بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الله خلق المشيئة بنفسها وخلق الأشياء بالمشيئة
رواية شريفة مذكورة بالكتب
فكيف نفهمها؟
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الله خلق المشيئة بنفسها وخلق الأشياء بالمشيئة
رواية شريفة مذكورة بالكتب
فكيف نفهمها؟
سأحاول أن أبين فهمي لها من خلال مثل لتوضيح المشيئة ومصدرها وتجلياتها وبشكل إجمالي لمحل وليلة نزول وتجلي المشيئة ولكن قبل المثل نورد بعض الروايات الشريفة التي توضح المعنى وتيسر فهم المثل إن شاء الله
قال الرضا عليه السلام ليونس مولى علي بن يقطين : يا يونس ؛ لا تتكلم بالقدر. قال (يونس) : إني لا أتكلم بالقدر، ولكن أقول - شيئاً واحداً - : لا يكون إلاّ ما أراد الله وشاء وقضى وقدّر. فقال الامام الرضا عليه السلام : ليس هكذا أقول، ولكن أقول : لا يكونإلاّ ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى. ثم قال : أتدري ما المشيئة ؟ فقال (يونس) : لا. فقال عليه السلام : همّه بالشيء - وهو ليس همّنا - أوَ تدري ما أراد ؟ قال : لا. قال عليه السلام : إتمامه على المشيئة. فقال عليه السلام : أوَ تدري ما قدر ؟ قال : لا. قالعليه السلام : هو الهندسة... ثم قال عليه السلام : إن الله إذا شاء شيئا أراده، وإذا أراد قدّره، وإذا قدّره قضاه، وإذا قضاه أمضاه..
وفي الوافي عن الكافي مسندا عن يونس بن عبد الرحمن عن يونس قال : قال لي ابو الحسن عليه السلام : يا يونس أتعلم ما المشيئة ؟ قلت : لا. قال : هي الذكر الأول. أوَ تعلم ما الإرادة ؟ قلت : لا. قال : هي العزيمة. أفتعلم ما القدر ؟ قلت : لا. قال : هو الهندسةووضع الحدود من البقاء والفناء، ثم قال : والقضاء هو الابرام وإقامة العين.
وجاء في كتاب (بحار الأنوار) عن يونس عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال :.. لا يكون إلاّ ما شاء الله وأراد وقدر وقضى. قلت : فما معنى شاء ؟ قال الامام عليه السلام : ابتداء الفعل. قلت : فما معنـى أراد ؟ قال الامام عليه السلام : الثبوت عليـه. قلت : فما معنى قدّر ؟ قال الامام عليه السلام : تقدير الشيء من طوله وعرضه. قلت : فما معنى قضى ؟ قال الامام عليه السلام : إذا قضى أمضاه، فذلك الذي لا مرد له. فابتداء الفعل هو أول ما يحصل من جانب الفاعل ويصدر عنه، وإرادة الفعل تعني الثبوت عليه. وتقدير الشيء يعني التخطيط له وهندسته. وقضاء الشيء يعني الامضاء الذي لا عودة فيه.
والآن إلى المثل:
((إبتداء الفعل)) أردت أن أبرمج برنامج معين في حاسوب ما، وحين عقدت العزم على ذلك ((الثبوت عليه)) قدرت مقادير طول وعرض وهندسة وحدود بقاء وفناء ما شئت إظهاره من الأشياء في هذا البرنامج، فجميع هذه المقادير التي أنزلتها في البرنامج داخل الحاسوب هي بعض تجليات العلم الذي أختزنه بذاتي وشئت أن أتجلى به،
بعد أن أكملت بمشيئتي مرحلة تقدير المقادير من طول وعرض وهندسة شئت أن أقضي باعتماد تلك المقادير التي قدرتها من قبل، فالقضاء هنا هو تجلّي لمشيئتي المعبرة عن ذاتي القادرة، وحتى هذه اللحظة البرنامج لم يعمل ولم يفعّل بعد ولم تدب الحياة به رغم تكامل مقومات نجاحه،
وهنا قررت أن أفعّـل هذا البرنامج فأمضيت ما قدرته فيه وقضيته فأمضيت قدري وقضائي فدبت الحياة في هذا البرنامج وبدء بالعمل، فإمضائي للأقدار التي قدرتها والقضاء الذي قضيته هو تجلي لمشيئتي المعبرة عن ذاتي الحية
فالقدر هو تجلي المشيئة المعبرة عن الذات بالعلم
والقضاء هو تجلي المشيئة المعبرة عن الذات بالقدرة
والإمضاء هو تجلي المشيئة المعبرة عن الذات بالحياة
والقضاء هو تجلي المشيئة المعبرة عن الذات بالقدرة
والإمضاء هو تجلي المشيئة المعبرة عن الذات بالحياة
وهنا أصف مراحل تجليات مشيئتي أنا المخلوق الضعيف المحتاج، ولكن الخالق خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره، ولم يستعِن على خلقها بأحد من خلقه ((من كلام الإمام علي سلام الله عليه في التوحيد))
مسألة أخرى ترتبط بما سبق وهي
ما هو الإذن الإلهي وأين موقعه من ما سبق؟
إعتقادي في هذه المسألة هو :
نحن نأكل بإذن الله ونشرب ونقوم ونقعد ونفعل جميع ما نفعل بإذن الله، وليس نحن فقط، بل لا تتحرك ذرة من مكانها أو في مكانها إلا بإذن الله، ولكن جميع ذلك يتم بالمقادير المقدرة عند الخلق تقديرا حكيما، ومن ضمن تلك المقادير خضوع بعضها للبعض الآخر ضمن ضوابط وقوانين محددة، وعندما أقول خضوع بعضها للبعض الآخر أستمد هذا المعنى من القول في دعاء كميل وَبِأَسْمائِكَ الَّتي مَلاَتْ اَرْكانَ كُلِّ شَيء، وأسمائه هي أفعاله والقائمة على تنفيذ أفعاله تقول وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ فتلك الأسماء التي ملئت أركان كل شيئ يخضع بعضها للبعض الآخر ضمن نظام مقدر تقديرا دقيقا، فإذا بلغ الإسم السابق لقدر معين خضع واستجاب له الإسم المسبوق بنسبة معينة، وهذا المعنى تجده في الحديث القدسي : ما زال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمعبه ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، لئنسألني أعطيته ، وإن استعاذني لأعيذنّه
فإذا وصل العبد إلى القدر الذي يحبه الله عند وصوله إليه ستخضع له باقي أسماء الله الموكلة لها إدارة شؤون الوجود لإنه أصبح إسم سابق لها ومتقدم عليها، وعليه فالإذن الإلهي مستبطن داخل القدر الإلهي وليس شيئ غيره أو خارج عن مقاديره يستحصله العبد من الله في كل آن يحتاج العبد إليه، مثل أن يحصل الإبن أو الزوجة من رب البيت على الإذن للخروج من البيت في كل مرة أرادوا فيها الخروج، وربما يكون يشبهه إذا قال رب البيت لابنه : في كل يوم إذا انتهيت من دراستك وانهاء فروضك المنزلية والمدرسية يمكنك الخروج، وحينها لن يكون الإبن مستحصلا على الإذن إلا إذا بلغ للمقادير التي حددها رب البيت، فمتى ما بلغها سيمكنه الخروج وفي كل يوم
أما بالنسبة لأنبياء ورسل الله فهم قد بلغوا في عباداتهم للمقدار الذي أحبهم الله فحق لهم ضمن المقادير المقدرة أن تخضع لهم جميع الأسماء الإلهية كل حسب درجة قربه وعبادته، فمنهم من امتلك حرف، ومنهم من خضع له حرفين أو أربعة أو أربعة وعشرون حرفا، ومنهم من كان لهم كل حروف الإسم الأعظم إلاّ حرف واحد، ومنهم من هو الإسم الأعظم الذي بحبه يستحصل الإذن.
هذا هو فهمي واعتقادي في خلق المشيئة وطبيعة الإذن الإلهي ... والله العالم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته