الله الحسين سيد الشهداء ، (عليه وعلى أبيه وأمه وجده وأخيه والتسعة الطاهرة من أبنائه ، صلوات الله وسلام ملائكته المقربين والأنبياء والمرسلين) كزيارة عرفة وزيارة الأربعين وزيارة النصف من شعبان ، أن يذهبوا من النجف الأشرف إلى كربلاء المقدسة سيراً على الأقدام ، إما عن الطريق الصحراوي المعبد المستقيم وطوله ثلاثة عشر فرسخاً ، أو عن الطريق المحاذي لشط الفرات وطوله ثمانية عشر فرسخاً .

      وكان الطريق الصحراوي قاحلاً يخلو من الماء والخضرة ، لكنه قصير يمكن للمسافرين أن يطوونه بسرعة خلال يوم أو يومين ، على العكس من الطريق المحاذي لشط الفرات الذي كان يتعذر فيه السفر بالسيارة ، فكان ينبغي السير خلاله على الأقدام أو بامتطاء الحيوانات ، وكان هذا الطريق منحرفاً غير مستقيم ، لكنه في المقابل يتميز بالخضرة ويتخلل بساتين الأشجار والنخيل اليانعة ، وتوجد في كل عدة فراسخ أماكن لاستضافة المسافرين ـ وهي مضائف مصنوعة من الحصير تعود لشيوخ العرب ، يستقبلون فيها القادمين فيضيفونهم مجاناً مهما شاؤوا الإقامة عندهم ـ وكان الطلبة يسيرون نهاراً ثم يأوون إلى هذه المضائف ليلاً فيبيتون فيها ، وكان سفرهم في هذا الطريق المحاذي للنهر يستغرق غالباً يومين أو ثلاثاً .

      ولم يوفق الحقير خلال مدة إقامته في النجف الأشرف ، والتي دامت سبع سنين ، للسفر إلى كربلاء مشياً على الأقدام إلا مرتين فقط ؛ ذلك لأن الوالدة المرحومة كانت على قيد الحياة ، وبالرغم من عدم ممانعتها للسفر إلا أن الحقير كان يرى آثار الإضطراب عليها ، لذا لم أتقدم الإنضمام إلى مواكب المشاة حتى السنة أو السنتين الأخيرتين من إقامتنا في النجف ، حيث رأيت تناقص ذلك الإضطراب عندها من خلال العلاقات مع العوائل النجفية ، لذا فقد أرسلتها إلى كربلاء مع بعض المسافرين والزوار الإيرانيين الذين كانوا قد وفدوا علينا ، وصحبت الرفقاء في مسيرتنا إلى كربلاء .

      وكان الحقير في هذين السفرين في معية سماحة آية الله الشيخ عباس القوﭼاني ـ أفاض الله علينا من رحماته وبركاته ـ وكان هناك أيضاً سماحة آية الله المرحوم الشيخ حسن علي نجابت الشيرازي ، وسماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد مهدي دستغيب الشيرازي ـ الأخ الأصغر للمرحوم الشهيد دستغيب ـ وقد صحبنا في السفر الثاني أحد الطلبة ممن له معرفة بآية الله القوﭼاني واسمه السيد عباس ينكجي . [29]

      11 ـ سماحة آية الله العظمى ، الشهيد السعيد ، السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) ، وهذا العظيم وإن لم يشارك في مسيرات المشي بنفسه ، إلا أنه كان من أشدِّ الداعمين والمؤيدين لها ؛ ولذا لزم ذكر اسمه الشريف ضمن المذكورين ، فقد جاء في ترجمته : يشار إلى أن السيد الصدر (قدس سره) كان يقدم المال لزوار الحسين عليه السلام من المشاة ، وكان منهم ـ أي : المشاة ـ السيد محمود الهاشمي ، وكان طلابه يذهبون إلى الزيارة مشياً ، وكان ذلك تحت مرآه ، وكان (قدس سره) يشجع على زيارة الأربعين والذهاب إلى الحرم الحسيني المطهر مشياً على الأقدام ، وكان هو يتمنى ذلك ولكن الظروف المحيطة به لم تسمح له أبداً بذلك . [30]

      12 ـ وفي سنة (1397 هـ) لما منعت السلطة العراقية البائدة مسيرةَ المشي إلى زيارة الإمام الحسين عليه السلام ، وحكمت على بعض من خالف قرارها بالإعدام ، أبرق المرجع الديني الكبير ، سماحة آية الله العظمى ، السيد محمد رضا الكلبيكاني (قدس سره) إلى سماحة المرجع الديني الأعلى للطائفة ، السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره) البرقية التالي ذكرها :

      سماحة آية الله السيد الخوئي
      دامت بركاته

      نبأ محكومية الجماعة المشتركين في الشعائر الحسينية أقلقنا والحوزة العلمية ، ننتظر من المسؤولين إعادة النظر في أحكامهم ، ورفع القلق عن الجميع بخاصة ذويهم . أدامكم الله وأيدكم . [31]


      كما أبرق سماحة آية الله العظمى ، المرجع الديني الكبير ، السيد عبد الله الشيرازي (قدس سره) برقية أخرى بنفس المناسبة ، وإليك نصها :

      سماحة آية الله الخوئي
      دامت بركاته

      إن الحوادث الواقعة يوم الأربعين ، وضغط الدولة على الشعائر الحسينية والقائمين بها ، أوجبت تأثرنا واستياء الجميع ، وإنّا سوف لن نقصر في القيام بواجبنا الديني إن شاء الله تعالى ، وما النصر إلا من عند الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . [32]

      وكما ترى فإن هذين العلمين الكبيرين (قدهما) قد اعتبرا المشي إلى زيارة سيد الشهداء الحسين عليه السلام من الشعائر الحسينية المباركة ، وقد نددا بمواجهة السلطة البائدة لاستمرارها والتنكيل بالمهتمين بها .


      -------------

      [22] نقباء البشر في القرن الرابع عشر : 2 547 ـ 548 .
      [23] لاحظ كتاب : (المرجعية العاملة) : 179 .
      [24] سياحة في الشرق : 189 ـ 190 .
      [25] ربع قرن مع العلامة الأميني : 31 .
      [26] قبسات من حياة السيد المرعشي (قدس سره) : 24 .
      [27] العارف ذو الثفنات : 59 .
      [28] لسان الصدق : 45 .
      [29] الروح المجرد : 22 ـ 23 .
      [30] محمد باقر الصدر السيرة والمسيرة : 2 / 280 .
      [31] محمد باقر الصدر السيرة والمسيرة : 3 / 335 .
      [32] محمد باقر الصدر السيرة والمسيرة : 3 / 331 .

      تعليق


      • #4
        4 / الجهة الرابعة : من كرامات المشي إلى زيارة الحسين عليه السلام .

        في شهر رمضان المبارك من سنة ألف وأربعمائة وثمانية وعشرين من الهجرة النبوية الشريفة ، التقيت في مدينة (أبو ظبي) بأحد الأطباء من الإخوة العراقيين ، وكان شخصاً متديناً صادق اللهجة ، فحدثني بالحادثة الآتي ذكرها ، وقد طلبتُ منه أن يكتبها بيده ، فكتبها بالنحو الآتي :

        بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، محمد وآله الطيبين الطاهرين .

        إني العبد الفقير إلى الله سبحانه وتعالى ، مقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة ، وأعمل كطبيب تخدير في صالات العمليات منذ حوالي عشرين عاماً ، ولي خبرة في المجال الطبي العام والباطني والأمراض السارية لا بأس بها ، بالإضافة إلى خبرتي في مجال الجراحة والتخدير الذي هو تخصصي .

        منذ عشر سنوات أُصبت في أسفل قدمي اليسار ـ بين الأصابع ـ بأربعة مسامير لحمية ، وحينها كنت مقيماً في اليمن ، وحاولت أن أعالج تلك المسامير اللحمية بعدة طرق : كالجراحة والمراهم وغير ذلك من العلاجات ، وبعد حوالي سنتين انتقلت إلى الإمارات وهي لا زالت كما هي ، تختفي مع العلاج ثم تظهر ثانية وبصورة أكبر ، وقد بدأت العلاج معها مجدداً في الإمارات ، ولكن العلاج لم ينفعني شيئاً .

        إلى أن سافرت إلى العراق سنة 1426 هـ ، وبالتحديد في بداية شهر صفر ، ووفقني الله تعالى لزيارة سيدي ومولاي الإمام الحسين عليه السلام زيارة الأربعين ، ولقد كان هنالك موكب لمنطقتنا اسمه موكب (الإحسان) ، وكان موقعه يبعد عن مشهد الإمام الحسين عليه السلام حوالي ثمانية عشر كيلو متر .

        فلما وصلنا لموقع الموكب كنت في غاية الجوع ، وكنت أتوقع أن يكون طعام الموكب عبارة عن الأرز والقيمة ، في الوقت الذي كنت أشتهي فيه أكل الأرز مع الفاصوليا ، وكانت المفاجأة أن جاؤونا بالغذاء بعد صلاة الظهر وإذا به ما كنت أتمناه وأشتهيه ، فقلت : سبحان الله ، نحن الآن في ضيافة الإمام الحسين عليه السلام وكل ما نشتهيه نناله ، وصرت أبكي لذلك .

        وبعد الغذاء انطلقنا متوجهين إلى حرم سيد الشهداء عليه السلام مشياً على الأقدام حتى وصلنا وزرنا ، ثم رجعنا إلى الموكب مشياً أيضاً ، وقد كان ثوبي أسود اللون ، ولكنه قد تحول بنياً لكثرة الغبار والتراب الذي تثيره أقدام الزائرين .

        ولما وصلنا إلى موقع الموكب ، مضيت لغسل رجلي وجسدي عن التراب ، ثم جئت قاصداً أن أريح رجلي المتعبتين بشيء من المساج ، فلم أفتح عيني إلا على الكرامة الحسينية ، حيث فوجئت بعدم وجود أثر لشيء من تلك المسامير اللحمية ، وقد تحققتُ من الموضوع المرة تلو الأخرى ، حتى تيقنت بأن بركات سيد الشهداء عليه السلام قد شملتني ، وحينها قلت : الله أكبر ، السلام عليك يا سيدي يا أبا عبد الله الحسين ، ورردت ذلك البيت الشهير :

        مولىً بتربتهِ الشفاءُ وتحتَ قبته الدعا مِن كُلِّ داعٍ يُسمعُ


        وشوفيت رجلي من المرض المذكور ـ الذي عجز عنه العلاج الطبي ـ ببركة سيدي ومولاي الإمام الحسين عليه السلام .

        لقد شرحتُ لكم قصتي مع سيدي ومولاي الإمام الحسين عليه السلام ، والله على ما أقول شهيد ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

        العبد الفقير : شاكر كاظم العامري

        الرابع والعشرون من شهر رمضان : 1428 هـ


        كلمة الختام :


        وعند هذه الكرامة الشريفة لا يسعني إلا أن أعتبرها مسك الختام لهذه المقالة المتواضعة ، سائلاً من المولى سبحانه وتعالى أن يرزقنا في الدنيا زيارة الإمام الحسين عليه السلام ، وفي القبر حضوره ، وفي الآخرة شفاعته .

        وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ، واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين .

        ضياء السيد عدنان الخباز

        ليلة الجمعة 7 / 2 / 1429 هـ

        تعليق


        • #5
          اللهم ارزقنا في الدنيا زيارة الإمام الحسين عليه السلام ،
          وفي القبر حضوره ،
          وفي الآخرة شفاعته.
          إذا كانت لديك كرامة حصلت من المشي
          تفضّل علينا بكتابتها
          وأجرك على فاطمة الزهراء سلام الله عليها

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة مظلومة يا زهراء
            اللهم ارزقنا في الدنيا زيارة الإمام الحسين عليه السلام ،
            وفي القبر حضوره ،
            وفي الآخرة شفاعته.
            إذا كانت لديك كرامة حصلت من المشي
            تفضّل علينا بكتابتها
            وأجرك على فاطمة الزهراء سلام الله عليها
            اللهم صل على محمد وآل محمد

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
            استجابة 1
            10 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة ibrahim aly awaly
            بواسطة ibrahim aly awaly
             
            أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
            ردود 2
            12 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة ibrahim aly awaly
            بواسطة ibrahim aly awaly
             
            يعمل...
            X