إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

أبعاد التهديدات الإسرائيلية بضرب المفاعلات النووية الإيرانية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أبعاد التهديدات الإسرائيلية بضرب المفاعلات النووية الإيرانية

    بقلم: خورشيد دلي



    النقاش في الكيان الإسرائيلي بشأن ضرب المفاعلات النووية للجمهورية الإسلامية خرج إلى العلن عبر وسائل الإعلام والشارع ومراكز الأبحاث بعد أن كان محصوراً طوال الفترة الماضية في مراكز الحكومة والأجهزة الأمنية والعسكرية، والغريب في هذا الأمر أن التعاطي مع الموضوع وصل إلى حد قيام صحيفة هآرتس العبرية بإجراء استفتاء أظهر أن 41% من الإسرائيليين يؤيدون تنفيذ هجوم ضد هذه المفاعلات.

    بالتزامن مع هذه الظاهرة المثيرة اندلع جدل حاد في إسرائيل بشأن ما سمي باتفاق بنيامين نتانياهو – أيهود باراك على الضربة في مقابل تحذير الأجهزة الأمنية والعسكرية وكذلك مراكز الأبحاث والدراسات من مخاطر مثل هذه الضربة، بل وصل الأمر بزعيمة حزب كاديما تسيبي ليفني للقول بأن هؤلاء يريدون تدمير إسرائيل وبات من الصعب النوم فيها.

    والأسئلة التي تطرح نفسها هنا كثيرة, ولعل من أهمها: هل أصبح الخيار العسكري الإسرائيلي ضد إيران مرجحاً إن لم نقل وحيداً؟ وأين تقف الولايات المتحدة والغرب عموماً من هذا الخيار؟ وإذا ما حدثت الضربة فكيف يمكن أن تكون التداعيات على المنطقة والعالم؟ وماذا عن رد فعل الجمهورية الإسلامية التي تمتلك قوة ردع وتدمير هائلة؟

    في أهداف الحملة الإسرائيلية ضد النووي الإيراني

    بداية، ينبغي القول إن من الواضح أن الملف النووي الإيراني أصبح أولوية إسرائيلية وغربية على شكل كيفية التعامل معه واحتمالات تطوره في المرحلة المقبلة وسط معلومات تروجها أجهزة الاستخبارات الغربية والإسرائيلية بأن البرنامج النووي الإيراني يتضمن صناعة أسلحة نووية، وأن من شأن امتلاك إيران لهذه الأسلحة قلب المفاهيم العسكرية التي اعتمدتها إسرائيل طوال العقود الماضية (التفوق – القدرة على شن الحرب الوقائية – خوض الحرب على أرض العدو.. الخ) لتجد نفسها وجهاً لوجه أمام إيران قوية تعتمد توازن الرعب النووي والردع بل والهجوم. وأمام هذه القناعة ترى إسرائيل أنه لا بد من إستراتيجية عملية لمنع إيران من امتلاك القنبلة النووية وقطع الطريق أمامها قبل أن تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة، أي نقطة صنع إيران قنبلة نووية لأن من شأن ذلك حسب الفهم الإسرائيلي قلب الأمور رأساً على عقب وإدخال قواعد جديدة في أساليب السيطرة والمواجهة والصراع على الشرق الأوسط، بمعنى أخر على إسرائيل وقتها الرضوخ للتعايش مع إيران نووية، مع أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أعلنت مراراً أنها ليست بصدد امتلاك أسلحة نووية كما أنها حرمته شرعاً، وبدلاً من ذلك اتجهت إلى تطوير قدراتها الصاروخية بقوة، وهي قوة باتت مقدرة في الحسابات الإستراتيجية الإسرائيلية والغربية وسط إعلانها الحازم عن تمسكها بحقها في الحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية حيث قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال وأنشأت العديد من المفاعلات النووية والتي تخضع للرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما انضمت للمعاهدة الدولية بشأن الحد من انتشار الأسلحة النووية.

    وسط هذا الجدل الداخلي في إسرائيل وحملة الضغوط الغربية على إيران على خلفية ملفها النووي، ثمة شكوك كبيرة في إسرائيل وخارجها بأن تحقق ضربة عسكرية للمفاعلات النووية الإيرانية أهدافها، وذلك لأسباب كثيرة، لعل أهمها:

    الأول: ثمة شكوك إسرائيلية كبيرة بأن لا تحقق الضربة العسكرية الإسرائيلية أهدافها، بسبب كثرة المفاعلات النووية الإيرانية، وبُعد المسافات بين هذه المفاعلات والتي تصل أحياناً إلى ألف كيلومتر تقريباً وبالتالي صعوبة تدميرها دفعة واحدة، وربما الافتقار إلى المعلومات الأساسية الخاصة بالبناء ونوعيته وبالتالي صعوبة تدميره والنيل منه.

    الثاني: له علاقة بالتداعيات وتحديداً بالمخاوف من رد فعل إيراني مدمّر في ظل امتلاك طهران لترسانة صواريخ متطورة تطول العمق الإسرائيلي بكامله، فضلاً عن القوات الأمريكية المتواجدة في دول الخليج وحتى قاعدة انجرليك في تركيا التي هي القاعدة الوحيدة في المنطقة والتي تختزن فيها الولايات المتحدة أسلحة نووية.

    الثالث: الخوف من أن يؤدي ضرب إيران إلى إطلاق حزب الله في لبنان آلاف الصورايخ على إسرائيل والانفتاح على حرب إقليمية تفتح المنطقة على المجهول خاصة بعد حرب تموز عام 2006 والتي أثبتت فيها المقاومة قدرتها على الصمود والانتصار.

    الرابع: الخوف من رد فعل صيني وروسي يؤدي إلى نوع من المواجهة على الساحة الدولية بل والعودة إلى الحرب الباردة ، نظراً لعمق العلاقات الروسية والصينية مع إيران وحجم المصالح الكبيرة للدولتين مع إيران حيث النفط والغاز والتعاون في المجالات النووية والعسكرية.

    جملة هذه الأسباب دفعت بالعديد من الأوساط الإسرائيلية إلى القول إن ضرب إيران عسكرياً يُعدُّ مغامرةً قد لا تتحمل إسرائيل عواقبها، وعليه يرى هؤلاء أن ثمة أهدافاً أو رسائل إسرائيلية أخرى من وراء إثارة الحملة الإعلامية عن ضرب المفاعلات النووية الإيرانية في هذا التوقيت وعلى هذا النحو من التهويل، ولعل من أهم هذه الرسائل والأهداف:

    - إن الرسالة الإسرائيلية الأولى والأساسية ليست موجّهة إلى إيران بل إلى الإدارة الأمريكية وتحديداً إلى الكونغرس الأمريكي، مفادها ضرورة الانتقال إلى عقوبات أشد ضد إيران، عقوبات تشل قدرتها الاقتصادية والعسكرية والأمنية والسياسية، وعليه فإن الكونغرس الأمريكي بات يحضِّر لسلسلة عقوبات اقتصادية جديدة فيما تحرض واشنطن الدول الأوروبية وكذلك روسيا والصين واليابان والدول العربية ولاسيما الخليجية منها على فرض عقوبات أشد على إيران.

    - الرسالة الثانية موجهة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تبحث على مستوى مجلس الوكالة تطورات الملف النووي بعد تقريرها الأخيرة والذي أشار إلى جوانب عسكرية لهذا الملف من خلال الإشارة إلى تصاميم وصور محددة، سبق وأن أوضحت إيران حقيقة هذه التصاميم في عام ألفين وتسعة وقد تمت الإشارة إليها في التقرير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

    - الرسالة الثالثة موجّهة للداخل الإسرائيلي وهدفها امتصاص حدة الاحتجاجات الاجتماعية والتي بدأت تستلهم ثورات الربيع العربي وتوحي بإمكانية حدوث ثورات مماثلة داخل الكيان الإسرائيلي بسبب غلاء الأسعار والعقارات وضعف فرص العمل والتفرقة العنصرية، فضلاً عن محاولات حكومة نتنياهو ـ ليبرمان استيعاب فشل مفاوضات السلام مع الفلسطينيين في ظل استمرار الاستيطان وحملات التهويد والتي شكلت حرجاً كبيراً لسياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وكذلك لجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط حيث فشلت هذه الجهات مجتمعة في دفع حكومة نتنياهو إلى وقف الاستيطان أو حتى تجميده لاستئناف مفاوضات التسوية.

    - الرسالة الرابعة موجهة إلى الخارج وتحديداً إلى روسيا واليابان والصين ودول الخليج، مفادها ضرورة زيادة الضغط على إيران ووقف التعاون معها وفرض إجراءات ضدها.. وإلا فإن إسرائيل لن تسكت إزاء البرنامج النووي الإيراني على شكل إحراج لهذه الدول.

    والخلاصة هنا، من الواضح أن جلّ أهداف الحملة الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني يتعلق بالمزيد من التحريض ضد إيران وصولاً إلى فرض عقوبات أشد على الجمهورية الإسلامية بغية شل قدراتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية وجعلها تنكفئ إلى الداخل بعد أن أصبحت قوة إقليمية كبرى وعقبة كبيرة في وجه السياسيتين الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة.

    معطيات أمريكية وأخرى إسرائيلية

    في الواقع، النظر بهذه الطريقة إلى الرسائل والأهداف الإسرائيلية السابقة، قد لا يكون سوى نوع من التحليل السياسي لا أكثر، خصوصاً أن الإستراتيجية الإسرائيلية – الأمريكية لا تقبل بوجود إيران نووية قوية تقارع المشاريع الأمريكية ـ الإسرائيلية الرامية إلى السيطرة على المنطقة حيث منابع النفط والغاز من الخليج إلى بحر قزوين، إضافة إلى الموقع الجغرافي المهم استراتيجياً والذي يصل الشرق الأوسط بكل من الدب الروسي شمالاً والعمق الشرقي لآسيا حيث التنين الصيني، فضلاً عن الصراع العربي – الإسرائيلي. وعليه فإن هناك من يرى أن الجدل الإسرائيلي هو من نوع الاستعداد والتحضير والتهيئة لخيار الضربة العسكرية، ومن باب المزيد من التحريض الدولي ضد إيران، وهؤلاء يرون أيضاً أن تنفيذ مثل هذا الخيار مرتبط بالشروط الأمريكية أكثر من الإسرائيلية حيث ثمة مواعيد أمريكية باتت على الطريق، وهي مواعيد تشكل في نظر البعض معطيات أمريكية قد تشكل محفزات للانخراط في عمل عسكري ضد الجمهورية الإسلامية، ولعل من أهم هذه المعطيات:

    1- اكتمال انسحاب القوات الأمريكية من العراق نهاية العام الجاري كما هو مقرر، وهؤلاء يرون أن انسحاب هذه القوات من العراق يعني خروجها من دائرة الاستهداف الإيراني في حال وقعت حرب بين الجانبين، إذ ثمة قناعة بأن واشنطن لن تقدم على أي حرب ضد إيران كما لن تسمح بضربة إسرائيلية للمفاعلات النووية الإيرانية طالما أن قواتها في دائرة الاستهداف الإيراني سواء في العراق أو الخليج.

    2 – إن موعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق هو نفس الموعد الذي يبدأ فيه تشغيل الدرع الصاروخي الأمريكي ـ الأطلسي داخل الأراضي التركية وتحديداً في المناطق الحدودية القريبة من إيران، واللافت هنا أن العديد من التقارير التركية والغربية تحدثت مؤخراً عن تكديس الإدارة الأمريكية لأسلحة نوعية جديدة في قاعدة انجرليك العسكرية التركية والتي فيها أضخم ترسانة أسلحة أمريكية خارج الولايات المتحدة بما في ذلك أسلحة نووية وطائرات اف - 16.

    3- إن هذه المواعيد والتحضيرات تتزامن مع بدء الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية، حيث من المعروف أن كل الإمكانات والسياسات والمواقف الأمريكية في الداخل والخارج تحشد لهذه الحملة، كما أنه من المعروف حجم وتأثير ونفوذ اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة وقدرته الانتخابية الكبيرة، وبالتالي تسابق كل من الجمهوريين والديمقراطيين إلى نيل رضا هذا اللوبي حيث جرت العادة أن يكون كل ذلك على حساب قضايا العرب والمسلمين ولاسيما الفلسطينيين.

    4- الأزمة المالية الأمريكية المتفاقمة، وانتقال هذه الأزمة إلى العديد من الدول الأوروبية والتي باتت مهددة بالانهيار، ولعل هذا الانهيار المالي في الدول الغربية بات يشكل مصدر قلق وخوف كبيرين، خشية أن تلجأ الإدارة الأمريكية في لحظة انهيار اقتصادي إلى افتعال مشكلة عالمية من نوع الهجوم على دولة بغية تحميل العالم أعباء أزمتها المالية والاقتصادية.

    هذا على المستوى الأمريكي.. أما على المستوى الإسرائيلي فثمة مؤشرات مماثلة، لعل أهمها:

    1 - أجراء الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال الفترة الماضية تدريبات عسكرية فوق مناطق جغرافية واسعة فوق المتوسط واليونان لمسافة تزيد عن 900 ميل وهي نفس المسافة التي تفصل بين نقطة انطلاق الطائرات الإسرائيلية والمفاعلات النووية الإيرانية كما تقول التقارير الإسرائيلية في إشارة واضحة إلى وجود رابط بين هذه التدريبات ومسألة ضرب المفاعلات النووية الإيرانية.

    2- إجراء الكيان الإسرائيلي خلال السنوات الماضية سلسلة من المناورات العسكرية الكبرى تحت اسم (تحول) وقد جرت هذه المناورات محاكاة لهجوم عسكري شامل قد تتعرض لها إسرائيل على أكثر من جبهة وانهمرت عليها مئات الصواريخ من جبهات متعددة في وقت واحد.

    3 - اختبار الكيان الإسرائيلي أسلحة صاروخية متطورة، كان آخرها إطلاق صاروخ من نوع أريحا 3 القادر على حمل رأس نووي كما تحدثت الصحافة الإسرائيلية، فضلاً عن تعزيز قدرتها في مجال شراء الغواصات النووية حيث وقّعت صفقات ضخمة في هذا المجال مع ألمانيا، على أساس أن هذه الغواصات ستقوم بفعل الردع والهجوم لاحقاً في حال تعرضت لهجوم بالصواريخ المتطورة للجمهورية الإيرانية باعتبار أن إيران سترد فوراً حال الهجوم على مفاعلاتها النووية.

    دون شك فإن التقاء الإشارات الإسرائيلية هذه مع المواعيد والمعطيات الأمريكية السابقة يرجّح لدى كثيرين القناعة بأن الهجوم الإسرائيلي على المفاعل النووي الإيراني بات أمراً لا مناص منه دون أن يعرف أحد كيف ستكون التداعيات لحظة ما بعد وقوع مثل هذا الهجوم، خصوصاً وأن إيران تتمتع بقوة ردع وتدمير كبيرتين وهو أمر يثير علامات استفهام كبرى سنأتي عليها لاحقاً، فيما يستبعد القسم الأكبر من الخبراء والمحللين الهجوم على إيران، نظراً لأن الغرب يدرك تماماً أن مثل هذا الهجوم سيفتح المنطقة والعالم على المجهول.

    السياق السياسي للحملة ضد النووي الإيراني

    لقد فاقم تقرير الوكالة الدولية بشأن الملف النووي الإيراني من حدة التوتر بين إيران من جهة وإسرائيل والغرب من جهة أخرى، ومع أن التقرير لم يتضمن أي جديد حسب الخبراء سوى توسيع الإشارة إلى تصاميم عسكرية إيرانية سبق وأن تمت الإشارة إليها في التقرير السابق للوكالة إلا أن التقرير حمل من حيث التوقيت سياقات سياسية من شأنها نقل الصراع مع إيران إلى مرحلة جديدة من الاشتباك السياسي، ولعل ما يزيد من حدة هذا الوضع هو ذهاب مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال اجتماعاته الأخيرة إلى الاقتراب من تبني تقرير الوكالة فيما بات من المعروف أن المدير العام الجديد للوكالة يوكيا أمانو بات أقرب إلى الاستجابة لشروط السياسة الأمريكية خلافاً للمدير العام السابق الدكتور محمد البرادعي حيث تحدثت الأنباء عن لقاء جرى بين أمانو وقادة من الاستخبارات الأمريكية قبل صدور التقرير الأخير للوكالة الدولية.

    وعليه فإن تقرير الوكالة حمل أبعاداً سياسية وزاد من حدة التوتر والجدل بشأن الملف النووي الإيراني، ولعل أبرز ما في هذا التوتر هو زيادة حدة التهديدات الدبلوماسية والسياسية ضد الجمهورية الإسلامية.

    وفي ظل هذه التهديدات، ثمة سؤال يطرح نفسه بتكرار ألا وهو هل خيار الحرب ضد إيران بات خياراً حقيقياً أم أن المسألة تدخل في سياق الحرب النفسية؟.

    تميل طهران أكثر من غيرها إلى القول إن التهديدات الإسرائيلية ليست أكثر من حرب نفسية، وأن هدفها هو دفع الغرب إلى فرض عقوبات مؤلمة على إيران ودفع روسيا إلى الحد من تعاونها النووي مع طهران وعزلها إقليمياً ودولياً، وفي التحليل السياسي تذهب مراكز الدراسات الإيرانية إلى القول إن قرار الحرب ضد طهران هو قرار أمريكي في النهاية وليس إسرائيلي، وأن واشنطن غير جاهزة لمثل هذه الحرب بسبب أزمتها المالية المتفاقمة كما أن دروس أفغانستان والعراق غير مشجعة فما بالك بالحرب ضد إيران التي هي دولة بحجم قارة وقادرة على التحكم بمضيق هرمز شريان النفط إلى الغرب حيث تشير التقارير إلى أن المضيق يتحكم بتدفق نحو 40% من النفط إلى الدول الغربية. في المقابل يثير خيار الضربة العسكرية ضد إيران انقساماً حاداً في إسرائيل، بين من يرى أن تجربتَيْ تدمير المفاعل النووي العراقي 1981 والسوري المزعوم في عام 2007 مشجعة وبين من يرى أن إيران مختلفة ونتائج الضربة غير مضمونة وقدرة الرد الإيرانية ستكون مدمرة إلى درجة أن بعض السياسيين يقولون إنهم لا يستطيعون النوم في الليل، وفي الحسابات الإسرائيلية إن ضرب إيران يعني تلقائياً انهمار آلاف الصواريخ على إسرائيل من الجنوب اللبناني.

    إنها معادلة صعبة، يرى الكثيرون أن وراءها حسابات وسياقات سياسية تتعلق بمجمل الصراع الجاري في المنطقة معادلة، ولعل من أهم هذه السياقات:

    الأول: أن هناك 40 جهاز استخباراتي في العالم يعمل على الملف النووي الإيراني، وأن مصادر المعلومات في تقرير الوكالة الدولية هي من هذه الأجهزة وفي المقدمة منها جهاز الموساد الإسرائيلي، وفي النهاية فإن الهدف من كل ذلك سياسي وهو إيران كعقبة كبرى في وجه السياسات الأمريكية الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط.

    الثاني: أن الغرب يريد إبعاد الدعم الإيراني عن النظام السوري في معركته الصعبة في هذه اللحظة التاريخية التي يتم فيها إعادة تشكيل المنطقة من جديد، وأن انهيار النظام السوري يعني انتهاء المفعول السياسي للمحور الاستراتيجي الذي يربط بين طهران ودمشق وحزب الله، وهو المحور الذي يشكل قوة مقاومة وممانعة في المنطقة.

    الثالث: حسب رؤية الغرب فإن انهيار النظام في سورية يعني انتقال المعركة بشكل تلقائي إلى الداخل الإيراني حيث الانتخابات البرلمانية في شهر آذار المقبل، وهؤلاء ما زالوا يتوقعون عودة الحركة الخضراء إلى الشارع مستفيدة من ثورات الربيع العربي.

    الرابع: إن واشنطن تريد من وراء الحملة الإعلامية الضخمة ضد النووي الإيراني التغطية على فشلها في العراق عشية الانسحاب العسكري منه، إذ أن هذا الانسحاب جاء على شكل انتصار للعراق وإيران والمنطقة في عودة العراق إلى محيطه العربي والإسلامي. وعليه فإن الولايات المتحدة تسعى إلى استغلال كل قضايا المنطقة للتغطية على أزمتها المالية المتفاقمة.

    في الواقع، يمكن القول إن الغرب انتقل بقوة إلى ركوب موجة ثورات الربيع العربي، وبات يحاول استخدام هذه الثورات لتحقيق أهدافه تجاه الدول المناوئة لسياسته، وهنا ينبغي الإشارة إلى أن خيار ضرب المفاعلات النووية الإيرانية لا يكون من خلال وسائل الإعلام والتصريحات العلنية على شكل حملة إعلامية وسياسية مدروسة وإنما من خلال السرية التامة وعامل المفاجئة، لأن منطق العمل العسكري يقول هكذا، وعلى الأقل هذا ما جرى خلال قصف إسرائيل للمفاعل النووي العراقي وكذلك السوري المزعوم.

    دون شك، التصعيد الدبلوماسي ضد النووي الإيراني يحمل معه أبعاداً جديدة قد لا تكون بالضرورة عسكرية أو تحمل معها الصدام، طالما أن الحرب ضد إيران مستبعدة حسب معظم التحليلات العسكرية، وعليه فإن الخيارات تبقى مفتوحة، سواء لجهة إمكانية استئناف الحوار على أساس صيغة جديدة تضمن الحفاظ على البرنامج النووي الإيراني وإقرار حق إيران في إنتاج الطاقة النووية للأغراض السلمية، أو لجهة إعادة الاعتبار للجهود والمبادرات الإقليمية التي بذلت ولاسيما الاتفاق الذي جرى وفقاً للمبادرة التركية – البرازيلية أو حتى الأفكار والمقترحات التي طرحتها روسيا في المرحلة السابقة.

    وفي سياق هذه الخيارات المفتوحة تبقى المحادثات بين إيران والدول الكبرى من خلال صيغة خمسة زائد واحد تحتل مكانة كبيرة بعد أن أنجزت هذه المحادثات الكثير من نقاط الاتفاق والتي كان من شأن التقدم فيها إعادة الملف النووي الإيراني من مجلس الأمن الدولي إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وعليه فإن تطورات الملف النووي الإيراني قد تكون تعبيراً سياسياً عن إحساس الغرب وإسرائيل بالفشل في التعامل مع هذا الملف الحساس وبالتالي ضرورة الانتقال إلى منطق التعايش معه بما يعني انتصاراً لمنطق التفاوض الإيراني.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
ردود 2
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X