إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

بحث قيم في زواج المتعة للامام السيدعبدالحسين شرف الدين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بحث قيم في زواج المتعة للامام السيدعبدالحسين شرف الدين

    الصفحة 59
    نكاح المتعة وفيه فصول

    1 ـ حقيقة هذا النكاح
    إنما حقيقته أن تزوجك المرأة الحرة الكاملة المسلمة أو الكتابية نفسها، حيث لا يكون لك مانع في دين الإسلام عن نكاحها، من نسب أو سبب أو رضاع أو احصان أو عدة، أو غير ذلك من الموانع الشرعية، ككونها معقوداً عليها لأحد آباءك، وإن كان قد طلقها أو مات عنها قبل الدخول بها، وككونها أختاً لزوجتك مثلاً، أو نحو ذلك.
    تزوجك هذه المرأة نفسها بمهر مسمى إلى أجل مسمى، بعقد نكاح جامع لشرائط الصحة الشرعية، فاقد لكل مانع شرعي كما سمعت فتقول لك بعد تبادل الرضا والاتفاق بينكما: زوجتك أو أنكحتك أو متعتك نفسي بمهر قدره كذا يوماً أو يومين أو شهراً أو شهرين أو سنة أو سنتين مثلاً، أو تذكر مدة أخرى معينة على الضبط فتقول أنت لها على الفور: قبلت، وتجوز الوكالة في هذا العقد من كلا الزوجين كغيره من العقود، </span>
    الصفحة 60 وبتمامه تكون زوجة لك، وأنت تكون زوجاً لها، إلى منتهى الأجل المسمى في العقد، وبمجرد انتهائه تبين من غير طلاق كالاجارة، وللزوج فراقها قبل انتهائه بهبة المدة المعينة لا بالطلاق ـ عملاً بنصوص خاصة حاكمة بذلك ـ ويجب عليها مع الدخول بها (1) أن تعتد بعد هبة المدة أو انقضائها بقرأين، إذا كانت ممن تحيض، والا فبخمسة وأربعين يوماً كالأمة ـ عملاً بأدلة خاصة تحكم بذلك ـ.

    فإذا وهبها المدة أو انقضت قبل أن يمسها فما له عليها من عدة، كالمطلقة قبل المس (2) وأولات الاحمال في المتعة أجلهن أن يضعن حملهن كالمطلقات، أما عدة المتوفى عنها زوجها في نكاح المتعة فهي عدة المتوفى عنها زوجها في النكاح الدائم مطلقاً (3).
    وولد المتعة ذكراً كان أو أنثى يلحق بأبيه ولا يدعى إلاّ له كغيره من الأبناء والبنات، وله من الارث ما أوصانا الله به سبحانه بقوله عز من قائل: «يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين» ولا فرق بين ولديك المولود أحدهما منها والآخر من النكاح الدائم، وجميع العمومات الشرعية الواردة في الأبناء والآباء والأمهات شاملة لأبناء المتعة وآبائهم وأمهاتهم، وكذا القول في العمومات الواردة من الإخوة والأخوات وأبنائهما،
    ____________
    (1) وعدم بلوغها سن اليأس الشرعي.
    (2) ولا عدة على من بلغت من اليأس كالمطلقة أيضا.
    (3) سواء أكانت مدخولا بها أم لا وسواء أكانت يائسا أم لا وسواء أكانت حبلى أم حائلا. وعدة الحبلى إذا مات عنها زوجها في كلا النكاحين، أبعد الاجلين ـ وهما وضع الحمل ومضي المدة وهي أربعة اشهر وعشر بعد علمها بموت الزوج ـ
    الصفحة 61 والأعمام والعمات والأخوات والخالات وأبنائهم (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) مطلقاً.

    نعم نكاح المتعة بمجرده لا يوجب توارثاً بين الزوجين ولا ليلة ولا نفقة للمتمتع بها، وللزوج أن يعزل عنها، عملا بأدلة خاصة تخصص العمومات الواردة في هذه الأمور من أحكام الزوجات.

    هذا نكاح المتعة بكنهه وهذه متعة النساء بحقيقتها، وهذا هو محل النزاع بيننا وبين الجمهور. 2 ـ اجماع الأمة على اشتراعه

    أجمع أهل القبلة كافة على أن الله تعالى شرع هذا النكاح في دين الإسلام، وهذا القدر مما لا ريب فيه لأحد من علماء المذاهب الإسلامية على اختلافهم في المشارب والمذاهب والآراء بل لعل هذا ملحق ـ عند أهل العلم ـ بالضروريات مما ثبت عن سيد النبيين صلّى الله عليه وآله وسلّم فلا ينكره أحد من علماء أمته، ومن ألم بما يقوله أهل المذاهب الإسلامية كلهم في حكم هذا النكاح مستقرئاً فقه الجميع، علم أنهم متصافقون على أصل مشروعيته وإنما يدعون نسخه كما ستسمعه ان شاء الله تعالى. 3 ـ دلالة الكتاب على اشتراعه
    حسبنا حجة على اشتراعه قوله تعالى في سورة النساء «فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة» اذ أجمع أئمة أهل البيت وأولياؤهم على نزولها في نكاح المتعة وكان أبي بن كعب وابن عباس وسعيد بن جبير </span>
    الصفحة 62 والسدي يقرأونها فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى (1) وصرح عمران بن حصين الصحابي بنزول هذه الآية في المتعة وأنها لم تنسخ حتى قال رجل فيها برأيه ما شاء (2) ونص على نزول الآية في المتعة مجاهد أيضاً فيما أخرجه عنه الطبري في تفسيره الكبير (3).

    ويشهد لذلك أن الله سبحانه قد أبان في أوائل السورة حكم النكاح الدائم بقوله عز من قائل: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) إلى أن قال: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) فلو كانت هذه الآية في بيان «الدائم» أيضاً للزم التكرار في سورة واحدة، أما إذا كانت لبيان المتعة فانها تكون لبيان معنى جديد، وأولو الألباب ممن تدبروا القرآن الحكيم علموا أن سورة النساء قد اشتملت على بيان الأنكحة الإسلامية كلها، فالدائم وملك اليمين تبينا بقوله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) ونكاح الاماء مبين بقوله تعالى: (ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح
    ____________
    (1) أخرج ذلك عنهم غير واحد من الاعلام كالامام الطبري حول الآية من أوائل الجزء الخامس من تفسيره الكبير، والزمخشري أرسل هذه القراءة في كشافه عن ابن عباس ارسال المسلمات ونقل عياض عن المازري ـ كما في أول باب نكاح المتعة من شرح صحيح مسلم للامام النووي ـ: ان ابن مسعود قرأ فما استمتعتم به منهن إلى أجل، والرازي ذكر في تفسير الآية أنه روى عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن (قال) وهذا أيضاً هو قراءة ابن عباس (قال) والامة ما انكروا عليهما في هذه القراءة «قال»: فكان ذلك اجماعاً من الأمة على صحة هذه القراءة الى آخر كلامه في ص201 من الجزء 3 من تفسيره الكبير.
    (2) ستقف على كلامه في هذا الشأن قريباً.
    (3) راجع ص9 من جزئه الخامس.
    الصفحة 63 المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت ايمانكم من فتياتكم المؤمنات) إلى أن قال: (فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف) والمتعة مبينة بآيتها هذه (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن).
    4 ـ اشتراعه بنصوص السنن

    حسبنا من السنّة في هذا الباب صحاح متواترة عن أئمة العترة الطاهرة وقد أخرج الشيخان البخاري ومسلم في اشتراع هذا النكاح صحاحاً كثيرة عن كل من سلمة بن الأكوع وجابر بن عبدالله وعبدالله بن مسعود وابن عباس وأبي ذر الغفاري وعمران بن حصين والاكوع بن عبدالله الأسلمي وسبرة بن معبد، وأخرجها أحمد بن حنبل في مسنده من حديث هؤلاء كلهم ومن حديث عمر وحديث ابنه عبدالله، وأخرج مسلم في باب نكاح المتعة من كتاب النكاح من الجزء الأول من صحيحه عن جابر بن عبدالله وسلمة بن الاكوع قالا: خرج علينا منادي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فقال: ان رسول الله أذن لكم أن تستمتعوا. يعني متعة النساء. انتهى بلفظه والصحاح في هذا المعنى أكثر من أن تستقصى في هذا الاملاء. 5 ـ القائلون بنسخه وحجتهم والنظر فيها
    قال أهل المذاهب الاربعة وغيرهم من فقهاء الجمهور بنسخ هذا النكاح وتحريمه محتجين بأحاديث أخرجها الشيخان في صحيحيهما وقد أمعنا فيها متجردين متحررين فوجدنا فيها من التعارض في وقت صدور النسخ ما لا يمكن معه الوثوق بها. فإن بعضها صريح بأن النسخ كان يوم خيبر، وفي بعضها أنه كان يوم الفتح وفي بعضها أنه كان في غزوة تبوك، وفي بعضها </span>
    الصفحة 64 أنه كان في حجة الوداع، وفي بعضها أنه كان في عمرة القضاء وفي بعضها أنه كان عام أوطاس. على أنها تناقض ما ستسمعه من صحاح البخاري ومسلم الدالة على عدم النسخ، وان التحريم والنهي إنما كانا من الخليفة الثاني ببادرة بدرت على عهده من عمرو بن حريث، وكان الصحابة قبلها يستمتعون على عهد الخليفتين كما كانوا يستمتعون على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وستسمع كلام عمران بن حصين وعبدالله بن مسعود وعبدالله ابن عمر وعبدالله بن عباس وأمير المؤمنين فتراه صريحاً بأن التحريم لم يكن من الله تعالى ولا من رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم وإنما كان بنهي عمر، ومحال أن يكون هناك ناسخ يجهله هؤلاء وهم من علمت مكانتهم في العلم ومنزلتهم من رسول الله وملازمتهم اياه صلّى الله عليه وآله وسلّم. على أنه لو كان ثمة ناسخ لنبههم إليه بعض الواقفين عليه، وحيث لم يعارضهم أحد فيما كانوا ينسبونه من التحريم إلى عمر نفسه علمنا أنهم أجمع معترفون بذلك مقرون بأن لا ناسخ من الله تعالى ولا من رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

    على أن الخليفة الثاني نفسه لم يدع النسخ كما ستسمعه من كلامه الصريح في اسناد التحريم والنهي إلى نفسه، ولو كان هناك ناسخ من الله عز وجل أو من رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأسند التحريم إلى الله تعالى أو إلى الرسول فإن ذلك أبلغ في الزجر وأولى بالذكر.
    وظني أن المتأخرين عن زمن الصحابة وضعوا أحاديث النسخ تصحيحاً لرأي الخليفة اذ تأول الأدلة فنهى وحرم متوعداً بالعقوبة، فقال: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما: متعة الحج ومتعة النساء. </span>
    الصفحة 65

    ومن غريب الأمور دعوى بعض المتأخرين أن نكاح المتعة منسوخ بقوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم) بزعم أن المتمتع بها ليست زوجة ولا ملك يمين (قالوا): أما كونها ليست بملك يمين فمسلم، وأما كونها ليست بزوجة فلأنها لا نفقة لها ولا ارث ولا ليلة.
    والجواب: أنها زوجة شرعية بعقد نكاح شرعي كما سمعت، وعدم النفقة والارث والليلة إنّما هو لأدلة خاصة خصصت العمومات الواردة في أحكام الزوجات كما بيناه سابقاً.
    على أن هذه الآية مكية نزلت قبل الهجرة بالاتفاق، فلا يمكن أن تكون ناسخة لا باحة المتعة المشروعة في المدينة بعد الهجرة بالاجماع.
    ومن عجيب أمر هؤلاء المتكلفين أن يقولوا بأن آية «المؤمنون» ناسخة لمتعة النساء اذ ليست بزوجة ولا ملك يمين، فإذا قلنا لهم: ولم لا تكون ناسخة لنكاح الإماء المملوكات لغير الناكح وهن لسن بزوجات للناكح ولا بملك له، قالوا حينئذ: ان سورة «المؤمنون» مكية، ونكاح الاماء المذكورات إنما شرع بقوله تعالى ـ في سورة النساء وهي مدنية ـ: (ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت ايمانكم من فتياتكم المؤمنات) والمكي لا يكون ناسخاً للمدني، لوجوب تقدم المنسوخ على الناسخ، يقولون هذا القول وينسون أن المتعة إنما شرعت في المدينة وأن آيتها في سورة النساء أيضاً، وقد منينا بقوم لا يتدبرون فإنا لله وانا إليه راجعون. </span>
    الصفحة 66
    6 ـ صحاح تنم على الخليفة
    أخرج مسلم ـ في باب المتعة بالحج والعمرة من صحيحه (1) ـ بالاسناد إلى أبي نضرة قال: كان ابن عباس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى عنها، فذكر ذلك لجابر، فقال: على يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فلما قام عمر (2) قال: ان الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء (3) فأتموا الحج والعمرة وأبتوا نكاح هذه النساء فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة (4).
    وهذا ما أخرجه أحمد بن حنبل من حديث عمر في مسنده (5) عن أبي نضرة أيضاً ولفظه عنده ما يلي: قال أبو نضرة: قلت لجابر ان ابن الزبير ينهى عن المتعة وان ابن عباس يأمر بها فقال لي: على يدي جرى الحديث تمتعنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ومع أبي بكر فلما ولي عمر (6) خطب الناس فقال:
    ____________
    (1) صفحة 467 من جزئه الأول طبع مصر سنة 1306.
    (2) أي فلما قام بأمر الخلافة، وهذا صريح بأن هذه الأحداث: النهي والتحريم والانذار لم تكن من قبل.
    (3) ليتني أوليت أحداً غيري يعرف لهذه الكلمة وجهاً يقتضي تحريم المتعة أتراه كان يرى أنها من خواص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟ كلا إني لأربأبه عن هذا الوهم.
    (4) الرجم حد من حدود الله عز وجل لا يشترعه إلا نبي على أن القائل بالمتعة مستنبط اباحتها من الكتاب والسنة فان كان مصيباً فبهما أخذ وان كان مخطئاً فإنما هو مشتبه لا حد عليه لو فعلها فإن الحدود تدرأ بالشبهات.
    (5) صفحة 52 من جزئه الأول.
    (6) هذا صريح بأن تحريم المتعة الذي أشاد به الخليفة في خطابه لم يكن قبل ولايته على الناس.
    الصفحة 67 ان القرآن هو القرآن وان رسول الله هو الرسول وأنهما كانتا «متعتان» على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم احداهما متعة الحج والاخرى متعة النساء (1).

    وهذا صريح فصيح في أن النهي إنما كان منه بعد ولايته وقيامه بأمر الخلافة، ومثله حديث عطاء ـ فيما أخرجه مسلم في باب نكاح المتعة من صحيحه (2) ـ قال: قدم جابر بن عبدالله معتمراً، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن اشياء، ثم ذكروا المتعة، فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأبي بكر وعمر أهـ. وحديث أبي الزبير ـ كما في الباب المذكور من صحيح مسلم ـ قال: سمعت جابر بن عبدالله يقول: كنا نستمتع (3) بالقبضة من التمر والدقيق الايام على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث وفي الباب المذكور من صحيح مسلم أيضاً عن أبي نضرة. قال: كنت عند جابر فأتاه آت فقال: ان ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر: فعلناهما (4) على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم نهانا عنهما عمر.
    وقد استفاض قول عمر وهو على المنبر: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنا انهى عنهما وأعاقب عليهما (5) متعة الحج ومتعة النساء. حتى نقل
    ____________
    (1) لا مندوحة عن قبول روايته اذ قال: كانتا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم اما تحريمه اياهما فلرأي رآه.
    (2) صفحة 535 من جزئه الأول.
    (3) الظاهر من قوله: كنا نستمتع أن سيرة الصحابة كانت مستمرة على ذلك بعلم من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأبي بكر وعمر قبل نهيه.
    (4) فعلناهما ظاهر باستمرار سيرتهم على فعلها كقوله السابق نستمتع وكقوله استمتعنا.
    (5) لا يخفى ظهوره في أن النهي انما هو منه لا من الله تعالى ولا من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
    الصفحة 68 الرازي هذا القول عنه محتجاً به على تحريم متعة النساء فراجع ما حول آيتها من تفسيره الكبير.

    وهذا متكلم الأشاعرة وإمامهم في المعقول والمنقول «القوشجي» يقول في أواخر مبحث الإمامة من سفره الجليل ـ شرح التجريد ـ: ان عمر قال وهو على المنبر: أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنا أنهى عنهن وأحرمهن وأعاقب عليهن متعة النساء ومتعة الحج وحي على خير العمل، وقد اعتذر عنه بأن هذا كان اجتهاداً منه وعن تأول، والأخبار في هذا ونحوه مما يضيق عنه وسع هذا الاملاء.

    وقد استمتع على عهد عمر ربيعة بن أمية بن خلف الثقفي أخو صفوان فيما أخرجه مالك ـ في باب نكاح المتعة من الموطأ ـ عن عروة بن الزبير قال: ان خولة بنت حكيم السلمية دخلت على عمر وقالت له: ان ربيعة بن أمية استمتع بامرأة فحملت منه فخرج عمر يجر رداءه فقال: هذه المتعة لو كنت تقدمت لرجمت. أي لو كنت تقدمت في تحريمها والانذار برجم فاعلها قبل هذا الوقت لرجمت ربيعة والمرأة التي استمتع بها اذ كان هذا القول منه قبل نهيه عنها، نص على ذلك ابن عبدالبر فيما نقله الزرقاني عنه في شرح الموطأ (1). ولا يخفى ظهور هذا الكلام في أن التصرف في حكم المتعة إنما هو منه لا من سواه. 7 ـ المنكرون عليه
    أنكر عليه علي امير المؤمنين فيما أخرجه الثعلبي والطبري عند بلوغهما إلى
    ____________
    (1) حيث يشرح هذا الحديث في الموطأ.
    الصفحة 69 آية المتعة من تفسيريهما الكبيرين اذ أخرجا بالاسناد إليه أنه قال، لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي.

    وأنكر عليه ابن عباس فقال (1): ما كانت المتعة الا رحمة رحم الله بها أمة محمد لولا نهيه ـ أي عمر ـ عنها ما احتاج إلى الزنى إلا شفي ـ أي الا قليل من الناس كما فسرها ابن الأثير في مادة شفى بالفاء من النهاية، وكان ابن عباس يجاهر باباحتها وله في ذلك مع ابن الزبير ـ حتى في أيام امارته ـ حكايات يطول المقام بذكرها (2) وأنكر عليه جابر كما سمعت من حديثه في ذلك.
    وأنكر عليه ابنه عبدالله كما هو ثابت عنه، وقد أخرج الإمام أحمد في ص95 من الجزء الثاني من مسنده من حديث عبدالله بن عمر قال ـ وقد سئل عن متعة النساء ـ: والله ما كنا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم زانين ولا مسافحين. ثم قال: والله لقد سمعت رسول الله يقول: ليكونن قبل يوم القيامة المسيح الدجال وكذابون ثلاثون أو أكثر.
    وسئل مرة أخرى عن متعة النساء فقال ـ كما عن صحيح الترمذي ـ (3): هي حلال. فقيل له: ان أباك نهى عنها. فقال: أرأيت ان كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنترك السنة ونتبع قول أبي؟!
    وأنكر عليه عبدالله بن مسعود كما هو معلوم عنه وقد أخرج الشيخان
    ____________
    (1) فيما رواه عنه ابن جريج وعمر بن دينار.
    (2) ألفتك إلى ما كان منها في صفحة 489 من المجلد 4 من شرح نهج البلاغة الحميدي أحمد يدي حيث ترجم ابن الزبير أثناء شرحه لقول أمير المؤمنين عليه السلام: ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ ابنه المشؤوم.
    (3) نقله عن الترمذي كل من العلامة في نهج الصدق والشهيد الثاني في مبحث المتعة من روضته.
    الصفحة 70 في صحيحيهما واللفظ للبخاري (1) عن عبدالله بن مسعود قال: كنا نغزو مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل معين، ثم قرأ علينا: (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين). وأنت تعلم ما في تلاوة الآية من الانكار الشديد على تحريمها كما صرح به شارحو الصحيحين.

    وأنكر عليه عمران بن حصين فيما استفاض عنه، وقد نقل الرازي (2) عنه أنه قال: انزل الله في المتعة آية وما نسخها بآية أخرى وأمرنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالمتعة وما نهانا عنها ثم قال رجل برأيه ما شاء ـ قال الرازي ـ: يريد عمر.
    وأخرج البخاري في صحيحه عن عمران بن حصين قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها حتى مات قال رجل برأيه ما شاء.
    وأخرج أحمد في مسنده عن أبي رجاء عن عمران بن حصين قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله وعملنا بها مع رسول الله فلم تنزل آية بنسخها ولم ينه عنها النبي حتى مات.
    وأمر المأمون أيام خلافته أن ينادي بتحليل المتعة فدخل عليه محمد بن منصور وأبو العيناء فوجداه يستاك ويقول ـ فيما نقله ابن خلكان ـ (3) وهو متغيظ: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعهد أبي بكر وأنا انهى
    ____________
    (1) في الصفحة الثانية أو الثالثة من كتاب النكاح فراجع.
    (2) أثناء بحثه عن حكم متعة النساء حول آيتها من تفسيره الكبير.
    (3) في ترجمة القاضي يحيى بن أكثم.
    الصفحة 71 عنهما. قال: ومن أنت يا جعل حتى تنهى عما فعله رسول الله وأبو بكر فأراد محمد بن منصور أن يكلمه فأومأ إليه أبو العيناء وقال: رجل يقول في عمر بن الخطاب ما يقول نكلمه نحن؟! فلم يكلماه ودخل عليه يحيى بن أكثم فخلا به وخوفه من الفتنة وذكر له أن الناس يرونه قد أحدث في الاسلام بهذا النداء حدثاً عظيماً يثير العامةوالخاصة اذ لا فرق عندهم بين النداء باباحة المتعة والنداء باباحة الزنى ولم يزل به حتى صرف عزيمته اشفاقاً على ملكه ونفسه.


    وممن استنكر حرمة المتعة وأباحها وعمل بها عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج أبو خالد المكي المولود سنة ثمانين والمتوفى سنة تسع وأربعين ومئة وكان من أعلام التابعين ترجمه ابن خلكان في وفياته وابن سعد في ص 361 من الجزء 5 من طبقاته وقد احتج به أهل الصحاح وترجمه ابن القيسراني في ص314 من كتاب «الجمع بين رجال الصحيحين» وأورده الذهبي في ميزانه فذكر أنه تزوج نحواً من تسعين امرأةً بنكاح المتعة وأنه كان يرى الرخصة في ذلك (قال): وكان فقيه أهل مكة في زمانه. 8 ـ رأي الامامية في المتعة
    اجمع الامامية ـ تبعاً لأئمتهم الاثني عشر ـ على دوام حلها، وحسبهم حجة على ذلك ما قد سمعته من اجماع أهل القبلة على أن الله تعالى شرعها في دينه القويم وأذن في الاذن بها منادي نبيه العظيم ولم يثبت نسخها عن الله تعالى ولا عن رسول صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى انقطع الوحي باختيار الله تعالى لنبيه دار كرامته، بل ثبت عدم نسخها بنصوص صحاحنا المتواترة عن أئمة العترة الطاهرة فراجعها في مظانها من وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة. </span>
    الصفحة 72

    على أن في صحاح أهل السنة وسائر مسانيدهم نصوصاً صريحة في بقاء حلها واستمرار العمل بها على عهد أبي بكر وشطر من عهد عمر حتى صدر منه النهي عنها في شأن عمرو بن حريث، وحسبك من ذلك ما أوردناه في هذه العجالة، ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد. </span>
    الصفحة 73
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X